القانون الحاكم لشرط المنع من التصرف في الأراضي الصحراوية والمستصلحة

الدعوى رقم 264 لسنة 31 ق “دستورية” جلسة 2 / 2 / 2019

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثانى من فبراير سنة 2019م، الموافق السابع والعشرين من جمادى الأولى سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعى عمرو والدكتور حمدان حسن فهمى وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمــد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 264 لسنة 31 قضائية “دستورية”.
المقامة من
عصام محمد فرج عيد الشهابى
ضد
1-رئيس الجمهورية
2-رئيس مجلس الوزراء
3-رئيس مجلس النواب
4-رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية
5- جاد الكريم يوسف أبو العلا

الإجراءات
بتاريخ الثانى عشر من ديسمبر سنة 2009 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا؛ طالبًا الحكم بعدم دستورية الفقرتين الأولى والثالثة من المادة (823) من القانون المدنى.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى عليه الخامس كان قد اشترى من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، قطعة أرض صحراوية مستصلحة مساحتها خمسة أفدنة بمشروع مبارك القومي بالسويس (قطعة رقم 81 ب)، بموجب عقد مؤرخ 18/4/2007، ثم باعها إلى المدعى بموجب العقد المؤرخ 22/10/2007، فأقام الأخير الدعوى رقم 1003 لسنة 2008 مدنى كلى السويس، ضد المدعى عليهما الرابع والخامس بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع المشار إليهما، وبجلسة 26/1/2008، قضت محكمة السويس الابتدائية في تلك الدعوى برفضها، واستندت في قضائها إلى نصى المادتين (147 ، 823) من القانون المدني، وإلى نصوص المواد (2 ، 13، 16، 17) من القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية، فطعن المدعى – في هذه الدعوى – على ذلك الحكم بالاستئناف رقم 310 لسنة 32 قضائية أمام محكمة استئناف الإسماعيلية (مأمورية استئناف السويس)، ودفع بجلسة 18/10/2009، بعدم دستورية الفقرتين الأولى والثالثة من المادة (823) من القانون المدني، وإذ قدرت تلك المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية، أقام الدعوى المعروضة.

وحيث إن المادة (823) من القانون المدني تنص على أنه ” 1- إذا تضمن العقـد أو الوصية شرطًا يقضى بمنع التصرف في مال، فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنيًا على باعث مشروع، ومقصورًا على مدة معقولة.
2- ويكون الباعث مشروعًا متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو للمتصرف إليه أو للغير.
3- والمدة المعقولــة يجوز أن تستغرق مدة حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير.”

وحيث إن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، بما مؤداه: أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية أو تصوراتها المجردة، وهو ما يقيد تدخلها في تلك الخصومة القضائية، ويرسم تخوم ولايتها، فلا تمتد لغير المطاعن التي يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعى، وبالقدر اللازم للفصل فيها، ومؤداه: ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين يمسهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم، سواء أكان هذا الضرر وشيكًا يتهددهم، أم كان قد وقع فعلاً، ويتعين دومًا أن يكون الضرر منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التى يقوم عليها، ممكنًا تحديده وتسويته بالترضية القضائية، عائدًا في مصدره إلى النص المطعون فيه، فإذا لم يكن النص قد طُبق على من ادعى مخالفته للدستـور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعًا، لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه قبلها.

وحيث إنه متى كان ذلك، وكان العقد المبرم بين الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية والمدعى عليه الخامس، محل الدعوى الموضوعية، الذى يدور النزاع فيها حول طلب الحكم بصحته ونفاذه، قد أُبرم طبقًا لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضى الصحراوية، ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير التعمير والدولة للإسكان واستصلاح الأراضي رقم 198 لسنة 1982، وكانت المادة (2) من القانون رقم 143 لسنة 1981 المشار إليه تنص على أن “تكون إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الصحراوية الخاضعة لأحكام هذا القانون وفقًا للأوضاع والإجراءات المبينة فيما يلى:
( أ ) …………
(ب) وفيما عدا الأراضي المنصوص عليها في البند (أ) يصدر الوزير المختص باستصلاح الأراضي قرارًا بتحديد المناطق التي تشملها خطة ومشروعات استصلاح الأراضي، وتتولى الهيئة العامة لمشروعات التعمير إدارة هذه الأراضي ويكون التصرف فيها واستغلالها بمعرفة الهيئة بعد أخذ رأى وزارة الدفاع وبمراعاة ما تقرره في هذا الشأن من شروط وقواعد تتطلبها شئون الدفاع عن الدولة.
ويحظر استخدام هذه الأراضى في غير الغرض المخصصة من أجلـــه إلا بموافقة الوزير المختص بالاستصلاح وبالشروط التي يحددها، وبعد أخذ رأى وزارة الدفاع.
(ج) ……..”.
وقد نصت المادة (3) من القانون ذاته على أن: “يكون استصلاح واستزراع الأراضي الصحراوية وكسب ملكيتها والاعتداد بها والتصرف فيها وإدارتها والانتفاع بها وفقًا لأحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له.
وتجب المحافظة على ما قد يوجد بالأرض من مناجم ومحاجر وثروات معدنية أو بترولية وما تحويه من آثار أو تراث تاريخي، وذلك وفقًا للقوانين والنظم المعمول بها.
وتكون الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية هي جهاز الدولة المسئول عن التصرف واستغلال وإدارة هذه الأراضي في أغراض الاستصلاح والاستزراع دون غيرها من الأغراض ويعبر عنها في هذا القانون (بالهيئة).”

ونصت المادة (13) على أن “يكون تصرف الهيئة في الأراضي الخاضعة لأحكام هذا القانون أو تأجيرها أو استغلالها لغرض استصلاحها واستزراعها فقط، ووفقًا للقواعد والشروط والأوضاع التى يضعها مجلس إدارة الهيئة وتتضمنها العقود المبرمة مع ذوى الشأن.
وتشمل هذه القواعد ما يكفل منح الحماية في هذه الأراضي وحصول الهيئة على مستحقاتها والمشاركة في فروق الأسعار في حالة التصرف في الأراضي بما يغطى نصيبها في المرافق الأساسية التي أقامتها الدولة……..”.

كما نصت المادة (16) من القانون ذاته على أن “يلتزم المتصرف إليه باستصلاح الأرض المبيعة باستزراعها خلال المواعيد وطبقًا للبرامج والشروط والأوضاع التى يحددها مجلس إدارة الهيئة وتتضمنها العقود المبرمة في هذا الشأن.
ويُحظر استخدام الأراضى المبيعة في غير الغرض المُخصصة من أجله، كما يُحظر التصرف في هذه الأراضى أو جزء منها أو تقرير أى حق عينى أصلى أو تبعى عليها أو تمكين الغير منها، إلا بعد استصلاحها أو استزراعها أو موافقة مجلس إدارة الهيئة على التصرف قبل الاستصلاح والاستزراع للأسباب التي يقدرها بعد ضمان حصول الهيئة على كامل حقوقها.
ويقع باطلاً كل إجراء يخالف ذلك، ولا يجوز شهره ولكل ذى شأن التمسك بالبطلان أو طلب الحكم به، وعلى المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها.
وفى حالة مخالفة أحكام هذه المادة يكون لمجلس إدارة الهيئة أن يقرر إزالة أسباب المخالفة إداريًا على نفقة المخالف واسترداد الأرض محل المخالفة إذا لم يقم المخالف بإزالتها خلال المدة التى تحددها له الهيئة بكتاب موصى عليه بعلم الوصول.”

وقد أكدت المادة الثانية من القانون رقم 7 لسنة 1991 في شأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة، على أن تكون إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الصحراوية الخاضعة لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية وفقًا للأوضاع والإجراءات التى تضمنتها، ونصت الفقرة الثالثة منها على أنه “وتتولى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية إدارة واستغلال والتصرف في الأراضى التى تخصص لأغراض الاستصلاح والاستزراع”.

ونصت المادة السادسة من هذا القانون على أن ” تكون قرارات مجالس إدارة الهيئات العامة المشار إليها في المادة الثانية من هذا القانون نافذة وفقًا للقواعد المقررة في القوانين والقرارات الخاصة بإنشائها وتنظيمها وذلك عدا:
1. القرارات التي تتعلق باختصاصات أكثر من وزارة أو هيئة عامة أو أية جهة إدارية أخرى فيتعين إبلاغها إلى رئيس مجلس الوزراء في موعد غايته عشرة أيام من تاريخ صدورها لاعتمادها، وتصبح نافذة بانقضاء ثلاثين يومًا من تاريخ إبلاغه بها دون الاعتراض عليها.
2. القرارات الصادرة بالقواعد والشروط المنظمة لإدارة واستغلال والتصرف في الأراضي والعقارات المخصصة للهيئات المذكورة، فلا تكون نافذة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء عليها.”

وقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2906 لسنة 1995 في شأن القواعد والشروط المنظمة لإدارة واستغلال والتصرف في الأراضى المخصصة للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، ونُشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 30/11/1995، وعُمل به من اليوم التالى لهذا التاريخ، ونصت المادة (58) منه على أن “يتضمن نموذج عقد البيع التزامات المتصرف إليه وعلى الأخص ما يلى:
………….
(و) عدم التصرف في الأرض قبل انقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ تسجيل عقد البيع وسداد كامل ثمن الأرض والعائد إلا بموافقة الهيئة كتابة على ذلك، وبشرط أن يكون التصرف لمن تتوافر فيه شروط الانتفاع التي وُزعت الأرض على المنتفع وفقًا لها، وأن يقبل المتصرف إليه الحلول محل المنتفع في كل التزاماته طبقًا للقانون رقم 143 لسنة 1981 المشار إليه ولائحته التنفيذية وعقد البيع، وأن يقبل التصرف فيها إلى من ترشحه الهيئة لذلك.
ويترتب على مخالفة أى من هذه الالتزامات فسخ العقد واسترداد الأرض دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو اتخاذ أى إجراء قضائي، وتُصبح المبالغ التي سُددت من المنتفع حقًا خالصًا للهيئة التى يكون لها أيضًا أن تستوفى باقي قيمة التيسيرات النقدية التى استفاد منها المنتفع”.
ومفاد جماع هذه النصوص أن التصرف في الأراضي الصحراوية لا يكون إلا وفقًا لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 والقانون رقم 7 لسنة 1991 المشار إليهما، والقرارات المنفذة لهما، وأن المشرع ناط بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية التصرف فيما يُخصص من هذه الأراضي لأغراض الاستصلاح والاستزراع بالتنسيق مع وزارة الدفاع، وذلك كله وفقًا للقواعد والشروط التى يقررها مجلس إدارة الهيئة، ويوافق عليها مجلس الوزراء، وتُدرج في العقود التى تبرمها الهيئة على نحو يكفل حماية هذه الأراضى وحصول الهيئة على مستحقاتها. وقد أكدت المادة (16) من القانون رقم 143 لسنة 1981 المشار إليه، على حظر تصرف المشترين في الأراضي المباعة أو أى جزء منهـا أو تقرير أى حق عيني أصلى أو تبعى عليها إلا بعد استصلاحها أو استزراعها أو موافقة مجلس إدارة الهيئة على التصرف فيها قبل ذلك، ورتبت البطلان كجزاء على كل إجراء يخالف ذلك، ولا يجوز شهره، وقد ألزمت المادة (58) من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2906 لسنة 1995 المشار إليه المتصرف إليه بعدم التصرف في الأرض المبيعة له قبل انقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ تسجيل عقد البيع وسداد كامل الثمن والعائد إلا بموافقة الهيئة كتابة، ورتبت على الإخلال بأى من هذه الالتزامات فسخ العقد واسترداد الأرض دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو اتخاذ أى إجراء قضائى.

لما كان ذلك، وكانت النصوص سالفة البيان من القانون رقم 143 لسنة 1981، والقانون رقم 7 لسنة 1991، وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2906 لسنة 1995 السالف ذكرها، تمثل نصوصًا قانونية خاصة تطبق على العقد مثار النزاع في الدعوى الموضوعية المشار إليها سلفًا، دون النصوص العامة الواردة بالفقرتين الأولى والثالثة من المادة (823) من القانون المدني، ومن ثم فإن الفصل في دستورية هاتين الفقرتين لا يكون لازمًا للفصل في الدعوى الموضوعية، التى أُقيمت هذه الدعوى الدستورية بمناسبتها، ذلك أن الإخلال بالحقوق التي يدعيها المدعى فيها لا يعود إلى نصيهما، وإنما يعود إلى النصوص القانونية الخاصة المشار إليها، والتى تمثل قانون العقد مثار النزاع الموضوعي، الأمر الذى تنتفى معه المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى في الطعن على نصى الفقرتين الأولى والثالثة من المادة (823) من القانون المدني، وتكون هذه الدعوى –تبعًا لذلك- غير مقبولة.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .