قانون حماية الطفل
منصور الزغيبي 
أصبح من الضروري نشر الوعي بحقوق الطفل وتعريفه بها، وضمان حقوقه بتوفير الرعاية اللازمة له، لتنشئته التنشئة الصحيحة من النواحي كافة، في إطار من الحرية والكرامة الإنسانية، والإسهام بحمايته من الإيذاء والإهمال، ومقاومة كل أنواع العنف، التي يتعرض لها بعضهم بين فترة وأخرى، وتطفو على سطح الإعلام، وبعضها يبقى في الظل، ولأجل إيقاف عقوق الأطفال سواء من والديهم، أم من يقوم برعايتهم وله سلطة عليهم.

لذلك صدر نظام حماية الطفل خلال الفترة الماضية بالمرسوم الملكي رقم (م/ 14) بتاريخ 1436-2-3.

جرت العادة في مقدمة كل القوانين، تفسير وتعريف المصطلحات الأساسية من القانون. وإذا نظرنا إلى نظام حماية الطفل نجد أنه تم تناول مجموعة من المصطلحات الأساسية وفسرها، فمن ضمن هذه المفردات «الطفل»، الذي عرفه بأنه: كل إنسان لم يتجاوز الـ18 من عمره.

وفسر «الإيذاء» بأنه: كل شكل من أشكال الإساءة إلى الطفل، أو استغلاله، أو التهديد بذلك، ومنها الإساءة الجسدية والإساءة النفسية والإساءة الجنسية.

ووضح «الإهمال» وهو: عدم توفير حاجات الطفل الأساسية أو التقصير بذلك، وتشمل الحاجات الجسدية والصحية والعاطفية والنفسية والتربوية والتعليمية والفكرية والاجتماعية والثقافية والأمنية. كما نصت على ذلك الفقرات الأولى والثانية والثالثة من المادة الأولى من النظام.

أشار النظام إلى الحالات التي تعد من الإيذاء والإهمال في حق الطفل، فمثلا ًإبقاؤه من دون سند عائلي، أو عدم استخراج وثائقه الثبوتية، أو حجبها، أو عدم المحافظة عليها، أو عدم استكمال تطعيماته الصحية الواجبة، أو التسبب في انقطاعه عن التعليم، أو في حالة وجود الطفل في بيئة قد يتعرض فيها إلى الخطر، أو سوء معاملته، أو التحرش به جنسياً، أو تعريضه إلى الاستغلال الجنسي، أو استغلاله مادياً أو في الإجرام، أو في التسول، أو استخدام الكلمات المسيئة التي تحط من كرامته، أو تؤدي إلى تحقيره، أو تعريضه إلى مشاهد مخلة بالأدب أو إجرامية، أو غير مناسبة لسنه، أو التمييز ضده لأي سبب عرقي أو اجتماعي، أو اقتصادي، أو التقصير البين المتواصل في تربيته ورعايته، أو السماح له بقيادة المركبة دون السن النظامي، وأي عمل يرتكب ضد الطفل وينعكس بشكل سلبي عليه ويهدد صحته الجسدية والنفسية؛ يعتبر من الحالات التي يحضرها النظام ويعاقب عليها، كما نصت الفقرات التالية (1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8، 9، 10، 11، 12، 13) من المادة « الثالثة».

كما أكد النظام حق الطفل في الحماية، وأن له أولوية التمتع بالحماية والرعاية والإغاثة، حتى إن الطفل الذي لا تتوافر له بيئة عائلية مناسبة تحتضنه له الحق في الرعاية البديلة؛ إما أن يكون بإشراف أسرة حاضنة تتولى كفالته ورعايته، أو مؤسسات الرعاية الحكومية، أو الأهلية، أو الخيرية، إذا لم تتوافر له أسرة حاضنة، واللائحة تحدد الضوابط وفق ما ورد في المادة الخامسة والسادسة والسابعة من النظام.

ويعتبر تشغيل الطفل قبل بلوغه سن الـ15 من المحظورات، كما يحظر تكليفه بأي عمل يضر بسلامته وصحته النفسية والبدنية، أو استغلاله واستخدامه في التسول أو استخدامه في أماكن إنتاج المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية، أو يباع له التبغ، أو إنتاج وعرض ونشر أي مصنف سواءً مطبوع أم مرئي أم مسموع؛ يخاطب غريزته أو يثيرها، بما يزين له سلوكاً مخالفاً لأحكام الشريعة الإسلامية، أو النظام العام، أو يكون من شأنه تشجيعه على الانحراف، وكذلك يحضر مشاركته في السباقات والنشاطات الرياضية أو الترفيهية التي تعرضه إلى الخطر. كما نصت على ذلك المواد (8، 9، 10، 11،12، 13).

ومن الواجب قانونياً وشرعياً على كل من رأى حالة إيذاء أو إهمال؛ أن يقوم بتبليغ الجهات المختصة فوراً، والجهات المعنية مهمتها تسهيل إجراءات التبليغ، لا سيما ما يأتي من الطفل، واللائحة التي ستصدر خلال 90 يوماً من تاريخ نشر النظام ستحدد إجراءات التبليغ عن حالات الإيذاء والإهمال وكيفية التعامل معها وفق المواد 20 و22 و24.

إن الجهة المختصة في تولي التحقيق في مخالفات أحكام هذا النظام هي هيئة التحقيق والادعاء العام، وتكون إقامة الدعوى أمام المحكمة المختصة، وهي المحكمة الجزائية كما نصت الفقرتان الأولى والثانية من المادة (الـ23)، بحكم أنها هي الجهة التي تنظر القضايا الجنائية بحسب عموم نصوص نظام الإجراءات الجزائية، والعمل بهذا النظام يكون بعد 90 يوماً من تاريخ النشر في الصحيفة الرسمية، بحسب ما نصت عليه المادة (الـ25).

خلاصة القول، إن أهداف نظام حماية الطفل هي: رفع الوعي ومعالجة حالات العنف والحد منها، والانتصار له من الظلم والاستغلال والإضرار به؛ لصغر سنه، وعدم إدراكه الكامل.

والنظام يكتمل بتنفيذه والوعي به، فيجب مثلاً: أن ينشر في وسائل الإعلام بأن من يبيع الدخان إلى طالب في الثالث الثانوي يقع في عمل مجرم قانوناً، يستحق عليه العقوبة، وأن يسهم الإعلام بتفكيك النظام لكي يكون مفهوماً، ولا بد أيضاً من تفعيل المؤسسات الاجتماعية في أسرع وقت.

وختاماً، فإن من أبرز الملاحظات على النظام؛ أنه لم يحدد العقوبات، وإنما جعل تقرير العقوبة المناسبة للمحكمة الجزائية المختصة بنظر ذلك.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت