واقعة الميلاد

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/محمد أمين المهدى رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة. وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د.فاروق عبد البر وأحمد عبد الفتاح حسن واحمد عبد الحميد عبود وأحمد محمد المقاول نواب رئيس مجلس الدولة.

* الإجراءات

فى يوم الأحد الموافق 14/2/1999 أودع الأستاذ/ عبد الرحمن ابو الفتوح المحامى نائبا عن الأستاذ/ انور عبد الفتاح المحامى بصفته وكيلاً عن د. عادل زكى السنباطى قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2585 لسنة 45 القضائية عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة فى الدعوى رقم 222 لسنة 18 القضائية بجلسة 26/12/1998 والقاضى “برفض الدفع المبدى من جهة الإدارة بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، وباختصاصها وبعدم قبول الدعوى شكلا، لرفعها بعد الميعاد، وألزمت المدعى المصروفات”. وطلب- للأسباب الواردة فى تقرير الطعن – قبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد، والفضاء مجددا بطلبات الطاعن الموضحة بصفحة افتتاح الدعوى الأصلية، مع إلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن، طلبت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلان وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى شكلا وبرفضها موضوعا، وإلزام الطاعن المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 21/2/2000، قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى – موضوع) لنظره بجلسة 12/11/2000 حيث نظرته هذه الدائرة على النحو المبين بحاضر الجلسات، وبجلسة 6/1/2001 قررت حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات لمن يشاء خلال ثلاثة أسابيع. وقد صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وإتمام المداولة.
ومن حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 222 لسنة 18 القضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة طالبا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر من إدارة الأحوال المدنية بالدقهلية بإلغاء قيد ميلاد الطفلة/ بسمو عادل زكى السنباطى، والمقيد برقم 1146 جزء (1) بتاريخ 25/6/1990 بمكتب سجل مدنى أول المنصورة، والتأشير بسجل المواليد قرين الواقعة بذلك، وإلزام جهة الإدارة المصروفات. وذكر شرحا لدعواه انه “بتاريخ 11/6/1990 رزق بطفلة أسماها (بسمة) وقام بقيدها فى مكتب صحة أول المنصورة محل إقامته حينئذ، وسجلت برقم 1146 جزء (1) فى 25/6/1990، إلا انه فوجئ بأن صهره (والد زوجته) المدعو فتحى عبد الغفار قام بدون علمه بتسجيل المولودة فى مكتب صحة دمياط – شياخة ثالث باسم (ياسمين) بتاريخ 11/7/1990 تحت رقم 1217- الجزء الأول- بندر دمياط، ثم علم بصدور قرارين من إدارة الأحوال المدنية بالدقهليه برقم 67 بتاريخ 20/2/1995 بإلغاء قيد واقعة الميلاد الخاصة بمكتب سجل مدنى أول المنصورة، والتأشير بسجل المواليد قرين الواقعة بذلك، ونعى المدعى (الطاعن) على القرار بالبطلان بسند من انه يجب الاعتداد بشهادة ميلاد ابنته التى استخرجها باسم (بسمة) باعتباره المكلف قانونا بالتبليغ أولا، ثم من حضر الولادة من الأقارب البالغين….”.
وبجلسة 26/12/1998 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيسا على أن “القرار المطعون فيه صدر فى 12/12/1994، وعلم به المدعى، وتظلم منه إلى جهة الإدارة خلال الشهر التالى لصدوره، ورفض تظلمه فى 12/1/1995، وذلك على النحو الثابت بكتاب مدير عام مصلحة الأحوال المدنية المرسل إلى مدير إدارة شرطة الأحوال المدنية رقم 56 فى 12/1/1995 المودع حافظة مستندات جهة الإدارة، وكان يتعين على المدعى أن يرفع دعواه خلال ستين يوما من تاريخ صدور القرار الصادر برفض تظلمه فى 12/1/1995 أى فى موعد غايته 13/3/1995 بيد أن المدعى أقام دعواه فى 2/11/1995 بعد ما يناهز ثمانية أشهر من هذا الموعد، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد”.
ومن حيث أن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ اعتد بما جاء بكتاب مصلحة الأحوال المدنية المرسل إلى مدير إدارة شرطة الأحوال المدنية بالدقهلية رقم 056 فى 12/1/1995 فى حين انه يجب للاعتداد بما جاء بهذا الكتاب أن يكون مستندا من أوراق تنتجه ومودعه بملف الدعوى، وتحت نظر المحكمة، وغير مجحود من الطاعن، وان ما تضمنه هذ1 الكتاب مخالف للحقيقة والواقع، كما أن الطاعن أبلغ بواقعة ميلاد ابنته فى 25/6/1990 بواسطة السيدة/نعمات حلمى إبراهيم باعتباره المكلف أًلا بالتبليغ وان القيد الذى تم بمعرفة صهره فى 11/7/1990 تم من غير مكلف به قانونا ومن ثم لا يعتد به.
ومن حيث أن الطاعن كان يستهدف من دعواه الأصلية الحكم بوقف تنفيذه وإلغاء قرار مدير عام مصلحة الأحوال المدنية الصادر بإلغاء قيد ابنته المسجل بمكتب سجل مدنى اول المنصورة بتاريخ 25/6/1990 برقم 1147 (وليس 1146 كما ورد بصحيفة دعواه) باسم “بسمة” والاعتداد بقيدها فى مكتب سجل مدنى بندر دمياط رقم 1217 فى 13/6/1990 (وليس 11/7/1970 كما ورد بصحيفة الدعوى أيضا) مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
ومن حيث انه عن شكل هذه الدعوى فانه وان كانت البيانات الواردة بالأوراق قد تضاربت فيما حول رقم وتاريخ القرار المطعون فيه إذ ورد فى صحيفة الدعوى انه القرار رقم 67 الصادر فى 20/2/1995 بينما أورد الحكم المطعون فيه فى ثنايا أسبابه انه صدر بتاريخ 13/12/1994، فى حين تم التأشير على أصل بيان قيد ميلاد صدر من مكتب سجل مدنى أول المنصورة (الصورة المخصصة للأعمال المصلحية) والمودعة ضمن حافظة الجهة الإدارية بجلسة 15/6/1996 بالعبارة الآتية “ملحوظة: تم إلغاء القيد بناء على كتاب الدائرة رقم 67 فى 20/2/1995، وكتاب المصلحة رقم 957 فى 17/12/1994 والشئون القانونية رقم 56 فى 2/1/1995” إلا انه وبالرغم من ذلك جمعيه فان القدر المتيقن منه أن ثمة قرار اصدر فى هذا الشأن فى غضون الفترة من ديسمبر 1994 حتى 20/2/1995 ولم تجحده جهة الإدارة فى أى مرحلة لا أمام محكمة القضاء الإدارى ولا أمام هذه المحكمة. وإذ خلت الأوراق مما يفيد علم المدعى (الطاعن) به علما يقينيا فى تاريخ محدد سابق على رفع دعواه فى 2/11/1995 فمن ثم تكون هذه الدعوى مقبولة شكلا، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذه لوجهة من النظر يكون قد خالف صحيح حكم القانون متعينا لذلك إلغاؤه والقضاء مجددا بقبول الدعوى شكلا بعد أن استوفت سائر أوضاعها الشكلية. ولا ينال من ذلك ما استند إليه الحكم فى قضائه بما ورد بكتاب مدير عام مصلحة الأحوال المدنية المرسل إلى مدير إدارة الأحوال المدنية بالدقهلية رقم 56 فى 12/1/1995 من أن القرار الطعين صدر فى 13/12/1994 وعلم به المدعى وتظلم منه خلال الشهر التالى ورفض تظلمه فى 12/1/1995، ذلك أن الثابت من الرجوع إلى هذا الكتاب والمودع بحافظة مستندات الجهة الإدارية بجلسة 15/6/1996 انه لم يتضمن شيئا مما ذكر وإنما أشار إلى انه تم تنفيذ ما ورد بكتاب المصلحة رقم 917 فى 17/12/1994 المحرر من الشئون القانونية والمعتمد من السيد اللواء وكيل المصلحة وذلك فى معرض الرد على طلب شقيق الطاعن بإعادة بحث الموضوع وكل ذلك لا يقطع فى الواقع ولا يفيد يقينا من الناحية القانونية علم الطاعن بالقرار الطعين.
ومن حيث انه عن موضوع الدعوى فانه لما كانت واقعة الميلاد محل التداعى تمت فى 11/6/1990 أى فى ظل العمل بقانون الأحوال المدنية السابق رقم 260 لسنة 1960، ومن ثم فان هذا القانون هو الواجب التطبيق.
ومن حيث أن المادة (15) من هذا القانون المعدلة بالقانون رقم 158 لسنة 1980 تنص على انه “يجب التبليغ عن المواليد خلال خمسة عشر يوما من تاريخ حدوث الولادة، ويكون التبليغ على نسختين من النماذج المعدة لذلك”. فى حين تنص المادة (16) من ذات القانون معدلة بالقانون رقم 11 لسنة 1965 على أن “يكون التبليغ إلى مكتب الصحة فى الجهة التى حدثت فيها الولادة إذا وجد بها مكتب أو إلى الجهة الصحية التى يحددها وزير الصحة بقرار يصدر منه فى الجهات التى ليست بها مكتب صحة ….”. كما تنص المادة (17) على أن “الأشخاص المكلفون بالتبليغ عن الولادة هم أولا: والد الطفل إذا كان حاضرا. ثانيا: من حضر الولادة من الأقارب والبالغين الذكور ثم من الإناث، والأقرب درجة بالمولود. ثالثا:…….”. وتنص المادة (14) من قرار وزير الداخلية رقم 120لسنة 1965 باللائحة التنفيذية لقانون الأحوال المدنية المشار إليه، والمعدلة بالقرار رقم 2225 لسنة 1980 على انه”…… وإذا تكرر قيد واقعة ميلاد أو وفاة وكانت بيانات كل تبليغ صحيحة وتطابق بيانات الآخر فيتبع فى شأنها ما يأتى: 1- إذا كان أحد التبليغين من الوالد فيلغى القيد الآخر. 2- إذا كان التبلغيان من غير الوالد فيلغى القيد الثانى، 3- إذا كان أحد التبليغين بجهة غير مختصة فيلغى هذا القيد، ويخطر مكتب السجل لإلغاء القيد بالسجل المقابل……”. ومفاد ما تقدم أن المشرع أوجب التبليغ عن المواليد خلال مدة لا تجاوز خمسة عشر يوما من تاريخ حدوث الولادة، وعين الجهة التى يتم لها التبليغ وهى- بحسب الأصل- مكتب الصحة فى الجهة التى وقعت فيها الولادة إذا كان بها مكتب صحة، ثم حدد الأشخاص المكلفين بالتبليغ ومن بينهم – على الترتيب – والد الطفل إذا كان حاضر أو من حضر الولادة من الأقارب والبالغين الذكور ثم الإناث، وعالجت اللائحة التنفيذية لقانون الأحوال المدنية الآثار المترتبة على تكرار القيد على التفصيل الذى سرده نص المادة (14) منها. فإذا كان الثابت من الأوراق أن الطاعن رزق بطفلة فى 11/6/1990 وجرت ولادتها بمستشفى دار الشفاء بدمياط على النحو الثابت بالشهادة الصادرة عن هذه المستشفى فمن ثم يكون مكتب صحة دمياط هو المختص بقيد هذه الواقعة. وإذا قام جد الطفلة لأمها بقيد واقعة ميلادها بسجل واقعات بندر دمياط بتاريخ 13/6/1990 برقم 1217 جزء أول باسم ياسمين عادل زكى السنباطى وذلك فى غيبة والدها الذى لم يكن حاضرا واقعة الميلاد، وفى الوقت ذاته قام والدها عادل زكى السنباطى بقيدها بمعرفة المدعوة نعمات حلمى إبراهيم المنسى باسم “بسمة” بمكتب صحة بندر أول المنصورة بتاريخ 25/6/1990 تحت رقم 1147 جزء أول حسبما يبين من بيان قيد ميلادها المودع بحافظة مستندات الجهة المطعون ضدها والمقدمة لمحكمة القضاء الإدارى بجلسة 15/6/1996. وكان قد أجرى تحقيق فى موضوع تكرار قيد الطفلة المذكورة أسفر عن مجازاة المدعوة/ نعمات حلمى إبراهيم المنسى جنائيا بتغريمها مائة جنيه فضلا عن صدور القرار المطعون فيه بإلغاء القيد الثانى والاعتداد بالقيد الأول، فمن ثم يكون هذا القرار متفقا وصحيح حكم القانون، أخذا بعين الاعتبار أن القيد الأول تم فى الزمان والمكان المعتبرين قانونا وممن يملك التبليغ وهو جد الطفلة الذى يعد ولا ريب من أقاربها – فى حكم المادة (17) من قانون الأحوال المدنية المشار إليها – نظرا لغياب والدها- الأمر الذى يغدو معه الطعن على هذا القرار فى غير محله قانونا حريا بالرفض وهو ما تقضى به هذه المحكمة.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (184) مرافعات.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بقبول الدعوى شكلا وبرفضها موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات.