العنف والسياسية في مجال العلاقات الدولية

الفصل الأول : فلسفة الجريمة السياسية
تتفاوت نظرة الفقه الجنائي إلى العنف السياسي فالبعض يجعله في مرتبة واحدة مع العدوان الخارجي وبالتالي يجب على الدولة أن تقمعه فإن شدة مواجهتها لأي عدوان خارجي حتى لو أدى ذلك إلى تجاوز نطاق الشرعية الدستورية، وينتج عن ذلك أن المجرم السياسي يعتبر عدواً للمجتمع.

* أما النظرية الثانية فقد ظهرت كنتيجة للنظرية الفردية التي تقدس حرية الفرد وتجعل مهمة السلطة الدفاع عن حقوقه وبالتالي يجب أن تكون السلطة بيد الأمة كلها لا في يد الحاكم فالحاكم يستمد وجوده من إرادة الأمة، وقد ترتب على ذلك تغيير جذر في نظرة الفقه الجنائي إلى الجريمة السياسية، فأصبحت تمثل في فقه هذه النظرية اعتداء على شخص الحاكم وليس على المجتمع ذاته، ومن ثم أصبح ينظر إليها على أنها جريمة عادية شأنها شأن باقي أنواع الجرائم.

* ولقد ظهر اتجاه يوفق بين الاتجاهين السابقين حيث أصبح يراعي دوافع المجرم السياسي التي قد تكون نبيلة الهدف منها تغيير المجتمع إلى الأفضل لذلك بدأ الاتجاه نحو تخفيف عقابه ومعاملته معاملة خاصة، ولقد أدت هذه النظرية إلى تمتع المجرم السياسي بعدة امتيازات في المعاملة التشريعية أو القضائية أو التنفيذية على الصعيد المحلي والدولي على حد سواء.
* وفي أعقاب الحرب الثانية بما ألحقته بالبشرة من أضرار جسيمة انعقد المجتمع الدولي على تجرم مجموعة من الأفعال التي تضر بالنظام العام الدولي واعتبارها جرائم دولية، ومن هذه الجرائم جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والجرائم ضد السلام، وجرائم الإرهاب الدولي.

الفصل الثاني : انتشار ظاهرة العنف على المستوى الدولي
منذ أواخر الستينات وأوائل السبعينات كثر تداول مصطلحات “الإرهاب” والإرهاب السياسي والإرهاب الداخلي، والإرهاب الدولي وإرهاب الدولة في وسائل الإعلام المحلية والعالمية كما تطالعنا الصحف من وقت لآخر بالمزيد من الأخبار المروعة والمفجعة عن خطف الطائرات، وتدمير السفارات أو إشعال النار فيها، واحتجاز الرهائن وتفجير السيارات الملغومة، ولم تقف ظاهرة الإرهاب عند حد اختطاف الطائرات بل امتد العنف ليشمل الممثلين الدبلوماسيين وأصبحت الأعمال الموجهة ضدهن تستحق الاهتمام، وكثرت حوادث اختطافهم وأخذهم كرهائن وإعدامهم إذا لم تقم حكوماتهم بتحقيق مطالب الخاطفين.

ويتضح مما تقدم مدى ما وصل إليه الحال على الساحة الدولية، فقد استفحلت الأمور واشتد الخطر وتوالدت الانتهاكات الصارخة لكافة المواثيق والأعراف الدولية وحقوق الإنسان وحرياته الأساسية من خلال هذه الموجة الظالمة والمستبدة من الأعمال الإرهابية التي تعصف بأرواح البشر وتهدد سلامتهم، ومما يزيد الأمر خطورة فشل الدول في معالجة الأسباب الكامنة وراء الإرهاب وموقف الأمم المتحدة السلبي في التصدي لتلك الظاهرة الخطيرة وعجزها عن اتخاذ إجراءات حاسمة تجاه مرتكبي تلك الأفعال الإجرامية أو تعبئة الرأي العام العالمي ضدها مما أدى إلى امتدادها إلى كافة أرجاء المعمورة

اعادة نشر بواسطة محاماة نت