إيجار مفروش

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سعيد أحمد محمد حسين برغش وسامى أحمد محمد الصباغ ومحمود إسماعيل رسلان مبارك وأحمد عبد العزيز أبو العزم (نواب رئيس مجلس الدولة)

* الإجراءات

في يوم الأربعاء الموافق 13/5/1998 أودع الدكتور محمد ميرغنى خيرى المحامى بالنقض بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 5108 لسنة 44ق ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 10335 لسنة 50ق بجلسة 26/4/1998 القاضي بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء قرار المدعى عليه الثانى “ورئيس حي وسط الجيزة” بالامتناع عن قيد العلاقة الايجارية القائمة بين المدعية والمدعى عليه الثالث بشأن الوحدة السكنية رقم 12 بالعقار رقم 32ب بشارع المحروسة بالعجوزة بأوصافها الثانية بالحكم الصادر في الدعوى رقم 1280/1988 مدنى كلى الجيزة “أيجار مفروش” وإلزامه المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة في عريضة الطعن قبوله شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضدها المصروفات.
وجرى إعلان عريضة الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى ارتأت فيه قبوله شكلا بالنسبة للمطعون ضدهم الأول والثانية والثالث وبعدم قبوله بالنسبة للباقين لرفعه على غير ذى صفة ،ورفضه موضوعا اللزام الطاعن المصروفات.
وتحددت جلسة 1/3/1999 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون حيث قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا “الدائرة الأولى/ موضوع” لنظره بجلسة 23/8/1999.وقد نظرته هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها إلى أن قررت حجز الطعن ليصدر فيه الحكم بجلسة اليوم ، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات ، وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونا.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق تخلص في أن المطعون ضدها الثانى أقامت الدعوى رقم 10203لسنة 1992 بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة الجيزة الابتدائية بتاريخ 31/10/1992 اختصمت فيها كلا من محافظ الجيزة ورئيس حى شمال الجيزة واحمد محمد محمود داود الطاعن وطلبت في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليهما الأول والثانى في مواجهة المدعى عليه الثالث بقيد الحكم الصادر من محكمة الجيزة الابتدائية في الدعوى رقم 1280/1988 إيجارات كلى الجيزة وذلك في السجل المعد لذلك بحى شمال الجيزة لعقود الإيجار المفروش وذلك لعدم وجود عقد إيجار للشقة موضوع النزاع الكائنة بالدور السادس من العقار رقم 32ب شارع المحروسة بالعجوزة والمؤجرة للمدعى عليه الثالث.

وقالت المدعية شرحا لدعواها بأن المدعى عليه الثالث يستأجر منها شقة بالعنوان المذكور، ولحاجتها إليها نبهت عليه بإخلائها ولما رفض أقامت الدعوى رقم 1280/1988 أمام محكمة الجيزة الابتدائية لطرده منها باعتبار أن وضع يده عليها أصبحت يد غاصب لانتهاء مدة الإيجار فأقام هو الأخر الدعوى رقم 1082 /1988 أمام ذات المحكمة طالبا الحكم بإثبات العلاقة الايجارية لمكان غير مفروش منتهزا عدم تحرير عقد بينهما بذلك ، وقد ضمت المحكمة الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد ، وصدر هذا الحكم بعدم قبول دعوى المدعية لعدم وجود عقد أيجار مفروش عن الشقة وبرفض دعوى واضع اليد لما ثبت للمحكمة من أن العين كانت مؤجرة له مفروشة وليست خالية فطعنا على الحكم بالاستئنافين رقمى 7164 ،7514/107ق حيث قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم بالنسبة للمدعية طالبة الطرد وبطرد واضع اليد وبرفض استئنافه ، فطعن هو على هذا الحكم بالنقض رقم 2504/61 ق وقضت فيه المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه جزئيا فيما قضى فيه في موضوع الاستئناف رقم 7514/107 ق وألزمت المطعون ضدها نصف مصروفات الطعن. وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف الصادر في الدعوى رقم 1280/1988 مدنى الجيزة الابتدائية وبعدم سماعها ألزمت المستأنفة مصروفات استئنافها.

وأضافت المدعية أنها اتجهت إلى حى شمال الجيزة لقيد الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية باعتباره سندا مثبتا للعلاقة الايجارية عن مكان مفروش حتى يستقيم الشكل القانونى وتتمكن من إعادة تجديد دعواها بطرد واضع اليد عليها إلا أن المسئولين بالحي رفضوا ذلك مما حدا بها إلى إقامة دعوى أمام محكمة الجيزة الابتدائية بذات الطلبات في 2/1/1992 وقضت فيها المحكمة برفضها فأقامت طعنا على الحكم بالاستئناف رقم 10724/111ق وبجلسة 15/5/1996 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى للاختصاص. وقد وردت الدعوى وقيدت بجدول تلك المحكمة تحت رقم 10335/50ق وصدر فيها الحكم الطعين بإلغاء قرار رئيس حى وسط الجيزة بالامتناع عن قيد العلاقة الايجارية القائمة بين المدعية والمدعى عليه الثالث “احمد محمد محمود داود” بشأن الوحدة السكنية المشار إليها الثابت أوصافها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 1280/1988 مدنى كلى الجيزة.

وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 1280/1988 مدنى كلى إيجارات الجيزة والمتوج بحكم محكمة النقض قد حسم طبيعة العلاقة القائمة بين المدعية والمدعى عليه الثالث بشأن الشقة المشار إليها بأنها عقد أيجار لوحدة سكنية مفروشة وأن المشرع أوجب في المادة (42) من القانون رقم 49/1972 التزاما على المؤجر بأن يطلب قيد عقد الإيجار المفروش في السجلات التي تلتزم الوحدة المحلية بإعدادها لهذا الغرض، ومن ثم يكون امتناع الجهة عن القيد يعتبر قرارا سلبيا في مفهوم الفقرة الأخيرة من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة مما يجوز الطعن عليه في أي وقت بطلب إلغائه.

وأضاف الحكم أنه لما كان المشرع أوجب إبرام عقود الإيجار كتابة على أن يتم إثبات تاريخها بمأمورية الشهر العقارى المختصة ، فانه بالنسبة لعقود الإيجار المفروش أوجب على المؤجر قيد هذا العقد لدى الوحدة المحلية المختصة والتى تلتزم بإخطار مصلحة الضرائب شهريا بما تجمع لديها من بيانات في هذا الشان وقد رتب المشرع على عدم قيد إيجار المفروش حرمان المؤجر من سماع دعواه بخصوص هذا الإيجار وعدم قبول الطلبات الناشئة عن العقود التي لم يتم قيدها وان كان هذا الإجراء موقوت ينتهى بتمام القيد ، كما أن المشرع وإن كان استلزم أن تكون عقود الإيجار مكتوبة فإنه وفقا لما جرى عليه قضاء محكمة النقض يكون الحكم الصادر بثبوت العلاقة الايجارية بين المؤجر والمستأجر قائما مقام العقد بالأوصاف التي استظهرها الحكم على نحو يسوغ معه للمؤجر في حالة الإيجار المفروش أن يطلب قيد العلاقة الايجارية التي أثبتها الحكم بسجلات الوحدة المحلية وفقا لما تتطلبه المادة 42 من القانون رقم 49/1977 المشار إليه ، والقول بغير ذلك من شأنه إفراغ الحكم الصادر بثبوت العلاقة الايجارية من مضمونه ويترتب عليه نتائج غير سائغة تتمثل في عدم تمكن صاحب العلاقة من المطالبة بحقوق ترتبت على هذه العلاقة.

ولما كان الحكم الصادر في الدعوى رقم 1280/1988 المتوج بحكم محكمة النقض في الطعن رقم 2504/1961 قد حسم العلاقة القائمة بين المدعية والمدعي عليه الثالث بأنها عقد إيجار مفروش للوحدة السكنية المشار إليها وطلبت المدعية قيد هذه العلاقة بإثباتها في سجلات الوحدة المحلية لذا يكون امتناع الجهة الإدارية عن هذا القيد مخالفاً لحكم القانون ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار أخصها قيد تلك العلاقة.وخلصت المحكمة من ذلك إلى قضائها المذكور.

ومن حيث أن هذا الحكم لم يصادف قبولا من المدعى علية الثالث “واضع اليد على العين ” فقد طعن عليه بالطعن الماثل على أساس مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وقيامه على أخطاء مادية تمثلت في عدم الإلمام بوقائع النزاع والحكم بغير ما هو ثابت بالأوراق والبعد عما قصدته المحكمة المدنية في حكمها الصادر في الدعوى رقم 1280/1988 والذى لم يحسم طبيعة العلاقة القائمة بين الطرفين ومع ذلك اتخذه الحكم الطعين سندا لإثبات هذه العلاقة فبعد أن قضى ذلك الحكم بعدم قبول الدعوى لعدم وجود عقد كتابى بالإيجار المفروش ألغته محكمة الاستئناف وقضت بثبوت تلك العلاقة إلا أن المحكمة النقض عدلت في حكم محكمة الاستئناف وعدلت في حكم المحكمة الابتدائية رقم 1280/1988 المشار إليه ليكون بعدم سماع الدعوى مما يعنى امتناع المحكمة حتى عن مجرد سماع الدعوى لعدم توافر المقومات الشكلية والإجرائية اللازمة لإيصال الدعوى للمحكمة وهذا في حد ذاته لا يعتبر قضاء بحق في الموضوع يخول للمطعون ضدها الثانية اللجوء إلى الوحدة المحلية لإثبات علاقة ايجارية لم يصدر فيها قضاء حاسم بشأنها.
وخلص الطاعن من ذلك إلى طلباته المتقدمة.
ومن حيث أن المادة (42) من القانون رقم 49/1977 في شأن تأجير وبيع وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر تنص على انه “على المؤجر أن يطلب قيد عقود الإيجار المفروش التي تبرم تطبيقا لأحكام المادتين 39، 40 لدى الوحدة المحلية المختصة، وتلتزم هذه الجهة بإخطار مصلحة الضرائب شهريا بما يتجمع لديها من بيانات في هذا الشأن. وتنص المادة (43)على انه “لا تسمع دعاوى المؤجر، كما لا تقبل الطلبات المقدمة منه الناشئة أو المترتبة على تطبيق أحكام المادتين 39، 40 إلا إذا كانت العقود المبرمة وفقا لها مقيدة على الوجه المنصوص علية في المادة السابقة، ولا يجوز للمؤجر الاستناد إلى العقود غير المقيدة لدى أى جهة من الجهات.
ونظمت اللائحة التنفيذية للقانون المذكور الصادر بقرار وزير الإسكان في المواد 23 ،24 ،25 ،26 قواعد قيد عقود إيجار الوحدات المفروشة في السجلات التي تعد لهذا الغرض. ومفاد ما تقدم أن المشرع أوجب إبرام عقود الإيجار كتابة، وفى حالة ما إذا كان العقد لإيجار مفروش تطلب من المؤجر قيد هذا العقد لدى الوحدة المحلية المختصة والتى تلتزم بأخطار مصلحة الضرائب شهريا بما تجمع لديها من بيانات في هذا الشأن ، ورتب على عدم قيد إيجار المفروش حرمان المؤجر من سماع دعاويه بخصوصه وعدم قبول طلباته لدى أية جهة استنادا إلى عقد غير مقيد بالوحدة المحلية على النحو الذي تطلبه القانون المشار إليه ولائحته التنفيذية المذكورة.
ومن حيث أن حكم محكمة النقض الصادر في الطعن رقم 2504/61ق المقام من ذات الطاعن على حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في القضية رقم 7164 لسنة 107ق بشأن موضوع النزاع جاء فيه أنه لما كان ذلك وكان ما ورد بالمادتين 42 ،43 من القانون رقم 49 /1977 يدل على أن المشرع فرض على المؤجر اتخاذ إجراء معين يتمثل في وجوب قيد عقد الإيجار المفروش الذي يبرم طبقا لأحكام المادتين 39، 40 من القانون المذكور بالوحدة المحلية المختصة، وفرض على تخلف هذا الإجراء جزاء معينا هو عدم سماع الدعوى الناشئة أو المترتبة على ذلك العقد قد استهدف به إحكام الرقابة على الشقق المفروشة ضماناً لتحصيل الضرائب المستحقة على مثل هذا النشاط.
ولما كان هذا الإجراء الذي أوجبه القانون لا صلة له بالصفة أو المصلحة في الدعوى ولا يتعلق بالحق في رفعها باعتبار انه لا يرمى إلى الطعن بانعدام هذا الحق أو سقوطه أو انقضائه وانما هو قيد مؤقت إن اتخذ حتى في تاريخ لاحق على رفع الدعوى استقامت به، لذا فانه يخرج عن الدفع بعدم القبول ويعد دفعاً شكلياً لا تستفيد به المحكمة ولاية الفصل في موضوعها وعلى ذلك يكون حكم محكمة الجيزة الابتدائية الصادر في الدعوى رقم 1280/1988 المقامة من سامية عبد العاطى شعراوى بطرد المدعى عليه من العين لانتهاء مدة الإيجار والقاضى بعدم قبولها لعدم وجود عقد الإيجار المفروش وقيده بالوحدة المحلية ثم ما ذهب إليه حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في القضية رقم 7514/107ق بإلغاء الحكم المذكور والقضاء بقبول الدعوى رقم 1280/1988 مدنى الجيزة الابتدائية وبطرد الطاعن من الشقة محل النزاع وتسليمها إلى المطعون ضدها خالية، وما أتبع ذلك من نقض جزئي لذلك الحكم بأن قضت محكمة النقض بتعديل الحكم المستأنف الصادر في الدعوى رقم 1280/1988 مدنى الجيزة الابتدائية ليكون بعدم سماعها وإلزام المستأنفة مصروفات استئنافها.
ومن حيث أنه يبين مما تقدم أنه لم يتم الفصل في موضوع الدعوى المذكورة ولم يصدر فيه حكم نهائى حتى يتسنى للمدعية فيها طلب قيد موضوع الحكم ليحل محل العقد في إثبات علاقة الإيجار المفروش وكان ما قضى فيه هو دفع شكلى بعدم سماع الدعوى، وبذلك يكون تحددت نهائية الحكم في الدعوى رقم 1280/1988 المشار إليها بما قضى به حكم النقض بعدم سماعها، مما يجعل الارتكان إلى الحكم الصادر في هذه الدعوى لقيد العلاقة الايجارية بين طرفيها لا يقوم على سند صحيح، ويكون امتناع الجهة الإدارية عن إجراء هذا القيد متفقاً وصحيح حكم القانون.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بهذا النظر فانه يكون خالف القانون ويتعين القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضدها المصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضدها الثانية المصروفات.