انتفاء مصلحة المتهم في الطعن على القانون 11 لسنة 2017 (حضور وكيل خاص عن المتهم أمام محكمة الجنايات )

الدعوى رقم 112 لسنة 39 ق “دستورية” جلسة 6 / 7 / 2019

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يوليه سنة 2019م، الموافق الثالث من ذى القعدة سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمـد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 112 لسنة 39 قضائية “دستورية”.
المقامة من
محمد رجب عبد العزيز
ضــد
1 – رئيس الجمهوريـــة
2 – رئيس مجلس الــوزراء
3 – وزيـر العـــــدل
4- رئيس مجلس النــواب

الإجـراءات
بتاريخ الحادى والثلاثين من يوليو سنة 2017، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية المادة الأولى من القانون رقم 11 لسنة 2017 بشأن تعديل بعض أحكام قوانين: الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950، وقانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، وقانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين رقم 8 لسنة 2015، وقانون مكافحة الإرهاب الصادر بالقانون رقم 94 لسنة 2015، وذلك فيما تضمنته من استبدال نصى المادتين (384) و(395) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليًّا: بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة. وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى، وسائر الأوراق – فى أن النيابة العامة كانت قد أسندت للمدعى ، فى الدعوى رقم 34260 لسنة 2014 جنايات قسم الفيوم – المقيدة برقم 2622 لسنة 2014 كلى الفيوم – أنه فى يوم 15/7/2014، بدائرة قسم الفيوم: 1- أحرز بقصد الاتجار نبات الحشيش (القنب) فى غير الأحوال المصرح بها قانونًا، 2- أحرز بغير ترخيص سلاحًا ناريًّا غير مششخن (فرد خرطوش)، 3- أحرز ذخائر (عدة طلقات) مما تستعمل على السلاح النارى سالف الذكر، حال كونه غير مرخص بحيازته وإحرازه، 4- استعمل القوة والعنف مع موظف عام، النقيب / محمد فكرى والقوة المرافقة له، وذلك بأن قام بإطلاق عدة أعيرة نارية من السلاح النارى سالف الذكر، ليمنعه بغير حق عن أداء عمل من أعمال وظيفته، فتمكن بتلك الوسيلة من بلوغ قصده على النحو المبين بالتحقيقات. وقامت النيابة العامة بتقديم المتهم – المدعى – للمحاكمة الجنائية، أمام محكمة جنايات الفيوم، بطلب عقابه بالمواد (1، 2، 7/1، 34/1 بند (أ)، 42) من القانون رقم 182 لسنة 1960 بشأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977 و122 لسنة 1989، والبند رقم (56) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول، والمستبدل بقراري وزير الصحة رقمي 46 لسنة 1997 و269 لسنة 2002. والمواد (1/1، 6، 26/1 ،4) من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978 و165 لسنة 1981 و6 لسنة 2012، والجدول رقم (2) الملحق بالقانون الأول، والمادة (137 مكررًا /1) من قانون العقوبات. وتحدد لنظر الدعوى أمام محكمة الجنايات جلسة 1/8/2016، وفيها مثل المدعى بشخصه ومعه محامى، والأمر ذاته بجلسة 6/5/2016، ومثل عنه محام بالجلسات التالية، ودفع بعدم دستورية المادة الأولى من القانون رقم 11 لسنة 2017 بشأن تعديل بعض أحكام قوانين: الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950، وقانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، وقانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين رقم 8 لسنة 2015، وقانون مكافحة الإرهاب الصادر بالقانون رقم 94 لسنة 2015. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت له باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، أقام الدعوى المعروضة.

وحيث إن المادة (384) من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم 11 لسنة 2017 تنص على أنه “إذا صدر أمر بإحالة متهم بجناية إلى محكمة الجنايات ولم يحضر هو أو وكيله الخاص يوم الجلسة بعد إعلانه قانونًا بأمر الإحالة وورقة التكليف بالحضور، يكون للمحكمة أن تحكم فى غيبته، ويجوز لها أن تؤجل الدعوى وتأمر بإعادة تكليفه بالحضور.

ومع عدم الإخلال بسلطة المحكمة المنصوص عليها بالمادة (380) من هذا القانون، يكون الحكم حضوريًا إذا مثل المتهم أو وكيله الخاص بالجلسة”.

وتنص المادة (395) من القانون المشار إليه المستبدلة بفقرتيها الأولى والثانية بموجب القانون رقم 11 لسنة 2017 على أنه “إذا حضر المحكوم عليه فى غيبته، أو قبض عليه، أو حضر وكيله الخاص وطلب إعادة المحاكمة قبل سقوط العقوبة بمضى المدة، يحدد رئيس محكمة الاستئناف أقرب جلسة لإعادة نظر الدعوى، ويُعرض المقبوض عليه محبوسًا بهذه الجلسة، وللمحكمة أن تأمر بالإفراج عنه أو حبسه احتياطيًّا حتى الانتهاء من نظر الدعوى، ولا يجوز للمحكمة فى هذه الحالة التشديد عما قضى به الحكم الغيابى.
فإذا تخلف المحكوم عليه فى غيبته أو وكيله الخاص عن حضور الجلسة المحددة لإعادة نظر دعواه، اعتبر الحكم ضده قائمًا، فإذا حضر المحكوم عليه فى غيبته مرة أخرى قبل سقوط العقوبة بمضى المدة تأمر النيابة بالقبض عليه، ويحدد رئيس محكمة الاستئناف أقرب جلسة لإعادة نظر الدعوى، ويُعرض محبوسًا بهذه الجلسة، وللمحكمة أن تأمر بالإفراج عنه أو حبسه احتياطيًّا حتى الانتهاء من نظر الدعوى”.

وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها – على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع. وكان من المقرر أيضًا فى قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة، يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة الدستورية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية، أو تصوراتها المجردة، وهو كذلك يقيد تدخلها فى تلك الخصومة، ويرسم تخوم ولايتها، فلا تمتد لغير المطاعن التى يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعى. بما مؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين ألحق بهم النص التشريعى المطعون فيه ضررًا مباشرًا، سواء أكان هذا الضرر وشيكًا يتهددهم، أم كان قد وقع فعلاً. ويتعين دومًا أن يكون الضرر المدعى به منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون عليه للدستور، مستقلاً بالعناصر التى يقوم عليها، عائدًا فى مصدره إلى النص المطعون فيه، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية المناسبة. وقوام المصلحة الشخصية المباشرة أن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة – بأكملها أو فى شق منها – فى الدعوى الموضوعية، ويتحدد مفهومها على ضوء عنصرين أوليين يحددان مضمونها، أولهما: أن يقيم المدعى – فى حدود الصفة التى اختصم بها النص التشريعى المطعون فيه – الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق به، ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشرًا، مستقلاً بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًّا أو مجهلاً. وثانيهما: أن يكون مرد الأمر فى هذا الضرر إلى النص التشريعى المطعون عليه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على المدعى، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعها، لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية، عما كان عليه عند رفعها.

وحيث إن المشرع أفرد الباب الثالث من الكتاب الثانى من قانون الإجراءات الجنائية المشار إليه، لمحاكم الجنايات، وأورد فى الفصل الأول منه تشكيل محاكم الجنايات وتحديد أدوار انعقادها، فى المواد من (366) إلى (372)، بعد إلغاء المادة (373) منه، وخصص الفصل الثانى للإجراءات أمام محاكم الجنايات، فى المواد من (374) إلى (383)، وانتظم فى الفصل الثالث الإجراءات التى تتبع فى مواد الجنايات فى حق المتهمين الغائبين، فى المواد من (384) إلى (397). وعلى ذلك، يشتمل هذا الفصل على المادتين(384) و(395) المطعون عليهما. وقد تناول كل منهما تنظيم لحالة بذاتها تختلف عن الأخرى، فى شأن ما إذا كانت محاكمة المتهم تنظر لأول مرة، أم كان الأمر يتعلق بإعادة محاكمته، بعد صدور حكم غيابى بإدانته، فقد واجهت أحكام المادة (384) من قانون الإجراءات الجنائية المشار إليه، حالة تخلف المتهم بارتكاب إحدى جرائم الجنايات عن حضور الجلسة المحددة لنظر الدعوى أمام محكمة الجنايات، سواء بشخصه أو بوكيل خاص عنه، بعد إعلانه قانونًا بأمر الإحالة وورقة التكليف بالحضور، فأجازت للمحكمة أن تحكم فى غيبته أو أن تؤجل الدعوى وتأمر بإعادة تكليفه بالحضور. ويكون الحكم حضوريَّا إذا مثل المتهم أو وكيله الخاص بالجلسة، بينما تناولت أحكام المادة (395) من القانون المشار إليه، حالة إعادة محاكمة من صدر ضده حكم غيابى بإدانته عن إحدى جرائم الجنايات، وذلك إذا حضر بشخصه، أو قبض عليه، أو حضر وكيله الخاص، وطلب إعادة المحاكمة – قبل سقوط العقوبة بمضى المدة – ففى هذه الحالة يحدد رئيس محكمة الاستئناف أقرب جلسة لإعادة نظر الدعوى، ولا يجوز للمحكمة أن تشدد العقوبة عما قضى به الحكم الغيابى. فإذا تخلف المحكوم عليه غيابيًّا أو وكيله الخاص عن حضور الجلسة المحددة لإعادة نظر الدعوى، اعتبر الحكم الغيابى قائمًا، فإذا حضر بشخصه مرة أخرى، يُعرض محبوسًا على المحكمة، التى تتولى إعادة محاكمته.

وحيث إن ما استحدثه المشرع من أحكام فى المادتين (384، 395) من قانون الإجراءات الجنائية – بموجب المادة الأولى من القانون رقم 11 لسنة 2017 المشار إليه – بإجازة أن ينوب وكيل خاص عن المتهم أو المحكوم عليه غيابيًّا لارتكابه جناية، ليدافع عنه أمام محكمة الجنايات، استتبع – وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لمشروع ذلك القانون – حذف نص المادة (388) من قانون الإجراءات الجنائية، التى كانت لا تجيز ذلك. وكان حضور وكيل خاص فى أى من هاتين الحالتين يخضع لمطلق تقدير واختيار المتهم أو المحكوم عليه غيابيًّا، خاصة وأن إنابة وكيل خاص ليدافع عنه، يجنبه – إذا كان مطلق السراح – صدور أمر من محكمة الجنايات بالقبض عليه وحبسه احتياطيًّا، أو إخلاء سبيله بكفالة أو بغير كفالة، على نحو ما ورد بنص المادة (380) من قانون الإجراءات الجنائية. الأمر الذى تكون معه أحكام المادتين المطعون عليهما – فى خصوص ما ورد بهما من جواز إنابة وكيل خاص للحضور عن المتهم بارتكاب جناية أو المحكوم عليه غيابيًّا من محكمة الجنايات – تتمحض عن نفع خاص وميزة لمصلحة كل منهما، تخضع لمطلق تقديره واختياره.

وحيث كان ما تقدم، وكانت مناعى المدعى على نص المادة (384) من قانون الإجراءات الجنائية – يعد استبدالها بموجب المادة الأولى من القانون رقم 11 لسنة 2017، المعمول بأحكامها اعتبارًا من اليوم التالى لنشر هذا القانون بالجريدة الرسمية، الحاصل بتاريخ 27/4/2017 – تنصب على ما أجازه نص تلك المادة من حضور وكيل خاص عن المتهم أمام محكمة الجنايات – وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات الدعوى الموضوعية – الدعوى رقم 34260 لسنة 2014 جنايات قسم الفيوم – أن المدعى استفاد من أحكام تلك المادة، إذ بعد أن مثل بشخصه ومعه محام بجلسة 1/8/2016، التى تحددت لمحاكمته فيها، والأمر ذاته بالجلسة التالية المنعقدة بتاريخ 6/5/2017، مثل عنه محام بموجب توكيل خاص رقم 526 (و) لسنة 2017 توثيق الفيوم، فى الجلسات التالية، وهو ما أجازه نص المادة (384) من قانون الإجراءات الجنائية – المطعون فيها، ومن ثم، فإن الفصل فى دستورية نص هذه المادة لن يكون له من أثر على الدعوى الموضوعية، بما مؤداه انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى فى الطعن على ذلك النص التشريعى، الأمر الذى يضحى معه عدم قبول الدعوى فى هذا الشق منها متعينًا.
وحيث إنه بشأن الطعن على دستورية نصى الفقرتين الأولى والثانية من المادة (395) من قانون الإجراءات الجنائية، بعد استبدالهما بموجب المادة الأولى من القانون رقم 11 لسنة 2017، فإن مفترضات إعمال وتطبيق حكمهما لا يتحقق إلا فى حالة سابقة صدور حكم غيابى بإدانة المتهم بارتكاب إحدى جرائم الجنايات، وهو أمر يُخالف الواقع القائم فى الدعوى الموضوعية، إذ إن الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحكمة، مثول المتهم (المدعى) بالجلسات – سواء بشخصه أو بوكيل خاص عنه – ولم يصدر ضده حكم غيابى بإدانته، ومن ثم فإن المدعى لا يكون من بين المخاطبين بأحكام نص هذه المادة، وتبعًا لذلك فإن الفصل فى دستوريتها لن يكون له من أثر على الدعوى الموضوعية، بما مؤداه انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى فى الطعن على هاتين الفقرتين، الأمر الذى يضحى معه، كذلك، عدم قبول الدعوى المعروضة فى هذا الشق منها متعينًا

فلهــذه الأسبــاب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .