جريمة هتك العرض بالقوة في ضوء قرارات وأحكام محكمة النقض المصرية

الطعن 17201 لسنة 60 ق جلسة 18 / 2 / 1992 مكتب فني 43 ق 30 ص 252 جلسة 18 من فبراير سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ حسن عميره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم نائبي رئيس المحكمة ومصطفى الشناوي وفتحي حجاب.
——————-
(30)
الطعن رقم 17201 لسنة 60 القضائية

(1)ارتباط. هتك عرض. قتل عمد. شروع. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير قيام الارتباط”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
مناط تطبيق المادة 32 عقوبات؟
تقدير قيام الارتباط بين الجرائم. موضوعي.
شروع المتهم في قتل المجني عليه في اليوم التالي لارتكابه جريمة هتك عرضه بالقوة وفي مكان آخر غير الذي ارتكب فيه الجريمة الأخيرة. لا ارتباط بين الجريمتين.
(2)محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل” إثبات “اعتراف”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
عدم التزام المحكمة نص اعتراف المتهم وظاهره. لها أن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها.
(3) هتك عرض. إكراه. جريمة “أركانها”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
توافر ركن القوة في جريمة هتك العرض بالقوة بأن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه أو بغير رضائه وكلاهما يتحقق بإتيانه الفعل أثناء النوم.
هتك العرض هو كل فعل مخل بالحياء يستطيل إلى جسم المجني عليه وعوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية. ولا يشترط أن يترك أثراً بالمجني عليه.
(4)قصد جنائي. جريمة. “أركانها”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
قصد القتل. أمر خفي. لا يدرك بالحس الظاهر.
مثال لتسبيب سائغ في استظهار قصد القتل في جريمة شروع في قتل عمد.

——————-
1 – من المقرر أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها المشرع بالحكم الوارد بالفقرة المشار إليها كما أن الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع وكانت الوقائع كما أثبتها الحكم المطعون فيه على نحو ما سلف بيانه – تفيد أن ما وقع من الطاعن من شروع في قتل المجني عليه كان قد وقع في اليوم التالي لارتكابه جريمة هتك عرضه بالقوة وفي مكان آخر غير الذي ارتكب فيه الجريمة الأخيرة مما لا يوفر وحدة النشاط الإجرامي بين الجريمتين اللتين دين بهما ولا يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بينهما فإن الحكم المطعون فيه إذ أوقع على الطاعن عقوبة مستقلة عن كل من هاتين الجريمتين لا يكون قد خالف القانون في شيء ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
2 – من المقرر أن المحكمة غير مقيدة في أخذها باعتراف المتهم بأن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تستنبط منه ومن غيره من العناصر الأخرى الحقيقة التي تصل إليها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع العقل والمنطق وهو اقتراف الجاني للجريمة وهو ما لم يخطئ الحكم فيه ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله.
3 – من المقرر أنه يكفي لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض بالقوة أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه أو بغير رضاه وكلاهما يتحقق أثناء النوم كما وأن هتك العرض هو كل فعل مخل بالحياء يستطيل إلى جسم المجني عليه وعوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية ولا يشترط لتوافره قانوناً أن يترك الفعل أثراً بالمجني عليه وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على توافر ركن القوة بكون المجني عليه كان نائماً عندما هتك الطاعن عرضه كما وأنه استدل على ثبوت ارتكاب الطاعن للفعل المكون للجريمة بأقوال المجني عليه واعتراف الطاعن وباقي شهود الإثبات من أن الطاعن كان يحك قضيبه بدبر المجني عليه فإن هذا الذي خلص إليه الحكم سائغ وكاف لحمل قضائه ويتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها ويكون منعاه في هذا الشأن غير قويم.
4 – من المقرر أن قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيه ما دام استخلاصه سائغاً تؤدي إليه ظروف الواقعة وأدلتها وقرائن الأحوال فيها وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في تحصيله للواقعة وسرده لمؤدى أقوال شهود الإثبات بما في ذلك اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة بدفعه للمجني عليه خارج القطار أثناء سيره قاصداً قتله خشية افتضاح أمره فإن ذلك كافياً في إثبات هذا القصد وفي إظهار اقتناع المحكمة بثبوته من ظروف الواقعة التي أوردتها وأدلتها التي عولت عليها فإن النعي على الحكم بالقصور لا يكون له محل.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: خطف بالتحايل الطفل (……) والذي لم يبلغ سنه ستة عشر عاماً بأن تقابل معه بمحطة السكة الحديد بـ……. واستدرجه إلى مسكن شقيقة والدته بمركز…….. بزعم تهيئة مكان لنومه. ثانياً: – هتك عرض المجني عليه سالف الذكر والذي لم يبلغ سنه ست عشرة سنة كاملة بالقوة بأن باغته أثناء نومه خالعاً عنه سرواله كاشفاً عورته وحك قضيبه بدبره حتى أمنى عليه من الخارج ثالثاً: – شرع في قتل المجني عليه سالف الذكر بأن دفعه إلى خارج القطار أثناء سيره حال عودتهم لدائرة قسم……… فسقط أرضاً وحدثت به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق قاصداً من ذلك قتله وخاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو إسعاف المجني عليه ومداركته بالعلاج. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً عملاً بالمواد 268، 45، 46، 234/ 1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون أولاً: – بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً عن تهمة هتك العرض بالقوة ثانياً: – بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً عن تهمة الشروع في القتل.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض……. إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجنايتي هتك العرض بالقوة والشروع في القتل قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك بأن الحكم قضى بمعاقبته عن كل من الجريمتين المسندتين إليه حالة كونهما مرتبطتين مما كان يتعين معه إعمال نص الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات والحكم بعقوبة واحدة عنهما وعول في إدانته على اعترافه بالتحقيقات وبجلسة المحاكمة رغم أن هذا الاعتراف لم يرد نصاً على اقتراف الجريمة ولم يدلل الحكم تدليلاً كافياً على توافر ركن القوة في جريمة هتك العرض هذا فضلاً عن عدم توافر نية الشروع في القتل في حقه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: “إنه بتاريخ….. تقابل المتهم….. الشهير بـ……. مع الطفل….. بمحطة السكة الحديد بـ….. واصطحبه إلى حجرته بتلك المحطة لهتك عرضه لكنه توجه به بعد ذلك إلى مسكن خالته – أي شقيقة والدة المتهم – بمركز…… بحجة المبيت به وأثناء نوم المجني عليه بجواره ليلاً قام بخلع سرواله وحك قضيبه في دبره مرتين حتى أمنى عليه من الخارج ثم اصطحبه في اليوم التالي مستقلين القطار عائدين لدائرة قسم…… وطلب منه المجني عليه أن يعود إلى أهله إلا أن المتهم رفض ذلك خشية افتضاح أمره وقام بدفعه خارج القطار من أحد أبوابه أثناء سيره قاصداً قتله وحدثت به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو إسعاف المجني عليه بالعلاج لما كان ذلك وكان مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها المشرع بالحكم الوارد بالفقرة المشار إليها كما أن الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع وكانت الوقائع كما أثبتها الحكم المطعون فيه على نحو ما سلف بيانه – تفيد أن ما وقع من الطاعن من شروع في قتل المجني عليه كان قد وقع في اليوم التالي لارتكاب جريمة هتك عرضه بالقوة وفي مكان آخر غير الذي ارتكب فيه الجريمة الأخيرة مما لا يوفر وحدة النشاط الإجرامي بين الجريمتين اللتين دين بهما ولا يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بينهما فإن الحكم المطعون فيه إذ أوقع على الطاعن عقوبة مستقلة عن كل من هاتين الجريمتين لا يكون قد خالف القانون في شيء ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عول من بين ما عول عليه في إدانة الطاعن على اعترافه بتحقيقات النيابة العامة وحصل هذا الاعتراف في قوله “واعترف المتهم بتحقيقات النيابة العامة أنه تقابل مع الطفل المجني عليه بمحطة سكة الحديد بـ…….. وتوجه برفقته إلى حجرته بتلك المحطة بقصد هتك عرضه إلا أنه لم يتمكن من ذلك لوجود بعض زملائه بداخلها فقام باستدراجه إلى مسكن شقيقة والدته بمركز……… بزعم المبيت هناك بعد أن طلب منه الإفصاح عن حقيقة شخصيته فخلع عنه سرواله كاشفاً عورته وحك قضيبه بدبره حتى أمنى عليه مرتين من الخارج أثناء نومه واصطحبه في اليوم التالي مستقلين إحدى القطارات في طريق عودتهم لدائرة قسم…….. فطلب منه المجني عليه تركه وشأنه ليعود لذويه فرفض خشية افتضاح أمره فقام بدفعه خارج القطار أثناء سيره فسقط أرضاً قاصداً قتله” وكان اعتراف الطاعن كما حصله الحكم المطعون فيه – والذي لا يماري الطاعن في أن له أصله الصحيح من الأوراق قد ورد نصاً على اقترافه الحادث على خلاف ما يذكره الطاعن بوجه طعنه فضلاً عما هو مقرر من أن المحكمة غير مقيدة في أخذها باعتراف المتهم بأن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تستنبط منه ومن غيره من العناصر الأخرى الحقيقة التي تصل إليها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع العقل والمنطق وهو اقتراف الجاني للجريمة وهو ما لم يخطئ الحكم فيه ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك وكان يكفي لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض بالقوة أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه أو بغير رضاه وكلاهما يتحقق أثناء النوم كما وأن هتك العرض هو كل فعل مخل بالحياء يستطيل إلى جسم المجني عليه وعوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية ولا يشترط لتوافره قانوناً أن يترك الفعل أثراً بالمجني عليه وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على توافر ركن القوة بكون المجني عليه كان نائماً عندما هتك الطاعن عرضه كما وأنه استدل على ثبوت ارتكاب الطاعن للفعل المكون للجريمة بأقوال المجني عليه واعتراف الطاعن وباقي شهود الإثبات من أن الطاعن كان يحك قضيبه بدبر المجني عليه فإن هذا الذي خلص إليه الحكم سائغ وكاف لحمل قضائه ويتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها ويكون منعاه في هذا الشأن غير قويم.
لما كان ذلك وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيه ما دام استخلاصه سائغاً تؤدي إليه ظروف الواقعة وأدلتها وقرائن الأحوال فيها وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في تحصيله للواقعة وسرده لمؤدى أقوال شهود الإثبات بما في ذلك اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة بدفعه للمجني عليه خارج القطار أثناء سيره قاصداً قتله خشية افتضاح أمره فإن ذلك كافياً في إثبات هذا القصد وفي إظهار اقتناع المحكمة بثبوته من ظروف الواقعة التي أوردتها وأدلتها التي عولت عليها فإن النعي على الحكم بالقصور لا يكون له محل. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

نقض – مجموعة الأحكام الصادرة من الدوائر الجنائية س 43 ق (م/ 9).

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .