الإضراب عـن العمـــل والموقـف القانونـي منه

لقد عرف ومارس العمال الإضراب منذ العصور القديمة لرفع الظلم الواقع عليهم والحصول على بعض حقوقهم فأضرب العمال في عهد الفراعنة وفي روما القديمة, ولكن ازدادت حركته وأهميته في العصور الحديثة حيث تطورت الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وزادت المشاكل والحاجات الفردية والجماعية والعامة,

وقد كانت الإضرابات العمالية تقع في بدايتها من قبل تجمعات العمال الوقتية والعرضية بصورة غير منتظمة إذ لم تكن توجد نقابات عمالية لتنظم حركة هذه الإضرابات ولأنها كانت محرمة بنص القانون ويعاقب عليها بشدة وظلت كذلك لفترة طويلة ولقد مرت الإضرابات العمالية بأدوار متعددة مختلفة ,

حتى أصبحت وقائع اجتماعية يقر التشريع بوجودها وكان هذا من نتائج التطور الفكري والاقتصادي والاجتماعي في منتصف القرن التاسع عشر حيث تم الاعتراف بحق الطبقة العاملة في حرية العمل وفي التجمع والإضراب لمقاومة الظلم الواقع عليهم وتعسف أصحاب العمل ولحماية أنفسهم في العمل والعيش .

أقرت بريطانيا للعمال حقهم بالإضراب عن العمل عام 1871 وفرنسا عام 1864 وبلجيكا عام 1866 وهكذا أصبح الإضراب العمالي في الدول الرأسمالية حقا مشروعا معترفا به وأن كانت وضعت الكثير من القيود عليه وقد تضمنت الكثير من دساتير دول العالم الحق للطبقة العاملة بالإضراب عن العمل .

بدأت الحركة الصناعية في العراق متأخرة منذ أوائل الربع الأول من القرن العشرين حيث لا توجد في هذه الفترة إضرابات عمالية واسعة إلا إضراب عمال السكك الحديد في بغداد عام 1927 والإضراب العام سنة 1931 وكانت له صفة سياسية وقد صاحبته أعمال عنف وقسوة شديدة من جانب السلطات

وكذلك الإضرابات العمالية في 1936 وسنة 1937 والتي من أهمها إضراب عمال السكك في بغداد والموانئ في البصرة ,ثم إضراب عمال النفط الواسع في كركوك صيف عام 1946 حيث أطلقت السلطات النار على العمال المضربين في مجزرة كار وباغي الشهيرة حيث قتل وجرح فيها عدد كبير من العمال ووقعت كثير من الإضرابات العمالية في العراق

حتى آخر إضراب عمالي عام 1968 في شركة الزيوت النباتية الذي أجهزت عليه السلطات البعثية بكل قسوة وحكمت بالإعدام على قادة العمال المضربين في حينه عبد جاسم وعدنان غضبان وأستشهد العامل جبار لفته وجرح عامل آخر و جرى توقيف أكثر من ثلاثين عاملا من المضربين عن العمل .

وكان هذا أخر إضراب عمالي كبير في العراق , وكان لحركة الإضرابات العمالية أثر فعال في تقوية الحركة العمالية والنقابية .

الإضراب في تشريع العمل

يقصد به امتناع العمال جماعيا ,امتناعا مؤقتا ,عن العمل الواجب عليهم بمقتضى عقود العمل ,نتيجة منازعات العمل التي تحدث بينهم وبين أصحاب العمل وبنية الرجوع إلى العمل بعد حسمها ,وعليه يتصف الإضراب عن العمل بالصفة الجماعية والامتناع المؤقت عن العمل ,لذا لا يعتبر امتناع أحد العمال عن العمل إضرابا بالمعنى المقصود هنا وكما لايعتبر ترك العمل بصورة نهائية إضرابا ,والإضراب أنواع بحسب نوعيته وكيفيته ومداه وبواعثه ونتائجه .

فقد يكون ألإضراب اعتياديا وعلنيا بترك العمال محل العمل وعدم المجيء إليه في وقت العمل وعدم العودة أليه إلا بعد تنفيذ مطالبهم , وقد يكون إلأضراب باستمرار العمل مع التقاعس فيه والتباطؤ وعرقلة الإنتاج ويسمى إضراب التباطؤ أو الإضراب بالقطارة ,وقد يكون إضرابا مع الاعتصام وهذا يعني أن العمال يبقون في محلات عملهم وهم متوقفون عن العمل ولا يسمحون لغيرهم حتى أصحاب العمل بالدخول ,

قد يكون الإضراب عاما ويشمل جميع العمال في جميع إنحاء البلد وتقوم به غالبا النقابات واتحاداتها والاتحاد العام وهو من أكثر الإضرابات تأثيرا وتترتب عليه أثار اقتصادية وسياسية واجتماعية كبيرة وحدث مثل هذا الإضراب فعلا في العراق عام 1931 وكانت الصفة السياسية هي الغالبة عليه ,

وقد يكون الإضراب جزئيا وهو الذي يحدث في مشروع معين أو منطقة معينة دون الأخرى ويخص قسما من العمال والإعمال والإضراب قد يكون مؤقتا سواء لوقت طويل أو قصير وغالبا ما يكون هذا الإضراب إنذارا أو تحذيرا على أمر معين مهنيا أو سياسيا ,وقد يكون الإضراب غير مؤقت يستمر لحين الاستجابة لمطالب العمال ,

والإضراب قد يكون مهنيا يقوم به العمال للمطالبة بحقوقهم المهنية كزيادة الأجور أو تخفيض ساعات العمل ,وربما يكون الإضراب اقتصاديا ويشمل جميع المواطنين بالإضافة للعمال للاحتجاج على إجراءات اقتصادية حكومية كفرض ضريبة أو أتباع سياسة التحول نحو اقتصاد السوق وخصخصة مشاريع القطاع العام أو الاحتجاج على السياسة الكمركية ,والإضراب السياسي يقوم به الإفراد والعمال للاحتجاج لأسباب سياسية للمطالبة بالحقوق العامة .

وللإضراب أثار اقتصادية مختلفة على المجتمع والعمال وأصحاب العمل فهو يؤخر ويقلل الإنتاج وتحصل تقلبات في عرض وطلب السلع والخدمات والأسعار ويقلص حجم الطلب الكلي على البضائع والسلع ,وللإضراب أيضا أثارا اجتماعية على العمال وأصحاب العمل وتترك أثار نفسية على الجميع ,كذلك للإضراب أثار قانونية كثيرة منها ما يتعلق بعقد العمل , والتزامات وحقوق الغير.

الإضراب عن العمل في التشريع العراقي

يطلق على الإضراب عن العمل في التشريع العراقي التوقف عن العمل وهو غير معاقب عليه قانونا أذا ما وقع لأسباب تتعلق بالمهنة أو الحرفة,

والحق بالإضراب ورد في أغلب تشريعات العمل العراقية السابقة فقد عرف نظام المصالحة والتحكيم لحسم منازعات العمل المهنية لسنة 1954 الإضراب (( توقف جماعة من العمال تعمل بتضامن عن العمل )) وقانون العمل رقم 1 لسنة 1958 عرف الإضراب (( أتفاق مجموعة العمال أو المستخدمين أو أكثرهم في مشروع أو مشاريع على التوقف عن العمل بشأن أمور تتعلق بشروط العمل والاستخدام وأحوالهما))

وأشارت المادة 136- أولا من قانون العمل رقم 71 لسنة 1987 النافذ إلى هذا الحق (( أولا – أذا أمتنع صاحب العمل أو أصحاب العمل عن تنفيذ قرار هيئة قضايا العمل في محكمة التمييز ’بعد ثلاثة أيام من تاريخ تبلغهم به ,جاز للعمال أصحاب العلاقة أن يتوقفوا عن العمل وتحسب لهم مدة التوقف خدمة يستحقون عنها جميع حقوقهم المقررة قانونا ,ويعاقب أصحاب العمل عن عدم التنفيذ .

ثانيا- على العمال أن يبلغوا وزير العمل والشؤون الاجتماعية ورئيس الاتحاد العام لنقابات العمال معا ,بأجراء التوقف عن العمل الذي يتخذونه فور مباشرتهم له ,وإن يبينوا الأسباب التي حملتهم على ذلك والاحتياطات التي اتخذوها للمحافظة على الأمن والنظام وحماية وسائل الإنتاج ومقر العمل )) ,

وأعطى المشرع في قانون أدارة الدولة الانتقالية للعمال الحق بالتظاهر والإضراب سلميا ولكن الدستور أغفل الإشارة إلى هذا الحق وننتظر صدور قانون عمل جديد استنادا للدستور لمعرفة رأي المشرع في حق الطبقة العاملة بالإضراب .

حّرم القانون العراقي الإضراب عن العمل للموظفين والعمال في الدوائر الرسمية وشبه الرسمية والمصالح العامة في المادة330 – 331 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969, كما حرمته التشريعات السابقة وأعتبرته جريمة يعاقب عليها بالحبس والغرامة.

وقد رسم المشرع العراقي في قانون العمل النافذ طريقا طويلا أمام الطبقة العاملة لممارسة حقها بالإضراب لتسوية خلافات العمل ذات الأثر على المصلحة المشتركة للعمال التي تنشأ بينهم وبين أصحاب العمل في مشروع واحد أو أكثر في نطاق مهنة واحدة أو أكثر ولم يطلق على هذه الخلافات صفة منازعات الأ بعد أن تستعصى على الحل بالطريق الذي رسمه المشرع في المواد 131- 132-133 – 134-135 من قانون العمل باستخدام أسلوب التوفيق والتحكيم وأعطى للعمال الحق بالتوقف عن العمل وتعد مدة التوقف خدمة لهم لكل أغراض القانون وكما عاقب أرباب العمل لعدم تنفيذ قرارات محكمة التمييز هيئة قضايا العمل .

الحقيقة التي نسجلها أن الحكومات العراقية المتعاقبة تتطير من الإضراب وأنها تحاول منعه بكل الوسائل وقمع القائمين به بكل قسوة وشدة فالمشرع يجيز الإضراب ولكن السلطات التنفيذية تقف بالمرصاد بوجه الطبقة العاملة لممارسة حقها بالإضراب عن العمل لذا نرجو إن يضمن التشريع القادم لقانون العمل

خصوصا وأنه يأتي في ظل اقتصاد السوق الذي رسمه الدستور طريقا للاقتصاد العراقي الحق للعمال في جميع قطاعات العمل بالإضراب بدون قائمة شروط طويلة تعيق العمال عن ممارسة حقهم وإلغاء كافة الفقرات القانونية أينما وردت التي تعتبر الإضراب عن العمل أخلالا ب((المصالح القومية )),و((الأوضاع الاستثنائية )),و((حالات الطوارئ)) ,((ومكافحة الإرهاب )) وإلغاء النصوص الواردة في قانون العقوبات التي تعتبر توقف العاملين في القطاع العام جريمة يعاقب عليها

,وأن يضمن القانون حق العمال بالاعتصام أمام المؤسسات, وإيقاف العمل بصورة مؤقتة احتجاجا على ممارسات أصحاب العمل, وأن يمنع القانون استخدام كاسري الإضراب أو قوات الجيش والأمن للحلول محل المضربين في المؤسسات الخاصة والعامة.

أعطى قانون العمل الجديد للعمال حق الإضراب السلمى بالقيود والضوابط المبينة فيه ، كما أعطى فى المقابل أصحاب الأعمال حق الإغلاق الكلى أو الجزئى للمنشاة أو تقليص حجمها أو نشاطها بما يمس حتما حجم العمالة بها .
والوضع فى هذا السياق كما لو أن حق العمال فى استخدام وسيله الإضراب السلمى جاء موازيا ومساويا لحق صاحب العمل فى تصفيه المنشأة أو التوقف عن العمل بها أو تقليص نشاطها ولكن ذلك بعيد عن الواقع .

تعريف الإضراب

الإضراب – فى التعريف القانونى – هو امتناع جماعه من العمال عن تأدية أعمالهم بقصد الضغط على صاحب العمل حتى يستجيب لمطالبهم….
فهو أداه مشروعه ، وسلاح فعال يلجأ إليه العمال بعد استنفاد كل وسائل المطالبة والتفاوض الودى، وبعد وصولهم مع صاحب العمل إلى طريق مسدود .

وعلى ذلك فقد عرفت تشريعات العمل السابقة على صدور القانون ( القانون 91 لسنة1959 ) هذا الحق وأقرته ، ولم يكن مقيدا سوى بقيد واحد هو ما نصت عليه المادة ( 209) من ذات القانون التى تنص على أنه : ” يحظر على العمال الإضراب أو الامتناع عن العمل كليا أو جزئيا إذا ما قدم طلب التوفيق أو أثناء السير فى إجراءاته أمام الجهة الإدارية المختصة أو لجنه التوفيق أو هيئة التحكيم “

أما القيود الواردة على حق العمال فى الإضراب فى القانون الجديد فتتمثل فى الآتى:

1-أن تكون ممارسه هذا الحق من خلال المنظمات النقابية فلا تستطيع جماعه من العمال بغير موافقة اللجنة النقابية فى المنشأة – حتى لو كانت هذه اللجنة منحازة لصاحب العمل أو خائفة منه – تقرير ممارسه هذا الحق …. أو حتى لو كان رأى العمال يمثل الأغلبية ورأى اللجنة يمثل الأقلية.

2- يشترط موافقة ثلثى أعضاء مجلس إدارة النقابة العامة على قرار الإضراب …
وأيضا لا تستطيع اللجنة النقابية القيام بالإضراب إلا بعد موافقة مجلس إدارة النقابة العامة بأغلبية الثلثين وهذا يعنى أن أقلية فى مجلس إدارة النقابة العامة (8 من 21 ) تملك إحباط أى إضراب حتى لو كان يوافق عليه الآلاف من عمال المنشأة.

3-يشترط قيام اللجنة النقابية بعد موافقة النقابة العامة بإخطار كل من صاحب العمل والجهة الإدارية المختصة (مكتب القوى العاملة) قبل التاريخ المحدد للإضراب بعشرة أيام على الأقل باعتزامهم الإضراب وذلك بكتاب مسجل بعلم الوصول ، فإذا لم يكن بالمنشأة لجنه نقابية يكون الإخطار من مسئولية النقابة العامة المعنية .

وبشرط أن يتضمن الإخطار – فى جميع الحالات – الأسباب الدافعة للإضراب والمدة الزمنية المحددة له.

ومهله الإخطار – عشرة أيام – قد تحبط الإضراب لأنها تسمح لصاحب العمل بأن يتخذ الاحتياطات والتدابير التى يتوصل من خلالها لإحباط الإضراب وإفشاله فلا يحقق الهدف منه وهو الضغط على صاحب العمل للاستجابة لمطالب العمال .

هذا وقد أكد المشرع أنه يحظر على العمال الإضراب نهائيا – فى الحالات التالية :

أ‌-إذا كان الغرض من الإضراب هو تعديل اتفاقيه العمل الجماعية أثناء مده سريانها.. وكذلك خلال جميع مراحل وإجراءات الوساطة والتحكيم …….
وهو أمر غريب … فقد تطرأ ظروف اقتصادية تجعل هذه الاتفاقية الجماعية لا تتناسب مع الظروف المستجدة التى يعيشها العمال ( ارتفاع الأسعار مع ثبات المرتبات مثلا ) فيكون على العمال محاولة التفاهم مع صاحب العمل لتعديل بنودها حتى يتحقق لهم القدر المناسب من العدالة .

ب‌إذا كانت المنشأة التى يعمل بها العمال من المنشات الاستراتيجية أو الحيوية التى يترتب على توقف العمل فيها الإخلال بالأمن القومى أو اضطراب الحياة اليومية للمواطنين … (وقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1185 لسنه 2003 بتحديد هذه المنشآت ) وهذه القيود على حق الإضراب جعلت الخبير العمالى الدكتور على عوض يقول أن المشرع قد ( سلب حقوق العمال بالشمال ما أعطاه لهم باليمين ، فضلا عن وضع قيود صعبه على ممارسة حق الإضراب ).

حق الغلق الكلى أو الجزئى

أعطى القانون لصاحب العمل – إذا مرت المنشاه بظروف اقتصادية غير مواتية – الحق فى الإغلاق الكلى ( غلق كل المنشأة وتصفيه الأعمال بها ) أو الجزئى ( أى غلق جزء من المنشأة أو تقليص حجمها أو نشاطها ) بما يمس حجم العمالة بها … ووضع مجموعه من الشروط والإجراءات التى ينبغى على صاحب العمل الالتزام بها وهى :-

1-أن يتقدم صاحب المنشأة بطلب إغلاق المنشأة كلياً أو جزئيا إلى اللجنة المشكلة لهذا الغرض ( وقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 984 لسنه 2003 بشأن تشكيل اللجان المحلية للبت فى طلبات الإغلاق ،

واللجنة المركزية للتظلم من قرارات هذه اللجان ) .

على أن يتضمن الطلب المقدم الأسباب التى يستند عليها صاحب العمل فى طلب الإغلاق …
كما يضمن الطلب عدد العمال المقترح الإستغناء عنهم ….

2-تبت اللجنة فى الطلب خلال ثلاثين يوما على الأكثر من تاريخ تقديم الطلب بها ، وان يكون قرارها بقبول الطلب أو رفضه مسببا … فإذا كان القرار هو قبول الطلب يجب أن يتحدد فيه تاريخ تنفيذه .

3- إذا ما كان القرار هو قبول الطلب يكون من حق العمال أن يتظلموا منه أمام اللجنة المركزية للتظلمات ، ويترتب على التظلم وقف تنفيذ قرار اللجنة إلى حين بت لجنه التظلمات ….( معلوم أن تشكيل اللجنتين ( لجنه البت فى طلب الإغلاق، ولجنه التظلم من القرار ) يتضمن ممثلا عن المنظمة النقابية العمالية المعنية يرشحه الاتحاد العام للعمال.

4- على صاحب العمل إخطار العمال والمنظمة النقابية المعنية ( اللجنة النقابية إن وجدت أو النقابة العامة ) بالطلب المقدم منه، وبالقرار الصادر بالإغلاق الكلى أو الجزئى للمنشأة أو بتقليص نشاطها.

5-يتعين على صاحب العمل عند تنفيذ القرار الصادر بالإغلاق الجزئى للمنشأة أن يتشاور فى هذا الشأن مع اللجنة النقابية بعد صدور القرار وقبل التنفيذ لوضع الأسس والمعايير الموضوعية لإختيار من سيتم الإستغناء عنهم من العمال …. ويجب أن يراعى فى هذه الأسس والمعايير الموازنة بين مصالح المنشأة ومصالح العمال …وتعتبر الأقدمية والأعباء العائلية والسن والقدرات والمهارات المهنية للعمال من المعايير التى يستأنس بها فى هذا الشأن.

6- يحظر القانون على صاحب العمل التقدم بطلب الإغلاق الكلى أو الجزئى للمنشأة أو تقليص حجمها أو نشاطها أثناء مراحل الوساطة والتحكيم .

هذا وقد أجاز القانون لصاحب العمل فى الحالات التى يحق له إنهاء العقد لأسباب إقتصادية.

( بعد صدور القرار بالإغلاق الجزئى ) أجاز له بدلا من استخدام هذا الحق أن يعدل من شروط العقد – بصفة مؤقتة – وله أن يكلف العامل بعمل غير متفق عليه ولو كان يختلف عن عمله الأصلى ، كما أن له إن ينقص أجر العامل بما لا يقل عن الحد الأدنى للأجور …..

فإذا ما رفض العامل قبول هذه التعديلات فى الوظيفة أو الأجر فله أن ينهى عقده دون أن يلتزم بإخطار صاحب العمل. وللعامل هنا الحق فى
مكأفاه تعادل الأجر الشامل لشهر عن كل سنة خدمه من السنوات الخمس الأولى، وشهر ونصف عن كل سنه من السنوات التالية وحتى موعد الخروج .
فإذا ما إنتهت علاقة العمل فيجب على صاحب العمل أن يؤدى للعامل أجره وجميع المبالغ المستحقة له فورا… (م 38)

بمعنى إن للعامل الحق فى الاستمرار فى العمل – رغم قرار الإغلاق – حتى إستلام كافه مستحقاته من أجور ومبالغ تعويض ورصيد الإجازات ….. الخ

تختلف النظرة إلى الإضراب من بلد لآخر باختلاف الفلسفة السائدة في هذا المجتمع أو ذاك، فأغلب التشريعات ترى في الإضراب وسيلة للحصول على الحقوق المسلوبة ونتيجة لتطور الديمقراطية وقضية حقوق الإنسان بدأ العمال و موظفي المرافق العامة يحصلوا شيئا فشيا على حقوقهم وهذا تدريجيا حتى حصلوا على أقدس حق كانوا محرومين منه منذ قرون طويلة وهو حق الإضراب،

لهذا أخذت معظم الدول تنظم هذا الجانب بسن قوانين وتنظيمات سعيا لأحاطته بمجموعة من القواعد التي تنظم ممارسته في بعض الأنشطة والقطاعات، وتحد منه في قطاعات أخرى ومنعه وتحريمه في ميادين الأنشطة الأساسية ذات الطابع الحيوي للمجتمع، إذ نجد دول تعتنق حق الإضراب خاصة في الدول المتقدمة كالولايات المتحدة الأمريكية وأسبانيا وإيطاليا وفيما يخص الدول العربية فالأمر يختلف من بلد لآخر كمصر والمغرب ولبنان…

أما عن الدول التي ترفض اعتناقه – الإضراب كبعض دول أوربا الشرقية خاصة ذات النظام الاشتراكي كروسيا، فلم يكن هناك مجال لحق الإضراب في دولة العمال لأنه لا يمكن للعامل أن يقوم بإضراب ضد نفسه وفيما يلي تفصيل لذلك.

الجزء الأول : الإضراب في بعـض التشريعات الغربية

إن اغلب دول العالم خاصة المتقدمة منها تعترف بالإضراب كحق من الحقوق الإنسانية السامية وهذا الاعتراف عادة ما يكون في نص قانوني، غالبا ما يتضمنه الدستور وتأتي النصوص التنظيمية التكميلية لتحديد كيفية ممارسته، والملاحظ في هذا المجال هو أن الاعتراف بحق الإضراب جاء في الكثير من هذه الدول متأخرا.

ففي ألمانيا الاتحادية – سابقا – فالأمر يختلف من مقاطعة لأخرى، حيث يتفاوت اعتراف هذه المقاطعات بحق الائـتلاف فقط، نظرا لعدم الاعتراف الرسمي بالإضراب في الدستور الفيدرالي فعلى سبيل المثال نجد المادة التاسعة من القانون الأساسي لمنطقة بون(Bon) لا تعترف بحق الإضراب وإنما تقر بحرية التحالف، وإنما في بعض المحافظات للجمهورية الفدرالية الألمانية تعترف بحق الإضراب بدون أي تحديد أما باقي المحافظات فهي تعترف بة في الإطار الحقوق الأساسية كما هو منصوص عليه في القانون الأساسي لمنطقة Bon،

وما يمتاز به حق الإضراب في الجمهورية الفدرالية الألمانية هو أن حق الإضراب لا يسمح بة إلا إذا كان مصدره النقابة، ونجد كذلك أن القانون الصادر بتاريخ 29 /مايو/ 1949 في المادة الرابعة فقرة 33 تقضي على أن: ” الإضراب يعد عنصر لا يتماشى والعلاقات الودية للقانون العام “، ومن ثمة فالموظفين والعمال الذين يعملون في المصالح المختلفة للدولة يمنع عليهم ممارسة الإضراب، وأي مخالفة لهذا الأمر يعرض صاحبه – العامل أو الموظف المضرب – لعقوبات تأديبية من طرد أو إقالة العمل.

أما في إيطاليا فلم يعترف للعمال بحق الإضراب إلا بمقتضى دستور 01 /يناير/ 1984، وذلك ما قضت به المادة 40 منه بقولها: “حق الإضراب يمارس في حدود القوانين المنظمة له.”، ووفقا لهذا النص فالإضراب لا يؤدي إلى قطع علاقة العمل أو الحكم بالتعويضات على اثر القيام به، و إنما يؤدي فقط إلى توقف علاقة العمل مدة الإضراب.

ولقد نصت المادة 330 من القانون الجنائي الإيطالي في هذا المجال على أن ترك العمل من جماعة العمال يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي، إذا كان هؤلاء العمال أمام واجب عام (سواء كان مصلحة عامة أو خدمة عامة)، فـفي بداية الأمر طبق هذا القانون على عمال الخدمات العامة وعمال القطاع الخاص الذين يعملون في مؤسسات ملتزمة بأداء خدمات عامة إلا انه في سنة 1950 اعترف المجلس الدستوري الإيطالي بمشروعية إضراب عمال الدولة وبصدور القرار رقم 123 الصادر بتاريخ 28 ديسمبر 1962،

لم يعد يعمل بنص المادة 330 المذكور أعلاه و إنما نص على أنها تطبق في بعض الحالات التي ترى ضرورة في ذلك أي عند وجود المصالح العامة المقررة من طرف الدولة في خطر، ومنذ ذلك زاد دور المحكمة العليا في مراقبة كل حالة تطرح أمامها،وبذلك توصلت إلى تحديد الشروط الواجب توافرها من اجل القيام بالإضراب.

وبعد ذلك أصدرت إيطاليا قانون رقم 90-146 المؤرخ في12 /يونيو/1990 المتعلق بالإضراب في القطاع العام وحاول تنظيم هذا الحق – الإضراب- فقد نصت المادة الأولى من هذا القانون على أن الخدمات العامة الخاصة أو الضرورية هي التي تكون الغرض منها الانتفاع بالحقوق الشخصية المحمية دستوريا، وان تكون هذه الخدمات تؤدي سواء عن طريق الامتياز أو العقد،

كما أوجب هذا القانون الإشعار بوقوع الإضراب بخمسة عشر يوما على الأقل من قبل، وبالمقابل وضع وقرر عقوبات لكل من يخالف هذه الشروط، وهذا ما نصت عليه المادة الرابعة من القانون المذكور أعلاه.

فإضراب الموظف العام في إيطاليا يرون فيه عدم اتفاقه مع متطلبات المرافق العامة، وفي هذا المجال وضعت طرق متعددة لحل جميع متطلبات الموظفين ومثال ذلك المؤسسات التحكمية والمفاوضات المباشرة دون اللجوء إلى الإضراب الذي يعتبرونه وسيلة من وسائل العنف التي لا تنسجم والمواطن الإيطالي.

بينما في أسبانيا والبرتغال لم يصبح حق الإضراب مشروعا إلا في سنة 1977 وقبل هذا العام كان يتم إخفاء كل خلاف يقع بين العمال وأصحاب العمل تحت شعار الدفاع عن الوطنية،

إلا انه بعد ذلك تم تنظيم حق الإضراب بنصوص قانونية واعترف بة دستوريا، ففي أسبانيا وبعد انتهاء نظام فرانكو وبصدور المرسوم الملكي رقم 17 الصادر في 04 مارس1977 والخاص بعلاقات العمل والذي اعترف بحق الإضراب وحق غلق المصنع من طرف رب العمل، كما نص دستور27ديسمبر1978 في المادة الثانية الفقرة 28 بقولها:” القانون الذي ينظم استعمال حق الإضراب سيؤسس الضمانات الضرورية لاستمرار أداء الخدمات” .

ومن بين تشريعات الدول الأوروبية التي احتوت على أطور قواعد قانونية لحق الإضراب نجد الدستور المكسيكي في جزئه المتضمن الإعلان بالحقوق الاجتماعية في الفرع23 المادة الأولى والتي تقضي بأن: ” الإضراب والوقف عن العمل قد يعترف بهما كحق للعمال وأرباب العمل وفقا للقانون.” والفقرة الموالية تنص في مضمونها: ” أن الإضرابات تكون قانونية حيث الهدف منها وضع توازن بين عوامل الإنتاج بالتوفيق بين حقوق العمال وحقوق أصحاب العمل .”

أما عن بلغاريا التي اعترفت باللجوء إلى الإضراب بصدور القانون المؤرخ في 06 مارس 1990 والمتعلق بتنظيم المنازعات الجماعية حيث ينص في المادة 10 منه على انه: ” إذا لم يؤخذ بطلبات العمال بعين الاعتبار ولم توجد لها آذانا صاغية تستجب لها، فإنهم يقومون بإضراب رمزي”، حيث توضع لافتات معبرة عن الرفض أو بطاقات أو إشارات أخرى رمزية ملائمة دون التوقف عن العمل.

واللجوء إلى الإضراب في بلغاريا يستوجب شروط وهي ضرورية لشرعيته ومن بينها المفاوضات المباشرة بين العمال ورب العمل والمنصوص عليها في المادة الثالثة من القانون المذكور.

وفي حالة فشل المفاوضات في حل النزاع فعلى أحد الطرفين أن يتوجه أما إلى الوزارة المعنية أو المجلس الشعبي البلدي أو الاتحاد التعاوني المختص، و إما إلى المديرية المركزية للتنظيم الاجتماعي كما نص القانون عن ضرورة إبقاء العمال داخل المؤسسة خلال الإضراب مدة العمل وان لا يعرقلوا سير العمل وهـذا ما نصت عليه المادة 12 بـقولها: ” يجب على العمال خلال الإضراب أن يبقوا بالمؤسسة خلال ساعات العمل،

ولا يمكن للعمال المضربين أن يقوموا بأي عمل يعرقل السير العادي للنشاط الذي لا يدخل في إطار واجبهم المهني”.

وفي الولايات المتحدة الأمريكية سمح لأول مرة بممارسة الإضراب في عام 1914 مع خضوعه لبعض الشروط .

ولقد لعب القضاء رغم هذه النصوص دورا هاما في الولايات المتحدة الأمريكية حين أعطى للإضراب القواعد التطبيقية الخاصة به، وعن عمال المرافق العامة فقد اعتبر التشريع الأمريكي إضراب أي موظف أو عامل من عمال المرافق العامة تنازلا فعليا عن عمله فلا يلاحق أمام المحاكم الجزائية ولا حتى أمام مجالس تأديبية، بل يعتبر مفصولا من وظيفته بشكل آلي، لأنه اخذ على عاتقه مسؤولية ترك العمل الوظيفي وتعطيل سير المرفق العام.

ووفقا لقانون تافت هرتليTafthartley) (الصادر في 23 /يونيو/ 1947 ومن خلال المادة 305 منه نجد انه منع كل شخص عامل مستخدم من طرف السلطات العامة أو من طرف إحدى أجهزتها أن يقوم بإضراب كما منع كذلك هذا القانون الشخصيات المعنوية والتي تعتبر ملك للدولة وهي جزء لا يتجزأ منها، وكل عامل أو موظف شارك أو قام بإضراب يفقد صفته كموظف لمدة ثلاثة سنوات.

وقد يكون النزاع الجماعي ممنوع مؤقتا بمعنى أن يمنع من أي خلاف أو أي نزاع بين العمال و أصحاب العمل بصفة مؤقتة، كما وقع بالأرجنتين خلال عام 1976 وفقا للقانون رقم 21263، بموجب هذا القانون أوقف استعمال حق الإضراب مؤقتا، ومنع بذلك استعمال أي أسلوب للدفاع من طرف العامل.

وهناك من الدول التي لا تعترف بالإضراب مطلقا ورأت في ذلك عدم تطابقه والإيديولوجية السياسية للبلاد ومن بين هاته الدول روسيا وذلك في دستورها الصادر بتاريخ 07 أكتوبر1977 والذي استمد نصوصه من الدستور الروسي السابق لسنة 1936 وخاصة ما جاءت بة المادة 60 منه،

ويتضح من نص هذه المادة بأن على العمال احترام قواعد العمل لان الإخلال أو التعدي على العمل يتنافى ومبادئ المجتمع الاشتراكي وكل خلاف أو نزاع عمالي يجب عرضه على المحاكم والتي أطلق عليـها تسـمية محـاكـم الرفـاق ،ومن المهام التي أوكلت لهذه المحاكم الحفاظ على تهذيب العامل داخل إطار اشتراكي واحتراما لمبادئ الحياة الاشتراكية .

وفي بريطانيا وخلال عام 1562 تم منع أي تحالف، ولقد نص القانون البريطاني على أن يعاقب كل تحالف دائم أو وقتي للعمال، وفي سنة 1824 صدر قانون الغي المنع المتعلق بتكوين تجمع يسمح بتأسيس تكتل مهني من اجل الدفاع عن المصالح المشتركة.

وعلى إثر إضراب وقع في سنة 1926 ظهر قانون29 /يوليو/1927 هذا الأخير صدر لتحديد حرية الإضراب بشكل ضيق ومشدد ومنع كل إضراب وكل غلق لأي مصنع بسبب التضامن مع الجماعة المضربة وهذا القانون الغي قي سنة 1945، وأصبح حق الإضراب مشروع قانونا، واستثنى المشرع حالة استعمال العنف.

الجزء الثاني :الإضراب في بعـض التشريعات العربية

من الدول العربية التي اهتمت بفكرة الإضراب نجد الجمهورية المصرية العربية، فـقد ورد حكـمه – الإضراب- في القانون رقم 24 لسنة 1951 بصورة رادعة حيث كان الإضراب في السابق لا تطالة أي عقوبات وان وجدت فلا تعتبر مشددة، الشيء الذي أدى إلى نشوب موجات الإضراب شملت جميع طوائف الموظفين تقريبا مما استلزم وجوب استصدار قانون جديد ليشدد بة العقوبات على الإضراب الغير الشرعي،إذا نصت المادة التاسعة من القانون رقم 02 لسنة 1977 الصادر في أعـقاب أحداث يومـي 18 و19 يناير 1977 على معاقبة العاملين الذين يضربون عن عملهم عمدا متفقين في ذلك،

أو لتحقيق غرض مشترك بالأشغال الشاقة المؤبدة، إذا كان من شأن هذا الإضراب تهديد الاقتصاد القومي، وقرر المشرع كذلك توقيع العقاب على المحرضين على الإضراب.

فبالنظر إلى القانون رقم 24 الصادر سنة 1951 يتبين أن المشرع المصري قسم عمال المرافق العامة إلى فئتين، فئة الموظفين العموميين (عمال المرافق العامة الني تدار بطريق الريجي ).

فقد شدد المشرع المصري العقوبة على الإضراب الذي يقع من ثلاثة فأكثر أو من موظف بمفرده فقد عوقب كل منهم بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تجاوز سنة وبغرامة لا تزيد عن مائة جنيه، وإذا كان ترك العمل أو الامتناع عن القيام بة من شأنه أن يحدث اضطرابا أو فتنة بين الناس أو إذا اضر بمصلحة عامة وقصد بذلك عرقلة سير العمل أو الإخلال بانتظامه.

فيعاقب فاعله بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تتجاوز خمسين جنيها، أما عن المحرضين فقد وضعهم المشرع في مركز خاص نظرا لخطورتهم البالغة فقرر لهم عقوبات خاصة تليق بخطورتهم وذلك ما قضت به المادة 124 من القانون السالف الذكر،

ولقد أضاف هذا القانون جميع الأجراء الذين يشتغلون بأية صفة كانت في خدمة حكومة أو في خدمة سلطة من السلطات الإقليمية أو البلدية أو القروية والأشخاص الذين يندبون لتأدية عمل معين من أعمال الحكومة أو السلطات المذكورة،

أما الفئة الثانية لعمال المرافق العامة فقد سوى قانون سنة 1951 بين جميع عمال المرافق العامة في تحريم الإضراب حيث لم يميز بين عمال مرافق الامتياز وغيرهم من الموظفين في تحريم الإضراب ولم يقتصر على ذلك بل شمل عمال المرافق العامة والمدارة بأي طريقة كانت وامتد هذا القانون إلى المستخدمين والأجراء الذين يقومون بخدمات عامة أو بعمل يسد حاجة عامة ولو لم يكن موضوعا لها نظام خاص وبذلك فهي تشمل عمال المشروعات الخاصة ذات النفع العام التي تؤدي خدمات هامة للجمهور، وان كانت لا ترقى إلى مرتبة المرافق العامة ،

كعمال شركات الصناعات الكبرى والمستشفيات الخاصة… فهؤلاء و أمثالهم يقومون “بعمل يسد حاجة عامة “ولم يوضع له نظام خاص كما هو الشـأن في المرافق العامة.

أما عن التشريع الأردني

فلم يتعرض المشرع فيه لتنظيم الإضراب، وبيان معالمه، واكتفى بالنص على خطر إضراب الموظفين في نظام الخدمة المدنية، ولقد اعتبر المشرع الأردني الإضراب غير مشروع نظرا لخطورة نتائجه وما يترتب عنه من أضرار وتعطيل لسير المرافق العامة باطراد،وعن العمال العاديين فلقد النص القانون الأردني على انه : ” لا يجوز لأي عامل أن يضرب دون أن يعطي صاحب العمل إشعار بالإضراب حسب الصورة المعنية بالأنظمة المختصة قبل مدة لا تقل عن أربعة عشرة يوما من تاريخ الإضراب، أما إذا كان العامل مستخدما في إحدى خدمات المصالح العامة ، فيكون إرسال الإشعار قبل مدة لا تقل عن ثمانية وعشرين يوما “.

ونعتقد أن منح المشرع الأردني لمدة الإشعار المسبق اعتبر بمثابة عرقلة للإضراب وخاصة في المصالح العامة.

أما في القانون العراقي فقد منع ممارسة الإضراب بنص المادة 346 من قانون العقوبات رقم 111 لعام 1969 والتي تقضي على انه: “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على مائتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل موظف أو مكلف بخدمة عامة ترك عمله ولو بالاستقالة أو امتنع عمدا عن واجب من واجبات وظيفته أو عمله متى كان من شان الترك أو الامتناع أن يجعل حياة الناس أو صحتهم أو أمنهم في خطر، وكان من شان ذلك أن يحدث إضرابا أو فتنة بين الناس أو إذا عطل مرفق عاما ويعد ظرفا متـشددا إذا وقع الفعل من ثلاثة أشخاص أو أكثر وكانوا متفـقين على ذلك أو متيقنين من تحقيق غرض مشتـرك،

أما عن نص المادة 365 من القانون المذكور أعلاه فقد قضت على معاقبة من يتعدى أو يشرع في الاعتداء على حق الموظفين أو المكلفين بخدمة عامة في العمل باستعمال القوة أو العنف أو الإرهاب أو التهديد أو أي وسيلة أخرى غير مشروعة.

وعن الإضراب في لبنان

فقد اعتبر في ممارسته جريمة يستحق فاعلها عقوبة جزائية ويصل هذا العقاب ليشمل أيضا أرباب الأعمال الخاصة والمستخدمين في القطاع الخاص في أحوال معينة، فقد نص القانون الجزائي اللبناني على عقوبة التجريد المدني للموظفين الذين يربطهم بالدولة عقد عام وذلك إذا اتفقوا على وقف أعمالهم أو على تقديم استقالتهم خاصة إذا أدى ذلك إلى عرقلة سير إحدى المصالح العام.

إلى جانب ذلك تطبيق عقوبة الحبس أو بالإقامة الجبرية مدة ثلاثة أشهر على الأقل في حالة توقف أحد أرباب العمل أو رؤساء المشاريع أو المستخدمين أو العمال بالتوقف عن العمل بقصد الضغط على السلطات العامة أو احتجاجا على قرار أو تدبير صادر عنها.

ونشير إلى أن المشرع اللبناني سعى لحماية انتظام سير المرافق العامة ذات الأهمية المتميزة لحياة الأفراد اليومية كمرافق النقل والمواصلات البريدية والتليفونية ومرافق المياه والكهرباء، فنص في هذا الصدد على معاقبة كل اغتصاب يقوم بة أكثر من عشرين شخصا بقصد توقيف وسائل النقل بين أنحاء لبنان أو بينه وبين البلدان الأخرى، والمواصلات البريدية والبرقية والتليفونية أو إحدى المصالح العامة المختصة بتوزيع المياه والكهرباء بالحبس وبالغرامة.

فبالرجوع إلى المرسوم التشريعي رقم112الصادرفي12 يونيو1959 المتعلق بنظام الموظفين فقد قضى على منع الموظفين القيام بالإضراب أو التحريض عنه، كما منح هذا المرسوم للإدارة سلطة اعتبار الموظف المضرب عن العمل مستقيلا من الوظيفة وله حق إحالته إلى المجلس التأديبي مع ما يستتبع تلك الاستقالة أو الإحالة من نتائج على أوضاع الموظف المالية.

أما عن الإضراب في المغرب فقد اعترف بحق الإضراب في الدستور المغربي الصادر عام 1962 في المادة 14 منه، واعتبرته وسيلة من الوسائل المشروعة للدفاع عن الحقوق النقابية وتحسين الأوضاع الاجتماعية للعمال وقد نصت المادة 13 منه على هذا الحق كذلك، ورغم دستورية حق الإضراب إلا انه في الميدان العملي كان هناك اعتداء من طرف السلطة على هذا الحق في الكثير من الأحيان بحجة عرقلة حرية العمل والإخلال بالنظام الداخلي للعمل وهذا الإجراء يقع ضمن العقاب الجنحي.

من الدول العربية نجد كذلك ليبيا التي تصت في القانون رقم 297058 الصادر في 01 مايو1970 حيث نصت المادة 150 منه على منع اللجوء إلى الامتناع عن العمل سواء من طرف العمال أو أصحاب العمل إلا باستنفاذ إجراءات التوقف مع سبقها باللجوء للتحكيم،

ولقد نصت المادة 151 من نفس القانون على أن حق الإضراب في ليبيا لم يعترف بة كليا إذ انه للعامل أو صاحب العمل الحق في الإضراب إذا صدر لصالح الطرفين حكم نهائي أو قرار من هيئة التحكيم أو كان محضر مجلس التوقف منهيا للنزاع وامتنع الطرف الآخر عن تنفيذه خلال أسبوع من تاريخ إغلاقه ،

فيجب أن يخطر أحد الطرفين كل من الطرف الآخر ومدير العام للعمل بالعزم على الإضراب أو وقف العمل بكتاب مسجل قبل الموعد المحدد لبدء الإضراب أو وقف العمل بأسبوعين على الأقل ، وعليه فالإضراب في التشريع الليبي معترف به لكن هذا الاعتراف مقيد مما ينقص من فعاليته في المجال العملي وبالتالي تنقص من وجوده ووجود نتائجه .

وعن التشريع السوداني

فقد جاء في بعض النصوص القانونية على انه يحظر على العمال والموظفين التوقف عن العمل كليا أو جزئيا، ويحظر على المستخدم قفل مكان العمل كليا أو جزئيا بسبب نزاع عمالي إلا في الحالات التالية:

قبل الدخول في المفاوضات.
بعد تقديم أي طرف طلب للتوقف مباشرة.
أثناء إجراءات التوقف.
بعد قرار الوزير أو المدير بإحالة النزاع إلى التحكيم مباشرة.
أثناء إجراءات التحكيم.

إما عن موقف القانون البحريني من الإضراب فقد نظم المشرع البحريني أحكام الإضراب بالنسبة للعاملين الخاضعين لقانون العمل أو أنظمة الخدمة المدنية بموجب المرسوم بقانون رقم (33) لسنة 2002 بإصدار قانون النقابات العمالية، فقد اعتبرت المادة (21) من ذلك المرسوم بقانون أن الإضراب وسيلة مشروعة للدفاع عن حقوق العمال ومصالحهم، وقد وضعت عدة ضوابط لذلك هي:

موافقة ثلاثة أرباع الأعضاء الذين تتألف منهم الجمعية العمومية للنقابة من خلال الاقتراع السري.

منح صاحب العمل مهلة لا تقل عن أسبوعين قبل الشروع في الإضراب، وإخطار الوزارة بذلك.

أن يكون الهدف من الإضراب تحقيق مطالب اقتصادية واجتماعية خاصة بالعمال.

عدم المساس بأموال الدولة وممتلكات الأفراد وأمنهم وسلامتهم. وكما استثنت الفقرة هـ من المادة 21 المذكورة بعض القطاعات الهامة والحساسة من الإضراب حيث جاء في تلك الفقرة (عدم جواز الإضراب في المرافق الحيوية الهامة وهي: الأمن – الدفاع المدني – المطارات – الموانئ- المستشفيات – المواصلات – الاتصالات السلكية واللاسلكية – الكهرباء – الماء)، كما تضمنت الفقرة ز من المادة 21 – عدم جواز اللجوء للإضراب إلا بعد تعذر الحل الودي بين العمال وصاحب العمل.

من خلال ما سبق توصلنا إلى أن اغلب تشريعات الدول الرأسمالية تعتبر الإضراب حقا مشروعا باعتباره من الوسائل الفعالة التي يلجأ إليها العمال للدفاع عن حقوقهم وذلك نتيجة لوجود طبقة كبيرة من أصحاب العمل مسيطرة على اليد العاملة بما تمتلكه من رأسمال قوي، وخوفا من تستغل هذه الفئة من العمال وتسخرهم لخدمة مصالحها – طبقة أصحاب العمل- حرص المشرع على أن يكفل للعمال حق الإضراب كسلاح للدفاع عن حقوقهم ومطالبهم.

أما عن تشريعات الدول الاشتراكية ففكرة الإضراب فيها غير مجسدة نظرا لان هذه الفكرة ترتبط أصلا بالمجتمع الطبقي لان الإضراب هو السلاح الفعال الذي يستخدم في صراع الطبقات، وبما أن المجتمعات الاشتراكية قد وضعت حدا لهذا الصراع، فإذا تم القيام بالإضراب من الناحية الفعلية فإنه سيقمع لاعتباره اعتداء صارخ على سلامة و أمن الدولة نفسها،

وما يجب تأكيده هو انه لا يمكن أن ننفي عدم وجود نزاعات أو خلافات عمالية جماعية في الدول ذات التوجه الاشتراكي، كالذي وقع في بولونيا سنة 1980 فحق الإضراب معترف بة بصفة مطلقة في القطاع الخاص، لان الاعتراف بة –الإضراب– في هذا القطاع ليس فيه مساس بالمصالح العليا للاقتصاد وبحسن سير المرافق الضرورية،

وإذا تم الاعتراف بة في بعض ميادين وقطاعات النشاط العام وجب تقييده ببعض الشروط لتجنب اللجوء إليه كأن يسبق مثلا بإخطار مسبق يمكن ممثلي المضربين والسلطة الوصية من اتخاذ كافة الاحتياطيات الوقائية وتعجيل الحلول الملائمة لتجنب وقوعه،لان زيادة الاختلافات بين العمال و أصحاب العمل يؤدي إلى سخط العمال .