جريمة زراعة نبات الخشخاش بقصد الاتجار في أحكام القانون والقضاء المصري

الطعن 7217 لسنة 54 ق جلسة 17 / 3 / 1985 مكتب فني 36 ق 70 ص 409 جلسة 17 من مارس سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ امين امين عليوه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جمال منصور وصلاح خاطر ومحمد عباس مهران ومسعود السعداوى.
———
(70)
الطعن رقم 7217 لسنة 54 القضائية

(1) مواد مخدره. تفتش “اذن التفتيش” “اصداره”. استدلال.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الاذن بالتفتيش. موضوعي.
خلو اذن التفتيش من بيان اسم المأذون بتفتيشه كاملا او تحديد محل اقامته لا ينال من صحته طالما أنه الشخص المقصود بالأذن.
(2) مواد مخدرة. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. اثبات “بوجه عام”. “قرائن” “شهود” “خبرة”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
حق محكمة الموضوع في ان تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن اليه طالما كان له مأخذه الصحيح من الأوراق.
لها وزن اقوال الشهود وتقديرها. لا يجوز المجادلة في ذلك امام محكمة النقض.
(3)اثبات “خبرة”. نيابة عامة. مأمورو الضبط القضائي “اختصاصهم”. تحقيق. استدلال. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”.
لعضو النيابة كرئيس للضبطية القضائية وصاحب الحق في أجراء التحقيق الاستعانة بأهل الخبرة دون خلف يمين. اساس ذلك؟
(4)اثبات “بوجه عام” “شهود”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”.
لا يشترط في الدليل في المواد الجنائية ان يكون صريحا ولا مباشراً على الواقعة المراد اثباتها. كفاية ان تكون مؤدية الى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجربة المحكمة.
(5)مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة “اركانها”. اثبات “بوجه عام”. نقض “اسباب الطعن. ما لا يقبل منها”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
زراعة نبات الخشخاش بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها ما دام استخلاصه سائغا.

————–
1 – من المقرر ان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الامر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الامر فيها الى سلطة التحقيق تحت اشراف محكمة الموضوع وان القانون لا يشترط شكلا معينا لاذن التفتيش فلا ينال من صحته عدم تحديد موقع الزراعة او خلوه من بيان اسم المأذون بتفتيشه كاملا او تحديد محل اقامته طالما انه الشخص المقصود بالإذن.
2 – لمحكمة الموضوع كامل الحرية في ان تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن اليه طالما ان لهذا الدليل مأخذه الصحيح في الأوراق وان تحصل اقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما تحصل لا تحرف الشهادة عن مضمونها ولا يشترط في شهادة الشاهد ان تكون واردة على الحقيقة المراد اثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفى ان يكون من شأن تلك الشهادة ان تؤدى الى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجربة محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى رواه مع عناصر الاثبات الاخرى المطروحة امامها. ومن ثم فان منازعة الطاعن في القوة التدليلية لأقوال الشاهد.. على النحو الذى اثاره في اسباب طعنه لا تعدو ان تكون جدلا موضوعيا في تقدير ادلة الدعوى مما لا تجوز اثارته امام محكمة النقض.
3 – من المقرر ان عضو النيابة بوصف كونه صاحب الحق في اجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية طبقا للمادتين 24 و31 من قانون الاجراءات الجنائية وكانت المادة 29 من هذا القانون تجيز لمأموري الضبط القضائي اثناء جمع الاستدلالات ان يستعينوا بأهل الخبرة وان يطلبوا رأيهم شفهيا او بالكتابة بغير حلف يمين، فانه ليس ثمة ما يمنع من الاخذ بما جاء بتقرير الخبير المقدم في الدعوى ولو لم يحلف مقدمه يمينا قبل مباشرة المأمورية على انه ورقة من اوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة للمحكمة وعنصرا من عناصرها ما دام انه كان مطروحا على بساط البحث.
4 – من المقرر انه لا يشترط في الدليل في المواد الجنائية ان يكون صريحا ودالا مباشرة على الواقعة المراد اثباتها بل يكفى ان يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، واذ كان ما اورده الحكم – على النحو المتقدم بيانه – يؤدى الى ما رتبه عليه ويقوم به الدليل على توافر علم الطاعن بحقيقة نبات الخشخاش المزروع بحقله توافرا فعليا ويسوغ به اطراح دفاع الطاعن في هذا الخصوص ويتحقق به القصد الجنائي لجريمة الزراعة التي دين بها كما هي معرفة به في القانون.
5 – من المقرر ان زراعة نبات الخشخاش بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها ما دام استخلاصه سائغا تؤدى اليه ظروف الواقعة وادلتها وقرائن الاحوال فيها، وكان ما اورده الحكم في تحصيله للواقعة وسرده لمؤدى اقوال الضابط مرتبا على ذلك القول “بأن المتهمين قصدوا من زراعة نبات الخشخاش المضبوط انتاج مادة الافيون التي تستخلص من هذا النباتات والاتجار فيها”.. فان ما اورده الحكم في ذلك يكفى لإثبات هذا القصد وفى اظهار اقتناع المحكمة بثبوته من ظروف الواقعة التي اوردتها وادلتها التي عولت عليها.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخران بأنهم زرعوا بقصد الاتجار نبات. ممنوع زراعته “خشخاش” في غير الاحوال المصرح بها قانونا. وطلبت احالتهم الى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة. ومحكمة جنايات…. قضت حضوريا للأول “الطاعن” وغيابيا للثاني والثالث في 18 من مارس سنة 1984 عملا بالمواد 28، 34 ب، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 40 لسنة 1966 والقانون 61 لسنة 1977 والبند 2 من الجدول رقم 5 الملحق بالقانون الاول مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل متهم بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة ثلاث سنوات وتغريم كل منهم ثلاث آلاف جنيه وامرت بمصادرة النباتات المضبوطة. وذلك بعد ان اجرت تعديلا في وصف التهمة فجعلته: زرعوا نبات الخشخاش الممنوع زراعته في جمهورية مصر العربية بقصد انتاج مادة الافيون منه وذلك في غير الاحوال المصرح بها قانونا. فطعن المحكوم عليه الاول (الطاعن) في هذا الحكم بطريق النقض… الخ.

المحكمة
حيث ان مبنى الطعن هو ان الحكم المطعون فيه اذ دان الطاعن بجريمة زراعة نبات الخشخاش بقصد الاتجار قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في الاسناد وتطبيق القانون. ذلك ان الحكم اطرح دفعه ببطلان اذن النيابة لابتنائه على تحريات غير جدية وانتفاء القصد الجنائي لديه بما لا يكفى ولا يسوغ به اطراحه واستدل بشهادة… رغم انها جاءت مؤيدة لدفاعه القائم على عدم علمه بكنه الزراعة المضبوطة في حقله واخذ بتقرير الخبير رغم عدم حلفه اليمين وأخطأ الحكم اذ اسند الى الضابط قوله ان الطاعن ضبط وهو قائم بتقطيع النباتات على خلاف الثابت بالأوراق، ودانه بالمادة 34/ ب من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات التي تعاقب على الزراعة بقصد الاتجار دون ان يتحدث استقلالا عن هذا القصد – كل ذلك يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة زراعة نبات الخشخاش بقصد الاتجار في غير الاحوال المصرح بها قانونا التي دان الطاعن بها واورد على ثبوت في حقه ادلة مستمدة من اقوال شهود الاثبات ومن تقرير مركز البحوث الزراعية وهى ادلة سائغة من شأنها ان تؤدى الى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر ان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الامر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الامر فيها الى سلطة التحقيق تحت اشراف محكمة الموضوع وان القانون لا يشترط شكلا معينا لاذن التفتيش فلا ينال من صحته عدم تحديد موقع الزراعة او خلوه من بيان اسم المأذون بتفتيشه كاملا او تحديد محل اقامته طالما انه الشخص المقصود بالإذن. ولما كانت المحكمة قد سوغت الامر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في ان لها اصل ثابت في الأوراق، فان النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديدا. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في ان تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن اليه طالما ان لهذا الدليل مأخذه الصحيح في الأوراق وان تحصل اقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما تحصل لا تحرف الشهادة عن مضمونها ولا يشترط في شهادة الشاهد ان تكون واردة على الحقيقة المراد اثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفى ان يكون من شأن تلك الشهادة ان تؤدى الى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجربة محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى رواه مع عناصر الاثبات الاخرى المطروحة امامها. ومن ثم فان منازعة الطاعن في القوة التدليلية لأقوال الشاهد.. على النحو الذى اثاره في اسباب طعنه لا تعدو ان تكون جدلا موضوعيا في تقدير ادلة الدعوى مما لا تجوز اثارته امام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر ان عضو النيابة بوصف كونه صاحب الحق في اجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية طبقا للمادتين 24 و31 من قانون الاجراءات الجنائية وكانت المادة 29 من هذا القانون تجيز لمأموري الضبط القضائي اثناء جمع الاستدلالات ان يستعينوا بأهل الخبرة وان يطلبوا رأيهم شفهيا او بالكتابة بغير حلف يمين، فانه ليس ثمة ما يمنع من الاخذ بما جاء بتقرير الخبير المقدم في الدعوى ولو لم يحلف مقدمه يمينا قبل مباشرة المأمورية على أنه ورقة من اوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة للمحكمة وعنصرا من عناصرها ما دام انه كان مطروحا على بساط البحث. هذا فضلا عن ان البين من محضر جلسة المحاكمة ان الطاعن لم يثر شيئا عما ادعاه من بطلان التقرير. ومن ثم فلا يحل له – من بعد – ان يثير ذلك لأول مرة امام محكمة النقض اذ هو لا يعدو ان يكون تعييبا للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح ان يكون سببا للطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكان ما اورده الحكم من اقوال الضابط في شأن ضبطه الطاعن وهو قائم بتقطيع النباتات له مأخذه الصحيح من الأوراق، على ما يبين من المفردات المضمونة، فانه ينحسر عنه قالة الخطأ في الاسناد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن القائم على جهله بكنه نبات الخشخاش المزروع بحقله واطرحه في قوله: “… كما ثبت من المعاينة ان مساحة الارض مكان الضبط وجدت مزروعة بكاملها بنبات الخشخاش وانه شوهد بهذه النباتات خدوش أي انها مجرحه، وهذا التجريح دليل على انه قد استخلص من هذه النباتات مادة الافيون التي تزرع هذه النباتات بقصد استخلاص هذه المادة منها، ومن ثم فانه يستخلص من كل ذلك على سبيل القطع والجزم ان المتهم كان على علم تام بنوع النباتات المضبوطة وماهيتها وكنهها الامر الذى ينتفى معه دفاعه في هذا الخصوص، خاصة وان الثابت من تحقيقات النيابة ان المتهم اقر بأقواله بأنه علم بحقيقة هذه النباتات قبل يوم الضبط والتفتيش ثم ادعى انه طلب من المتهمين الثاني والثالث اقتلاعها من الارض وابعادها دون ان يحاول ان يبلغ الجهات المختصة لو كان صادقا فيما ادعاه لما كان ذلك، وكان استظهار القصد الجنائي في جريمة زراعة نبات الخشخاش من اطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها المطروحة على بساط البحث ما دام موجب هذه العناصر وتلك الظروف لا يتنافر عقلا مع ذلك الاستنتاج. وكان من المقرر انه لا يشترط في الدليل في المواد الجنائية ان يكون صريحا ودالا مباشرة على الواقعة المراد اثباتها بل يكفى ان يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات” واذ كان ما اورده الحكم – على النحو المتقدم بيانه – يؤدى الى ما رتبه عليه ويقوم به الدليل على توافر علم الطاعن بحقيقة نبات الخشخاش المزروع بحقله توافرا فعليا ويسوغ به اطراح دفاع الطاعن في هذا الخصوص ويتحقق به القصد الجنائي لجريمة الزراعة التي دين بها كما هي معرفة به في القانون. ومن ثم فان منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر ان زراعة نبات الخشخاش بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها ما دام استخلاصه سائغا تؤدى اليه ظروف الواقعة وادلتها وقرائن الاحوال فيها، وكان ما اورده الحكم في تحصيله للواقعة وسرده لمؤدى اقوال الضابط مرتبا على ذلك القول “بأن المتهمين قصدوا من زراعة نبات الخشخاش المضبوط انتاج مادة الافيون التي تستخلص من هذه النباتات والاتجار فيها”.. فان ما اورده الحكم في ذلك يكفى لإثبات هذا القصد وفى اظهار اقتناع المحكمة بثبوته من ظروف الواقعة التي اوردتها وادلتها التي عولت عليها. ومن ثم فان النعي على الحكم بالقصور في التسبيب لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه موضوعا.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .