جريمة تقليد علامة احدى الجهات الحكومية أو الجهات الملحقة بها – القانون المصري

الطعن 950 لسنة 39 ق جلسة 29 / 12 / 1969 مكتب فني 20 ج 3 ق 303 ص 1467 جلسة 29 ديسمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ حسن فهمي البدوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أبو الفضل حفني، ومحمد السيد الرفاعي، وطه الصديق دنانة، ومحمد ماهر محمد حسن.
———-
(303)
الطعن رقم 950 لسنة 39 القضائية

(أ) تقليد. “علامات الشركات المساهمة المملوكة للدولة”. “علامات الجمعيات الخاصة ذات النفع العام”. “علامات النوادي الرياضية”. تزوير. “تزوير المحررات العرفية. تذاكر دخول النوادي الرياضية”. “تزوير المحررات الرسمية”. استعمال المحرر المزور. نوادي رياضية. جمعيات خاصة ذات نفع عام. شركات.
تقليد علامة إحدى جهات الحكومة أو الجهات الملحفة بها حكماً. جناية. المواد 206، 206 مكرراً، 208 عقوبات. المراد بالعلامة في هذا المقام؟ شارات الأندية الرياضية لا تعتبر من تلك العلامات الواردة في قانون العقوبات. تغيير الحقيقة في تذاكر الدخول في النادي الأوليمبي أو أي محرر صادر من هذا النادي جنحة معاقب عليها بالمادة 215 عقوبات.
صفة النفع لا تنسبغ على الجمعية الخاصة إلا بقرار جمهوري ولا تزول إلا به. تقليد علامات الجمعيات الخاصة ذات النفع العام أو تزوير محرراتها. جناية. الأندية الرياضية لا تعتبر من قبيل الجمعيات.
(ب) علامات وبيانات تجارية.
استثناء المشرع تقليد العلامات والبيانات التجارية من حكم المواد 206، 206 مكرراً، 208 عقوبات وخصها بحمايته في القانون رقم 57 لسنة 1939 في شأن العلامات والبيانات التجارية.
)ج) مستشار الإحالة. “تسبيب قراراته”.
وجوب اشتمال الأمر الصادر من مستشار الإحالة سواء كان بالإحالة أو بالأوجه لإقامة الدعوى الجنائية على الأسباب التي بني عليها. عدم استلزام القانون اشتمال الأمر على بيانات معينة أسوة بما فعله في أحكام الإدانة.

—————-
1 – البين من استقراء نصوص المواد 206، 206 مكرراً، 208 من قانون العقوبات أن هذا القانون إنما عاقب بعقوبة الجناية على تقليد علامة إحدى جهات الحكومة أو إحدى الجهات الملحقة بها حكماً والواردة على سبيل الحصر على تدرج ملحوظ فيه جسامة الجريمة، وأن العقوبة تقدر بقدرها فلا تنطبق المادتان 206، 206 مكرراً من القانون المذكور إلا إذا كان التقليد منصباً على رمز مخصوص مما يصدق عليه كونه علامة دالة على جهة معينة دلالة مخصوصة وأن تكون العلامة لإحدى الجهات المحددة على وجه لا يقبل القياس مهما توافرت حكمته، لأن الأحكام تدور مع مناطها لا مع الحكمة منها، ولأن النصوص المبينة للجرائم والمرتبة للعقوبات من القانون الضيق. والمراد بالعلامة في هذا المقام سواء كانت الآلة الطابعة أو أثرها المنطبع ما دل بحسب السياق على الجهة مالكة العلامة لا دلالة إفراد وتمييز فحسب، بل دلالة توثيق أيضاً، الأمر المستفاد من ورود حكمها في باب التزوير – وهو يتعلق بالحجية في الإثبات وفي النصوص الخاصة بالتزوير في الأحكام والأوراق الرسمية بالذات – وكذا أخذاً من دلالة العلامة في اللغة عموماً على الأمارة أو الشاهد أو الدليل، فضلاً عن سياق النصوص وترادفها في مجموعة على تحديد المعنى المقصود. ولا كذلك شارات الأندية الرياضية – ومنها النادي الأوليمبي – التي تعتبر حلية أو زينة يتميز بها كل ناد عن غيره في حلبة المنافسة والمباهاة أسوة بأعلامه وملابسه المخصوصة. وإنما أطلق عليها لفظ العلامة لغة من قبيل اشتراك في الاسم فقط دون المعنى الاصطلاحي المنضبط في القانون، هذا إلى أن الأندية الرياضية ليست من الجهات المبينة على سبيل الحصر في المادتين سالفتى الذكر، ولا وجه لاعتبارها من قبيل الجمعيات، لأن القانون أفرد الأندية بعامة بالقانون رقم 152 سنة 1949 في شأن الأندية والأندية الرياضية بخاصة بالقانون رقم 26 لسنة 1965 في شأن الهيئات الخاصة العاملة في ميدان رعاية الشباب، ولا تسري عليها قوانين الجمعيات أياً كانت ومنها القانون رقم 384 لسنة 1954 في شأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة الذي ألغي وحل محله القانون رقم 32 لسنة 1964، ولا تنسبغ صفة النفع العام على الجمعيات إلا بقرار جمهوري ولا تزول إلا به، على غير ما استنه الشارع بالنسبة إلى الأندية الرياضية التي تكتسب تلك الصفة بمجرد الشهر. وهذا الفارق يدل على أن المشرع أراد المغايرة بينهما في الأحكام واعتبر الجمعيات ذات النفع العام وحدها هيئات لها من الأهمية ما يقتضي إفرادها بوضع مستقل وحياطة علاماتها ومحرراتها بقدر أكبر من الحماية يجعل تقليدها أو تزويرها من الجنايات. ولا يصح اعتبار الأندية منظمات تسهم الحكومة في مالها بنصيب عن طريق ما تمنحه لها من معونات، وما تضفيه عليها من ميزات لأن تلك الأندية ليست منظمات مالية لها رأس مال يقبل المشاطرة والإسهام، بل هي بنص الشارع وبحكم طبيعتها التي لا تنفك عنها نشاط خالص لا يسعى إلى التربح ولا ينحو نحو الاستثمار وتوظيف الأموال، على النقيض من شركات المساهمة أو المؤسسات مثلاً مما عددته المادة 206 مكرراً من قانون العقوبات وعلى ذلك فإن تقليد علامة النادي الأوليمبي لا يعتبر من قبيل تزوير العلامات الواردة في قانون العقوبات والتي ربط لها الشارع عقوبة الجناية، فإذا وضعت على المحررات الصادرة منه كانت العبرة بفحوى المحرر، فإذا غير فيما هو من جوهره بإسناد إليه كان تغيير الحقيقة في المحرر تزويراً عرفياً معاقباً عليه بعقوبة الجنحة المنصوص عليها في المادة 215 من قانون العقوبات لا جناية طبقاً للمادة 214 مكرراً منه. لما سلف، ولأن الشارع إنما اعتبر مال الهيئات الخاصة العاملة في ميدان رعاية الشباب – ومنها الأندية الرياضية – مالاً عاماً في حكم قانون العقوبات، ولم يعتبرها من الهيئات ذات النفع العام في أحكام التزوير، ولا هو جعل القائمين بالعمل فيها موظفين عموميين في هذا الباب، وعبارة الشارع واضحة المعنى لا غموض فيها، ومراده لا يحتمل التأويل، ولا تصح مصادرته فيما أراد. وعلى ذلك فإن تذاكر الدخول في النادي الأوليمبي محررات عرفية يجرى على تغيير الحقيقة فيها حكم المادة 215 من قانون العقوبات.
2 – لئن كان ظاهر المواد 206، 206 مكرراً، 208 من قانون العقوبات يوهم بأنه يتناول تقليد العلامات التجارية التي توضع على المصنوعات أو المنتجات لتمييزها في السوق عما يماثلها من بضائع صاحب العلامة ليطمئن إليها الراغبون في الشراء، إلا أن مقارنة نصوص القانون في هذا الشأن تدل على أن المشرع قصد إخراج هذه العلامات من عموم هذه النصوص إذ استن لها القانون رقم 57 لسنة 1939 في شأن العلامات والبيانات التجارية وفرض لها عقوبة مخففة لما ارتآه من أن طبيعة هذا الحق، وما تقتضيه النظم والقواعد الاقتصادية من حرية المنافسة التجارية إلى أقصى حد ممكن يمليان عدم تضييق هذه الحرية بفرض عقوبات جنائية على التقليد الذي يقع من المتنافسين في التجارة والصناعة إلا بالقدر الذي سنه، وفي الحدود التي رسمها مما يوجب القول بأن هذا النص الخاص وحده هو الذي قصد به إلى حماية العلامة التجارية أو البيان التجاري، لأن علة وجوده وصراحة عبارته وإيراده في قانون واحد دون تمييز بين القطاعين العام والخاص، كل ذلك يقطع في الدلالة على أن المشرع استثنى تقليد العلامات والبيانات المذكورة من حكم المواد السابقة وخصها بحمايته في القانون رقم 57 لسنة 1939 سالف البيان، هذا فضلاً عن أن المادة 206 من قانون العقوبات لا تنطبق بحسب وضعها إلا على علامات الحكومة بما هي سلطة عامة دون سائر ما تباشره من أوجه النشاط الصناعي أو التجاري. ولما كان القرار المطعون فيه قد أعمل هذا النظر أصلاً وتطبيقاً فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
3 – أوجبت المادة 173 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 أن يشتمل الأمر الصادر من مستشار الإحالة سواء كان بالإحالة أو بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية على الأسباب التي بني عليها، وذلك لإسباغ صفة الجدية على هذه المرحلة. ولم يستلزم القانون أن يتضمن تسبيب الأمر – وهو جزء من قضاء التحقيق – بيانات معينة أسوة بما فعله في المادة 310 في أحكام الإدانة الصادرة من قضاء الحكم. ومن ثم فإن مستشار الإحالة لا يكون ملزماً بأن يورد في أمره من الأسباب إلا القدر الذي يحقق المقصود منه بحسب نوعيته. ولما كان مستشار الإحالة قد اعتبر التهم الموجهة كلها جنحاً – وهو ما لم يخطئ فيه – وأحال الدعوى بها إلى محكمة الجنح على هذا الأساس، فذلك حسبه ليستقيم أمره ويبرأ من دعوى القصور، خصوصاً أن المرجع النهائي في التكييف هو لمحكمة النقض.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما في يوم 31 أكتوبر سنة 1966 وفي فترة سابقة عليه بدائرة قسمي كرموز والمنشية محافظة الإسكندرية: (أولاً) المتهم الأول – قلد علامة إحدى الشركات المساهمة والمملوكة للدولة “شركة النصر للدخان والسجاير” إخوان سلام وعلامة إحدى الجمعيات التعاونية المملوكة للدولة “الجمعية التعاونية الاستهلاكية” بأن اصطنع علامة على غرار علامة الكوكب ذي الشعاع الخاصة بالشركة الأولى وعلامة على غرار العصفورة الخاصة بالجمعية المذكورة. (ثانياً) استعمل العلامتين المقلدتين سالفتى الذكر مع علمه بتقليدها بأن قام بواسطتها بصناعة أغلفة معدة لتعبئة المعسل وأخرى لتعبئة الشاي. (ثالثاً) ارتكب تزويراً في محررات لإحدى الشركات المساهمة وإحدى الجمعيات التعاونية هي الشركة والجمعية سالفتى الذكر المملوكتين للدولة بأن اصطنع أغلفة مما تقدم ووضعها على منتجاتها من الدخان المعسل ومن الشاي. (رابعاً) استعمل المحررات المزورة سالفة الذكر مع علمه بتزويرها بأن عهد إلى المتهم الثاني بطبعها لوضعها على عبوات الدخان والمعسل المعدة للبيع. (خامساً) قلد علامة خاصة لإحدى الجمعيات المنشأة طبقاً للأوضاع المقررة قانوناً “النادي الأولمبي الرياضي”، بأن اصطنع علامة على غرار علامته الموصوفة بالأوراق. (سادساً) استعمل العلامة المقلدة سالفة الذكر مع علمه بتقليدها بأن قام بواسطتها بطبع تذاكر بعض مباريات كرة القدم الخاصة بذلك النادي. (سابعاً) ارتكب تزويراً في محررات النادي الأولمبي سالف الذكر بأن اصطنع تذاكر مباريات كرة القدم ونسب صدورها إليه على خلاف الحقيقة. (ثامناً) قلد علامات تجارية بطريقة تدعو إلى تضليل الجمهور هي علامات شركة النصر للدخان والسجاير إخوان سلام والجمعية التعاونية الاستهلاكية والنادي الأولمبي سالفي الذكر. المتهم الثاني (أولاً) استعمل محررات مزورة هي أغلفة باكوات دخان المعسل سالفة الذكر المنسوبة زوراً لشركة النصر للدخان والسجاير إخوان سلام المساهمة المملوكة للدولة مع علمه بتزويرها بأن وضع هذه الأغلفة على باكوات دخان معسل عرضها للبيع. (ثانياً) حاز بقصد البيع منتجات وضع عليها بسوء القصد علامة مزورة هي علامة شركة النصر سالفة الذكر مع علمه بتزويرها. (ثالثاً) عرض للبيع دخان معسل مغشوش وغير مطابق للمواصفات بإضافة مواد غريبة إليه مع علمه بذلك. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتها طبقاً للمواد 206 و206/ 1 مكرر و214/ 2 مكرر عقوبات والمواد 1 و2 و3 و33 و35 و36 و40 من القانون رقم 57 سنة 1939 والمواد 1 و6/ 1 من القانون 74 سنة 1933 المعدل بالقانونين رقمي 79 لسنة 1944 و86 لسنة 1948 فقرر باعتبار الواقعة جنحة وإحالة الدعوى إلى محكمة الجنح المختصة للفصل فيها. فطعنت النيابة العامة في هذا الأمر بطريق النقض… إلخ.

المحكمة
بما أن النيابة العامة تنعى على الأمر الصادر من مستشار الإحالة أنه إذ أحال الدعوى الجنائية إلى محكمة الجنح قد شابه القصور في التسبيب، وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه فوق عدم تعرضه لتكييف التهم الخامسة والسادسة والسابعة المنسوبة إلى المطعون ضده الأول، اعتبرها من قبيل الجنح حالة أن موضوعها تقليد علامة “النادي الأولمبي المصري” واستعمالها وتزوير في محرراته – تذاكر الدخول – في حين أن النادي المذكورة وقد أشهر باعتباره هيئة عاملة في ميدان رعاية الشباب فإنه يكون هيئة ذات نفع عام بنص المادة الثانية من القانون رقم 26 لسنة 1965 وبالتالي يكون تقليد علاماته، وتزوير محرراته جناية طبقاً للمواد 206 و206 مكرراً و214 مكرراً من قانون العقوبات، هذا إلى أن تقليد العلامات الموضوعة على أغلفة الشاي الخاصة بشركة النصر، وتلك الخاصة بالجمعية التعاونية الاستهلاكية الموضوعة على أغلفة الدخان من قبيل تزوير محررات شركات المساهمة والجمعيات التعاونية المملوكة للدولة، وهو الأمر المعاقب عليه بعقوبة الجناية طبقاً للمواد المشار إليها من قانون العقوبات، ولا يصح اعتبارها جنحاً طبقاً للقانون رقم 57 لسنة 1939 في شأن العلامات والبيانات التجارية، ومن ثم يكون الأمر المطعون فيه إذ خالف هذا النظر، معيباً بما يوجب نقضه.
وبما أن قانون العقوبات بعد أن نص في المادة 206 منه على معاقبة تقليد أو تزوير علامات ودمغات وأختام وأوراق الحكومة الواردة بها على سبيل الحصر بعقوبة الجناية المغلظة الواردة فيها، نص في المادة 206 مكرراً على أنه (يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنين على الجرائم الواردة في المادة السابقة إذا كان محلها أختاماً أو دمغات أو علامات إحدى الشركات المساهمة أو إحدى الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشأة طبقاً للأوضاع المقررة قانوناً أو إحدى المؤسسات أو الجمعيات المعتبرة قانوناً ذات نفع عام. وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنين إذا كانت الأختام أو الدمغات أو العلامات التي وقعت بشأنها الجرائم المبينة في الفقرة السابقة خاصة بمؤسسة أو شركة أو جمعية أو منظمة أو منشآت إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت) ونصت المادة 208 على أنه (يعاقب بالحبس من قلد ختماً أو تمغة أو علامة لإحدى الجهات أياً كانت أو الشركات المأذونة من قبل الحكومة أو إحدى البيوت التجارية، وكذا من استعمل شيئاً من الأشياء المذكورة مع علمه بتقليدها) وبعد أن عرفت المادة الأولى من القانون رقم 26 لسنة 1965 الصادر في 6 من يونيو سنة 1965 في شأن الهيئات الخاصة العاملة في ميدان رعاية الشباب المقصود بتلك الهيئات نصت المادة الثانية على أنه (تعتبر الهيئات الخاصة العاملة في ميدان رعاية الشباب من الهيئات الخاصة ذات النفع العام، ويكون لها الشخصية الاعتبارية بمجرد شهر نظامها وفقاً لأحكام هذا القانون، وتتمتع هذه الهيئات بامتيازات السلطة العامة الآتية: ( أ ) عدم جواز الحجز على أموالها إلا استيفاء للضرائب والرسوم المستحقة للدولة (ب) عدم جواز تملك هذه الأموال بمضي المدة. (ج) جواز نزع الملكية للمنفعة العامة لصالح الهيئة وتعتبر أموال هذه الهيئات من الأموال العامة في تطبيق قوانين العقوبات) ثم قفت على ذلك المادة الثالثة بإيلاء هذه الهيئات امتيازات مالية محددة. وقد وردت هذه المواد في الباب الأول المعقود للأحكام العامة من القانون الذي عالج من بعد في أبوابه وفصوله المختلفة الأحكام المخصوصة بهيئة من تلك الهيئات ومن بينها الأندية الرياضية المشهرة طبقاً له. وأحال قانون إصداره على تطبيق القانون رقم 152 لسنة 1949 في شأن الأندية فيما لا يتعارض مع أحكامه، وجاء في المذكرة الإيضاحية المصاحبة له “أنه قاصر على الهيئات الخاصة العاملة في ميدان رعاية الشباب في القطاع الشعبي وبذلك يخرج عن نطاق تطبيق أحكامه أوجه النشاط المختلفة التي تقوم بها الأجهزة الحكومية” والبين من استقراء هذه النصوص أن قانون العقوبات إنما عاقب بعقوبة الجناية على تقليد علامة إحدى جهات الحكومة أو إحدى الجهات الملحقة بها حكماً والواردة على سبيل الحصر على تدرج ملحوظ فيه جسامة الجريمة، وأن العقوبة تقدر بقدرها، فلا تنطبق المادتان 206 و206 مكرراً من القانون المذكور إلا إذا كان التقليد منصباً على رمز مخصوص مما يصدق عليه كونه علامة دالة على جهة معينة دلالة مخصوصة، وأن تكون العلامة لإحدى الجهات المحددة على وجه لا يقبل القياس مهما توافرت حكمته، لأن الأحكام تدور مع مناطها لا مع الحكمة منها، ولأن النصوص المبينة للجرائم والمرتبة للعقوبات من القانون الضيق. والمراد بالعلامة في هذا المقام سواء كانت الآلة الطابعة أو أثرها المنطبع ما دل بحسب السياق على الجهة مالكة العلامة لا دلالة إفراد وتمييز فحسب، بل دلالة توثيق أيضاً، الأمر المستفاد من ورود حكمها في باب التزوير – وهو يتعلق بالحجية في الإثبات وفي النصوص الخاصة بالتزوير في الأختام والأوراق الرسمية بالذات، وكذلك أخذاً من دلالة العلامة في اللغة عموماً على الأمارة أو الشاهد أو الدليل، فضلاً عن سياق النصوص وترادفها في مجموعها على تحديد المعنى المقصود. ولا كذلك شارات الأندية الرياضية – ومنها النادي الأولمبي – التي تعتبر حلية أو زينة يتميز بها كل ناد عن غيره في حلبة المنافسة والمباهاة أسوة بأعلامه وملابسه المخصوصة. وإنما أطلق عليها لفظ العلامة لغة من قبيل الاشتراك في الاسم فقط دون المعنى الاصطلاحي المنضبط في القانون، هذا إلى أن الأندية الرياضية ليست من الجهات المبينة على سبيل الحصر في المادتين سالفتى البيان، ولا وجه لاعتبارها من قبيل الجمعيات، لأن القانون أفرد الأندية بعامة بالقانون رقم 152 لسنة 1949 والأندية الرياضية بخاصة بالقانون رقم 26 لسنة 1965، ولا تسري عليها قوانين الجمعيات أياً كانت ومنها القانون رقم 384 لسنة 1954 في شأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة الذي ألغي وحل محله القانون رقم 32 لسنة 1964، ولا تنسبغ صفة النفع العام على الجمعيات إلا بقرار جمهوري ولا تزول إلا به، على غير ما استنه الشارع بالنسبة إلى الأندية الرياضية التي تكتسب تلك الصفة بمجرد الشهر، وهذا الفارق يدل على أن المشرع أراد المغايرة بينهما في الأحكام، واعتبر الجمعيات ذات النفع العام وحدها هيئات لها من الأهمية ما يقتضي إفرادها بوضع مستقل وحياطة علاماتها ومحرراتها بقدر أكبر من الحماية يجعل تقليدها أو تزويرها من الجنايات، ولا يصح اعتبار الأندية الرياضية منظمات تسهم الحكومة في مالها بنصيب عن طريق ما تمنحه لها من معونات، وما تضفيه عليها من ميزات، لأن تلك الأندية ليست منظمات مالية لها رأس مال يقبل المشاطرة والإسهام، بل هي بنص الشارع وبحكم طبيعتها التي لا تنفك عنها نشاط خالص لا يسعى إلى التربح ولا ينحو نحو الاستثمار وتوظيف الأموال، على النقيض من شركات المساهمة أو المؤسسات مثلاً مما عددته المادة 206 مكرراً من قانون العقوبات – وعلى ذلك فإن تقليد علامة النادي الأوليمبي لا يعتبر من قبيل تزوير العلامات الواردة في قانون العقوبات والتي ربط لها الشارع عقوبة الجناية، فإذا وضعت على المحررات الصادرة منه كانت العبرة بفحوى المحرر، فإذا غير فيما هو من جوهره بإسناد إليه كان تغيير الحقيقة في المحرر تزويراً عرفياً معاقباً عليه بعقوبة الجنحة المنصوص عليها في المادة 215 من قانون العقوبات لا جناية طبقاً للمادة 214 مكرراً منه والتي استحدثت بالقانون رقم 120 لسنة 1962 الصادر في 19 من يوليو سنة 1962 لما سلف، ولأن الشارع إنما اعتبر مال الهيئات الخاصة العاملة في ميدان رعاية الشباب – ومنها الأندية الرياضية – مالاً عاماً في حكم قانون العقوبات، ولم يعتبرها من الهيئات ذات النفع العام في أحكام التزوير، ولا هو جعل القائمين بالعمل فيها موظفين عموميين في هذا الباب، وعبارة الشارع واضحة المعنى لا غموض فيها، ومراده لا يحتمل التأويل، ولا تصح مصادرته فيما أراد. وعلى ذلك فإن تذاكر الدخول في النادي الأوليمبي محررات عرفية يجرى على تغيير الحقيقة فيها حكم المادة 215 من قانون العقوبات حسبما تقدم، ومن ثم لا يكون لما أثارته الطاعنة في هذا الصدد من وجه ولا يعتد به. ولما كان ظاهر المواد 206 و206 مكرراً، 208 من قانون العقوبات يوهم بأنه يتناول تقليد العلامات التجارية التي توضع على المصنوعات أو المنتجات لتمييزها في السوق عما يماثلها من بضائع صاحب العلامة ليطمئن إليها الراغبون في الشراء، إلا أن مقارنة نصوص القانون في هذا الشأن تدل على أن المشرع قصد إخراج هذه العلامات من عموم هذه النصوص إذ استن لها القانون رقم 57 لسنة 1939 في شأن العلامات والبيانات التجارية وفرض لها عقوبة مخففة لما ارتآه من أن طبيعة هذا الحق، وما تقتضيه النظم والقواعد الاقتصادية من حرية المنافسة التجارية إلى أقصى حد ممكن يمليان عدم تضييق هذه الحرية بفرض عقوبات جنائية على التقليد الذي يقع من المتنافسين في التجارة والصناعة إلا بالقدر الذي سنه، وفي الحدود التي رسمها مما يوجب القول بأن هذا النص الخاص وحده هو الذي قصد به إلى حماية العلامة التجارية أو البيان التجاري، لأن علة وجوده، وصراحة عبارته، وإيراده في قانون واحد دون تمييز بين القطاعين العام والخاص، كل ذلك يقطع في الدلالة على أن المشرع استثنى تقليد العلامات والبيانات المذكورة من حكم المواد السابقة وخصها بحمايته في القانون رقم 57 لسنة 1939 سالف البيان، هذا فضلاً عن أن المادة 206 من قانون العقوبات لا تنطبق – بحسب وضعها – إلا على علامات الحكومة بما هي سلطة عامة دون سائر ما تباشره من أوجه النشاط الصناعي أو التجاري. ولما كان القرار المطعون فيه قد أعمل هذا النظر أصلاً وتطبيقاً فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون النعي عليه في غير محله. لما كان ذلك، وكانت المادة 173 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 الصادر في 17 من يونيو سنة 1962 قد أوجبت أن يشتمل الأمر الصادر من مستشار الإحالة سواء كان بالإحالة أو بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية على الأسباب التي بني عليها، وذلك لإسباغ صفة الجدية على هذه المرحلة، وكان القانون لم يستلزم أن يتضمن تسبيب الأمر – وهو جزء من قضاء التحقيق – بيانات معينة أسوة بما فعله في المادة 310 من القانون في أحكام الإدانة الصادرة من قضاء الحكم، فإن مستشار الإحالة لا يكون ملزماً بأن يورد في أمره من الأسباب إلا القدر الذي يحقق المقصود منه بحسب نوعيته، وكان مستشار الإحالة قد اعتبر التهم الموجهة كلها جنحاً. وهو ما لم يخطئ فيه، وأحال الدعوى بها إلى محكمة الجنح على هذا الأساس، فذلك حسبه ليستقيم أمره، ويبرأ من دعوى القصور، خصوصاً أن المرجع النهائي في التكييف هو لمحكمة النقض. ومن ثم يكون الطعن متعين الرفض

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .