الأصل أن الرئيس الإداري يمارس سلطته الرئاسية الممنوحة له قانونا بنفسه ويكون مسؤولاً مما ينجم من ممارستها من نتائج. والسلطة توصف هنا بأنها سلطة أصلية اكتسبها الرئيس الإداري بموجب القانون (1) . ويقضي المبدأ المعمول به في القانون الإداري أن يمارس الرئيس الإداري الاختصاص الموكول له بموجب قواعد قانونية بنفسه حيث لا يمكن له ان يترك ممارستها لغيره إذ ينتج عن ذلك أن الاختصاص الذي يمارسه الغير من دون سند قانوني يصبح مشوباً بعيب عدم الاختصاص وان الاختصاص المحدد بالقانون للوظيفة الرئاسية لا يولد حقاً شخصياً للرئيس الإداري يتيح له التصرف على هواه ، بل أن هذا الاختصاص يتعلق بالوظيفة ذاتها بمعزل عن الموظف المعين بها لحساب المصلحة العامة .

على ذلك يترتب على الرئيس الإداري أن يمارس اختصاصه المحدد بالقانون طيلة مدة أشغاله الوظيفة الرئاسية وإذا انقطع عن الوظيفة لأي سبب كان وجب عليه التوقف عن القيام بأي عمل يتعلق بالوظيفة لأن من مستلزمات ممارسة الاختصاص الوظيفي هو الاستمرار في أشغال الوظيفة ذلك أن وجود الرئيس الإداري على رأس المرفق أو الدائرة يمثل استمرار النشاط الإداري ويساهم في دفعه وتسييره ، فالرئيس الإداري ليس إلا موظف عام يعهد إليه بالقيام بعمل دائم في خدمة المرفق العام هذا ومن أهم العناصر اللازمة لاعتبار الشخص موظفاً عاماً تعيينه في وظيفة دائمة وبصفة دائمة (2) فالاستمرار هو من طبيعة النشاط الإداري ، أما إذا أنقطع الرئيس الإداري عن مزاولة عمله الوظيفي لأي سبب من الأسباب فلا يجوز له ممارسة اختصاصاته المناطة به والانقطاع عن الوظيفة له صور عديدة منها الانقطاع الدائم ويكون بغيابه بصورة نهائية عن وظيفته وذلك في حالة نقله إلى وظيفة أخرى أو بإنهاء خدماته بإحالته إلى التقاعد أو بفصله فصلاً نهائياً من الخدمة.

أما الانقطاع المؤقت فيتحقق كذلك بحالات عديدة منها أن يتمتع الرئيس الإداري بإجازة مؤقتة أو يتم انتدابه لوظيفة أخرى مع بقاء درجته في الملاك أو يتمتع بإجازة دراسية لمدة محددة أو لتفريغه للعمل في إحدى المنظمات المهنية أو السياسية او تكليفه بواجب الخدمة العسكرية إلى غير ذلك من أسباب الانقطاع المؤقت ففي كل هذه الأحوال لا يستطيع الرئيس الإداري ممارسة اختصاصاته لأنه منقطع عن مباشرة وظيفته رغم أن درجته الوظيفية باقية على ملاك المرفق العام. وتبرز أهمية كون الانقطاع نهائياً أم مؤقتاً من حيث إسناد اختصاصاته إلى غيره ففي حالة الانقطاع الدائمي أو النهائي حيث لم تعود له أية علاقة وظيفية بوظيفته لانقطاع صلته بها نهائياً تقوم السلطة الرئاسية الأعلى بتعيين رئيس إداري جديد يمنح الاختصاصات التي كانت ممنوحة للرئيس الإداري السابق وفقاً للأصول والإجراءات الإدارية المتبعة .أما إذا كان الانقطاع مؤقتاً ففي هذه الحالة ليس بمقدور السلطة الإدارية الأعلى تعيين رئيس إداري يحل محل الرئيس الإداري المنقطع لأن الدرجة الوظيفية لا زالت مشغولة من قبل الرئيس الإداري المنقطع بصورة مؤقتة لكن تلجأ الإدارة في مثل هذه الحالات إلى تكليف رئيس إداري يحل بصورة مؤقتة محل الرئيس السابق ويخول الاختصاصات التي كانت ممنوحة للرئيس السابق . وقد عالجت النظم الإدارية المختلفة هذه المسألة من خلال ما يطلق عليه لعملية تفويض الاختصاصات.

___________________________

1- د. محمد احمد الطيب هيكل : السلطة الرئاسية بين الفاعلية والضمان / رسالة دكتوراه مقدمة لكلية الحقوق / جامعة عين شمس / بدون سنة طبع / ص 47 .

2-Delaubadere : Droit administratif : paris 1951 P.250

مشار إليه من قبل د. حسن عواضة : السلطة الرئاسية ص 159 .

المؤلف : عبد الحميد عبد المهدي
الكتاب أو المصدر : اثر تطور نشاط الادارة في ممارسة السلطة الرئاسية

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .