جريمة اهانة محكمة قضائية أثناء انعقادها في القانون المصري – حكم محكمة النقض

الطعن 11182 لسنة 84 ق جلسة 22 / 12 / 2014 مكتب فني 65 ق 134 ص 994

برئاسة السيد القاضي / عبدالمنعم منصور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد خالد عبد العزيز ، مهاد خليفة ، يحيى منصور وأيمن الصاوي نواب رئيس المحكمة .
———

(1) حكم ” بيانات التسبيب ” ” بيانات حكم الإدانة ” .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور.
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها . حد ذلك ؟
(2) إهانة محكمة قضائية . جريمة ” أركانها ” . قصد جنائي . باعث . حكم ” ما لا يعيبه في نطاق التدليل ” .
جريمة الإهانة المؤثمة بالمادة 133 من قانون العقوبات . ما يكفي لتحققها ؟
تدليل الحكم صراحة على قصد الإهانة أو الإساءة . غير لازم . ما دامت المحكمة قد أثبتت صدور الأفعال أو الألفاظ المهينة .
كون العبارات التي أثبت الحكم صدورها من الطاعن لهيئة المحكمة أثناء انعقاد الجلسة تفيد بذاتها قصد الإهانة . كفايته لتوافر أركان الجريمة . لا عبرة بالباعث على صدورها .
مثال .
(3) إجراءات ” إجراءات المحاكمة “. حكم ” إصداره ” . تزوير ” الادعاء بالتزوير ” .
عدم جواز دحض ما أثبته الحكم من تمام المداولة وصدوره بجلسة علنية وما نسبه للطاعن من قول إلا بالطعن بالتزوير . علة ذلك ؟
(4) محضر الجلسة . إجراءات ” إجراءات المحاكمة ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
النعي بخلاف ما ثبت بمحضر الجلسة أن الطاعن طلب الحديث فوافقته المحكمة . غير مقبول .
(5) قضاة ” صلاحيتهم ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
الحالات التي يمتنع فيها على القاضي نظر الدعوى لما بينها وبين ولاية القضاء من تعارض . واردة على سبيل الحصر في المادة 247 إجراءات . عدم توافر أي منها . يوجب رفض النعي بهذا الشأن .
(6) قضاة ” رد القضاة ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
عدم اتباع الطاعن الطريق الذي رسمه القانون لرد القضاة أثناء نظر الدعوى أمام محكمة الموضوع . لا يجيز له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
(7) دفوع ” الدفع بعدم الدستورية ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة . غير متعلق بالنظام العام . عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض . ما لم يبده صاحب الشأن أمام محكمة الموضوع .
مثال .
(8) محكمة جنائية . إجراءات ” إجراءات المحاكمة ” . جريمة ” أنواعها . جرائم الجلسات ” . دعوى جنائية ” تحريكها ” ” نظرها والحكم فيها ” .
حق المحكمة الجنائية تحريك الدعوى والحكم في الجنح والمخالفات التي تقع في جلساتها . ما دامت قد بادرت إلى إقامة الدعوى في الحال فور اكتشافها . أساس ذلك ؟
قضاء الحكم المطعون فيه بإدانة الطاعن عن جنحة وقعت منه أثناء انعقاد الجلسة . صحيح .
(9) أسباب الإباحة وموانع العقاب ” استعمال الحق ” . مسئولية جنائية . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
الدفع باستعمال حق مقرر بمقتضى الشريعة . عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . علة ذلك ؟
(10) إجراءات ” إجراءات المحاكمة ” . محاماة . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
نعي الطاعن قعود المحكمة عن الرد على دفاعه القائم على الحيلولة بينه وبين التواصل مع دفاعه أو المنازعة في صحة انعقاد الجلسة . غير مقبول . ما دام لم يبده أمامها .
(11) إجراءات ” إجراءات المحاكمة ” . محاماة . محضر الجلسة . حكم ” بيانات الديباجة ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
الأصل في الإجراءات أنها روعيت . على من يدعي أنها قد خولفت إقامة الدليل على ذلك .
نعي الطاعن عدم ذكر اسم محاميه بمحضر الجلسة أو الحكم . غير مجد . حد ذلك ؟
(12) نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
إثارة الطاعن أمراً غير متصل بقضاء الحكم المطعون فيه . غير مقبول .
مثال .
(13) محكمة الجنايات ” اختصاصاتها ” . اختصاص ” الاختصاص النوعي ” ” الاختصاص المكاني ” . قانون ” تفسيره ” . حكم ” بطلانه ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
توزيع الجمعية العمومية لمحكمة الاستئناف القضايا على الدوائر المختلفة . لا يسلب محكمة الجنايات اختصاصها المقرر قانوناً بدائرة المحكمة الابتدائية التي تنعقد في مدينتها . أساس ذلك ؟
النعي ببطلان حكم محكمة الجنايات لصدوره من دائرة لا اختصاص لها بإصداره . غير مقبول . ما دام الطاعن لا يجحد أن المحكمة التي أصدرته من إحدى دوائر محكمة الجنايات بمحكمة الاستئناف .
(14) جريمة ” أنواعها . جرائم الجلسات ” . تلبس . اختصاص ” الاختصاص النوعي ” . قانون ” تفسيره ” .
حق المحاكم في الحكم في جرائم الجلسات . مؤسس على أنها من جرائم التلبس . عدم اتباع الإجراءات المعتادة بشأنها . علة ذلك ؟
(15) حكم ” بيانات الديباجة ” ” بطلانه ” . بطلان . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
النعي على الحكم المطعون فيه إغفاله اسم المحكمة . غير مقبول . ما دامت ديباجته قد اشتملت على ما يكفي بياناً لاسم المحكمة ومكان انعقادها .
إغفال الحكم بيان مكان المحكمة . لا يبطله . ما دام قد ذُكِر فيه اسم المحكمة التي أصدرته . علة ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1– لما كان الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها وأدلة الإدانة فيها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية .
2- لما كان الحكم في بيانه لواقعة الدعوى قد أورد ألفاظ الإهانة التي صدرت من الطاعن وبيَّن أنها وُجِّهَت منه إلى محكمة قضائية أثناء انعقادها ، وإذ كان لا يُشترط لتوافر جريمة الإهانة المنصوص عليها في المادة 133 من قانون العقوبات أن تكون الأفعال والعبارات المستعملة مشتملة على قذف أو سب أو إسناد أمر معين ، بل يكفي أن تحمل معنى الإساءة أو المساس بالشعور أو الغض من الكرامة ، وأنه يكفي لتوافر القصد الجنائي فيها تعمُّد توجيه ألفاظ تحمل بذاتها معنى الإهانة إلى الموظف سواءً أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها بغض النظر عن الباعث على توجيهها ، فمتى ثبت للمحكمة صدور الأفعال أو الألفاظ المهينة فلا حاجة لها بعد ذلك للتدليل صراحة في حكمها على أن الجاني قصد بها الإهانة أو الإساءة ، وكانت العبارات التي أثبت الحكم المطعون فيه صدورها من الطاعن لهيئة المحكمة أثناء انعقاد الجلسة وهي ” أنا ما بعتبرش نفسي أمام قضاء أصلاً وأنا ما باعترفش بيكم قضاة ” تفيد بذاتها قصد الإهانة ، فإن هذه الجريمة تكون قد توافرت أركانها وقامت في حقه بصرف النظر عن باعثه على صدور تلك العبارات منه .
3- لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته ما يفيد تمام المداولة بين أعضاء الهيئة التي أصدرته وأنه صدر علناً – على خلاف ما ورد بمذكرة أسباب الطعن – وكان الأصل أن الإجراءات قد روعيت ، فلا يجوز دحض ما أثبته الحكم من تمام المداولة وصدوره بجلسة علنية وما نسبه للطاعن من قالة ” أنا ما بعترفش بيكم قضاة ” إلا بالطعن بالتزوير – وهو ما لم يفعله الطاعن – ومن ثم فلا يُقبل منه ما يثيره في هذا الشأن أمام محكمة النقض .
4- لما كان البين من مطالعة محضر الجلسة المؤرخ 20/1/2014 أن الطاعن طلب الحديث فوافقت المحكمة – على خلاف ما يزعمه الطاعن بوجه الطعن – فإن منعاه في هذا الصدد لا يكون في محله .
5- لما كانت المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت الحالات التي يمتنع فيها على القاضي نظر الدعوى لما بينها وبين ولاية القضاء من تعارض ، وكان ما أورده الطاعن بأسباب طعنه لا يندرج تحت أي من الحالات الواردة حصراً في هذه المادة ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير قويم .
6- من المقرر أنه إذا قام بالمحكمة سبب من أسباب الرد غير أسباب عدم الصلاحية ، وهو ما يثيره الطاعن بوجه طعنه من تصدي المحكمة للفصل في الدعوى رغم إفصاحها عن رأيها قبل تحقيق الدعوى وسماع الدفاع فيها حين أثبتت بمحضر الجلسة عبارة ” وقد اعتبرت هذه الجملة إهانة لها ” فإن القانون رسم للمتهم طريقاً معيناً يسلكه في مثل هذه الحالة أثناء نظر الدعوى أمام محكمة الموضوع ، فإن لم يفعل – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – فليس له من بعد أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض .
7- لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة غير متعلق بالنظام العام ، ومن ثم فلا يجوز لصاحب الشأن إثارته أمام محكمة النقض ما لم يكن قد أبداه أمام محكمة الموضوع ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع أيهما بعدم دستورية نص المادة 244 من قانون الإجراءات الجنائية لمخالفتها المبادئ الدستورية المقررة بموجب المادتين 188 ، 189 من الدستور ، فإن النعي على الحكم تطبيقه أحكام تلك المادة على الدعوى – وأيا كان وجه الرأي فيها – يكون غير مقبول.
8- لما كانت المادة 244/1 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على أنه ” إذا وقعت جنحة أو مخالفة في الجلسة يجوز للمحكمة أن تقيم الدعوى على المتهم في الحال وتحكم عليه بعد سماع أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم ” فقد دلَّ الشارع بذلك على أن من حق المحكمة الجنائية أن تحرِّك الدعوى وتحكم في جميع الجنح والمخالفات التي تقع في جلساتها بشرط أن تبادر المحكمة إلى إقامة الدعوى في الحال فور اكتشافها ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه بما قضى به من إدانة الطاعن عن جنحة وقعت منه أثناء انعقاد الجلسة يكون قد أصاب صحيح القانون .
9- لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يُثر أمام محكمة الموضوع شيئاً عن أن ما آتاه كان استعمالاً لحق مقرر بمقتضى الشريعة بما يخرجه من نطاق التأثيم عملاً بالمادة 60 من قانون العقوبات ، وكان هذا الدفاع يقوم على واقع يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة محكمة النقض ، فإن إثارته أمامها لأول مرة تكون غير مقبولة .
10- لما كان لا يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أثار أمام محكمة الموضوع دفاعاً قام على الحيلولة بينه وبين التواصل مع دفاعه أو المنازعة في صحة انعقاد الجلسة ، فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يُبد أمامها ، ولا يُقبل منه إثارته أمام محكمة النقض .
11- لما كان الأصل في الإجراءات أنها قد روعيت وعلى من يدعي أنها قد خولفت إقامة الدليل على ذلك ، وأن الطاعن لا يدعي أن المحامي الذي حضر معه أمام محكمة الجنايات وتولى الدفاع عنه في الجنحة التي دين بها غير مقبول للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية أو أن المحكمة أخلَّت بحقه في الدفاع أو صادرت الحاضر في دفاعه ، فإنه لا يجديه النعي بعدم ذكر اسم المحامي بمحضر الجلسة أو الحكم .
12- لما كان ما يثيره الطاعن من أنه يطعن بالتزوير على محضر جلسة 20/1/2014 بشأن الدعوى الأصلية إنما هو أمر غير متصل بقضاء الحكم المطعون فيه ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
13- لما كانت المادة الثامنة من القرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية قد نصت على أن ” تنعقد محكمة الجنايات في كل مدينة بها محكمة ابتدائية وتشمل دائرة اختصاصها ما تشمله دائرة المحكمة الابتدائية ” ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 30 من القانون سالف الذكر من اجتماع محكمة الاستئناف بهيئة جمعية عمومية للنظر في توزيع القضايا على الدوائر المختلفة ، فإنه لم يُقصد به سلب محكمة الجنايات اختصاصها المُنعقِد لها قانوناً بمقتضى المادة الثامنة المار ذكرها ، بل هو مجرد تنظيم إداري لتوزيع الأعمال بين الدوائر المختلفة وليس من شأن ذلك التوزيع أن يخلق نوعاً من الاختصاص تنفرد به الدائرة دون دائرة أخرى مما لا يترتب البطلان على مخالفته ، ولما كان الطاعن لا يجحد أن المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه من إحدى دوائر محكمة الجنايات بمحكمة استئناف …. ، فإن ما يدعيه من بطلان الحكم لصدوره من دائرة لا اختصاص لها بإصداره لا يقوم على أساس من القانون .
14- من المقرر أن حق المحاكم في الحكم في جرائم الجلسات ليس مؤسساً على القواعد العامة في الاختصاص ، وإنما هو مؤسَّس على أن جريمة الجلسة هي من جرائم التلبس لوقوعها في الجلسة أمام هيئة القضاء ، فلا تتَّبع بشأنها الإجراءات المعتادة .
15- لما كان الثابت من ديباجة الحكم المطعون فيه أنه صدر من محكمة جنايات …. ” الدائرة …. جنايات ” وهو ما يكفي بياناً لاسم المحكمة ومكان انعقادها ؛ فإن ما يثيره الطاعن من إغفال اسم المحكمة لا يكون سديداً ، هذا فضلاً عن أن بيان مكان المحكمة ليس من البيانات الجوهرية التي يترتب على إغفالها – بفرض حصوله – بطلان الحكم ، ما دام قد ذُكِر فيه اسم المحكمة التي أصدرته .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
أقامت محكمة جنايات …. الدعوى ضد الطاعن في قضية الجنحة رقم …. لسنة …. بوصف أنه : حال انعقاد جلسة محكمة جنايات …. بدائرة قسم …. محافظة …. : 1- أهان بالقول محكمة قضائية ” الدائرة …. ” أثناء انعقاد الجلسة لنظر الدعوى رقم …. لسنة …. جنايات …. والمقيدة برقم …. لسنة …. كلي …. والمقامة ضده ، بأن وجَّه إليها العبارات المثبتة بالأوراق . 2- أخلَّ بمقام وهيبة قضاة دائرة محكمة الجنايات سالفة الذكر بأن وجَّه إليهم العبارات المبينة بالأوراق وهم بصدد نظر الدعوى المقامة ضده . وقضت المحكمة المذكورة حضورياً بجلستها المنعقدة بذات اليوم عملاً بالمواد 133/2 ، 171 ، 186 من قانون
العقوبات ، مع إعمال المادة 32/1 من ذات القانون بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه .
فقرر المحكوم عليه ووكيله بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض … إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
ومن حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه – إذ دانه بجريمتي إهانة محكمة قضائية أثناء انعقاد الجلسة والإخلال بمقام وهيبة قضاة – شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك بأنه لم يبين الأدلة التي استند إليها في قضائه بالإدانة ولم يورد مؤداها ، ولم يستظهر القصد الجنائي لدى الطاعن إذ إن العبارات التي نسبها له الحكم لم يُقصَد منها الإهانة ، واتخذ رئيس المحكمة قراراً بمفرده دون مداولة زميليه عضوي هيئة المحكمة برفع الدعوى الجنائية قِبَل الطاعن لدى سماعه العبارة التي أثبت بشأنها بمحضر الجلسة أن المحكمة اعتبرتها إهانة بما يُبطل اتصال المحكمة بالدعوى ويوصِم الحكم الصادر فيها بالبطلان ، كما أن المحكمة نسبت للطاعن عبارة ” أنا مبعترفش بيكم قضاة ” بالمخالفة لما تفوَّه به أمامها ومن ثم فهو يطعن بالتزوير على محضر جلسة 20/1/2014 بالدعوى الأصلية والدعوى الفرعية ويطلب اتخاذ إجراءات الطعن بالتزوير على محاضر الجلسات التي أُثبتت فيها تلك العبارة ، وقد نازع دفاع الطاعن في صحة انعقاد الجلسة لعدم توافر العلانية كما هو مُبين بمحاضر جلسات الدعوى الأصلية إلا أن الحكم لم يعن بالرد على تلك المنازعة ، ولم تستجب المحكمة للطلب المكتوب الذي أبدى فيه الطاعن رغبته في الحديث دفاعاً عن نفسه ، هذا إلى عدم صلاحية المحكمة لنظر الدعوى والفصل فيها لكونها هي المجني عليها بما يتحقق به الخصومة التي عناها نص المادة 146 من قانون المرافعات ويمتنع بالتالي عليها نظر الدعوى إعمالاً لنص المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية ، فضلاً عن أن المحكمة أفصحت عن رأيها في الدعوى مُسبقاً قبل الحكم فيها لأنها أثبتت بمحضر الجلسة عبارة ” وقد اعتبرت هذه الجملة إهانة لها ” ، وإذ جعلت المادة 244 من قانون الإجراءات الجنائية لجهة واحدة سلطات الضبط القضائي والتحقيق والإحالة والحكم فإنها تكون مخالفة للمادتين 188 ، 189 من الدستور ، هذا ومما يعفي الطاعن من العقاب عملاً بنص المادة 60 من قانون العقوبات أن العبارة التي نسبتها له المحكمة جاءت في معرض دفاعه عن نفسه وهو حق مخوَّل له دستورياً ، كما أن إجراءات المحاكمة وقعت باطلة للفصل بين الطاعن ومن يتولى الدفاع عنه ، وخلا محضر الجلسة والحكم المطعون فيه من بيان اسم المحامي الذي تولى الدفاع عن الطاعن للوقوف عما إذا كان مقيداً أمام المحاكم الابتدائية من عدمه ، فضلاً عن عدم الاختصاص المكاني للمحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بما يرتب بطلانه ، وأخيراً جاء الحكم ومحضر الجلسة مجهَّلاً من بيان اسم المحكمة ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها وأدلة الإدانة فيها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية . لما كان ذلك ، وكان الحكم في بيانه لواقعة الدعوى قد أورد ألفاظ الإهانة التي صدرت من الطاعن وبيَّن أنها وُجِّهَت منه إلى محكمة قضائية أثناء انعقادها ، وإذ كان لا يُشترط لتوافر جريمة الإهانة المنصوص عليها في المادة 133 من قانون العقوبات أن تكون الأفعال والعبارات المستعملة مشتملة على قذف أو سب أو إسناد أمر معين ، بل يكفي أن تحمل معنى الإساءة أو المساس بالشعور أو الغض من الكرامة ، وأنه يكفي لتوافر القصد الجنائي فيها تعمُّد توجيه ألفاظ تحمل بذاتها معنى الإهانة إلى الموظف سواءً أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها بغض النظر عن الباعث على توجيهها ، فمتى ثبت للمحكمة صدور الأفعال أو الألفاظ المهينة فلا حاجة لها بعد ذلك للتدليل صراحة في حكمها على أن الجاني قصد بها الإهانة أو الإساءة ، وكانت العبارات التي أثبت الحكم المطعون فيه صدورها من الطاعن لهيئة المحكمة أثناء انعقاد الجلسة وهي ” أنا ما بعتبرش نفسي أمام قضاء أصلاً وأنا ما باعترفش بيكم قضاة ” تفيد بذاتها قصد الإهانة ، فإن هذه الجريمة تكون قد توافرت أركانها وقامت في حقه بصرف النظر عن باعثه على صدور تلك العبارات منه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته ما يفيد تمام المداولة بين أعضاء الهيئة التي أصدرته وأنه صدر علناً – على خلاف ما ورد بمذكرة أسباب الطعن – وكان الأصل أن الإجراءات قد روعيت ، فلا يجوز دحض ما أثبته الحكم من تمام المداولة وصدوره بجلسة علنية وما نسبه للطاعن من قالة ” أنا ما بعترفش بيكم قضاة ” إلا بالطعن بالتزوير – وهو ما لم يفعله الطاعن – ومن ثم فلا يُقبل منه ما يثيره في هذا الشأن أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة محضر الجلسة المؤرخ 20/1/2014 أن الطاعن طلب الحديث فوافقت المحكمة – على خلاف ما يزعمه الطاعن بوجه الطعن – فإن منعاه في هذا الصدد لا يكون في محله . لما كان ذلك ، وكانت المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت الحالات التي يمتنع فيها على القاضي نظر الدعوى لما بينها وبين ولاية القضاء من تعارض ، وكان ما أورده الطاعن بأسباب طعنه لا يندرج تحت أي من الحالات الواردة حصراً في هذه المادة ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير قويم ، هذا إلى أنه من المقرر أنه إذا قام بالمحكمة سبب من أسباب الرد غير أسباب عدم الصلاحية ، وهو ما يثيره الطاعن بوجه طعنه من تصدي المحكمة للفصل في الدعوى رغم إفصاحها عن رأيها قبل تحقيق الدعوى وسماع الدفاع فيها حين أثبتت بمحضر الجلسة عبارة ” وقد اعتبرت هذه الجملة إهانة لها ” فإن القانون رسم للمتهم طريقاً معيناً يسلكه في مثل هذه الحالة أثناء نظر الدعوى أمام محكمة الموضوع ، فإن لم يفعل – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – فليس له من بعد أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة غير متعلق بالنظام العام ، ومن ثم فلا يجوز لصاحب الشأن إثارته أمام محكمة النقض ما لم يكن قد أبداه أمام محكمة الموضوع ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع أيهما بعدم دستورية نص المادة 244 من قانون الإجراءات الجنائية لمخالفتها المبادئ الدستورية المقررة بموجب المادتين 188 ، 189 من الدستور ، فإن النعي على الحكم تطبيقه أحكام تلك المادة على الدعوى – وأيا كان وجه الرأي فيها – يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكانت المادة 244/1 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على أنه ” إذا وقعت جنحة أو مخالفة في الجلسة يجوز للمحكمة أن تقيم الدعوى على المتهم في الحال وتحكم عليه بعد سماع أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم ” فقد دلَّ الشارع بذلك على أن من حق المحكمة الجنائية أن تحرِّك الدعوى وتحكم في جميع الجنح والمخالفات التي تقع في جلساتها بشرط أن تبادر المحكمة إلى إقامة الدعوى في الحال فور اكتشافها ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه بما قضى به من إدانة الطاعن عن جنحة وقعت منه أثناء انعقاد الجلسة يكون قد أصاب صحيح القانون . لما كان ذلك ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يُثر أمام محكمة الموضوع شيئاً عن أن ما آتاه كان استعمالاً لحق مقرر بمقتضى الشريعة بما يخرجه من نطاق التأثيم عملاً بالمادة 60 من قانون العقوبات ، وكان هذا الدفاع يقوم على واقع يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة محكمة النقض ، فإن إثارته أمامها لأول مرة تكون غير مقبولة . لما كان ذلك ، وكان لا يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أثار أمام محكمة الموضوع دفاعاً قام على الحيلولة بينه وبين التواصل مع دفاعه أو المنازعة في صحة انعقاد الجلسة ، فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يُبد أمامها ، ولا يُقبل منه إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الأصل في الإجراءات أنها قد روعيت وعلى من يدعي أنها قد خولفت إقامة الدليل على ذلك ، وأن الطاعن لا يدعي أن المحامي الذي حضر معه أمام محكمة الجنايات وتولى الدفاع عنه في الجنحة التي دين بها غير مقبول للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية أو أن المحكمة أخلَّت بحقه في الدفاع أو صادرت الحاضر في دفاعه ، فإنه لا يجديه النعي بعدم ذكر اسم المحامي بمحضر الجلسة أو الحكم . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من أنه يطعن بالتزوير على محضر جلسة 20/1/2014 بشأن الدعوى الأصلية إنما هو أمر غير متصل بقضاء الحكم المطعون فيه ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكانت المادة الثامنة من القرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية قد نصت على أن ” تنعقد محكمة الجنايات في كل مدينة بها محكمة ابتدائية وتشمل دائرة اختصاصها ما تشمله دائرة المحكمة الابتدائية ” ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 30 من القانون سالف الذكر من اجتماع محكمة الاستئناف بهيئة جمعية عمومية للنظر في توزيع القضايا على الدوائر المختلفة ، فإنه لم يُقصد به سلب محكمة الجنايات اختصاصها المُنعقِد لها قانوناً بمقتضى المادة الثامنة المار ذكرها ، بل هو مجرد تنظيم إداري لتوزيع الأعمال بين الدوائر المختلفة وليس من شأن ذلك التوزيع أن يخلق نوعاً من الاختصاص تنفرد به الدائرة دون دائرة أخرى مما لا يترتب البطلان على مخالفته ، ولما كان الطاعن لا يجحد أن المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه من إحدى دوائر محكمة الجنايات بمحكمة استئناف …. ، فإن ما يدعيه من بطلان الحكم لصدوره من دائرة لا اختصاص لها بإصداره لا يقوم على أساس من القانون . وفوق ذلك ، فإنه من المقرر إن حق المحاكم في الحكم في جرائم الجلسات ليس مؤسساً على القواعد العامة في الاختصاص ، وإنما هو مؤسَّس على أن جريمة الجلسة هي من جرائم التلبس لوقوعها في الجلسة أمام هيئة القضاء ، فلا تتَّبع بشأنها الإجراءات المعتادة . لما كان ذلك ، وكان الثابت من ديباجة الحكم المطعون فيه أنه صدر من محكمة جنايات …. ” الدائرة …. جنايات ” وهو ما يكفي بياناً لاسم المحكمة ومكان انعقادها ؛ فإن ما يثيره الطاعن من إغفال اسم المحكمة لا يكون سديداً ، هذا فضلاً عن أن بيان مكان المحكمة ليس من البيانات الجوهرية التي يترتب على إغفالها – بفرض حصوله – بطلان الحكم ، ما دام قد ذُكِر فيه اسم المحكمة التي أصدرته . لما كان ما تقدم جميعه ، فإن الطعن برمته يكون قد أقيم على غير أساس متعينًا رفضه موضوعاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .