الــــقــــضــــــــــاة يـــــــعـــــــــانـــــون

تركي الروقي

الصورة الذهنية التي نحملها عن القضاة في بلادنا، تقول بأن القاضي يملك كثيرا من الامتيازات المالية والمعنوية التي تجعله بمنأى عن الضغوط والإغراءات، ويعيش عالماً آخر.
لكن قاضيا سابقا، اتجه للمحاماة هروباً من وظيفة القاضي، كدّر خيالاتنا وشوّه هذه الصورة الذهنية، بل مزقها، وأعادنا للتعامل بالعاطفة مع أحوال القضاة، فيقول محمد الجذلاني في حديث لإيلاف بأن «من بين الأسباب التي دفعته لترك عمله في السلك القضائي، الأوضاع غير المريحة لوظيفة القاضي التي تفتقر لميزات مقارنة مع العمل في القطاع الخاص، مبيناً أنه الآن -كمحام- يتمتع بامتيازات تفوق ما كان يتمتع به في السلك القضائي رغم أنه يبذل أقل من الجهد الذي كان يبذله في عمله الحكومي بكثير، ويتقاضى أضعاف راتبه الحكومي.
ويطالب الجذلاني، بحماية القاضي من أي مغريات أو ضغوط، مرجعاً صدور أحكام سيئة لظروف العمل السيئة التي تحيط بالقاضي».
هذا الكلام الصادر ممن عمل بسلك القضاء، يؤكد بأن الحاجة ماسة لإعادة النظر في بيئة العمل، ومميزاته المالية، وتهيئة العوامل المساعدة للقاضي لإنجاز معاملات الناس، فلابد من رفع أعداد القضاة، وتخصيص مكاتب مساعدة للقاضي، وتوظيف مستشارين متخصصين غير شرعيين، وتطبيق التعاملات الإلكترونية، وتسهيل مهمة المحامين، وكتابة قوانين للقضايا التي لا تحتاج للاجتهاد، وتعميمها لتوعية الناس بها، وتحويل بعض القضايا لجهات أخرى غير المحاكم، القضاء وأوضاع القضاة بحاجة لـ»نفضة» شاملة.