جريمة التهريب الجمركي في ضوء أحكام وقرارات محكمة النقض المصرية

الطعن 8184 لسنة 58 ق جلسة 29 / 11 / 1990 مكتب فني 41 ق 191 ص 1059 جلسة 29 من نوفمبر سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم البنا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الوهاب الخياط وعبد اللطيف أبو النيل نائبي رئيس المحكمة وعمار إبراهيم ومحمد حسين مصطفى.
—————–
(191)
الطعن رقم 8184 لسنة 58 القضائية

جمارك. تهريب جمركي. جريمة “أركانها”. قصد جنائي. عقوبة “العقوبة المبررة”. حكم “تسبيبه. تسبيب معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
جريمة التهريب الجمركي المنصوص عليها في المادة 124 مكررا من القانون 66 لسنة 1963 المعدل من الجرائم ذات القصود الخاصة. تعمد ارتكاب الجاني فعل التهريب غير كاف للعقاب بموجبها. وجوب أن يكون التهريب بقصد الإتجار. إغفال استظهار هذا القصد. قصور.
مثال لامتناع تطبيق نظرية العقوبة المبررة.

————-
لما كانت جريمة التهريب الجمركي المنصوص عليها في المادة 124 مكررا من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 والمعدل بالقانون رقم 57 لسنة 1980 هي من الجرائم ذات القصود الخاصة، اذ لا يكفى للعقاب بموجب هذه المادة أن يعمد الجاني إلى ارتكاب فعل التهريب، وإنما يجب لتوافر عناصر الجريمة في حقه أن يكون قد ارتكب هذا الفعل بقصد الإتجار في البضاعة الأجنبية المهربة، وإذ خلت مدونات الحكم المطعون فيه من استظهار هذا القصد الخاص، فإنه يكون معيبا بالقصور في التسبيب، ولا يشفع له في ذلك أن تكون العقوبة التي قضى بها على الطاعن وهى الحبس مع الشغل لمدة سنتين وغرامة مقدارها الف جنيه داخلة في نطاق العقوبة المقررة لجريمة الشروع في التهريب المنصوص عليها في المادة 122 من قانون الجمارك والتي لا تشترط توافر قصد خاص، ذلك أنه من الواضح أن المحكمة التزمت الحد الأدنى المقرر للجريمة ذات القصد الخاص المعاقب عليها بالمادة 124 مكررا من هذا القانون وهو ما يشعر بانها حين قدرت العقوبة لم تستطع النزول إلى أدنى مما نزلت إليه مقيدة بهذا الحد الأمر الذى كان يحتمل معه نزولها بالعقوبة إلى ادنى مما قضت به لولا هذا القيد المترتب على القول بتوافر قصد الإتجار الذى قصرت في استظهاره، ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: شرع في تهريب البضائع الأجنبية المبينة بالأوراق بقصد الإتجار دون أداء الرسوم الجمركية المستحقة عليها وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه متلبسا بارتكابها. وطلبت عقابه بالمادتين 45، 47 من قانون العقوبات والمواد 1، 3، 104، 122، 124 مكررا من القانون رقم 66 لسنة 1973 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 وقرار وزير المالية رقم 16 لسنة 1980. ومحكمة جنح الميناء قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم سنتين مع الشغل وكفالة خمسين جنيها لإيقاف التنفيذ وتغريمه ألف جنيه وتعويض يعادل مثل الرسوم والضرائب المقرر ومصادرة البضائع المضبوطة. استأنف ومحكمة بورسعيد الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت الأستاذة/ …….. المحامية نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.. الخ.

المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الشروع في تهريب بضائع أجنبية بقصد الإتجار دون سداد الضرائب الجمركية المقررة قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يستظهر قصد الإتجار لدى الطاعن ولم يورد الأدلة على توافره. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه – بعد أن بين واقعة الدعوى بما حاصله أن بعض البضائع الأجنبية ضبطت بالسيارة النقل قيادة الطاعن عند مغادرتها المنفذ الجمركي، وأورد ما قام عليه دفاع الطاعن من أنه ليس القائد الأصلي لتلك السيارة ولا يعرف شيئا عن حمولتها – قد خلص إلى إدانة الطاعن ومعاقبته بالمادة 124 مكررا من قانون الجمارك، وذلك في قوله “إن المحكمة تطمئن إلى ثبوت التهمة قبل المتهم من ضبطه وهو يشرع في تهريب البضائع الأجنبية الموضحة تفصيلا بمحضر الضبط، عملا بالمادة 304/ 1 إجراءات جنائية”. لما كان ذلك، وكانت جريمة التهريب الجمركي المنصوص عليها في المادة 124 مكررا من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 والمعدل بالقانون رقم 57 لسنة 1980 هي من الجرائم ذات القصود الخاصة، اذ لا يكفى للعقاب بموجب هذه المادة أن يعمد الجاني إلى ارتكاب فعل التهريب، وإنما يجب لتوافر عناصر الجريمة في حقه أن يكون قد ارتكب هذا الفعل بقصد الإتجار في البضاعة الأجنبية المهربة، وإذ خلت مدونات الحكم المطعون فيه من استظهار هذا القصد الخاص، فإنه يكون معيبا بالقصور في التسبيب، ولا يشفع له في ذلك أن تكون العقوبة التي قضى بها على الطاعن وهى الحبس مع الشغل لمدة سنتين وغرامة مقدارها الف جنيه داخلة في نطاق العقوبة المقررة لجريمة الشروع في التهريب المنصوص عليها في المادة 122 من قانون الجمارك والتي لا تشترط توافر قصد خاص، ذلك أنه من الواضح أن المحكمة التزمت الحد الأدنى المقرر للجريمة ذات القصد الخاص المعاقب عليها بالمادة 124 مكررا من هذا القانون وهو ما يشعر بانها حين قدرت العقوبة لم تستطع النزول إلى أدنى مما نزلت إليه مقيدة بهذا الحد الأمر الذى كان يحتمل معه نزولها بالعقوبة إلى أدنى مما قضت به لولا هذا القيد القانوني المترتب على القول بتوافر قصد الإتجار الذى قصرت في استظهاره، ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .