جريمة احراز مخدر الهيروين في القانون المصري

الطعن 21762 لسنة 60 ق جلسة 22 / 7 / 1992 مكتب فني 43 ق 101 ص 676 جلسة 22 من يوليو سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ فتحي عبد القادر خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وأحمد عبد الباري سليمان ومحمود دياب ومجدي أبو العلا.
—————-
(101)
الطعن رقم 21762 لسنة 60 القضائية

(1)دستور. محكمة دستورية. قانون.
الحكم الصادر في الدعوى رقم 44 لسنة 12 ق دستورية. مؤداه: دستورية قانون المخدرات رقم 122 لسنة 1989 ورفض الدفع بعدم دستوريته.
(2) استدلالات. تفتيش “إذن التفتيش. إصداره. بياناته”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير التحريات”. دفوع “الدفع ببطلان إذن التفتيش”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. مواد مخدرة.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
عدم إيراد مهنة الطاعن أو صناعته بمحضر الاستدلالات. لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات.
(3) إثبات “شهود”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
المنازعة في القوة التدليلية لأقوال الشاهد. عدم جوازها أمام محكمة النقض.
(4)حكم “ما لا يعيبه في نطاق التدليل”.
الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم. طالما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
مثال.
(5)مواد مخدرة. قصد جنائي. عقوبة “تطبيقها”. محكمة النقض “سلطتها”. نقض “حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون” “نظر الطعن والفصل فيه”.
عقوبة إحراز مخدر الهيروين – مجرداً من القصود. الأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه. أساس ذلك؟
معاقبة الطاعن بعقوبة تقل عن ذلك الحد. خطأ. لا تملك محكمة النقض تصحيحه. أساس ذلك؟
(6) عقوبة “عقوبة تكميلية”. مصادرة. مواد مخدرة. نقض “حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون”. حكم “تسبيبه. تسبيب معيب”.
المصادرة في حكم المادة 30 عقوبات. ماهيتها؟
شرط مصادرة الأموال. عملاً بالمادة 42 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل: أن تكون متحصلة من الجريمة.
قضاء الحكم المطعون فيه بمصادرة النقود المضبوطة مع الطاعن. رغم نفيه عنه قصد الإتجار بالمواد المخدرة. خطأ في تطبيق القانون.
(7)نقض “حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون” “نظر الطعن والحكم فيه”.
حق محكمة النقض في أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم. من تلقاء نفسها. إذا بني على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله. أساس ذلك؟

—————-
1 – لما كانت المحكمة الدستورية العليا، وهي الجهة التي ناط بها الشارع الفصل في الدعاوى التي ترفع بشأن عدم دستورية القوانين قد قضت في حكمها الصادر بتاريخ 7 من ديسمبر سنة 1991 في الدعوى رقم 44 لسنة 12 قضائية “دستورية” بدستورية القانون رقم 122 لسنة 1989 ورفض دعوى عدم دستوريته، للسبب الذي يتمسك به الطاعن، فإن ما ينعاه في هذا الخصوص يكون غير سديد.
2 – من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في معرض الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات، سائغاً وكافياً في الإفصاح عن اقتناع المحكمة بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، ولا يغير من ذلك عدم إيراد مهنة الطاعن أو صناعته ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى أن الطاعن هو المقصود بالإذن ومن ثم فإن النعي بخصوص ذلك يكون غير مقبول.
3 – لما كان ما يثيره الطاعن عن تعويل الحكم على أقوال شاهد الإثبات، برغم ما أثبته في محضر الاستدلالات من أن الطاعن عاطل خلافاً لما قرره بالتحقيقات من أنه صاحب محل كهرباء، لا يعدو أن يكون منازعة في القوة التدليلية لأقوال الشاهد بما لا يجوز الجدل فيه أمام محكمة النقض.
4 – لما كان الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة وكان الاختلاف في بيان وزن المخدر المضبوط ومقدار مبلغ النقود المضبوط – على النحو المشار إليه في أسباب الطعن – وبفرض حصوله – لا أثر له في عقيدة المحكمة ولا في منطق الحكم، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل،
5 – لما كانت المحكمة قد استبعدت قصد الإتجار واعتبرت الطاعن محرزاً للجوهر المخدر – الهيروين مجرداً من القصود الخاصة وعاقبته بمقتضى المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والمعدلة بالقانون رقم 122 لسنة 1989، بعقوبة الأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وغرامة خمسين ألف جنيه في حين أن العقوبة الواجبة التطبيق على الجريمة التي دين الطاعن بها المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 38 وهي الأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه باعتبار أن الجوهر المخدر محل الجريمة من الهيروين. لما كان ذلك، فإنه ولئن كان الحكم المطعون فيه قد خالف القانون على السياق المتقدم في شأن العقوبة المقررة للجريمة إلا أنه لما كان الطعن مرفوعاً من المحكوم عليه، فإن محكمة النقض لا تملك تصحيحه في هذه الحالة، لأن من شأن ذلك الإضرار بالطاعن وهو ما لا يجوز عملاً بالمادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
6 – لما كانت المصادرة في حكم المادة 30 من قانون العقوبات إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة قهراً عن صاحبها وبغير مقابل، وهي عقوبة اختيارية تكميلية في الجنايات والجنح إلا إذا نص القانون على غير ذلك، وقد تكون المصادرة وجوبية يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل، وهي على هذا الاعتبار تدبير وقائي لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة، وكانت المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها والمعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 – الساري على واقعة الدعوى، قد اشترطت لمصادرة الأموال أن تكون متحصلة من الجريمة وكان الحكم المطعون فيه قد نفى قصد الإتجار عن الطاعن بما ينفي الصلة بين النقود المضبوطة وإحراز المخدر مجرداً من غير قصد فإنه إذ قضى الحكم بمصادرة النقود يكون قد جانب التطبيق القانوني السليم.
7 – من المقرر أن لمحكمة النقض – طبقاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 – أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم إذا تبين مما هو ثابت فيه أنه مبني على مخالفة للقانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله، فإنه يتعين إعمالاً لنص المادة 39 من القانون – المذكور – القضاء بتصحيح الحكم المطعون فيه وذلك بإلغاء ما قضى به من مصادرة النقود المضبوطة.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد الإتجار عقاراً لمسحوق مخدر “الهيروين” في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 2 من القسم الأول من الجدول الأول الملحق بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه والمصادرة باعتبار أن الإحراز مجرداً من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض……. إلخ.

المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر (هيروين) بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً – قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال – ذلك بأن الحكم عاقبه بمواد القانون رقم 122 لسنة 1989، رغم عدم دستوريته لأن مجلس الشعب الذي أصدره قد قضت المحكمة الدستورية ببطلان تشكيله، ورد على الدفع ببطلان إذن النيابة لعدم جدية التحريات بما لا يصلح رداً لأنه لم يواجه عناصر الدفع الخاصة بإغفال التحريات لبيان مهنة المأذون بتفتيشه ولم يفطن إلى ما أثبته الضابط من أن الطاعن عاطل خلافاً لأقواله بالتحقيقات من أنه صاحب محل كهرباء، هذا إلى ما أورده الحكم في مدوناته من أن المخدر المضبوط 312 جراماً، خلافاً للثابت بالأوراق من أن الوزن يبلغ ثلاثة جرامات وعشرون سنتجرام، مع ما لهذا الخطأ من أثر في تقدير العقوبة، كما أخطأ الحكم في مبلغ النقود المضبوطة بما يكشف عن عدم إحاطته بالدعوى – مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات وما ثبت من تقرير المعامل الكيماوية، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا التي ناط بها الشارع الفصل في الدعاوى التي ترفع بشأن عدم دستورية القوانين قد قضت في حكمها الصادر بتاريخ 7 من ديسمبر سنة 1991 في الدعوى رقم 44 لسنة 12 قضائية “دستورية” بدستورية القانون رقم 122 لسنة 1989 ورفض دعوى عدم دستوريته، للسبب الذي يتمسك به الطاعن، فإن ما ينعاه في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في معرض الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات، سائغاً وكافياً في الإفصاح عن اقتناع المحكمة بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، ولا يغير من ذلك عدم إيراد مهنة الطاعن أو صناعته بمحضر الاستدلالات ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى أن الطاعن هو المقصود بالإذن ومن ثم فإن النعي بخصوص ذلك يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن عن تعويل الحكم على أقوال شاهد الإثبات، برغم ما أثبته في محضر الاستدلالات من أن الطاعن عاطل خلافاً لما قرره بالتحقيقات من أنه صاحب محل كهرباء، لا يعدو أن يكون منازعة في القوة التدليلية لأقوال الشاهد بما لا يجوز الجدل فيه أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة وكان الاختلاف في بيان وزن المخدر المضبوط ومقدار مبلغ النقود المضبوط – على النحو المشار إليه في أسباب الطعن – وبفرض حصوله – لا أثر له في عقيدة المحكمة ولا في منطق الحكم، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد استبعدت قصد الإتجار واعتبرت الطاعن محرزاً للجوهر المخدر – الهيروين مجرداً من القصود الخاصة وعاقبته بمقتضى المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والمعدلة بالقانون رقم 122 لسنة 1989، بعقوبة الأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وغرامة خمسين ألف جنيه في حين أن العقوبة الواجبة التطبيق على الجريمة التي دين الطاعن بها المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 38 وهي الأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه باعتبار أن الجوهر المخدر محل الجريمة الهيروين. لما كان ذلك، فإنه ولئن كان الحكم المطعون فيه قد خالف القانون على السياق المتقدم في شأن العقوبة المقررة للجريمة إلا أنه لما كان الطعن مرفوعاً من المحكوم عليه، فإن محكمة النقض لا تملك تصحيحه في هذه الحالة، لأن من شأن ذلك الإضرار بالطاعن، وهو ما لا يجوز عملاً بالمادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959. لما كان ذلك، وكانت المصادرة في حكم المادة 30 من قانون العقوبات إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة قهراً عن صاحبها وبغير مقابل، وهي عقوبة اختيارية تكميلية في الجنايات والجنح، إلا إذا نص القانون على غير ذلك، وقد تكون المصادرة وجوبية يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل، وهي على هذا الاعتبار تدبير وقائي لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة، وكانت المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها والمعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 – الساري على واقعة الدعوى، وقد اشترطت لمصادرة الأموال أن تكون متحصلة من الجريمة وكان الحكم المطعون فيه قد نفى قصد الإتجار عن الطاعن بما ينفي الصلة بين النقود المضبوطة وإحراز المخدر مجرداً من غير قصد فإنه إذ قضى الحكم بمصادرة النقود يكون قد جانب التطبيق القانوني السليم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة النقض – طبقاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 – أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم إذا تبين مما هو ثابت فيه أنه مبني على مخالفة للقانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله، فإنه يتعين إعمالاً لنص المادة 39 من القانون – المذكورة – القضاء بتصحيح الحكم المطعون فيه وذلك بإلغاء ما قضى به من مصادرة النقود المضبوطة، ورفض الطعن فيما عدا ذلك.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .