الظروف المخففة في جريمة احراز المخدرات – القانون المصري

الطعن 4718 لسنة 60 ق جلسة 13 / 7 / 1992 مكتب فني 43 ق 98 ص 655 جلسة 13 من يوليو سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مقبل شاكر ومجدي منتصر وحامد عبد الله نواب رئيس المحكمة ومحمد عبد العزيز محمد.
——————-
(98)
الطعن رقم 4718 لسنة 60 القضائية

(1)تفتيش “التفتيش بإذن”. إذن التفتيش “إصداره”. إثبات “بوجه عام”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
(2)دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. تفتيش “التفتيش بإذن”. دفوع “الدفع ببطلان التفتيش”.
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش. موضوعي. استفادة الرد عليه من اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن.
(3)تفتيش. بطلان. دفوع “الدفع ببطلان القبض والتفتيش”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
الدفع ببطلان القبض والتفتيش لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. علة ذلك؟
(4)تفتيش “التفتيش بإذن”. بطلان. دفوع “الدفع ببطلان القبض والتفتيش”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
وجوب إبداء الدفع ببطلان القبض والتفتيش في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه.
(5)تفتيش “إذن التفتيش. إصداره”. مواد مخدرة.
صدور أمر بتفتيش شخص معين ومن قد يكون معه أو في محله وقت التفتيش. صحيح.
(6)مواد مخدرة. عقوبة “الإيداع بمصحات الإدمان”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
جواز إيداع المحكوم عليه إحدى مصحات الإدمان بدلاً من تنفيذ العقوبة وفقاً لنص الفقرة الثانية من القانون 182 لسنة 1960. شرطه؟ ثبوت إدمانه وأن ترى المحكمة من ظروف الدعوى تطبيق هذا التدبير.
(7) إثبات “بوجه عام”. محكمة الموضوع “سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى”.
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى.
(8)محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير العقوبة”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
تقدير العقوبة من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب.
(9)إجراءات “إجراءات المحاكمة”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض. علة ذلك؟
(10)محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. إثبات “بوجه عام. “شهود”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
تقدير الأدلة في الدعوى بالنسبة إلى كل متهم. حق لمحكمة الموضوع لها أن تأخذ بما تطمئن إليه في حق متهم وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق آخر.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
(11)مواد مخدرة. قصد جنائي. عقوبة “تقديرها”. ظروف مخففة. نقض “حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون” “الحكم في الطعن”.
عقوبة إحراز المخدر طبقاً لنص المادة 38/ 2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 الأشغال الشاقة المؤبدة والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه إذا كان محل الجريمة من الكوكايين أو الهيروين. مؤدى نص المادة 36 من القانون المذكور.
المادة 17 عقوبات تجيز إبدال العقوبات المقيدة للحرية فحسب في مواد الجنايات بعقوبة مقيدة للحرية أخف.
عدم التزام الحكم عند توقيع عقوبة الغرامة الحد الأدنى المقرر لها وهو مائة ألف جنيه. خطأ في تطبيق القانون يوجب تصحيحه.

—————-
1 – إن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت – على السياق المتقدم – بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه، فإن مجادلة الطاعن في ذلك أمام محكمة النقض تكون غير مقبولة.
2 – من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاًً بالأدلة السائغة التي أوردتها.
3 – من المقرر أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش إنما هو من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن قد دفع به أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم تحمل مقوماته نظراً لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة – محكمة النقض – ولما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الثاني لم يدفع ببطلان القبض والتفتيش وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام هذا البطلان فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام النقض.
4 – لا يكفي أن المدافع عن الطاعن الثاني قد أبدى في مرافعته أن المتهم ليس مذكوراً في الإذن، إذ أن هذه العبارة المرسلة لا تفيد الدفع ببطلان القبض والتفتيش الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه.
5 – من المقرر أن الأمر الذي تصدره النيابة العامة بتفتيش شخص معين ومن قد يكون موجوداً معه وقت التفتيش على مظنة اشتراكه معه في الجريمة التي صدر أمر التفتيش من أجلها يكون صحيحاً في القانون، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه بأن الأمر الصادر من النيابة العامة بضبط وتفتيش شخص ومسكن الطاعن الأول قد تضمن سريانه على من يتواجد معه بالمسكن، فإن التفتيش الواقع على شخص الطاعن الثاني تنفيذاً له يكون ولا مخالفة فيه للقانون.
6 – لما كانت الفقرة الثانية من المادة 37 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 على أنه: “ويجوز للمحكمة عند الحكم بالعقوبة في الجرائم المنصوص عليها في الفقرة الأولى – بدلاً من تنفيذ هذه العقوبة أن تأمر بإيداع من يثبت إدمانه إحدى المصحات التي تنشأ لهذا الغرض بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع وزراء الصحة والداخلية والشئون الاجتماعية وذلك ليعالج فيها طبياً ونفسياً واجتماعياً، ولا يجوز أن تقل مدة بقاء المحكوم عليه بالمصحة عن ستة أشهر……” لما كان ذلك، وكان مفاد ومؤدى هذا النص أن إعمال المحكمة للرخصة المخولة لها بإيداع المحكوم عليه إحدى المصحات، رهن بثبوت إدمانه، وبأن ترى المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها ملاءمة تطبيق هذا التدبير الاحترازي.
7 – لما كانت المحكمة قد خلصت – وعلى السياق المتقدم – في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى إلى عدم ثبوت إدمان الطاعن الثاني، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يعدو في حقيقته جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة من مصادرها المتاحة في الأوراق وتقدير الأدلة القائمة في الدعوى وفقاً لما تراه، وهي أمور لا تجوز مصادرتها فيها لدى محكمة النقض.
8 – من المقرر أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب، وهي غير ملزمة ببيان الأسباب التي دعتها لتوقيع العقوبة بالقدر الذي ارتأته، ولما كانت العقوبة التي أنزلها الحكم بالطاعن تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة إحراز جوهر مخدر – هيروين – بقصد التعاطي مع استعمال المادة 17 من قانون العقوبات والمادة 36 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل.
9 – من المقرر أن قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظراً لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم ينازع في وصف السلاح المضبوط، أو في أنه من الأسلحة البيضاء المؤثمة حيازتها، فإن ما يثيره في هذا المقام لا يكون مقبولاً.
10 – من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها، وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها لتلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم، وعدم اطمئنانها بالنسبة إلى ذات الأدلة بالنسبة إلى متهم آخر كما أن لها أن تزن أقوال الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليها في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها وما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها، لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في شأن تعويل الحكم على شهادة ضابطي الواقعة بالنسبة للإذن والتحريات وإطراحها بالنسبة للتهمة الثانية المسندة للطاعن الأول لا يكون مقبولاً.
11 – لما كانت المادة 38/ 2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 تقضي بأن يعاقب – كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو سلم أو نقل أو زرع أو أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع جوهراً مخدراً وكان ذلك بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً – بالأشغال الشاقة المؤبدة والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه إذا كان الجوهر المخدر محل الجريمة من الكوكايين أو الهيروين، لما كان ذلك، وكانت المادة 36 من القانون سالف الذكر قد نصت على أن استثناء من أحكام المادة 17 من قانون العقوبات لا يجوز في تطبيق المواد السابقة والمادة 38 النزول عن العقوبة التالية مباشرة للعقوبة المقررة للجريمة، وكان مقتضى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات جواز تبديل العقوبات المقيدة للحرية وحدها في مواد الجنايات بعقوبات مقيدة للحرية أخف منها إذا اقتضت الأحوال رأفة القضاء بالإضافة إلى عقوبة الغرامة التي يجب الحكم بها، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يلتزم عند توقيع عقوبة الغرامة الحد الأدنى المقرر لها في الفقرة الثانية من المادة 38 سالفة البيان – وهو مائة ألف جنيه – باعتبار أن المخدر محل الجريمة – هيروين – فإنه يكون أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بجعل الغرامة المقضى بها مائة ألف جنيه بالإضافة إلى عقوبتي الأشغال الشاقة مدة ست سنوات والمصادرة المقضى بهما على المطعون ضده – المحكوم عليه الأول.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 – …… 2 – ….. بأنهما: – المتهم الأول: – أولاً: – أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً “هيروين” في غير الأحوال المصرح بها قانوناً – أدار مكاناً (مسكن) لتعاطي المخدرات. المتهم الثاني أولاً: أحرز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً “هيروين” بدون تذكرة طبية وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً. ثانياً: – أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيضاً “سكين” وأحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37/ 1، 38/ 1، 2، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 المرفق والمواد 1/ 1، 25 مكرراً، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والجدول رقم 1 المرفق أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه عن التهمة الأولى وبمصادرة الجوهر المخدر المضبوط وببراءته عن التهمة الثانية. ثانياً: بمعاقبة المتهم الثاني بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه عشرة آلاف جنيه عن التهمة الأولى وبالحبس مع الشغل لمدة شهر وبتغريمه خمسون جنيهاً عن التهمة الثانية وبمصادرة الجوهر المخدر والسكين والمرآة المضبوطة وذلك باعتبار أن إحراز المتهم الأول للمخدر كان بغير قصد من القصود.
فطعن المحكوم عليهما والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض …… إلخ.

المحكمة
أولاً: عن الطعن المقدم من الطاعن الأول…….:
من حيث إن الطاعن الأول ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر – هيروين – بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق ذلك بأن المدافع عنه دفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية بيد أن الحكم أطرح هذا الدفع برد غير سائغ، كما رد على دفعه ببطلان إجراءات الضبط والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن النيابة بذلك بما لا يصلح رداً، متسانداً في رفض الدفع إلى اختلاف المتهمين في تحديد وقت الضبط حال أنهما اتفقا في حصوله قبل صدور الإذن بما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد من القصود التي دان الطاعن الأول بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومن تقرير المعمل الكيميائي بمصلحة الطب الشرعي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعن ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات وأطرحه في قوله: “لما كانت المحكمة تطمئن إلى التحريات التي أجريت وترتاح إليها لأنها صريحة وواضحة وتحوي بيانات كافية لإصدار الإذن وتصدق من أجراها وتقتنع بها بأنها أجريت فعلاً ولا يقدح في ذلك ما قرره ضابط الواقعة من أنه أثناء إجراء التحريات والمراقبة لم يشاهد المتهم الثاني يتردد على منزل المتهم الأول الأمر الذي ترى معه المحكمة أن هذا الدفع على غير سند صحيح ولا يعول عليه……. لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت – على السياق المتقدم – بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه، فإن مجادلة الطاعن في ذلك أمام محكمة النقض تكون غير مقبولة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش في قوله: “إن الثابت في الأوراق من أقوال شاهدي الإثبات والتي تطمئن إليها المحكمة أن محضر التحريات حرر الساعة 12.10 صباح يوم 5/ 7/ 1989 وتم عرض المحضر على النيابة التي أذنت بالضبط والتفتيش بإذنها المؤرخ بذات التاريخ الساعة 2.5 ص وقد تم انتقال القوة من الإدارة الساعة 2.45 ص ووصلت لمسكن المتهم الساعة 3 ص حيث تم الضبط والتفتيش وترى المحكمة في ذلك كله أن إجراءات الضبط والتفتيش تمت في أزمنة مناسبة وفق ما قرره الشاهدان وأنها تمت سليمة وبناء على إذن صادر من الجهة المختصة قبل حصولهما ولا يقدح في ذلك ما أثاره الدفاع من القول أن محضر التحريات عرض على النيابة في وقت متأخر، إذ ليس هناك ما يمنع من عرض محاضر التحريات على النيابة في أي وقت لإصدار الإذن بالتفتيش طالما أن رجل الضبط يرى أن الظروف مناسبة لعرض محضره وإصدار إذن النيابة لاتخاذ الإجراءات التي تكفل له ضبط الجرائم ومرتكبيها…..” لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً بالأدلة السائغة التي أوردتها، وكان ما رد به الحكم على الدفع سالف الذكر سائغاً لإطراحه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، فإنه لا يقدح في سلامة الحكم ما استطرد إليه من أن المحكمة تلتفت عن أقوال المتهم الأول من وقوع الضبط الساعة 1.15 صباحاً وليس الساعة 3 صباحاً إذ لم يؤيده المتهم الثاني، لأن البين مما أورده الطاعن بوجه الطعن أنه والطاعن الثاني قد تخالفا في تحديد وقت الضبط، ومن ثم فإن ما يرمي به الطاعن الحكم من قالة مخالفة الثابت بالأوراق لا يكون صحيحاً، لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه الثاني…….:
ومن حيث إن الطاعن الثاني ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر – هيروين – بقصد التعاطي بدون تذكرة طبية وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً وإحراز سلاح أبيض – سكين – بغير ترخيص – قد شابه قصور وتناقض في التسبيب وفساد في الاستدلال كما انطوى على إخلال بحق الدفاع ذلك أنه أغفل الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم ذكر اسمه في الإذن الصادر بذلك كما تساند الحكم إلى أقوال ضابطي الواقعة في رفض الدفع ببطلان الضبط والتفتيش – لحصولهما قبل صدور إذن النيابة – رغم تناقض أقوالهما. هذا إلى أن الحكم رفض طلبه بإيداعه إحدى المصحات باعتباره مدمناً بما لا يسوغه. أيضاً فإن الحكم – ورغم إفصاحه عن أخذ الطاعن بالرأفة – لم يقض بمعاقبته بالحد الأدنى المقرر لعقوبة التعاطي. كما دانه الحكم عن تهمة إحراز سلاح أبيض بدون ترخيص رغم أن ما ضبط لا يعدو نصل سكين غير مدرج بجدول الأسلحة المؤثم حيازتها وأخيراً فإن المحكمة عولت على شهادة الضابطين فيما قرراه بشأن الإذن والتحريات في حين أطرحت أقوالهما بالنسبة لتهمة إدارة مسكن للتعاطي المسندة للطاعن الأول وقضت ببراءته منها، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي إحراز جوهر مخدر بقصد التعاطي وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص اللتين دان الطاعن الثاني بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومن تقرير المعمل الكيميائي بمصلحة الطب الشرعي ومن اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة وبجلسة المحاكمة بالتهمة الأولى منهما، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش إنما هو من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن قد دفع به أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم تحمل مقوماته نظراً لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة – محكمة النقض – ولما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الثاني لم يدفع ببطلان القبض والتفتيش وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام هذا البطلان فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام النقض، ولا يقدح في ذلك أن يكون المدافع عن الطاعن الثاني قد أبدى في مرافعته أن المتهم ليس مذكوراً في الإذن، إذ أن هذه العبارة المرسلة لا تفيد الدفع ببطلان القبض والتفتيش الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه. هذا إلى أنه من المقرر أن الأمر الذي تصدره النيابة العامة بتفتيش شخص معين ومن قد يكون موجوداً معه وقت التفتيش على مظنة اشتراكه معه في الجريمة التي صدر أمر التفتيش من أجلها يكون صحيحاً في القانون، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الأمر الصادر من النيابة بضبط وتفتيش شخص ومسكن الطاعن الأول قد تضمن سريانه على من يتواجد معه بالمسكن، فإن التفتيش الواقع على شخص الطاعن الثاني تنفيذاً له يكون ولا مخالفة فيه للقانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعن الثاني تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة 37 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 بإيداعه إحدى المصحات وأطرحه في قوله: “…….. فإنه وحتى صدور هذا الحكم لم تصدر القرارات المنشأة لهذه المصحات، كما أن الأوراق خلت من ثبوت إدمان المتهم، ومن ثم يكون هذا الطلب في غير محله”. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 37 من القانون سالف الذكر تنص على أنه: “ويجوز للمحكمة عند الحكم بالعقوبة في الجرائم المنصوص عليها في الفقرة الأولى – بدلاً من تنفيذ هذه العقوبة أن تأمر بإيداع من يثبت إدمانه إحدى المصحات التي تنشأ لهذا الغرض بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع وزراء الصحة والداخلية والشئون الاجتماعية وذلك ليعالج فيها طبياً ونفسياً واجتماعياً، ولا يجوز أن تقل مدة بقاء المحكوم عليه بالمصحة عن ستة أشهر……” لما كان ذلك، وكان مفاد ومؤدى هذا النص أن إعمال المحكمة للرخصة المخولة لها بإيداع المحكوم عليه إحدى المصحات، رهن بثبوت إدمانه وبأن ترى المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها ملاءمة تطبيق هذا التدبير الاحترازي لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد خلصت – وعلى السياق المتقدم – في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى إلى عدم ثبوت إدمان الطاعن الثاني، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يعدو في حقيقته جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة من مصادرها المتاحة في الأوراق وتقدير الأدلة القائمة وفقاً لما تراه، وهي أمور لا تجوز مصادرتها فيها لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب، وهي غير ملزمة ببيان الأسباب التي دعتها لتوقيع العقوبة بالقدر الذي ارتأته، ولما كانت العقوبة التي أنزلها الحكم بالطاعن تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة إحراز جوهر مخدر – هيروين – بقصد التعاطي مع استعمال المادة 17 من قانون العقوبات والمادة 36 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظراً لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم ينازع في وصف السلاح المضبوط، أو في أنه من الأسلحة البيضاء المؤثمة حيازتها، فإن ما يثيره في هذا المقام لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها، وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها لتلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم، وعدم اطمئنانها بالنسبة إلى ذات الأدلة بالنسبة إلى متهم آخر، كما أن لها أن تزن أقوال الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليها في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منه في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها وما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها، لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في شأن تعويل الحكم على شهادة ضابطي الواقعة بالنسبة للإذن والتحريات وإطراحها بالنسبة للتهمة الثانية المسندة للطاعن الأول لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان باقي ما ينعاه الطاعن الثاني خاصاً بالدفع ببطلان الضبط والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن النيابة بذلك، قد سبق تناوله والرد عليه عند بحث أوجه الطعن المقدم من الطاعن الأول لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون كسابقه على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثالثاً: عن الطعن المقدم من النيابة العامة:
ومن حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده المحكوم عليه الأول – بجريمة إحراز جوهر مخدر – هيروين – بغير قصد من القصود في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه نزل بعقوبة الغرامة المحكوم بها عن الحد الأدنى المقرر لتلك الجريمة وهو مائة ألف جنيه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد واقعة الدعوى وأدلة الثبوت عليها انتهى إلى معاقبة المطعون ضده – المحكوم عليه الأول – بالأشغال الشاقة ست سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط وذلك وفقاً للمواد 1، 2، 8/ 1 – 2، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 المرفق. لما كان ذلك، وكانت المادة 38/ 2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 تقضي بأن يعاقب – كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو سلم أو نقل أو زرع أو أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع جوهراً مخدراً وكان ذلك بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً – بالأشغال الشاقة المؤبدة والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه إذا كان الجوهر المخدر محل الجريمة من الكوكايين أو الهيروين. لما كان ذلك، وكانت المادة 36 من القانون سالف الذكر قد نصت على أنه استثناء من أحكام المادة 17 من قانون العقوبات لا يجوز في تطبيق المواد السابقة والمادة 38 النزول عن العقوبة التالية مباشرة للعقوبة المقررة للجريمة، وكان مقتضى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات جواز تبديل العقوبات المقيدة للحرية وحدها في مواد الجنايات بعقوبات مقيدة للحرية أخف منها إذا اقتضت الأحوال رأفة القضاء بالإضافة إلى عقوبة الغرامة التي يجب الحكم بها، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يلتزم عند توقيع عقوبة الغرامة الحد الأدنى المقرر لها في الفقرة الثانية من المادة 38 سالفة البيان – وهو مائة ألف جنيه – باعتبار أن المخدر محل الجريمة – هيروين – فإنه يكون أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بجعل الغرامة المقضى بها مائة ألف جنيه بالإضافة إلى عقوبتي الأشغال الشاقة مدة ست سنوات والمصادرة المقضى بهما على المطعون ضده – المحكوم عليه الأول.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .