الكمبيالة تظل محلاً للتداول حتى ميعاد الاستحقاق حيث أنها يمكن أن تكون محلاً لسلسلة من التظهيرات في الفترة بين تحريرها وتاريخ استحقاقها حتى تستقر في يد الحامل الأخير الذي يجب عليه بدوره تقديم الورقة للمدين الأصلي للوفاء بقيمتها، فإذا قام المدين بالوفاء بقيمة الكمبيالة واستردادها انتهت حياة الورقة وانقضى الالتزام الصرفي، وإذا لم يقم المدين بالوفاء كان على الحامل القيام بسلسلة من الإجراءات في مواعيد معينة منها تحرير احتجاج عدم الوفاء وإعلانه للمظهرين ورفع دعوى الضمان. ولكن قد يحدث أن يحل الميعاد دون أن يطلب الحامل بقيمة الورقة التجارية ثم يقوم بتظهيرها بعد ميعاد الاستحقاق – سواء في يوم الاستحقاق نفسه أو قبل فوات مواعيد تحرير الاحتجاج أو بعد فوات مواعيد تحرير احتجاج عدم الوفاء دون عمله أو بعد إجراء الاحتجاج في الميعاد – وذلك بهدف التخلص من كل أو بعض الإجراءات السابقة، كذلك من المتصور أن يتم تظهير الكمبيالة بعد الوفاء بها دون أن يستردها المدين(1) هل يعتبر من الشروط الموضوعية أن يتم التظهير قبل ميعاد الاستحقاق ؟ وما هو حكم التظهير الذي يقع بعد ميعاد الاستحقاق؟ وهل يجوز مثل هذا التظهير وما هي الآثار التي تترتب عليه؟ أجاب القانون التجاري على هذا التساؤل وقرر في المادة ٤٠٠تجاري مصري بأن “التظهير اللاحق لميعاد الاستحقاق ينتج آثار التظهير السابق عليه، أما التظهير اللاحق لاحتجاج عدم الوفاء فلا ينتج إلا آثار حوالة الحق“.

من ذلك يتضح أن التظهير اللاحق لميعاد الاستحقاق ناقلاً للملكية وتكون له نفس الآثار التي ينتجها التظهير السابق على ميعاد الاستحقاق بشرط أن يقع التظهير قبل انقضاء الميعاد المحدد لتحرير احتجاج عدم الوفاء – وهو خلال أيام العمل الأربعة التالية ليوم الاستحقاق – أي قبل تحرير هذا الاحتجاج، لأن ذلك يعطي الفرصة لمن انتقلت إليه الكمبيالة عمل هذا الاحتجاج، أما التظهير اللاحق لاحتجاج عدم الوفاء فلا ينتج إلا آثار حوالة الحق وبالتالي لا تطبق قاعدة تطهير الدفوع. وكنا نود من المشرع في القانون التجاري أن يعتبر أيضاً التظهير اللاحق لميعاد الاستحقاق والحاصل بعد تحرير الاحتجاج تظهيراً ناقلاً للملكية يرتب نفس آثار التظهير السابق لميعاد الاستحقاق، لأن تحرير احتجاج عدم الوفاء ضماناً لحامل الكمبيالة حيث لا يعتبر مهملاً مما يعطي له حق الرجوع على الموقعين على الكمبيالة ويطهره من الدفوع، أما التظهير اللاحق لميعاد الاستحقاق بعد سقوط عمل الاحتجاج ، لانقضاء ميعاد الاحتجاج دون عمله –فهذا هو التظهير الذي لا يعتبر مثل التظهير السابق على ميعاد الاستحقاق ولا يرتب نفس آثاره وإنما هو حوالة حق ينتج آثارها. وكان موضوع التظهير بعد ميعاد الاستحقاق مثار جدل كبير في الفقه والقضاء في مصر في ظل المجموعة التجارية الملغاة وفي فرنسا أيضاً. حيث لم يتعرض التقنيين التجاري الفرنسي الصادر سنة ١٨٠٧ لمسألة التظهير بعد ميعاد الاستحقاق، وإنما جاءت نصوصه المتعلقة بالتظهير وأثاره عامة وبغير تحديد لميعاد وقوعه، وإزاء هذا الموقف انقسم الفقه والقضاء إلى فريقين. هناك فريق من الفقه والقضاء في فرنسا كان قد ذهب إلى أن ميعاد الاستحقاق هو نهاية لحياة الورقة التجارية وبالتالي تتوقف أحكام قانون الصرف، فبعد هذا التاريخ تتحول الورقة إلى سند مدني يفقد قدرته على التداول بالطرق التجارية، وليس هناك للتنازل عن الحق الثابت في هذا السند إلا الحوالة المدنية. وحجتهم في ذلك أن المشرع لم يستلزم ذكر ميعاد الاستحقاق في الورقة التجارية إلا ليكون نهاية لتداول الورقة التجارية بالطرق التجارية ونهاية لتطبيق أحكام قانون الصرف(2) وكان الرد على ذلك هو أن ميعاد الاستحقاق لا يعتبر نهاية لتطبيق أحاكم قانون الصرف لأن هناك أحكام في قانون الصرف لا يعمل بها إلا بعد ميعاد الاستحقاق منها احتجاج عدم الوفاء والتقادم الصرفي وإعلام الموقعين للرجوع والحجز التحفظي.وكان هناك فريقاً آخر في الفقه تؤيده محكمة النقض الفرنسية ذهب إلى أنه ليس ثمة تفرقة بين التظهير قبل ميعاد الاستحقاق والتظهير بعده فكلاهما من طبيعة واحدة، آثارهما ونتائجهما واحدة وهي التي ينظمها قانون الصرف.

فالكمبيالة تظل محتفظة بصفتها وقيمتها حتى بعد حلول ميعاد الاستحقاق. وحجتهم في ذلك أنه لا يوجد من النصوص ما يفهم منه وجوب وقوع التظهير قبل ميعاد الاستحقاق حتى يرتب آثاره التي يقررها قانون الصرف، وقيام المشرع بتعين ميعاد الاستحقاق إنما هو بهدف تمكين الكمبيالة من أداء دورها كأداة وفاء وأداة ائتمان. وقد استقر القضاء الفرنسي على هذا الرأي الأخير ورتب على التظهير بعد ميعاد الاستحقاق ذات آثار التظهير الذي يقع قبل ميعاد الاستحقاق فهو ينتقل الحق الثابت في الكمبيالة ويضمن المظهر وجود الحق للمظهر إليه وقت الوفاء به ويمتنع على المدين التمسك قبل المظهر إليه بالدفوع التي كان يستطيع أن يتمسك بها في مواجهة المظهر دائنه المباشر وقد جاء القانون الفرنسي الصادر في ٣٠ أكتوبر ١٩٣٥ م مؤيداً لذلك الاتجاه(3) وقد تم تعديل بعض نصوص هذا القانون ليتفق مع أحكام اتفاقيات جنيف الموحدة. وفي مصر ذهب القانون التجاري المختلط الصادر سنة ١٨٨٥ م إلى ضرورة إتمام التظهير قبل ميعاد الاستحقاق حتى ينقل الحق الثابت في الكمبيالة، فقد نصت صراحة المادة ١٤٠ على أن : ملكية الكمبيالة التي يكون دفعها تحت الإذن تنتقل بالتحويل ما دام ميعاد الدفع لم يحل وعلى ذلك لا ينتقل التظهير بعد ميعاد الاستحقاق الحق الثابت في الكمبيالة. لذلك استقر القضاء المختلط على أن التظهير يجب أن يتم قبل ميعاد الاستحقاق لكي ينقل الملكية.من هذا القضاء حكم استئناف مختلط(4) قالت فيه : لا يترتب على تظهيرالسند للأمر بعد ميعاد الاستحقاق نقل ملكية وإنما يعتبر وكالة للقبض. وقالت في حكم آخر لها(5) أن الأصل أن التظهير بعد ميعاد الاستحقاق يعتبرمجرد وكالة بالنسبة إلى الغير وهي وكالة تخول الحامل حق المطالبة بالوفاء باسمه الخاص. وإنما يجوز التمسك في مواجهته بالدفوع التي توجه إلى المظهر.

وفي حكم ثالث لها ذهبت(6) إلى أنه “يجوز لكل ذي مصلحة أن يثبت الصفة الحقيقية للتظهير الحاصل بعد ميعاد الاستحقاق الذي يعتبر وفقاً لنص القانون مجرد توكيل” ونفس الاتجاه في حكم آخر(7) أما المجموعة التجارية الملغاة الصادرة عام ١٨٨٣ م فلم تتضمن نصاً يقابل المادة ١٤٠ من القانون المختلط، لذلك اختلف الفقه والقضاء الوطني في ظل تطبيق أحكام هذه المجموعة حول أثر هذا التظهير. فقد ذهبت بعض الأحكام(8) إلى أن التظهير اللاحق لميعاد الاستحقاق يعتبر حوالة مدنية تسري عليه أحكامها، وذهب فريق ثان من الأحكام – اعتماداً على الذي يرجحه القضاء المختلط – إلى اعتبار التظهير بعد ميعاد الاستحقاق في حكم التظهير التوكيلي. وكان هناك فريق ثالث من القضاء المصري معه محكمة النقض المصرية ذهب إلى اعتبار التظهير اللاحق لميعاد الاستحقاق كالتظهير قبله ينتقل الملكية ويرتب نفس آثاره. وقد تعرضت محكمة النقض المصرية لهذا الموضوع في حكم لها أيدت فيه الحكم السابق وما استقر عليه الفقه أن ذاك قالت فيه(9) لا وجه للتفرقة بين التظهير الحاصل قبل ميعاد الاستحقاق والتظهير الحاصل بعد هذا الميعاد. إذ يكون لكل منهما – متى توافرت شرائطه الشكلية – ذات الآثار القانونية من حيث نقل ملكية السند وتطهير الدفوع، وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ، وهو حكم صادر من محكمة استئناف المنصورة، وانتهى إلى أن التظهير الحاصل بعد ميعاد الاستحقاق يعتبر تظهيراً توكيلياً لا ينتقل السند ولا يطهر الدفوع، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه”. أما موقف الفقه المصري في ذلك الوقت فقد استقر على أن التظهير بعد ميعاد الاستحقاق جائز ويرتب نفس آثار التظهير الذي تم قبل ميعاد الاستحقاق. حيث يرى فريق(10)أن القانون التجاري المصري وهو المجموعة التجارية الملغاة في ذلك الوقت لا يمنع من الاعتراف بالتظهير اللاحق على ميعاد الاستحقاق سواء تم قبل عمل البروتستو أو بعده وسواء تم التظهير بعد وفاء المدين الأصلي في الكمبيالة بقيمتها للحامل الذي طالبه بها دون أن يستردها منه، أو تم هذا التظهير قبل الوفاء، بشرط ألا يثبت في حالة التظهير بعد الوفاء سوء نية المظهر إليه وعلمه بالوفاء.

ويرى فريق آخر(11) أنه متى أعلن الاحتجاج وأقيمت الدعوى فلا محل للتظهير بعد ذلك إذ يندمج الحق في الدعوى ذاتها ولا يكون قابلاً للتداول إلا بطريق الحوالة المدنية. فإن القانون التجاري جاء وقرر أن التظهير اللاحق لميعاد الاستحقاق ينتج آثار التظهير السابق عليه أما التظهير اللاحق لاحتجاج عدم الوفاء فلا ينتج إلا آثار حوالة الحق. ويلاحظ أن للموقعين على الورقة التجارية قبل ميعاد الاستحقاق الاحتجاج على الحامل بالإهمال في المطالبة بقيمة الورقة في ميعاد الاستحقاق وعدم اتخاذ الإجراءات التي يفرضها القانون ، أما الموقعون اللاحقون على احتجاج عدم الوفاء فلا يجوز لهم ذلك لأنهم هم الذين اشتركوا معه في عدم المطالبة وعدم اتخاذ الإجراءات القانونية في الميعاد وكانوا يعلمون بذلك. فله الرجوع عليهم وعلى الساحب باعتباره المدين الأصلي في حالة عدم قبول المسحوب عليه. والتظهير غير المؤرخ يعتبر أنه تم قبل ميعاد الاستحقاق حتى يثبت عكس ذلك وقد ذهب القانون التجاري إلى النص على ذلك في المادة ٤٠٠/٢ حيث نصت على أنه “ يفترض في التظهير الخالي من التاريخ أنه حصل قبل انقضاء الميعاد المحدد لعمل الاحتجاج ما لم يثبت غير ذلك“. وقد قرر صراحاً قانون جنيف الموحد في المادة ٢٠ منه أن – التظهير اللاحق لميعاد الاستحقاق ناقلاً للملكية وتكون له نفس الآثار التي ينتجها التظهير السابق على ميعاد الاستحقاق وذلك بشرط أن يقع التظهير قبل تحرير البروتستو أو قبل انقضاء الميعاد المحدد لتحريره. فإننا نرى على الرغم من نص القانون التجاري أن التظهير اللاحق لميعاد الاستحقاق والحاصل بعد تحرير احتجاج عدم الوفاء تظهيراً ناقلاً للملكية يرتب نفس آثار التظهير السابق لميعاد الاستحقاق، لأن تحرير احتجاج عدم الوفاء ضماناً لحامل الكمبيالة حيث لا يعتبر حاملاً مهملاً مما يعطي له الحق في الرجوع على الموقعين على الكمبيالة ويطهره من الدفوع، أما التظهير اللاحق لميعاد الاستحقاق بعد سقوط عمل الاحتجاج – لانقضاء ميعاد الاحتجاج دون عمله – فهذا هو التظهير الذي لا يعتبر مثل التظهير السابق على ميعاد الاستحقاق ولا يرتب نفس آثاره وإنما هو حوالة حق ينتج آثارها. وقد يحتمل نص المشروع في القانون التجاري ما ذهبنا إليه في هذا التفسير لأن العبارة التي جاءت بها المادة ٤٠٠/١ ، وهي “.. أما التظهير اللاحق لاحتجاج عدم الوفاء فلا ينتج إلا آثار حوالة الحق “عبارة لم توضح ما إذا كان هذا التظهير اللاحق لاحتجاج عدم الوفاء يقصد به التظهير اللاحق لعدم تحرير الاحتجاج أم التظهير اللاحق بعد تحرير الاحتجاج لذلك فإننا نفسرها على أن المقصود بها التظهير اللاحق لعدم تحرير الاحتجاج. أما التظهير اللاحق بعد تحرير احتجاج عدم الوفاء فإننا نرى أن أنه ينقل الحق الثابت في الورقة وينتج نفس آثار التظهير السابق على ميعاد الاستحقاق … . أما نص قانون جنيف الموحد فإنه لا يحتمل ما ذهبنا إليه حيث اعتبر التظهير الذي يقع بعد تحرير البروتستو أو بعد انقضاء الميعاد المحدد لتحريره غير ناقلاً للملكية ولا تكون له نفس آثار التظهير السابق على ميعاد الاستحقاق. لذلك فإننا نختلف معه ….

 أن يكون التظهير كلياً :

يشترط في التظهير أن يرد على مبلغ الكمبيالة بالكامل، فالتظهير يجب أن يكون كلياً، والتظهير الذي لم يرد على مبلغ الكمبيالة بأكمله يكون تظهيراً باطلاً. وقد نص القانون التجاري في المادة ٣٩٢/٣ على ذلك حيث قرر بأن “ويكون التظهير الجزئي باطلاً” . والحجة في ذلك أن التظهير الجزئي من شأنه أن يعرقل تداول الكمبيالة، لأن المظهر لا يتخلى عادة عن الكمبيالة طالما أن التظهير يرد على جزء من مبلغها والتظهير يقتضي تسليم الكمبيالة للمظهر إليه حتى يستطيع الرجوع على المسحوب عليه للوفاء بقيمتها والمسحوب عليه لن يقوم بذلك إلا إذا استرد الكمبيالة من الحامل، هذا بالإضافة أن عدم وجود الكمبيالة مع الحامل لن يمكنه من القيام بالإجراءات التي تطلبها قانون الصرف. وإذا فرض وتسلم الحامل الكمبيالة فإن المسحوب عليه لن يعطيه قيمتها، ولن يتمكن الحامل من تحرير احتجاج عدم الوفاء والرجوع على الضامنين إلا في حدود الجزء الذي وقع عليه التظهير. والحقيقة أنه في ظل المجموعة التجارية الملغاة كنا لا نسلم بما ذهب إليه أغلب الفقهاء(12) من بطلان التظهير الجزئي… ، وكان لنا رأياً خاصاً يبقى على صحة التظهير الجزئي، وكنا نود من المشرع في قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ تقرير صحة التظهير الجزئي .

رأينا الخاص في التظهير الجزئي :

التظهير الجزئي يذهب بنا إلى معنيين، إما أن يرد التظهير على جزء من مبلغ الكمبيالة، وإما أن يتم التظهير من بعض المالكين للحق الثابت بها دون البعض الآخر، فما حكم التظهير الجزئي في الحالتين؟

أ – بالنسبة للتظهير الجزئي الذي يرد على جزء من مبلغ الكمبيالة :

قبل صدور قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ – أن هذا التظهير صحيحاً ناقلاً للملكية بالنسبة لجزء المبلغ المظهر من أجله، أما باقي المبلغ فإنني أعتبر التظهير بالنسبة له تظهيراً توكيلياً في قبض الباقي، فالمظهر ينقل للمظهر إليه ملكية جزء من المبلغ ويجعله وكيلاً عنه في قبض الجزء الباقي، ويستطيع المظهر أن ينص صراحة في الكمبيالة على أن باقي مبلغ الكمبيالة يكون للتوكيل أو التحصيل أو أي عبارة تفيد توكيل المظهر إليه في قبض باقي الكمبيالة، وبالتالي يستطيع المظهر إليه أن يتسلم الكمبيالة بناءاً على ذلك، وبالتالي يستطيع المسحوب عليه أن يوفي بقيمة الكمبيالة في ميعاد الاستحقاق للحامل وإذا امتنع كان في استطاعة الحامل اتخاذ إجراءات قانون الصرف من تحرير الاحتجاج والرجوع على الضامنين وإقامة الدعوى.

ب- بالنسبة للتظهير الذي لا يتم من جميع المالكين للكمبيالة :

الغرض هنا أن الحق الثابت في الكمبيالة مملوك لأكثر من شخص(13)، ولكن التظهير وقع من البعض دون البعض الآخر. كنا نرى – قبل صدور قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ – أن التظهير الحاصل من البعض دون البعض الآخر يعد تظهيراً صحيحاً في مواجهة الموقعين فقط. وذهبت إلى ذلك محكمة الاستئناف المختلط في حكم لها(14)، حيث قالت إذا ظهرت الورقة التجارية من بعض ورثة المستفيد أو المظهر السابق دون البعض الآخر فإن للمظهر إليه أن يطالب المدين بالوفاء بالنصيب الذي يستحقه الورثة الموقعين على صيغة التظهير. من هذا الحكم يتضح أن هذا التظهير صحيحاً ناقلاً للملكية فيما يتعلق بحق الموقعين بالتظهير فقط، ويعتبر المظهر إليه مالكاً لهذا الجزء ووكيلاً في قبض الجزء الباقي نيابة عن الآخرين، كما يستطيع المسحوب عليه أن يوفي بكل المبلغ إلى المظهر إليه بناءاً على ذلك، أو أن يوفي بجزء فقط من مبلغ الكمبيالة يعادل ما يملكه الموقعين على التظهير والذي أصبح مملوكاً للمظهر إليه والامتناع عن دفع الجزء الباقي للمظهر إليه وتسليمه للآخرين الذين لم يوقعوا على التظهير، ويستطيع المسحوب عليه أن يفعل ذلك حتى لو كان قبوله شاملاً لكل مبلغ الكمبيالة. وأجاز قانون التجارة الوفاء الجزئي حيث يجوز للمسحوب عليه أن يطلب الوفاء الجزئي على الكمبيالة وإعطاءه مخالصة به، وتبرأ ذمة الساحب والمظهرين وغيرهم من الملتزمين في الكمبيالة بقدر ما يدفع من قيمتها، وعلى الحامل عمل الاحتجاج عن القدر غير المدفوع المادة ٤٢٧/٤ ،٤ تجاري وعلى ذلك يستطيع حامل الكمبيالة في حالة تظهيرها من بعض المالكين دون البعض الآخر أن يأخذ من قيمتها يعادل ما يملكه الموقعين، وأن يعمل احتجاج عدم الدفع عن الجزء الباقي باعتباره وكيلاً عن الآخرين.

___________________

1- نص القانون التجاري الجديد في المادة ٤٢٧ /1 أنه “إذا أوفى المسحوب عليه جاز له استردادها من حاملها موقعاً عليها بما يفيد الوفاء.

2- راجع الدكتور : محسن شفيق، الموجز، ص ٢.

3- راجع المادة ١٢٣من القانون التجاري الفرنسي الصادر عام ١٩٣٥ م .

4- استئناف مختلط جلسة ٨/12/ ١٩١٧ بلقان لسنة ١٠ ص ٣٦ .

5- استئناف مختلط جلسة 1/12/ ١٩١0 بلقان لسنة ١2 ص 57.

6- استئناف مختلط جلسة 23/3/ ١٩١6 بلقان لسنة 23 ص 215 .

7- استئناف مختلط جلسة 30/1/ ١٩35 بلقان لسنة 47ص 1٣7 .

8- الإسكندرية الابتدائية ٣٠ مارس ١٩٤٠ م المحاماة س ٢٠ ص ١٩١٨ أكتوبر ١٩٤٠ م المحاماة س ٢١ ص ٤٥٦ .

9- حكم محكمة النقض جلسة ٢٨ /4/ ١٩٧٥ م مجموعة أحكام النقض السنة ٢٦ ص ٨٣٥ .

10- د/أمين بدر، الأوراق التجارية في التشريع المصرين الطبعة الثانية س ١٩٥٤ دار النهضة رقم ١٦١ ، د/ محمود سمير الشرقاوي – الأوراق التجارية – طبعة ١٩٩٣ م، ص ١٩٠ دار النهضة العربية ،ص ١١٩ ، د/ مصطفى كمال طه، القانون التجاري، مؤسسة الثقافة الجامعية، طبعة ١٩٨٣ ، ص ٧٤ ، د/ محمد صالح الأوراق التجارية ،. طبعة ١٩٤٧ ، بند ٨٢

11- د/ محسن شفيق : المطول في الأوراق التجارية، بند ٢.

12- د/ محمود سمير الشرقاوي، المرجع السابق، ص ١١٦ ، د/ علي جمال الدين عوض – القانون التجاري طبعة ١٩٨٣ م – دار النهضة العربية ، ص ٢٧٥ ، د/ ثروت عبد الرحيم، القانون التجاري البحري، طبعة ١٩٩٥ م- ١٩٩٦ م ،ً ٢٢٤ ، د/ مصطفى كمال طه، المرجع السابق، ص ٦٢ ، د/ محسن . شفيق المرجع السابق، ص ٢١٠ ، د/ سميحة القليوبي، الأوراق التجارية، الطبعة الثانية ١٩٩٢ م، دار النهضة العربية ص81.

13- من المتصور أني ملك الكمبيالة أكثر من شخص عندما يؤول الحق الثابت بها لهم عن طريق الميراث أو الهبة أو التظهير.

14- استئناف مختلط جلسة ٢٣ /5/ ١٩٠٦ م بلقان لسنة ١٨ ص ٢٩٣ .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .