بحث قانوني قيم عن محاولة القتل في القانون الجنائي

مقدمة

لقد عرف أعضاء الؤتمر الدولي لقانون العقوبات المنعقد في فيرساي سنة 1927 المحاولة بانها ” وضع الوسائل المعدة لارتكاب الجريمة موضع التنفيذ” والجريمة جملة أعمال مترابطة تشترك وتتعاون في الوصول بالمجرم إلى هدفه. فتحقيق النتيجة يمر بأدوار ومراحل متعاقبة يوازن خلالها الشخص بين إرضاء شهوته و تحقيق نزواته، وبين جسامة الجزاء الذي سيحل بجسمه أو بذمته أو بسمعته، فهو بين هذا وذاك يتردد مدة طالت أم قصرت قبل أن يقرر أي الطريقين.
فا لجريمة تمر بأربعة مراحل:
انعقاد النية أو التفكير. – وإعداد العدة أو التحضير. – والبدء في التنفيذ – أما المرحلة الاخيرة فهي مرحلة إتمام تنفيد الجريمة.
فإذا تحققت النتيجة الاجرامية, وتوفرت علاقة سببية تربط بين السلوك والنتيجة, فهنا تقع الجريمة التامة, ويتحقق الركن المادي لها في صورته العادية, إلا أنه في بعض الاحيان يتحقق عنصر واحد فقط من عناصر الركن المادي وهو السلوك الإجرامي دون العنصر الآخر المتمثل في النتيجة الاجرامية, وفي هذه الحالة تكون الجريمة ناقصة, وتسمى المحاولة.
وهذا التسلسل في المسلك الاجرامي يطرح تساؤلا جديا حول تحديد المرحلة المعاقب عليها جزائيا. وهل نعاقب على الجريمة التامة فقط ؟ أم يمكن أن نعاقب حتى في حالة الجريمة الناقصة بجميع صورها؟
من هنا سوف نقوم بتقسيم هذا الموضوع على الشكل التالي:

المبحث الاول : المحاولة
المطلب الاول : تعريف المحاولة
المطلب الثاني : التنظيم التشريعي للشروع في الجريمة
المطلب الثالث : مراحل الجريمة التي لا يعاقب عليها القانون
المبحث الثاني : أركان المحاولة
المطلب الاول : البدء في التنفيذ
المطلب الثاني : انعدام العدول الارادي عن تحقيق النتيجة

المبحث الثالث : صور المحاولة
المطلب الاول :المحاولة في صورةالجريمة العادية
المطلب الثاني :المحاولة في صورة الجريمة الخائبة
المطلب الثالث :المحاولة في صورة الجريمة المستحيلة

المبحث الاول : المحاولة

المطلب الاول : تعريف المحاولة

المحاولة جريمة ناقصة1 بالنظر إلى أن الجاني يشرع في تنفيذ الجريمة ولكن النتيجة الإجرامية لا تتحقق إما لتدخل عامل خارج عن إرادته أو وقف نشاطه الإجرامي ومنعه من تحقيق النتيجة الإجرامية وتسمى المحاولة في هذه الحالة بالجريمة الموقوفة. وإما لخيبة اثر فعله، بحيث أتى كل الأفعال التي تمكنه من تحقيق النتيجة ومع ذلك لم تتحقق وتسمى المحاولة في هذه الحالة بالجريمة الخائبة.
فإذا امتنعت الأم عن إرضاع طفلها قصد قتله، وتمكن شخص من أخذه منها وأنقذ حياته فان الأم تكون قد ارتكبت محاولة القتل. بالرغم من أن المحاولة جريمة لا تقع تامة، بحيث ينعدم فيها عنصر النتيجة الإجرامية، إلا أن المشرع مع ذلك يعاقب عليها. وعلة ذلك أن المشرع الجنائي لا يجرم تلك الأفعال التي تمس بمصالح الجماعة الأساسية فقط. وإنما أيضا الأفعال التي تهدد تلك المصالح بالخطر. وفعل الجاني في المحاولة يهدد المصالح، إذ انه يتجاوز مرحلة العزم والتصميم، ويبدأ في الأعمال التحضيرية، والتنفيذ، والنتيجة إن لم تتحقق فذلك راجع لأسباب قد تكون خارجة عن إرادة الجاني.

المطلب الثاني : التنظيم التشريعي للشروع في الجريمة

تعرض المشرع المغربي للمحاولة في الباب الثاني من الجزء الأول من الكتاب الثاني في المجموعة الجنائية تحت عنوان “في المحاولة” وخصص لها أربع فصول، نوردها على الشكل التالي
الفصل 114 كل محاولة ارتكاب جناية بدت بالشروع في تنفيذها أو بأعمال لا لبس فيها، تهدف مباشرة إلى ارتكابها، إذا لم يوقف تنفيذها أو لم يحصل الأثر المتوخى منها إلا لظروف خارجة عن إرادة مرتكبيها تعتبر كالجناية التامة ويعاقب عليها بهذه الصفة
الفصل115: لا يعاقب على محاولة الجنحة إلا بمقتضى نص خاص في القانون
الفصل 116: محاولة المخالفة لا يعاقب عليها مطلقا
الفصل 117 يعاقب على المحاولة حتى في الأحوال التي يكون الغرض فيها من الجريمة غير ممكن بسبب ظروف واقعية يجهلها الفاعل
يتضح من خلال هذه الفصول، أن المشرع يعاقب على المحاولة الجنائية دائما أما محاولة الجنحة فلا عقاب عليها إلا بمقتضى نص خاص في القانون، ومحاولة المخالفة لا عقاب عليها مطلقا. أما من حيث مقدار العقاب فان المشرع المغربي يقرر للمحاولة الجنائية نفس عقوبة الجريمة التامة، وذلك بصريح نص الفصل 114 من القانون الجنائي وحتى بالنسبة لمحاولة الجنحة، فان كل النصوص التي يعاقب عليها في المجموعة الجنائية تقرر لها نفس عقوبة الجنحة التامة.
وبالرجوع إلى التشريعات المقارنة نجدها غير متفقة في هذا الصدد3 حيث تجيز هذه التشريعات للقاضي تخفيف عقوبة المحاولة عن عقوبة الجريمة التامة، مثل المشرع السويسري والمشرع الألماني. وهناك من التشريعات من تقرر للمحاولة عقوبة اخف من عقوبة الجريمة التامة وتجعل هذا التخفيف واجبا على القاضي، مثل المشرع البلجيكي والمشرع الايطالي. وهناك أيضا من التشريعات من تقرر للمحاولة في كل جريمة عقوبة خاصة بها مثل المشرع السويدي

المطلب الثالث : مراحل الجريمة التي لا يعاقب عليها القانون

لا يتدخل القانون بالعقاب على مرحلتين من مراحل الجريمة
الأولى: هي التفكير والتصميم عليها
الثانية : هي الأعمال التحضيرية
أما الأولى: فتتمثل في الجريمة النفسية، وهي تكون محض فكرة أو مجرد إرادة ولا عقاب
على هذه المرحلة، ولو ثبت التفكير أو التصميم على نحو لا شك فيه، كما لو اعترف به صاحبه أو ابلغ غيره عنه. باستثناء الجرائم الإرهابية، لان هذه الأخيرة حسب
الفصول (1-218 الى 9- 218 ) (مكرر) من القانون الجنائي، تقوم فيها المسؤولية الجنائية بمجرد التصريح فقط.
إن السبب في عدم تجريم مجرد التفكير في جل الجرائم. ترجع بالأساس إلى وجوب توفر ركن مادي، ويقتضي هذا الركن فعل, وللفعل كيان مادي يقوم على حركة عضوية.
ويضاف إلى ذلك، عدم العقاب على هذه المرحلة فيه تشجيع على العدول عن تنفيذ الجريمة.
أما الثانية: فتتمثل في الأعمال التحضيرية للجريمة – مرحلة الشروع – تتخذ الجريمة فيها كيانا ماديا إذ يعبر الجاني فيها عن تصميمه بأفعال ملموسة5
ويراد بالأعمال التحضيرية كل فعل يتجاوز به الجاني وسيلة ارتكاب الجريمة كشراء السلاح في جريمة القتل، أو تجهيز المادة السامة… الخ.
والقاعدة العامة لا عقاب على هذه الأفعال باعتبارها لا تعد شروعا في الجريمة، ولا يشكل أي خطر يهدد حقا أو مصلحة. وهذه المرحلة تتسم بطابع الغموض، إذ لا تكتشف في صورة أكيدة عن نية إجرامية، فشراء السلاح مثلا قد يدل على اتجاه إلى الجريمة كما يدل على إمكانية استعماله لغرض معين كالقنص او الحراسة.
غير أن ما يمكن الإشارة إليه في هذا الإطار هو أن العمل التحضيري قد يكون معاقبا عليه إذا كان مشكلا لجريمة مستقلة عن الجريمة المحضر لها، ومثال ذلك الشخص الذي يريد اقتراف جريمة القتل، وقام بسرقة هذا السلاح فانه سيعاقب عن جريمة السرقة، ولو أنها كانت تشكل عملا تحضيريا للقتل العمد.

المبحث الثاني : أركان المحاولة

المطلب الاول : البدء في التنفيذ

لقيام أي محاولة يلزم توفر شرطين أولهما مادي وثانيهما معنوي.
الشرط الاول: البدء في التنفيد: وهذا الشرط يستفاد نن المادة 114 من القانون الجنائي عندما نصت ” كل محاولة ارتكاب جناية بدت بالشروع في تنفيذها أو بأعمال لا لبس فيها، تهدف مباشرة إلى ارتكابها ” وبحسب هذا الشرط لامجال للمحاولة إذا لم يبتدأ الجاني في تنفيذ وقائع الجريمة , لأن كل عمل دون ذلك لن يعتبر سوى عملا تحضيريا للجريمة غير معاقب مبدئيا ما لم يقرر المشرع عقابه لاعتبارات معينة

وعلى محكمت الموضوع أن تورد في حكمها مختلف الوقائع التي تكون إستخلت منها عنصر البدء في التنفيد للقول بقيام محاولت الجريمة أو إنتفاء هذا العنصر ولا يرقى نشاط الفاعل إلى مرتبة الشروع وإنما يشكل فقط عملا تحضيريا.

المطلب الثاني : انعدام العدول الارادي عن تحقيق النتيجة

بالرجوع للمادة 114 أعلاه. نجدها تعتبر أن البدء في التنفيذ لايمكن إعتباره مشكلا لجريمة المحاولة, إلا إذا لم يوقف تنفيذها أو لم يحصل الأثر المتوخى منها إلا لظروف خارجة عن إرادة مرتكبها.
إدن فالمشرع قد إعتبر -عن طريق مفهوم المخالفة- بأن التراجع الإختياري عن تنفيد الجريمة التامة وتحصيل النتيجة فيها يؤدي في حالة ثبوته إلى غياب المحاولة أصلا لانتفاء العنصر المعنوي فيها.

هذا والمقصود بالعدول الإرادي عن المحاولة أن الفاعل ولو أنه قد بدأ في إرتكاب الجريمة, إلا أنه يتراجع ويتوقف عن إتمامها, مهما كانت هذه الدوافع فسواء كان الندم أو الخوف أو الشفقة, لكن دون تدخل أي عامل أجنبي وإلا كان هذا التراجع إضطراري.
هذا والعلة في عدم عقاب المحاولة هي رغبة المشرع في تشجيع الجناة على التراجع عن تنفيذ وإتمام نشاطهم الإجرامي, ذلك أن البادئ في تنفيد إذا كان يعلم مسبقا أن مجرد شروعه في ذلك سيؤدي بمفرده إلى معاقبته بعقاب الجريمة التامة فإنه سيمضي حتما في مشروعه الإجرامي.
إن المشرع يلعب دورا وقائيا ويمنع الجريمة بأي وسيلة,ولعله يكون من أهمها إعتبار النشاط المشكل للبدء في التنفيذ, غير معاقب عليه إذا هو تراجع الجاني عن إتمام الجريمة بإختياره الحر.

المبحث الثالث : صور المحاولة

لا يشترط للعقاب عن الفعل أن يكتمل الفعل الجرمي، بل يكفي أن يشرع فيه المتهم ويتوقف عن إتمامه بالرغم منه، بتدخل عوامل أجنبية منعته من إتمام فعلته، وقد يرتكب المجرم فعلته ويخيب مسعاه لاستحالة تحقيق النتيجة الإجرامية، فصور المحاولة إذن تنقسم إلى ثلاثة صور نلخصها فيما يلي:

المطلب الاول :المحاولة في صورةالجريمة العادية

وهي المنصوص عليها في الفقرة الأولى من الفصل 114 المذكور آنفا، فالمجرم الذي يوجه مسدسه المملوء بالرصاص إلى جسم الضحية بغية قتله، وفي الوقت الذي يريد فيه الضغط على زناد المسدس، يتدخل احد رجال الأمن ويمنعه من إتمام الجريمة، يعتبر مرتكبا لجناية محاولة القتل العمد، لان هدفه هو إزهاق روح الضحية الذي لم يتحقق نظرا لتدخل رجل الأمن، وما قام به هو عمل لا لبس فيه يهدف إلى ارتكاب جريمة القتل العمد.

لكن قد يثور في بعض الأحيان مشكلة التمييز بين مرحلة التحضير للجريمة ومرحلة المحاولة أو الشروع في الجريمة. وهذا ما سنعمل على توضيحه في هذا الباب:
حيث لم يستطع فقهاء القانون وضع معيار للتفرقة بين الأعمال التحضيرية والمحاولة، فالفقه القانوني الألماني يبحث عن هذه التفرقة في القصد الجنائي للفاعل أو في نفسيته.
وهذا ما يسمى بالمذهب الشخصي، واهم أنصاره الفقيه Von Bury فالشروع في تنفيذ
الجريمة في نظر هذا المذهب يتمثل في اتجاه إرادة الجاني نحو تحقيق غاية إجرامية معينة، فإذا ثبتت الإرادة ولم يتحقق الفعل قامت المحاولة.

ويرى الدكتور الشناوي، بان هذا المعيار غامض، لأنه لا يصلح إلا في الأحوال التي يستخدم فيها الجاني وسائل معينة لارتكاب جريمته،ومن ناحية أخرى لا يمكن معرفة الوقت بالتحديد الذي يضع فيه الجاني وسائله موضع التنفيذ.

إن المشرع المغربي يأخذ بعين الاعتبار في تعريفه للمحاولة المعيار المادي من جهة، عندما نص على ارتكاب أفعال لا لبس فيها تهدف مباشرة إلى ارتكاب الجريمة، أي أصبحت داخلة في تنفيذ الجريمة ولو في بدايتها، وأخذ من جهة أخرى بالمعيار الشخصي في تعريفه للمحاولة عندما فتح الباب للبحث في إرادة المتهم، وعما إذا كان الجاني قد توقف عن ارتكاب الجريمة بطواعية واختيار ، أم أن هناك ظروفا أجنبية هي التي منعته من إتمام وتنفيذ جريمته.
ويمكن في هذا الإطار أن نضيف معيارا أكثر بساطة للتفرقة بين العمل التحضيري قبل المحاولة والمحاولة ذاتها، فحمل المتهم للمسدس في جيبه هو عمل تحضيري فقط، أما إخراجه لمسدسه وإشهاره في وجه الضحية يعتبر محاولة، لأنه تعبير واضح على القتل.

المطلب الثاني :المحاولة في صورة الجريمة الخائبة

وهي الحالة التي يكون فيها الغرض من الفعل الجرمي المرتكب غير ممكن، فقد يتسلق الجاني جدار المنزل بهدف قتل شخص معين، لكن ظروفا قد تحول دون تحقيق هدفه المنشود. فإظطر للانسحاب من مكان الجريمة حتى لا يكتشف أمره ويلقى القبض عليه.
فالمتهم في هذا المثال كان يجهل تلك الظروف التي حالت دون تنفيذ جريمة محاولة القتل، ولا يعتبر انسحاب المتهم من مكان الجريمة عدولا إراديا لأنه قام بجميع الأعمال اللازمة لقتل ذلك الشخص.
فالجريمة الخائبة إذن هي ممكنة الوقوع ولكن ظروفها الواقعية تحول دون تحقيقها.

المطلب الثالث :المحاولة في صورة الجريمة المستحيلة.

وهي الحالة التي يرتكب فيها الجاني جريمته بكيفية تامة ولكن يستحيل واقعيا أن يتحقق الغرض المتوخى منها، والمثال الكلاسيكي للجريمة المستحيلة هو الحالة التي يوجه المتهم عيارات نارية متعددة إلى مكان يعتبر قاتلا في جسم الضحية إلا ان الجاني يكتشف بعد طلقاته النارية انها مجرد جثة ،و يمكن إضافة مثال ثاني يتمثل في محاولة الإجهاض المرتكبة في حق إمرأة لم تكن حاملا .
أما بالنسبة للتشريعات المقارنة نجد أن عقاب المحاولة في صورة الجريمة المستحيلة في فرنسا بمناسبة قضية laurent التي تتلخص في كونه اراد قتل والده، فحشا سلاحه بالرصاص وخباه في شجرة منتضرا الفرصة لافراغه فيه، لكن الاب تفطن لفعلته فنزع الرصاص من البندقية، مع تركه لها في مكانها وبدون ابداء ما يمكن ان يشعر الابن باكتشاف الواقعة من طرف ابيه، واحيل الابت العاق على محكمة “Agen” التي اعتبرته شارعا في قتل والده
وقد تأتي الاستحالة أيضا من عدم فعالية الوسائل المستعملة كمن يريد القتل بواسطة سلاح لم يعد صالحا للاستعمال، أو من يحاول تسميم شخص بواسطة مادة غير ضارة اطلاق
ويمكن إعتبار نقطة الالتقاء بين الجريمة الخائبة والجريمة المستحيلة متمثلة في أن الجاني في الجريمتين معا يفعل كل ما في وسعه لتحقيق غايته من الجريمة، ولكن تلك الغاية لا تتحقق بسبب استحالة الجريمة أصلا، أو عدم إمكانيتها في الوقت الذي إ1رتكبت فيه، ويعاقب المشرع المغربي على المحاولة بعقوبة الجريمة التامة وفي جميع صورها المذكورة آنفا.

خــاتــمــة

عموما يمكن القول أن محاولة القتل في القانون الجنائي, قد أثارت جدلا واسعا. وعاقب المشرع المغربي على الشروع في الجريمة أو المحاولة فيها بعقوبة الجريمة التامة. إلا أن الملاحظ هو أنه ميز من حيث المبدأ في العقاب على المحاولة بين الجنايات والجنح والمخالفات.
وهكذا طبقا للمادة 114 من القانون الجنائي فإن العقاب على محاولة الجنايات مقرر دوما, أما بالنسبة للجنح فالمبدأ لاعقاب على المحاولة إلا إذا قرر ذلك المشرع بنص صريح, أما محاولة المخالفات فهي غير معاقب عليها إطلاقا.
وكما هو واضح مما أسلفنا فإن العقوبة تعاقب بها المحاولة الجنايات هي نفس عقوبة الجريمة التامة وهي لاتخلو من الشدة والقسوة, ومع ذلك فهذا النهج له ما يبرره, لما فيه مصلحة المجتمع التشديد في مواجهة من يشكلا خطرا على سلامته وأمنه, حتى يرتدع من تسول له نفسه مجرد البدأ في تنفيد الجريمة.
ونلفت الإنتباه في هذا المقام إلى أن جملة من التشريعات الجنائية المقارنة, كالمشرع المصري و الإيطالي والبلجيكي والعراقي, فكل هذه التشريعات كانت رحيمة إذ أنها لم تعاقب على المحاولة بعقوبة الجريمة التامة, وهو نفس النهج المعروف في الفقه الجنائي الإسلامي.