تحريك الدعوى الجنائية في جريمة خيانة الأمانة – اجتهادات قضائية مصرية

الطعن 1615 لسنة 37 ق جلسة 7 / 11 / 1967 مكتب فني 18 ج 3 ق 226 ص 1092 جلسة 7 من نوفمبر سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور أحمد خلف.
———–
(226)
الطعن رقم 1615 لسنة 37 القضائية

(أ) دعوى مدنية. “تركها”. إعلان. إجراءات المحاكمة.
تخلف المدعي المدني عن الحضور أمام المحكمة بغير عذر بعد إعلانه لشخصه. أثره: اعتباره تاركاً لدعواه المدنية.
(ب) وكالة. خيانة أمانة.
تحصيل المتهم لمبالغ نيابة عن المجني عليه وعلى ذمة توصيلها إليه يتوافر به أركان عقد الوكالة المنصوص عليها في المادة 341 عقوبات.
(ج) جريمة. خيانة أمانة. دعوى جنائية. “تحريكها”.
ليست جريمة خيانة الأمانة من الجرائم التي يتقيد رفعها بشكوى من المجني عليه. حق المدعي المدني في تحريكها مباشرة بتكليف بالحضور.
)د) حكم. “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. دفوع. دفاع. “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”.
التفات الحكم عن الرد على دفع ظاهر البطلان. لا يعيبه.
)هـ) دفاع. “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. حكم. “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. محكمة الموضوع.
محكمة الموضوع. التزامها بإجابة الطلب الجازم أو الرد عليه. شرط ذلك؟ إصرار مقدم الطلب عليه في طلباته الختامية.
)و) حكم. “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. إثبات. “شهادة الشهود”.
لا محل للنعي على الحكم إذا ما حصل أقوال شاهد من أقواله بمحضر جلسة المحاكمة ولم يخطئ في فهم مضمونها أو إنزال حكم القانون على الواقعة.

—————
1 – من المقرر وفقاً لنص المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية أن المدعى بالحق المدني يعتبر تاركاً لدعواه المدنية إذا تخلف عن الحضور أمام المحكمة بغير عذر مقبول بشرط أن يكون قد أعلن لشخصه.
2 – إذا كان المستفاد من أقوال شاهدي الإثبات أن المتهم حصل المبالغ الواردة بالفواتير نيابة عن المجني عليه وعلى ذمة توصيلها إليه – فإنه بذلك تتوافر أركان عقد الوكالة كما هي معرفة في القانون وهي من عقود الائتمان الواردة بالمادة 341 من قانون العقوبات.
3 – جريمة خيانة الأمانة ليست من بين الجرائم التي يستلزم القانون صدور شكوى من المجني عليه إلى النيابة العامة أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي لرفع الدعوى الجنائية في شأنها ومن ثم فلا تثريب على المدعي بالحق المدني إذا هو قام بتحريكها بناءً على تكليف المتهم مباشرة بالحضور أمام محكمة الجنح وفقاً لنص المادة 232 إجراءات.
4 – لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على الدفع الذي أبداه المتهم بعدم قبول الدعوى طالما أنه دفع ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب.
5 – الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه – هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية – فإذا كان المتهم لم يصر على طلب سماع أقوال المجني عليه – فليس له أن ينعي على المحكمة عدم إجابته إلى هذا الطلب.
6 – متى كان ما حصله الحكم من أقوال الشاهدين له سنده الصحيح من أقوالهما بمحضر جلسة المحاكمة أمام محكمة أول درجة ولم تخطئ المحكمة في فهم مضمون شهادتهما أو إنزال حكم القانون على الواقعة، فإن ما يثيره المتهم من فساد الحكم في الاستدلال، وقصوره في التسبيب – لا يكون له محل.

الوقائع
أقام المدعى بالحق المدني دعواه بالطريق المباشر ضد الطاعن أمام محكمة جنح باب الشعرية الجزئية متهماً إياه بأنه في يوم 19 فبراير سنة 1964 بدائرة قسم باب الشعرية محافظة القاهرة: بصفته محصلاً لديه قام باستلام مبلغ 53 جنيهاً و140 مليماً لذمة توريده لخزينة الشركة إدارة الطاعن فاختلسها لنفسه ولم يقم بتوريده وطلب عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات مع إلزامه أن يدفع له قرشاً صاغاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم أربعة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ وإلزامه أن يؤدي إلى المدعي بالحق المدني قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف ورفضت ما عدا ذلك. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم شهراً واحداً مع الشغل وتأييده فيما عدا ذلك. فطعن وكيل المحكوم عليه هذا الحكم بطريق النقض…. الخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة تبديد قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم استند إلى أقوال شهود الإثبات في حين أن فحوى شهادتهم لا تفيد أن استلامه للنقود المدعى باختلاسها كان على سبيل الأمانة وقد أدى ذلك إلى خطأ المحكمة في تكييف العلاقة القانونية التي تربط الطاعن والمجني عليه. هذا وقد دفع الطاعن أمام محكمة الدرجة الثانية بعدم قبول الدعوى لتحريكها بالطريق المباشر دون شكوى سابقة من المجني عليه كما دفع بأنه يعمل وكيلاً بالعمولة لدى المجني عليه وطلب سماع المدعى بالحق المدني شاهداً في الدعوى ولكن المحكمة التفتت عن طلبه ولم تعن بالرد على دفاعه، وأخيراً فإن المحكمة لم تجب الطاعن إلى طلبه الحكم باعتبار المدعي بالحق المدني تاركاً لدعواه المدنية على الرغم من تخلفه عن الحضور بعد أن أعلن لشخصه.
وحيث إن حكم محكمة أول درجة بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التبديد التي دين الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها مستقاة من الفواتير الممضاة من الطاعن ومن أقوال الشهود التي حصلها في قوله: “وحيث إنه بمناقشة الشاهدين عبد المنعم عبد الدايم وعزت أحمد إبراهيم قررا أن المتهم تسلم منهما قيمة الفواتير المقدمة من المدعي بالحق المدني بعد أن أشر عليهما بالتخلص وذلك لحساب المجني عليه باعتباره يعمل محصلاً عنده وأنهما تعاقداً مع المجني عليه والمتهم كان يعمل لديه في المحل”. لما كان ذلك، وكان المستفاد من أقوال هذين الشاهدين أن الطاعن حصل المبالغ الواردة بالفواتير نيابة عن المجني عليه وعلى ذمة توصيلها إليه الأمر الذي تتوافر به أركان عقد الوكالة كما هي معرفة به في القانون وهي من عقود الائتمان الواردة بالمادة 341 من قانون العقوبات، وكان ما حصله الحكم من أقوال الشاهدين له سنده الصحيح من أقوالهما بمحضر جلسة المحاكمة أمام محكمة أول درجة ولم تخطئ المحكمة في فهم مضمون شهادتهما أو إنزال حكم القانون على الواقعة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا محل له. لما كان ذلك، وكان يبين من نص المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية أن جريمة خيانة الأمانة ليست من بين الجرائم التي يستلزم القانون صدور شكوى من المجني عليه إلى النيابة العامة أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي لرفع الدعوى الجنائية في شأنها ولا تثريب على المدعي بالحق المدني إذا هو قام بتحريكها بناءً على تكليفه المتهم مباشرة بالحضور أمام محكمة الجنح وفقاً لنص المادة 232 من ذلك القانون، فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه إذا هو التفت عن الرد على الدفع الذي أبداه الطاعن بعدم قبول الدعوى طالما أنه دفع ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب. لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة محاضر جلسات محكمة الدرجة الثانية أن الطاعن طلب بجلسة 22/ 1/ 1967 سماع شهادة المدعي بالحق المدني وقد أجلت الدعوى لجلسة 12 من مارس سنة 1967 لإشعاره وترافع المدافع عنه بهذه الجلسة وأنهى مرافعته دون التمسك بهذا الطلب، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكان الطاعن لم يصر على طلب سماع أقوال المجني عليه، فليس له أن ينعي على المحكمة عدم إجابته إلى هذا الطلب. لم كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على الأوراق أن المدعي بالحق المدني قد تخلف عن الحضور بجلسة 12/ 3/ 1967 أمام محكمة الدرجة الثانية وقد طلب الطاعن الحكم باعتباره تاركاً لدعواه المدنية إلا أن المحكمة لم تقض بهذا الطلب وكان يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن المدعي بالحق المدني لم يعلن شخصياً بالحضور لتلك الجلسة إنما أعلن مع تابعه المقيم معه لغيابه وقت الإعلان وكان من المقرر وفقاً لنص المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية أن المدعي بالحق المدني يعتبر تاركاً لدعواه المدنية إذا تخلف عن الحضور أمام المحكمة بغير عذر مقبول بشرط أن يكون قد أعلن لشخصه، فإن طلب الحكم باعتبار المدعي بالحق المدني تاركاً لدعواه المدنية يكون في غير محله وظاهر البطلان ولا جناح على المحكمة إذا هي التفتت عن الرد عليه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .