الاجتماعات والمظاهرات الحزبية :

ان التطور الطبيعي لنشأة أي حزب من الاحزاب السياسية يقتضي ان تؤمن فئة قليلة من الافراد برأي معين ، فتنشأ بينهم روابط فكرية وتجمعهم اهداف وآمال مشتركة ، ثم يجتمع هؤلاء ويتبنون الوسائل الكفيلة بنشر آرائهم وافكارهم فيكثر المؤيدون والمحبذون حتى يصل الحزب إلى مستوى متقدم من التنظيم (1) . وهذا يعني ان اجتماع اعضاء الحزب السياسي هو الخطوة الاولى لنشأة الحزب واستمراره في الميدان السياسي ، مما يبرز اهمية حرية الاجتماع وتأثيرها على الاحزاب السياسية في مجال ممارسة نشاطها .وينصرف مفهوم حرية الاجتماع إلى قدرة الافراد على عقد الاجتماعات السلمية في المكان والزمان اللذين يختارونهما للتعبير عن آرائهم بأية طريقة كالخطابة أو المناقشة أو القاء المحاضرات أو تنظيم الحفلات (2) .وتعد حرية الاجتماع صورة من صور الحرية الفكرية لان عقد الاجتماع بين جمع من الافراد بقصد المناقشة أو ابداء الرأي بشأن أي من الموضوعات السياسية أو الدينية أو الثقافية انما هو تعبير عما يجول في اذهانهم من افكار وآراء . وليس ادل على اهمية هذه الحرية من النص عليها في الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي اقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10/12/1948 ، حيث نصت م (20) ف (1) على ان (( لكل فرد الحق في الاجتماع السلمي . . . . )) ، كما اشارت إلى هذه الحرية الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية الصادرة عام 1966 في م (21) والتي نصت على ان (( يعترف بالحق في الاجتماع السلمي ولا يجوز وضع القيود على ممارسة هذا الحق غير ما يفرض منها تمشياً مع القانون والتي تستوجبها في مجتمع ديمقراطي مصلحة الامن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الاخلاق أو حماية الآخرين وحرياتهم )) .وقد وضع القضاء الفرنسي من خلال احكامه مجموعة من الشروط التي استلزم تحققها لاسباغ وصف الاجتماع – بالمعنى القانوني لهذه الكلمة – على تجمعات الافراد، وهذه الشروط هي:

1. التنظيم : فالاجتماع هو تجمع منظم متفق عليه ، وهذا يخرج اللقاءات والاجتماعات العابرة عن نطاق مفهوم الاجتماع .

2. التأقيت : وهذا ما يميز حرية الاجتماع عن حرية تكوين الجمعيات التي تتميز بصفة الاستمرارية .

3. الغاية : يشترط لعقد الاجتماع ان يكون غايته مشروعة غير مخالفة للقوانين والنظام العام والآداب ، فضلاً عن ان انعقاد الاجتماع ينطوي على تبادل للآراء ووجهات النظر أو الدفاع عن المصالح ، وهذا ما يميزه عن الاجتماعات التي تتم لمشاهدة عرض مسرحي أو سينمائي.

4. مكان الانعقاد : حيث يشترط ان لا ينعقد الاجتماع في الطريق العام ، وهذا ما يميز الاجتماع عن التظاهر (التجمهر) (3). الذي يعد من فروع حرية الاجتماع ، ويكون القصد منه تأييد أو رفض موضوع من الموضوعات التي تهم المجتمع أو فئة منه أو يراد به احياء مبدأ أو تخليد ذكرى .

وتعد المظاهرات دليلاً واضحاً على الاحساس بالمسؤولية الوطنية والاجتماعية لدى افراد المجتمع وشرائحه إذا كانت بواعثها وغاياتها معبرة عن طموحاته واهدافه فضلاً عن اقترانها باقتراحات عملية بناءة بشرط عدم اساءة فهم هذه الحرية أو استغلالها لاغراض اجرامية غير مباحة(4) .ولا تخرج المسيرات عن هذا الوصف ، غير ان جانباً من الفقه يميز بين الاثنتين (المظاهرات والمسيرات) على الرغم من الارتباط الوثيق بينهما ، على اساس ان المظاهرة تسبق المسيرة في الزمن ، فالمظاهرة هي تجمع ثابت لحدوثها في كل مكان أو اتجاه محدد بينما تمتاز المسيرة بالحركة ، فهي تعتمد على انتقال جمع من الأفراد في شكل صفوف متراصة إلى اتجاه معين مع امكانية التغيير إلى اتجاهات اخرى ، فضلاً عن عد المسيرة اكثر تنظيماً من المظاهرة(5).

_________________________________________

1- د. الشافعي أبو راس ، المصدر السابق ، ص33 .

2- د. صبحي المحمصاني ، المصدر السابق ، ص169 .

3- Claude-Albert Colliard ، op.cit ، P 720-722

4- د. صبحي المحمصاني ، المصدر السابق ، ص172-173 .

5- Claude-Albert Colliars ، op cit ، p.743.

الاجتماعات والمظاهرات الحزبية في الدول المقارنة :

سنتناول في هذا الجزء من الدراسة بحث الأحكام المنظمة لحرية الاجتماع والتظاهر في النصوص التشريعية لكل من فرنسا ومصر . ففي فرنسا ، يعد قانون 30/6/1881 أول القوانين المؤكدة لحرية الاجتماع ، ولا يزال نافذاً إلى الوقت الحاضر برغم التعديلات التي ادخلت عليه ، حيث نصت م(1) منه على ان (( الاجتماعات العامة حرة ويمكن عقدها دون ترخيص سابق طبقاً للشروط المنصوص عليها في هذا القانون )) (1). وجاءت كل من م(2) و م(3) لتبين اتباع نظام الاخطار السابق (المقيد) والكيفية التي يقدم بها ، حيث قضتا بوجوب قيام اثنين من منظمي الاجتماع بتقديم اخطار الجهة الادارية قبل (24) ساعة من التاريخ المراد عقد الاجتماع فيه ، على ان يذكر فيه مكان وزمان عقد الاجتماع . وفي 28/3/1907 صدر قانون الغى شرط الاخطار السابق ، إذ نصَّ في مادته الاولى على ان (( الاجتماعات العامة اياً كان غرضها يمكنها ان تنعقد دون اخطار سابق )) (2) . وقد منح المشرع الفرنسي للادارة صلاحية فض الاجتماعات العامة إذا طلبت ذلك اللجنة المسؤولة عن تنظيم الاجتماع ، أو إذا شهد الاجتماع مصادمات واعمال عنف (3) . ويمكننا ان نتبين من خلال الاطلاع على بعض الاحكام القضائية الصادرة عن مجلس الدولة الفرنسي ، انها منحت للادارة الحق في منع اجتماع عام بحجة احتمال الاخلال ، أو احتمال تهديد النظام العام كما هو الحال في حكم (( Benjamin )) الصادر عام 1933 (4).

في حين وجدنا ان مجلس الدولة الفرنسي قد تبنى في احكام اخرى اتجاهاً مسانداً لحرية الاجتماع في مواجهة سلطات الادارة كما هو الحال في حكم ( Bakary Djibo) الصادر في 30/11/1956 (5) . اما حرية التظاهر ، فان قانون 30/6/1881 لم يتول امر تنظيمها ، مما فسح المجال امام الافراد لتنظيم المظاهرات ، فالسلطات الادارية لا تستطيع منعها الا إذا تذرعت بان المظاهرات والمسيرات شكل من اشكال التجمع غير القانوني ، وبصدور قانون 23/10/1935 فقد خضعت المظاهرات والمسيرات إلى نظام الاخطار السابق ، حيث نصت م (1) منه على ان (( كل المسيرات والعروض وبوجه عام كل المظاهرات في الطريق العام تخضع للأخطار السابق )) فيما اباحت م(3) لسلطات الضبط الاداري حظر تنظيم اية مظاهرة إذا رأت بان المظاهرة المراد القيام بها من شانها الاخلال بالنظام العام (6) . وفي 8/6/1970 صدر القانون رقم (70-48) ، وكان الغرض منه مجابهة بعض انواع الجرائم ، حيث اشارت م (1) إلى فرض عقوبة السجن لمدة خمس سنوات على كل من تدخل في اجتماع اشخاص ، ولو كان الاجتماع مشروع ، إذ نتج عنه اعمال عنف أو تخريب تم بواسطة المشاركين الآخرين . وهذا يعني الخروج عن النطاق التقليدي للمسؤولية في القانون الفرنسي ، والذي يقضي بمسؤلية محدث الضرر عما تسبب به فعله ، مما حمل القضاء الفرنسي إلى الحد من هذا التوسع في نطاق المسؤولية ، حيث مهد ذلك إلى تعديل قانون 1970 بصدور قانون 23/12/1981 الذي تضمن احكاماً مثلت عودة المشرع الفرنسي إلى الاحكام العامة في المسؤولية (7) . اما ما يخص حرية الاجتماع والتظاهر في مصر ، فقد اشار دستور 1971 اليها في م(54)، والتي نصت على ان (( للمواطنين حق الاجتماع الخاص في هدوء غير حاملين سلاحاً ودون الحاجة إلى اخطار سابق ولا يجوز لرجال الامن حضور اجتماعاتهم الخاصة والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة في حدود القانون)). والملاحظ ان هذا النص قد ميز بين نوعين من الاجتماعات اولهما الاجتماعات الخاصة حيث احاطها النص بعدة ضمانات ، ولا يمكن عد عبارة ( في هدوء غير حاملين سلاحاً ) من قبيل القيود الواردة على هذا الحق لان مضمونها يفضي إلى الحفاظ على اهم دعائم ممارسة الحريات العامة في النظام الديمقراطي وهما السكينة العامة والامن العام ، وثانيهما الاجتماعات العامة والمواكب (المظاهرات) التي اكتفى النص بإباحة تنظيمها في حدود القانون . كما يتبدى لنا الفارق بين احكام هذا النص و م(20) من الدستور المصري الصادر عام 1923 ، والتي نصت على ان (( للمصريين حق الاجتماع في هدوء وسكينة غير حاملين سلاح وليس لأحد من رجال البوليس ان يحضر اجتماعاتهم ولا حاجة بهم إلى اشعاره ، ولكن هذا الحكم لا يجري على الاجتماعات العامة فانها خاضعة لاحكام القانون ، كما انه لا يقيد أو يمنع أي تدبير يتخذ لوقاية النظام الاجتماعي )) . وتمثل م(20) اهمية خاصة في مجال بحث حرية الاجتماع في مصر ، ويرجع ذلك إلى انها تمثل السند الدستوري لقانون الاجتماعات العامة والمظاهرات رقم (14) لسنة 1923 . ومن الجدير بالملاحظة ان هذا القانون لا يزال نافذاً حتى الوقت الحاضر . فقد نص هذا القانون في م(1) منه على ان (( الاجتماعات العامة حرة على الوجه المقرر في هذا القانون )) فيما اشارت م(2) إلى شرط الاخطار السابق الذي يجب ان يقدم إلى الجهات الادارية ممثلة بالمحافظة أو المديرية قبل عقد الاجتماع بـ (3) ايام في الاقل ، أو قبل (24) ساعة إذا كان الاجتماع انتخابياً ، في حين خصصت م (3) لتحديد بيانات الاخطار وهي :

1. موضوع الاجتماع والغرض منه .

2. الزمان والمكان المحددان له .

3. أسماء اعضاء اللجنة المسؤولة عن تنظيم الاجتماع .

4. توقيعات خمسة من الموظفين من اهل المدينة أو الجهة المزمع عقد الاجتماع فيها والمعروفين بحسن السمعة مع اشتراط عدم حرمانهم من الحقوق المدنية والسياسية.

5. اسم كل من هؤلاء الموقعين وصفته ومهنته ومحل توطنه .

وقد قيدت م(5) حرية الافراد في عقد الاجتماعات العامة حينما منعت عقدها في اماكن العبادة أو في المدارس أو في محال الحكومة الا إذا كانت المحاضرة أو المناقشة التي يعقد الاجتماع لاجلها تتعلق بغاية أو غرض مما خصصت له تلك الاماكن . ويرى جانب من الفقه المصري – ونحن نؤيده – إلى ان هذا النص يمنح الإدارة سلطة تقديرية واسعة بالنسبة إلى مدى علاقة الاجتماعات بالاغراض التي خصصت لها اماكن العبادة ومحال الحكومة ، وكان الاجدر بالمشرع المصري ان يبادر إلى الغاء هذا الشرط لما يتضمنه من تقييد لحرية الافراد في تنظيم الاجتماعات العامة (8). . واجازت م (4) للادارة ان تمنع تنظيم الاجتماعات إذا رأت ان من شأن ذلك الاخلال بالنظام أو الامن العام بسبب الغاية منه أو بسبب ظرف الزمان والمكان او بأي سبب خطير غير ذلك ، ويجب على الادارة حينئذ ان تعلن المنع إلى منظمي الاجتماع أو إلى احدهم ، وقبل الموعد للاجتماع بـ (6) ساعات في الاقل (9) . ومنحت م (7) لرجال الامن حق حضور أي اجتماع لحفظ النظام والامن ولمنع أي انتهاك لحرمة القانون ، كما اجازت لهم فض الاجتماع في الحالات الآتية :

1. إذا لم تؤلف لجنة للاجتماع أو إذا لم تقم اللجنة بوظيفتها .

2. إذا خرج الاجتماع عن الصفة المعينة له في الاخطار .

3. إذا ألقيت في الاجتماع خطب أو حدث صياح أو انشدت اناشيد مما يتضمن الدعوة إلى الفتنة أو وقعت فيه اعمال اخرى من الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات أو غيره من القوانين .

والملاحظ ان الاحكام المتقدمة تمثل اعتداءً واضحاً على حرية الاجتماع ، لان منح المشرع العادي سلطة تنظيم هذه الحرية لا يعني اهدارها أو الانتقاص منها وذلك بجعل السلطات الامنية رقيباً على كيفية تمتع الافراد بحرياتهم . وفيما يخص المظاهرات فقد ساوى القانون رقم (14) لسنة 1923 بينها وبين الاجتماعات العامة ، وهذا ما يتضح من نص م(9) التي سحبت معظم الاحكام الخاصة بالاجتماعات العامة على (( كل انواع الاجتماعات والمواكب والمظاهرات التي تقام أو تسير في الطرق أو الميادين العامة والتي يكون الغرض منها سياسياً )) . وهذا يعني اخضاع المظاهرات إلى الاحكام التي سبقت الاشارة اليها في المواد ( 1 ، 2 ، 3 ، 4 ، 7 ) . والملاحظ على نص م(9) ان المشرع المصري قد استعمل مصطلح (الاجتماعات) في غير موضعه ، وكان الاجدر به الاكتفاء بالاشارة إلى المواكب والمظاهرات فضلاً عن اخضاعه المظاهرات والمواكب ذات الاغراض السياسية إلى الاحكام المشددة الواردة في هذا القانون دون غيرها مع احتفاظ الادارة بصلاحياتها في تقدير الغرض من المظاهرة وبالتالي التحكم في منعها أو السماح بها . ومنحت م (10) للادارة سلطات جديدة في تفريق المظاهرات ، حيث نصت على ان (( لا يترتب على أي نص من نصوص هذا القانون تقييد ما للبوليس من الحق في تفريق كل احتشاد أو تجمهر من شانه ان يجعل الامن العام في خطر ، أو تقييد حقه في تأمين حرية المرور في الطرق والميادين العامة )) . ولابد من الاشارة إلى ان المشرع المصري لم يفرد احكاماً تتعلق بحقوق الاحزاب السياسية في تنظيم الاجتماعات العامة والمظاهرات ، وهذا يعني خضوع الاحزاب السياسية في هذه الحالة إلى سائر الاحكام الخاصة بالافراد . وبعد ان بحثنا الاحكام القانونية المنظمة لحرية الاجتماع والتظاهر في كل من العراق والدول المقارنة (فرنسا ومصر) نود ان نشير إلى الملاحظات الآتية :

1- تبني نظام الاخطار السابق من قبل المشرع العراقي بالنسبة للاجتماعات العامة والمظاهرات التي تنظمها الاحزاب السياسية في حين لاحظنا اتباع نظام الترخيص فيما يخص الاجتماعات والمظاهرات التي ينوي الافراد تنظيمها ، ولم نجد هذا التمييز في فرنسا حيث اطلقت فيها حرية عقد الاجتماعات العامة دون اتباع أي اجراء بينما خضعت المظاهرات والمسيرات لنظام الاخطار السابق ، وكذلك الحال بالنسبة لموقف المشرع المصري فقد اتبع نظام الاخطار السابق للاجتماعات العامة والمظاهرات .

2-لاحظنا ان صياغة الاحكام القانونية المتعلقة باسباب وحالات منع وفض الاجتماعات العامة والمظاهرات في العراق ومصر قد اتسمت عباراتها بالمرونة المبالغ فيها مما يؤدي إلى فسح المجال للادارة في استغلالها للتضييق على حرية الافراد في عقد وتنظيم هذه الاجتماعات والمظاهرات .

3- اتضح لنا من الاحكام القضائية التي اوردناها في كل من فرنسا ومصر اهمية ودور القضاء في كفالة حرية الاجتماع وما يتصل بها ، الا ان اجراءات التقاضي والفترة الزمنية اللازمة للفصل بين الدعوى قد تجعل من الحكم القضائي غير ذي جدوى حتى وان صدر لمصلحة منظمي الاجتماع أو التظاهرة أو المسيرة ، ويرجع السبب في ذلك إلى ان هذه التجمعات ، وخاصةً التظاهرات والمسيرات ، ما هي الا ردود فعل شعبية تجاه الاحداث والمتغيرات على المستوى الوطني (الداخلي) أو الدولي مما يبرز اهمية معاصرتها لتلك الاحداث، فان انقضى الحدث ومضى على قيامه فترة زمنية طويلة ، زال السبب أو الباعث على اقامتها .

لذلك يتعين اضفاء الاستعجال على المنازعات المتعلقة بهذه الحرية في الحالات التي تمنع السلطات الادارية فيها تنظيم الاجتماعات العامة والمظاهرات والعمل على تبني نظام وقف تنفيذ القرارات الادارية الماسة بذلك . وبالرجوع إلى ما قضت به م(6) ف ( أ ) من قانون الاجتماعات العامة والمظاهرات رقم (115) لسنة 1959 ، والمتمثل في تحديد جهة الطعن القضائي بأعلى جهة قضائية في مكان عقد الاجتماع أو تنظيم المظاهرة ، فان ذلك يخرج القرارات الادارية المتعلقة بهذا الموضوع من ولاية محكمة القضاء الاداري حسب ما جاء في م(7/ ثانيا / د ) من قانون مجلس شورى الدولة رقم (65) لسنة 1979 المعدل والتي نصت على ان (( تختص محكمة القضاء الاداري بالنظر في صحة الاوامر والقرارات الادارية التي تصدر من الموظفين والهيئات في دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي بعد نفاذ هذا القانون التي لم يعين مرجع الطعن فيها . . . . )) . ومرجع الطعن في هذه الحالة هو ( اعلى جهة قضائية في مكان عقد الاجتماع والمظاهرة ) وهذا يعني ان محاكم القضاء العادي هي المختصة بنظر هذه المنازعات لانشاءها في معظم مراكز الوحدات الادارية بالمقارنة مع محكمة واحدة للقضاء الاداري في العاصمة بغداد وان خضوع هذه المنازعات لولاية القضاء العادي امر لا يخلو من الفائدة ، لان ذلك سيفضي إلى امكانية وقف تنفيذ القرارات الادارية الخاصة بمنع عقد الاجتماعات العامة والمظاهرات بعدما فوت المشرع العراقي الفائدة المرجوة من نظام وقف التنفيذ باشتراطه التظلم الوجوبي لدى الجهة الادارية المختصة قبل تقديم الطعن إلى محكمة القضاء الاداري (10) .

_________________________

1- اشار اليه د. سعد عصفور ، حرية الاجتماع في انكلترا وفرنسا ومصر ، بحث منشور في مجلة مجلس الدولة ، س3 ، 1952، ص253.

(2) Georges Burdeau . Les Libertes Publiques ، quatrieme edition ، Paris : L.G.D.J ، 1972 ، P338.

3- م (9) من قانون 30/6/1881 .

4- تتلخص وقائع الحكم فيما ياتي (( كان السيد ( رينيه بنيامين ) ينوي عقد مؤتمر ادبي في بلدته ، وتحت ضغط عدد من الجماعات السياسية والمهنية منع عمدة البلدة هذا المؤتمر معتبراً اياه اجتماعاً عاماً ، ثم منع بعد ذلك بعدة ايام نفس المؤتمر الذي تم توجيه الدعوات لحضوره ، فرفع السيد (بنيامين) دعوى امام مجلس الدولة يطالب فيها بالغاء قرار عمدة البلدة ، وبعد ثلاث سنوات اصدر المجلس حكماً قضى بالغاء هذا القرار مستنداً إلى النتائج التي توصل اليها مفوض الحكومة ( Cons ) )) ، واذا كان هذا الحكم قد الغى قرار العمدة فذلك لان مجلس الدولة استخلص من وقائع الدعوى ان احتمال الاخلال بالامن لم يبلغ درجة من الجسامة بحيث يتعذر معه المحافظة على الامن بدون الغاء المؤتمر لمزيد من التفصيل ينظر : مارسولون ( وآخرون ) . أحكام المبادئ في القضاء الإداري الفرنسي ، ترجمة د. أحمد يسري ، الاسكندرية : منشأة المعارف ، 1984 ، ص259 – 265 .

5- تتلخص وقائع هذا الحكم فيا ياتي (( اصدر حاكم مقاطعة (Niger ) قراراً حظر بموجبه كل اجتماعات احد الاحزاب السياسية مما دفع رئيس الحزب إلى الطعن بالالغاء في هذا القرار لدى مجلس الدولة ، الذي الغى القرار مبيناً ان هذه الاجتماعات لم يكن من شانها ان تؤدي إلى حصول اضطرابات على قدر من الشدة بحيث تحتاج إلى اتخاذ اجراء لمنعها بحجة المحافظة على النظام العام .

Claude-Albert Colliard ، op .cit ، P739 .

6-د. سعد عصفور ، حرية الاجتماع ، المصدر السابق ، ص257 .

7- كان السبب في صدور قانون 1970 ما شهدته فرنسا من مظاهرات طلابية في عام 1968 انطوت على احداث عنف وتحطيم للمباني العامة ، وخاصةً المنشآت الجامعية مما اسفر عن طرح موضوع عدم كفاية النصوص العقابية التقليدية لمجابهة مثل هذه الحالات ، وأبرز الحاجة إلى وجود قانون خاص بها ، وبالفعل صدر هذا القانون بعد مناقشات حادة في الجمعية الوطنية . ولمزيد من التفصيل ينظر : د. حسن البدراوي ، المصدر السابق ، ص318-319.

8- د. سعد عصفور ، حرية الاجتماع ، المصدر السابق ، ص275-276 .

9- بيّن مجلس الدولة المصري في حكمه الصادر بتاريخ 31/7/1951 حدود سلطة الادارة في منع الاجتماعات العامة بموجب م(4) من القانون ، وتتلخص وقائع هذا الحكم فيما يأتي (( تقدم ممثلوا جماعة الاخوان المسلمين والحزب الوطني والحزب الاشتراكي بأخطار إلى محافظ الاسكندرية لعقد اجتماع في 11/7/1951 بمناسبة ذكرى ضرب الانكليز للاسكندرية في 11/7/1882 ، وقد ابلغوا يوم 10/7/1951 بقرار منع الاجتماع ، فاقاموا دعواهم بطلب وقف تنفيذ هذا القرار امام مجلس الدولة استناداً إلى انه انطوى على اساءة استعمال سلطة المنع ، وقد اجابتهم المحكمة إلى طلبهم )) ، وكان من اهم ما اوردته المحكمة في كلمتها من حيثيات انه (( وان كانت المادة الرابعة قد خولت الحكومة حق منع الاجتماع الا انها جعلت ذلك مقيداً . . . ويتبين من تقصي الاعمال التحضيرية للدستور ان سلطة الحكومة في هذا المنع هي قيد استثنائي وارد على اصل حق هو احدى الحريات العامة فيجب والحالة هذه ان يفهم القيد المذكور في اضيق حدوده فلا تستعمله الحكومة الا للضرورة القصوى وذلك عندما تقوم لديها اسباب حقيقية لها سندها في الواقع تدل على ان مثل هذا الاجتماع من شانه الاخلال بالأمن العام ، وهي في هذا الشأن تخضع لرقابة المحكمة حتى لا يبدد الحق ذاته تحت ستار تلك الرخصة الاستثنائية )) . ينظر : د. حسن البدراوي ، المصدر السابق ، ص467-468 .

10- م ( 7 / ثانيا / و) من قانون مجلس شورى الدولة رقم (65) لسنة 1979 المعدل .

الاجتماعات والمظاهرات الحزبية في العراق :

تواترت الدساتير العراقية على ضمان حرية الاجتماع من خلال الاشارة إلى هذه الحرية في نصوصها ، غير انها تفاوتت في مدى كفالتها والنص على ما يتصل بها .فالقانون الاساسي 1925 اشار إلى حرية الاجتماع في م(12) ، حيث نصت على ان (( للعراقيين حرية ابداء الرأي . . . . والاجتماع . . . . ضمن حدود القانون)) .وجاء دستور 1958 خالياً من الاشارة الصريحة إلى هذه الحرية حيث شملها ضمناً مع حرية التعبير التي تضمنتها م(10) حينما نصت على ان (( حرية الاعتقاد والتعبير مضمونة وتنظم بقانون )) .اما دستور 29/نيسان/1964 فقد اشار إلى حرية الاجتماع في م (32) مبيناً اوصاف الاجتماع الذي يبيحه ، حيث نصت هذه المادة على ان (( للعراقيين حق الاجتماع في هدوء غير حاملين سلاحاً ودون الحاجة إلى اخطار سابق . والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة في حدود القانون )) وهذا يفضي إلى ان النص المتقدم يميز بين نوعين من الاجتماعات ، اجتماعات خاصة اباحها الدستور دون السماح للمشرع العادي بتعليق انعقادها على اذن سابق من الادارة أو يفرض على تنظيمها الالتزام بتقديم الاخطار واجتماعات عامة ومواكب اناط اختصاص تنظيمها للمشرع العادي . وقد ورد ذات النص في دستور 1968 في م(34) ، في حين نصت م(26) من دستور 1970 على ان (( يكفل الدستور حرية الرأي . . . والاجتماع والتظاهر . . . وفق اغراض الدستور وفي حدود القانون ، وتعمل الدولة على توفير الاسباب اللازمة لممارسة هذه الحريات التي تنسجم مع خط الثورة القومي التقدمي )) . يتضح من النص السابق ان المشرع الدستوري قد اشار إلى حق التظاهر بشكل صريح ، كما تضمن الاشارة إلى دور الدولة في ضمان هذه الحرية والمتمثل في توفير مستلزمات ممارسة حرية الاجتماع والتظاهر المعبرة عن الاتجاهات المنسجمة مع خط الثورة القومي التقدمي . فيما نص مشروع الدستور 1990 في م(52) على ان (( التجمع والتظاهر السلميان مكفولان في حدود مقتضيات حماية الامن ، أو النظام العام ، أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم وينظم القانون هذه الممارسة )) .والملاحظ ان نصوص الدساتير العراقية لم تتضمن احكاماً تتعلق بضمان حرية الاجتماع والتظاهر للأحزاب السياسية أو الجمعيات حيث وردت عباراتها بشكل مطلق وعام . اما موقف القوانين العادية من حرية الاجتماع والتظاهر ، فلم نجد في نصوص القوانين المنظمة للأحزاب السياسية أو الجمعيات ما يشير إلى هذه الحرية بوصفها واحدة من وسائل ممارسة النشاط الحزبي ، مما يحملنا إلى البحث عن تنظيم حرية الاجتماع في القوانين المتعلقة بهذه الحرية وما يتصل بها . ويعد قانون الاجتماعات العمومية العثماني الصادر في عام (1327هـ – 1909م) اول هذه القوانين ، وقد اباح هذا القانون الاجتماعات العمومية دون رخصة بشرط خلوها من السلاح ومراعاتها للأحكام الواردة في القانون اما م (2) منه فقد اشترطت تقديم اخطار قبل الاجتماع يذكر فيه محل الاجتماع وزمان انعقاده ، وان يوقع عليه شخصان في الاقل بشرط ان يكون لهما محل اقامة في المكان الذي يعقد فيه الاجتماع ، وان يكونا متمتعين بالحقوق المدنية والسياسية ، وان يقدم الاخطار إلى الجهة الادارية المختصة . وعلى الرغم من ان القانون الاساسي 1925 لم يشر إلى حق التظاهر (التجمع) الا ان هذا الحق كان قد نظم بقانون التجمع العثماني الصادر في (1330هـ – 1912م) حيث عرفت م(1) التجمع بانه (( اجتماع الناس بالولولة على الطريق العام أو تجولهم عليه في مثل هذه الحالة )) ، فيما اشارت م (2) منه إلى منع نوعين من التجمعات وهما التجمع بالسلاح والتجمع بدون سلاح إذا خيف منه الاخلال بالأمن والراحة العامين ، في حين منحت م(3) إلى الجهات الادارية سلطات واسعة لتفريق التجمعات المسلحة وغير المسلحة . وقد شهد كل من هذين القانونين خلال فترة نفاذهما صدور مرسوم الادارة العرفية رقم (18) لسنة 1935 الذي منح قائد القوات العسكرية صلاحية منع أي اجتماع عام وحله بالقوة (1). فضلاً عن صدور مرسوم صيانة الامن العام وسلامة الدولة رقم (56) لسنة 1940 ، الذي منح وزير الداخلية صلاحية منع أي اجتماع يخشى منه الاخلال بالسلامة أو الامن أو السكينة وتفريقه عند المقاومة (2) . وفي عام 1954 صدر مرسوم الاجتماعات والمظاهرات رقم (25) ، الذي اشار في م(22) إلى الغاء القانونين العثمانيين .وقد اشار هذا المرسوم إلى الحالات التي يحق فيها للادارة تفريق الاجتماعات والمظاهرات،

وهذه الحالات هي :

1. إذا ما اقيمت خلافاً لاحكام هذا المرسوم .

2. إذا عرضت الامن والنظام العام إلى الاختلال .

3. إذا كان المتظاهرون أو قسم منهم يهتفون هتافات معادية ضد نظام الحكم أو لغرض اثارة الجمهور ضد الامن والنظام العام ، أو يحملون لا فتات من هذا النوع (3) .

واستمر نفاذ هذا المرسوم لحين صدور قانون الاجتماعات العامة والمظاهرات رقم (115) لسنة 1959 ، وقد عرّف هذا القانون في م(1) الاجتماع العام والمظاهرة حيث نصت على (( أ . يقصد بالاجتماع العام الاجتماع الذي يعقده جمع من الناس لغرض عام وفي محل عام أو في مكان خاص يستطيع دخوله اشخاص بلا اذن أو بلا دعوة شخصية بقصد الاجتماع المذكور . ب . يقصد بالمظاهرة حشد منظم يسير في الميادين أو الشوارع العامة لغرض عام )) فيما نصت م(3) ف ( أ ) على ان (( على المنظمات الحزبية والنقابية وغيرها من المنظمات والهيئات الاجتماعية المجازة قانوناً ان تخبر السلطات الادارية المختصة قبل عقد الاجتماع أو المظاهرة بـ (48) ساعة على الاقل بزمانهما ومكانهما والغرض منهما ، ويستثنى من ذلك الاجتماعات التي تعقدها الهيئات والمنظمات في مقراتها المركزية والفرعية )) ، في حين نصت م(4) على ان (( لا يجوز للافراد عقد اجتماع عام أو القيام بمظاهرة دون الحصول على اجازة سابقة من السلطات الادارية المختصة. . . . )) .مما تقدم يمكننا ان نورد الملاحظات الآتية :

1. اورد المشرع العراقي في م (1) ف ( أ ) تعريفاً للاجتماع العام ومن مفهوم المخالفة لهذا النص يمكننا ان نتوصل إلى تعريف الاجتماع الخاص الذي لا ينظمه هذا القانون .

2. اشارت م(3) ف ( أ ) إلى حق الأحزاب السياسية في تنظيم الاجتماعات العامة والمظاهرات ، وهذه هي المبادرة التشريعية الاولى من نوعها في هذا المجال .

3. منح المشرع العراقي امتيازاً للأحزاب السياسية ، بالمقارنة مع الافراد ، تمثل في السماح لها بعقد الاجتماعات العامة والمظاهرات مكتفياً بالأخطار المقدم قبل (48) ساعة من عقد الاجتماع أو تنظيم المظاهرة ، في حين اشترط على الافراد الراغبين بتنظيم اجتماع عام أو القيام بمظاهرة ضرورة الحصول على ترخيص بذلك .

وقد يثار تساؤل عن نوع الاخطار الذي اتبعه المشرع العراقي بموجب هذا القانون ؟ للاجابة عن هذا السؤال نورد م(5) والتي نصت على ان (( . . . . ب. للسلطة الادارية رفض قيام المظاهرة أو الاجتماع الواردين في المادة الثالثة إذا تحقق لها انهما يعرضان السلامة العامة للخطر . ج. على السلطة الادارية تبليغ قرار الرفض إلى ذوي العلاقة قبل موعد الاجتماع أو المظاهرة باربع وعشرين ساعة على الاقل )) .

ومن هذا النص يتضح لنا ان المشرع العراقي قد اتبع نظام الاخطار المقيد لعقد الاجتماعات العامة أو القيام بالمظاهرات من قبل الاحزاب السياسية . وقد منح المشرع العراقي للأحزاب السياسية والافراد حق الاعتراض على قرار الرفض لدى السلطة الادارية خلال (5) ايام من تاريخ تبلغهم به ، وعلى السلطة الادارية احالة هذا الاعتراض خلال يومين مع ملاحظاتها إلى اعلى سلطة قضائية في المكان الذي يراد فيه عقد الاجتماع أو تنظيم المظاهرة (4) . وكان الاجدر بالمشرع العراقي ان يسمح بتقديم الطعن مباشرة إلى السلطة القضائية لان ذلك يوفر افضل الضمانات لحرية الافراد والاحزاب السياسية في تنظيم الاجتماعات والمظاهرات . وقضت م (7) بان للسلطة الادارية الحق في تفريق المظاهرة أو الاجتماع العام في حالة ابتعادهما عن هدفهما وانقلابهما إلى فوضى ارتكبت فيها اعمال اجرامية تخل بالأمن والنظام العام أو عرضت حياة الافراد وحرياتهم إلى الخطر ، وللسلطة الادارية في هذه الحالة اتخاذ جميع الوسائل اللازمة وفقاً للقوانين لتفريق المظاهرة أو الاجتماع. ومن الجدير بالملاحظة ان قانون الاجتماعات العامة والمظاهرات رقم (115) لسنة 1959 استمر بالنفاذ حتى بعد صدور دستور 29/ نيسان / 1964 ، حيث شهد هذا القانون صدور قانون السلامة الوطنية رقم (24) لسنة 1965 ، والذي منح رئيس الجمهورية سلطات واسعة في الظروف الاستثنائية كان من العام (5). والسؤال الذي يثار هنا يتجسد في الاحكام القانونية التي تحكم حرية الاجتماع والتظاهر في الوقت الحالي ؟ للاجابة عن هذا السؤال نود الاشارة إلى ان قانون الاجتماعات العامة والمظاهرات رقم (115) لسنة 1959 لم يلغ لحد الان بشكل صريح ، حيث لم يبادر المشرع العراقي إلى اصدار تشريع خاص بتنظيم هذه الحرية وما يتفرع منها . وهذا يدفعنا إلى البحث في الاحكام القانونية المتصلة بحرية الاجتماع والتظاهر ، والتي تتمثل في نصوص قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 . فقد تضمن الباب الثاني من الكتاب الثاني مجموعة من النصوص المتعلقة بهذه الحرية تحت عنوان ( الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي ) ، حيث نصت م (220) على ان (( إذا تجمهر خمسة اشخاص في محل عام وكان من شأن ذلك تكدير الامن العام وامرهم رجال السلطة العامة بالتفرق فكل من بلغه هذا الامر ورفض طاعته أو لم يعمل به يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لاتزيد على مائة دينار أو باحدى هاتين العقوبتين )). كما نصت م(221) على ان (( يعاقب بالحبس مدة لاتزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على مائة دينار أو باحدى هاتين العقوبتين كل من دعا إلى تجمهر في محل عام أو ادار حركته أو اشترك فيه مع علمه بمنع السلطة العامة ذلك التجمهر ، ويعاقب بالعقوبة ذاتها من حرض باحدى طرق العلانية على التجمهر المشار اليه ولم تترتب على تحريضه نتيجة )) فيما اشارت م (222) بفقراتها الثلاث إلى معاقبة كل من دعا إلى التجمهر أو ادار حركته أو اشترك فيه إذا كان الغرض من التجمهر ارتكاب جناية أو جنحة أو منع تنفيذ القوانين أو الانظمة أو القرارات أو التأثير على السلطات في اعمالها إذا كان ذلك بالقوة أو التهديد ، أو إذا استعمل احد المتجمهرين القوة أو التهديد أو كان احدهم يحمل سلاحاً ظاهراً أو ادوات ظاهرة قد تؤدي إلى احداث الموت . يتبين لنا ان النصوص السابقة جرمت الافعال المرتبطة بالتجمهر (التظاهر) دون الاجتماع ، فضلاً عن ان التظاهر الذي جرمه قانون العقوبات لا يخرج عن تظاهر منعت السلطة الادارية القيام به بعد ان طلب منها ذلك ، أو تجمهرتم دون علم الادارة به حيث لم يتبع بشأنه الاجراءات اللازمة فجاء تنظيمه مخالفاً للقانون. وتأسيساً على ما تقدم فان هذه الاحكام لا تعد معدلة لقانون الاجتماعات العامة والمظاهرات رقم (115) لسنة 1959 لانها انطوت على تحديد نطاق المسؤولية الجزائية لمخالفي هذا القانون ، وبشكل مفصل بعد العمومية التي اكتنفت صياغة م(8) من القانون رقم (115) لسنة 1959 ، والتي نصت على ان (( يعاقب المخالف لاحكام هذا القانون بالحبس لمدة سنة واحدة أو بالغرامة أو بهما)).

_____________________________

1- م(14) ف(8) من المرسوم .

2- م(5) ف(3) من المرسوم ، ولمزيد من التفصيل ينظر : سعدون عنتر الجنابي ، المصدر السابق ، ص143-145 .

3- م (19) ف( أ ) من المرسوم .

4- م (6) ف ( أ ) من القانون .

5- م (4) ف(5) من قانون السلامة الوطنية رقم (4) لسنة 1965 . ولمزيد من التفصيل ينظر : حامد مصطفى ، البوليس الاداري في النظام الاداري العراقي ، بحث منشور في مجلة العلوم الادارية ، ع2 ، س9، 1967 ، ص30-32 .

المؤلف : ميثم حنظل شريف
الكتاب أو المصدر : التنظيم الدستوري والقانوني للأحزاب السياسية في العراق

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .