انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم – حكم محكمة النقض المصرية .

الطعن 5260 لسنة 57 ق جلسة 15/ 12/ 1988 مكتب فني 39 ج 2 ق 201 ص 1331 جلسة 15 من ديسمبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم.
—————
(201)
الطعن رقم 5260 لسنة 57 القضائية

(1)دعوى جنائية “انقضاؤها بمضي المدة”. تقادم. دفوع “الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة”. نظام عام.
الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم. متعلق بالنظام العام. جواز إثارته لأول مرة أمام النقض. ما دامت مدونات الحكم تحمل مقوماته.
(2) دعوى جنائية “انقضاؤها بمضي المدة”. تقادم “انقطاعه”.
مضي ثلاث سنوات من تاريخ وقوع الجريمة في مواد الجنح. أثره: انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم.
الإجراءات القاطعة للتقادم؟
متى يبدأ سريان مدة تقادم جديدة؟
(3)دعوى جنائية “انقضاؤها بمضي المدة”. تقادم. إجراءات “إجراءات المحاكمة”. بطلان.
مواجهة المتهم بإجراءات المحاكمة التي تقطع المدة المسقطة للدعوى. غير لازم. ما دامت متصلة بسير الدعوى أمام القضاء. شرط ذلك؟
(4)إجراءات “إجراءات المحاكمة”. إعلان.
صحة الحكم في غيبة المتهم. رهينة بإعلانه قانوناً بالجلسة المحددة لها. علة ذلك؟
(5)دعوى جنائية “انقضاؤها بمضي المدة”. تقادم. ارتباط. اشتراك.
الأثر العيني لانقطاع المدة بالنسبة إلى جميع المساهمين في الجريمة وإلى الجرائم المرتبطة بها ارتباطاً لا يقبل التجزئة. عدم امتداده إلى غيرها من الجرائم الأخرى المتميزة عنها ولو كانت جميعاً موضوعاً لإجراءات واحدة.

——————–
1 – من المقرر أن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم تجوز إثارته في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض لتعقله بالنظام العام، طالما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه ما يحمل مقومات هذا الدفع.
2 – إن قانون الإجراءات الجنائية يقضي في المادتين 15، 17 منه بانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح بمضي ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة وتنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجنائي، أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا أخطر بها بوجه رسمي وتسري المدة من جديد من يوم الانقطاع وإذا تعددت الإجراءات التي تقطع المدة فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ آخر إجراء.
3 – إن الأصل أنه وإن كان ليس بلازم مواجهة المتهم بإجراءات المحاكمة التي تقطع المدة المسقطة للدعوى ما دامت متصلة بسير الدعوى أمام القضاء إلا أنه يشترط فيها لكي يترتب عليها قطع التقادم أن تكون صحيحة فإذا كان الإجراء باطلاً فإنه لا يكون له أثر على التقادم.
4 – من المقرر أنه لا يجوز للمحكمة أن تحكم على المتهم في غيبته إلا بعد إعلانه قانوناً بالجلسة التي تحدد لنظر دعواه وإلا بطلت إجراءات المحاكمة، لأن الإعلان القانوني شرط لازم لصحة اتصال المحكمة بالدعوى.
5 – إن ما أثارته نيابة النقض في مذكرتها في الطعن الماثل من القول بأن الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة أول درجة حضور المتهم الثاني…… أمامها حتى صدر الحكم الابتدائي مما مفاده قطع التقادم بالنسبة للطاعن استناداً إلى المادة 18 من قانون الإجراءات الجنائية التي نصت على أنه “إذا تعدد المتهمون، فإن انقطاع المدة بالنسبة لأحدهم يترتب عليه انقطاعها بالنسبة للباقين ولو لم تكن قد اتخذت ضدهم إجراءات قاطعة للمدة” فإن ذلك القول مردود بأن النص القانوني سالف الذكر قد حدد نطاق الأثر العيني لانقطاع المدة بالنسبة إلى جميع المساهمين في الجريمة أياً كانت درجة المساهمة وإلى الجرائم المرتبطة بها ارتباطاً لا يقبل التجزئة، ولا يمتد إلى غيرها من دعاوى الجرائم الأخرى المتميزة عنها ولو كانت جميعاً موضوعاً لإجراءات واحدة. لما كان ذلك، وكان ما أسند إلى كل من الطاعن والمتهم الآخر من اتهام في الدعوى هو عن جريمة متميزة عن الأخرى ولا ارتباط بين هاتين الجريمتين. فإنه لا يجوز إعمال الأثر العيني للانقطاع المنصوص عليه في المادة 18 من قانون الإجراءات الجنائية حتى ولو كانت الجرائم محلاً لإجراءات واحدة كما هو الحال في الدعوى الراهنة.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 -…… 2 -….. (الطاعن) بأنهما: الأول (الطاعن) ( أ ) أحدث عمداً بـ……. الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزتها عن أشغالها الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً.
(ب) أحدث عمداً بـ…… الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد عن عشرين يوماً. الثاني: – أحدث عمداً بـ…… الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد عن عشرين يوماً. وطلبت عقابهما بالمادتين 241، 242/ 1 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح أبو تيج قضت غيابياً للأول وحضورياً للثاني عملاً بمادتي الاتهام أولاً: بحبس المتهم الأول ستة شهور مع الشغل وكفالة خمسين لوقف التنفيذ. ثانياً: بحبس المتهم الثاني شهرين وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ. عارض المحكوم عليه الأول وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. استأنف ومحكمة أسيوط الابتدائية “بهيئة استئنافية” قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/……. المحامي نيابة عن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض….. إلخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه قضى بإدانته رغم أن الدعوى الجنائية قد انقضت بالتقادم. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن وآخر بوصف أنهما في يوم 5/ 6/ 1977 الطاعن: ( أ ) أحدث عمداً بـ……. الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزتها عن أشغالها الشخصية مدة تزيد عن عشرين يوماً، (ب) أحدث عمداً بـ….. الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد عن عشرين يوماً، وطلبت النيابة العامة معاقبتهما طبقاً للمادتين 241/ 1، 242/ 1 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على المفردات أن النيابة العامة استجوبت الطاعن عن الاتهام المسند إليه بتاريخ 9/ 6/ 1977 ثم قررت الإفراج عنه بضمان مالي ورفعت الدعوى الجنائية عليه وعلى المتهم الآخر أمام محكمة جنح أبو تيج الجزئية وظلت الدعوى منظورة أمامها اعتباراً من 1/ 3/ 1978 وتوالى تأجيلها لإعلان المتهم الأول – الطاعن – إعلاناً قانونياً – وهو ما لم يتم إلا في 9/ 9/ 1982 بالحضور لجلسة 17/ 11/ 1982 وفيها لم يحضر الطاعن وقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة 29/ 12/ 1982 حيث قضت غيابياً بحبس المتهم الأول – الطاعن ستة أشهر مع الشغل وحضورياً بحبس المتهم الثاني لمدة شهرين مع الشغل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم تجوز إثارته في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض لتعقله بالنظام العام، طالما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه ما يحمل مقومات هذا الدفع – وهو الحال في الدعوى المطروحة – لما كان ذلك وكان قانون الإجراءات الجنائية يقضي في المادتين 15، 17 منه بانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح بمضي ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة وتنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجنائي، أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا أخطر بها بوجه رسمي، وتسري المدة من جديد من يوم الانقطاع وإذا تعددت الإجراءات التي تقطع المدة فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ آخر إجراء، وكان من المقرر أيضاً أن الأصل أنه وإن كان ليس بلازم مواجهة المتهم بإجراءات المحاكمة التي تقطع المدة المسقطة للدعوى ما دامت متصلة بسير الدعوى أمام القضاء إلا أنه يشترط فيها لكي يترتب عليها قطع التقادم أن تكون صحيحة فإذا كان الإجراء باطلاً فإنه لا يكون له أثر على التقادم، كما أنه من المقرر أنه لا يجوز للمحكمة أن تحكم على المتهم في غيبته إلا بعد إعلانه قانوناً بالجلسة التي تحدد لنظر دعواه وإلا بطلت إجراءات المحاكمة، لأن الإعلان القانوني شرط لازم لصحة اتصال المحكمة بالدعوى. وإذ كان الثابت – على ما سلف – أنه قد مضى في صورة الدعوى المطروحة ما يزيد على ثلاث سنوات من تاريخ سؤال الطاعن في محضر تحقيق النيابة العامة في 9/ 6/ 1977 وإعلانه إعلاناً صحيحاً بتاريخ 9/ 9/ 1982 للحضور بجلسة المحاكمة دون اتخاذ إجراء قاطع لتلك المدة إذ لا يعتد في هذا الخصوص بقرارات تأجيل جلسات المحاكمة السابقة على إعلان المتهم طالما أن المحكمة لم تكن قد اتصلت بالدعوى اتصالاً صحيحاً – بالنسبة للطاعن – إلا بالإعلان الحاصل بتاريخ 9/ 9/ 1982 سالف الذكر ومن ثم فإن الدعوى الجنائية تكون قد انقضت بالنسبة للطاعن بمضي المدة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإدانة الطاعن فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه والقضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة بالنسبة للطاعن.
ومن حيث إنه بالنسبة لما أثارته نيابة النقض في مذكرتها في الطعن الماثل من القول بأن الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة أول درجة حضور المتهم الثاني……. أمامها حتى صدور الحكم الابتدائي مما مفاده قطع التقادم بالنسبة للطاعن استناداً إلى المادة 18 من قانون الإجراءات الجنائية التي نصت على أنه “إذا تعدد المتهمون، فإن انقطاع المدة بالنسبة لأحدهم يترتب عليه انقطاعها بالنسبة للباقين ولو لم تكن قد اتخذت ضدهم إجراءات قاطعة للمدة” – فإن ذلك القول مردود بأن النص القانوني سالف الذكر قد حدد نطاق الأثر العيني لانقطاع المدة بالنسبة إلى جميع المساهمين في الجريمة أياً كانت درجة المساهمة وإلى الجرائم المرتبطة بها ارتباطاً لا يقبل التجزئة، ولا يمتد إلى غيرها من دعاوى الجرائم الأخرى المتميزة عنها ولو كانت جميعاً موضوعاً لإجراءات واحدة. لما كان ذلك، وكان ما أسند إلى كل من الطاعن والمتهم الآخر من اتهام في الدعوى هو عن جريمة متميزة عن الأخرى ولا ارتباط بين هاتين الجريمتين. فإنه لا يجوز إعمال الأثر العيني للانقطاع المنصوص عليه في المادة 18 من قانون الإجراءات الجنائية حتى ولو كانت تلك الجرائم محلاً لإجراءات واحدة كما هو الحال في الدعوى الراهنة.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .