الولاية : لغة المعونة ، والمحبة ، والنصرة ، واصطلاحاً ، يراد بها حق تنفيذ القول على القاصر ومن في حكمه – كالمجنون والمعتوه والسفيه – والتصرف والاشراف على شؤونه وتشمل ولاية البالغة في الزواج. ‏وحيث أن الزواج رباط مقدس وأثره خطير في المجتمع ، لذا أكدت الشريعة الإسلامية أن يتولاه الولي حسن الرأي والتصرف تحقيقا للنفع والمصلحة المرجوة منه ودفعا للضرر ودليلنا الحديث الشريف الا نكاح إلا بولي) . ‏ويشترط قانون الأحوال الشخصية ما رأينا لأهلية الزواج إكمال الثامنة عشرة من العمر ولكنه أجاز للمراهق إذا أكمل الخامسة عشرة أن يطلب من المحكمة الأذن له بالزواج بعد موافقة وليه (المادة ٨ ‏من القانون) ، وعلى الرغم من أهمية الولاية في عقد الزواج ، لم نجد نصاً في قانون الأحوال الشخصية العراقي يعرف من هو الولي (1) . ‏وبالرجوع إلي أحكام الشريعة الإسلامية نجد أن هناك عدة آراء فالمذهب الحنفي يحصر الولاية على النفس في العصبات من جهة الأبوة والبنوة والأخوة والعمومة مرتبين على ترتيب الإرث ليحجب أقربهم إلا بعد فإن لم تكن عصبة انتقلت الى الأم والى النساء بعدها على ترتيب ذوي الأرحام فإن لم يوجد كانت الولاية للقاضي (2) أما في المذهب الجعفري فإن الولاية للأب والجد لأب ومن بعدهما للقاضي حصراً . وللمذهب الأخرى آراء تقرب من رأي أحد المذهبين المذكورين .

والولاية ثلاثة أنواع : ولاية على المال وحده ومثالها الوصاية والقوامة . وولاية على المال والنفس . ومثالها ولاية الأب والجد . وولاية على النفس فقط ومثالها ولاية العاصب وهي الولاية في عقد الزواج التي هي موضوع بحثنا . فالولاية على النفس تجعل لمن تثبت له القدرة على إنشاء عقد زواج المولى عليه وتنفيذه . كولاية الأخ الشقيق على أخته فاقدة الأهلية أو ناقصتها في تزويجها اذا لم يوجد الأب والجد ، أو وجد أحدهما ولكنه كان غير أهل للولاية . هذا ويقسم الفقهاء الولاية في الزواج على نوعين :

1- ولاية الاختيار : (الاستحباب) :

تثبت هذه الولاية – عند الحنفية – للولي على المرأة الكبيرة البالغة الرشيدة ولها أن تعقد زواجها بإرادتها وحدها بلا وساطة الولي ، ويكون زواجها نافذاً لازماً إذا كان الزوج كفئاً والمهر مهر المثل .وقال فقهاء الشافعية : أن الولاية شرط في صحة زواج الصغيرة والكبيرة والإمام محمد يقول اذا عقدت المرأة المرأة زواجها بنفسها ولها ولي كان عقدها موقوفاً على إجازة وليها ، حرصاً على كرامتها ومكانتها .وذهب الجعفرية ، الى أنه يصح عقد زواج الكبيرة البالغة الرشيدة ، من غير أذن وليها ولو بأقل من مهر المثل .

2- ولاية إجبارية :

وأساس ثوبتها وجود العلة السن أو الجنون أو العته . واجمع الفقهاء على أن الولي شرط لصحة عقد زواج الصغير والصغيرة والمجنون والمعتوه والمعتوهة . أي بعبارة أخرى ينفرد فيها الولي بإنشاء عقد الزواج دون الرجوع الى أحد . ولهذا يُعد باطلاً شرعاً وقانوناً عقد زواج البنت الصغير الذي يجريه أخوها اذا كان الأب موجوداً على قيد الحياة (3) .

شروط الولي :

ينعقد الزواج بإرادة المرأة البالغة العاقلة الرشيدة وحدها ، ويفضل اجتماع رأيها ورأي الولي لاختيار الزوج الكفء ، وللولي في عقد الزواج شروط هي (4) :

1- يشترط في الولي العقل والبلوغ وإكمال الأهلية – وبعضهم يشترط الذكورة (5) – فلا تصح ولاية الصغير ولا المجنون ولا المعتوه ولا فاقد التعبير عن الإرادة والوعي .

2- أ ، يكون الولي متحداً في الدين مع المولى عليه ، وعليه لا تصح ولاية لغير المسلم على المسلم ولا المسلم على غير المسلم وبالأخص في عقد الزواج .

وقاعدة اتحاد الدين لا تشمل القاضي – الذي يُعد ولي من لا ولي له – لأن ولايته عامة وليست خاصة ، بيد أنه ليس له أن يزوج من له الولاية عليه من نفسه ولا من أصله ولا من فروعه .ولما كانت الولاية تثبت للأولياء الأقرب فالأقرب ، فإن القاضي يستطيع أن يفصل في قبول ولاية إلا بعد إذا غاب أو فقد أو منع (عضل) الولي الأقرب ، وكانت مصلحة للمخطوبة في عقد زواجها ، الزوج كفء والمهر المثل ويخشى فوات الفرصة المناسبة .هذا ويلاحظ أن قانون الأحوال الشخصية لم يأخذ بالولاية على الكبيرة بل منع تدخل حتى الأب وعاقب الإكراه على الزواج أو منعه في المادة التاسعة التي صدرت بالتعديل الثاني رقم (21) لسنة 1978 .

_____________________

1- نصت بعض القوانين العربية على أحكام الولاية في قوانينها الوطنية ، فجاء في الفصل الثالث من قانون الأحوال الشخصية السوري في المواد (21-٢٥‏) ونص قانون الأحوال الشخصية الأردني في الفصل الثاني ولاية الزواج المواد من (٩- ١٣) . وفعل مثل ذلك قانون الاحوال الشخصية التونسي في الفصل الثامن. ‏ومجلة الأحوال الشخصية المغربية في الفصول من (11- ١٣). ‏وعرفت المادة (14) من مشروع القانون العربي الموحد للأحوال الشخصية (الولي في الزواج ، هو : العاصب بنفسه على ترتيب الإرث ، فإذا استوى وليان في القريب ، في يهما تولي الزواج بشروطه جاز) ونرى أن تقتصر الولاية في الزواج على الأب ثم الجد ، ثم الأخ الأخ حصراً فإذ لم يوجد أحد منهم كانت الولاية للقاضي.

2- انظر محمد زيد الأبياني . ضرح الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية ص 62 .

3- قرار 860 / شخصية / 1978 ، مجموعة الأحكام العدلية . العدد الثاني / 1978 .

4- انظر : حسين على الاعظمي ، احكام الزواج ، مطبعة المعارف ، الطبعة الثانية بغداد 1948 – 1949 ، ص 35-35 وكذلك خلاصة المحاضرات في شرح قانون الاحوال الشخصية العراقي وتعديلاته الشرعية والقانونية ، 1984/1985 ، ص 24-25 ، ود .

احمد الكبيسي ، شرح قانون الاحوال الشخصية ، في الفقه والقضاء ، والقانون – الزواج والطلاق واثارهما ، مطبعة الارشاد ، بغداد – الجزء الاول ، 1970، ص 87-89 .

5- ينص على شرط الذكورة مشروع القانون العربي الموحد للأحوال الشخصية في المادة (15) بقولها (يشترط في الولي أن يكون ذكراً ، عاقلاً بالغاً ، غير محرم بحج أو عمرة مسلماً إذا كانت المخطوبة مسلمة) .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .