تقتضي العلاقة الزوجية أن تبين حقوق كل من الزوجين على الاخر ليؤدي كل ما عليه ويطالب مما له لتسير حياة الأسرة على أسس تسودها المحبة والألفة. ولابد لكل مجموعة مهما قل عدد افرادها ، أن يكون لواحد منها درجة أعلى من غيره ، فيتولى الرئاسة فيها ، ويطيعه افرادها فيما ينبغي أن يطاع فيه . وقضت كل الشرائع أن تكون الرئاسة في الأسرة للرجل ، بحكم اختلاطه في المجتمع العام ، والله سبحانه وتعالى يقرر في قرانه الخالد ، ذلك الحق أن يقول (وللرجال عليهن درجة) (1) وقوله : (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم علي بعض) (2) وهي درجة الرئاسة للعائلة والقوامة على شؤونها ، وليس في هذه القوامة غضاضة على المرأة أبدا لأنها مبنية على المودة والرحمة والمعاملة الحسنة والحرص على منفعة الاثنين . من هنا كانت للزوج على زوجته حقوق تجب مراعاتها ، ولعل أهم حقوق الزوج على زوجته هي :

اولاً : إطاعة الزوج بالمعروف :

‏مما لا شك فيه أن بين الرجل والمرأة فوارق جنسية لاختلاف طبيعتهما ، وتكوينهما الجسدي ، تقتضي توزيع الأعمال بينهما في حيز الأسرة ، ومن مقتضيات مصلحة الأسرة وحق الزوج على زوجته ، طاعتها له بالمعروف ، والمحافظة على ماله وكرامته وعرضه وشرفه ، وان تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته ، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ووصف القران الكريم المرأة الصالحة (فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله) (3) والرسول الكريم عليه صلوات الله وسلامه ، يصف لنا الزوجة الصالحة فيقول : ” خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك ، واذا أمرتها أطاعتك ، واذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك ” كما له إرشادها وتوجيهها ، وردها إلى الصواب إذا اخطأت أو نشزت عن الطاعة . ‏إذن فعلى الزوجة أن تطيع زوجها في الأمور الزوجية ، بحيث لا تخرج من بيتها دون إذنه أو دون مبرر شرعي. ولا تبيت خارجه عند أحد إلا بإذن زوجها إلا للضرورة ، والضرورات تقدر بقدرها . وقال الرسول صلى الله عليه واله وسلم :” أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض ، دخلت الجنة “. وروي عن الرسول الكريم صلى الله عليه واله وسلم قوله : “. . . فإني لو كنت أمر أحدا أن يسجد لغير الله ، لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها ، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ” .

ثانياً : قيامها بشؤون البيت ورعايته (4) :

‏وهذا يعني أن من حق الزوج على زوجته القيام بشؤون البيت ورعايته ، والعمل فيه حسب العرف وضمن الدائرة التي تحدها حال الزوج المالية ومرتبته الاجتماعية. ومن مقتضيات الحياة الزوجية هو رعاية أولاده منها وارضاعهم والعناية بهم وتهيئة وسائل الراحة لزوجها ولهم . وتقرأ في كتب الاسلام الخالد أن نساء النبي وبناته كن يقمن بخدمة البيت وقيامهن بما فيه مرضاة أزواجهن في الأمور المشروعة . كما أن حق الزوج في منع زوجته من احتراف مهنة أو عمل ليس حقا مطلقا ، وانما مقيد بأن يكون عملها يفوت عليها حقا من حقوق الزوجية أو يؤدي إلى ضرر به أو بها .والتعاون أساس السعادة الزوجية وسبب مهم من أسباب إدامتها فمتى شعر الزوج أن زوجته تهتم بشؤونه وتعاونه اعتز بها وأحبها وأحترمها.

ثالثاً : تأديب الزوجة :

‏أعطى الاسلام قيادة العائلة ورئاستها للزوج بحيث جعل له سلطانا الاصلاح و التهذيب. كما وقف الإسلام موقفا كريما في سبيل المحافظة على الحياه الزوجية والإبقاء على سعادة الأسرة فأرشدنا الله تعالى إلى الطريق الذي يتبعها الزوج في تأديب الزوجة بقوله : (والاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا أن الله كان عليا كبيرا) (5) ولم يجعل الشارع امر تأديب الزوجة لغير زوجها ، ليحفظ نظام الاسرة ، وليبقى سرها مكتوما . ‏وقد تضمنت هذه الآية الكريمة في الحقيقة ثلاث وسائل بجب اتباعها في التأديب :

١ – الموعظة : وهي تحذير من سوء العاقبة على حسب تقدير الرجل لما يؤثر في زوجته ، حيث أنه أدرى من غيره بما يؤثر في إصلاحها فمن النساء من تكفيها الإشارة ، أو الكلمة العابرة ‏والموعظة الحسنة ، ومنهن من تحتاج إلى اللوم والتنبيه . . ” .

٢ ‏- والهجر في المضاجع : ولهذه الوسيلة أثر فعال في الزوجة التي لا تحتمل الهجر الراغبة في ملازمة زوجها في الفراش ، وفال تعالى في كتابه العزيز : (واهجرهم هجرا جميلا) (6) .

3‏. الضرب : وهو العلاج الأخير الذي يستعمله عند إساءه الزوجة ، وبشرط أن ‏بكون الضرب غير مؤذ ولا يلجأ إليه الزوج إلا عند الضرورة ٠ ‏واشترطت الشريعة الإسلامية لتأديب الزوجة وفقا لقوله تعالى : (واضربوهن) شروط أهمها :

١ ‏- أن يكون الضرب غبر مؤذ ولا يترك أثرا وأن لا يكون مهينا لها.

٢ ‏- أن لا يكون بحضور الغير أو في ذلك إهانة لها .

٣ ‏- أن تكون غايته إشعارها بعدم رضاه عن سلوكها (7) .

٤ ‏- لا يجوز ضرب من لا ينفع فيها الضرب ، مثال أن تكون متعلمة أو ذات كرامة عالية ، فإذا خالف الزوج في ذلك فإنه يكون معتديا ويجوز محاسبته قانونا وفقا لأحكام قانون العقوبات كما يحق للزوجة طلب التفريق على “وفق المادة(٤٠) من قانون الأحوال الشخصية”.‏وبعد هذا ، فهناك الحقوق المشتركة بين الزوجين ومنها ، حسن المعاشرة وحق استمتاع أحدهما بالأخر ، وثبوت حرمة المصاهرة ، وحق التوارث بينهما .

____________________

1- سورة البقرة ، ‏الآية (288)

2 – سورة النساء ، ‏الآية (34).

‏3- سوره النساء، الآية (٣4).

4- انظر بهذا الخصوص ، د. محمد عباس السامرائي وآخرون ، شرح قانون الأحوال الشخصية ، ، ص ٩٤ ‏- ٩٩ ‏ود. احمد الكبيسي ، شرح قانون الاحوال الشخصية ، في الفقه والقضاء ، والقانون – الزواج والطلاق واثارهما ، مطبعة الارشاد ، بغداد – الجزء الاول ، 1970 ص 158 – 159.

5- سورة النساء ، ‏الآية (34).

6- سورة المزمل ، الآية (10) .

7- انظر قرار محكمة التمييز (٢١٦ ‏/ هيئة عامة أولى/ ٩٧٦) في ٢٥ ‏/ ١٢ ‏/ ١٩٧٦ ‏مجلة القضاء – العدد لسنة ١٩٧٧ ‏.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .