مواطنون مطاردون قضائياً بنفقة زوجاتهم

إعادة نشر بواسطة محاماة نت 

أفاد مواطنون بأنهم ملاحقون قضائياً على خلفية تعثرهم المالي، وعدم قدرتهم على سداد النفقات الشهرية لزوجاتهم المطلقات الغاضبات، مشيرين إلى أن زوجاتهم بعد الطلاق أو الغضب يتبعن أساليب تضليلية أمام المحاكم لزيادة نفقاتهن من مصاريف حضانة الأولاد والسكن والتعليم بهدف إرهاقهم مالياً على سبيل الانتقام، مطالبين المختصين عند احتساب النفقة الزوجية بمراعاة الظروف المالية للأزواج والتحقق من إدعاءات المطلقات لكشف تحايلهن الذي يستهدف الإضرار بمصالحهم.

في المقابل، أكد قضاة في حيثيات عدد من أحكام النفقة أن «استظهار يسر المكلف بالإنفاق وحاجة المنفق عليه يخضعان لسلطة محكمة الموضوع، ويراعى في تقديرهما سعة المنفق وحال المنفق عليه والوضع الاقتصادي زماناً ومكاناً، على ألا تقل عن حد الكفاية»، مشيرين إلى أنه يجوز زيادة النفقة وإنقاصها تبعاً لتغير الأحوال، ولا تسمع دعوى الزيادة أو النقصان قبل مضي سنة على فرض النفقة إلا في الأحوال الاستثنائية، وتحسب زيادة النفقة أو إنقاصها من تاريخ المطالبة القضائية».

فيما لا توجد أرقام رسمية حول عدد المطالَبات بزيادة النفقة الزوجية لدى المحاكم، لكن مصادر قانونية تؤكد أن مطالبات المطلقات بالزيادة تضاعفت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، نتيجة ارتفاع مستويات المعيشة وزيادة أسعار جميع السلع والخدمات».

مطاردة في المحاكم

يروي المواطن أبوعمر قصته مع النفقة الزوجية، قائلاً «هجرتني زوجتي إلى بيت والدها بعد خلافات أسرية، وقامت برفع دعوى قضائية ضدي، مطالبة بنفقة شهرية، وادعت أني طردتها من منزل الزوجية وامتنعت عن الإنفاق عليها، وعندما عرضت عليها التصالح أكثر من مرة رفضت محاولاتي، وهددتني قائلة (سأخلع ملابسك في أروقة المحاكم) انتقاماً مني».

وتابع أبوعمر «كنت أعاملها معاملة طيبة ولم أخطئ في حقها وأنفق عليها بسخاء، فعندما كانت تطلب 1000 درهم أعطيها 3000 ولم أبخل عليها بأي شيء كانت تطلبه قبل الخلاف الأخير»، مضيفاً أن «زوجتي لجأت إلى المحاكم بعد الخلاف، فقضت المحكمة بنفقة زوجية لها ولأطفالي الثلاثة مقدارها 11500 درهم ثم خفّضتها في حكم ثانٍ إلى 7500 درهم»، مشيرا إلى أن راتبه وقت صدور الحكمين كان 15 ألف درهم فقط ويتم استقطاع 3000 درهم منه أقساطاً لقرض بناء بيت، ولم يتبق له من راتبه سوى 1000 درهم، ما رتّب عليه ديوناً مستحقة للبنوك تهدده بالسجن».

انتقام الزوجات

وأضاف أن «أي زوجة ترغب في الإضرار بزوجها ما عليها سوى التوجه إلى المحاكم وستحصل على ما تريد، إذ لا يتم الأخذ بعين الاعتبار الظروف المالية للرجل، وما إذا كان باستطاعته تسديد هذه النفقة، خصوصاً إن كانت الزوجة تعمل وتتقاضى راتباً عالياً»، شاكياً من «عدم الأخذ بالشهود الذين يقدمهم لإثبات حقه في قضية زيادة النفقة المرفوعة من قبل الزوجة».

ويقول مواطن آخر (أ.م ) 48 سنة «طلقت زوجتي بعد خلافات كثيرة لم تفلح معها محاولات الصلح، ورفعت مطلقتي دعوى قضائية ضدي مطالبةً بنفقة شهرية، إذ كانت حاضنة لثلاثة أطفال، وعلى الرغم من أنني كنت لا أعمل خلال هذه الفترة نتيجة ظروف صحية ألمت بي، وقدمت أوراقاً تثبت صحة إدعائي، قضت المحكمة لها بنفقة شهرية 3500 درهم، إضافة إلى مصاريف العلاج والمدارس وغير ذلك».

وأضاف أنه لم يكن يعرف كيف يسدد هذه النفقة في ظل إصابته بمرض فتاك بينما كانت زوجته تعمل وتتقاضى راتباً، موضحاً أن زوجته عمدت إلى نقل أطفاله إلى مدارس خاصة لإرهاقه مالياً بسداد الرسوم المقررة، في حين أنه كان في الإمكان بقاؤهم في المدارس الحكومية مجاناً»، مضيفاً أن «المحكمة لا تأخذ بعين الاعتبار أساليب التحايل التي تتبعها بعض المطلقات من أجل استنزاف الزوج بعد الطلاق».

تهديد بالسجن

ويشكو المواطن محمد إسماعيل من ارتفاع تكاليف النفقة المقررة بعد الطلاق، قائلاً إنه مهدد بدخول السجن نتيجة تراكم الالتزامات المالية والديون عليه، إذ تطارده زوجتاه السابقتان بأحكام قضائية قضت لهما بنفقة شهرية 12 ألف درهم، تحصل الأولى- حاضنة لطفل- على 7500 درهم وتحصل الثانية على 4600 درهم حاضنة لثلاثة أطفال.

ويرى أن الأحكام التي صدرت بحقه كانت جائرة، مبيناً أن المحكمة قضت لكل من طليقتيه بنفقة شهرية ثم زادتها بناء على طلبهما، إذ رفعت زوجته الأولى قضية تطالب فيها بزيادة النفقة، وطوال فترة التقاضي استمر في تسديد المبالغ المستحقة عليه بحسب النفقة الأولى، وعلى الرغم من ذلك قضت المحكمة لها بنفقة جديدة موزعة بين 50 ألف درهم سكناً سنوياً، و15 ألف درهم بدل أثاث لمرة واحدة، إضافة إلى 2750 درهماً نفقة شهرية للأطفال الثلاثة، وألزمته بسدادها بأثر رجعي من تاريخ رفع الدعوى من دون خصم المبالغ التي كان يسددها في السابق في النفقة الأولى، بما ترتب عليه دين مستحق بمبلغ 150 ألف درهم، كما أقرت المحكمة نفقة جديدة لزوجته الثانية موزعة بين 19.200 ألف درهم سكناً سنوياً، و2000 درهم للطفل شاملة، إضافة إلى 1000 درهم أجرة الحضانة، كما ألزمته المحكمة بسداد رسوم الدراسة لأطفاله المقررة في مدارسهم الخاصة، على الرغم من أنه بالإمكان تعليم الأولاد في مدارس حكومية من دون رسوم».

ضبط وإحضار

وأضاف أن الحكمين الصادرين بحقه لم يأخذا بعين الاعتبار أن صافي دخله 21200 درهم، يستقطع منه أقساط شهرية بقيمة 6200 درهم على ذمة قرض سكني، وانه يعول أطفالاً من مطلقتين وليست واحدة وقدم الأوراق والشهود لإثبات أنه معسر، ولم يتم الأخذ بشهادة الشهود بأن طليقته تقيم وتسكن برضاها مع الأطفال في منزل والدها الذي هو عمه أيضاً، وهو منزل مؤثث على أكمل وجه، ويتم تلبية جميع نفقات الأطفال من أكل وشرب ومسكن، لكن لم يعتد بجميع الأدلة التي قدمها».

ويتابع «تحولت بين ليلة وضحاها إلى مطارد على ذمة النفقة الزوجية، ومطلوب ضبطي وإحضاري، إذ أصدر قاضي التنفيذ قراراً بضبطي وإحضاري لسداد المبلغ الذي في ذمتي لطليقتي، ما تسبب في إيقافي عن العمل وانقطاع مصدر رزقي الوحيد».

من جانبه، يؤكد المحامي علي بن تميم أن من الضروري أن يوازن القاضي بين دخل الزوج والظروف المعيشية الحالية عند احتساب النفقة الزوجية وحضانة الأطفال، لافتاً إلى أنه «من واقع أحكام الأحوال الشخصية في قضايا النفقة، فإن النفقة المحتسبة للمطلقة الحاضنة تعتبر قليلة وليست مبالغاً فيها كما يدعي بعض الرجال، وذلك بالنظر إلى ارتفاع تكاليف المعيشة وغلاء أسعار السكن والعلاج والغذاء».

الأبناء يدفعون الثمن

وأوضح أن «مقدار النفقة يجب أن يكون كافياً بما يضمن الحياة الكريمة للزوجة والأطفال حتى لا يشعر الأبناء بتغير في المستوى الاجتماعي والمحيط الثقافي، خصوصاً أنهم ينتقلون إلى السكن في مكان آخر بعد انفصال الزوجين، وغالباً ما يكون في مستوى أقل اجتماعياً مما كانوا فيه قبل الطلاق»، مضيفاً أن «الطلاق يدخل بعض الأزواج في حالة من الخصومة والصراع القضائي المتبادل، إذ يسعى كل منهما إلى الانتقام من الآخر والحصول على أكبر مكاسب ممكنة، ويكون الخاسر الوحيد في هذا الصراع هم الأبناء الذين يدفعون الثمن غالياً».

وأشار إلى أن «هناك بعض الأزواج يتعسفون تجاه زوجاتهم بعد الانفصال، إذ يسعون إلى الزواج مرة أخرى وهم غير قادرين على تدبير النفقة الزوجية لأطفالهم، بما يضيف عليهم التزامات مالية لا يقدرون على الوفاء بها». ويؤكد أن مطالبات المطلقات بالزيادة تضاعفت خلال السنوات الثلاث الأخيرة بنسبة كبيرة نتيجة ارتفاع مستويات المعيشة وتضخم أسعار جميع السلع والخدمات.

ويوضح المحامي إبراهيم التميمي أن أبرز المشكلات التي تواجه المطلقات في الوقت الحالي عدم توفير المسكن وعدم سداد النفقات في مواعيدها وقلة المبالغ المحكوم بها، التي لا تتماشى مع غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار واحتياج المحضونين للعلاج واللباس والمصاريف الدراسية ومصاريف المواصلات وغيرها، داعياً إلى «اتخاذ إجراءات صارمة من حبس وقبض وإيداع في السجن لتنفيذ الأحكام القضائية، خصوصاً بشأن نفقة المسكن للزوجة الحاضنة».