المركزية الإدارية

وتعني : حصر مختلف مظاهر الوظيفة الادارية في الدولة بايدي اعضاء الحكومة وتابعيهم في العاصمة أي في الأقاليم مع خضوعهم جميعاً للرقابة الرئاسية التي يمارسها عليهم الوزير ، فالوزارة لا تتمتع بالشخصية المعنوية وإنما تعتبر ممثلة للسلطة الادارية المركزية وجميع الوزارات تعتبر مرافق عمومية .

وبناء على ماتقدم فان الادارة المركزية تتكون من ثلاثة عناصر هي : تركيز السلطة بين أيدي السلطة المركزية اي الحكومة المركزية متمثلة برجال السلطة التنفيذية في مدارجها العليا في العاصمة وعمالها من موظفي المصالح الخارجية لهذه السلطة في الاقاليم و يتمثل ذلك في تركيز ولاية البت النهائي في يد رجال الحكومة المركزية ، وكذلك تركيز الاختصاصات الفنية في يد أختصاصيين في العاصمة حيث أنهم يقومون بدرس المسائل وإعداد القرارات تمهيداً لرفعها إلى الوزير المتخصص لإتخاذ القرار والتوقيع عليه.

اما العنصر الثاني فيطلق عليه التبعية الهرمية ويقصد بها التبعية المتدرجة التي تحكم موظفي وأعمال هذه الادارات في علاقاتهم بالسلطة الرئاسية، وتعتبرهذه التبعية من لوازم النظام المركزي وبمقتضاها يخضع الموظفون والمستخدمون لما يصدره رئيسهم من توجيهات واوامر ملزمة ، وتتدرج هذه التبعية في سلم اداري إلى ان تصل إلى ادنى درجة في الادارة ، ومختلف وحدات هذا الجهاز الاداري المركزي المتماسك لا يتمتع بشخصية معنوية قائمة بذاتها , ولكنها جميعها تنتمي إلى شخص الدولة .

ويتمثل العنصر الثالث بالسلطة الرئاسية التي هي جوهر النظام الاداري المركزي وتقتضي خضوع الموظف الادنى مرتبة لسلطة الموظف الاعلى مرتبة ، ويؤكد الفقه على أنها ليست حقاً شخصياً ولا مطلقاً لصاحبه ولكنها مجرد اختصاص يمارسه الرئيس على مرؤوسه وفق قوانين ونصوص تنظيمية فهي اي السلطة الرئاسية تخول الرئيس حق تعيين مرؤوسه وتخصيصهم لعمل معين ونقلهم و ترقيتهم وتوقيع الجزاء التأديبي عليهم متى وقع منهم اخلال بواجباتهم ، وله أيضاً على اعمال مرؤوسه سلطات يأخذ بعضها صورة التوعية للمرؤوس لإعادته على تفهم القوانين والانظمة ويأخذ بعضها الآخر صورة التعقيب لإرجاع تصرفات المرؤوس إلى حكم القانون والأنظمة .

وللمركزية الادارية صورتان هما : التركيز الاداري حيث ينفرد الوزير بممارسة كل الاختصاصات المنوط بوزارته فلا يشاركه احد في ممارستها لا في العاصمة ولا خارجها فالوزير وحده هو الذي يملك سلطة التقرير في كل صغيرة وكبيرة اما موظفو الوزارة فانهم لا يقومون باي شيء سوى التحضير والدراسة والاقتراح عن طريق رفع تقارير و مذكرات إلى الوزير المتخصص الذي يتخذ وحده القرار النهائي في شأنها ، وبعد مصادقة الوزير على تلك الاقتراحات والتقارير يظهر الموظفون من جديد للقيام بعملية تنفيذ تلك التدابير ومتابعتها ،غير أن هذه الصورة لاتكاد تكون موجودة من الناحية العملية في أية دولة من الدول المعاصرة.

والصورة الثانية هي عدم التركيز الاداري اي ان يكون لبعض الموظفين التابعين للوزير سلطة اتخاذ بعض الأعمال والقرارات والبت النهائي فيها من دون الحاجة إلى طلب المصادقة عليها من طرف الوزير قبل الشروع في تنفيذها ، ويتحقق ذلك بنقل بعض الاختصاصات من الوزير إلى موظف آخر أو إلى مجموعة من الموظفين بالوزارة في العامصة ذاتها وقد تنقل إلى بعض موظفي الوزارة في المصالح الخارجية للوزارة أو ان توكل بعض الاختصاصات إلى عمال الاقاليم والعمالات أو إلى رؤساء البعثات الدبلوماسية في الخارج .

وقد سعى بعض الفقهاء الى تلميع صورة النظام المركزي من خلال ابراز مزايا النظام المركزي من ذلك انهم قالوا ان النظام المركزي يقوي سلطة الدولة ويساعدها في تثبيت نفوذها في كل أنحاء الدولة ولا شك أن هذا النظام له ما يبرره في الدول الناشئة حديثاً ، والتي تحتاج لتقوية وتدعيم وحدتها ، كما ان المركزية اسلوب ضروري لادارة المرافق العامة القومية التي لا يتعلق نشاطها بقلة معينة او اقليم معين كمرفق الأمن أو الدفاع او المواصلات ، اضافة الى ان المركزية تؤدي إلى توحيد النظم والاجراءات المتبعة في كل انحاء الدولة كونها تتأتى من مصدر واحد ، مما يمكن الموظفين من الالمام بكل الاوامر والتعليمات اللازمة لتنفيذ الوظيفة الادارية ان اتباع هذا الاسلوب يؤدي إلى التقليل من النفقات والحد في الاسراف لعدم الحاجة إلى المجالس والهيئات اللامركزية وخبرة موظفي السلطة المركزية وقلة عددهم.

ويحقق العدل والمساواة في المجتمع لاشراف الحكومة المركزية على المرافق العامة ونظرتها الشمولية البعيدة عن المصالح المحلية.

المحامية: ورود فخري