تعريف وتقسيم جرائم الأموال

تعريف جرائم الأموال:
يقصد بجرائم الأموال ، تلك الجرائم التي تهدد بالخطر الحقوق ذات القيمة المالية . فهي عبارة عن مجموعة من الجرائم الذي يؤدي وقوعها على إنقاص في العناصر الإيجابية للذمة المالية أو زيادة في عناصرها السلبية عن طريق زيادة ديون المجني عليه.
وتعرف الذمة المالية على أنها مجموع ما للشخص من حقوق وما عليه من التزامات مالية . وفي الوقت الذي تكون فيه الحقوق الجانب الايجابي للذمة المالية تكون الالتزامات جانبها السلبي. والحقوق المالية أنواع ثلاثة : حقوق عينية وتتمثل في سلطة لصاحب الحق تنصب مباشرة على الشيء موضوع حقه وأهمها حق الملكية ، وحقوق شخصية أو دائنية وتتمثل في علاقة بين صاحب الحق وغيره يتوجب فيها على ذلك الغير أداء شيء أو القيام بعمل أو الامتناع عنه ، وحقوق معنوية موضوعها نتاج الفكر أو العلامات المميزة لنوع من الإنتاج الصناعي أو النشاط التجاري وتخول هذه الحقوق لأصحابها أن ينسب إليه وحدهم انتاجهم وتكفل كذلك حماية استغلالهم المالي له . وقد يكون محل هذه الحقوق عقاراً أو منقولاً أو شيئاً معنوياً.

ومن الثابت قانوناً تنوع الحقوق المالية وتفاوتها في الأهمية ، استناداً إلى هذا التنوع والأهمية فقد اختلفت التشريعات الجنائية في سياستها التي تحافظ وتحمي تلك الحقوق ، فشملت الحقوق الهامة بقدر أكبر من الحماية عما سواها من الحقوق . وعلى رأس الحقوق المالية نجد حق الملكية فهو أهمها لذلك فقد خصه القانون الجنائي بالنصيب الأكبر من الحماية التي فرضها لهذا النوع من الحقوق.

تقسيم جرائم الأموال:
قلنا بأن الحقوق المالية ثلاثة أنواع ، عينية وشخصية ومعنوية . وعلى أساس من هذا التقسيم الثلاثي للحقوق يمكن تقسيم هذه الجرائم . فمنها ما ينال بالاعتداء حقاً عينيا وبالذات حق الملكية ومثال ذلك جرائم السرقة والاحتيال وخيانة الأمانة والهدم والتخريب ونزع التخوم واغتصاب العقار والتعدي على المزروعات والحيوانات وآلات الزراعة ومنها ما ينال الاعتداء حقاً شخصياً كجرائم الافلاس والغش واضراراً بالدائن والمراباة في بعض التشريعات والغش في المعاملات ومنها ما ينال بالاعتداء حقاً معنوياً كجرائم الاعتداء على الملكية الأدبية والفنية والتقليد .

وتنقسم الجرائم الواقعة على الملكية إلى نوعين وهما: الأول يشمل الجرائم التي تهدف إلى الاستيلاء على أموال الغير والغرض من ارتكابها الطمع والإثراء غير المشروع ، ويدخل ضمن هذه المجموعة جرائم (السرقة والنصب وخيانة الأمانة وإعطاء شيك بدون رصيد) . أما النوع الثاني فيتضمن الجرائم التي تهدف إلى إتلاف مال الغير وتدفع ارتكابها الرغبة في الانتقام ويدخل ضمنها ( جرائم الحريق والتخريب والتعييب والإتلاف وقتل المواشي والحيوانات المختلفة وإتلاف المزروعات) .

ولكن يجب أن نلاحظ بأن جرائم النوع الأول تنطوي في الوقت ذاته على أضرار أو افقار للمجني عليه ، ولهذا فإن جرائم النوع الأول هي جرائم اثراء وإفقار معاً ، في حين أن جرائم النوع الثاني هي جرائم إفقار أو إضرار فقط .

ولهذا التمييز أهمية كبرى إذ تتطلب جرائم النوع الأول نية التملك خلافاً لما هو عليه الحال بالنسبة للنوع الثاني ،كما أن الفعل الجرمي في النوع الأول يكون من شأنه الحفاظ على الشيء ليتحقق الإثراء خلافاً للفعل في النوع الثاني إذ يتضمن الإتلاف ، وأخيراً فإن موضوع الاعتداء في جرائم الاستيلاء أو الإثراء هو المنقول أساساً وإن شذت عن ذلك جريمة الاحتيال إذ محلها المنقول أو العقار ، وكذلك اغتصاب العقار لا يقع إلا على عقار ، أما موضوع جرائم الإضرار قد يكون منقولاً أو عقاراً بل أن العقار قد يبدو في بعض النصوص المقصود أصلاً بالحماية .

ولكن ما يهمنا في دراستنا هو النوع الأول فقط وقبل الخوض في تفاصيل الدراسة لا بد لنا من تحديد بعض القواسم المشتركة والتشابه ما بين جرائم السرقة والنصب وخيانة الأمانة.

*القواسم المشتركة بين جرائم السرقة والنصب وخيانة الأمانة:
تشكل هذه الجرائم صور لاغتيال مال الغير ، ويتفرع عن ذلك التقاؤها واتفاقها في عدة وجوه.
1-فتلتقي جميعها في وحدة المحل الذي تقع عليه : فمحل هذه الجرائم هي دائماً أموال منقولة مملوكة للغير ، وبناءً عليه لا يتصور وقوعها على عقارات مملوكة للغير.
2-يجمعها أيضاً وحدة الغرض المنشود من النشاط الإجرامي: ألا وهو الاستيلاء على مال الغير المنقول ، وغالباً ما يكون ذلك الاستيلاء بباعث الطمع والرغبة في الإثراء غير المشروع.
3-هنالك قاسم مشترك يجمع فيما بين الجرائم الثلاثة وهو الركن المعنوي الذي يتطلبه القانون فيها: فكلها جرائم عمدية لا تقوم بغير توافر القصد الجنائي لدى مرتكبيها ، ولا يمكن تصور وقوعها بطريق الخطأ أو الإهمال .
والقصد الجنائي المتطلب فيها هو القصد الخاص متمثلاً في نية خاصة هي نية التملك ، إلى جانب القصد العام.

*أوجه الاختلاف بين جرائم السرقة والنصب وخيانة الأمانة:
الفارق الرئيسي بين الجرائم الثلاث يتعلق بالركن المادي ، وعلى وجه التحديد الفعل الذي يشكل العنصر الرئيسي في الركن المادي متمثلاً في النشاط الإجرامي .
ففي السرقة يقوم الركن المادي على اختلاس المال ، أي بإخراجه من حيازة المجني عليه وإدخاله في حيازة الجاني بنية تملكه. وفي النصب يتحصل الركن المادي في الاستيلاء على مال الغير بالخداع والاحتيال ، أما في خيانة الأمانة فيأخذ الركن المادي صورة الامتناع عن رد الشيء المسلم للجاني على سبيل الأمانة ، بنية تملكه أو التصرف فيه تصرف المالك في ملكه.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت