دعوى عدم نفاذ التصرفات في حق الدائن

عرف هذه الدعوى بأنها دعوى يقيمها الدائن للطعن في التصرفات الضارة به والصادرة من مدينه المعسر بقصد حمايته من غشه والمحافظة على الضمان العام لحقوق الدائنين عن طريق المطالبة باعتباره من الغير بالنسبة لاثر هذه التصرفات كي لا تكون نافذة في حقه .

ويطلق على هذه الدعوى ( الدعوى البوليصية ) نسبة الى القاضي الروماني بولص الذي ابتدعها وقد انتقلت هذه الدعوى باسمها التقليدي الى القانون الفرنسي القديم وان ندر استعمالها في ظله ثم تلقفها القانون المدني الفرنسي وان لم يعن ببيان شروطها وتفصيل احكامها ولذلك فقد عمد الفقه والقضاء المعاصران الى تلافي هذا النقص وبرزت لها تسمية اخرى هي دعوى ابطال التصرفات .

وفي الحقيقة ان هذه التسمية غير صحيحة ولا تنسجم وطبيعة الدعوى واثارها الا ان الفقه والقضاء المصريين عملا على تدارك القصور واحاطا هذه الدعوى بعناية ملفتة فوضعا الكثير من الاحكام لها واطلقا عليها تسمية دقيقة تنسجم وطبيعتها وآثارها فاطلق عليها دعوى عدم نفاذ تصرف المدين بحق دائنه ثم تولى القانون المدني المصري تنقيح ما وضعه الفقه والقضاء ، وقد اقتبس الشارع العراقي تسميتها من القانون المصري واخذ عنه احكامها وزاد عليها تفصيلا ودقة ، فافرد لها المواد 263 – 269 من القانون المدني العراقي.

وبناء على ما قدمناه فان هذه الدعوى لا تفضي الى بطلان التصرف الذي يجريه المدين وانما تؤدي الى عدم سريان تصرف المدين في حق دائنه ويظل تصرف المدين قائما بينه وبين من صدر اليه التصرف . والحكمة من ايجاد مثل هذه الدعوى مزدوجة فهي تهدف الى المحافظة على الضمان العام لحقوق الدائنين كما انها تهدف في الوقت عينه الى حماية الدائنين من غش المدين المعسر عن طريق المطالبة بعدم سريان اثر تصرفه في مواجهتهم كي لا يضاروا به ذلك لان المدين قد يعمد اذا ساءت حالته المالية الى القيام بتصرفات تلحق ضررا بدائنيه فقد يبيع امواله الظاهرة ويخفي ثمنها وقد يحابي بعض ذوي قرباه واصدقائه فيبيعهم ماله بثمن بخس او يهبهم اياه وقد يقدم دائنا على غيره ليكون بمنأى من قسمة الغرماء فيسدد له حقه كاملا .

وتشابه دعوى عدم نفاذ تصرف المدين الدعوى غير المباشرة في امرين

اولهما : ان كلاهما يهدفان الى المحافظة على الضمان العام لحقوق الدائنين وثانيهما ان كلا منهما دعوى ترفع على مدين معسر صدر منه تصرف يلحق ضررا بدائنيه . وتختلف كلا الدعوتين في ان دعوى عدم نفاذ تصرف المدين في حق دائنه ترمي الى حماية الدائن من غش المدين وتهريب امواله من متناول ايدي دائنيه اما الدعوى غير المباشرة فترمي الى رقابة الدائن من اهمال مدينه في المحافظة على حقوقه ، كما ان الدائن في دعوى عدم نفاذ التصرف يرفع الدعوى باسمه و يخاصم فيها مدينه ومن صدر اليه تصرف المدين خلافا للدعوى غير المباشرة التي يقيمها الدائن باسم مدينه ويستعمل فيها حقوقه نيابة عنه ليخاصم شخصا غيره ، فضلا عن ان دعوى عدم نفاذ التصرف ينصرف الى الدائنين اما اثر الدعوى غير المباشرة فينصرف الى المدين وتؤول نتيجتها اليه مباشرة وان افاد منها دائنوه بصورة غير مباشرة .

وقد نصت المادة 269 من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 على انه : ( لا تسمع دعوى عدم نفاذ التصرف بعد انقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف ولا تسمع في جميع الاحوال بعد انقضاء خمسة عشر سنة من وقت صدور التصرف ) ، واستنادا الى ذلك تسقط هذه الدعوى اي دعوى عدم نفاذ التصرف باقصر المدتين ، الاولى بمضي ثلاث سنوات تبدأ لا من تاريخ التصرف ولا من تاريخ علم الدائن بصدوره وانما من تاريخ علم الدائن بسبب عدم نفاذ تصرف المدين في حقه كاعسار المدين وغشه وتواطئه مع من تعاقد معه اذا كان التصرف عقد معاوضة كالبيع مثلا و ثانيهما بمضي خمسة عشر ستة من تاريخ صدور التصرف فتسقط الدعوى بمضي هذه المدة بالنسبة الى الدائنين كافة وان كانوا يجهلون سبب عدم نفاذ التصرف او لا يعلمون بصدوره وتسقط باقصر المدين فاذا صدر التصرف ولم يعلم الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف في حقه الا بعد مضي ثلاثة عشر سنة من صدوره تعذر عليه رفع الدعوى بعد مضي سنتين من تاريخ علمه بسبب عدم النفاذ واذا علم بسبب عدم النفاذ بعد مضي تسع سنوات من صدور التصرف كان له حق الطعن فيه خلال السنوات الثلاث التالية.

المحامية: ورود فخري