مسؤولية المحاسب عن الإخلال بتنظيم الدفاتر التجارية :

يترتب عن الإخلال بتنظيم الدفاتر التجارية مسؤولية قانونية تقع على عاتق المحاسب لأنه يعد أداة تنظيم الدفاتر التجارية ويلتزم قانوناً بالتوقيع باسمه الصريح على الحسابات الختامية للجهة التي يتولى تنظيم حساباتها بصفته منظم الحسابات(1)، لذا يعتبر المحاسب مسؤولاً عن صحة البيانات الواردة في الحسابات الختامية، وهذه المسؤولية قد تكون مدنية، وقد تكون جزائية، وقد تكون تأديبية، لذا سنتناول مسؤولية المحاسب (منظم الحسابات) في الفقرات الآتية:

أولاً: المسؤولية المدنية:

يسأل المحاسب مدنياً تجاه الجهة التي يتولى تنظيم حساباتها والغير عن الأخطاء التي تقع منه في تنظيم الحسابات، وتتحدد مسؤولية المحاسب المدنية تجاه الجهة التي يتولى تنظيم حساباتها استناداً إلى العقد الذي ينظم العلاقة بين الطرفين(2)، ويمكن تكييف هذه العلاقة بأنها علاقة عقدية تتحدد في ضوء القواعد العامة للعمل(3) والتي تضمنتها المادة (900) وما بعدها من القانون المدني العراقي،ما دام المحاسب يرتبط مع الجهة التي يتولى تنظيم حساباتها بعلاقة تبعية. أما مسؤولية المحاسب تجاه الغير فإنها تتحدد في ضوء القواعد العامة للمسؤولية التقصيرية(4). ولكي تنشأ مسؤولية المحاسب المدنية فلابد من وجود خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما، ويعتبر المحاسب مخطئاً إذا خالف القواعد القانونية عند تنظيم الحسابات(5) أو قام بالتلاعب في قيود الدفاتر التجارية بقصد إخفاء عجز أو اختلاس أو سوء استعمال أصل من أصول المتجر من خلال إثبات مدفوعات وهمية بالدفاتر التجارية لتغطية اختلاس بالخزانة أو عدم إثبات مدفوعات نقدية واردة للمتجر لاختلاس قيمتها، أو عدم إثبات بضائع واردة بدفاتر المخزن لاستخدامها لتغطية اختلاس سابق في المخزن أو لغرض اختلاسها (6)، ويقاس خطأ المحاسب بمعيار موضوعي هو عدم أدائه لمهمته بتلك المهارة والخبرة المتوقعة اعتيادياً من محاسب مؤهل مهنياً وعلمياً في الظروف ذاتها(7)، لذا فإن التزام المحاسب هو التزام بوسيلة وليس بتحقيق نتيجة، فإذا ترتب على خطأ المحاسب ضرر أصاب الجهة التي يتولى تنظيم حساباتها (التاجر) أو الغير وثبت وجود علاقة السببية بين الخطأ والضرر نشأت مسؤولية المحاسب المدنية، ويقع على المدعي أن يقيم الدليل على خطأ المحاسب إذ لا توجد قرينة لصالح المتضرر على خطأ المحاسب، وعلى الضرر الذي أصابه وعلاقة السببية بينهما، ويكون للتاجر المتضرر سواء كان شخصاً طبيعياً أم معنوياً أن يرجع على المحاسب (منظم الحسابات) استناداً إلى القواعد العامة للمسؤولية العقدية. وإذا كان المضرور من الغير فيجوز له الرجوع على المحاسب استناداً إلى القواعد العامة للمسؤولية التقصيرية، كما يستطيع الغير أن يرجع على التاجر الذي تولى المحاسب تنظيم حساباته، والأساس القانوني لمسؤولية التاجر عن خطأ المحاسب في تنظيم الحسابات هو القواعد العامة في مسؤولية المتبوع عن عمل التابع(8)، لأن القيود المدونة في الدفاتر التجارية من قبل العاملين مع صاحب الدفاتر المأذونين في ذلك تعتبر في حكم القيود المدونة من قبله، ويفترض أنها دونت بعلم صاحبها ورضاه إلى أن يقيم الدليل على عكس ذلك(9)، ويبقى التاجر مسؤولاً عن خطأ المحاسب ولو أثبت أن القيود المدونة في الدفاتر التجارية قد دونت دون علمه ورضاه، وذلك على أساس خطأ مفترض في جانبه يتمثل في سوء اختيار المحاسب (التابع) أو تقصيره في توجيهه ورقابته(10) ولكن التاجر يستطيع أن ينفي قرينة الخطأ وذلك إذا أثبت أنه بذل ما ينبغي من العناية لمنع وقوع الضرر أو أثبت أن الضرر الذي لحق بالغير كان لابد وأن يقع ولو بذل ما ينبغي من العناية(11)، فإن تمكن التاجر من ذلك انتفت مسؤوليته تجاه الغير إلا أن ذلك لا ينفي مسؤولية المحاسب لأنها مسؤولية أصلية وإذا لم يتمكن التاجر من نفي قرينة الخطأ في جانبه فإنه يعتبر مسؤولاً تجاه الغير، ويكون للمضرور أن يرجع على التاجر بالضرر كله الذي أصابه أو أن يرجع على المحاسب بقدر الضرر الذي ألحقه به أو أن يرجع عليهما معاً لأنهما متضامنان أمامه عن تعويض الضرر الذي أصابه لان كلاً منهما يسأل تجاه المضرور على اساس العمل غير المشروع (12) ، وإذا كان للمحاسب مساعدين(13) اشتركوا معه في الخطأ جاز للمضرور أن يرجع على المحاسب وحده أو على التاجر والمحاسب (التابع) والمساعد لأنهم متضامنون أمامه عن تعويض الضرر الذي أصابه (14)، فإن رجع المضرور على التاجر بالضرر كله كان للأخير أن يرجع على المحاسب بكل ما دفعه إلى المضرور من تعويض إذا لم يكن قد اشترك معه في الخطأ(15)، وإذا كان التاجر قد اشترك مع المحاسب في الخطأ الموجب للمسؤولية كان له أن يرجع على المحاسب بقدر جسامة خطئه في إحداث الضرر إن كان من الممكن تحديد نسبة خطأ كل منهما، فإن تعذر ذلك وزعت المسؤولية بينهما بالتساوي(16).

ثانياً: المسؤولية الجزائية:

يسأل المحاسب جزائياً إذا كانت الأخطاء التي ارتكبها تشكل جرائم يعاقب عليها القانون، وقد وردت مسؤولية المحاسب الجزائية في تشريعات عدة، فعلى وفق قانون ضريبة الدخل يتعرض المحاسب لعقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة إذا ثبت أمام المحاكم المختصة، أنه قدم عن علم بيانات أو معلومات كاذبة أو ضمنها تقرير أو حساب أو بيان بشأن الضريبة أو أخفى معلومات كان يجب عليه بيانها قاصداً بذلك الحصول على خفض أو سماح أو تنزيل من مقدار الضريبة التي تفرض على المكلف، أو أعد أو قدم حساباً أو تقريراً أو بياناً كاذباً أو ناقصاً مما يجب إعداده على وفق هذا القانون أو ساعد أو حرض أو اشترك في ذلك(17)، وقد يتعرض المحاسب لعقوبة جريمة الاحتيال الضريبي التي تتمثل بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنتين إذا ثبت أمام المحكمة المختصة أنه استعمل الغش أو الاحتيال للتخلص من أداء الضريبة التي تفرض بموجب هذا القانون كلاً أو جزءاً (18)، وفي قانون الشركات يتعرض المحاسب لعقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة أو الغرامة التي لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد على ثلاثة آلاف دينار أو بالعقوبتين معاً، إذا قدم عن عمد بيانات أو معلومات غير صحيحة إلى جهة رسمية عن نشاط الشركة(19)، بأعتباره مسؤولاً عن تنظيم حساباتها. وفضلاً عن ذلك يتعرض المحاسب للعقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات عند توافر العناصر المكونة للجرائم التي ينص عليها هذا القانون، ويمكن إجمالها بالآتي:

يعاقب بالحبس أو الغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا دون قيداً مزوراً أو أهمل تدوين قيد ذي أهمية في دفاتر أو أوراق أو سجلات التاجر الذي يتولى تنظيم حساباته وكان ذلك بقصد الغش(20). يعاقب بالحبس إذا قدم بيانات كاذبة أو ضمنها حساباً أو تقريراً وكان من شأن ذلك خداع الغير وحمله على تسليم مال إلى التاجر الذي يتولى تنظيم حساباته(21) كحمل الغير على الاكتتاب بأسهم الشركة أو سنداتها بطرق احتيالية.
يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على مائتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا علم بحكم مهنته بسر فقام بإفشائه في غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو استعمله لمنفعته أو لمنفعة شخص آخر(22).
يعاقب بالحبس إذا تصرف بالمال المحصل لحساب التاجر الذي يتولى تنظيم حساباته بسوء قصد وخلافاً للغرض الذي عهد به إليه(23).

ثالثاً: المسؤولية التأديبية:

يسأل المحاسب تأديبياً بسبب إخلاله بالتزاماته المهنية التي تضمنتها القوانين المنظمة لمزاولة المهنة(24)، ويترتب على ذلك عقوبات تأديبية يعهد بتطبيقها إلى لجنة ضبط تحال إليها المخالفات من مجلس نقابة المحاسبين والمدققين بناء على توصية من الهيئة الإدارية لجمعية منظمي الحسابات المجازين(25)، وللجنة فرض إحدى العقوبات الآتية:

أ- التنبيه.

ب- الإنذار.

ج- الحرمان من ممارسة المهنة لمدة سنة.

د- الحرمان من ممارسة المهنة لمدة سنتين.

هـ- إلغاء إجازة ممارسة المهنة الممنوحة للمحاسب المخالف.

وتكون القرارات التي تصدرها لجنة الضبط قابلة للطعن لدى محكمة التمييز خلال ثلاثين يوماً من تاريخ التبليغ بالقرار ولا تنفذ هذه القرارات إلا بعد اكتسابها الدرجة القطعية(26)، وتحيل لجنة الضبط القضايا إلى المحاكم المختصة مع الأوراق المتيسرة لديها كافة، إذا رأت أن تلك المخالفات تشكل جريمة يعاقب عليها القانون ولا يمنع صدور الحكم بالبراءة لجنة الضبط من إصدار قراراتها الانضباطية(27)، وإذا أصدرت لجنة الضبط قراراً بإلغاء إجازة ممارسة المهنة للمحاسب المخالف فلا تعاد إليه إلا بعد تقديمه طلباً إلى نقابة المحاسبين والمدققين للحصول على إجازة جديدة على وفق الضوابط النافذة بتوصية من جمعية منظمي الحسابات المجازين(28).

________________

1- الفقرة (11) من ضوابط عمل مكاتب تنظيم الحسابات، وكذلك الفقرة (12) من الفصل الأول من تعليمات النظام المحاسبي للشركات رقم (1) لسنة 1998.

2- البند (ب) من الفقرة (8) من ضوابط عمل مكاتب تنظيم الحسابات.

3- محمد القيسي، نظام مسك الدفاتر التجارية لأغراض ضريبة الدخل في العراق، مجلة المحاسب، نقابة المحاسبين والمدققين العراقية،العدد الأول،السنة الأولى، 1971، ص39-40 .

4- انظر المادة (186) وما بعدها من القانون المدني العراقي.

5- انظر الفقرة (8) من ضوابط عمل مكاتب تنظيم الحسابات.

6- د. عبد المنعم محمود – د. عيسى أبوطبل، المراجعة، أصولها العلمية والعملية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1967، ص55-56 .

7- انظرالمادة (36) من قواعد السلوك المهني الصادرة عن نقابة المحاسبين والمدققين العراقية بتاريخ 12/12/1983 والتي يلتزم بها المحاسب استناداً إلى الفقرة (8) من ضوابط عمل مكاتب تنظيم الحسابات.

8- المادة (219) من القانون المدني العراقي.

9- المادة (32) من قانون الإثبات رقم (107) لسنة 1979 .

10- د. غازي عبد الرحمن ناجي، مسؤولية المتبوع عن عمل التابع، مجلة العدالة، وزارة العدل، العدد الثالث، السنة الأولى، 1975، ص683 .

11- الفقرة (2) من المادة (219) من القانون المدني العراقي.

12- تنص الفقرة (1) من المادة (217)من القانون المدني العراقي على انه “اذا تعدد المسؤولون عن عمل

غير مشروع كانوا متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر دون تمييز بين الفاعل الأصلي والشريك

والمتسبب”.

13- انظر: الفقرة (9) من ضوابط عمل مكاتب تنظيم الحسابات.

14- د. غازي عبد الرحمن ناجي، مسؤولية المتبوع عن عمل التابع، مجلة العدالة، وزارة العدل، العدد الثالث، السنة الأولى، 1975، ص661 .

15- المادة (220) من القانون المدني العراقي.

16- الفقرة (2) من المادة (217) من القانون المدني العراقي.

17- المادة (57) من قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 .

18- المادة (58) من قانون ضريبة الدخل.

19- المادة (218) من قانون الشركات رقم (21) لسنة 1997 .

20- المادة (301) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 .

21- انظر المادة (456) من قانون العقوبات .

22- المادة (437) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969.

23- انظر: المادة (453) من قانون العقوبات.

24- انظر: الفقرة (8) من ضوابط عمل مكاتب تنظيم الحسابات.

25- المادة (17) من قانون نقابة المحاسبين والمدققين رقم (185) لسنة 1969، وكذلك البند (6) من المادة (4) من النظام الداخلي لجمعية منظمي الحسابات المجازين، المنشور في نشرة وزارة التجارة، دائرة تسجيل الشركات، العدد (818) في 19 شباط 1994.

26- الفقرة (4) من المادة (28) من قانون نقابة المحاسبين والمدققين.

27- الفقرة (2) من المادة (28) من قانون نقابة المحاسبين والمدققين.

28- البند (ج) من الفقرة (13) من ضوابط عمل مكاتب تنظيم الحسابات.

مسؤولية مراقب الحسابات عن الإخلال بتدقيق الدفاتر التجارية :

بالنظر لأهمية المهمة التي يقوم بها مراقب الحسابات فإنه يعتبر مسؤولاً عن أي خطأ أو إهمال يقع منه في أداء مهمته، وهذه المسؤولية قد تكون مدنية، وقد تكون جزائية، وقد تكون تأديبية بحسب الأحوال، لذا سنتناول مسؤولية مراقب الحسابات في الفقرات الآتية:

أولاً: المسؤولية المدنية:

يسأل مراقب الحسابات مدنياً تجاه الجهة الخاضعة للتدقيق والغير عن الأخطاء التي تقع منه في مراقبة وتدقيق الحسابات، وتتحدد مسؤوليته المدنية تجاه الجهة الخاضعة للتدقيق بالاستناد إلى المركز القانوني الذي يشغله، وقد أثار تكييف مركز مراقب الحسابات تجاه الجهة الخاضعة للتدقيق خلافاً في الفقه، فذهب البعض إلى أن العلاقة التي تربط مراقب الحسابات بالجهة الخاضعة للتدقيق هي علاقة عقدية مصدرها عقد العمل(1)، ولكن مراقب الحسابات لا يعتبر مستخدماً لدى الجهة الخاضعة للتدقيق (2)، لأنه يتولى مهمة مراقبة وتدقيق الحسابات باستقلال تام ودون تلقِ أية تعليمات في أدائها، فمراقب الحسابات لا يرتبط مع الجهة الخاضعة للتدقيق برابطة تبعية والتي هي أساس عقد العمل، في حين ذهب البعض الآخر إلى أن مراقب الحسابات يعتبر وكيلاً عن الجهة الخاضعة للتدقيق في مراقبة وتدقيق الحسابات لذا فإن مسؤوليته المدنية تتحدد في ضوء القواعد العامة للوكالة(3)، ولكن هذا الرأي منتقد لعدم توافر العناصر الأساسية للوكالة، فالوكيل يقوم بتصرفات قانونية نيابة عن الموكل بحيث تنصرف آثارها في ذمة الموكل في حين أن مراقب الحسابات يتولى مراقبة وتدقيق الحسابات وهذه الأعمال من طبيعة مادية وليست قانونية، ليقدم تقريراً يعرض فيه رأيه بنتيجة التدقيق وتبقى الجهة الخاضعة للتدقيق حرة في الاعتماد على هذا الرأي أو نبذه، كما أن مراقب الحسابات لا يباشر مهامه باسم ولحساب الجهة الخاضعة للتدقيق بل يقوم بمراقبة وتدقيق الحسابات باستقلال وحياد تام ودون تلق أيَة تعليمات حول كيفية أداء مهمته كما هي الحال في الوكالة (4)، فضلاً عن ذلك فإن الجهة الخاضعة للتدقيق لا يحق لها عزل مراقب الحسابات متى شاءت بل أن عزله يخضع لرقابة القضاء، وتطبيقاً لذلك قضت محكمة باريس في 26 حزيران 1943 بأنه: ((لا يجوز عزل مراقبي حسابات الشركة – وهم وكلاء حدد القانون نطاق وكالتهم – إلا لسبب مشروع فلا تملك الجمعية العامة عزلهم حسب مشيئتها ويكون للمحكمة تقدير مشروعية هذه الأسباب))، وقد علق الأستاذ جورج ريبير على ذلك بقوله: ((…… وعلينا لتفسير عدم قابلية الموكل لعزل الوكيل بمجرد إرادته أن نطرح فكرة الوكالة أو على الأقل الوكالة التعاقدية، وهذه هي نظرية محكمة باريس عندما اتخذت فكرة الوكالة القانونية فأحلتها محل الوكالة الاتفاقية…))(5)، واستناداً للانتقادات التي وجهت لفكرة الوكالة التعاقدية كأساس لمسؤولية مراقب الحسابات فقد ذهب الاتجاه الحديث في الفقه إلى أن مراقب الحسابات لا يستمد سلطاته من تفويض (وكالة) لأنه يتولى أداء مهمة ذات طابع عام لا يمكن أن تمارس بدقة وبطريقة فعالة إلا في نطاق المفهوم المؤسسي(6)، فالدور الأهم لمراقب الحسابات يظهر في نطاق الشركات وخصوصاً المساهمة منها، ويعتبر البعض أن مراقب الحسابات هو أحد مكونات الهيكل القانوني للشركة يناط به مهمة مراقبة وتدقيق الحسابات، وهو وأن كان معيناً من الهيئة العامة إلا أنه لا يفقد استقلاله في مواجهتها ولا في مواجهة إدارة الشركة، ولهذا أطلق عليه اسم قاضي الأرقام(7)، لأنه يتولى مهمة قانونية للرقابة هي – في الحقيقة – أقرب إلى العمل القضائي، حيث يكون مراقب الحسابات بمثابة الحكم (Arbitre) بين الهيئة العامة وواقع حسابات الشركة وسلوك الإدارة في هذا الخصوص(8)، وعلى وفق هذا الاتجاه فإن مراقب الحسابات يعتبر جزءاً من الهيكل الإداري للشركة يتولى مهمة مراقبة وتدقيق حساباتها (9) وأن سلطاته وواجباته تستمد من القانون، فالأخطاء التي تنسب إليه هي إخلال بالتزامات قانونية، لذا تتحدد مسؤولية مراقب الحسابات المدنية في ضوء القواعد العامة للمسؤولية التقصيرية، ولكن هذا التصوير لمركز مراقب الحسابات تجاه الشركة الخاضعة للتدقيق من الصعب قبوله في ظل التشريع العراقي، لأن الفقرة (ب) من المادة (19) من نظام ممارسة مهنة مراقبة وتدقيق الحسابات رقم (3) لسنة 1999 قد حددت طبيعة العلاقة التي تربط مراقب الحسابات بالشركة الخاضعة للتدقيق بأنها علاقة تعاقدية، في حين أن المادة (137) من قانون الشركات رقم (21) لسنة 1997 تنص على أن ((يسأل مراقب الحسابات عن صحة البيانات الواردة في تقريره بوصفه وكيلاً عن الشركة في مراقبة وتدقيق حساباتها))،واستناداً لما تقدم يمكن القول أن مسؤولية مراقب الحسابات المدنية تجاه الشركة الخاضعة للتدقيق تتحدد على ضوء القواعد العامة المقررة في القانون المدني بصدد عقد الوكالة(10)، ولكن يلاحظ أن المشرع العراقي في المادة (137) من قانون الشركات قد إعتبر مراقب الحسابات وكيلاً عن الشركة لا وكيلاً عن الهيئة العامة التي تتولى تعيينه كما هو الحال في قسم من التشريعات(11)، ويعلل البعض ذلك برغبة المشرع في أن يبعد عن مراقب الحسابات أي شعور بالتبعية لأية جهة بما فيها الهيئة العامة، خلال ممارسة مهمته التدقيقية والرقابية بحيث لا يؤثر في أدائه لمهمته سوى اعتبار واحد هو قيام الشركة كوحدة اقتصادية بالدور المرسوم لها وتحقيق هدفها الذي لابد أن يتطابق مع مصالح الشركة ومن يتعامل معها (12)، في حين أن القسم الآخر من التشريعات لم تحدد الأساس القانوني لمسؤولية مراقب الحسابات تجاه الشركة الخاضعة للتدقيق(13)، لذا فقد ذهب البعض إلى أنه يعود للقضاء سلطة تكييف مسؤولية مراقب الحسابات على وفق الأساس الذي تقوم عليه في كل حالة (14). وكذلك يسأل مراقب الحسابات مدنياً تجاه الغير عن الأخطاء التي تقع منه في مراقبة وتدقيق الحسابات، وتتحدد مسؤولية مراقب الحسابات المدنية تجاه الغير على وفق القواعد العامة للمسؤولية التقصيرية(15)، لذا سنتناول المسؤولية المدنية لمراقب الحسابات في الفقرتين الآتيتين:

أ- المسؤولية العقدية:

يُسأل مراقب الحسابات تجاه الشركة الخاضعة للتدقيق مسؤولية عقدية تتحدد في ضوء القواعد العامة للوكالة (16)، ولكي تنشأ مسؤولية مراقب الحسابات العقدية فلابد من وجود خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما، ويعتبر مراقب الحسابات مخطئاً ومقصراً في أداء مهمته إذا أخفق في إنجاز واجباته بشكل صحيح مخلاً بالعقد الذي يربطه مع الشركة، وإذا كان مراقب الحسابات يتولى مهمته بالاعتماد على قرار التعيين الصادر في الاجتماع السنوي للهيئة العامة دون وجود عقد مكتوب ينظم علاقته مع الشركة، فإن قبول مراقب الحسابات لقرار التعيين يدل ضمناً على أنه دخل في تعاقد مع الشركة وتعهد بأداء الواجبات القانونية فقط، لذا يعتبر مسؤولاً عن خطئه الذي يتمثل بإخلاله بالواجبات التي يفرضها القانون(17)، ويقاس خطأ مراقب الحسابات بمعيار موضوعي هو عدم أدائه لمهمته بتلك المهارة والخبرة المتوقعة اعتيادياً من مراقب حسابات مؤهل مهنياً وعلمياً في الظروف ذاتها، والمهارة والخبرة المطلوبة من مراقب الحسابات ليست مطلقة وإنما يكفي اتباعه لمعايير المراجعة التي ينص عليها القانون أو التي جرى العرف المهني على استخدامها(18)، لذا فإن التزام مراقب الحسابات هو التزام بوسيلة وليس بتحقيق نتيجة وهذا ما استقر عليه القضاء الفرنسي(19)، فمراقب الحسابات يعتبر مقصراً في أداء مهمته إذا لم يبذل في تنفيذ واجباته العناية المتوقعة منه كشخص مهني سواء من حيث مستوى الأداء أو الأساليب المتبعة، أو قام بإخفاء حقيقة جوهرية تؤثر على صحة المعلومات المالية سواء كان هذا التستر متعمداً أم لا، لأن من المفروض عليه أن يعلم إن إخفائها يؤثر على صحة المعلومات المنشورة، أو أغفل لفت النظر إلى مخالفة جوهرية للمبادئ المحاسبية والتدقيقية المتعارف عليها مما يؤثر على صحة البيانات المالية(20)، أو لم يطلب دعوة الهيئة العامة للاجتماع في حالة وجود الضرورة ونتج عن ذلك ضرر للشركة(21)، أو أذاع ما وقف عليه من أسرار الشركة دون طلب من إدارتها أو من جهة مخولة قانوناً(22)، ويجب على المدعي إثبات الخطأ لأن القانون لم يوجد قرينة لصالح المتضرر على خطأ مراقب الحسابات، ولا صعوبة في هذا الإثبات إذ تكفي إثبات المخالفة أو عدم قانونية الإجراءات أو عدم بذله العناية المهنية الواجبة لإعتبارهِ مخطئاً(23)، ويجب إثبات الضرر الذي لحق بالشركة المراقبة من جراء خطأ مراقب الحسابات في أداء مهمته، أما إقامة الدليل على علاقة السببية بين الخطأ والضرر فأنه يكون ضرورياً لكي تقوم مسؤولية مراقب الحسابات إلا أن ذلك قد يكون صعباً لأن خطأ مراقب الحسابات لا يكون دائماً هو السبب الوحيد للضرر الذي أصاب الشركة وليس من شأنه إلا السماح بتفاقم خطأ الإدارة، وأمام صعوبة تقدير علاقة السببية يستطيع القاضي أن يعتبر أن مراقب الحسابات لم يتسبب إلا بتفويت الفرصة لوضع نهاية لخطأ الإدارة(24). أن مراقب الحسابات يعتبر مسؤولاً عن خطئه الشخصي وما يقع من مساعديه وشركائه في ممارسة المهمة التدقيقية من أخطاء (25)، ولكن مراقب الحسابات لا يكون مسؤولاً عن أخطاء المديرين، وفي حالة الخطأ الذي يرتكبه كل من مراقب الحسابات ومديري الشركة فأن كلاً منهم يكون مسؤولاً عن الخطأ الذي أنفرد باقترافه، ولا يستطيع المديرون التخلص من المسؤولية بحجة أن ما أرتكبوه من أخطاء يجد سببه في غياب الرقابة التي ينبغي على مراقب الحسابات فرضها عليهم (26)،فإذا أشترك خطأ كل من مراقب الحسابات والمديرين في إحداث الضرر الذي أصاب الشركة بحيث لا يمكن الفصل بينهما، فيعتبر كلٌ منهم مسؤولاً عن تعويض الضرر الذي أصاب الشركة على وجه التضامم(27)لاختلاف طبيعة مسؤولية كل منهما تجاه الشركة،حيث يكون مراقب الحسابات مسؤولاً مسؤولية عقدية بينما يسأل المديرين مسؤولية تقصيرية،فيكون كل منهما مسؤولاً عن تعويض الضرر الذي اصاب الشركة على سبيل التضامم ، لذا فأن مراقب الحسابات يجبر على أن يكفل جزءاً من التعويض المقرر على مسؤولية المديرين(28)،، ويستطيع مراقب الحسابات التخلص من المسؤولية إذا أثبت أن الأفعال المزعومة لا تدخل في مهمته التدقيقية، فهو لا يسأل إلا عن الأفعال الداخلة في نطاق مهمته التدقيقية والرقابية(29)، أو أثبت أنه بذل في تنفيذ مهمته التدقيقية عناية ومسك المراقب المعتاد وبالرغم من ذلك لم يتمكن من اكتشاف الأخطاء والغش في الحسابات(30). وإذا ما توافر خطأ مراقب الحسابات وضرر أصاب الشركة المراقبة وعلاقة سببية بينهما، فأن للشركة المراقبة أن ترفع دعوى للمطالبة بتعويض الضرر الذي أصابها بإعتبارها شخصاً معنوياً، وترفع هذه الدعوى من قبل الممثل القانوني للشركة(31)، وهو مجلس إداراتها ممثلاً برئيسة، ولكن هذا القول يتعارض مع ما إذا كانت مسؤولية مراقب الحسابات قد نشأت نتيجة تواطئه مع مجلس الإدارة لإخفاء المخالفات المرتكبة في الأعمال الخاصة بالإدارة وعدم بيانها في التقرير الذي يقدمه للهيئة العامة، فلا يتصور أن يرفع مجلس الإدارة الدعوى على مراقب الحسابات لأنه أن فعل ذلك فأنه يقاضي نفسه، لذا فأن للهيئة العامة للشركة الحق في مباشرة هذه الدعوى بواسطة وكيل ينوب عنها في رفع الدعوى أمام القضاء(32)، هذا وقد ثار الخلاف في الفقه حول جواز السماح للمساهم بمباشرة دعوى الشركة بشكل فردي في حالة تقاعس الهيئة العامة للشركة عن مباشرتها،فذهب البعض إلى أنه ليس للمساهم أن يستعمل دعوى الشركة ضد مراقب الحسابات لعدم وجود نص قانوني يجيز ذلك (33)، في حين ذهب البعض الآخر إلى أنه يجوز للمساهم مباشرة دعوى الشركة في حالة تقاعس الشركة عن مباشرتها وبقدر النصيب الذي يكون له في الشركة (34)، والرأي الأخير هو الأجدر بالتأييد، لأن الضرر الذي يصيب الشركة يصيب المساهم بقدر نصيبه فيها، بالرغم أن ذلك قد يساعد على تعدد الدعاوى ضد مراقب الحسابات وهو ما يؤدي إلى تعقيدات يمكن تجنبها فيما لو رفعت هذه الدعوى من قبل الهيئة العامة للشركة (35)، ولكي يستطيع المساهم مباشرة دعوى الشركة فعلية أن يثبت تقاعس أو قعود الشركة عن مباشرة دعوى المسؤولية ضد مراقب الحسابات (36)، وبما أن المساهم يرفع دعوى الشركة ليحافظ على حقوقه الشخصية من أن تضار بسبب الضرر الذي أصاب الشركة فمن المنطق أن يستأثر رافع الدعوى بثمرتها أي التعويض لا أن يؤديه إلى الشركة حسب رأي بعض الفقه(37)أو ان يؤديه الى الشركة في رأي البعض الآخر(38). إن إبراء الذمة الذي تمنحه الهيئة العامة للشركة إلى المديرين عن الأعمال الخاصة بالإدارة لا يستفيد منه مراقب الحسابات، وبخلاف ذلك يجب الإقرار أن إبراء الذمة الممنوح إلى مراقب الحسابات عن الأعمال الخاصة بالرقابة والتدقيق من شأنه أن يوقف دعوى الشركة ضده(39)، ولكن ذلك يكون في حدود المعلومات التي وصلت إلى الهيئة العامة وقت صدور قرار الإبراء من أعمال الرقابة والتدقيق أما المخالفات التي بقيت مجهولة على الهيئة العامة فمن النادر أن يوقف الإبراء دعوى الشركة عنها ضد مراقب الحسابات (40)، وكذلك لا يجوز أن ترفع دعوى الشركة ضد مراقب الحسابات إذا كان قد مضى عليها مدة التقادم، وقد نصت غالبية التشريعات على المدة اللازمة لسقوط دعوى المسؤولية ضد مراقب الحسابات ولكنها ميزت بينما إذا كانت المخالفة المنسوبة لمراقب الحسابات تشكل جريمة جنائية فلا تسقط دعوى المسؤولية إلا بسقوط الدعوى الجزائية، وفيما إذا كانت المخالفة لا تشكل جريمة جنائية، فقد أختلفت التشريعات في هذه الحالة الأخيرة في تحديد مدة سقوط دعوى المسؤولية بالتقادم، فقد حدد قسم منها هذه المدة بثلاث سنوات من تأريخ انعقاد اجتماع الهيئة العامة الذي تلي فيه تقرير مراقب الحسابات(41)، في حين حدد القسم الآخر منها هذه المدة بسنة واحدة من تاريخ انعقاد اجتماع الهيئة العامة الذي تلي فيه تقرير مراقب الحسابات (42)، وهناك تشريعات أخرى حددت مدة سقوط دعوى المسؤولية بالتقادم بخمس سنوات(43). أما بالنسبة لقانون الشركات العراقي فلم ينظم دعوى المسؤولية ضد مراقب الحسابات لذلك فإنها تخضع للقواعد العامة، وبما أن مسؤولية مراقب الحسابات تجاه الشركة المُراقبة هي مسؤولية عقدية، لذا لا تسمع دعوى الشركة ضد مراقب الحسابات بانقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ انعقاد اجتماع الهيئة العامة للشركة الذي تلي فيه تقرير مراقب الحسابات(44).

ب- المسؤولية التقصيرية:

يسأل مراقب الحسابات تجاه الغير على وفق القواعد العامة للمسؤولية التقصيرية(45)، ولكي تنشأ مسؤولية المراقب التقصيرية فعلى المدعي إثبات خطأ مراقب الحسابات في أداء مهمته التدقيقية والرقابية، والضرر الذي أصابه من جراء خطأ مراقب الحسابات، وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر، ويستطيع الغير أن يرفع دعوى المسؤولية في مواجهة مراقب الحسابات للمطالبة بتعويض الضرر الذي أصابه كما لو اكتتب الغير بسندات الشركة أو منح أحد المصارف اعتماداً مالياً للشركة بناءاً على بيانات مالية مدققة من مراقب الحسابات لا تظهر حقيقة الوضع المالي للشركة المراقبة، وقد ترفع هذه الدعوى من قبل المساهم للمطالبة بتعويض الضرر الخاص الذي أصابه من جراء خطأ مراقب الحسابات وليس الضرر الذي أصاب الشركة (46)، كما لو اكتتب المساهم بأسهم الشركة أو احتفظ بأسهمه اعتماداً على البيانات الكاذبة الواردة في تقرير مراقب الحسابات عن الوضع المالي للشركة، ولا يجوز أن ترفع دعوى الغير في مواجهة مراقب الحسابات إذا كان قد مضى عليها مدة التقادم، ولم ينظم قانون الشركات العراقي هذه الدعوى لذلك فإنها تخضع للقواعد العامة، فلا تسمع دعوى الغير على مراقب الحسابات بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه الغير بحدوث الضرر وبالشخص الذي أحدثه، ولا تسمع الدعوى في جميع الأحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع(47).

ثانياً المسؤولية الجزائية:

يسأل مراقب الحسابات جزائياً إذا كانت الأخطاء التي ارتكبها أثناء أداء مهمته التدقيقية والرقابية تشكل جرائم يعاقب عليها القانون، وقد وردت مسؤولية مراقب الحسابات في نصوص تشريعية عدة، فعلى وفق قانون ضريبة الدخل يتعرض مراقب الحسابات لعقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة واحدة إذا ثبت أمام المحاكم المختصة، أنه قدم بيانات أو معلومات كاذبة أو ضمنها في تقرير أو حساب بشأن الضريبة أو أخفى معلومات كان ملزماً ببيانها قاصداً بذلك الحصول على خفض أو سماح من مقدار الضريبة التي تفرض على المكلف، أو إذا قدم تقريراً أو بياناً كاذباً أو ناقصاً مما يجب تقديمه على وفق قانون ضريبة الدخل أو ساعد أو حرض أو اشترك في ذلك(48)، وقد يتعرض مراقب الحسابات لعقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنتين إذا ثبت أمام المحكمة المختصة، أنه استعمل الغش أو الاحتيال للتخلص من أداء الضريبة المفروضة على المكلف أو التي تفرض بموجب هذا القانون كلها أو بعضها(49). وكذلك يتعرض مراقب الحسابات إلى العقوبات المقررة بموجب نصوص قانون العقوبات، حيث يتعرض لعقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على مائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا دون في تقريره بيانات غير صحيحة أو أغفل تدوين بيانات صحيحة وكان من شأن ذلك إيهام السلطات العامة وإيقاعها في الغلط (50)، لأن تقرير مراقب الحسابات يرفق مع الحسابات الختامية للشركة وترسل نسخة منها إلى مسجل الشركات(51)، كما يتعرض لعقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على مائتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا علم بحكم مهنته بسر فقام بإفشائه في غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو استعمله لمنفعته أو لمنفعة شخص آخر(52).

ثالثاً: المسؤولية التأديبية:

يسأل مراقب الحسابات تأديبياً إذا أخل بالتزاماته المهنية التي تضمنتها القوانين المنظمة لمزاولة مهنة مراقبة وتدقيق الحسابات(53)، حيث يحال إلى لجنة انضباط تتولى النظر في المخالفات المنسوبة إليه(54)، وتنعقد هذه اللجنة بدعوة من رئيسها للنظر في المخالفة المحالة إليها(55)، وتستدعي مراقب الحسابات الذي أسندت إليه المخالفة للحضور أمامها للتحقيق في صحة المعلومات الواردة إليها، وفي حالة امتناعه عن الحضور دون عذر مشروع فلها أن تصدر العقوبة التأديبية بعد أن تتحقق من صحة المعلومات الواردة إليها حول المخالفة(56)، وللجنة الانضباط في سبيل ذلك أن تتصل بدوائر الدولة والقطاع المختلط والتعاوني والخاص للإطلاع على المستندات والسجلات والمعلومات التي تتعلق بالقضية المعروضة عليها(57)، وتصدر لجنة الانضباط قراراتها بالأغلبية وتخضع هذه القرارات لمصادقة مجلس مهنة مراقبة وتدقيق الحسابات ويكون قرار المجلس بشأن العقوبة التأديبية باتاً(58)، وللجنة الانضباط فرض أحد العقوبات(59) الآتية:

الإنذار .

الحرمان من ممارسة المهنة لمدة لا تقل عن مائة وثمانين يوماً ولا تزيد على ثلاث سنوات.

إلغاء إجازة ممارسة المهنة وترقين اسم المخالف من سجل مراقبي الحسابات.

وإذا ما فرضت لجنة الانضباط على المخالف عقوبة إلغاء إجازة ممارسة المهنة فإن لمراقب الحسابات المخالف أن يطلب من مجلس مهنة مراقبة وتدقيق الحسابات إعادة النظر في قرار إلغاء الإجازة بعد انقضاء مدة لا تقل عن ثلاث سنوات من تأريخ فرض العقوبة(60).

__________________________

1- د. أحمد إبراهيم البسام، الشركات التجارية في القانون العراقي، الطبعة الثانية، مطبعة العاني، بغداد، 1967، ص218 .

2- د. أبو زيد رضوان، شركات المساهمة، موسوعة الفقه والقضاء في الدول العربية، العدد (157)، القاهرة، 1983، ص267 .

3- د. عبد الملك الشمري، مسؤولية مراقب الحسابات في ظل التشريعات العراقية، مجلة المحاسب، نقابة المحاسبين والمدققين العراقية، العدد الثاني، السنة الثالثة عشر، كانون الثاني، 1987، ص64 .

4- د. أحمد إبراهيم البسام، المرجع السابق، ص218، وكذلك د. مرتضى ناصر نصر الله، الشركات التجارية، مطبعة الإرشاد، بغداد، 1969، ص267.

5- د. مصطفى كمال وصفي، المسؤولية المدنية لأعضاء مجلس الإدارة في شركات المساهمة، المطبعة العمالية، القاهرة، 1951، ص14 .

6- Commissair Aux Comptes، op. cit، p231..

7- د. محمد فريد العريني، القانون التجاري، شركات الأموال، الدار الجامعية للطباعة والنشر، القاهرة، 2000، ص206 .

8- د. أبو زيد رضوان، المرجع السابق، ص267 .

9- قضت محكمة الاستئناف الجنائي الإنكليزية في قضية (Maurice Shalam) في عام 1960 ((أن كون السيد (موريس شالام) مديراً للشركة أمر لا شك في وإني أوجهكم إلى أن السيد (شاكنز) قد تم تعيينه مدققاً وأنه مارس وظيفة التدقيق في عام 1953 – وهذا يبدو لا غبار عليه – فهو إذن موظف في الشركة)).

– H. R. HAHLO، op، cit، p552 .

10- المادة (927) وما بعدها من القانون المدني العراقي .

11- كالمادة (106) من القانون المصري رقم (159) لسنة 1981 الخاص بالشركات، والمادة (99/أ) من قانون الشركات الأردني رقم (22) لسنة 1997 .

12- د. موفق حسن رضا، قانون الشركات، أهدافه وأسسه ومضامينه، مطبعة وزارة العدل، بغداد، 1985، ص161 .

13- كالمادة (234) من قانون الشركات الفرنسي، والمادة (178) من قانون التجارة اللبناني، والمادة(240) من قانون التجارة السوري، والمادة (133) من نظام الشركات السعودي.

14- د. مفلح عواد القضاة، الشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة الشخص الواحد، دراسة مقارنة،دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 1998، ص90 .

15- المادة (186) وما بعدها من القانون المدني العراقي.

16- المادة (927) وما بعدها من القانون المدني العراقي.

17-Robert R. Pennington، op. cit، p635.

18- المادة (36) من قواعد السلوك المهني.

19-Voy.Cass.Com.،19 octobre 1999،Bull.Joly ،2000،43.

– G. Ripert et R. Roblot، op. cit، p495 .

20- المادة (42) من قواعد السلوك المهني.

21- د. أحمد إبراهيم البسام، المرجع السابق، ص219 .

22- المادة (15) من قواعد السلوك المهني.

23- د. أكثم أمين الخولي، قانون التجارة اللبناني المقارن، الجزء الأول، الطبعة الثانية، دار النهضة العربية، بيروت، 1967، ص398-399.

24-G. Ripert et R. Roblot، op. cit، 495-496 .

25- البند (ب) من المادة (40) من قواعد السلوك المهني.

26- د.محمد فريد العريني، المرجع السابق،ص 207-208.

27- المرجع نفسه، ص208.

28-Commissaire Aux Comptes، op. cit، p235.

29- Commissaire Aux Comptes، op. cit، p235.

30- د. عبد المنعم محمود – د. عيسى أبوطبل، المراجعة، أصولها العلمية والعملية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1967، ص58.

31- د. أدور عيد، الأعمال التجارية والتجار والمؤسسة التجارية، مطبعة باخوس وشرتوني، بيروت، 1971، ص 632.

32- د. مصطفى كمال وصفي، المسؤولية المدنية لأعضاء مجلس الإدارة في شركات المساهمة، المطبعة العمالية، القاهرة، 1951، 122.

33- د. محمد فريد العريني، المرجع السابق، ص208-209.

34- د.أدور عيد، المرجع السابق، ص632.

35- د.مرتضى ناصر نصر الله، المرجع السابق، ص255.

36- د. ثروت علي عبد الرحيم، الوجيز في القانون التجاري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1988، ص376.

37- د. أكثم أمين الخولي، المرجع السابق، ص378 .

38- د.مرتضى ناصر نصرالله ،المرجع السابق،ص254-255.

39- G. Ripert et R. Roblot، op. cit، p497 .

40- د. أدور عيد، المرجع السابق، ص632، وكذلك د. أكثم أمين الخولي، المرجع السابق، ص399-400.

41- كالمادة (201) من قانون الشركات الأردني رقم (22) لسنة 1997 .

42- كالمادة (109) من القانون المصري رقم (159) لسنة 1981 .

43- كالمادة (178) من قانون التجارة اللبناني، والمادة (240) من قانون التجارة السوري.

44- انظر: المادة (429) من القانون المدني العراقي.

45- المادة (186) وما بعدها من القانون المدني العراقي.

46- د. أحمد إبراهيم البسام، المرجع السابق، ص219، وكذلك د. مرتضى ناصر نصر الله، المرجع السابق، ص268 .

47- انظر المادة (232) من القانون المدني العراقي.

48- المادة (57) من قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 .

49- المادة (58) من قانون ضريبة الدخل .

50- المادة (296) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 .

51- الفقرة (1) من المادة (127) من قانون الشركات رقم (21) لسنة 1997 .

52- المادة (437) من قانون العقوبات .

53- انظر المادة (13) من نظام ممارسة مهنة مراقبة وتدقيق الحسابات رقم (3) لسنة 1999 .

54- البند (ب) من المادة (6) من نظام ممارسة مهنة مراقبة وتدقيق الحسابات.

55- الفقرة (ب) من المادة (14) من نظام ممارسة مهنة مراقبة وتدقيق الحسابات.

56- الفقرة (ج) من المادة (14) من نظام ممارسة مهنة مراقبة وتدقيق الحسابات.

57- الفقرة (هـ) من المادة (14) من نظام ممارسة مهنة مراقبة وتدقيق الحسابات.

58- الفقرات (و، ز) من المادة (14) من نظام ممارسة مهنة مراقبة وتدقيق الحسابات.

59- الفقرة (ح) من المادة (14) من نظام ممارسة مهنة مراقبة وتدقيق الحسابات.

60- الفقرة (ج) من المادة (15) من نظام ممارسة مهنة مراقبة وتدقيق الحسابات.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .