الدفع بانتفاء رابطة السببية في جريمة القتل الخطأ – حكم محكمة النقض المصرية

الطعن 586 لسنة 44 ق جلسة 2 / 12 / 1974 مكتب فني 25 ق 170 ص 787 جلسة 2 من ديسمبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطى، صلاح الرشيدي، وقصدي إسكندر عزت.
—————
(170)
الطعن رقم 586 لسنة 44 القضائية

قتل خطأ. خطا. جريمة. “أركانها”. رابطة السببية. دفوع. “الدفع بانتفاء رابطة السببية”. حكم. “تسبيبه. تسبيب معيب”. مسئولية جنائية. مسئولية مدنية.
ادعاء التهم بانتقاء رابطة السببية بين ما يمكن نسبته إليه من خطأ وبين وفاة المجنى عليه بمقولة تسلله إلى حمام السباحة بملابس السباحة وسط السباحين وتوجهه إلى الجزء العميق من الحمام. رغم سبق تحذيره وكونه لا يجيد السباحة. ورغم بذل المتهم غاية جهده لإنقاذه. دفاع جوهري. يوجب على المحكمة أن تعرض له وتدلي برأيها فيه. لما قد يترتب على ثبوته انتفاء المسئوليتين الجنائية والمدنية.
متى تتحقق رابطة السببية كركن في جريمة القتل الخطأ ؟

——————
كون خطأ المجنى عليه كافيا بذاته لإحداث النتيجة. استغراقه خطأ الجاني ونفيه رابطة السببية بين خطأ الأخير والحادث.
متى كان يبين من المفردات المنضمة أن الطاعنين كانا قد دفعا – لدى المحكمة الاستئنافية – بانتفاء رابطة السببية بين ما قد يمكن نسبته للطاعن الأول من خطأ وبين وقوع الحادث، إذ أن خطأ المجنى عليه وحده هو الذى أدى إلى وقوع الحادث مما من شأنه أن يقطع هذه الرابطة، ذلك أنه تسلل إلى حمام النادي خلسة دون أن يكون معه تصريح بدخوله وكان مرتديا ملابس الاستحمام ونزل إلى المياه وسط السباحين وتوجه إلى الجزء العميق من الحمام على الرغم من أن الطاعن الأول كان قد حذره من ذلك في اليوم السابق، وبرغم أنه لا يجيد السباحة وأن الطاعن الأول قد بذل أقصى ما في استطاعته بأن سارع إلى النزول خلفه بمجرد ان لاحظ أنه غطس ولم يظهر وأخرجه من المياه وأجرى له التنفس الصناعي، ولما لاحظ سوء حالته قام بنقله إلى المستشفى إلا أنه توفى، وما كان بوسع أي شخص آخر في مكانه وظروفه أن يمنع وقوع الحادث، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه سجل بعض هذا الدفاع بقوله أن الطاعنين دفعا بانتفاء الخطأ في جانب المتهم وأنه إذا وجد خطأ فيرجع إلى المجنى عليه لتسلله إلى الحمام وإلقائه بنفسه في الماء وسط زحام من السباحين، وقد أطرح الحكم هذا الدفاع بقوله: إن الحكم المستأنف قد تكفل بالرد عليه ردا كافيا تأخذ المحكمة به أسبابا لها، ولما كان ما تقدم، وكان من المقرر أن رابطة السببية كركن من أركان جريمة القتل خطأ تتطلب إسناد النتيجة إلى خطأ الجاني ومساءلته عنها طالما كانت تتفق والسير العادي للأمور، وأن خطأ المجنى عليه يقطع رابطة السببية متى استغرق خطأ الجاني وكان كافيا بذاته لإحداث النتيجة فقد كان يتعين على المحكمة أن تحيط بدفاع الطاعنين كاملا وتلم به إلماما شاملا بجميع عناصره وتدلى برأيها فيه وتبين مدى أثره على توافر رابطة السببية، لأنه كان دفاعا جوهريا لما قد يترتب على ثبوت صحته من انتفاء مسئولية الطاعن الأول جنائيا ومدنيا مما يستتبع عدم مسئولية الطاعن الثاني، ولا يكفى في الرد على ذلك الدفاع مجرد التعقيب عليه بأن الحكم المستأنف قد تكفل بالرد عليه، طالما أن ذلك الحكم بدوره، وإن كان قد استظهر خطأ الطاعن الأول، إلا أنه لم يكن قد عرض لذلك الدفاع ولم يبد رأيه فيه، ومن ثم فان الحكم المطعون فيه يكون قد جاء قاصرا بما يعيبه ويوجب نقضه.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة قسم قصر النيل محافظة القاهرة تسبب خطأ في وفاة…….. ونشأ ذلك عن إهماله وعدم احترازه وعدم مراعاته اللوائح بأن توانى في إنقاذه عند غرقه في حمام السباحة الذى يعمل به مراقبا للحمام فحدثت عنده أسفكسيا الغرق وتوفى نتيجة ذلك على النحو المبين بالمحضر، وطلبت عقابه بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات، وادعى مدنيا كلا من (1)….. (2)….. (والدا المجنى عليه) قبل المتهم ورئيس مجلس إدارة نادى ضباط الشرطة (وزير الداخلية) بصفتهما مسئولين عن الحقوق المدنية متضامنين ـ (الأول) عن نفسه وبصفته وليا طبيعيا على بناته القاصرات……. و….. و…… بمبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض والمصروفات والأتعاب (والثانية) بمبلغ ستة ألاف جنيه على سبيل التعويض المؤقت. وقد أدخل رئيس مجلس إدارة نادى ضباط الشرطة شركة مصر للتأمين طالبا الحكم عليها بما عسى أن يحكم به، ومحكمة قصر النيل الجزئية قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام. (أولا) بعدم قبول دعوى الضمان المرفوعة ضد شركة مصر للتأمين. (ثانيا) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية وقبولها. (ثالثا) في الدعوى الجنائية بتغريم المتهم مائة جنيه وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة المقضي بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا. (رابعا) إلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية رئيس مجلس إدارة نادى ضباط الشرطة بصفته متضامنين بأن يؤديا إلى المدعين بالحقوق المدنية مبلغ 13000 ج (ثلاثة عشر ألف جنيه) من ذلك مبلغ 5000ج (خمسة آلاف جنيه) للعقيد…… ومبلغ ألف جنيه لكل من …. و…… و……. المشمولين بولاية والدهم المذكور ومبلغ خمسة ألاف جنيه للسيدة/……. وألزمت المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية بالمصاريف ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. فاستأنف كل من المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية. كما استأنفه المدعين بالحقوق المدنية، ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للشق الجنائي وفى الدعوى المدنية بتعديل الحكم المستأنف وذلك بإلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية بأن يدفعا متضامنين للمدعى المدني (الأول) ثلاثة آلاف جنيه وبصفته وليا طبيعيا على بناته القاصرات ألف جنيه لهن وللمدعية بالحقوق المدنية (الثانية) ثلاثة آلاف جنيه والمصروفات المدنية وخمسة جنيهات أتعابا للمحاماة. فطعن المحامي الوكيل عن الطاعن والمسئول عن الحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض… الخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنان أن الحكم المطعون فيه – إذ دان الأول منهما بجريمة القتل الخطأ وألزمه والطاعن الثاني بصفته بالتعويض – قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأنهما كانا قد دفعا بانتفاء رابطة السببية بين الخطأ الذى يمكن نسبته للطاعن الأول وبين وقوع الحادث الذى وقع بخطأ المجنى عليه وحده إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع رغم جوهريته.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من المفردات المنضمة أن الطاعنين كان قد دفعا – لدى المحكمة الاستئنافية – بانتفاء رابطة السببية بين ما قد يمكن نسبته للطاعن الأول من خطأ وبين وقوع الحادث إذ أن خطأ المجنى عليه وحده هو الذى أدى إلى وقوع الحادث مما من شأنه أن يقطع هذه الرابطة، ذلك أنه تسلل إلى حمام النادي خلسة دون أن يكون معه تصريح بدخوله وكان مرتديا ملابس الاستحمام ونزل إلى المياه وسط السباحين وتوجه إلى الجزء العميق من الحمام على الرغم من أن الطاعن الأول كان قد حذره من ذلك في اليوم السابق، وبرغم أنه لا يجيد السباحة، وأن الطاعن الأول قد بذل أقصى ما في استطاعته بأن سارع إلى النزول خلفه بمجرد ان لاحظ أنه غطس ولم يظهر وأخرجه من المياه وأجرى له التنفس الصناعي، ولما لاحظ سوء حالته قام بنقله إلى المستشفى إلا أنه توفى، وما كان بوسع أي شخص آخر في مكانه وظروفه أن يمنع وقوع الحادث، ويبين من الحكم المطعون فيه أنه سجل بعض هذا الدفاع بقوله أن الطاعنين دفعا بانتفاء الخطأ في جانب المتهم وأنه إذا وجد خطأ فيرجع إلى المجنى عليه لتسلله إلى الحمام وإلقائه بنفسه في الماء وسط زحام من السباحين، وقد أطرح الحكم هذا الدفاع بقوله إن الحكم المستأنف قد تكفل بالرد عليه ردا كافيا تأخذ المحكمة به أسبابا لها، ولما من المقرر أن رابطة السببية كركن من أركان جريمة القتل خطأ تتطلب إسناد النتيجة إلى خطأ الجاني ومساءلته عنها طالما كانت تتفق والسير العادي للأمور، وأن خطأ المجنى عليه يقطع رابطة السببية متى استغرق خطأ الجاني وكان كافيا بذاته لإحداث النتيجة، فقد كان يتعين على المحكمة أن تحيط بدفاع الطاعنين كاملا وتلم به إلماما شاملا بجميع عناصره وتدلى برأيها فيه وتبين مدى أثره على توافر رابطة السببية، لأنه كان دفاعا جوهريا لما قد يترتب على ثبوت صحته من انتفاء مسئولية الطاعن الأول جنائيا ومدنيا مما يستتبع عدم مسئولية الطاعن الثاني، ولا يكفى في الرد على ذلك الدفاع مجرد التعقيب عليه بأن الحكم المستأنف قد تكفل بالرد عليه، طالما أن ذلك الحكم بدوره، وإن كان قد استظهر خطأ الطاعن الأول، إلا أنه لم يكن قد عرض لذلك الدفاع ولم يبد رأيه فيه ومن ثم فان الحكم المطعون فيه يكون قد جاء قاصرا بما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة دون حاجة للبحث في باقي ما أثاره الطاعنان بطعنهما.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .