_ أولاً : المفهوم الحقيقي للجريمة العسكرية : 

تكتسب الجريمة صفة العسكرية باجتماع شرطين ،

_ الشرط الأول : أن يكون فاعلها ذا صفة عسكرية ، ولا تقتصر الصفة العسكرية على رجال القوات المسلحة وحدهم وانما تلحق بعض طوائف الأشخاص المنصوص عليهم في المادة الرابعة من قانون الأحكام العسكرية . 

_ الشرط الثاني : أن يكون الفعل الواقع مخالفاً للواجبات العسكرية أو للنظام العسكري عموماً مثلما يستخلص من قانون الأحكام العسكرية ، وتعدد المادة 130 وما بعدها من قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 الأفعال المخلة بالنظام العسكري . 

ومن الملاحظ فيما يتعلق بالشرط الثاني أن الجرائم العسكرية على نوعين :

_ النوع الأول : جرائم عسكرية بحتة : 

وهي تلك التي يجرمها قانون الأحكام العسكرية وحده فلا يوجد لها نظير في أي قانون آخر . ومثال ذلك جرائم مخالفة واجبات الخدمة والحراسة ” م 139 من قانون الأحكام العسكرية ” ، وجرائم عدم اطاعة الأوامر ” م 151 وما بعدها ” ، وجرائم الهروب و الغياب من الخدمة العسكرية ” م 154 و ما بعدها ” .

_ النوع الثاني : جرائم عسكرية مختلطة : 

وهى تلك التي يشترك في تجريمها قانون الأحكام العسكرية وقانون العقوبات ومثالها تسهيل دخول العدو أراضي الجمهورية أو تسليمه مدن أو حصون أو منشآت ” م 130 من قانون الأحكام العسكرية و م 78 ج من قانون العقوبات ” ، وجرائم اتلاف الأسلحة أو السفن أو الطائرات عمداً أو اساءة صنعها ” م 104 من قانون الأحكام العسكرية – م 78 ج من قانون العقوبات ” ، وكذلك جرائم السرقة والاختلاس .

ولئن كان من المسلم به خضوع الجرائم العسكرية المختلطة لاختصاص القضاء العسكري ، فهل يجوز اعتبارها من قبيل الجرائم العسكرية في المفهوم الحقيقي ، وبالتالي خضوعها لأحكام القانون العسكري لاسيما أحكامه الموضوعية المتعلقة بالجزاء واجب التطبيق ؟ يتجه أغلب الفقه الى القول بأن الجرائم العسكرية المختلطة تخضع للمحاكم العسكرية لكنها تعتبر في حقيقتها جرائم عادية . ولكن يبقى التساؤل هل يمكن أن يطبق على هذه الجرائم الأحكام الموضوعية التي تميز الجرائم العسكرية البحتة أو الجرائم العسكرية في مفهومها الحقيقي ؟ وواقع الأمر أن المسألة لا تعدو أن تمثل حالة من حالات تنازع النصوص ، فيتعين ترجيح النص الخاص على النص العام اعمالاً للقواعد المأخوذ بها في هذا الخصوص . وبالتالي يمكن تطبيق الجزاءات المقررة في قانون الأحكام العسكرية وغيرها من الأحكام الموضوعية .

_ ثانياً : معيار التفرقة بين الجرائم العادية والجرائم العسكرية : 

_ الجرائم العادية : هي تلك التي تقع بالمخالفة لنص جنائي يجرم الفعل ويعاقب عليه ، سواء ورد هذا النص في صلب قانون العقوبات ذاته ، أم في تشريع تكميلي آخر ، وبصرف النظر عما اذا كان هذا التشريع التكميلي جنائياً في مجمله أم غير جنائي لكنه تضمن فحسب نصاً جنائياً . 

_ الجرائم العسكرية : وهى تلك التي تقع من شخص ذي صفة عسكرية بالمخالفة للواجبات العسكرية أو للنظام العسكري عموماً . وتتميز الجرائم العسكرية ببعض الأحكام الخاصة ، وهي ليست كثيرة ولا حاسمة والتي تميزها عن الجرائم العادية . لكن أهم ما يميز الجرائم العسكرية هو انعقاد الاختصاص بنظرها لقضاء استثنائي هو القضاء العسكري . والجريمة العسكرية هي في جوهرها صورة من الجريمة التأديبية ربما تميزت بجسامتها من ناحية بالنظر لأهمية و خصوصية النظام العسكري وبخطورة الجزاءات المقررة لها . 

ويجدر التمييز بين المفهوم الحقيقي للجريمة العسكرية وبين مفهومها الحكمي . فعلى الرغم من أنه في الحالتين ينعقد الاختصاص بنظر الجريمة للقضاء العسكري . لكن الجريمة العسكرية في مفهومها الحقيقي هي وحدها التي تبرر تطبيق أحكام القانون العسكري .