الخصومة في اللغة تعني الجدل او المنازعة او الاثنان معاً (الجدل والمنازعة)(1). أما في الاصطلاح الشرعي فهي الجواب بنعم او لا ، وقيل هي الدعوى الصحيحة او الجواب الصريح بنعم او لا ، وقيل بانها جواب الخصم بالاقرار او بالانكار(2). أما في الاصطلاح القانوني فقد عرفها الفقه العراقي(3) بانها (وسيلة التعبير عن عرض النزاع على القضاء)، وعرفها جانب من الفقه المصري(4) بانها (ظاهرة قانونية تشمل مجموع الاعمال الاجرائية التي رسمها القانون والتي ترمي الى صدور حكم في الموضوع بقصد حل النزاع وازالة العقبة التي تعوق طريق الحياة القانونية) . كما عرفت(5) بانها (حالة قانونية تنشأ عن المطالبة القضائية وتقتضي قيام الخصوم والمحكمة بالاجراءات المؤدية الى الفصل في النزاع) . وعرفها الفقيه الفرنسي كيوفندا(6) بانها (مجموعة الاعمال المرتبطة بغرض تطبيق ارادة القانون في حالة معينة). وعرفها جانب من الفقه الفرنسي(7) بانها (الحالة القانونية التي يوجد فيها الخصوم والمحكمة طيلة عرض النزاع على القضاء)، كما عرفت بانها(8) (متابعة الدعوى القضائية او علاقة قانونية تقوم بين شخصين متخاصمين في قضية فهي المركز القانوني الناشئ عن المطالبة القضائية). ونرى ان من عرف(9) الخصومة بانها (مجموعة من الاجراءات القضائية المتتابعة يقوم بها الخصوم أو ممثلوهم والقاضي واعوانه وفقاً لنظام معين يرسمه قانون المرافعات وتبدأ بالمطالبة القضائية وتسير بغرض الحصول على حكم في الموضوع)(10)، كان موفقاً الى حد كبير ، ذلك لان الخصومة هي بالفعل مجموعة من الاجراءات المتتابعة، والصادرة عن الخصوم او من ينوب عنهم والقاضي ومساعديه بهدف الحصول على حكم فاصل في موضوع النزاع المطروح على القضاء ، وان كان من المتصور تحقق الخصومة هدفها ، بان تنقضي قبل الفصل النهائي في النزاع وذلك اذا تحقق سبب من الاسباب التي تؤدي الى انقضاء الخصومة قبل الفصل في موضوعها. وللخصومة المدنية عدة خصائص عدة يمكن استنباطها من التعاريف المتقدمة وهي:

أولاً. انها مجموعة من الاجراءات القضائية المتتابعة :

الخصومة ظاهرة متحركة حتى تصل الى هدفها المنشود ، فانه يجب ان تمر بثلاث مراحل رئيسة تمثل تدرجاً اساسياً لابد منه من اجل تحقيق اهدافها ، المرحلة الاولى هي المرحلة الافتتاحية والمتمثلة بتقديم الطلب (استدعاء الدعوى) الى القضاء ثم تليها مرحلة المرافعة والنظر في الطلب والتحقق من صحته ثم تنتهي بالمرحلة الاخيرة وهي مرحلة صدور الحكم(11). ان الخصومة في هذه المراحل تتابع اجراءاتها الواحد تلو الاخر تتابعاً زمنياً وتتسلسل تسلسلاً منطقياً، بحيث يبدو ان كل اجراء من اجراءات الخصومة شرط أساسي للاجراء الذي يليه وهكذا تظهر الخصومة كسلسلة واحدة تتجه نحو هدف واحد هو الحصول على حكم في موضوعها ، وان كان من المتصور ان تنقضي الخصومة في بعض الاحيان دون الوصول الى المرحلة الاخيرة عند تحقق احد اسباب انقضائها(12). وهناك من يرى ان الخصومة مرادفة للاجراءات القضائية التي تتخذ في سوح القضاء، لان المقصود من الخصومة الاعمال كافة التي ترمي الى تطبيق القانون في حالة معينة بواسطة القضاء(13). بينما يرى اخر ان الخصومة المدنية لا يقصد بها الاجراءات القضائية كافة التي تتخذ في سوح القضاء ، بل تقتصر على الاجراءات القضائية اللازمة لاستصدار الاحكام ، ويترتب على هذا الرأي ان الاجراءات الاحترازية مثل اجراءات القضاء الولائي والاجراءات التي تستهدف نشاطاً مادياً مثل اجراءات التنفيذ وان كانت حقيقتها اجراءات قضائية الا ان مصطلح الخصومة بالمعنى الدقيق لا يشملها(14). ويبدو ان الرأي الثاني جدير بالتأييد ذلك لان الفصل في الخصومات وان كان المهمة الرئيسة للقضاء ، الا انها ليست المهمة الوحيدة ، فهناك الأوامر الصادرة عن القضاء الولائي التي تصدر بعد اتخاذ سلسلة من الاجراءات القضائية مع ذلك فان وصف الخصومة لا يصدق على هذه الاجراءات القضائية ، فليس كل الاجراءات القضائية لمجرد اتخاذها في ساحة القضاء يمكن ان يطلق عليها مصطلح الخصومة .

ثانياً. تعدد أشخاص الخصومة :

تمتاز الخصومة بتعدد اشخاصها ، فلا يمكن تصور قيام خصومة بشخص واحد ، اذ لا بد من خصمين على الاقل احدهما يقدمها الى القضاء يسمى بالمدعي ، والثاني توجه اليه يسمى بالمدعى عليه ، وبغير مدعٍ ومدعى عليه لا توجد خصومة مدنية ، ولهذا يسميان بأطراف الخصومة(15). وقد يتعدد المدعون او المدعي عليهم في خصومة واحدة منذ بدايتها او في أثناء سير الخصومة عن طريق تدخل الغير في الخصومة او إدخاله، ويترتب على عد الشخص طرفاً في الخصومة ان يكتسب جملة من الحقوق منها حق الدفاع وتقديم الدفوع ، كما يترتب على هذه الصفة تحمل مجموعة من الواجبات منها عبء الاثبات وتحمل مصاريف الخصومة(16). ويعد القاضي شخصاً اساسياً من اشخاص الخصومة ذلك لان الخصومة تتطلب عرضها على قاضٍ ليفصل فيها ويضفي على موضوعها الحماية القضائية لهذا يقال لا خصومة بلا قاض ، ومثال الاجراءات التي يقوم بها القاضي القرارات الاعدادية التي تصدر في اثناء السير في الخصومة والاحكام القضائية التي تنهي الخصومة(17). وقد يستعين الخصوم بوكلاء عنهم في مباشرة الخصومة ، لذا فان وكلاء الخصومة هم من اشخاصها لا من اطرافها لان دورهم يقتصر على تقديم المساعدة الفنية للخصم وتضل صفتهم الاساسية انهم من اعوان القضاء لانهم يعينون القاضي في أداء رسالته بما يمتلكون من ثقافة قانونية ومعرفة وخبرة في القانون تمكنهم من صياغة عريضة الدعوى والإتيان بالدفوع بصيغة قانونية سليمة(18). ومن اعوان القضاء الخبراء والمعاونون القضائيون والمبلغون القضائيون ذلك لانهم يسهمون بشكل ملحوظ في اجراءات الخصومة .

ثالثاً. قانونية إجراءات الخصومة :

تمتاز الخصومة بان اجراءاتها قانونية لان القانون يرسم تلك الإجراءات وينظم تسلسلها في كل مرحلة من مراحل الخصومة ، ولان أشخاص الخصومة مقيدون بالإجراءات التي فرضها القانون ، فلا يحق لهم الاتيان باجراءات غير الاجراءات التي رسمها القانون ، بل انهم ملزمون بالترتيب المنطقي والتسلسل الزمني لاجراءات الخصومة ، فلا يقبل منهم التقديم او التأخير في إجراءات الخصومة خلافاً للترتيب والتسلسل الذي أوجده القانون(19). وتتميز الخصومة من الدعوى والقضية والنزاع ، فالدعوى وهي طلب شخص حقه من آخر أمام القضاء(20)، وهي وسيلة لحماية الحق دائماً توجد ما دام الحق موجوداً سواء لجأ الشخص الى القضاء طالباً حماية حقه من الاعتداء او لم يلتجأ اليه طالباً هذه الحماية(21). بينما الخصومة هي مجموعة الاجراءات القضائية المتتابعة التي تصدر عن الخصوم وممثليهم والقاضي واعوانه وتبدأ بالمطالبة القضائية وتستمر حتى نهايتها بالحكم او الانقضاء كالسقوط مثلاً. وتختلف الدعوى عن الخصومة من حيث الموضوع، ذلك لان موضوع الدعوى هو الحق الذي وقع عليه الاعتداء او المراد توفير الحماية له ، بينما موضوع الخصومة هو الدعوى التي أقيمت لحماية الحق ، أي ان الحق محل الدعوى وان الدعوى محل الخصومة(22). وبجانب الاختلاف(23) من ناحية الموضوع تستقل الدعوى عن الخصومة من حيث اسباب الانقضاء ، فزوال الخصومة لأي سبب لا يؤدي الى انقضاء دعوى الخصم ، بل له اعادة طرح النزاع على القضاء بخصومة جديدة ما دام حقه لم ينقض(24).

ونرى ان الدعوى تختلف عن الخصومة من حيث الغاية ، ذلك لان الغاية من الدعوى توفير الحماية للحق ، بينما الغاية من الخصومة الحصول على حكم ينهي النزاع . وتتميز الخصومة من النزاع ، فالنزاع في اصطلاح فقه المرافعات لفظ له مدلول موضوعي ، يقصد به سبب الخصومة ، اما الخصومة فهي لفظ له مدلول اجرائي ، يقصد بها اجراءات عرض النزاع على القضاء ، والى جانب هذا الاختلاف فانه لا يتصور قيام الخصومة مع انقضاء النزاع ، الا ان انقضاء الخصومة لا يعني إلزاماً انقضاء النزاع(25). ويرى جانب من الفقه ان اصطلاح الخصومة قد يطلق على النزاع في ذاته او على النزاع في مظهره ، فاذا اطلق هذا الاصطلاح للدلالة على النزاع في ذاته فان الخصومة تعرف بانها الحالة القانونية التي تنشأ من حين عرض النزاع على القضاء ، بينما اذا اطلق للدلالة على النزاع في مظهره فان الخصومة تظهر في صورة سلسلة من الاعمال المختلفة يوجب القانون القيام بها حتى تصل الى نهايتها(26). وقد يصعب التمييز بين الخصومة والقضية والسبب في ذلك ان الفقه القانوني غير متفق على معنى محدد لاصطلاح القضية ، فتارة يستخدم مصطلح القضية بمعنى مرادف للخصومة، فعرف القضية بأنها مجموع الاجراءات التي تتخذ في الدعوى من وقت رفعها الى الحكم فيها(27) ، وتارة يستخدم مصطلح القضية بمعنى مرادف للدعوى فعرف القضية بأنها الطلبات الموضوعية التي يراد بالخصومة عرضها على القاضي والتحقيق والفصل فيها (28) ويرى احد الفقهاء ان الفرق بين الخصومة والقضية ان الخصومة لفظ يفيد معنى اجرائي ، بينما القضية لفظ يفيد معنى اجرائي او موضوعي حسب الاحوال ، وقد يفيد كلا المعنيين في بعض الاحيان(29).

وبخصوص الطبيعة القانونية للخصومة المدنية ، فقد احتدم النقاش فيها بين الفقهاء ، اذ كيف البعض الخصومة المدنية على انها عقد قضائي بين الخصوم ، وان هذا العقد ينعقد حينما يرتضى الخصوم تطبيق احكام القانون على نزاعهم بواسطة القضاء طبقا للاجراءات التي يفرضها القانون، وان الدليل على ان الخصومة عقد ينشأ باتفاق بين الخصوم وتنتهي باتفاقهم على ذلك ، ان القانون يشترط بأبطال عريضة الدعوى من قبل المدعي موافقة المدعي عليه(30). لقد قوبل هذا التكييف بالرفض الشديد لان الخصومة لاتقوم على ارادة المتعاقدين ورضاهم ، فالمدعي يلجأ الى القضاء مضطرا بعد ان أنكر حقه ، والمدعى عليه توجه اليه الخصومة بغض النظر عن رضاه، كما ان موافقة المدعى عليه ليست شرطا لا بطال عريضة الدعوى الا في حالة اتيانه بدفع يؤدي الى ردها(31)، والحكمة من هذا الشرط ليس عدم بقاء المدعى عليه مهددا برفع دعوى جديدة عليه، وليس في الاعتبار ما زعم اليه اصحاب هذا التكييف بأن الخصومة نشأت بأتفاق الخصومة فلا تنتهي الا بأتفاقهم على ذلك(32). ويرى البعض(33) ان الخصومة المدنية هي رابطة قانونية واحدة ذات طبيعة اجرائية أساسها وجود الاعمال الاجرائية التي تتكون الخصومة منها ، وهي رابطة مستقلة عن الدعوى، لانها تنشأ بالمطالبة القضائية في حين ان المطالبة القضائية لاتعني وجود الحق في دعوى المدعي ، وهي رابطة مستقلة عن رابطة الحق الموضوعي ، لانها رابطة ذات طبيعة اجرائية وليست رابطة موضوعية ، كما انها رابطة مركبة لانها لاتحتوي على حقٍ واحدٍ والتزام واحد وانما تتضمن حقوقاً والتزامات متعددة. ويرى أصحاب هذا الرأي ان الخصومة المدنية ليست رابطة بين الخصوم فحسب، بل هي رابطة قانونية بين القاضي والخصوم ( المدعى والمدعى عليه ) ، وبموجب هذه الرابطة فأن التزام القاضي الفصل في الدعاوى يترتب حق للخصوم من اثارة النزاع امام القضاء ، والقيام بجميع الاعمال الاجرائية اللازمة لدفع الخصومة والسير فيها(34).

لقد تعرض هذا الرأي للنقد لان الرابطة القانونية تستلزم تقابل مراكز الاطراف ، أي ان يقابل كل حق للخصم التزام على الخصم الاخر او القاضي. ان من الصحيح القول ان المراكز القانونية لأطراف الخصومة غير متقابلة ، فالتزام القاضي الفصل في الدعاوى يرجع الى سلطته القضائية ، ولايمكن في أي حال من الاحوال تبريره بأنه التزام تجاه الخصوم، وان الواجبات الملقاة على احد الخصوم لايمكن وصفها بأنها التزامات تجاه الخصم الاخر ، وهكذا فأن ماينشأ بين اشخاص الخصومة لايوصف بأنه رابطة قانونية بالمعنى الفني الدقيق، وإنما يمكن تسميتها علاقات تقوم بين مجموعة من الاشخاص تربطهم غاية معينة هي انهاء الخصومة(35). ويرى البعض ان الخصومة هي مركز قانوني يقوم على مجموعة الامال التي تتكون لدى الخصوم في الحكم الذي سيصدر والتي تدفعهم لتوضيح الحقيقة امام القضاء بواسطة الاعمال الاجرائية (36) . ويضيف اصحاب هذا الرأي ان حقوق وواجبات الخصوم الاجرائية لاتشكل رابطة قانونية، وانما مجرد مركز قانوني ، ذلك لان امال الخصوم في الحكم الذي سوف يصدر يعد صورة للرابطة الموضوعية محل النزاع وهي –الرابطة الموضوعية– وما تحتويه من حقوق وواجبات عند وضعها تحت نظر القضاء تتحول الى مجرد امال في الحكم الذي سوف يصدر(37). ان هذا الرأي لايمكن التسليم به لان المركز القانوني كما يصوره اصحاب هذا الرأي ليس هو الخصومة ، فالأمل بالحكم ، هو تصوير حقيقي لمركز الاطراف في الخصومة ، ولكنه ليس هو الخصومة والدليل على ذلك ان الامل بالحكم يوجد لدى الخصوم قبل نشوء الخصومة، وقد تبقى الخصومة دون بقاء هذا الامل لدى الاطراف، كما في حالة تصالح الخصوم خارج المحكمة دون استكمال اجراءات انهاء الخصومة صلحا ، ففي هذه الحالة الخصومة باقية الا ان الامال في الحكم الذي سيصدر اصبحت غير موجودة(38).

ويؤخذ على هذا الرأي انه يخلط بين الخصومة والحق الموضوعي ويجعلهما شيئاً واحداً وهذا غير صحيح ، وانه يعطي للخصومة تصويرا لاتجد فيه لعلاقة القاضي بالخصوم أي مكان ، كما لايشير الى وظيفة القاضي ومركزه في الخصومة (39) ، وبهذا يجعل من الخصومة مركزاً قانونياً واحداً في حين ان الخصومة المدنية تحتوي على العديد من المراكز القانونية للقاضي وللخصوم وللغير(40). ويرى الدكتور فتحي والي ان الخصومة تتكون من مجموعة من الاعمال الاجرائية يقوم بها عدة اشخاص هم القاضي واعوانه والخصوم أو ممثلوهم والغير ، وتمتاز هذه الاعمال بوحدة الغاية وارتباطها فيها بينها ارتباطاً وثيقاً ، اذ جميع الاعمال التي تتكون منها الخصومة تتجه الى اظهار الحقيقة بشأن النزاع وهي – اعمال الخصومة – تجمعها وحدة زمنية ووحدة منطقية تجعل كلاً من هذه الاعمال كنتيجة لسابقة ومقدمة لما يليه وأمام تجمع هذه الأعمال ووحدتها يمكن عد الخصومة عملاً قانونياً واحداً مركباً من الناحية الشخصية لانها تتخذ من اشخاص مختلفين ومن الناحية الموضوعية لانها تتكون من عدة أعمال(41). ويضيف الدكتور فتحي والي ان اجراءات الخصومة مع تعددها تعد عملاً تتابعياً تتضافر فيه عدة اعمال للوصول الى اثر قانوني معين لا يستطيع أحدها ان يتجه وحده ، وانما الاعمال تتابع تتابعاً زمنياً ومنطقياً بحيث يصبح العمل السابق اساساً قانونياً للقيام بالعمل الذي يليه ، واذا انتجت بعض هذه الأعمال او غالبيتها اثاراً خاصة بها ، فانها تجتمع لانتاج اثر نهائي يعد الاثر المباشر للعمل القانوني الاخير (الحكم) والاثر غير المباشر للاعمال السابقة عليه(42). لقد حظي هذا الرأي بتأييد جانب من الفقه الذي اكد ان الخصومة المدنية نظام من انظمة قانون المرافعات ، اذا نجحت في الوصول الى العمل القضائي فان هذا العمل يعد ناتجاً من مجموعة الاثار المتولدة من الاعمال الاجرائية كافة المشتركة في تكوين الخصومة(43).

ان هذا الرأي كسابقه تعرض للنقد على اساس ان الخصومة مجموعة من الاعمال وليست عملا واحدا ، كما ان العمل القانوني المركب يقتضي اعمالاً متجانسة ومتكاملة فيما بينها، والملاحظ ان الخصومة تتكون من اعمال مختلفة بل ومتناقضة من حيث اشخاصها ومضمونها، فلا يمكن القول مثلا بأن عريضة الدعوى والدفع ببطلانها والحكم بردها عملٌ قانوني واحد، وانما هي وسائل متنوعة تسعى الى تحقيق غاية واحدة هي صدور العمل القضائي صحيحا وعادلا ، كما ان الخصومة لاترتب بذاتها اثرا قانونيا ، وانما القانون يرتب على العمل القضائي اثارا قانونية معينة ، فأذا انتهت الخصومة بصدور الحكم ، فأن الاثار التي تترتب على هذا الحكم ليست اثارا للخصومة بل اثاراً رتبها القانون للعمل القضائي الذي صدر عن طريق الخصومة ، والخصومة لاترد عليها حالتا الصحة والبطلان ، وانما تردان على الاجراء القضائي والاجراءات اللاحقة المترتبة عليه(44). وأخيراً فأن الدكتور وجدي راغب يرى ان الخصومة شكل قانوني للعمل القضائي، كما ان اجراءات اصدار القرار الاداري عنصر شكلي في هذا القرار، ويوضح رأيه بأن وظيفة القضاء هي حماية الحقوق عن طريق الفصل في النزاع، وحتى يضمن القانون عدالة عمل القضاء فأنه يحيط هذا العمل بضمانات شكلية عديدة، والخصومة واجراءاتها هي احدى هذه الضمانات لانها الوسيلة التي ينضمها القانون للعمل القضائي، وبعبارة ادق ان الخصومة تمثل الشكل القانوني للاجراء القضائي لهذا نرى ان المشرع يفرض على القاضي ان يراعي اجراءات الخصومة في أداء الاجراء القضائي(45). ويضيف الدكتور وجدي راغب ان الخصومة ليست الشكل الوحيد للاجراء القضائي الا انها الشكل القانوني العام للقضاء ويجب اتباعه الا في الحالات التي ينص فيها القانون على اتباع اجراءات أخرى(46).

__________________________

– راجع ص (8) من هذه الاطروحة.

2- راجع ص (9) من هذه الاطروحة.

3- أستاذنا الدكتور عباس العبودي ، شرح احكام قانون المرافعات المدنية ، مصدر سابق ، ص196.

4- د. ابراهيم نجيب سعد، القانون القضائي الخاص، ج2، منشأة المعارف، الإسكندرية، دون سنة الطبع، ص7.

5- مشار اليه عند : د. نبيل اسماعيل عمر، مصدر سابق، ص664 ؛ وبنفس المعنى عرفها الدكتور احمد ابو الوفا ، المرافعات المدنية والتجارية ، مصدر سابق ، ص516 .

6- مشار اليه عند : د. فتحي والي ، نظرية البطلان ، مصدر سابق ، ص32 ؛ وبنفس المعنى عرفها د. فتحي والي بانها (مجموعة الاعمال التي ترمي الى تطبيق القانون في حالة معينة بواسطة القضاء) راجع مؤلفه ، الوسيط … ، مصدر سابق ، ص291 ؛ وعرفها الدكتور محمد محمود ابراهيم بانها : (مجموعة الاعمال الاجرائية التي يقوم بها القاضي واعوانه والخصوم وممثلوهم واحياناً الغير والتي ترمي الى اصدار قضاء يحقق هذه الحماية) راجع مؤلفه ، مصدر سابق، ص613.

7- Cuche Etvincent، Preces de Proce’deure Civileet Commerciale، 10ed، 1994، p.256.

8- Rene Japiot، Troite Elementaire de Procedure Civileet Commerciale، 3e ed، 1986، p.49.

9- د. وجدي راغب ، مبادئ الخصومة المدنية ، مصدر سابق ، ص5.

0- بنفس المعنى عرفها الدكتور مفلح عواد القضاة بانها (مجموعة الاجراءات التي تستمر من وقت افتتاحها بالمطالبة القضائية الى وقت انتهائها بالفصل في موضوعها او انقضائها بمثل الاسقاط او الصلح) راجع مؤلفه اصول المحاكمات المدنية ، مصدر سابق ، ص173 ؛ وعرفتها محكمة النقض المصرية بقرارها ذي الرقم 1451 في 31/5/1980 بانها (مجموعة الاعمال الاجرائية التي يطرح بها الادعاء على القضاء ويتم بها تحقيقه والفصل فيه) مشار اليه عند : فتحي والي ، قانون القضاء المدني الكويتي ، مصدر سابق، ص208 ؛ وعرفها الدكتور احمد هندي ، بانها (مجموعة الاجراءات التي تبدأ بالمطالبة القضائية وتنتهي بالفصل في الدعوى) راجع مؤلفه اصول المحاكمات المدنية والتجارية ، الدار الجامعية، بيروت، 1989 ، ص144.

1- د. احمد مليجي ، ركود الخصومة المدنية ، ط2 ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1991 ، ص11.

2- د. وجدي راغب ، مبادئ الخصومة المدنية ، مصدر سابق ، ص5.

3- د. فتحي والي ، الوسيط … ، مصدر سابق ، ص347.

4- د. وجدي راغب ، مبادئ الخصومة المدنية ، مصدر سابق ، ص10.

5- د. عبد المنعم الشرقاوي ود. فتحي والي ، مصدر سابق ، ص8.

6- د. محمود محمد هاشم ، قانون القضاء المدني ، ج2 ، مصدر سابق ، ص221.

7- د. وجدي راغب ، مبادئ الخصومة المدنية ، مصدر سابق ، ص7.

8- المصدر السابق ، ص8.

9- د. وجدي راغب ، مبادئ الخصومة المدنية ، مصدر سابق ، ص9.

20- المادة (2) من قانون المرافعات المدنية العراقي .

2- محمد محمود ابراهيم ، مصدر سابق ، ص612.

22- أستاذنا الدكتور عباس العبودي ، شرح احكام قانون المرافعات المدنية ، مصدر سابق ، ص196.

23- غني عن البيان ان الفقه العراقي اعتاد على استعمال مصطلح الدعوى مرادفاً لمصطلح الخصومة على الرغم من الاختلاف بينهما، وانهم يطلقون الخصومة البدائية على الدعاوى المدنية ودعاوى الأحوال الشخصية ودعاوى المواد الشخصية ودعاوى الأحوال المدنية ، للمزيد راجع: جمال مولود ذيبان، ضوابط صحة وعدالة الحكم القضائي في الدعوى المدنية، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد ، 1992، ص60.

24- د. احمد هندي ، أصول المحاكمات … ، مصدر سابق ، ص145 ؛ د. مفلح عواد القضاة ، مصدر سابق، ص173 .

25- د. احمد مسلم ، التأصيل المنطقي لا حوال انقضاء الخصومة، دار الكتب القانونية، عمان، 1998، ص2.

26- د. فتحي والي ، نظرية البطلان … ، مصدر سابق ، ص31 .

27- د. رمزي سيف، مصدر سابق ، ص 108.

28- د. وجدي راغب ، مبادئ الخصومة المدنية ، مصدر سابق ، ص 11 .

29- د. احمد مسلم ، التأصيل المنطقي … ، مصدر سابق ، ص 511 .

30- مشار اليه عند رمزي سيف، مصدر سابق ، ص 511.

31- الفقرة (3) من المادة (88) من قانون المرافعات المدنية العراقي .

32- د. رمزي سيف ، الموسيط ، مصدر سابق ، ص 511 .

33- الرأي للفقيه كيوفندا مشار اليه عند د. فتحي والي ، نظرية البطلان ، مصدر سابق ، ص 31-36 .

34- د. عبد المنعم الشرقاوي ود. فتحي والي ، مصدر سابق ، ص 4 .

35- د. وجدي راغب ، مبادئ الخصومة المدنية ، مصدر سابق ، ص 14 ؛ ود. احمد هندي ، التمسك بسقوط الخصومة ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1991ذ ، ص 13 .

36- الرأي للفقيه جولد شميدت ، مشار اليه عند فتحي والي ، نظرية البطلان ، مصدر سابق ، ص 44-45.

37- المصدر السابق ، ص 45.

38- فتحي والي ، نظرية البطلان ، مصدر سابق ، ص 46 .

39- المصدر السابق ، ص46.

40- د. نبيل اسماعيل عمر ، اصول المرافعات ، مصدر سابق ، ص666 ؛ د. احمد هندي ، التمسك بسقوط الخصومة ، مصدر سابق ، ص14.

41- د. فتحي والي ، نظرية البطلان ، مصدر سابق ، ص47 ؛ وللمؤلف نفسه ، الوسيط … ، مصدر سابق، ص292.

42- د. فتحي والي ، نظرية البطلان ، مصدر سابق ، ص51.

43- د. نبيل اسماعيل عمر ، اصول المرافعات … ، مصدر سابق ، ص 668-669.

44- د. وجدي راغب ، مبادئ الخصومة المدنية ، مصدر سابق ، ص 15 ؛ ود. احمد هندي ، التمسك بسقوط الخصومة ، مصدر سابق ، ص 14-15 .

45- د. وجدي راغب، مبادئ الخصومة المدنية، مصدر سابق، ص16.

46- د. وجدي راغب، مبادئ الخصومة المدنية، مصدر سابق، ص16.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .