هنالك العديد من الظروف التي قد تقع في مجلس العقد سواء أكان حقيقياً أم حكمياً، وتؤدي به إلى الانفضاض، قبل أن يصل المتعاقدان إلى مبتغاهم وهو أبرام العقد. ولهذا يمكننا أن نطلق على هذا الانفضاض بـ “الانفضاض السلبي لمجلس العقد”. وهذه التسمية هي ما تتناسب مع النتيجة النهائية المتحصلة من تعاقد المتعاقدين في مجلس العقد. فسنتناول في هذا الموضوع الحالات التي تؤدي إلى انفضاض المجلس، والتي تتمثل بالآتي:

1-رجوع الموجب عن إيجابه قبل قبول الموجه إليه.

2-انتهاء مدة الالتزام بالإيجاب.

3-رفض الموجه إليه الإيجاب.

4-موت أحد المتعاقدين أو فقده أهليته .

5-تفرق المتعاقدين.

أولاً: رجوع الموجب عن إيجابه قبل قبول الموجه إليه.

ويقصد به رجوع الموجب عن إيجابه بصورة صريحة(1). والفقه الإسلامي يعطي للموجب الحق في الرجوع عن إيجابه سواء في مجلس العقد الحقيقي أو الحكمي(2). ومن ثم فأن الفقه الإسلامي يعتبر رجوع الموجب سيؤدي إلى انفضاض مجلس العقد بصورتيه. أما في الفقه المدني فإن الاتجاه الغالب(3). يذهب إلى اعتبار أن الإيجاب لا يجوز الرجوع فيه في التعاقد في مجلس العقد الحكمي. ومن ثم فأن حالة رجوع الموجب عن إيجابه لا يتحقق إلا في التعاقد ما بين حاضرين في مجلس العقد، عندما لا تتحدد مدة للقبول، ولم يمكن استنتاج ميعاد ضمني لذلك القبول(4). وبذلك فأن رجوع الموجب عن إيجابه في الحدود التي يسمح بها له بالرجوع سيؤدي إلى سقوط الإيجاب وانفضاض المجلس. وجدير بالذكر أن تكرار الإيجاب قبل القبول يعتبر رجوعاً عن الإيجاب الأول وسقوطاً له، وقيام الإيجاب الثاني(5). وهذا يعني انفضاض مجلس العقد بسقوط الإيجاب الأول، وبداية مجلس عقد جديد بالإيجاب الثاني.

ثانياً: انتهاء مدة الالتزام بالإيجاب.

في هذه المسألة، يجب التفرقة ما بين حالتين.

الحالة الأولى:- وهي حالة تحديد ميعاد صريح للقبول.

فإذا كان تحديد مدة الالتزام بالإيجاب من قبل الموجب صراحةً فأن الإيجاب سيسقط بانقضاء هذه المدة الملزمة، وتنطبق هذه الحالة سواء أكان التعاقد في مجلس عقد حقيقي أم حكمي. ومن ثم فأن مجلس العقد سيعتبر منتهياً بذلك “إذ بانقضاء هذه المدة يسقط الإيجاب مادام لم يقترن به القبول قبل انتهائها”(6). وقد أوضحت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي المصري هذه الحالة، فجاء فيها “أن الموجب يظل مرتبطاً بإيجابه خلال الميعاد المحدد للقبول متى حدد له ميعاد، سواء في ذلك أن يصدر الإيجاب لغائب أو لحاضر، فإذا أنقضى الميعاد ولم يصل القبول، فلا يصبح الإيجاب غير لازم فحسب بعد أن فقد ما توفر له من قوة الإلزام (بل يسقط سقوطاً تاماً) وهذا هو التفسير المعقول لنية الموجب. فهو يقصد أن لا يبقى إيجابه قائماً ألا في خلال المدة المحددة، مادام قد لجأ إلى التحديد، وقد يتصور بقاء الإيجاب قائماً بعد انقضاء الميعاد، ولو أن يصبح غير لازم، ولكن مثل هذا النظر يصعب تمشيه مع ما يغلب في حقيقة نية الموجب. ويراعى أن القول بسقوط الإيجاب عند انقضاء الميعاد يستتبع جواز اعتبار القبول المتأخر بمثابة إيجاب جديد(7).

الحالة الثانية: وهي حالة عدم تحديد ميعاد صريح للقبول.

فإذا لم يحدد الموجب ميعاداً للقبول بصورة صريحة، فمن غير المعقول بقاء مجلس العقد قائماً إلى ما لانهاية. إذ من الممكن أن يتخذ الموجه إليه الإيجاب موقفاً سلبياً، أي يتخذ موقف السكوت، ففي هذه الحالة، هل سيبقى مجلس العقد قائماً، أم أن هذا السكوت قد يفسر على أنه رفضاً للتعاقد ومن ثم انفضاضاً للمجلس؟ للجواب عن ذلك نقول بأنه يجب استبعاد بعض التعاقدات التي يعتبر فيها السكوت قبولاً(8). لأن السكوت في هذه الحالة سيعتبر إرادة معتبرة في انعقاد العقد. أما ما عدا ذلك، فأن الموقف في الفقه الإسلامي هو أن السكوت أو التراخي في القبول لفترة طويلة يؤدي إلى انفضاض مجلس العقد(9). وما تم ذكره عن موقف الفقه الإسلامي، هو ما ينطبق على الفقه المدني، إذ يسقط الإيجاب إذا سكت الموجه إليه الإيجاب فترة من الوقت يعتبرها العرف إعراضاً عن التعاقد(10). فلا يشترط أن يكون رفض الإيجاب صريحاً، وإنما يكفي أن يستخلص ضمناً من مجرد ترك الميعاد المحدد في الإيجاب ينقضي دون قبول، أي من مجرد السكوت حتى ينفض مجلس العقد. ففي التعاقد في مجلس العقد الحقيقي أو الحكمي، على الموجب أن يلتزم بإيجابه للفترة المعقولة لاقتران القبول بالإيجاب(11). وبذلك فأن سكوت الموجه إليه الإيجاب خلال الفترة المعقولة لا يؤدي إلى انفضاض مجلس العقد أما انتهاء هذه المدة فسيعتبر المجلس منفضاً(12).

ثالثاً: رفض الموجه إليه الإيجاب.

ويقصد بذلك، أن يصدر الموجه إليه الإيجاب إرادته بالرفض بصورة صريحة، وأن يصل هذا الرفض إلى علم الموجب، فللموجه إليه الإيجاب خيارٌ للقبول، وتكون له بموجبه الحرية في قبول الإيجاب أو رفضه. وهذا القول ما ينطبق على موقف الفقه الإسلامي(13). والفقه المدني(14). كما ويعتبر بمثابة الرفض الصريح أن يعدل من وجه إليه الإيجاب فيه كأن يدخل عليه تعديلات جوهرية كزيادة الكمية المبيعة أو إنقاص الثمن. كما ويعتبر بمثابة الرفض الصريح أن يضيف الموجه إليه الإيجاب شروطاً جديدة لم تكن موجودة في الإيجاب، وعندئذٍ تؤدي إلى سقوطه. كما ويعتبر رفضاً للإيجاب أن يصدر الموجه إليه الإيجاب قبوله، معلقاً على شرط، فتصبح هذه الإرادة إيجاباً جديداً وليس قبولاً. وبرفض الموجه إليه الإيجاب يصبح مجلس العقد منفضاً، ولا فرق في ذلك سواء أكان مجلس العقد حقيقياً أم حكمياً، كما وأنه لا فرق في ذلك سواء أكان الموجب قد حدد ميعاداً للقبول أم لم يفعل.

رابعاً: موت أحد المتعاقدين أو فقده أهليته.

سنبين أثر الموت وفقد الأهلية في انفضاض مجلس العقد عن طريق تقسيم الموضوع إلى محورين أساسيين. نتناول في المحور الأول موقف الفقه الإسلامي من ذلك، ثم نبين موقف القانون والفقه المدني منه.

1-موقف الفقه الإسلامي.

أختلف فقهاء مذاهب الفقه الإسلامي في مسألة مدى تأثير موت أحد المتعاقدين أو فقده لأهليته في الإيجاب، ومن ثم تأثير ذلك في انفضاض المجلس. ويبدو لنا أن الفقه الإسلامي قد توزع في تحديد موقفه من المسألة محل البحث إلى اتجاهات ثلاثة، وهي:

الاتجاه الأول: وبموجب هذا الاتجاه، فأن موت أحد المتعاقدين أو فقده لأهليته قبل اقتران القبول بالإيجاب، لا يؤدي إلى سقوط الإيجاب، أي بمعنى لا يؤدي إلى انفضاض المجلس. ويتمثل هذا الاتجاه بالمذهب الأباضي، فقد ذكر أحد فقهاء(15). هذا المذهب الجليل بأنه “(وأن تجنن) مشتر قبل قبول، علق البيع، وخليفته بمقامه أن كانت، و إلا أجبر أولياؤه باستخلاف عليه أن طلب البائع في الأظهر، (وأن مات) فوارثه بمقامه”. يتبين لنا أن أصحاب هذا الاتجاه قد اعتبروا أن موت الموجه إليه الإيجاب أو فقده لأهليته، سيجعل لورثته أو من يقوم مقامه أن يكون لهم حق استخدام خيار القبول. وبذلك فأنه لا يترتب على موت الموجب أو الموجه إليه الإيجاب أو فقدهما لأهليتهما، انفضاض مجلس العقد.

الاتجاه الثاني: وبموجب هذا الاتجاه، فأن موت أحد المتعاقدين أو فقده لأهليته قبل اقتران القبول بالإيجاب، سيؤدي إلى سقوط الإيجاب ومن ثم إلى انفضاض مجلس العقد. ويتمثل هذا الاتجاه بموقف جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة. فالموت وفقد الأهلية لديهم أقوى من التفرق بالأبدان أو بالأقوال(16)، وقد ذُكر(17). بأنه “ويشترط لصحة القبول حياة الموجب، فلو مات قبله، بطل الإيجاب، كذا في النهر”. وجدير بالذكر أن هنالك العديد من الفقهاء المعاصرين(18). يأخذون بهذا الاتجاه. فموت الموجب أو فقده الأهلية سيؤدي إلى سقوط الإيجاب، لأن خيار الرجوع لديهم لا ينتقل إلى ورثة الموجب أو من يقوم مقامه. كما أن موت الموجه إليه الإيجاب أو فقده لأهليته سيؤدي إلى سقوط الإيجاب، لأن خيار القبول لا ينتقل إلى ورثة الموجه إليه الإيجاب أو من يقوم مقامه. فالعقد لا يتم إلا بارتباط الإيجاب والقبول، وبفقدان أهلية الموجب يصبح الإيجاب الصادر منه كأن لم يكن، فإذا جاء القبول من الطرف الأخر لا يكون هناك أيجاب يرتبط به(19). أما إذا صدر القبول موافقاً للإيجاب في مجلس العقد ثم حدث أن مات أحد المتعاقدين أو فقد أهليته قبل تفرق المتعاقدين بأبدانهما عن المجلس، فأن العقد يتم، لأن كلاً من الإيجاب والقبول قد صدر من أهل له ثم حدث الموت أو فقد الأهلية بعد ذلك(20).

الاتجاه الثالث:- وبموجب هذا الاتجاه، يجب التفرقة ما بين موت الموجب أو فقده لأهليته وما بين موت الموجه إليه الإيجاب أو فقده لأهليته. ويتمثل هذا الاتجاه بموقف المالكية(21)، فهم يعتبرون أن الإيجاب يبقى قائماً بالرغم من موت الموجب أو فقده لأهليته حتى إذا قابله قبول أنعقد العقد. ذلك أن اعتبار الإيجاب قائماً حكماً قد يكون من مصلحة الموجب نفسه، فقد يكون حظه في أتمام الصفقة ، فلماذا نبطل هذا الإيجاب(22). كما أن الجاري على مذهب مالك – أن الموجب لو رجع عن أيجابه قبل تعبير الطرف الأخر عن إرادته لم يعتبر رجوعه، وكان لصاحبه القبول أن أراد، ومن باب أولى (على حد رأيه) أن يعتبر أيجاب من خرج عن الأهلية قائماً، فأنه قد تأكد في حالة الرجوع أن الموجب لا يريد أنشاء العقد، على حين أنه في حالة فقدان الأهلية لسنا من ذلك التأكيد من شيء، إذ الراجح أنه كان سيبقى مصراً على الإيجاب. أما إذا مات الموجه إليه الإيجاب أو فقد أهليته، فأن ذلك سيؤدي إلى انفضاض مجلس العقد، لأن العقد لا يمكن أن ينعقد، فخيار القبول لا ينتقل إلى ورثة الموجه إليه الإيجاب أو من يقوم مقامه(23).

2-الموقف التشريعي والفقهي.

تختلف نظرة التشريعات حول هذا الموضوع، بحسب اختلاف نظرة كل مشرع إلى التعبير عن الإرادة، فمنهم من يرى أن التعبير عن الإرادة أنما هو دليل على وجود صاحب الإرادة، فحيث ينعدم وجود صاحبها، ينعدم وجود إرادته معه، وينعدم الوجود بالموت أو بفقد الأهلية، ومن أنصار هذه النظرة القانون المصري الملغي. ومنهم من يرى بقاء الإرادة، ولو توفى الموجب أو فقد أهليته، بمعنى أن الإيجاب الصادر ممن يريد التعاقد يبقى قائماً، حتى إذا مات صاحبه أو فقد أهليته قبل صدور القبول، ومن أنصار هذه النظرة القانون المصري النافذ. فقد أورد المشرع المصري نص المادة (92) منه التي جاء فيها “إذا مات من صدر منه التعبير عن الإرادة، أو فقد أهليته (قبل أن ينتج التعبير أثره)، فأن ذلك لا يمنع من ترتب هذا الأثر عند اتصال التعبير بعلم من وجه إليه، هذا ما لم يتبين العكس من التعبير أو من طبيعة التعامل” فبموجب هذا النص فقد أعتبر المشرع المصري، أن التعبير عن الإرادة يكون له وجوده الفعلي من وقت صدوره من صاحبه، فلا يسقط بموت من صدر منه التعبير ولا بفقده لأهليته، وأن هذا التعبير بموجب النص المذكور آنفاً يستكمل وجوده القانوني بوصوله إلى علم من وجه إليه. يلاحظ أن المشرع المصري قد حاول أعطاء الإرادة استقلاليتها عن شخص موجهها، ومع ذلك فقد أورد قيداً على أحداث الإرادة لأثرها في المادة (91) التي جاء فيها “ينتج التعبير عن الإرادة أثره في الوقت الذي يتصل فيه بعلم من وجه إليه، ويعتبر وصول التعبير قرينة على العلم به، ما لم يقم الدليل على عكس ذلك”. كما أكد على هذا القيد في حالة التعاقد ما بين غائبين في المادة (97) منه. وبذلك فأنه إذا صدر إيجاب وقبول، ثم مات القابل أو فقد أهليته قبل أن يتصل قبوله بعلم الموجب، فأن العقد ينعقد عند اتصال القبول بعلم الموجب ما لم يتبين من القبول ذاته أو من طبيعة التعامل ما يدل على عكس ذلك، كما لو تبين أن القابل ما كان ليتعاقد إلا مع شخص الموجب بالذات(24). أما موت الموجب أو فقده لأهليته بعد إصداره للإيجاب، وقبل علمه بقبول الموجه إليه الإيجاب فسيجعل من المستحيل انعقاد العقد بموت الموجب أو فقده لأهليته، لأن علمه بالقبول لن يتحقق(25). ونشير في هذا المجال إلى أن هنالك جانباً من الفقه(26). يذهب إلى وجوب التفرقة – (في حالة موت الموجب أو فقده لأهليته) – بين الإيجاب الذي لم يحدد له ميعاد للقبول، والذي يسقط بموت الموجب أو فقده الأهلية، قبل حصول القبول وبين الإيجاب الذي يحدد له ميعاد للقبول بصورة صريحة من قبل الموجب، أو يحدد الميعاد لفترة معقولة في التعاقد ما بين غائبين. ففي هذه الحالة فأن موت الموجب أو فقده الأهلية، لا يؤثر في انعقاد العقد، إذا وصل القبول إلى علم ورثة الموجب أو إلى علم القيم عليه ، على أساس أن هؤلاء يحلون محل الموجب في العلم بالقبول ، ما لم تكن شخصية الموجب محل اعتبار . إلا أن هذا الرأي يجعلنا نتساءل، عن المبرر الذي يمكن الاستناد إليه في اعتبار الموت أو فقد الأهلية سبباً لسقوط الإيجاب في الحالة الأولى، وعدم اعتباره سبباً للسقوط في الحالة الثانية. ففي كلتا الحالتين فأن العقد لم ينعقد بعد ومن ثم فأن وصول القبول إلى علم الموجب إذا تم اعتباره شرطاً للانعقاد، لا يمكن انتقاله إلى الورثة أو القيم. أما المشرع الفرنسي فلم يورد نصاً في قانونه المدني يحدد فيه أثر الموت وفقد الأهلية في الإرادة سواء أكانت إيجاباً أم قبولاً، مما فتح المجال للفقه والقضاء إلى أن يضعوا حلولاً متفاوتة في هذا المجال. فقد ذهب الفقيه الفرنسي (مازو) إلى أن “وفاة أحد المتعاقدين لا يمكنه أن يجعل الإيجاب ساقطاً عندما يكون الأطراف قد اتفقوا على الإبقاء على إيجابهم لمهلة معينة”(27)، أي بمعنى أن وفاة أحد المتعاقدين يجعل الإيجاب ساقطاً في حالة عدم اتفاقهما على مهلة معينة للقبول. أما القضاء الفرنسي، فلم يستقر على رأي محدد في هذه المسألة وأتجه إلى اتجاهين وهما:-

الاتجاه الأول:- ويتوضح هذا الاتجاه بما ذهبت إليه محكمة النقض الفرنسية في عام (1983م)، إذ اعتبرت موت أحد المتعاقدين لا يؤدي بحد ذاته إلى سقوط الإرادة، إن لم يعلم به المخاطب بتلك الإرادة بحدوث الوفاة(27).

الاتجاه الثاني:- ويتوضح هذا الاتجاه بما ذهبت إليه محكمة النقض الفرنسية في عام (1989م)، إذ رأت أن الحل الأمثل هو أن موت أحد المتعاقدين سيؤدي إلى سقوط الإرادة(28). أما المشرع العراقي، فلم يورد نصاً قانونياً في متنه يعالج فيه أثر الموت أو فقد الأهلية في ألإرادة (إيجاباً أو قبولاً)(29). ومع ذلك يمكن القول بأن “القانون العراقي قد أخذ بسقوط الإيجاب بموت الموجب”(30). وهذا الاتجاه هو ما يمكن الاتفاق معه. وخاصةً وأن المشرع العراقي قد أورد قيداً خاصاً فيما يتعلق في التعاقد بين غائبين بموجب المادة (87) منه، وهو شرط علم الموجب بالقبول، ولا يتم العلم إذا توفي الموجب أو فقد أهليته. ويمكن الإشارة إلى أن عدم إيراد المشرع العراقي نصاً قانونياً صريحاً يعالج أثر الموت أو فقد الأهلية، يعتبر دليلاً على اعتبار أن الإرادة تسقط بموت صاحبها أو فقده لأهليته، لأن ذلك هو ما يتفق مع القواعد العامة. فالأصل أن يبقى المتعاقدان مرتبطين فيما بينهم في مجلس العقد بأنفسهما وما دام الموت أو فقد الأهلية يجعل من هذا الترابط مستحيلاً، لذا فأن الموت أو فقد الأهلية قد حصل على خلاف الأصل، فكان لا بد للمشرع أن ينص على هذه الحالة أن أراد أن يعطي حكماً مختلفاً عن سقوط الإرادة. ونعتقد أن الاتجاه الأكثر ملاءمة لطبيعة التعاقد، والأكثر اتفاقاً مع توافق الأرادتين لانعقاد العقد، هو اعتبار أن موت أحد المتعاقدين أو فقده لأهليته سيؤدي إلى سقوط الإرادة، ومن ثم إلى انفضاض مجلس العقد – وهذا ما يتفق مع موقف جمهور فقهاء المسلمين(31). كما أخذت به بعض التشريعات العربية(32) – وذلك للأسباب الآتية:-

1-إن هذا الحكم تقتضيه المصلحة، فمن شأن سقوط الإيجاب بموت الموجب أن يجنب ورثته من صفقة، ربما كانت لا تحوز رضاءهم. أما موت الموجه إليه الإيجاب قبل قبوله للإيجاب، فأن الإيجاب لن يقرر له أن يقبل منه فيصبح غير ذات موضوع فيسقط ويزول، كما أن موت الموجه إليه الإيجاب أو فقده لأهليته يكون من شأنه أن يتيح للموجب التحرر من عقد الصفقة مع ورثته، إذ قد لا يكون راغباً في التعاقد معهم(33).

2-أن هذا الحكم هو ما يتفق مع القول بأن خيار الرجوع، رخصة يقتصر استخدامها على الموجب، وخيار القبول رخصة لا يستعملها إلا من وجه إليه الإيجاب، إذ ليس للورثة أن يتلقوا تصرفاً من سلفهم قبل أن يتم تكون هذه التصرفات(34).

3-أن بقاء الإيجاب مدة المجلس، أمر اعتباري فإذا مات الموجب أو زالت أهليته زال معها هذا الاعتبار(35)، فالتعبير عن الإرادة دليل عليها، فإذا مات صاحب الإرادة، فلا يمكن أن تعتبر تلك الإرادة قائمة بمجرد وجود التعبير، فالتعبير دليل وليس هـو الأصل(36). فالتعبير عن الإرادة عمل إرادي نابع من شخص الإنسان وتوجهه، فأن زالت الأهلية عن صاحبه سقط تلقائياً لأنه لم يتعلق به حق لأحد(37). وخاصة أن الموت وفقد الأهلية هي عوارض خارجة عن أرادة الإنسان(38).

4- أن اعتبار سقوط الإرادة بموت صاحبها أو فقده لأهليته يؤدي إلى تجنب وقوع الغش من قبل المخاطب بها. فالقول بأن سقوط الإرادة سيعتمد فيما إذا كان الموجه إليه الإيجاب قد علم بالموت أو فقد الأهلية فأن أرادة المخاطب ستسقط، وإذا لم يعلم بذلك تنتج أرادته أثرها، سيجعل من التعاقد مسألة نفسية يصعب إثباتها، إلا على المخاطب بها.

ونتيجة لهذه الأسباب نقترح على المشرع العراقي أيراد النص الآتي:-

“1. يسقط الإيجاب وينفض مجلس العقد بموت الموجب أو الموجه إليه الإيجاب أو بفقد أحدهما الأهلية.

2. ويكون الأمر على خلاف ذلك عندما يتحصل من ماهية الإيجاب أو من الظروف التي صدر فيها أن صاحب الإيجاب كان ينوي إلزام نفسه بعد تحقق وفاته أو فقده الأهلية”.

وأخيراً نشير إلى أن انفضاض مجلس العقد بموت أحد المتعاقدين أو فقده الأهلية، لا يتعارض مع ما سبق ترجيحه، بصدد تحديد لحظة انعقاد العقد في مجلس العقد الحكمي من وجوب الفصل ما بين انعقاد العقد ونفاذه. والذي قد يصاحبه تحقق وفاة الموجب في الفترة الفاصلة ما بين انعقاد العقد (بتصدير القبول)، ونفاذه (بتحقق الشرط المعلق عليه العقد وهو علم الموجب بالقبول). فمثلاً إذا أرسل (زيد) إيجابه إلى (عمرو) عن طريق رسول، ثم بعد فترة وخلال المدة المعقولة المتطلبة لاقتران القبول بالإيجاب أرسل (عمرو) قبوله إلى (زيد) عن طريق رسالة، وقبل وصول القبول إلى الموجب مات الموجب أو فقد أهليته، فأن شرط علم الموجب بالقبول سيعتبر متحققاً إذا قام القابل بإيصال قبوله إلى علم ورثة الموجب، لأن موت الموجب أو تقييد أهليته لا يؤثر على انعقاد العقد، حيث ينتقل الحق في العلم إلى الخلف العام للموجب أو إلى نائبه القانوني في حالة تقييد أهليته. وما اشترط العلم إلا لتعيين بدء نفاذ العقد(39). إن انتقال شرط العلم إلى ورثة الموجب في هذه الحالة سيختلف عما ذهب إليه القانون العراقي والمصري، عندما اعتبرا أن العقد سينعقد عند وصول القبول إلى علم الموجب. فبحسب النظرية المختلطة التي سبق ترجيحها فأن علم ورثة الموجب هو شرط خارج عن تكوين الإرادة والانعقاد، فانعقاد العقد بحسب هذه النظرية يتم لحظة تصدير القبول. لذلك فأن أعلام ورثة الموجب، هو أعلام بأن العقد قد أنعقد بتاريخ سابق (هو تاريخ تصدير القبول). ولذلك فأن مجلس العقد سيعتبر ممتداً إلى تحقق العلم للورثة. ومن ثم فأن للموت أو لفقد الأهلية تأثيراً كبيراً في الإرادة في الفترة التي تسبق الانعقاد وليس النفاذ. فإذا مات الموجب أو الموجه إليه الإيجاب في الفترة الفاصلة مابين علم الموجه إليه الإيجاب بهذا الإيجاب وما بين تصدير القبول، فسوف لا يكون هناك ارتباط بين الإيجاب القبول، أما بعد قبول الإيجاب، فلا يكون للموت أثر في انعقاد العقد، إذ تنتقل أثار العقد إلى الممثل الشخصي للمتوفى(40). أما بحسب نظرية العلم أو اتجاه المشرع العراقي والمصري، فأن علم الموجب بالقبول هو ضروري من أجل اعتبار العقد منعقداً، ولذلك فإذا مات أحد المتعاقدين أو فقد أهليته في الفترة التي تفصل ما بين تصدير القبول ووصوله إلى علم الموجب، فأن العلم لا يتحقق بإيصال القبول إلى ورثة الموجب، لأن هذا العلم هو جزء من تكوين العقد.

خامساً:- تفرق المتعاقدين.

تدور المسألة محل البحث حول تأثير التفرق عن مجلس العقد بين المتعاقدين – التي قد تصاحب عملية التعاقد في مجلس العقد – في انفضاض المجلس. والذي قد يكون أما تفرقاً بالأبدان أو بالأقوال أو بالأفعال. ويقصد بالتفرق بالأبدان هو التفرق الذي يتم بإرادة المتعاقد واختياره بأن يترك أحد المتعاقدين أو كلاهما المجلس بإرادته واختياره، بعد العلم بالإيجاب وقبل القبول(41)(42). والضابط لتفرق المتعاقدين هو العرف(43). فالأولى أن يحكم العرف فيما يكون تفرقاً بالأبدان عن مجلس العقد، فبقاء الموجب هو دليل على بقاء أرادته وتمسكه بها ما بقي حتى تتهيأ للطرف الأخر فرصة تمكنه من النظر والتروي والموازنة بين البدلين وغير ذلك مما لا يستغنى عنه في أبرام العقود، وبقاء الموجه إليه الإيجاب هو دليل على رغبة في الاستمرار بمجلس العقد، من أجل الحصول على أبرام العقد. وقد أورد بعض الفقهاء تطبيقات عديدة للتفرق بالأبدان(44). وعلى سبيل المثال “إذا كان المتعاقدان في دار صغيرة فالتفرق أن يخرج أحدهما منها، أو يصعد إلى السطح أو ينزل إلى أسفل، وأن كانت الدار كبيرة ذات بيوت متعددة فالتفرق أن يخرج أحدهما من بيت إلى بيت أخر أو من البيت إلى الصحن، أو من الصحن إلى البيت”(45). ونؤكد أن هذه التطبيقات قد أوردها أصحابها على سبيل المثال، فقد يكفي لحصول التفرق بالأبدان أن يولي أحد المتعاقدين ظهره لصاحبه ويمشي قليلاً(46). أما ما يقصد بالتفرق بالأقوال فهو الأعراض عن التعاقد بقول أو بكلام أجنبي لا علاقة له بموضوع التعاقد، والكلام الأجنبي الذي لا علاقة له بموضوع التعاقد هو ما ليس من مقتضى العقد ولا من مصالحه ولا من مستحباته(47). ويتشدد الشافعية في تحديد التفرق بالأقوال، فيرون أن أي كلام أو لفظ أو حتى حرف أجنبي ليس له علاقة بموضوع التعاقد فأنه يعد من قبيل الأعراض الموجب لانفضاض مجلس العقد(48). بينما يتسامح جمهور الفقهاء فيما يعد تفرقاً بالأقوال، فهم يرون أن الكلام الأجنبي الذي لا يعده العرف أعراضاً عن التعاقد لا يكون من التفرق بالأقوال الموجب لانفضاض المجلس، أما الكلام الأجنبي الذي يعده العرف إعراضاً عن التعاقد فأنه يكون من قبيل التفرق بالأقوال الموجب لانفضاض المجلس، فقد ذكر أحد الفقهاء(49). بأنه “لا يضر في البيع الفصل بين الإيجاب والقبول إلا أن يخرجا عن البيع لغيره عرفاً “. ويبدو لنا أن الرأي الراجح هو رأي الجمهور، لأن هذا الرأي هو ما يتماشى مع التيسير في المعاملات ويبعد المتعاقدين في مجلس العقد عن الشكلية التي قد تؤدي إلى إرهاق المتعاقدين، وأن القول بعكس ذلك يعني التضحية بمبدأ الرضائية لمصلحة الشكلية(50). وعلى ذلك فما يعده العرف تفرقاً يكون كذلك، أما ما لا يعده العرف تفرقاً فأنه لا ينفض به المجلس ويظل المجلس قائماً منتجاً لأثاره(51). ويقصد بالتفرق بالأفعال، الانشغال بفعل أو عمل أخر يدل على الأعراض عن التعاقد، كأن ينشغل أحد المتعاقدين أو كلاهما بالأكل أو الشرب أو النوم أو ما إلى ذلك. “وقد تغالى بعض الفقهاء في ذلك فذهبوا إلى أن العقود لا تنعقد بين ماشيين، لأن القبول سيكون بعد تحركهما من مجلس الإيجاب أي مكانه، ولكن ذهب آخرون إلى أن المجلس لا يعتبر متغيراً إلا بتركه على وجه يعتبر في العرف تركاً للإيجاب، فإذا قام أحد العاقدين من قعود بعد الإيجاب ولم يغادر لمكان العقد لا يبطل بذلك. وإذا تعاقد اثنان وهما يمشيان أنعقد العقد ما داما لم يفترقا قبل أن يصدر القبول”(52). ومن ثم يمكن القول بأن ما أورده فقهاؤنا الأجلاء من تطبيقات أو حالات على التفرق عن مجلس العقد هو تصوير وتعبير عما كان عليه عرف الناس في عصرهم، والأولى أن يحكم العرف فيما يكون إعراضاً عن العقد، وما لا يكون(53). وبعد هذا التوضيح لمفهوم التفرق بالأبدان أو بالأقوال أو بالأفعال سنبين مدى اعتبار هذا التفرق بصوره الثلاث سبباً من أسباب انفضاض مجلس العقد، في الحالات الآتية:-

أولاً:- حالة التعاقد في مجلس العقد (بصورتيه) مع تحديد ميعاد صريح للقبول.

ثار الخلاف في مدى اعتبار التفرق بين المتعاقدين، سبباً في انفضاض مجلس العقد، وظهر اتجاهين في هذه المسألة وهما كالآتي:-

الاتجاه الأول:- يقرر الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة(54).أن الإيجاب الملزم في هذه الحالة يعتبر باطلاً ولا يلزم صاحبه في الفترة التي تمتد إلى ما بعد التفرق، فالعبرة تكون في هذه الحالة للترابط بين المتعاقدين وليس للموعد المحدد، فإذا تم تفرق المتعاقدين فأن المجلس سيعتبر منفضاً. وبذلك فأن مدة الالتزام بالإيجاب في مجلس العقد ستمتد إلى ما قبل التفرق عن المجلس، فإذا تفرق المتعاقدان بأبدانهما سقطت المدة الزائدة عن هذا التفرق، وكذلك الحال إذا تفرق المتعاقدان بالأقوال، حتى ولو ظلا في مكانهما(55). كما يحصل التفرق إذا حصل بين المتعاقدين ما يعد انشغالاً بالأفعال حتى ولو لم يحصل التفرق بالأبدان أو بالأقوال قبل ذلك(56). ولا يفرق أصحاب هذا الاتجاه بين التعاقد في مجلس العقد الحقيقي الذي يحصل فيه التفرق بابتعاد المتعاقدين عن بعضهما البعض أو بتفرقهما بالأقوال أو بالأفعال، وما بين التعاقد في مجلس العقد الحكمي، الذي يحصل فيه التفرق بترك الموجه إليه الإيجاب للمكان الذي وصل إليه الإيجاب أو بتفرقه بالأقوال أو بالأفعال مع الرسول أو حامل الرسالة، ولا عبرة لترك الموجب لمكانه، إذ لا عبرة لتصرفات الموجب في هذه الحالة، وقد ذكر أحد الفقهاء(57). بأن “……. بقاء خيار الكاتب إلى انفضاض خيار المكتوب إليه بمفارقته لمجلس قبوله …….وعليه فلا يعتبر للكاتب مجلس أصلاً “. أما ترك الرسول المجلس أو أعراضه أو انتقاله بالحديث إلى موضوع أخر فلا يترتب عليه بطلان الإيجاب، لأن ذلك ليس إليه ولم يجعل له المرسل هذا الحق(58).

الاتجاه الثاني:- ذهب المالكية(59). إلى أن الموجب في هذه الحالة يبقى متقيداً بمدة الإيجاب الملزم، وقد ذكر أحد الفقهاء المعاصرين(60). ما يأتي “لقد ذهب المالكية إلى أن الموجب إذا قيد نفسه بمدة تقيد بها (ولم ينته المجلس)، كما يجري كذلك بما يجري العرف إذا جرى على تقييد الموجب بمدة معينة. وعلى هذا إذا قال الموجب أنا ملزم بايجابي عشرة أيام مثلاً التزم بذلك، وصح للطرف الثاني القبول في أثنائها”. وجدير بالذكر أن اتجاه المالكية، هو ما ذهب إليه مجمع الفقه الإسلامي(61). فمن الواضح بأن هذا الاتجاه يعتبر أن مجلس العقد في حالة تحديد مدة صريحة للإيجاب سيستمر إلى نهاية المدة المحددة، ومن ثم فلا أثر لتفرق المتعاقدين في انفضاض المجلس. وقد ساير المشرع العراقي(62). ما ذهب إليه أصحاب الرأي الثاني، إذ أورد المادة (84) منه والتي جاء فيها ما يأتي: “إذا حدد الموجب ميعاداً للقبول التزم بإيجابه إلى أن ينقضي هذا الميعاد” ومن ثم فالعبرة في مجلس العقد ستكون للموعد المحدد لا لتفرق المتعاقدين عن بعضهما في مجلس العقد الحقيقي، ولا لترك الموجه إليه الإيجاب لمكانه في مجلس العقد الحكمي.

ثانياً:- حالة التعاقد في مجلس العقد الحقيقي دون تحديد ميعاد صريح للقبول.

لا يثير تفرق المتعاقدين لدى فقهاء الحنفية والشافعية والحنابلة(64). أية مشكلة في مدى تأثير هذا التفرق على انفضاض مجلس العقد. والسبب في ذلك أن الفقهاء الأجلاء المذكورين آنفاً قد أعطوا للموجب الحق في استخدام خيار الرجوع وذلك باعتبار أن الإيجاب في مجلس العقد الحقيقي غير ملزم للموجب. كما أعطوا للموجه إليه الإيجاب الحق في استخدام خيار القبول، ومن ثم فأن تفرق أحد المتعاقدين سواء أكان هذا التفرق بسبب الموجب أو الموجه إليه الإيجاب سيؤدي إلى انفضاض المجلس. أما المالكية(65). فقد ذهبوا إلى القول بأنه “ليس للموجب الرجوع عن إيجابه، وإنما عليـه البقـاء على الإيجاب حتى يعرض الطرف الأخر عنه، أو ينتهي المجلس”. وقد ذكر أحد الفقهاء(66). أن “مذهب مالك صريح في أن الإيجاب بعد صدوره ملزم لصاحبه، فلا يجوز له الرجوع عنه، ولو رجع عنه قبل صدور القبول، ثم صدر القبول بعد الرجوع، فأن العقد يتم بالرغم من الرجوع عن الإيجاب والسبب في ذلك، إن الإرادة المنفردة عند مالك تلزم صاحبها ……. فلا يجوز الرجوع عن الإيجاب، (وإنما يجوز سقوطه برفضه أو بانفضاض مجلس العقد دون أن يصدر القبول)”.قد يبدو للوهلة الأولى من استعراضنا للنصوص السابقة أن هنالك تضارباً في الأحكام، فكيف يمكن أن لا يحق للموجب الرجوع عن إيجابه من جهة، ومن جهة أخرى فأن مجلس العقد سيعتبر منفضاً في حالة التفرق بالأبدان؟ فهذا القول سيفتح المجال للموجب للتحايل والتخلص من إيجابه الملزم خلال فترة مجلس العقد الحقيقي وذلك بتعمده التفرق سواء بالأبدان أم بالأقوال أو بالأفعال، وبذلك فأن المجلس سينفض ويسقط الإلزام عنه.

ونعتقد أن موقف الفقه المالكي يتمثل بالشكل الآتي:-

1-أن الموجب يلتزم بإيجابه في مجلس العقد الحقيقي لفترة معقولة، يحدد العرف مداها لصاحبه، ليقبل أبرام العقد أو يرفضه(67). وبالتالي فأن انتهاء هذه المدة المعقولة سيؤدي إلى انفضاض المجلس، حتى ولو لم يحصل التفرق عن مجلس العقد.

2-أن مجلس العقد ينفض ويسقط الإيجاب، إذا كان تفرق المتعاقدين بسبب الموجه إليه الإيجاب، لأن ذلك سيعتبر ضمن خياره للقبول وبالتالي لا يمكن أن ينعقد العقد.

3-إذا كان تفرق المتعاقدين (بالأقوال أو بالأفعال فقط) بسبب الموجب فأن مجلس العقد سيستمر، والقول بعكس ذلك سيمنح الموجب مجالاً للتحايل على الموجه إليه الإيجاب في الرجوع عن إيجابه، الذي يعتبر ملزماً له خلال المجلس.

4-إذا كان تفرق المتعاقدين (بالأبدان) بسبب الموجب، فأن مجلس العقد سيعتبر منفضاً، ومن ثم لا يمكن أن ينعقد العقد. إلا أن تفرقه لا يمكن أن يكون ضمن خياره للرجوع، فالإيجاب ملزمٌ له. وبذلك فعلى الرغم من أن تفرقه قد أدى إلى انفضاض مجلس العقد، وعدم أمكانية انعقاد العقد، فإن ذلك لا يمنع من تحقق مسؤوليته في حال الأضرار بالموجه إليه الإيجاب. إلا أن هذه المسؤولية لا تؤدي بأي حال من الأحوال إلى اعتبار أن العقد مبرماً، بل سيقتصر على تعويض الموجب لما أصاب الموجه إليه الإيجاب من أضرار.

أما المشرع العراقي، فقد عالج حالة التفرق في مجلس العقد في المادة (82) منه، والتي جاء فيها “المتعاقدان بالخيار بعد الإيجاب إلى أخر المجلس. فلو رجع الموجب بعد الإيجاب وقبل القبول أو صدر من أحد المتعاقدين قول أو فعل يدل على الأعراض يبطل الإيجاب ولا عبرة بالقبول الواقع بعد ذلك”(68). ولا تثار المشكلة بالنسبة إلى موقف القانون المدني العراقي، إذ منح الموجب خياراً للرجوع، كما منح الموجه إليه الإيجاب خياراً للقبول. وبذلك فأن تفرق أحد المتعاقدين سواء أكان هذا التفرق بسبب الموجب أم بسبب الموجه إليه الإيجاب سيؤدي إلى انفضاض مجلس العقد ولا تثار المسؤولية تجاه المتسبب للتفرق. فيشترط للحصول على انعقاد العقد “أن يبقى كل من المتعاقدين منشغلاً بالتعاقد، فإذا أنصرف أي منهما إلى شيء غيره، أعتبر مجلس العقد قد أنفض، وسقط الإيجاب”(69).

إلا أننا نعتقد بأنه يجب التفرقة ما بين حالتين:-

الحالة الأولى:- حالة حدوث التفرق بسبب الموجه إليه الإيجاب.

ففي هذه الحالة فأن المجلس سيعتبر منفضاً، وذلك استناداً إلى الخيار الممنوح للموجه إليه الإيجاب (خيار القبول)، وبذلك فأن انفضاض المجلس لا يرتب أية مسؤولية عليه.

الحالة الثانية:- حالة حدوث التفرق بسبب الموجب.

إذا تحقق التفرق (بالأبدان أو بالأقوال أو بالأفعال)، بسبب الموجب – فمثلاً إذا أصدر الموجب إيجاباً في مجلس العقد الحقيقي وبعد ذلك ترك المجلس – فإن مجلس العقد سينتهي بالتفرق – أي بترك الموجب للمجلس – ولذلك فلا يمكن القول بانعقاد العقد بعد ذلك. إلا أن ذلك لا يحول دون اعتبار بأن تسبب الموجب في انفضاض المجلس، خطأ يترتب عليه قيام المسؤولية الخاصة التي سبق ترجيحها والتي تسمى (مسؤولية ما قبل التعاقد)، باعتبار أن الأصل في الإيجاب هو اللزوم، ويجوز الرجوع ضمن ضوابط معينة ومن ثم إذا تحققت أركان هذه المسؤولية، فأن للقاضي السلطة التقديرية في تقدير التعويض دون الحكم بانعقاد العقد، لأن مجلس العقد قد أنفض بالتفرق. وبذلك فأن تفرق الموجب سيعتبر خطأ أن تم قبل انتهاء المدة المعقولة لاقتران القبول بالإيجاب، التي يبقى فيها الموجب ملتزماً بإيجابه. ومن الجدير بالذكر أن تفرق المتعاقدين قد لا يعتبر في بعض الأحيان سبباً في انفضاض مجلس العقد، فلو أن أحد الطرفين قد أستأذن الطرف الأخر للانصراف لقضاء بعض الأمور، ومن ثم العودة إلى المجلس لإتمام التعاقد، فالإيجاب يبقى قائماً إذا أتفق الطرفان على مواصلة التعاقد في جلسة قادمة أو في اتصال لاحق(70). والقول بعكس ذلك يعني التضحية بمبدأ الرضائية لمصلحة الشكلية(71).

ثالثاً:- حالة التعاقد في مجلس العقد الحكمي دون تحديد ميعاد صريح للقبول.

يختلف أثر التفرق في الفقه الإسلامي عنه في الفقه المدني. ففي الفقه الإسلامي(72). يحدث التفرق بالأبدان في مجلس العقد الحكمي بمغادرة الموجه إليه الإيجاب لمكان التعاقد (المكان الذي وصل إليه الإيجاب به)، كما يحصل التفرق بالأقوال بتكلم الموجه إليه الإيجاب بكلام أجنبي عن مقتضى العقد، كما يحصل التفرق بالأفعال بانشغاله بأمر لا علاقة له بالتعاقد. أما الموجب فلا عبرة لتفرقه، فـ”….بقاء خيار الكاتب إلى انقضاء خيار المكتوب إليه بمفارقته لمجلس قبوله ….وعليه فلا يعتبر للكاتب مجلس أصلاً(73). أما ترك الرسول المجلس أو أعراضه أو انتقاله بالحديث إلى موضوع أخر فلا يترتب عليه بطلان الإيجاب، لأن ذلك ليس إليه، ولم يجعل له المرسل هذا الحق(74).أما بالنسبة إلى تفرق المتعاقدين في القانون المدني العراقي، والقوانين المقارنة، فلا أثر لهذا التفرق، لأن المتعاقدين متفرقان منذ بداية المجلس، كما أنه ليس لترك الموجه إليه الإيجاب من أثر على انفضاض المجلس، بل سيبقى المجلس ممتداً إلى انتهاء الفترة المعقولة لاقتران القبول بالإيجاب، ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك.

_________________________

1- أما إذا كان الرجوع ضمنياً، كالتفرق بالأبدان أو بالأقوال، فإن هذا الرجوع سنناقشه لدى تناولنا لموضوع التفرق بوصفه سبباً من أسباب انفضاض مجلس العقد.

2- علماً بأن المذهب المالكي، يعتبر أن الإيجاب ملزم، لا يجوز الرجوع فيه.

ينظر – الحطاب، مواهب الجليل، المصدر السابق، ج4، ص240-241.

3- ينظر – د.محمد حسني عباس، المصدر السابق، ص79 – د.عبد الفتاح عبد الباقي، مصادر الألتزام في القانون المدني الكويتي، المصدر السابق، ص112-113 – مصطفى الزرقا، محاضرات في القانون المدني السوري، المصدر السابق، ص51.

4- أستاذنا الدكتور عباس زبون العبودي، المصدر السابق، ص105.

5- ينظر – نص المادة (83) من القانون المدني العراقي، والمادة (96) من القانون المدني المصري، والمادة (97) من القانون المدني الأردني.

ولم يورد المشرع المدني الفرنسي، نصاً مشابهاً لنصوص المواد المشار إليها أعلاه. ومع ذلك فإن عدم إيراده النص لا يمنع من القول به لأن القواعد العامة تؤدي إليه.

6- د.عمر السيد أحمد، المصدر السابق، ص40.

وبنفس المعنى – د.عبد السلام التونجي، المصدر السابق، ص200.

7- مجموعة الأعمال التحضيرية، المصدر السابق، ج2، ص36.

وبنفس المعنى ينظر – المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الأردني، ج1، ص1006.

8- ينظر – نص المادة (81) من القانون المدني العراقي.

9- ينظر – الخطيب، مغني المحتاج، المصدر السابق، ج2، ص5-6 – الحطاب، مواهب الجليل، المصدر السابق، ج4، ص241 – ابن عابدين، رد المحتار، المصدر السابق، ج4، ص513.

10- د.رجب كريم عبد اللاه، المصدر السابق، ص550.

11- د.عبد الواحد كرم علي، المصدر السابق، ص350.

12- مع الأخذ بنظر الاعتبار بأن مجلس العقد قد ينفض قبل انتهاء الفترة المعقولة، وذلك إذا تحقق سبب أخر من أسباب انفضاضه كالتفرق بالأبدان مثلاً في مجلس العقد الحقيقي أو رفض الموجه إليه الإيجاب مثلاً في مجلس العقد الحكمي.

13- الكاساني، بدائع الصنائع، المصدر السابق، ج5، ص134 – ابن الهمام، شرح فتح القدير، المصدر السابق، ج5، ص78 – الحطاب، مواهب الجليل، المصدر السابق، ج4، ص240 – ابن قدامة المقدسي، الشرح الكبير، المصدر السابق، ج4، ص5 – سليم باز، شرح المجلة، المصدر السابق، ص85 – د.عبد الرزاق السنهوري، مصادر الحق، المصدر السابق، ج2، ص10.

14- د.أنور سلطان، مصادر الالتزام، المصدر السابق، ص69-70 – د.صلاح الدين زكي، المصدر السابق، ص89-90.

15- النيل، ج2، ص11.

نقلاً عن : د. عبد السلام التونجي ، المصدر السابق ، ص111 .

16- ابن نجيم، البحر الرائق، المصدر السابق، ج5، ص288 – أبي الضياء نور الدين علي بن علي الشبراملسي، حاشية الشبراملسي، ط3، ج3، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1992م، ص382 – ابن قدامة، المغني، المصدر السابق، ج4، ص9.

18- الشيخ نظام وجماعة من علماء الهند، الفتاوى الهندية، المصدر السابق، ج3، ص7.

19- د.عبد الكريم زيدان، المصدر السابق، ص293 – د.بدران أبو العينين، المصدر السابق، ص377 – د. يوسف قاسم، المصدر السابق، ص295 – علي الخفيف، المصدر السابق، ص176.

20- د.بدران أبو العينين، المصدر السابق، ص377.

وبنفس المعنى – ينظر – د.محمد نجيب عوضين المغربي، نظرية العقد في الفقه الإسلامي، المصدر السابق، ص51.

21- د.عبد الناصر توفيق العطار، المصدر السابق، ص80.

22- الحطاب، مواهب الجليل، المصدر السابق، ج4، ص238.

23- د.محمد يوسف موسى، الفقه الإسلامي، المصدر السابق، ص328.

24- الحطاب، مواهب الجليل، المصدر السابق، ج4، ص240.

25- د.رمضان أبو السعود، المصدر السابق، ص60.

26- د.عبد الرزاق السنهوري، الوسيط، المصدر السابق، ص186-187 – د.أحمد حشمت أبو ستيت، المصدر السابق، ص84 – د.عبد الفتاح عبد الباقي، مصادر الألتزام في القانون المدني الكويتي، المصدر السابق، ص113 – د.محمد حسني عباس، المصدر السابق، ص80 – د.أنور سلطان، المصدر السابق، ص114.

27- د.سليمان مرقس، المصدر السابق، ص114- د.صلاح الناهي، المصدر السابق، ص48.

28- تحت المادة (1101) Code civil ; 2003 ; DALLOZ ; Paris ; 2003 . P.886

29- مشار إلى ذلك القرار لدى: Gerard Legier ; Droit Civil ; OP. Cit ; P.23

30- Op. cit ; P23

31- وكذلك القانون المدني الأردني.

32- د.عبد الرزاق السنهوري، مصادر الحق، المصدر السابق، ج2، ص13 – د.صلاح الناهي، المصدر السابق، ص48.

33- ابن نجيم، البحر الرائق، المصدر السابق، ج5، ص288 – الشبراملسي، حاشية الشبراملسي، المصدر السابق، ج3، ص382 – ابن قدامة، المغني، المصدر السابق، ج4، ص9.

34- ومن التشريعات العربية التي أخذت بهذا الاتجاه، قانون الموجبات والعقود اللبناني وقانون العقود السوداني.

ينظر – نص المادة (179) لبناني والمادة (17) سوداني.

35- د.عبد الفتاح عبد الباقي، مصادر الألتزام في القانون المدني الكويتي، المصدر السابق، ص116.

36- ينظر – د.عبد الناصر توفيق العطار، المصدر السابق، ص81.

37- د.عمر السيد أحمد عبد الله، المصدر السابق، ص44.

38- د.عبد السلام التونجي، المصدر السابق، ص203.

39- د.محمد نجيب عوضين المغربي، نظرية العقد في الفقه الإسلامي، المصدر السابق، ص52.

40- تجدر الإشارة إلى ما ذكره جانب من الفقه من “أن التعبير وليد الإرادة، ووجوده رهن بوجود الإرادة إلى أن يلتقي بالقبول، وينعقد به العقد. لذا فإن بقاء التعبير متوقف على بقاء الإرادة، ولا وجه لبقاء التعبير مع انعدام الإرادة بموت الموجب أو بإصابته بأي من عوارض الإرادة”.

ينظر – د.عبد الواحد كرم علي، المصدر السابق، ص363.

41- د.عبد الواحد كرم علي، المصدر السابق، ص369-370.

-42 Clarence W.Dunham ; contracts specifications and Law for Engineers ; Op. Cit ; P.35-36 .

43- د.جابر عبد الهادي سالم الشافعي، المصدر السابق، ص568.

44- وجدير بالذكر أن التفرق بالأبدان إن حصل بدون إرادة المتعاقد واختياره فإنه لا يعد فرقة، بل سيمتد مجلس العقد إلى ما بعد انتهاء الظروف التي أدت إلى التفرق، ومن ثم فلا يكون لهذا التفرق أثر في المجلس.

ينظر – الشبراملسي، حاشية الشبراملسي، المصدر السابق، ج3، ص382 – ابن قدامة، المغني، المصدر السابق، ج4، ص9 – البهوتي، كشاف القناع، المصدر السابق، ج3، ص200.

45- الحطاب، مواهب الجليل، المصدر السابق، ج4، ص240 – د.بدران أبو العينين، المصدر السابق، ص374.

46- للمزيد من التطبيقات:

ينظر – النووي، المجموع، المصدر السابق، ج9، ص165 – ابن قدامة، المغني، المصدر السابق، ج4، ص8.

47- ابن قدامة، المغني، المصدر السابق، ج4، ص8.

48- النووي، المجموع، المصدر السابق، ج9، ص165.

49- ينظر– الخطيب، مغني المحتاج، المصدر السابق،ج2، ص6 – الرملي، نهاية المحتاج، المصدر السابق،ج3،ص381.

50- ينظر – الرملي، نهاية المحتاج، المصدر السابق، ج3، ص381-382 – الخطيب، مغني المحتاج، المصدر السابق، ج2، ص5-6.

51- الدسوقي، حاشية الدسوقي، المصدر السابق، ج3، ص5.

وبنفس المعنى: ينظر – الحطاب، مواهب الجليل، المصدر السابق، ج4، ص241 – البهوتي، كشاف القناع، المصدر السابق، ج3، ص147-148.

كما جاء في المادة (226) من مجلة القارئ على مذهب الإمام أحمد “يصح التراخي في الإيجاب والقبول، ما دام المتبايعان في المجلس لم يتشاغلا عما يقطعه عرفاً “.

نقلاً عن: د.محمد وحيد الدين سوار، الشكل في الفقه الإسلامي، المصدر السابق، ص164.

52- د.يزيد أنيس نصير، المصدر السابق، ص113.

53- الشيرازي، المهذب، المصدر السابق، ج1، ص265 – الخطيب، مغني المحتاج، المصدر السابق، ج2، ص45.

54- علي الخفيف، المصدر السابق، ص176.

55- د.بدران أبو العينين، المصدر السابق، ص374.

56- الكاساني، بدائع الصنائع، المصدر السابق، ج5، ص138 – إبراهيم الباجوري، حاشية الباجوري، المصدر السابق، ج1، ص339– ابن قدامة المقدسي، الشرح الكبير، المصدر السابق، ج4، ص4.

57- ابن عابدين، رد المحتار، المصدر السابق، ج1، ص527.

58- ينظر – ابن الهمام، شرح فتح القدير، المصدر السابق، ج5، ص78 – ابن قدامة المقدسي، الشرح الكبير، المصدر السابق، ج4، ص9 – الشبراملسي، حاشية الشبراملسي، المصدر السابق، ج3، ص381.

59- زكريا الأنصاري، حاشية سليمان الجمل على شرح المنهاج، ج3، دار الفكر، القاهرة، بدون سنة طبع، ص107.

60- علي الخفيف، المصدر السابق، ص177.

61- الحطاب، مواهب الجليل، المصدر السابق، ج4، ص238.

62- علي الخفيف، المصدر السابق، ص175-176.

63- إذ أورد مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية القرار رقم (54/3/6) لعام 1990م، في فقرته الثالثة ما يلي “3- إذا أصدر العارض ….. إيجاباً محدد المدة يكون ملزماً بالبقاء على أيجابه خلال تلك المدة ، وليس له الرجوع عنه”.

مشار إلى هذا القرار لدى: د.وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، المصدر السابق، ج7، ص5174.

64- كما ساير المشرعان المصري والأردني هذا الاتجاه.

ينظر – نص المادة (93) من القانون المدني المصري، والمادة (98) من القانون المدني الأردني.

65- ينظر – ابن الهمام، شرح فتح القدير، المصدر السابق، ج5، ص78 – ابن قدامة المقدسي، الشرح الكبير، المصدر السابق، ج4، ص9 – الشبراملسي، حاشية الشبراملسي، المصدر السابق، ج3، ص381.

66- الحطاب، مواهب الجليل، المصدر السابق، ج4، ص240-241.

67- د.عبد الرزاق السنهوري، مصادر الحق، المصدر السابق، ج2، ص15.

وبنفس المعنى: ينظر – د.محمد يوسف موسى، الفقه الإسلامي، المصدر السابق، ص327.

68- د.محمد يوسف موسى، الفقه الإسلامي، المصدر السابق، ص327.

69- وقد نص المشرعان المصري والأردني على حالة التفرق.

ينظر – نص المادة (94) من القانون المدني المصري والمادة (101) من القانون المدني الأردني.

– ولم يورد المشرع الفرنسي نصاً قانونياً يحدد فيه حد التفرق.

70- د.محمد وحيد الدين سوار، الشكل في الفقه الإسلامي، المصدر السابق، ص171.

71- سليمان براك دايح الجميلي، المفاوضات العقدية، المصدر السابق، ص27.

72- د.يزيد أنيس نصير، المصدر السابق، ص113.

73- النووي، المجموع، المصدر السابق، ج9، ص160 – الأنصاري، حاشية الجمل، المصدر السابق، ج3، ص107.

74- الأنصاري، حاشية الجمل، المصدر السابق، ج3، ص107.

75- علي الخفيف، المصدر السابق، ص177.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .