أحكام واجتهادات قضائية مصرية في انقضاء عقد الاشتراك مع المجلس البلدي

الطعن 8 لسنة 23 ق جلسة 25 / 10 / 1956 مكتب فني 7 ج 3 ق 122 ص 857 جلسة 25 من أكتوبر سنة 1956

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة وبحضور السادة: محمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الرحمن يوسف، وأحمد قوشة، وابراهيم عثمان يوسف المستشارين.
————
(122)
القضية رقم 8 سنة 23 القضائية

(أ) مجالس بلدية. عقد. مسئولية.
انقضاء عقد اشتراك المياه مع المجلس البلدي بعلم المجلس وموافقته بمنع المياه فعلا عن منزل المشترك. تحدى المجلس بنصوص هذا العقد للقول بمسئولية المشترك عن تلف ماسورة المياه الخاصة بمنزله. غير جائز.
(ب) مجالس بلدية. مسئولية. تعويض.
إهمال المجلس البلدي في تعهد وصلة المياه الخاصة بمنزل المشترك والمواسير الأخرى بالكشف عليها في وقت المناسب وعدم تداركه ما قد يصيبها من تلف بتقادم العهد عليها مع علمه مقدما باحتمال تلفها. تآكل الماسورة فعلا نتيجة هذا الإهمال. مسئولية المجلس البلدي بالتعويض.

—————
1 – متى كان الثابت أن عقد الاشتراك مع المجلس البلدي قد انقضى بعلم المجلس وموافقته بمنع المياه فعلا عن منزل المشترك فإن العقد يكون قد انتهى أمره ولم يعد له وجود قانوني. ولا يجوز للمجلس التحدي بنصوص هذا العقد للقول بمسئولية المشترك عن تلف وصلة المياه الخاصة بمنزله.
2 – متى كان الحكم قد أسس قضاءه بالتعويض على أن خطأ تقصيريا جسيما قد وقع من المجلس البلدي واستند في ذلك إلى ثبوت إهمال المجلس في عدم وضع الخيش المقطرن والبلك حول وصلة المياه الخاصة بمنزل المشترك عند تركيبها لحمايتها من التآكل وإلى إهماله كذلك في عدم تعهده هذه الوصلة والمواسير الأخرى بالكشف عليها في الوقت المناسب وعدم تداركه ما قد يصيبها من تلف بتقادم العهد عليها مع علمه مقدما باحتمال حصول هذا التآكل وخطئه في تقدير هذه الاحتمالات جميعها مما ترتب عليه تآكل الماسورة فعلا وتسرب المياه لمنزل المشترك وتصدع بنائه – وكان الحكم قد بين رابطة السببية بين هذا الخطأ التقصيري الذي وقع من المجلس البلدي وما أصاب المشترك من ضرر فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في القانون.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن هذا الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى – على ما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 341 سنة 1946 كلى أمام محكمة طنطا الابتدائية بطلب إلزام الطاعن بأن يدفع لها مبلغ 1086 جنيها و500 مليم والمصاريف تأسيسا على أنها تملك منزلا بالمحلة الكبرى وأنه حدث ثقب في ماسورة المياه أمام منزلها ترتب عليه تسرب المياه منه وتشبع الأرض بها وتصدع جدران المنزل مما دعاها إلى رفع دعوى إثبات الحالة رقم 2540 سنة 1945 أمام محكمة المحلة الكبرى الجزئية فندبت خبيرا وأثبت في تقريره مسئولية المجلس عن الضرر وقدر تعويضا قدره 1070 جنيها و500 مليم لإعادة بناء المنزل بعد هدمه يضاف إليه 16 جنيها مقابل ريع مدة أربعة شهور اللازمة للهدم وإعادة البناء إلا أن الخبير رأى تحميل المطعون عليها نصف هذا التعويض وتحميل الطاعن النصف الآخر لأن البناء الجديد أطول عمرا وأكثر ريعا من القديم فأقامت المطعون عليها الدعوى المشار إليها مطالبة بكامل ما قدره الخبير. وفى 19 من نوفمبر سنة 1946 قضت المحكمة بإلزام الطاعن بمبلغ 551 جنيها و250 مليما والمصاريف ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وأسست قضاءها على أن المجلس لم يعترض على تقدير الخبير وأن احتجاجه بالمادة الثامنة من عقد الاشتراك التى تفيد ملكية المواسير الفرعية للمشترك والتزامه بمراقبتها دون المجلس مردود بأن شرط مفروض إذ أن المادة التاسعة حرمت على المشترك مس هذه المواسير ولا يعقل أن يكون المشترك مسئولا عن الماسورة الفرعية في الوقت الذى حرم عليه ذلك – مما يجعل هذا الشرط إراديا وباطلا، وأن عملية الصيانة هي من أخص واجبات المجلس وقد أثبت الخبير إهمال عمال البلدية في طريقة تركيب الماسورة الفرعية وصيانتها إذ لم يضعوا عليها خشيا مقطرنا لحمايتها من التآكل أو الصدأ وهذا بالإضافة إلى الإهمال في الحفظ والصيانة كان سببا في حدوث الثقب وتسرب المياه وتصدع المنزل بسببه – استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف اسكندرية وقيد بجدولها برقم 126 سنة 3 ق فقضت بتأييده. فطعن المجلس على هذا الحكم بطريق النقض في الطعن رقم 127 سنة 18 ق وقد قضى بنقض الحكم المطعون فيه تأسيسا على أن نص البند الثامن من العقد ملزم لمن قبله وأن ما ذكره الحكم من قيام مسئولية المجلس لمجرد القول بأن أول واجبات المجلس المحافظة على المصلحة العامة وأنه مسيطر على عملية المياه – لا يكفى لاعتبار الطاعن مسئولا عن كل ما ينجم من أضرار للمشتركين بل لا بد من إثبات الخطأ الذى يصح أن يسند إليه ويكون أساسا لمسئوليته – ثم أحيلت الدعوى إلى محكمة استئناف طنطا لاختصاصها وقيد بجدولها برقم 139 سنة 1 ق وفى 29/ 4/ 1952 قضت محكمة الاستئناف حضوريا بتأييد الحكم المستأنف وألزمت الطاعن بالمصروفات بانية حكمها على أنه مع التسليم بأن البند الثامن ليس شرطا تعسفيا إلا أنه ثبت من تقرير الخبير أن اشتراك منزل المطعون عليها قد انقطع في 20/ 12/ 1947 وبانقطاعه سقط عنها التكليف بالمحافظة على المواسير هي أو من يمثلها من المستأجرين وبذلك لا تصبح مسئولة عما يحدث لها من التلف وأنه وإن كان باقي المشتركين يقع عليهم واجب الصيانة طبقا للبند الثامن المذكور إلا أن هذا لا يخلى المجلس من المسئولية باعتباره المشرف على عملية المياه بل واجبه الكشف عليها من وقت لآخر وتكليف المشتركين بإصلاحها في الوقت المناسب وإلا كان ذلك إهمالا جسيما يسأل عن تعويض الضرر الذى ينجم عنه، هذا إلى ما ثبت في تقرير الخبير من خطأ المجلس عن وضع الوصلة وعدم تغطيتها بالخيش المقطرن والبلك لصيانتها من تأثير الصدأ الذى نشأ عنه التآكل الذى أحدث الثقب فترتب عليه تسرب المياه التي سببت تصدع العقار وأن احتجاج المجلس بمضي الزمن الذى أزال الخيش هو قول لا دليل عليه – فطعن المجلس في هذا الحكم بطريق النقض وقد عرض هذا الطعن على دائرة فحص الطعون وبعد أن قدمت النيابة مذكرة برأيها طالبة نقض الحكم المطعون فيه أحيل الطعن إلى الدائرة المدنية لنظره بجلسة 11/ 10/ 1956 وفيها صممت النيابة والخصوم على ما جاء بمذكراتهم.
ومن حيث إن هذا الطعن بنى على سببين يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على أن مسئولية المشتركين الآخرين في وصلة المياه التي تغذي منزل المطعون عليها لا تخلى المجلس من المسئولية باعتباره المشرف على عملية المياه وكان هذا يقتضيه الكشف عليها وتكليف المشتركين بتعهدها واصلاحها فتركها دون فحص يعتبر إهمالا موجبا للمسئولية يكون قد خالف قضاء محكمة النقض السابق، كما خالف نصوص العقد في مادتيه الثامنة والتاسعة كما أن تقريره بأن تكاليف عقد الاشتراك تسقط عن المطعون عليها بمجرد انقطاع انتفاعها بالمياه من الوصلة المذكورة وتخليها من المسئولية عما يحدث من التلف وإن ظلت مسئولية باقي المشتركين فهذا التقرير يكفى بذاته لإخلاء مسئولية المجلس ويجعلها شركة بين المطعون عليها وباقي المشتركين طبقا للبندين الثامن والحادي عشر من عقد الاشتراك هذا إلى أن تحميل المجلس مسئولية خطئه في تركيب وصلة المياه وإهماله في عدم تغطيتها بالخيش المقطرن والبلك مخالف للقانون لأن عدم وضع خيش مقطرن بالوصلة لا يعد بذاته خطأ إذ ثابت أن الوصلة ظلت أحد عشر عاما دون تلف الأمر الذى يدل على أن عدم وضع الخيش لا تأثير له إن كانت هذه المدة وحدها كافية لتآكل أجزاء الماسورة وحصول الثقب فيها مما ينتفى معه هذا الخطأ المزعوم ويتعين لذلك نقض الحكم.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه أورد “أنه وإن كان ما ورد بالبند الثامن ليس شرطا تعسفيا إلا أنه ثبت من تقرير الخبير أن التوصيلة التي انفجرت كانت تغذى أربعة اشتراكات أحدها لمستأجر مخبر المطعون عليها وظل هذا الاشتراك قائما حتى 20/ 12/ 1937 ثم انقطع وأنه مع التسليم بأن عقد الاشتراك يفرض على المشتركين مراقبة المواسير الفرعية إلا أن هذا التكليف بالمحافظة يسقط بالنسبة للمطعون عليه بمجرد انقطاع للانتفاع من هذه الوصلة وبذلك تصبح غير مسئولية عما يحدث لها من التلف وما يترتب عليها من ضرر…” ثم قال “ومن حيث إنه وإن كان باقي المشتركين في هذه الوصلة يقع عليهم واجب صيانتها والمحافظة عليها طبقا لنص المادة الثامنة من عقد الاشتراك إلا أن هذا لا يخلى المجلس من المسئولية باعتباره المشرف على عملية المياه طبقا لنصوص عقد الاشتراك بل ويجب عليه الكشف على المواسير من وقت لآخر وتكليف المشتركين بالعمل على اصلاحها في الوقت المناسب خصوصا وأنه هو الذى قام بوضع هذه الوصلات ولا يفوته ما يصيبها من تلف لتقادم العهد على وضعها… فان تركها بغير فحص اعتبر ذلك منه إهمالا حسبما تنشأ عنه مساءلته عما يحدث من ضرر…” ويبين من هذا الذى أورده الحكم أنه أقام قضاءه على القول بأن مجال التحدي بنصوص عقد الاشتراك وما رأته محكمة النقض في شأنه أن يظل العقد قائما بين طرفيه فإذا كان الثابت من أوراق الدعوى أن عقد اشتراك المستأجر من المطعون عليها قد انقضى في 20/ 12/ 1937 بعلم المجلس وموافقته بمنع المياه فعلا عن منزل المطعون عليها منذ ذلك التاريخ فإن العقد يكون قد انتهى أمره ولم يعد له وجود قانوني – ولما كان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه بالتعويض على أن خطأ تقصيريا جسيما قد وقع من الطاعن واستند في ذلك إلى ثبوت إهمال الطاعن في عدم وضع الخيش المقطرن والبلك حول الوصلة الخاصة بمنزل المطعون عليها عند تركيبها لحمايتها من التآكل وإلى إهماله كذلك في عدم تعهده هذه الوصلة والمواسير الأخرى بالكشف عليها في الوقت المناسب وعدم تداركه ما قد يصيبها من تلف بتقادم العهد عليها مع علمه مقدما باحتمال حصول هذا التآكل وخطئه في تقدير هذه الاحتمالات جميعها مما ترتب عليه تآكل الماسورة فعلا وتسرب المياه لمنزل المطعون عليها وتصدع بنائه على الصورة المبينة بتقرير الخبير – وكان الحكم قد بين رابطة السببية من هذا الخطأ التقصيري الذى وقع من الطاعن وما أصاب المطعون عليها من ضرر فإنه لا يكون قد خالف قضاء سابقا لمحكمة النقض ولا أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه رفض هذا السبب.
ومن حيث إن حاصل السبب الثاني أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأن عدم وجود خيش مقطرن حول الماسورة وقت المعاينة يرجع إلى تآكله بمضي مدة أحد عشر عاما على تركيب الوصلة فقول الحكم بأن هذه المدة لا تكفى لزوال الخيش قصور يعيب الحكم ويبطله وكان يتعين على محكمة الموضوع تحقيق هذا الدفاع الجوهري الذى لو صح لتغير معه وجه الرأي في الحكم.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بما ورد في الرد على السبب السابق وبأن البحث في وجود أو عدم وجود خيش مقطرن حول الماسورة غير منتج إذ بفرض وجود هذا الخيش حول الماسورة ما كان ليحول دون مسئولية الطاعن ما دام قد ثبت إهماله وتقصيره في عدم الكشف على المواسير في الوقت المناسب وتعهدها بالصيانة والحفظ وعدم احتياطه لاحتمال تآكلها مع علمه مقدما بجميع هذه الاحتمالات على ما سبق بيانه في الرد على الوجه الأول وعدم جواز تحديد بنصوص عقد انقضى كان بينه وبين المطعون عليها ومن ثم يتعين رفض هذا السبب.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .