التنمر الوظيفي .. إلـتهام شَـرِهْ لحقوق الموظف!
تعاني نسبة كبيرة من الموظفين من سوء التعامل داخل مؤسسة العمل، وفي أحيان كثيرة قد يكون هذا التعامل السيء بشكل مباشر معهم كأن يتعرض الموظف للأذى الجسدي من قِبل المدير أو أن يُهدد بمختلف انواع التهديدات.. كالخصم من الراتب الشهري أو الفصل المؤقت وبلا سبب فعلي يستدعي ذلك، او كأن يحصل التقليل من شأنه أو التحقير والإستخفاف به، أو بجعله أضحوكة أمام زملائه بالعمل، أو بشتمه والصراخ عليه أمام العامة!! وقد يطال هذا التعامل الغير مقبول حقوق الموظف كعدم اعطائه اجازة سنوية أو اضطرارية بينما يتمتع بها غيره من الموظفين بسهولة!! يسمى هذا النوع من التعامل بالتنمر الوظيفي، ويعرّف التنمر الوظيفي بأنه ميل بعض أصحاب أو مدراء أو رؤساء العمل.. إلى السيطرة والهيمنة على مرؤوسيهم ومضايقتهم بالتسلط والقسوة والتعنيف لدرجة أن عدداً لايستهان به من الموظفين قد يُجبَرون نفسياً وقهرياً على ترك العمل بتقديم الإستقالة أو التحويل إلى قطاع آخر أو جهه أخرى.

يكثر التنمر الوظيفي في ظل غياب الرقابة من الجهات العليا في المؤسسات الصغيرة والكبيرة، أو بسبب طباع المدير العنيفة والتي يتوقع من الموظفين تحملها على الدوام في سبيل البقاء في العمل! ففي ظل غياب القانون الملزم بحفظ حقوق الموظف وعدم الإعتداء عليه، وفي ظل جهل الموظف بحقوقه، ينمو التنمر الوظيفي بسهوله ودون رداع. ومع مديرٍ لايتحكم بأعصابه ويتلذذ بإلقاء اللوم على الآخرين دون وجه حق.. ستضطرب المؤسسة وستكثر الخلافات بشكل حاد حين يصتدم مرؤرس على علم تام بما له من حقوق مع هذا المدير المتنمر، بينما ستنتهج المؤسسة فعلياً منهج الترهيب وبشكل دائم مع وجود موظفين ضعفاء يمارس عليهم المدير تنمره بلا حسيب وبلا اعتراض منهم.

إذاً نلاحظ أن التنمر يرتبط دوماً بضعف شخصية الموظف المرؤوس وجهله بحقوقه، فمتى ماوجد مدير متسلط وموظفين ضعفاء جهلَه.. وِجد واستمر التنمر الوظيفي! وفي البيئة الوظيفية ومع صعوبة التنبؤ بأفعال جميع العاملين بدءً من الإدارات العليا وإنتهاءً بصغار الموظفين، ومع وجود فروق فردية، ومع وجود اختلاف في المنظور العام للعمل من شخص لآخر، قد تواجه في بيئة العمل عدد غير قليل من الموظفين يقبلون بالتنمر الوظيفي على ترك عملهم، وحتى وإن تعرضوا من قِبل مديرهم للضرب!! وفي دراسة تخص التنمر الوظيفي وجد أنه في مجال العمل المشترك بين الجنسين، يمتاز التنمر الوظيفي عند الرجال المتنمرين بالمساواة بين الرجل والمرأة ، أما التنمر عند النساء فتقول الدراسة أن النساء المتنمرات يفضلن التنمر على النساء فقط!! ولايقتصر التنمر على المدير والموظف، بل ان هناك تنمر وظيفي ينشأ بين زملاء العمل كالإستهزاء المستمر بأحد الموظفين..

وعلى طريقة كلامه، أو طريقة عمله أو نوعية ملبسه، ولربما يتجرد الموظفون من الانسانية ويستهزأون بإعاقته!! وهناك نوع من التنمر منتشر جداً وخاصه في بيئة العمل النسائية كإطلاق الشائعات المغرضة بحق الموظفة والتي قد تطال أخلاقها أيضاً، أو أن تقوم الرئيسة المباشرة لهذه الموظفة أو زميلاتها في العمل بإيذائها بكافة الأشكال كعمل شكاوى وتقارير كيدية بحقها أو بإسمها، أو نشر الأكاذيب، والتلاعب بالألفاظ، ونَسبْ القيل والقال لها كذباً، وكل ذلك بهدف تشويه صورتها عند المديرة أو لمنعها من ترقية متوقعة أو من مركز وظيفي أو للحضوه بمكان خاص عندالمديرة دونها، وغالباً وبدل أن تقوم المديرة بمعاقبة المتنمرين تجاه موظفتها تجدها تقف إلى جانبهم متعذره بالتسلسل الوظيفي الذي تندرج تحته الموظفه..

ومعلله ذلك بوجوب قبول شهادة رئيسة موظفتها المباشرة أو بوجود زميلتين لها اتفقا على اتهامها.. دون أن تتبيّن مصداقية الإتهام من كيده!! وستفضل المديرة أيضاً عدم مساعدة الموظفة الضحية، والسعي باتهامها معهم تجنباً للخوض في نقاشات طويلة مع هذه الموظفة (المتنمر عليها) وهولاء المتنمرين، لتضطرها تحت ضغط التنمر والظلم الواقع عليها لترك العمل أو أخذ اجازه طويلة لتشفى من سقم التنمر! ! يطول الحديث عن التنمر الوظيفي، وسنختصر حديثنا بذكر مانحتاجه للتخلص من التنمر الوظيفي ألا وهو توعية الموظفين وحتى المدراء بما لهم وما عليهم من حقوق، وتوعيتهم ايضاً بأضرار التنمر النفسية والتي سينعكس وجودها سلباً على العمل وسمعة المؤسسة، فمع مؤسسة يكثر فيها هروب الموظفين بالاستقالة من العمل أو بالفصل مع سبق الاصرار.. لن تنتج، ولن تجد إقبالاً من المتقدمين المميزين للعمل فيها!! ولا نبالغ أن قلنا إن حضور دورات سلوكية ودورات تطوير الذات لهما دور فعلي في وضع حد للتنمر الوظيفي، ودور محسوس في تجنب الانفعالات الخاطئة والغاضبة والمؤدية إليه. ولا يبقى إلا أن نقول إن التنمر الوظيفي ليس إلا مرض إداري إن وقع.. سيتفشى في بيئة العمل بسرعة، حيث سيصبح مع مرور الوقت المدير المتنمر قدوة لرؤساء الأقسام والقادة تحت سُلطته وسيستمر التنمر بإزدياد كلما اتجهنا لأسفل على الهيكل التنظيمي للمؤسسة وسيتدهور العمل ولن يُنجز العاملون العمل بالكفاءة المطلوبة بنفسيات سيئة وهم يعانون هذا التنمر… مالم يُبتر.

الرويلي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت