التعريف القانوني للجريمة

تعرف الدراسة بأن الجريمة سلوك يدينه المجتمع لخطره عليه ، أو تدينه السلطة لتعارضه مع مصالح الطبقة الحاكمة . فهي بهذه المثابة حقيقة اجتماعية ترتبط بأيديولوجية المجتمع ، وترد على ارتكابه بعقوبة أو بتدبير . فهي من هذا المنطق حقيقة قانونية يرتبط وصفها وتحديد أركانها وشروطها والعقاب عليها بإرادة المشرع . وهاتان الحقيقتان ترتبطان ارتباطا جدليا ، فالفعل الذي يدينه المجتمع لا يوصف بأنه جريمة ما لم تكرس السلطة هذه الإدانة بقاعدة جزائية وبالمقابل عندما تقرر السلطة تجريم فعل والعقاب عليه دون أن تبحث عن سند لها في القيم السائدة لمجموع أفراد الشعب فإنها تفرغ موقفها من جوهره الأصيل وتجرد عملية التجريم والعقاب من دورها في مكافحة الجريمة وعلاج السلوك الإجرامي .

كما أوضحت الدراسة بأنه لا مناص للمشرع حين وضع السياسة الجنائية للدولة ، وحين سن أي نص جزائي من أن يضع في اعتباره سواء بالنسبة للتجريم أو بالنسبة للعقاب حتمية تجاوب النص مع حاجات المجتمع ومقتضيات أمنه وسلامته وتقدمه ، وهذا يتطلب تحقيق عدد من الاعتبارات :

أولا ـ شمول رد السلطة جميع أنماط السلوك التي يدينها المجتمع والتي تعرض أمنه وسلامته للخطر

ثانيا ـ اختيار نوع العقوبة والتدبير ومقدارهما بما يحقق هدف مكافحة الجريمة وعلاج السلوك الإجرامي

ثالثا ـ وضع النص الجزائي في محتوي سياسة جنائية وسياسة اجتماعية قادرتين على احتواء أسباب الجريمة ، وخاصة الاجتماعية منها واجتثاثها من جذورها ، أو على الأقل التخفيف من حدتها .

رابعا ـ إشراك المنظمات الشعبية والمؤسسات والهيئات الاجتماعية باقتراح القوانين وتنفيذها ضمن برنامج متكامل للدفاع ضد الجريمة .

وبينت الدراسة أن قانون الجزاء لم يعد مجرد أداة للقهر والانتقام وإثارة الرعب في النفوس ، وإنما هو أداة حماية اجتماعية ، وعلاج وإصلاح وتهذيب ، ولذلك كان من الضروري وضع نظام قانوني اجتماعي لمكافحة الجريمة وعلاج السلوك الإجرامي ، متفق مع حاجات المجتمع ومصالح أفراده .