واجبات ومهام … الإدعاء العام
اياد عبد اللطيف سالم

القسم الأول
سُميَ النائب العام أو المدعي العام ، لأنه ينوب عن المجتمع نيابة عامة في تحريك الدعوى الجزائية ، والإدعاء فيها أمام المحاكم المختصة ، ويوكل في ذلك إلى مجموعة من الأشخاص يسمون وكلاء النائب العام أو وكلاء الإدعاء العام ، إذ لا يملك المجني عليه في واقعة معينة تحريك الدعوى الجزائية بنفسه ، عدا الإدعاء مدنيا أمام القضاء المدني لطلب التعويض المادي أو الأدبي ، وعليه فإن النائب العام أو المدعي العام هو رأس الهرم في جهاز الإدعاء العام ، وهو من دوائر القضاء المستقل وليس من دوائر التبعية الإدارية إلى وزارة العدل ، لكن إستحداثه المتأخر بموجب القانون رقم (159) لسنة 1979(1) ، وللأسباب الموجبة لتشريعه (( إنطلاقا من واقع التطور السياسي والإجتماعي والإقتصادي في القطر ، وما تهدف إليه سلطة الثورة من ضرورة دعم النظام الإشتراكي وصيانة أسسه ومفاهيمه وحماية أمن الدولة وسلامتها والحرص على الديمقراطية الشعبية ، وتربية المواطنين على روح الإحترام لقواعد الحياة المشتركة الجديدة ، وإنطلاقا من المهام المركزية للإدعاء العام في حماية الهيئة الإجتماعية وتحقيق العدالة ، بإسهامه مع القضاء والجهات المختصة في الكشف السريع عن الأفعال الجرمية ،

وفي إيقاع العقوبات المقررة لها ، فقد بات لزاما إبراز دور الإدعاء العام الإيجابي والفعال ، بإعتباره جهازا أساسا لمراقبة المشروعية وإحترام تطبيق القانون ، وحيث أن النصوص المتعلقة بالإدعاء العام التي تضمنها قانون أصول المحاكمات الجزائية ، أصبحت قاصرة عن تحقيق الغاية المتوخاة من هذا الجهاز ، بل عائقا في طريق تقدمه وإحتلاله الموقع المناسب للإسهام في بناء المجتمع الجديد ، لذلك وتنفيذا لما نص عليه الدستور المؤقت بوجوب تنظيم جهاز الإدعاء العام بقانون ، فقد أعد لأول مرة في تاريخ القطر ، هذا القانون االخاص بالإدعاء العام ، تناول تحديد أهدافه ومهامه ، وتكوينه وإختصاصات أعضائه وواجباتهم ، وتنظيم شؤون الخدمة فيه ، بما يماثل شؤون الخدمة في القضاء .

لقد جاء القانون بمبادئ جديدة ، بالنسبة للإدعاء العام ، فوسع من إختصاصاته القانونية ، بحيث شملت إضافة إلى إختصاصاته في الأمور الجزائية ، دفاعه عن الحق العام في الدعاوى المدنية ، التي تكون الدولة طرفا فيها ، وفي بعض دعاوى الأحوال الشخصية لحماية الأسرة والطفولة ، كما إستحدث القانون مناصب جديدة تؤمن القيام بالواجبات المناطة بالإدعاء العام وتنظيم سير اعماله بشكل أفضل ، وميز القانون ، في مجال الخدمة ، بين ترقية عضو الإدعاء العام وترفيعه ، متوخيا في ذلك تطوير مستواه القانوني والثقافي ، حيث ربط أمر ترقيته ببلوغه مستوى معينا في هذا المجال ، وأخذ بمبدأ تفرغ عضو الإدعاء العام ، للقيام بدراسات تتصل بالإختصاصات القضائية والعدلية ، التي تسهم في تطوير جهاز الإدعاء العام ، ووضع قواعد عادلة لإنتقاء أعضائه للمناصب الرئيسة فيه ، وقواعد أخرى للنقل ترتبط بأصنافهم )) .

بعد الإحتلال صدر أمر سلطة الإحتلال المؤقتة للعراق رقم (35) لسنة 2003(2) ، حيث تقرر إعادة تأسيس مجلس القضاء الأعلى ليكون مسؤولا عن الإشراف على النظام القضائي في العراق ، ويمارس وظائفه بشكل مستقل عن وزارة العدل ، ويتكون من عدد من الأعضاء ، منهم رئيس الإدعاء العام ، كما أستبدلت الإشارات إلى ( وزير العدل ) بجملة ( رئيس مجلس القضاء الأعلى ) بموجب أمر سلطة الإحتلال المؤقتة المرقم (12) لسنة 2004(3) ، كما جاء القانون رقم (10) في 2/11/2006(4) ، برؤية تتفق وشؤون إدارة السلطات المحتلة ، وكما هو واضح من الأسباب الموجبة للتشريع ، حيث (( نظرا لكون قانون الإدعاء العام رقم 159 لسنة 1979 ، قد صدر في وقت النظام السابق ، وكان يعبر عن أسس ومفاهيم النظام ، وبغية إعطاء الإدعاء العام دورهم القانوني ، ومساواتهم في العمل مع القضاة ، ولبناء دولة القانون في ظل الدستور الدائم وقانون التنظيم القضائي رقم (160) لسنة 1979(5) ، وقد نص على التماثل والمساواة بين القاضي وعضو الإدعاء العام ، وحيث أن الكفاءة متوفرة في كل منهما للقيام بمهام الآخر ، ولغرض إشغال الإدعاء العام المستمرون في الخدمة ، المناصب القضائية المنصوص عليها في قانون التنظيم القضائي ، حيث يتمتعون بالكفاءة العلمية والقانونية ، ولغرض أن يكون كل منهما مهيئا لتولي أي من المهمتين حسب الحاجة ، وهذا ما معمول به في كثير من الدول العربية ، ولغرض تحقيق ذلك ، شرع هذا القانون )) . دون الإشارة إلى أمر سلطة الإحتلال المذكور فيما تقدم .

إن المقارنة بين الأسباب الموجبة لتشريع القانون ومضمون مواده التي تم تعديلها ، لا تعبر عن جدوى وفعالية التعديل المزعوم من الناحية المهنية ، لطغيان التوجهات السياسية على مبررات التعديل ، فلم يقر إستقلال الإدعاء العام وفصله عن جسد وسيطرة ونفوذ وزارة العدل ، ولم يتم عزل إختصاص الإدعاء العام عن ممارسته لأعمال القضاء الجزائي في المحاكم ، كما ألزم نص المادة (42/ثانيا) من القانون ، عضو الإدعاء العام بأداء اليمين قبل ممارسته عمله بصيغة (( أقسم بالله العلي العظيم ، أن أقوم بأعمال وظيفتي على أحسن وجه وأن أقضي بين الناس بالحق والعدل ، وأن أطبق القوانين بأمانة ونزاهة وحياد ، والله على ما أقول شهيد )) ، مع إستبدال مصطلحا المجالس الشعبية والمنظمات الاجتماعية بمنظمات المجتمع المدني اينما وردتا في هذا القانون ، إضافة إلى حذف عبارات ( أهداف الثورة ، القطاع الإشتراكي ، مجلس العدل ، أبي غريب ) . كما حذف نص المادة (40) من القانون ، الذي يعزز نزاهة وإستقامة الإدعاء العام ، بأن (( لا يجوز لعضو الإدعاء العام ممارسة إختصاصه أمام قاض تربطه به مصاهرة أو قرابة لغاية الدرجة الرابعة )) .

ولعل من الجدير بالإشارة ، إلى ما نصت عليه المادة (121/ثانيا) من الدستور ، حيث ( يحق لسلطة الإقليم ، تعديل تطبيق القانون الإتحادي في الإقليم ، في حالة وجود تناقض أو تعارض بين القانون الإتحادي وقانون الإقليم ، بخصوص مسألة لا تدخل في الإختصاصات الحصرية للسلطات الإتحادية ) ، ومع أن إقليم كردستان لم يكن لديه قانون للإدعاء العام ، وإنما تم تطبيق القانون الإتحادي بالإحالة ، فقد وجدها السياسيون الأكراد فرصة للتعبير عن طموحهم بالإنفصال ، من خلال إصدار تشريعات تخالف الأصل منها ، فكان في هذا المجال , إصدر القرار المرقم (2) في 7/6/2007 الخاص بإيقاف العمل بشرط الزواج الوارد في الفقرة (أولا) من المادة (41) من قانون الإدعاء العام رقم (159) لسنة 1979( في إقليم كوردستان– العراق (6) ) .

كما أصدر القانون رقم (11) في 8/7/2007 الخاص بقانون ملحق قانون الإدعاء العام رقم (159) لسنة 1979 ( في إقليم كوردستان – العراق (7) ) ، الذي نصت المادة (4) منه ، على أن يوقف العمل بالفقرات أولا وثانيا وثالثا من المادة (1) من القانون المذكور ، ويحل محلها ما يلي :-

أولا- حماية نظام إقليم كوردستان وأسسه والأموال العامة في إطار مراقبة المشروعية وترسيخ سيادة القانون وسلامة تطبيق أحكامه .

ثانيا- الإسهام مع القضاء والجهات المختصة في الكشف السريع عن الأفعال الجرمية ، والعمل على سرعة حسم القضايا وتحاشي تأجيل المحاكمات بدون مبرر ، لاسيما الجرائم التي تمس أمن الإقليم ونظامه الديمقراطي .

كما نصت المادة (5) منه ، على أن يوقف العمل بالمادة (42) من القانون ويحل محلها مايلي:-
أولا- يحدد وزير العدل محل عمل عضو الإدعاء العام ، بعد صدور مرسوم من رئاسة الإقليم بتعيينه.

· وفي ذلك ما يؤكد عدم إرتباط الإدعاء العام بمجلس القضاء الأعلى ؟!.

ثانيا- يمارس عضو الإدعاء العام عمله بعد أدائه اليمين الآتية :-

( أقسم بالله العظيم أن أقوم بأداء واجباتي على أحسن وجه وبالحق والعدل ، وأن أطبق القوانين بأمانة ونزاهة وحياد ، والله على ما أقول شهيد ) .

ثالثا- يؤدي رئيس الإدعاء العام اليمين أمام رئيس الإقليم بحضور وزير العدل ، ويؤدي أعضاء الإدعاء العام الآخرون اليمين أمام مجلس القضاء في الإقليم .

ولعل مختصر ما يمكن قوله في هذا الشأن ، أنها ( دولة كردستان ) المستقلة عن العراق ؟!.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- نشر القانون في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (2746) في 17/12/1979 .

2- نشر الأمر في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (3980) في 18/9/2003 .

3- نشر الأمر في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (3985) في 1/7/2004 .

4- نشر قانون تعديل القانون في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4028) في 13/11/2006 .

5- نشر القانون في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (2746) في 17/12/1979 .

6- نشر القرار في جريدة وقائع كوردستان بالعدد (69) في 8/7/2007 .

7- نشر القانون في جريدة وقائع كوردستان بالعدد (71) في 29/7/02007

إعادة نشر بواسطة محاماة نت