بحث قانوني ودراسة كبيرة حول أنواع عيوب الرضا

يجب أن يكون رضاء المتعاقدين سليما ، أي خاليا من كل عيب.
و عيوب الرضا هي :
المطلب الأول : 1 /- الغلط
المطلب الثاني : 2 /- الغش أو التدليس
المطلب الثالث : 3 /- الإكراه
المطلب الرابع : 4/-الاستغلال أو الغبن

المطلب الأول : الغــــــــلط

تعريف : الغلط هو الاعتقاد بصحته ما ليس بصحيح أو بعدم صحة ما هو صحيح و هو عيب من عيوب الرضى : إذا يسمح القانون لمن وقع فيه أن يطلب إبطال العمل الحقيقي ، عندما يبلغ حدا كافيا من الجسامة .
مثال ذلك أن يعقد شخصان عقدا ، الأول منهما يبغى من وراء هذا العقد بيع ماله ، والثاني يعتقد إستجاره
-و مثاله أيضا أن يشتري إنسان شيئا يعتقد أنه قديم بينما هو حديث
– و العكس ، فإذا ذكرت في العقد، بعض الشروط ثم لم تتوفر فإن العقد لا يوصف بأنه قابل للإبطال للغلط، وإنما يكون صحيحا قابلا للفسخ لعدم إمكان تنفيذه بالصورة المتفق عليها.

-النظرية التقليدية تقول بثلاثة أنواع من الغلط هي :

1- النوع الأول من الغلط : هو الغلط الذي يبطل العقد بطلا مطلقا، بعبارة أخرى ، هو الغلط الذي يعدم الرضا ، و يكون في ماهية العقد ، أو في ذاتية محل الالتزام ، أو في سبب الالتزام.
2- النوع الثاني من الغلط : هو الغلط الذي يبطل العقد بطلانا نسبيا ، و يكون في حالتين هما الغلط في مادة الشيء ، والغلط في شخص المتعاقد ، إذا كانت شخصيته محل اعتبار.
3 – النوع الثالث من الغلط : هو الغلط الذي أثره له في صحة العقد ، أي الغلط فيه صفة غير جوهرية.
المشرع الجزائري وضع معيار عاما ، و أخذ بالمعيار الذاتي في المادتين 81 و 82 من القانون المدني .
حسب المادة 81 : ” يجوز للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري وقت إبرام العقد ، أن يطلب إبطاله.”
و تضيف المادة 82 من نفس القانون .” يكون الغلط جوهريا إذا بلغ حدا من الجسامة بحيث يمتنع عن إبرام العقد لو يقع في هذا الغلط “.
-مشكلة التوقيت بين احترام مبدأ سلطان الإرادة و استقرار المعاملات :
-لعدم وقوع انهيار العقود و لحماية التعامل يجب :
-1 على مدعى الغلط أن يقيم الدليل
2- أن يكون الغلط جوهري
-قضية الغلط في القانون ، و الغلط في الواقعة
– تنص المادة 83 من القانون المدني : ” يكون العقد قابلا للإبطال لغلط في القانون إذا توفرت فيه شروط الغلط في الواقع طبقا للمادتين 81 و 82 ما لم يقض القانون بغير ذلك”.
– نستخلص من المادة 83 أن الغلط في القانون كالغلط في الواقعة كلاهما يعيب الرضا بشرط :
1)أن يكون الغلط جوهريا ( طبقا للمادتين 81 و 82 )
2)إذا ما لم يقضي القانون بغير ذلك ( مثلا المادة 465 التي تنص أنه ” لا يجوز الطعن
في الصلح بسبب غلط في القانون”.
3)بشرط أن يقع هذا الغلط في قاعدة قانونية ثابتة ،أي واردة في التشريع أو استقر عليها القضاء ، و ليست محل أي خلاف.
“الجهل بالقانون ليس عذرا ”
– قضية الغلط الذي يتعارض مع ما يقضي به حسن النية :
المادة 85 من القانون المدني تنص ” ليس لمن وقع في الغلط أن يتمسك به على وجه
يتعارض مع ما يقضي به حسن النية ”
ويبقى بالأخص ملزما بالعقد قصد إبرامه إذا أظهر الظرف الآخرإستعداده لتنفيذ هذا العقد”.
و يمكن أن يقال حسن النية هنا يقصد به نزاهة التعامل.
قضية الغالط الفاضح ، أو الغلط الغير مسموح هو الغلط الناشئ عن الجهل فاضح،أو إهمال
أو عدم المعاينة للشيء المتعاقد عليه ، أو لعدم قراءة نصوص العقد.

المطــــــلب الثـــــــاني : الغش أو الخداع أو التدليس

تعريف : بعض الفقهاء يقولون أن : التدليس هو أن يستعمل أحد طرفي العقد،وسائل غايتها تضليل الطرف الآخر: و الحصول على رضاه في الموافقة على عقد أي عمل حقوقي آخر.
-بعض الآخرين من الفقهاء يقولون أن : التدليس هو نوع من الغش، يصاحب تكوين العقد، و هو إيقاع المتعاقد في غلط يدفعه إلى التعاقد نتيجة استعمال الحيلة.
التدليس يؤدي حتما إلى الغلط ، بحيث يمكن القول بعدم جدوى نظرية التدليس ، _اكتفاء بنظرية الغلط .
-و التدليس يعيب الإرادة في جعل العقد قابلا للإبطال
-و التدليس نتيجة حيلة .
-و الحيلة خطأ عمدي يستوجب التعويض طبقا لقواعد المسؤولية التقصيرية.
يستنتج من هذا التعريف أن التدليس يفترض : أربعة شروط :
الشرط 1 : استعمال الوسائل أو الطرق، الإحتيالية .
الشرط 2 : نية التضليل .
الشرط 3 : اعتبار التدليس الدافع إلى العقد .
الشرط 4 : أن يكون التدليس صادر من المتعاقد الآخر.
أو على الأقل أن يكون متصلا به.

الشرط الأول : استعمال وسائل إحتيالية : و يتمثل في

عنصر مادي :
– يكفي الكذب، أو مجرد الكتمان، إذا كان المدلس عليه جاهلا للأمر المكتوم عنه
و لا يستطيع أن يعرفه من طريق آخر ، مثلا : في عقود التأمين
– مثلا و حسب المادة 86 الفقرة 2 من القانون المدني :” يعتبر تدليسا السكوت عمدا عن واقعة أو ملابسة إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان أن ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة “.
الشرط الثاني : توافر نية التضليل لدى المدلس ، مع قصد الوصول إلى غرض غير مشروع.و الشرط الثاني يشكل العنصر المعنوي.
– أما إذا كان الغرض مشروعا فلا تدليس .

الشرط الثالث : اعتبار التدليس الدافع للتعاقد
-حسب المادة 86 الفقرة 1 من القانون المدني : ” يجوز إبطال العقد للتدليس إذا كانت الحيل التي لجأ إليها المتعاقدين أو النائب عنه ، من الجسام بحيث لولاها لما إبرام الطرف الثاني العقد “.
– كما نلاحظ في المادة 86/1 المعيار شخص هنا و قاضي الموضوع هو الذي يقضي في ذلك.
– وهذا التفرقة بين التدليس الدافع للتعاقد ، و التدليس غير الدافع ، هي السائدة في الفقه التقليدي ، و ينتقدها كثير من الفقهاء اللذين يرونا أن التدليس هو تضليل و سوءا دفع إلى التعاقد ، أو اقتصر أثره على قبول بشروط أبهظ(التدليس العارض) ، يعيب الرضا و يجيز طلب إبطال العقد.

الشرط الرابع : أن يكون التدليس صادر من التعاقد الآخر ، أو على الأقل يكون متصلا به
تنص المادة 87 من القانون المدني أن : ” إذا صدر التدليس من غير المتعاقدين ، فليس للمتعاقد المدلس عليه أن يطلب العقد ، ما لم يثبت المتعاقد الآخر كان يعلم ، أو كان من المفروض حتما أن يعلم بهذا التدليس”.
-وحسب المادة 87 يجب إذن أن يصدر التدليس من العاقد نائبه(المشار إليه في المادة 86 )، و يرى البعض أن كلمة نائب تعمل على محل التوسع لتشمل كل من يعارض العاقد في إنشاء العقد.
– و لكن المادة من التدليس عالما به ، أو من المفروض حتما أن يعلم به.
– في النهاية أن التدليس لا يؤثر في صحة العقد إذا صدر من غير المتعاقد أو نائبه.

نقطة أخيرة : هل تغني نظرية الغلط ، عن نظرية التدليس.

حسب أغلب الفقهاء : أن نظرية الغلط لا تغني عن نظرية التدليس ،لأنه في النظرية
التقليدية للغلط لم يكن الغلط في القيمة ، أو في الباعث، يبطل العقد في حين أنه لو حدث شي من ذلك نتيجة التدليس يكون العقد باطلا بطلانا نسبيا.
– و من جهة أخرى كان يمكن إبطال العقد للغلط حيث لا يمكن إبطاله للتدليس في حالة
صدور التدليس من أجنبي.
– و في الأخير يجب القول أنه إذا كان الغلط يغني عن التدليس ( ) فإن التدليس
لا يمكن أن يغني عن الغلط.

المـــــــطلـــــــب الثاني : الإكــــــــــراه

تعريف : الإكراه هو الظغط المادي أو المعنوي الذي يوجه إلى شخص بغية حمله التعاقد.
تعريف ثاني : الإكراه هو الظغط بقصد الوصول إلى غرض مشروع يعترض له العاقد، فيولد في نفسه رهبة تدفعه إلى التعاقد.
المعيار الموضوعي للغلط : يأخذ بعين الاعتبار الظغط الذي يتأثر به الرجل الشجاع أو ذو التمييز.
– بعض الفقهاء انتقدوا المعيار الموضوعي لجموده.
– أما المعيار الذاتي للظغط : فيأخذ بعين الاعتبار
مثلا : سن العاقد.
– حالته الاجتماعية و الصحية.
الجنس – الدورة أو الأنوثة
– و هذا المعيار الذاتي يتناسب مع حالة كل عاقد في ذاته.
القانون الفرنسي : جمع بين المعيارين ( الموضوعي و الذاتي)المتعارضين.
– أما القانون الجزائري : فأخذ بالمعيار الذاتي ، حيث أن المادة 88 من القانون المدني تنص : ” يجوز إبطال العقد للإكراه إذا تعاقد شخص تحت سلطان رهبة بينة بعثها المتعاقد الآخر في نفسه دون حق و تعتبر الرهبة قائمة على بينة إذا كانت ظروف الحال تصور للطرف الذي يدعيها أن خطرا جسيما محدقا يهدده هو ، أو أحد أقاربه ، في نفس، أو جسم أو الشرف ، أو المال.
و يراعى في تقدير الإكراه جنس من وقع عليه هذا الإكراه و سنه ، وحالته الاجتماعية ، و الصحية ، و جميع الظروف الأخرى التي من شأنها أن تؤثر في جسامة الإكراه “.
– و تظيف المادة 89 من نفس القانون : ” إذا صدر الإكراه من غير المتعاقدين ، فليس للمتعاقد المكره أن يطلب إبطال العقد إلا إذا أثبت أن المتعاقد الآخر كان يعلم أو كان من المفروض حتما أن يعلم بهذا الأمر”.
حتى يترتب على الإكراه إبطال العقد ، أو العمل القانوني ، يجب أن يتوفر ثلاثة شروط :
الشرط الأول : استعمال وسيلة من وسائل الإكراه.
الشرط الثاني : و أن تحمل هذه الوسيلة العاقد الآخر على إبرام العقد.
الشرط الثالث : أن تصدر وسيلة الإكراه من العاقد الآخر ، أو تكون متصلة به.

ـ الشــــــرط الأول : استعمال وسيلة من وسائل الإكراه.
هذا العنصر المادي يتكون من عنصرين أساسيين :

العنصر الأول : استعمال وسيلة الإكراه لغرض غير مشروع :
إذا الإكراه لا يتحقق إذا استعملت وسيلة مشروعة ، للوصول إلى غرض مشروع.
إنما يتحقق الإكراه إذا استعملت وسيلة مشروعة أو غير مشروعة ، للوصول إلى غرض غير مشروع . بصفة أخرى : فلا إكراه ، ما دام الغرض مشروعا.
إذا الإكراه كالتدليس لا يقوم على فكرة فساد الإرادة فقط ، و إنما يقوم كذلك على اعتبار أنه فعلا خطأ ، و من ثم يجيز طلب إبطال العقد إلى جانب طلب التعويض.
– من جهة أخرى نجد أن المشرع الجزائري يعامل الإكراه معاملة التدليس الصادان من الغير كلاهما يعيب الرضا ، بشرط أن يثبت أن المتعاقد الآخر كان يعلم أو كان من المفروض أن يعلم بهذا التدليس ، أو هذا الإكراه ، أي سيئ النية كل هذا طبقا للمادتين 87 و 89 من القانون المدني .
– المادة 87 أنظر التدليس.
– المادة 89 أنظر الإكراه.
و لهذا يجب القول أنه إذا كان العاقد المستفيد من التدليس أو الإكراه حسن النية ، فلا يجوز إبطال عقده ، و ليس للعاقد ضحية التدليس أو الإكراه إلا أن يرجع على فاعل التدليس أو الإكراه على أساس المسؤولية التقصيرية.
– يمكن طرح السؤال التالي : هل يمكن اعتبار الضغط باستعمال النفوذ الأدبي ( ) ، الإكراه ، يفسد الإرادة ؟
– مثلا : ـ نفود الأب على ابنه.
ـ نفوذ الزوج على زوجته.
ـ الأستاذ على تلميذه .
الجواب : فإذا أخذنا بالمعيار الذاتي فإن التسلط الواقع نتيجة النفوذ الأدبي يكفي لتحقيق الإكراه في بعض الحالات.
– هذه القضية لم تقنن في التشريع الجزائري
– و لكن محكمة النقص المصرية قضت بأن مجرد النفوذ الأدبي و هيبة الأقارب لا يكفيان لبطلان العقد ، بل يجب أن يقترن ذلك بوسائل غير مشروعة.

العنصر الثاني : أن يكون الخطر المهدد به جسميا و حالا :
المادة 88 من القانون المدني المشار إليها سابقا تشترط أن يكون الخطر المهدد به جسيما و محدقا.
فيما يخص درجة الجسامة التي تولد الرهبة في نفس العاقد فهي مسألة متروكة لقاضي الموضوع و العبرة هي حالة المكره النفسية و لو كانت الوسيلة المستعملة غير جدية ، و المعيار هنا ذاتي :
مثلا: التهديد بالسحر و متى تأثير العاقد بهذا التهديد.
الشرط الثاني : أن تحمل هذه الرهبة التي يولدها الإكراه المتعاقد على إبرام العقد.
ـ هذا هو العنصر المعنوي في الإكراه.
ـ و هنا يترك لقاضي الموضوع مسألة القول بأن هذه الرهبة هي حملة المتعاقد على إبرام العقد أم لا.
ـ في تقدير هذه الرهبة يدخل القاضي في تقديرها : الحالة الشخصية للمكره لا للشخص المعتاد.
ـ كما يراعى في هذا المعيار الذاتي كل الظروف التي من شأنها أ ن يؤثر في جسامة
الإكراه : مثلا : ـ المكان
ـ الوقت الزمان
ـ باختصار يجب أن يثبت أنه لولا الرهبة لم يبرم العقد من طرف المكره.

الشرط الثــــالث : أن تصدر وسيلة الإكراه من العاقد الآخر أو تكون متصلة به
حسب المادة 89 من القانون المدني : ” إذا صدر الإكراه من غير المتعاقدين فليس للمتعاقد المكره أن يطلب إبطال العقد إلا إذا أثبت أن المتعاقد الآخر كان يعلم أو كان من المفروض حتما أن يعلم بهذا الإكراه “.
السؤال المطروح هنا هو : هل يمكن إبطال العقد في حالة إكراه ناتج عن حالة ضرورة ؟
الجواب هو : أنه بصفة عامة ، بقضي ، ببطلان أو تخفيض الشروط الباهظة التي يتعهد بها المتعاقد للإكراه في حالة الضرورة ، متى أستغلها العاقد الآخر بسؤ نية كوسيلة للضغط على الإرادة.

المطلــــب الرابع : الاستغلال – و الغـــبن

تعريف : الغبن هو المظهر المادي للاستغلال.
و يتحقق الاستغلال في حالة :
ـ و الغبن هو عدم تعادل البدل فهو في محل العقد ، لا في الإرادة.
و نلاحظ أن الغبن :
1) لا يكون إلى في عقد معارضة محدد التبرعات
2)يقدر بمعيار مادي.
3)العبرة بتقدير وجوده هو وقت تكون العقد.
– نلاحظ أيضا أن نظرية الغبن المادية تطورت إلى نظرية الاستغلال النفسية ، حيث أن جانب عدم التعادل في التعاقد يقوم عنصر أخر و هو عنصر نفسي مبني على استغلال ضعف نفس المتعاقد
– بناء على هذا نلاحظ أن بعض القوانين الحديثة أخذت بنظرية عامة في الاستغلال ، إلى جانب الاحتفاظ بنظرية الغبن في الحالات المحددة التي نصت عليها.
مثلا المادة 90المعدلة بموجب قانون رقم 05-10المؤرخ في 20جويلية2005.
و يجوز في العقود المعارضة أن يتوقى الطرف الآخر دعوى الإبطال ، إذا عرض ما يراه القاضي كافيا لرفع الغبن
-و في نفس الوقت المشرع الجزائري احتفظ بالتطبيقات التقليدية للغبن
في المادة 91 التي تنص أن ” يراعى في تطبيق المادة 90 عدم الإخلال بالأحكام الخاصة بالغبن في بعض العقود “.
مثلا المادة 358 من القانون المدني التي تنص أن ” إذا بيع عقار بغبن يزيد عن الخمس فللبائع الحق في طلب تكملة الثمن إلى أربعة أخماس ثمن المثل “.
– إذا يمكن القول أن للاستغلال عنصرين : عنصر مادي و عنصر معنوي .
1- العنصر المادي : و هو عدم التعادل ، أو عدم التكافؤ بين التزام المغبون و التزام الطرف الآخر الذي استغله.
– و يجب أن يكون فادحا أو فاحشا.
– و تقرير ذلك يرجع لقاضي الموضوع . المجال التقليدي لاختلال التعادل هو عقود المعاوضات أين ينحصر الغبن بمعناه الأصلي ( أو التقليدي ) أي بالمعيار المادي فقط ( لكن النظرية العصرية للاستغلال تنطبق كذلك على العقود الاحتمالية و عقود التبرعات التي كثيرا ما يتحقق فيها عملا الاستغلال مثلا :
العنصر المعنوي أو النفسي : و هو استغلال ما لدى المتعاقد الآخر من طيش أو هوى للتحصيل على التعاقد معه.
– و يمكن القول أن هذا العنصر المعنوي متكون بدوره بثلاثة عناصر مشار إليها في المادة 90 من القانون المدني و هي :
أولا)ا وجود طيش أو هوى عند أحد المتعاقدين
– تعريف الطيش : هو الخفة ، التي تتضمن التسرع و سوء التقدير.
– تعريف الهوى : هو الميل ، الذي يتضمن غلبة العاطفة و ضعف الإرادة.
ثانيا) : استغلال المتعاقد لطيش أو لهوى المتعاقد الآخر.
و هكذا فإن كان المتعاقد يجهل بقيام شئ من ذلك (طيش أو هوى) لدى المتعاقد الآخر فالعقد صحيح لعدم توفر الاستغلال.
ثالثا) : أن يكون الاستغلال هو الذي دفع المغبون إلى التعاقد.
و هنا نلاحظ أن الاستغلال يلتقي مع سائر عيوب الإرادة و تقدير توافر عناصر الاستغلال هو مسألة متروكة لقاضي الموضوع الذي يجوز له ، بناء على طلب المغبون أن يبطل العقد أو أن ينقص التزامات المتعاقد المغبون إذا كانت التزاماته متفاوتة كثيرا في النسبة مع ما حصل عليه من فائدة بموجب العقد أو مع التزامات المتعاقد الآخر ، و تبين أن المتعاقد المغبون لم يبرم العقد إلا لأن المتعاقد الأخر قد أستغل عليه من طيش أو هوى ( المادة 90 من القانون المدني ).
ملاحظة : فيما يخص الجزاء الذي يترتب على الاستغلال يجب أن نذكر أن :
1) جزاء الاستغلال هو ( حسب المادة 90 ) أما إبطال العقد ، أو إنقاص التزامات العاقد، و الاختيار يرجع هنا لتقرير المغبون.
2) ففي عقود المعاوظات يجوز للطرف الأخر أن يتوقى الإبطال إذا عرض ما يراه القاضي كافيا لرفع الغبن ( المادة 90.
3) دعوى الاستغلال تسقط بمضي سنة من تاريخ العقد و إلا كانت غير مقبولة ( 2-90)
و لا تقبل الوقف أو الانقطاع فهي ميعاد سقوط ، و هذا حتى لا يبقى مصير العقد معلقا على دعوى مجال الإدعاء فيها متسع.
في النهاية نلاحظ أن الاستغلال عيبا من عيوب الإرادة يقترب جدا من الإكراه في حالة : الهوى الجامح ، كما يقترب من الغلط التدليس في حالة : الطيش البين.

المبحث الثاني : المحــــــل و الســــبب

سنستعرض أولا : المحل في المطلب الأول ، ونخصص المطلب الثاني إلى دراسة السبب.

المطلب الأول : المحل ( المواد 92 إلى98 من القانون المدني).

تعريف : المحل هو النتيجة الحقوقية التي أراد الطرفان إعطاءها للعقد أو كل ما يلتزم به المدين ، و هو : إما التزام بعمل ( ) أو بالامتناع عن العمل ( ) أو بإعطاء شيء ( ) و يقصد به نقل أو إنشاء حق عيني ( ) شروط المحل : هي ثلاثة

الشرط الأول : أن يكون المحل ممكنا ، إذا التزام مستحيل ، حسب المادة 93(المعدلة بموجب القانون رقم05-10من القانون المدني الجزائري) إذا كان محل الالتزام مستحيلا في ذاته أو مخالفا للنظام العام أو الآداب العامة كان باطلا بطلانا مطلقا.
– و يجب أن تكون الاستحالة مطلقة و قائمة وقت إنشاء العقد
– أما الاستحالة اللاحقة لانعقاد العقد فجزاؤها الفسخ ، لا البطلان
– و كذلك يجب أن يكون محل الالتزام موجود في الحال
– كما يجوز أن يكون محل الالتزام شيئا مستقبلا و محققا ( المادة 92).
– لكن في بعض الحالة يمنع المشرع التصرفات في الشيء المستقبل مثلا في المواد 886،489،966 من القانون المدني.

الشـــرط الثـــاني : أن يكون المحل معينا أو قابلا للتعيين
– أو بصفة أخرى يجب أن يحدد محل الالتزام أو على الأقل أن يكون قابلا للتحديد.
– و هكذا تنص المادة 94 من القانون المدني ” إذا لم يكن محل الالتزام معينا بذاته ، ويجب أن يكون معينا بذاته ، وجب أن يكون معينا بنوعه ، و مقداره وإلا كان العقد باطلا و يكفي أن يكون المحل معينا بنوعه فقط إذا تضمن العقد ما يستطاع به تعيين مقداره ، و إذا لم يتفق المتعاقدان على درجة الشيء ، من حيث جودته و لم يمكن تبيين ذلك من العرف أو من أي ظرف آخر ، التزم المدين بتسليم شيء من صنف متوسط.”
– و حسب المادة 95 ” إذا كان محل الالتزام نقودا ، التزم المدين بقدر عددها المذكور في العقد دون أن يكون لارتفاع قيمة هذه النقود أو لانخفاضها وقت الوفاء أي تأثير.”[1]

مثلا : إذا احتفظ البائع يوم البيع بحق إستراد الشيء المبيع في أجل معين يكون هذا البيع باطلا المادة396.
– المادتين 402 و 403 تنص على منع و بطلان شراء القضاة و أعوانهم، و المحاميين للحقوق المتنازع عليها.
– أنظر كذلك المادة : 454 فيما يخص القرض الاستهلاكي.
903 الرهن الرسمي.
960 الرهن الحيازي.
المادة 461 : الصلح في مسائل الآجال الشخصية ، أو النظام العام.
المادة 107/3: حوادث طارئة ، تنقص الالتزام.
المادة 110 : شروط تعسفية في عقد الإذعان.
-كما ينص القانون على بطلان كل اتفاق خاص بمقمرة أو رهان -لكن المشرع أستثنى الرهان الخاص بالسباق ، و الرهان الرياضي الجزائري في المادة 612.

الفصـــــل الثــــــاني : الســـــبب

-حسب المادة 97 من القانون المدني
تعريف : السبب هو القصد الذي في سبيله شخص نحو شخص آخر.
-في العقد الملزم للجانبين يكون السبب في تنفيذ كل من الطرفين التزام الآخر . ( مثلا في عقد البيع : سبب التزام البائع هو في قبض ثمن المبيع بينهما السبب في التزام المشتري يكون في انتقال هذا المبيع إليه ).
– أما في العقود الملزمة لجانب واحد يختلف السبب الدافع إلى التزام حسب نوع العقد.
مثلا : في العقود التبرع
-الغاية التي يقصدها الواهب هي إثراء الموهوب بصورة مجانية.
بصفة أخرى : سبب التزامه يكون في نية التبرع.
بينما في العقود المجردة في المنفعة يكون السبب في أداء أحد المتعاقدين خدمة مجانية للأخر، دون أن ينقص ثروته المالية ، كما في الوديعة و الوكالة بدون أجر. . . . .
ملاحظة : يجب أن نفرق بين سبب العقد و محل العقد :
فالسبب هو الجواب على السؤال الآتي ، لماذا التزم المتعاقد ؟
أما المحل هو الجواب على السؤال الآتي : بماذا التزم المتعاقد .
– و السبب الذي يهمنا هنا هو : الغرض المباشر ( مثلا : قبض الثمن).
– أما الغرض الغير مباشر فهو الباعث مثلا : استغلال هذا الثمن في التجارة.
-وقد أختلف الفقهاء بين مؤيدين لنظرية السبب و متكون لها بدعوى عدم
جدوها.
– نلاحظ وجود نظريتين للسبب :
أولا) النظرية التقليدية .
ثانيا) و النظرية الحديثة في السبب .

أولا) النظرية التقليدية:
حسب المادة 98 من القانون المدني ” كل التزام مفترض أن له سببا مشروعا ما لم يقم الدليل على غير ذلك.
و يعتبر السبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي حتى يقوم الدليل على ما يخالف ذلك ، فإذا قام الدليل على صورية السبب فعلى من يدعي أن للالتزام سببا آخر مشروعا أن يثبت ما يدعيه “.
– لهذا نلاحظ أن حسب المادة 98 للسبب شرطين:

الشرط الأول : أن يكون السبب موجودا :
مثلا : إذا أكره شخص على توقيع تعهد بدين ، كان التعهد بغير سبب و من ثم باطلا .
– كذلك الحال في سندات المجاملة ، إذا لا سبب لها فيما يخص المتعاقدين
– أو تعاهد في تجديد دين ، في حين أن هذا الدين باطلا أو كان قد انقضى.

الشرط الثاني : أن يكون السبب مشروعا :
أي لم يخالف النظام العام و الآداب .
فإذا كان السبب غير مشروع ، وقع العقد باطلا.
مثال ذلك : دفع مبلغ مقابل ارتكاب جريمة أو الامتناع عن ارتكاب جريمة .
– تجدر الملاحظة أن بعض الفقهاء انتقدوا هذه النظرية التقليدية للسبب و يقولون أنها غير صحيحة و يمكن الاستغناء عنها ، و اكتفاء بالركنيين الأخريين ، أي المحل و الرضا.
– أما القضاء فقد اشترط أن يكون الباعث مشروعا ، حماية للنظام العام و الآداب ، و هذه النظرية تسمى بالنظرية الحديثة في السبب.
ثانيا) النظرية الحديثة للسبب أو نظرية الباعث :
هذه النظرية تأخذ بعين الاعتبار ” الباعث ” و لا تكتفي بمجرد الغرض المباشر.
و هذا الباعث يجب ألا يخالف النظام العام و الآداب و إلا وقع العقد باطلا ، و ذلك بشرط علم الطرفين معا بهذا الباعث سواء في المعاوضات و التبرعات و الهدف هنا هو استقرار المعاملات هذه النظرية الحديثة أوسع من النظرية التقليدية ، لكن لا تحل محلها و إنما تكملها بحيث تصبح النظرية الحديثة للسبب عاملا من العوامل التي تكفل حماية النظام العام و الآداب.
و البعض يتكلم عن نظرية ازدواج السبب و يقولون أن :
من جهة للسبب الالتزام -يقصد به حماية المتعاقد نفسه من تحمل التزام بدون سبب ، تحقيقا للعدالة ، و يحقق هنا مصلحة فردية .
من جهة أخرى سبب العقد – يقصد به حماية المجتمع من إبرام عقود مخالفة للنظام العام و الآداب و يحقق هنا مصلحة جماعية .

ثالثا)إثبـــــــــات السبب
حسب المادة 98-1 من القانون المدني ” كل التزام مفترض أن له سببا مشروعا ، ما لم يقم الدليل على غير ذلك .”
و الفقرة الثانية من المادة تضيف أن ” و يعتبر السبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي حتى يقوم الدليل على ما يخالف ذلك ، فإذا قام الدليل على صورية السبب فعلى من يدعي أن للالتزام سببا آخر مشروعا أن يثبت ما يدعيه ”
– بعد دراسة أركان العقد ( الرضى ، المحل و السبب ) يجب القول في النهاية أنه إذا فقد العقد ركنا من أركانه ، فالجزاء هو البطلان.

المبحث الثالث : أحكام العقد

بعد دراسة أركان العقد و شروط صحته
– ندرس في المطلب الأول : أحكام العقد.
– في الفرع الأول : نتكلم على قوة العقد الملزمة.
– في الفرع الثاني : نتكلم على جزاء الإخلال بقانون العقد.

الفرع الأول : قوة العقد الملزمة ( أو أثار العقد ).
إذا قام العقد صحيحا ترتبت عليه أثاره القانونية التي تقتصر على العاقدين فقط :
لأن احترام حرية الأفراد يقتضي أن تقتصر أثار العقد على طرفيه.
فالعقد إذن نسبي في أثره على أن العقد ، إذا كان يقتصر في أثره على العاقدين ، فإنه يعتبر بينهما في حدود هذا الأثر ، بمثابة القانون ، بحيث يلتزمان بتنفيذه ، كما يلتزمان بتنفيذ القانون.
– فيتعين أن ندرس في :
أولا) نسبية أثر العقد .
أو قوة العقد الملزمة بالنسبة للأشخاص.
ثانيا) القوة الملزمة للعقد من حيث الموضوع ( أو مدى أثر العقد).

أولا) نسبية أثر العقد :أو قوة العقد الملزمة بالنسبة للأشخاص :
– يهيمن على القوة الملزمة للعقد بالنسبة للأشخاص مبدأ نسبية أثر العقد ، يقضي بأن ” أثر العقد يقتصر على طرفيه ” بمعنى أن الالتزامات الناشئة و الحقوق المتولدة عنه لا تنصرف إلا إلى العاقدين.
لكن نرى أن هذا المبدأ يحتمل استثناء فيما يتعلق بالحقوق المتولدة عن العقد و هكذا تنص المادة 113 من القانون المدني أن ” لا يرتب العقد التزاما في ذمة ، و لكن يجوز أن يكسبه
حقا “.
– و يقضي بهذا المبدأ الاعتراف باستقلال الأفراد ، و ضرورة احترام حريتهم فالإثارة التي ينشئها العقد هي وليدة إرادة العاقدين دون غيرهما ، و لا يمكن من ثم ، أن تنصرف إلا إليهما ( أي للعاقدين).

ملاحظة هامة :
– لكن لا يقصد بالعاقدين طرفا العقد وحدهما ،ليتقصر أثر العقد عليهما ، لأن الفرد بتعاقد لنفسه ،كذلك لوارثة ( أو خلفه العام ) ، فلا تقسيم المعاملات إذا انقضى أثر العقد ( حق أو التزام ) بوفاة الدائن أو المدين ، بل يتعين انتقاله إلى ” خلفه العام “.
و كذلك قد يتعلق العقد بشيء معين يملكه العاقد ، و لا يتصل بشخصه ، و تقتضي طبيعته أن ينتقل أثر العقد ، مع الشيء الذي يتعلق به ، إلى من ينتقل هذا الشيء إليه ، و الذي يسمى با ” لخلف الخاص ”
– فأثر العقد ينصرف إلى العاقدين و من يمثلانه في إبرامه : و العاقد يمثل في تعاقده ” خلفه العام ” و قد يمثل ” خلفه الخاص ” ، و على ذلك ينصرف أثره إلى العقدين و إلى ” الخلف العام ” و قد ينصرف أيضا إلى ” الخلف الخاص “.
-فإذا قلنا أن أثر العقد لا ينصرف إلى غير العاقدين ، فلا يعتبر ” الخلف العام ” ،و لا ” الخلف الخاص ” ، ( في حدود معينة ) ، من ” الغير ” اللذين لا ينصرف إليهم أثره .

الفـــصل الأول : أثر العقد بالنسبة إلى العاقدين

-أنظر فيما يخص الخلف العام : المادة 108 من القانون المدني .
– فيما يخص الخلف الخاص : المادة 109 من القانون المدني.

الفصل الثـــاني : أثار العقد بالنسبة للغير
أنظر المادة : 114 التعهد عن الغير
116 الاشتراط لمصلحة الغير
118 الاشتراط لمصلحة الغير، (تحديد ما معنى الغير، يمكن أن يكون شخص طبيعي أو شخص معنوي).

البـــــاب الثــــاني : مدى أثر العقد أو : القوة الملزمة للعقد من حيث الموضوع
– للعقد ( في حدود موضوعيه ) قوة ملزمة تساوي قوة القانون ، فيجب على كل عاقد تنفيذ الالتزامات التي ترتبت في ذمته بمقتضاه ، و إلا كان مسؤولا عن عدم تنفيذها فيتعين ، من ثم تحديد موضوع العقد أو مضمونه لنرى إلى أي حد يلتزم العاقدين بهذا المضمون و يتعين الجزاء الذي يترتب على إخلال أحد العاقدين بتنفيذ ما التزم به وفقا له.
– و قد يقتضي تعيين مضمون العقد تفسيره.

الفصل الأول : تفسير العــــقد

– إن تفسير العقد يعني شرح و معنى نطاق العبارات الواردة فيه ، أن مهمة تفسير العقود
( عند اختلاف الأطراف المتعاقدين ) ، تعود إلى السلطة القضائية .
– و يتولى القاضي تفسير العقد ليصل إلى تحديد الالتزامات التي أنشأها عن طريق الكشف عن إرادة العاقدين و تطبيق نصوص القانون ، و يتعين على القاضي الذي عرض عليه النزاع بين العاقدين أن يبحث على الإرادة المشتركة للعاقدين للفصل في النزاع.
-فإذا كانت عبارات العقد واضحة : يكون تفسيرها يسيرا إلى حد يمكن القول معه بأنه يمر غير ملحوظ ، بحيث لا يكون على القاضي سوى تطبيقه ، و أخذ العاقدين بحكمه.
– أما إذا كانت عبارات العقد غير واضحة : تعين على القاضي تفسيرها عن طريق الكشف عن الإرادة المشتركة للعاقدين.
– فإذا قام لدى القاضي ، شك في التعرف على هذه الإرادة المشتركة ، فسر الشك لمصلحة المدين في غير عقود الإذعان – أين ( حسب المادة 112 يفسر الشك فيها لمصلحة المذعن ).
– و على هذا يكون لتفسير العقد ، حالات ثلاث :
1) حالة العبارات الواضحة
2) حالة العبارات الغير واضحة.
3) حالة قيام شك في تبين الإرادة المشتركة للعاقدين.

الفصــــل الثــــاني : تحديد نطاق العقد
بعد أن يفسر القاضي بنود العقد للكشف عن النية المشتركة للعاقدين ، ينتقل إلى تحديد النطاق (أو أثار ) العقد ، غير مكتف ، في هذا التحديد ، بما ورد فيه وفقا لتلك النية المشتركة ، بل يجاوزه إلى ما يعتبر من ” مستلزماته ” طبقا للقانون و العرف و العدالة و هذا حسب المادة 107 من القانون المدني التي تنص ” يجب تنفيذ العقد طبقا لما أشتمل عليه و بحسن نية “.
و لا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه فحسب ، بل يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون و العرف و العدالة ، بحسب طبيعة الالتزام.
غير أنه إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها و ترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي ، و أن لم يصبح مستحيلا ، صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فإذا جاز للقاضي تبعا للظروف و بعد مراعاة لمصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، و يقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك .

الفــــصل الثـــالث : مدى التزام العاقدين بتنفيذ العقد
حسب المادة 106من القانون المدني تنص أن ” العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ، و لاتعديله إلا باتفاق الطرفين ، أو للأسباب التي يقررها القانون “.
– و تطبيقا للفقرة 1 للمادة107 “… يجب تنفيذ العقد لما أشتمل عليه و بحسن نية…”
– نلاحظ أن مبدأ حسن النية و مبدأ ” العقد : شريعة المتعاقدين ” من المبادىء الأساسية التي بنيا عليها تشريع العقد.
– لكن المشرع أورد إستثناءين على هذا المبدأ العام ، تقرر فيهما للمحكمة سلطة تعديل العقد :
1) أولهما يتعلق بعقود اللاذعان ( المادة 110 ) و الشروط التعسفية .
2) و ثانيهما تقضي به نظرية الظروف الطارئة(المادة107 -3 )

الفرع الثـــاني : جزاء الإخلال بالعقد
– إذا نشأ العقد صحيحا ، يكون واجب التنفيذ ، بحيث يتعين على المدين أن ينفذ الالتزامات الناشئة عنه على الوجه المتفق عليه فيه ، و إلا كان للدائن أن يسأل المدين عن عدم تنفيذها ، و تقوم مسؤولية هذا الأخير عنه ، ما لم يثبت رجوعه إلى سبب أجنبي لا بد له فيه ، فيحكم عليه بتعويض الضرر الذي لحق الدائن نتيجة له.
-فالمسؤولية العقدية هي جزاء الإخلال بتنفيذ التزام ناشئ عن العقد.
– لكنها ليست جزاءه الوحيد إذا كان العقد الذي ولده ملزما للجانبين ، بل يضاف إليها ( في نطاقه ) جزاءات أخرى : مثلا إذا أخل أحد العاقدين ، في عقد ملزم للجانبين ، بالتزاماته ، جاز للعاقد الآخر أن يطلب فسخ العقد ، لتنحل الرابطة القانونية التي ولدها ، و يتخلص ، بانحلالها ، عن التزاماته .
كما يجوز له أن رأى أن ، رغم ذلك على العقد أن يكتفي بوقف تنفيذ التزاماته إلى أن يقوم العاقد الأخر بتنفيذ التزاماته ، بمقتضى الدفع بعدم التنفيذ الذي تقرر له إلى جانب الفسخ .
– و هكذا نخصص :

الباب الأول : للمسؤولية العقدية و هي المبادىء العامة في جزاء الإخلال بالعقد ( أي جزاء عام كل العقود ) .
نخصص : الباب الثاني : للفسخ و الدفع بعدم التنفيذ ( اللذين تتمثل فيهما القواعد الخاصة بالعقد الملزم للجانبين ) ( أي الفسخ هو جزاء خاص بالعقود الملزمة للجانبين و يترتب عليه المسؤولية العقدية).

الباب الأول : المسؤولية العقدية للدائن

في القاعدة العامة ، أن يقتضي من المدين تنفيذ التزاماته عينا ، أو في عبارة أخرى ، على النحو المتفق عليه بينهما في العقد.
و تقوم المسؤولية العقدية في حالة عدم تنفيذ الالتزام على النحو المتفق عليه و لو نفذ الالتزام جزئيا ، أو بعد الوقت المعين له ، أو على غير الوجه المحدد له.
– فالمسؤولية العقدية ، باختصار ، هي جزاء إخلال أحد العاقدين بالتزام ناشئ عن العقد الذي أبرمه .
– و عناصر المسؤولية العقدية هي :
1) الخطأ : من طرف المدين أو أن يكون عدم تنفيذ التزام المدين راجعا إلى أخطائه .
2) الضرر : الذي يصيب الدائن و الناجم عن إخلال المدين بالتزامه .
3) و علاقة السببية بين الخطأ و الضرر .

ملاحظة : لما كانت هذه العناصر ( أو الأركان ) الثلاثة هي بذاتها عناصر المسؤولية التقصيرية ، فإننا نقتصر ( في هذا الباب ) على ما يميز المسؤولية العقدية في هذه العناصر،( ونخلف دراسة كل ما هو مشترك بين نوعي المسؤولية المدنية إلى الجزء الثاني بالمسؤولية التقصيرية.

الفصـــل الأول : الخطأ العقدي

تعريف: الخطأ العقدي هو تنفيذ المدين لالتزامه الناشئ عن العقد على
الوجه الوارد فيه .سواء كان عدم تنفيذه كليا أو حقيقيا أو جزئيا ( و يدخل في هذه الصورة الأخيرة : التأخر في تنفيذه ).
و حسب المادة 176 من القانون المدني أن ” إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بتعويض الضرر الناجم عن عدم تنفيذ التزامه ، ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ نشأت عن سبب لا بد له فيه ، و يكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه “.
– فالمدين الذي لا ينفذ الالتزام الذي رتبه العقد في ذمته يرتكب الخطأ ، لعدم تنفيذه للعقد الذي يعتبره بالنسبة له ، بمثابة القانون .
– و أن محل الالتزام العقدي يكون تحقيق نتيجة أو بدل عناية.
و لهذا فعدم تنفيذ الالتزام الذي يتكون منه خطأ العاقد يتخذ حسب طبيعة الالتزام صورتين :
1) إما عدم تحقيق النتيجة .
2) أو القصور عن بذل العناية .
و هكذا إذا كان الالتزام الذي ترتب بمقتضى العقد في ذمة المدين ، التزاما بتحقيق نتيجة ، يتوافر الخطأ في جانبه بمجرد عدم تحقيق هذه النتيجة لأنه أخل بالتعهد الذي أخذه في العقد على نفسه ، و لم ينجز ما التزم به وفقا له ( للالتزام ).
– و لا يجوز للمدين أن يقيم الدليل على انعدام الخطأ في جانبه ، لأنه هذا الخطأ وقع فعلا بعدم تنفيذه لالتزامه.
– أما إذا كان الالتزام الذي ترتب بمقتضى العقد في ذمة المدين إلتزامايبذل عناية ، لا يتوافر الخطأ في جانبه إلا إذا قصر عن العناية المطلوبة منه ( قانونا أو اتفاقا ) في اتخاذ الوسيلة التي تؤدي إلى الغاية التي أرادها العاقدين.
– فذلك القصور ( لا عدم تحقيق هذه الغاية ) هو عدم تنفيذ الالتزام الذي يتكون منه الخطأ.
– لأن المدين يكون قد وفى بالتزامه إذا بذل القدر المطلوب من العناية ، و لو لم تتحقق تلك الغاية
و على ذلك لا يقوم خطأ المدين بمجرد عدم تحقيق الغاية لأن محل التزامه بذل هذه العناية ، و لا يظهر الخطأ إلا بتقدير سلوك المدين و مقارنته بسلوك ” الشخص العادي ” و هذا حسب المادة 172 التي تنص أن :” في الالتزام بعمل ، إذا كان المطلوب من المدين أن يحافظ على شيء ، أو أن يقوم بإرادته أو أن يتوخى الحيطة في تنفيذ التزام فإن المدين يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادي ، و لو لم يتحقق الغرض المقصود ، و هذا ما لم ينص القانون أو الاتفاق على خلاف ذلك “.
و على كل حال يبقى المدين مسؤولا عن غشه أو خطئه الجسيم . ( أو بعبارة أخرى : يتكون خطأ المدين من الإهمال أو عدم الاحتياط ).
– فيما يخص جسامة الخطأ العقدي ، يجب الملاحظة أن لما كان الخطأ العقدي هو الإخلال بتنفيذ الالتزام أو ، في عبارة أخرى ، عدم تنفيذه على الوجه المتفق عليه في العقد ، سواء كان عدم التنفيذ كليا ، أو جزئيا ( كالتنفيذ المتأخر و التنفيذ العيب ) فلا يكون للأسباب ، أو البواعث التي أدت إليه ، أو الظروف التي لابسته ، أية أهمية في تقدير وجوده ، طالما لم ينشأ سبب أجنبي لا بد للمدين فيه.
– فيما يخص إثبات الخطأ العقدي ، يجب التمييز بين ثلاثة مسائل :
1- إثبات وجود الالتزام : هذا الإثبات يقع على عاتق الدائن .
2- إثبات عدم التنفيذ العيني : في هذه الحالة يجب على المدين أن يثبت قيامه بالتنفيذ لكن في بعض الحالات ، يجب على الدائن إثبات أن النتيجة لم تتحقق إذا كان الالتزام بتحقيق غاية أو أن المدين لم يبذل العناية التي فرضها العقد بإثبات الإهمال أو عدم الاحتياط من طرف المدين إذا كان الالتزام ببذل عناية.
3- أما علاقة السببية : فتنحصر في أنه إذا أثبت الدائن وجود الالتزام و عدم تنفيذه قامت مسؤولية المدين و لا يتخلص منها إلا إذا ثبت ” السبب الأجنبي “.

الفصـــل الثـــاني : الضرر
– لقيام المسؤولية العقدية ، لا يكفي ثبوت خطأ في جانب المدين ، بل يجب أن ينجم عن هذا الخطأ ضرر في جانب الدائن.
– و للضرر نوعان : * مادي
* أو معنوي ( أو أدبي ).
– و كلاهما يجب التعويض عنه.
– ولا فرق بينهما من حيث الشروط التي يترتب عنها حق التعويض عن الضرر.
– لكن المشرع ، و في حالة معينة ،حدد الأشخاص اللذين لهم حق المطالبة بالتعويض عن الضرر المعنوي.
– فيما يخص التعويض عن الضرر يجب القول أن الدائن يستحق تعويضا عن الضرر الذي لحقه من عدم تنفيذ المدين لالتزامه كليا أو جزئيا ، أو من تأخره في التنفيذ.
– ويترتب عادة على الإخلال بتنفيذ الالتزام أضرار عديدة ، بعضها ترتيب و الأخرى بعيد
– و لا يمكن مبدئيا أن يسأل المدين عن تعويض جميع هذه الأضرار البعيدة التي ضعفت صلتها بالخطأ الذي أرتكبه المدين.
– بعبارة أخرى يتعين الوقوف عند الضرر الذي ينتج مباشرة عن الإخلال المدين بالتزامه ، أو ما يسمى ” بالضرر المباشر ” : و هو ما يكون ” نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام أو للتأخير في الوفاء به ” ( أي الضرر الذي ” يرتبط بالخطأ بعلاقة السببية “.
– أما الضرر الغير المباشر فينجم ، في الواقع عن خطأ الدائن الذي كان في وسعه أن يبذل جهده معقول ، ولكنه لم يبذله ، ومن ثم لا يعتبر المدين مسؤولا عنه ، لعدم توفير علاقة سببية بينه و بين خطأ المدين.
– في القاعدة العامة يجب القول بأن المدين ، في المسؤولية العقدية ، لا يلتزم بتعويض كل الضرر المباشر ، و يتعين التمييز في حدود الضرر المباشر بين ” المتوقع ” و ” غير المتوقع ” ( ما عد إذا أرتكب المدين غشا أو خطأ جسيما.
– و يقتصر التزامه المدين على تعويض الضرر الذي يتوقعه ، وقت التعاقد ” الشخص العادي ” حسب المعيار المادي ، و ليس المعيار الذاتي”.
– أما إثبات الضرر فيقع مبدئيا على الدائن و لكن يجوز للمدين أن يتخلص من الحكم عليه إذا أثبت العكس أي أن الدائن لم يلحقه أي ضرر.

الفصـــــل الثــــالث : علاقــــــة السببيــــــــة
– لا يكفي ( ليسأل المدين عن عدم تنفيذ التزامه العقدي ) أن يثبت خطأ في جانبه ، و ضرر لحق الدائن ، بل يجب أن يكون هذا الضرر نتيجة لذلك الخطأ ( أو بعبارة أخرى : يجب أن يكون الخطأ سبب الضرر .
– أما إذا وقع خطأ في المدين ، و لحق ضرر بالدائن ، فدون أن ذلك الخطأ هو السبب في الضرر ـ فلا تقوم المسؤولية العقدية ـ
-فعلاقة السببية هي الركن الثالث في المسؤولية العقدية ( بل فالمسؤولية المدنية عموما عقدية أو تقصيرية.

1) إثبات العلاقة السببية :
– تقوم مسؤولية المدين متى ثبت عنصرا الخطأ و الضرر.
– و يجب عليه ، ليتخلص من هذه المسؤولية ، أن ينفي علاقة السببية بينهما ، بإقامة الدليل على أن الضرر الذي لحق الدائن لا يرجع لخطئه ، بل إلى سبب أجنبي عنه.
و يعبر الفقه عن ذلك بأن علاقة السببية مفروضة أو مفترضة فلا يكلف الدائن بإثباته.

2) نفي علاقة السببية :
لا يستطيع المدين أن ينفي علاقة السببية إلا بإثبات السبب الأجنبي : و يقصد به كل أمر غير منسوب إليه ( إلى المدين ) أدى إلى حدوث الضرر الذي لحق الدائن و يختلف من ثم عن انعدام الخطأ ) و أهم صورة هي القوة القاهرة أو الحادث الفجائي أو فعل الدائن ، أو فعل الغير يكفي لانعدام الخطأ ، أن يتفق سلوك المدين مع سلوك الرجل العادي .
– حين يجب لقيام السبب الأجنبي أن يستحيل على الرجل العادي أن يسلك سبيلا آخر ، غير الذي سلكه المدين ، ( يقصد بالسبب الأجنبي كل أمر غير منسوب إلى المدين أدى إلى حدوث الضرر الذي لحق الدائن ) .
– لكن لا يكفي للمدين ليتخلص من المسؤولية أن يثبت انعدام الخطأ في جانبه (أو من طرفه) ، لأن عدم تنفيذ الالتزام هو الخطأ ذاته.
– بعبارة أخرى ، القاعدة هي : أنه في حالة عدم تنفيذ قوة قاهرة ، أو حادث فجائيا ، أدى إلى استحالة تنفيذه.

الباب الثاني: الفسخ

الفسخ هو حق خاص لمتعاقد في العقد الملزم لجانبين فيحق لهم طلب حل الرابطة العقدية كي يتخلص هو بدوره من إلتزامه العقدي متى تخلف الطرف الآخر عن تنفيذ العقدي.
و يترتب على الفسخ زوال العقد بأثر رجعي فإذا امتنع المدين عن تنفيذ إلتزامه وكان ذلك ممكنا فإنه يكون لدائن الخيار بين طلب التنفيذ العيني وطلب فسخ العقد.أما إذا أصبح التنفيذ العيني مستحيلا و كانت هذه الاستحالة راجعة إلى خطأ المدين كان لدائن الخيار بين طلب التعويض على أساس مسؤولية عقدية أو طلب الفسخ.

التمييز ما بين الفسخ والانفساخ:

الفسخ هو حق خاص بالمتعاقد في العقد الملزم لجانبين فيحق لهم طلب حل الرابطة العقدية كي يتخلص هو بدوره من التزامه العقدي متى تخلف الطرف الآخر عن تنفيذ التزامه العقدي.
و يترتب على الفسخ زوال العقد بأثر رجعي فإذا امتنع المدين عن تنفيذ التزامه وكان ذلك ممكن فإنه يكون لدائن الخيار بين طلب التنفيذ العيني و طلب فسخ العقد أما إذا أصبح التنفيذ العيني مستحيلا و كانت هذه الاستحالة راجعة إلى خطأ المدين كان لدائن الخيار بين طلب التعويض على أساس المسؤولية العقدية أو طلب الفسخ على أساس المادة119من القانون المدني الجزائري.

شروط الفسخ:

يشترط لقيام الحق في طلب الفسخ وفقا لنص المادة 119 سالفة الذكر توافر ثلاث شروط:
1) أن يكون العقد ملزما لجانبين:حيث يوجد التزامات متقابلان فيقوم الفسخ على أساس فكرة الترابط بين الالتزامات المتقابلة.
2) أن يكون أحد المتعاقدين قد أخل بتنفيذ التزامه:أي لابد أن يكون هناك خطأ عقدي في جانب المدين لتحقيق جزاء الفسخ أما إذا كان عدم تنفيذ الإتزام راجع لسبب أجنبي لا يد له فيه فينفسخ العقد بقوة القانون.
3) أن لا يكون طلب الفسخ مقصورا في تنفيذ التزامه: أن يكون طالب الفسخ قد نفذ التزامه أو على الأقل يبدي استعداده لتنفيذه إذ ليس من العدل أن يخل طالب الفسخ بالتزامه و يطلب الفسخ لعدم قيام متعاقد الآخر بتنفيذ التزامه.

أنواع الفسخ:

1) الفسخ القضائي La résolution judiciaire
القاعدة العامة في الفسخ أن يكون قضائيا، أي يجب على الدائن بعد إعذار المدين أن يرفع دعوى الفسخ إلى القضاء، فالقاضي السلطة التقديرية في أن يحكم بالفسخ إذا كانت الظروف تبرره، أو يرفض الفسخ ويأمر بتنفيذ العقد إذا كان ما لم يوفي له المدين قليل الأهمية بالنظر إلى الالتزام في جملته.

2) الفسخ الإتفاقي La clause de résolution
يجوز للمتعاقدين الاتفاق على وقوع الفسخ إذا أخل أحد الطرفين بتنفيذ التزامه وهو ما نصت عليه المادة120من القانون المدني الجزائري و بناءا عليها يكون الفسخ الإتفاقي بأحد الصيغ التالية:
-أن يكون العقد مفسوخ بحكم القانون.
– أن يكون أن يكون العقد مفسوخا من تلقاء نفسه دون الحاجة إلى اللجوء للقضاء.
– أن يكون العقد مفسوخا من تلقاء نفسه دون الحاجة إلى حكم القاضي أو إعذار[2] أو أي إجراء آخر.

الفرق ما بين الفسخ والانفساخ:

الفسخ هو حل الرابطة العقدية بسبب إخلال أحد طرفي العقد بتنفيذ التزامه، أما الإنفساخ فهو فسخ العقد بقوة القانون بسبب استحالة تنفيذه بسبب أجنبي لا يد له فيه هذا ما نصت عليه المادة 121من القانون المدني الجزائري، فلا حديث عن مسؤولية عقدية أو الحكم بالتعويض لأن استحالة تنفيذ التزام العقدي خارج عن إرادة المدين ولكن لابد أن يتحمل أحد طرفي العقد الخسارة المترتبة عن استحالة تنفيذالالتزام العقد وعن انفساخه وهذا ما يسمى بتحمل تبعية الهلاك.
فمن يتجمل تبعية الهلاك؟
في عقد ملزم لجانبين فإن المدين هو الذي يتحمل تبعية الهلاك الشيء بسبب أجنبي إلا في حالة ما إذا أعذره طبا لنص المادة369من القانون المدني الجزائري.

حالات أخرى لزوال العقد:

قد تحل رابطة العقد بطرق أخرى كالانقضاء و الانحلال.
1) الانقضاء: ينقضي العقد الفوري بتنفيذ كل الالتزامات الناشئة عنه، مثل عن ذلك عقد البيع.
2) العقد الزمني: ينقضي بانقضاء المدة الزمنية المحددة في العق.
3) الانحلال : قد ينحل العقد قبل انقضاءه أو قبل البدء في تنفيذه ويكون الانحلال إما باتفاق الطرفين وهو ما يسمى بالتقايل أو بإرادة منفردة متى خول المشرع هذا الحق للأح طرفي العقد بنص قانوني.كما هو الحال في عقد الوكالة و عقد الوديعة وعقد المقاولة وعقد الشركة و عقد الإيجار غير محدد المدة.

الباب الثالث: التصرف بالإرادة المنفردة

كان المشرع الجزائري يأخذ بالإرادة المنفردة كمصدر استثنائي للالتزام إلا أنه قضى قانون 05-10المشار إليه سابقا المعدل والميمم للقانون المدني الجزائري إعتبر التصرف بالإرادة المنفردة مصدرا عاما لالتزام على غرار العقد و خصص له الفصل الثاني مكرر و ذلك في المادة 123 من القانون المدني الجزائري.
تعريف التصرف بالإرادة المنفردة: تلك الإرادة التي القدرة على إحداث آثاره القانونية متعددة تسري عليها أحكام العقد مثال عن ذلك:
– التصرف بالإرادة المنفردة التي تنشأ حقا عينيا الوصية(المادة184و ما يليها قانون الأسرة الجزائري).
– وقد يكون التصرف بالإرادة المنفردة سببا لانقضاء بعض الحقوق العينية كإنشاء حق الارتفاق أو حق الانتفاع.أو حق الرهن أو التخلي عن حق الملكية ليصبح الشيء مباحا.
– وقد يكون التصرف بالإرادة المنفردة سببا لانقضاء حق الشخصي كالابراء الذي يؤدي إلى انقضاء الدين المادة(305).
– وقد تكون وسيلة لإزالة عيب في العقد كما في الإجازة التي ترفع عن العقد القابل لإبطال ما يهدده و تجعله مستقرا(المادة 100و ما بعدها).
و الإقرار في التعهد عن الغير(144من القانون المدني الجزائري) و في بيع ملك الغير(398من نفس القانون).و إقرار الأصيل لتصرف الذي أبرمه النائب متجاوزا فيه حدود النيابته (المادة77من نفس القانون).
و الوعد بالجائزة الموجه إلى الجمهور و يعتبر أهم التزام بالإرادة المنفردة تعرض له المشرع الجزائري وذلك في القانون المدني الجزائري و نص على ذلك في المادة123مكرر1 المستحدثة بموجب قانون 05-01.
فطبقا لنص المادة السابقة في فقرتها الأولى “من وعد الجمهور بجائزة يعطيها مقابل عمل معين يلتزم بإعطائها لمن قام بالعمل”.
يتضح من نص هذه الفقرة أن شروط قيام الوعد بالجائزة هي كالآتي:
*أن توجد لدى الواعد إرادة جادة و نهائية إلى إنشاء التزام.
*أن يوجه الوعد إلى جمهور و ليس إلى أشخاص معينين.
*أن يوجه الإعلان إلى الجمهور بأي طريقة من طرق الإعلام كالصحف.
*أن يتضمن الوعد إعطاء جائزة مالية أو عينية أو أدبية.
* أن تكون هذه الجائزة عن قيام بعمل معين مقابل رد الشيء مثلا.

أحكام الوعد بالجائزة:

طبق لنص المادة132مكرر1 في فقرتها الثانية من القانون المدني الجزائري إذا لم يعين الواعد مدة لإتمام العمل جاز له الرجوع في وعده بإعلان الجمهور، على ألا يؤثر ذلك في حق من أتم العمل قبل الرجوع في الوعد.
و ينبغي أن يراعى أنه يمتنع رفع دعوى المطالبة بالجائزة بمضي ستة أشهر من تاريخ إعلان رجوع الواعد عن وعده، الفقرة الرابعة من الماة132مكرر1 سالفة الذكر.

[1] ) لقد ألغى المشرع الجزائري المادة 96و ذلك بموجب القانون رقم 05-10.

[2] ) فيما يخص عدم الإعذار تشترط المادة 120من القانون المدني الجزائري يجب أن يتفق عليه المتعاقدين وفي حالة عدم ادراج هذا الشرط فيطبق طبقا لقواعد العرف.
منقول