يقصد بالأعمال المختلطة، الأعمال التي تعتبر تجارية بالنسبة لأحد أطراف التعاقد ومدنية بالنسبة للطرف الآخر. ومثال ذلك قيام مزارع ببيع المحاصيل التي تنتجها أرضه إلى تاجر غلال بقصد إعادة بيعها، فالعمل يعد مدنياً بالنسبة للمزارع، وتجارياً بالنسبة للتاجر. والأعمال المختلطة ليست طائفة مستقلة من الأعمال التجارية يمكن أن تضاف إلى الأعمال المنفردة، والمقاولات التجارية، والأعمال التجارية بالتبعية، وإنما هي أحد الأعمال التي تندرج تحت أحد هذه الأنواع، فى الحالة التي يكون فيها العمل تجارياً بالنسبة لأحد الأطراف ومدنياً بالنسبة للطرف الآخر. وقد استقر الرأي فى الفقه والقضاء على إخضاع هذه الأعمال للقانونين التجاري والمدني، بحيث يطبق القانون التجاري على من يعتبر العمل تجارياً بالنسبة له ويطبق القانون المدنى على من يعتبر العمل مدنياً بالنسبة له وهو ما أكدته المادة ٣ من قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ والتى نصت على أنه (( إذا كان العقد تجارياً بالنسبة إلى أحد طرفيه، فلا » : تسرى أحكام القانون التجاري إلا على التزامات هذا الطرف وحده، وتسرى على التزامات الطرف الآخر أحكام القانون المدنى ما لم ينص القانون على غير ذلك )) وإن كان يبدو سهولة تطبيق الحل المنصوص عليه فى المادة ٣ السابق ذكرها بالنسبة لمشكلة الاختصاص القضائى والإثبات. فإن الأمر على خلاف ذلك بالنسبة لمشكلة الفائدة والتنفيذ على المال المرهون.

١ – الاختصاص القضائى :

تثور مشكلة الاختصاص القضائي في الدول التي تأخذ بنظام القضاء المزدوج. أى وجود قضاء مدنى وقضاء تجارى. أما بالنسبة للدول التي تأخذ بنظام القضاء الموحد فإن المشكلة تخف حدتها إلى مدى بعيد(1) وقد أخذ المشرع المصري بنظام القضاء الموحد، فالقضاء المدنى هو صاحب الولاية العامة حيث يختص بنظر المنازعات المدنية والتجارية على حد سواء. وذلك باستثناء اختصاص المحكمتين الجزئيتين اللتين تم إنشائهما منذ ١٩٤٠ بالقاهرة والإسكندرية. فاختصاصهما بنظر المنازعات التجارية يتعلق بالنظام العام، بحيث يمكن الدفع أمامها في حالة ما إذا كان النزاع مدنيا بعدم الاختصاص. والقاعدة العامة في الاختصاص هي اللجوء إلى محكمة المدعى عليه. وعلى ذلك فإن المحكمة المختصة بنظر النزاع الناشئ عن العمل المختلط تتحدد بحسب طبيعة العمل بالنسبة للمدعى عليه. فإذا كان العمل بالنسبة للمدعى عليه مدنياً فإنه يجب على المدعى رفع الدعوى أمام المحكمة المدنية، أما إذا كان العمل بالنسبة للمدعى عليه تجارياً جاز للمدعى رفع الدعوى أمام المحكمة التجارية أو المدنية. ويرى البعض(2) أن الحكمة من الخروج على القاعدة العامة في تحديد الاختصاص تبعاً لصفة المدعى عليه والتي بمقتضاها يجب على المدعى المدنى رفع دعواه ضد التاجر أمام المحكمة التجارية هي عدم إجبار غير التاجر على عرض نزاعه على محكمة تجارية لم يعتاد المثول أمامها.

٢ – قواعد الإثبات:

تتحدد قواعد الإثبات التي يجب الاحتكام إليها بالنظر إلى طبيعة العمل بالنسبة للمدعى عليه. فإذا كان تاجراً أو كان العمل بالنسبة له تجارياً فيجوز للمدعى أن يثبت المنازعة بكافة طرق الإثبات وذلك إعمالاً لمبدأ حرية الإثبات فى المنازعات التجارية. أما إذا كان المدعى عليه غير تاجر أو كان العمل بالنسبة له مدنياً فيجب على المدعى أن يثبت المنازعة طبقاً لقواعد الإثبات المدنية. أى يجب الإثبات بالكتابة إذا جاوزت قيمة النزاع خمسمائة جنيه. وتحديد قواعد الإثبات الواجبة التطبيق على النزاع لا تتوقف على طبيعة المحكمة المختصة فمن الجائز رفع الدعوى أمام المحاكم المدنية وإعمال قواعد الإثبات التجارية إذا كان المدعى عليه تاجر، حيث يستطيع المدعى إثبات النزاع بشهادة الشهود والقرائن وكافة طرق الإثبات الأخرى أياً كانت قيمة النزاع حتى ولو جاوزت قيمته خمسمائة جنيه. أما المدعى عليه وهو التاجر فيتعين عليه الالتزام بقواعد الإثبات المدنية بحيث يلزم الإثبات بالكتابة إذا جاوزت قيمة النزاع خمسمائة جنيه.

٣ – سعر الفائدة :

طبقاً لنص المادة ٢٢٦ من القانون المدنى فإن سعر الفائدة القانونية فى المسائل التجارية هو ٥٪ وفى المسائل المدنية ٤٪ وبالنسبة للأعمال المختلطة فقد ثار خلاف بين الفقه والقضاء حول سعر الفائدة الواجب التطبيق. هل هو سعرا لفائدة التجاري أم سعر الفائدة المدني. ذهبت أحكام القضاء إلى تطبيق سعر الفائدة التجارية(3)، بينما يذهب الفقه( 4) إلى ضرورة النظر إلى طبيعة الدين بالنسبة للمدين. فإذا كان الدين مدنياً بالنسبة للمدين تعين تطبيق السعر المدني للفائدة، وإذا كان الدين تجارياً بالنسبة للمدين تعين تطبيق السعر التجاري للفائدة.

٤ – التنفيذ على المال المرهون:

تخضع إجراءات التنفيذ على المال المرهون للقواعد العامة الواردة بقانون المرافعات. أما إذا كان الرهن تجارياً فإنه يخضع للأحكام الواردة فى الفصل الثالث من الباب الثاني من قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ . ويكون الرهن تجارياً إذا تقرر على منقول ضماناً لدين يعتبر تجارياً بالنسبة للمدين (م/ ١١٩ من القانون المذكور). ولما كانت إجراءات التنفيذ على المال المرهون تختلف بحسب ما إذا كان الرهن تجارياً أو مدنياً. فإن التساؤل الذى يثور أيهما يتعين تطبيقه فى حالة الأعمال المختلطة؟ هل يجب تطبيق إجراءات تنفيذ الرهن التجاري بالنسبة للطرف الذى يعد الرهن بالنسبة إليه تجارياً، وتطبيق إجراءات تنفيذ الرهن المدنى بالنسبة للطرف الذى يعد الرهن بالنسبة إليه مدنياً؟ تبنى المشرع فى المادة ١١٩ من قانون التجارة معياراً مؤداه ضرورة النظر إلى صفة الدين المضمون بالرهن بالنسبة للمدين. فإذا كان الدين المضمون بالرهن مدنياً بالنسبة للمدين تعين تطبيق إجراءات تنفيذ الرهن المدني، أما إذا كان الدين المضمون بالرهن تجارياً بالنسبة للمدين تعين تطبيق إجراءات تنفيذ الرهن التجاري.

_____________

1- د. محمود مختار بريرى: قانون المعاملات التجارية ،الجزء الأول ، دار النهضة العربية 2000، ص ١٠١

2- د. سميحة القليوبى: الشركات التجارية، دار النهضة العربية، الطبعة الثانية،1989 ، ص ١٧٠ . د. محمد فريد العرينى، د. هانى دويدار: مبادئ القانون التجاري و البحري ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، 2003، ص ٦٨

3- نقض مدنى ٥ مارس ١٩٦٨ ، مجموعة أحكام محكمة النقض، ص ٤٩١ .

4- د. محمود مختار بريري: المرجع السابق، ص ١٠٣ . د. محمد فريد العرينى، د. هانى دويدار: المرجع السابق، ص95

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .