البيوع الموصوفة

مقدمةحث حول أنواع البيوع الموصوفة
إن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه لا يستطيع تلبية حاجياته ومصالحه بمفرده ولهذا لابد من التعايش ضمن الجماعة وذلك لتبادل المصالح بينه وبين الأفراد وعُرف هذا التبادل منذ العصور الغابرة من التاريخ بدأً بالمقايضة كوسيلة لتبادل السلع ولكن مع تطور الإنسان وتطور حاجياته أدى إلى ظهور البيع كبديل للمقايضة لنفس الغرض الذي سبق ذكره .

فالبيع هو عقد يلتزم بمقتضاه شخص يسمى البائع بنقل ملكية شيء معين أو حق مالي لشخص أخر يسمى المشتري مقابل ثمن نقدي، و يعتبر هذا الأخير جوهر الاختلاف بينه وبين عقد المقايضة ولقد اختلفت التشريعات في تعريفه لكن الشيء الذي جمع هذه التعاريف هو وحدة أركانه الجوهرية “التراضي ،المحل،السبب”فهو عقد ككل العقود يتم إذا بتطابق وتوافق إرادتي المتعاقدين.

وقد يحدث في الحياة العملية أن يتخذ التراضي في عقد البيع صورا تختلف عن التراضي في صورته العامة فقد يكون التراضي في البيع مجرد وعد بإتمام البيع في المستقبل فيسمى هنا وعدا بالبيع، كما يمكن أن يكون التراضي مقرونا بشرط من الشروط يجعله يقع على صورة خاصة فيعتبر هنا تراضيا موصوفا وهذا الأخير هو محور دراسة بحثنا حيث يطرح الإشكال حول ما هي صورة البيع التي يكون فيها موصوفا لاقترانه بشرط من الشروط ؟ وما هو التكييف القانوني في كل صورة؟
ولإزالة الغموض حول هذا الموضوع اتبعنا الخطة التالية:

المـــــــــبحث الأول : أنواع البيوع الموصوفة

المطلب الأول :البيع بشرط التجربة

المطلب الثاني :البيع بشرط المذاق

المطلب الثالث:البيع بالعينة

المطلب الرابع : البيع بالعربون

المــــــــبحث الثــاني : التكييف القانوني للبيوع الموصوفة

المطلب الأول: التكييف القانوني للبيع بشرط التجربة

المطلب الثاني: التكييف القانوني للبيع بشرط المذاق

المطلب الثالث: التكييف القانوني للبيع بالعينة

المطلب الرابع : التكييف القانوني للبيع بالعربون

الخــاتمة

المبحث الأول: أنواع البيوع الموصوفة
يعنينا بوجه خاص من البيوع الموصوفة البيع بشرط التجربة، البيع بشرط المذاق ، البيع بالعينة والبيع بالعربون .
المطلب الأول :البيع بشرط التجربة
تنص المادة 355 من ق م ج على ما يلي:”في البيع على شرط التجربة يجوز للمشتري أن يقبل المبيع أو يرفضه و على البائع أن يمكنه من التجربة فإذا رفض المشتري المبيع يجب عليه أن يعلن الرفض في المدة المتفق عليها فإذا لم يكن هناك اتفاق على المدة ففي مدة معقولة يعينها البائع.فإذا انقضت هذه المدة و سكت المشتري مع تمكنه من تجربة المبيع اعتبر سكوته قبولا.”
فالبيع بشرط التجربة يقصد منه إعطاء المشتري إمكانية تجربة المبيع قبل شراءه،فإذا قام المشتري بتجربة المبيع و ارتضى النتيجة، يبرم العقد ، أما إذا لم يرتض النتيجة التجربة لم ينعقد العقد.
و يلجأ المشتري أحيانا إلى تجربة المبيع إذا ما كان المبيع يناسبه شخصيا و أحيانا أخرى يتأكد ما إذا كان المبيع يحتوي على خصائص معينة يقصد المشتري توافرها في ذلك المبيع، كما يلجأ إلى التجربة للتأكد من أن المبيع صالحا لأداء الفرض الذي أعد من أجله.
و الاتفاق على التجربة يكون صريحا كما يمكن أن يكون ضمنيا و من قبيل ذلك شراء الملابس للاستعمال الشخصي و كذلك السيارات المستعملة…(1).

*(1) محمدي سليمان-محاضرات في عقد البيع-السنة الدراسية1999-2000-ص14
المطلب الثاني: البيع بشرط المذاق
من المبيعات ما تختلف فيه الأذواق الناس كالمأكولات و المشروبات و لذلك يشترط فيها المشتري أن يتذوق المبيع قبل إبرام البيع و قد تناولت المادة 354 من ق م ج
هذا الشرط: “يتعين على المشتري في البيع بشرط المذاق أن يقبل المبيع كيفما شاء غير أنه يجب عليه أن يعلن بقبوله في الأجل المحدد بعقد الاتفاق أو العرف و لا ينعقد البيع إلا من يوم هذا الإعلان”.

المطلب الثالث: البيع بالعينة
نصت المادة353 من ق م ج على أنه:” إذا انعقد البيع بالعينة يجب أن يكون البيع مطابقا لها و إذا تلفت العينة أو هلكت في يد أحد المتعاقدين و لو دون خطأ كان على المتعاقد بائعا أو مشتريا أن يثبت أن الشيء مطابق أو غير مطابق للعينة.”
وفي المبيع بالعينة يقوم البائع بتقديم عينة للمشتري و يتفق معه على أن يقدم له بضاعة مطابقة لهذه العينة، مثال ذلك أن يقدم له قطعة من القماش أو حفنة من القمح ويجب أن يكون المبيع مطابقا لهذه العينة ،فإذا سلم البائع البضاعة من نفس العينة التي حازت رضا المشتري تم البيع و يعتبر تعيين العينة تعيينا للشيء المبيع حيث جنسه و نوعه و درجة جودته(1)،فإذا كان المبيع مطابقا للعينة فلا يجوز للمشتري أن يرفضه بدعوى أنه غير ملائم لحاجته أو أقل جودة،أما إذا ادعى المشتري أن المبيع غير مطابق للعينة و كانت العينة موجودة لديه أو لدى البائع فعبء الإثبات يقع على عاتق البائع و يجوز له الالتجاء إلى خبير(2).

*(1) محمد حسنين-عقد البيع في القانون المدني الجزائري-ديوان المطبوعات الجامعية-طبعة2000-ص41-42
*(2) زاهية سي يوسف-عقد البيع-دار الأمل-ص46.

المطلب الرابع: البيع بالعربون
لقد نظم المشرع الجزائري مسألة العربون في المادة 72 مكرر هذا النوع من البيع، ويقصد بالعربون مبلغ من النقود يدفعه المشتري للبائع عند إبرام العقد، و الغرض من دفع هذا المبلغ إما الشروع في تنفيذ العقد بمعنى أن هذا المبلغ هو جزء من الثمن أو المقصود منه الاحتفاظ بحق العدول على التعاقد(1).

*(1)محمدي -(مرجع سابق الذكر)-ص18.
المبحث الثاني : التكيف القانوني للبيوع الموصوفة
المطلب الأول:التكييف القانوني للبيع بالشرط التجربة:
أصل البيع بشرط التجربة أن يكون معلق على شرط واقف أي هو بيع معلق على قبول المشتري بعد إجراء التجربة فإذا تحقق الشرط اعتبر الشيء المبيع ملكا للمشتري لا من وقت إبداء القبول و إنما من وقت إبرام العقد و ذلك عملا بالأثر الرجعي للشرط الواقف ،و إذا هلك المبيع محل التجربة بقوة قاهرة كان هلاكه على البائع لأنه صاحب الشيء على أساس (الغرم بالغرم).
كما أن المشرع ربط الهلاك بالتسليم وليس بنقل الملكية (على أساس أن التسليم لاحق لنقل الملكية) ، لذا تصرف المشتري في الشيء قبل نهاية مدة التجربة يعد قبولا للمبيع ، لان القبول هو تعبير عن الإرادة وبالتالي هو تصرف للمالك ويرتب أثاره (دفع الثمن).

كما نصت الفقرة 2 من المادة 355 من ق م ج على جواز الاتفاق على تكييف العقد على انه معلق على شرط فاسخ حيث هذا الأخير هو عبارة عن حدث مستقبلي يضع حدا للعقد بأثر رجعي ، وتبعة الهلاك يتحملها المشتري لذا من مصلحة البائع أن يكون العقد مكيفا على انه معلق على شرط فاسخ حتى لا يتحمل هو تبعة الهلاك .

المطلب الثاني:التكييف القانوني للبيع بشرط المذاق.
اعتبر الوعد بالشرط المذاق وعدا للبيع الملزم لجانب واحد و هو في هذه الحالة البائع حيث يرتب البيع بالمذاق التزاما في جانب البائع بالبقاء على وعده بعد تمكين المشتري من التذوق جزء من المبيع أما المشتري فيكون له مطلق الحرية في قبول المبيع أو رفضه بحسب النتيجة التي تنتهي إليها عملية التذوق ، فإذا لائم المبيع ذوق المشتري وأبدى رغبته ، انعقد البيع و صار باتا و إذا لم يلائم المبيع ذوق المشتري فلا ينعقد العقد.

و تجدر الإشارة إلى أن يجب أن يبدي المشتري رغبته في المدة المحددة للتذوق، أما إذا لم تكن المدة محددة فيجب أن يبدي رغبته و قبوله في أجل أو بحسب ما يقضي له العرف.
وفي هذا النوع لا ينعقد العقد إلا بعد الإعلان عن قبول الشيء يعني لا يكون بأثر رجعي.
المطلب الرابع:التكييف القانوني للبيع بالعينة
يمكن القول بأنه عقد بيع بات من وقت الاتفاق على العينة ، و يلتزم بموجبه البائع بتقديم بضاعة مطابقة لهذه العينة تماما(1)، فإذا هو قام بذلك يكون قد نفد التزام رتبه عليه عقد البيع، فإذا لم يقم البائع بهذا الالتزام كان للمشتري الخيار بين ثلاثة3 أمور:
*فيكون له أن يطلب التنفيذ العيني عن طريق استصدار حكم بإجبار المدين(البائع) بتنفيذ الالتزام تنفيذا عينيا كما يكون له الحق في نفس الوقت بالمطالبة بالتعويض عما يكون قد لحقه من ضرر وفقا للأحكام المادة 119ق م ج .

*و يكون للمشتري الحق بعد استئذان القاضي أو بدونه في حالة الاستعجال أن يحصل على المبيع مطابق على نفقة البائع .
*إذا كان التنفيذ العيني غير ممكن جاز للدائن(المشتري) بعد اعذرا المدين أن يلجا إلى القضاء يطلب فسخ البيع فإذا حكم له بذلك استرد الثمن الذي كان قد دفعه.
المطلب الرابع: التكييف القانوني للبيع بالعربون
وقد اختلف الفقه في طبيعة البيع بالعربون، فيذهب أغلبهم إلى تكييف التعاقد إلى إمكان اعتباره عقدا معلقا على شرط واقف.
* فهو معلق على شرط واقف(أن لا يعدل أحد المتعاقدين على البيع) فإذا انقضت المدة المعينة دون العدول من احد الطرفين تحقق الشرط و أنتج أثره من وقت البيع

*(1) محمد حسنين-(مرجع سابق الذكر)-ص42
* وإذا حدث العدول تخلف الشرط وامتنع العقد أن ينتج أي أثر رجعي، و هذا لإلزام الطرف الذي عدل بالتحمل الخسارة تعادل العربون.
ومن جهة اخرى هو معلق على شرط فاسخ(و هو العدول أحد المتعاقدين)فإذا تخلف الشرط الفاسخ أعتبر البيع قائما و منتجا لأثر رجعي و وجب على من عدل أن يترك العربون إذا كان هو الذي دفعه و ضعفه إذا كان هو الذي قبضه.
(1)

*(1) زاهية سي يوسف-(مرجع سابق الذكر)-ص46

الخاتمة
من خلال ما تم التطرق له يمكن القول ان التراضي في البيع قد يكون مقترنا بشروط في مصلحة المشتري فيجعل التزامه النهائي معلقا على واقعة يتأكد بها من أن المبيع يحقق الغاية التي قصدها منه، فيشترط على البائع بان يقوم بتجربة المبيع أو تذوقه.
وقد يكون التراضي مؤسسا على رؤية “عينة” للمبيع،كما وقد يكون الحق في العدول ناشئا عن دفع عربون فيعتبر العربون ثمنا لهذا العدول.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت