لا يتضمن قانون التجارة رقم 30 لسنة 1984 قواعد تنظيم الوكالة بالعمولة رغم أنه – القانون – أورد الوكالة المذكورة ضمن الأعمال التجارية التي حددتها المادة الخامسة منه ومن الضروري ان يتلافى المشرع هذا النقص لما للوكالة بالعمولة من أهمية في النشاط التجاري والاقتصادي وانها اثارت ولا تزال العديد من التساؤلات على صعيد التطبيق العملي . ومن هذا المنطلق عالج قانون التجارة الملغي رقم 149 لسنة 1970 هذا النوع من الوكالة التجارية بفرع خاص من المادة 211 لغاية 221 منه . وبناء على ما تقدم فإن التعرض للوكالة بالعمولة يستوجب الرجوع الى القواعد العامة المقررة للوكالة في القانون المدني والى احكام قانون تنظيم الوكالة والوساطة التجارية رقم 11 لسنة 1983 وفي ضوء هذه الاحكام نوضح ابتداء مفهوم الوكالة بالعمولة وشروط انعقادها .

الوكالة بالعمولة عقد يتعهد بمقتضاه الوكيل بان يجري باسمه تصرفاً قانونياً لحساب الموكل وواضح من هذا التعريف ان الوكيل يرتبط بعقدين؛ الاول هو عقد الوكالة بالعمولة الذي يتم ابرامه بين الوكيل والاصيل. الثاني هو العقد الذي يبرم بين الوكيل والغير حيث يقوم الاول بالعمل باسم نفسه لحساب موكله ولا يظهر فيه اسم هذا الاخير. وتبعاً لذلك لا تقتصر آثار الوكالة على الوكيل بل إنها ترتب آثاراً بالنسبة للغير كذلك . والوكالة بالعمولة عمل تجاري محترف بحكم القانون ف 160 من المادة الخامسة من قانون التجارة ، ويذهب البعض الى ان الوكالة بالعمولة لا يمكن اعتبارها تجارية الا اذا كان موضوعها تجارياً. بيد ان هذا الرأي محل نظر .

والراجح ان تجارية الوكالة لا يرتبط بموضوعها فسواء كان ذلك الموضوع مدنياً ام تجارياً فانها تعد تجارية ويكفي لتجاريتها ان تكون ممارسة بصيغة الاحتراف فقط. وتنعقد الوكالة بالعمولة بتوافر الشروط العامة اللازمة لإبرام العقود من رضاً ومحل وسبب فهي عقد رضائي لا يخضع لأي إجراء شكلي بل انها قد تنعقد ضمناً وذلك طبقاً للقواعد العامة المقررة في القانون المدني(1). فمجرد الاذن والامر يعتبران توكيلا اذا دلت القرينة على ذلك اما الاهلية اللازمة فانه يشترط بالنسبة للموكل الاهلية المقررة في القانون المدني. اي ان يكون قد اتم الثامنة عشرة سنة، او ان يكون مأذوناً له بالإتجار اذا كان مميزاً وبلغ الخامسة عشرة من العمر.

ويعتبر الشخص المعنوي أهلاً للتعاقد بمجرد اكتسابه الشخصية القانونية، كالشركات والمنشآت وغيرها. اما بالنسبة للوكيل فيجب ان تراعى احكام قانون الوكالة والوساطة التجارية رقم 11 لسنة 1983. ولابد من التوقف قليلاً عند هذا القانون لبيان اهم الاحكام التي تتعلق بالوكالة. الغى هذا القانون . قانون تنظيم الوكالات التجارية رقم 208 لسنة 1969 وتعديلاته، وقانون معاقبة الوساطة غير المشروعة رقم 8 لسنة 1976 ووحد احكامها تحت تسمية جديدة تحمل المعنيين هي : قانون الوكالة والوساطة التجارية. ويتألف هذا القانون من ثلاث وعشرين مادة مقسمة على اربعة فصول كما يلي:

الفصل الاول : في اهداف القانون ووسائل تحقيقها.

الفصل الثاني : في تنظيم مهنة الوكالة.

الفصل الثالث : في العقوبات.

الفصل الرابع : في الاحكام الختامية.

وقد حصر القانون ممارسة مهنة الوكالة والوساطة بالعراقيين فقط . واذا كان الوكيل شركة فيشترط ان تكون ” اسهمها او حصصها كافة مملوكة للعراقيين وان تكون مسجلة في العراق” (2). وتشترط الفقرة (ب) من المادة الرابعة من القانون ان يكون الوكيل او الوسيط متمتعاً بالأهلية القانونية واكمل الخامسة والعشرين سنة. ومع ذلك فانه يجوز للوزير المختص ان يستثنى من الاحكام السابقة ببيان ينشر في نشرة السجل التجاري، دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي (3). ويعد هذا الاستثناء أمراً لازماً لكي يقوم هذا القطاع بدوره الرائد على الوجه المطلوب تخضع ممارسة الوكالة التجارية الى نظام الاجازة فيجب على الشخص الذي تتوافر فيه الشروط القانونية السابقة التقدم بطلب الى مسجل الوكالات والوساطات للحصول على اجازة ممارسة اعمال الوكالة (4). وعلى المسجل أن يبت بالطلب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه ولمقدم الطلب لاعتراض لدى وزير التجارة خلال خمسة عشر يوماً، ويكون قرار الوزير قطعياً بهذا الشأن (5). ولا بد من التنويه على ان موافقة مسجل الوكالات التجارية على طلب الإجازة لا تمنح صاحبها حقاً مكتسباً فللمسجل شطب او رفض تسجيل الوكالة والغائها وفي اي وقت ، عند انتفاء شرط من الشروط اللازمة لمنحها او اذا تعارضت مع المصلحة العامة. الا أن لذوي الحق الاعتراض خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ التبليغ بالقرار لدى وزير التجارة ويكون القرار بهذا الشأن قطعياً (6). هذا ويصنف الوكلاء والوسطاء حسب التخصص السلعي للمواد التي يتعاملن بها ، وعلى هذا الاساس تمنح الاجازة (7).

ويرتب القانون جملة من الواجبات التي يلزم الوكيل بالقيام بها وهي (7) :

1. أن يجدد الإجازة في نهاية كل سنة ابتداء من تاريخ منحها.

2. على الوكيل او الوسيط ان يمسك دفتراً خاصاً خالياً من كل شطب او حكٍ او تحشية أو فراغ، يدون فيه مقدار العمولة المتحققة له داخل العراق وخارجه وان يبين مقدار ما حول منها. الى العراق بتوسط المصارف المجازة ونسبتها الى مبالغ الصفقات المعقودة ، وما تم من عمليات الاستيراد والتصدير لحساب موكليه أو موسطيه مع ذكر اسماء جميع ذوي العلاقة وعناوينهم كاملة. ويعرض هذا الدفتر على الكاتب العدل طبقاً للقواعد المقررة بصدد مسك الدفاتر التجارية .

3. على الوكيل تقديم كشف بأعماله خلال كل سنه مالية. وإذا خالف الوكيل هذه الأحكام فإنه يتعرض لعقوبات شديدة (8). فلا يجوز مثلاً القيام بعمل من اعمال الوكالة والوساطة التجارية قبل الحصول على الإجازة ولا يجوز للوكيل أيضاً عدم تسجيل جميع وكالاته عن الشركات والمؤسسات الاجنبية وفي حالة مون المخالف شخصاً معنوياً فيعاقب المسؤولون عن إدارته بعقوبة السجن المؤبد أو المؤقت مع الحكم بحله وتصفيته ومصادرة عمولاته (9). ولا ريب في أن هذه القواعد تحقق من جانب استبعاد جميع العناصر التي لا تدين بالولاء للقطر أو التي تعمل دون مراعاة لمصلحة الاقتصاد القومي وتستهدف من جانب آخر ” منع التوسط غير المشروع وتحد من ظواهر الاستغلال ويسد الثغرات التشريعية التي قد تؤدي الى إلحاق ضرر بالمصلحة الوطنية” (10).

4- يجب ألا يخلط بين الوكالة بالعمولة وبين التمثيل التجاري. إذ أن التمثيل التجاري لا يخرج عن كونه اتفاق يتم بين شخصين يتعهد بمقتضاه أحدهما يسمى بالممثل التجاري بإبرام الصفقات باسم ولحساب الطرف الآخر وهو الموكل بصورة مستديمة في منطقة جغرافية معينة. والتمثيل التجاري نوع من الوكالة التجارية بيد انه يختلف عن الوكالة التجارية تماماً . فبينما يخضع الوكيل بالعمولة لتوجيه وتعليمات الاصيل الموكل بحيث لا يجوز له مخالفتها فإن الممثل التجاري يعتبر مستقلاً عن الموكل من حيث اجراء التصرف . بعبارة أخرى أن الوكيل بالعمولة يرتبط بعلاقة تبعية مع الموكل الاصيل ، بينما لا توجد مثل هذه العلاقة في التمثيل التجاري (11) .

 القواعد التي تحكم الوكالة بالعمولة :

ترتب الوكالة بالعمولة آثاراً قانونية مختلفة بالنسبة لأطرافها ، الوكيل والموكل ، وتمتد الآثار لعقد الوكالة للغير اذ أن الوكيل العمول يرتبط بعقدين ؛ الاول عقد وكالة بالعمولة والثاني عقد مع الغير لحساب الأصيل ويكون الوكيل مسؤولاً عنه شخصياً .

_____________________

1. انظر المواد 928 و 929 من القانون المدني.

2.انظر نص الفقرة الاولى من المادة الرابعة من القانون المذكورة اعلاه.

3. انظر نص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون الوكالة والوساطة التجارية.

4. انظر نص الفقرة الاولى من المادة الخامسة من قانون الوكالة والوساطة التجارية.

5. انظر نص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من نفس القانون.

6. المادة الثامنة وكالات.

7. انظر الفقرة الخامسة من المادة الخامسة من قانون الوكالة والوساطة التجارية.

8.المادة 12 من نفس القانون.

9.تصل العقوبة في بعض الحالات للسجن المؤبد : انظر المادة 15 من نفس القانون .

10. انظر المواد 15 و 16 و 17 و 18 وكالة ووساطة تجارية.

11. المادة الاولى من قانون الوكالة والوساطة التجارية في أهداف القانون.

12 . يراجع ما سبق بيانه آنفاً الفقرة 71 من هذا المؤلف .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .