إفتتاح الخصومة الإدارية في القانون الجزائري

بقلم الباحث:طيبي عبدالمالك

ماستر الإدارة المحلية معهد الحقوق

والعلوم السياسية المركزالجامعي النعامة الجزائر

الكفاءة المهنية للمحاماة كلية الحقوق جامعة جيلالي اليابس سيدي بلعباس الجزائر

 

مقدمة

تبدأ الخصومة بأول عمل فيها، وهو العمل الإفتتاحي لها الذي يتمثل في المطالبة القضائية، وتسير بعد ذلك نحو غايتها حتى تنتهي إما بحكم في موضوعها، ويعتبر هو العمل الختامي فيها، وإما قبل ذلك بقوة القانون أو بقرارقضائي أو بإتفاق أطرافها، إذا ماتحقق سبب من الأسباب التي تؤدي إلى إنقضائها قبل الفصل في موضوعها([1])،وهذه الأخيرة تقوم على مجموعة من الإجراءات تتجسد في أشكال محددة ينبغي احترامها قانونا من طرف القاضي الذي هو ملزم بالإشراف عليها إلى غاية آخر مرحلة فيها وكذلك الخصوم الذين هم ملزمون باحترام مبدأ المواجهة بينهم ولذلك فإن القاعدة العامة المتعارف عليها هو أن تتابع إجراءات الدعوى إلى حين انقضاءها بصدور حكم منهي لها من قبل القاضي وهو الطريق المألوف لإنهاء جميع الخصومات ككل ومنها الخصومة الإدارية،وعليه سنحاول من خلال بحثنا هذا تسليط الضوء على إفتتاح الخصومة الإدارية والإجراءات المتبعة في ذلك ومن هنا تتضح معالم الإشكالية المطروحة بهذا الصدد وهي كيف يتم إفتتاح الخصومة الإدارية وماهي الإجراءات المتبعة في ذلك ؟

وللبحث في هذا الموضوع والوصول إلى الحلول المناسبة لهذه التساؤلات المطروحة فإننا إعتمدنا على المنهج التحليلي وذلك بعرض المادة القانونية في المراجع المتاحة والنصوص التشريعية، كما إعتمدنا على المنهج الوصفي وذلك بوصف إلإجراءات القضائية الإدارية بوصف خاص وفق القواعد القانونية المختصة.

ومن أجل معالجة هذا الموضوع وتماشيا مع المنهج المتبع ولعرض المعلومات بطريقة بسيطة وواضحة، قمنا بتقسيم هذا البحث وفقا للخطة التالية:

المبحث الأول:شروط قبول الدعوى الإدارية

المطلب الأول:شرط الصفة

الفرع الأول:الصفة لدى المدعي

الفرع الثاني:الصفة لدى المدعى عليه

المطلب الثاني: شرط المصلحة

الفرع الأول:المصلحة الشخصية المباشرة والمصلحة الجماعية

الفرع الثاني:المصلحةالقائمة والمصلحة المحتملة

المطلب الثالث: شرط الأهلية )حالةعدم وجودالأهلية موجبة لبطلان الإجراءات(

الفرع الأول: أهلية الشخص الطبيعي

الفرع الثاني: أهلية الشخص المعنوي

المبحث الثاني : إجراءات إفتتاح الخصومة الإدارية

المطلب الأول: العريضة الإفتتاحية

الفرع الأول:شروط قبول العريضة الإفتتاحية

الفرع الثاني: قيد العريضة الإفتتاحية

المطلب الثاني: التكليف بالحضور

الفرع الأول:محضر التكليف بالحضور

الفرع الثاني: محضر تسليم التكليف بالحضور

الخاتمة

المبحث الأول:شروط قبول الدعوى الإدارية

نصت المادة13من قانون الإجراءات المدنية والإدارية وجاءت بعنوان الأحكام المشتركة لجميع الجهات القضائية»لايجوزلأي شخص التقاضي ما لم تكن له صفة وله مصلحة قائمة أو محتملة يقرها القانون.

يثير القاضي تلقائيا إنعدام الصفة في المدعي أو المدعى عليه، كما يثير تلقائيا إنعدام الإذن إذا ما إشترطه القانون«

غير أنه بالرجوع للمادة64من قانون الإجراءات المدنية والإدارية وقد ورد فيها ذكر حالات بطلان الإجراءات،أشير فيها بوضوح لحالة إنعدام أهلية الخصوم وإنعدام التفويض بالنسبة لممثل الشخص الطبيعي أو المعنوي([2]).

ويبدو بالربط بين مضمون المادة13أعلاه والمادة459من قانون الإجراءات المدنية لسنة1966،أن المشرع إستبعد في صياغة المادة13 شرط الأهلية،ولقد ذهب الأستاذ عبدالله مسعودي منتقدا المادة13 مع ربطها بالمادة459 وإنتهى إلى نتيجة أن النص القديم أكثر توفيقا من النص الجديد إلا فيما يخص الأهلية([3]).

ولقد كتب الدكتور غوثي بن ملحة بخصوص المادة459من قانون الإجراءات المدنية الملغى في الموضوع مايلي:»…إن القانون الجزائري قد زاد شرطا لقبول الدعوى…«

وهو ما يفهم منه أنه مع الإتجاه الذي يقصر شروط قبول الدعوى على الصفة والمصلحة([4]).

إكتفى القانون الجديد بعنصري الصفة والمصلحة لقبول الدعوى وأحال عنصر الإذن إلى تدخل القاضي فيما لوإشترطهالقانون،بينماإعتبر الأهلية مسألة موضوعية أدرجها ضمن الدفع بالبطلان([5]).

المطلب الأول:شرط الصفة

لم يعرف المشرع في قانون الإجراءات المدنية والإدارية الصفة،وعلى مستوى الفقه حدث خلاف كبير فيما يخص إستقلال هذا الشرط عن شرط المصلحة أو إعتبار الصفة وجه أووصف من أوصاف المصلحة.

ويقصد بالصفة في التقاضي أن يكون المدعي في وضعية ملائمة لمباشرة الدعوى أي أن يكون في مركز قانوني سليم يخول له التوجه للقضاء،وأن يكون هومن يباشر الحق في الدعوى،ولقد عرفها البعض بأنهاهي الوضعية التي يحتج بها المدعي للقيام بدعواه والتي تأثرت سلبا بالقرار المطعون فيه أمام قاضي الإلغاء وعرفها الدكتورعياض بن عاشور:»الوضعية التي يحتج بها المدعي للقيام بدعواه والتي تأثرت سلبا بالقرار المنتقد لدى قاضي الإلغاء فقد يقوم المدعي بطعنه بصفته ناخبا أوتاجرا،أو مستعملا للمرفق العام…«([6]).

والمقصود بالصفة هي تلك العلاقة المباشرة التي تربط أطراف الدعوى)مدعيا كان أو مدعى عليه(بموضوع النزاع([7]).

فيجب أن ترفع الدعوى من صاحب الحق في مواجهة المعتدي على الحق أي أن ترفع الدعوى من ذي صفة على ذي صفة،أي أن تنسب الدعوى إيجابا لصاحب الحق في الدعوى وسلبا لمن يوجد الحق في الدعوى في مواجهته فالصفة هي تمييز للجانب الشخصي للحق في الدعوى([8]).

بغض النظرعن الخلاف الفقهي حول علاقة شرط الصفة بشرط المصلحة،إلا أن الإتجاه السائد فقها وقضاءا يذهب إلى إندماج مدلول الصفة في شرط المصلحة في نطاق الدعوى بحيث تتوافرالصفة كلما وجدت مصلحة شخصية مباشرة لرفع الدعوى([9]).

ويرى بعض الفقه أن الصفة ليست هي المصلحة الشخصية المباشرة للخصم بل هي شرط مستقل تعني السلطة التي بمقتضاها يمارس الشخص الدعوى أمام القضاء،ويظهر التمييز بوضوح بين الصفة والمصلحة عندما يعين القانون الأشخاص الذين يملكون الصفة لممارسة الدعوى، فينقطع بذلك طريق الإدعاء أمام سائر الأشخاص الذين قد تتوافر لهم المصلحة في ذلك([10])مثل الوالي هو الممثل القانوني للولاية أمام القضاء له صفة رفع الدعوى بإسم الولاية ولكن ليست له مصلحة شخصية في ذلك أي أنه لا يستفيد شخصيا من تلك الدعوى.

الفرع الأول:الصفة لدى المدعي([11]).

ينبغي التمييز بين الصفة في الدعوى والصفة في التقاضي فقد يستحيل على صاحب الصفة في الدعوى مباشرتها شخصيا بسبب عذر مشروع، في هذه الحالة يسمح القانون لشخص أخر بتمثيله في الإجراءات كأن يحضر المحامي نيابة عن المدعي أو يحضر شخص أخر بموجب وكالة خاصة وفي هذه الحالة يقع على القاضي التأكد إبتداءا من صحة التمثيل ثم يبحث لاحقا في مدى توفرعنصر الصفة لدى صاحب الحق فقد يصح التمثيل مع فساد الصفة في الدعوى والعكس صحيح، وصحة التمثيل ليست من شروط قبول الدعوى بل هي من شروط صحة إجراءات الخصومة([12]).

الفرع الثاني:الصفة لدى المدعى عليه

من المبادئ أن الدعوى لاتصح إلا إذا رفعت من ذي صفة على ذي صفة فكما يشترط توفر عنصر الصفة لدى المدعي وإلا رفضت دعواه، يشترط كذلك قيام عنصر الصفة لدى المدعى عليه ّويشترط في صحة الدعوى أن ترفع ضد:

1-من يكون معنيا بالخصومة،كدعوى العامل ضد رب العمل نظرا لإستقلالية الذمم المالية وعدم جواز تحميل الغير أعباء عن تصرفات ليس لهم علاقة بها

2- ممن يجوز مقاضاتهم فلا تقبل دعوى ضد فاقد أهلية لتعلق ذلك بحق الدفاع أو ضد مؤسسة لا تملك الشخصية المعنوية([13]). أو ضد موظف أجنبي يتمتع بالحصانة الدبلوماسية عملا بنص المادة30من إتفاقية فيينا المصادق عليها من طرف الجزائر بالمرسوم رقم64-84المؤرخ في04/03/1964([14]).

لكن البحث في موضوع الصفة، ومعرفة ماهيتها غير كاف، بل يقتضي الأمرتحديد الطبيعة القانونية لهذا الشرط بإعتباره عنصر جوهريا متعلقا بالنظام العام من عدمه؟

فبالرجوع إلى المادة13من قانون الإجراءات المدنية والإدارية،التي تنص في فقرتها الثانية على أنه »يثير القاضي تلقائيا إنعدام الصفة في المعي أو المدعى عليه« ،يتبين جليا الصفة الأمرة لشرط الصفة بإعتبارها عنصرا جوهريا متعلقا بالنظام العام،والذي يوجب على المحكمة التصدي له من تلقاء نفسها،ومن ثم فإذا تبين لها عدم توافرها،تعين عليها أن تقضي بعدم قبول الدعوى لعدم تحقق هذا الشرط،وإعتبار الصفة شرطا جوهريا متعلقا بالنظام العام هو مبدأ مقرر قانونا منذ تأسيس الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا، فلقد أكدت العديد من قرارات هذه الأخيرة، ذلك إلى حين إنشاء مجلس الدولة سنة1998،الذي أكد هو الأخر ذلك في العديد من قراراته،نأخذ على سبيل المثال من القرارات الصادرة عن الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا:القرار رقم566644المؤرخ في27-12-1989الذي صرح بأنه:من المقرر قانونا أنه لا يجوز لأحد أن يرفع دعواه أمام القضاء ما لم يكن حائزا على صفة التقاضي([15]).

المطلب الثاني: شرط المصلحة

يعد وجود المصلحة من الشروط الضرورية لرفع الدعوى القضائية ولضمان جديتها في مجال الدعوى الإدارية وفي مجال الدعوى العادية أيضا، وذلك تطبيقا لمبدأ هام من مبادئ قانون المرافعات المدنية مؤداه أنه حيث لا مصلحة فلا دعوى،ولذلك يشترط بصورة عامة في رافع الدعوى أن يكون له منفعة يمكن تحقيقها من خلال تحقيق طلباته وإذا لم يكن له مثل هذه المنفعة فلاتقبل دعواه، لذا فالمصلحة هي مناط الدعوى([16])

ويمكن تعريف المصلحة بأنها الحاجة إلى حماية القانون أو هي الفائدة أو المغنم الذي يعود على رافع الدعوى،أو هي على حد وصف الدكتورعياض بن عاشور»الدافع أو الحافز للقيام بالدعوى وهي غير الأهلية لأن الأهلية شرط قانوني جامع مرتبط بالشخصية القانونية« والمصلحة لا تقف عند نطاق الفوائد المادية بل تتعدى إلى نطاق الفوائد المعنوية كما في التعويض عن مس الكرامة والشعور ويشترط أن تكون المصلحة قائمة منذ تاريخ رفع الدعوى ومستمرة حتى الفصل فيها.

وقدإعتبر بعض الفقهاء أن إشتراط المصلحة ينطوي على وجهين أحدهما سلبي ويتمثل في منع من ليس في حاجة إلى حماية القانون من الإلتجاء إلى القضاء والثاني إيجابي هو إعتباره شرطا لقبول الدعوى كل من له فائدة من الحكم فيها([17]).

ويقصد بالمصلحة المنفعة التي يحققها صاحب المطالبة القضائية وقت اللجوء إلى القضاء، هذه المنفعة تشكل الدافع وراء رفع الدعوى والهدف من تحريكها فلا دعوى من دون مصلحة تنزيها للقضاء عن الإنشغال بدعاوى لا فائدة عملية منها كالدعاوى غير المنتجة،ولتكريس المستقر عليه فقها وقضاءا بشأن المصلحة وإستدراك الفراغ القانوني،أضاف المشرع ضمن المادة 13عبارة هي غائبة في المادة459من قانون الإجراءات المدنية الملغى تشيرإلى توفر عنصر المصلحة سواءا كانت قائمة أو محتملة يقرها القانون([18]).

غير أنه وبالرجوع إلى قانون الإجراءات المدنية والإدارية نجد أن المشرع لم يتناول في المصلحة خاصيتي المصلحة الشخصية والمباشرة لقبول الدعوى،بمعنى أن يكون رافعها هو صاحب الحق المراد حمايته،أومن يقوم مقامه غير أن ذلك لا يعني أنه تخلى عنهما مادام أنه إشترط كذلك ضرورة توافر رافع الدعوى على صفة رفعها،وهو شرط يستمد أساسه من المصلحة الشخصية المباشرة،كماأنه لم يتناول فكرة المصلحة الجماعية التي تبرر رفع دعوى جماعية بواسطة عريضة جماعية أمام القضاء،وهو أمر صار مقبولا أمام القضاء الإداري.

ولكن على الرغم من ذلك، فالملاحظ أن قانون الإجراءات المدنية والإدارية قد وسع من شرط المصلحة مقارنة بقانون الإجراءات المدنية الملغى ،لكن هل هذا يعني أن ذلك أدى بالمشرع إلى التغيير حتى من الطبيعة القانونية لهذا الشرط،أم أنه أبقاه شرط جوازيا بعيدا عن فكرة النظام العام؟.

بالرجوع إلى المادة13من قانون الإجراءات المدنية والإدارية،وخاصة الفقرة الثانية منها،نجد أنها إقتصرت على شرط الصفة بإعتباره شرطا متعلقا بالنظام العام،فقط دون سواه، لكنها لم تحدد الطبيعة القانونية لشرط المصلحة،فهل أن المشرع قصد من وراء ذلك عدم إعتبار شرط المصلحة من النظام العام عملا بالقواعد العامة في التفسير،والتي تقضي بأن المشرع لوأرادإعتبار شرط المصلحة من النظام العام لنص على ذلك صراحة،كما فعل بالنسبة لشرط الصفة،مادام أن الشرطين)الصفة والمصلحة(تم النص عليهما في مادة واحدة،فيما يتعلق بقبول الدعوى في حين أن نفس المادة تكلمت على حق القاضي في الدفع تلقائيا بإنعدامالصفة،ولم تشر إلى هذا الحكم بالنسبة لشرط المصلحة([19])، وقد تكون المصلحة مباشرة شخصيةأو جماعية،وقد تكون قائمةأومحتملة.

الفرع الأول:المصلحة الشخصية المباشرة والمصلحة الجماعية

ويقصد بالمصلحة الشخصية المباشرة أن يكون رافع دعوى الإلغاء مثلا في حالة قانونية بالنسبة إلى القرار المطعون فيه من شأنها أن تجعله يؤثر فيه ثأثيرامباشرا،فإذا لم يكن الطاعن في حالة قانونية خاصة من شأنها عدم المساس بمصلحته والتأثيرعليهاإنتفت مصلحته في إثارة النزاع ونتج عن ذلك عدم قبول الدعوى كما لوتصورنا صدور قرار نزع ملكية للمنفعة العامة مضمونه إخراج ملكية )س(من المجال الخاص إلى المجال العام ويتقدم للقضاء)ع(طالبا إلغاء هذا القراركونه إبن المنزوع ملكيته فمثل هذه الدعوى لا يمكن قبولها لإلغاء المصلحة المباشرة والشخصية.

وقدتكون المصلحة جماعية وذلك من خلال الدعاوى التي تباشرها التجمعات كالنقابات والجمعيات ويشترط في القرارمحل دعوى الإلغاء أن يمس في مضمونه المصالح المادية أو المعنوية للنقابة أو الجمعية،فإذا كان القرار لايمس مصلحة أحد أعضاء النقابةأوالجمعية فلا يجوز الطعن فيه بالإلغاء من قبل ممثل النقابة أو الجمعية،بل يقتضي الأمر أن يباشرمن مس القرار مركزه القانوني الدعوى بنفسه عن طريق محاميه([20]).

الفرع الثاني:المصلحةالقائمة والمصلحة المحتملة

لايشترط في المصلحة الموجبة لرفع الدعوى الإدارية أن تكون محققة أي أنه ينجم فعلا عن صدور قرار إداري المساس بمركز قانوني لطرف معين يخوله أحقية رفع دعوى الإلغاء،وإنما يكفي أن تكون المصلحة محتملة الوقوع في المستقبل لذلك جاءت المادة13من قانون الإجراءات المدنية والإدارية معلنة عن المصلحتين معا المحققة أي الفعلية والمحتملة وإن كان هناك من الفقهاء من إنتقد فكرة المصلحة المحتملة،ويقع عبء إثبات توافر عنصر المصلحة على المدعي ومن فائدة الخصم أي الإدارة المعنية الدفع بإنتفائها وتنبيه المحكمة المختصة بذلك بهدف الحكم بعدم قبول الدعوى.

وينبغي أن يتوافر عنصر المصلحة من رفع الدعوى إلى غاية الفصل فيها،فإن ثبت للقاضي بعد إثارة الدفع من جانب الإدارة المعنية أنه لم يعد لرافع الدعوى مصلحة قائمة أقرت المحكمة الإدارية عدم قبول الدعوى،وهذاماذهبت إليه المحكمة الإدارية بتونس بقولها :حيث أنه من المسلم به فقها وقضاءا أن من شروط قبول دعوى الإلغاء أنة تكون لرافع هاته الدعوى صفة ومصلحة قائمتين عند رفع الدعوى وباقيتين له حتى الفصل في النزاع([21]).

المطلب الثالث: شرط الأهلية )حالةعدم وجودالأهلية موجبة لبطلان الإجراءات(

تنص المادة64 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية على مايلي: »حالات بطلان العقود غير القضائية والإجراءات من حيث موضوعها محددة على سبيل الحصرفيما يأتي:

إنعدام الأهلية للخصوم
إنعدام الأهلية أو التفويض لممثل الشخص الطبيعي أو المعنوي«([22]).
لقد تناول قانون الإجراءات المدنية والإدارية شرط الأهلية في المادة64 منه،حيث أن المشرع الجزائري قد فصل بذلك شرط الأهلية عن شرطي الصفة والمصلحة،ومنحه تكييفا جديدا معتبرا إياه إلى جانب شرط التفويض شرطا لصحة الإجراءات من حيث موضوعها.

ولقد حدد المشرع في المادة السابقة على سبيل الحصر حالات بطلان الإجراءات من حيث موضوعها،الأمر الذي يحول دون إمكانية التوسع فيها لتشمل حالات أخرى،وعامل بنفس المعاملةإنعدام أهلية طرفي النزاع أو التفويض عند ممثليهم،إن التكييف الممنوح لشرط الأهلية يجعل الدفع بتخلفها دفعا بالبطلان وليس بعدم القبول،فتعتبر الأهلية وفقا لذلك شرطا لصحة الإجراءات، وبذلك إذا باتشر الدعوى من هوليس أهلا لمباشرتها، كانت دعواه مقبولة ولكن إجراءات الخصومة تكون باطلة، ولا يكون لأحد الخصوم أن يدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي أهلية إنما عليه الدفع ببطلان الإجراءات.

وعليه فإذا كان المدعي متمتعا بأهلية التصرف عند رفع الدعوى ثم طرأ أثناء سير الإجراءات ما أفقده هذه الأهلية، فإن الدعوى تظل صحيحة، ولكن يوقف النظر في الخصومة إلى أن تستأنف في مواجهة من له الحق في مواصلتها وهذا ما أكدته المادة210من قانون الإجراءات المدنية والإدارية التي تناولت أسباب إنقطاع الخصومة والمتمثلة في تغير في أهلية التقاضي لأحد الخصوم أو وفاة أحد الخصوم إذا كانت الخصومة قابلة للإنتقال أو وفاة،أوإستقالة،أو شطب أو تنحي المحامي إلا إذا كان التمثيل جوازيا،هذا وقد أضافت المادة65 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية أنه:»يثير القاضي تلقائيا إنعدام الأهلية،ويجوز له أن يثير تلقائيا إنعدام التفويض لممثل الشخص الطبيعي أو المعنوي«.

وبذلك نجد أن المشرع قد ميز بين إنعدام الأهلية وإنعدام التفويض لممثل الشخص الطبيعي أو المعنوي، بحيث جعل إثارة إنعدام الأهلية تلقائيا من القاضي أمرا وجوبيا لتعلقها بالنظام العام،أما إثارة إنعدام التفويض لممثل الشخص الطبيعي أو المعنوي فهو أمر متروك للسلطة التقديرية للقاضي بحسب تأثيره على سير الخصومة،وإعتبار الأهلية شرطا متعلقا بالنظام العام يرثب أثار هامة.

بحيث أنه يوجب على المحكمة إثارته من تلقاء نفسها،كما يجيز للخصوم التمسك بالدفع بالبطلان لإنعدام الأهلية في أي مرحلة كانت عليها الدعوى، كما لا يجوز للخصوم التنازل عن هذا الشرط المتعلق بالنظام العام ولا يجوز الإتفاق على مخالفته، ولقد ذهب القضاء إلى تأكيد الطبيعة الأمرة لشرط الأهلية بإعتباره شرطا متعلقا بالنظام العام في العديد من القرارات،نذكر على سبيل المثال قرار مجلس الدولة المؤرخ في 22-02-2006 وقراره الصادر في01-02-1999([23]).

يقصد بأهلية التقاضي أهلية الأداء لدى الشخص الطبيعي كما هو مبين في المادة40من القانون المدني،أما بالنسبة للأشخاص الإعتبارية فيتمتعون بأهلية التقاضي عملا بالمادة50 من نفس القانون وقد أصاب المشرع حينما إستبعد الأهلية من دائرة شروط قبول الدعوى لأسباب عدة منها أن الأهلية وضع غير مستقرقد يتوفر وقت قيد الدعوى وقد تغيب أو تنقطع أثناء سير الخصومة([24]).

إن الحديث عن الأهلية كشرط من شروط الدعوى يفرض التمييزبين أهلية الشخص الطبيعي وأهلية الشخص المعنوي، ولما كانت المنازعة الإدارية في كثير من الحالات تجمع من حيث أطرافها شخص طبيعي وأخر معنوي إقتضى الأمر التطرق لأهية كل من الشخص الطبيعي والمعنوي

الفرع الأول: أهلية الشخص الطبيعي

يشترط قانونا لممارسة حق التقاضي في الجزائر بالنسبة للشخص الطبيعي أن يتمتع رافع الدعوى بالرشد المدني أي بلوغه سن19سنة طبقا للمادة 40 من القانون المدني وأن يتمتع بقواه العقلية وأن يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه.

وعليه يستبعد من أن يكون طرفا في الدعوى عموما كل من المجنون والمعتوه والمحجور عليه.

الفرع الثاني: أهلية الشخص المعنوي

إن الأشخاص الإعتبارية كثيرة متنوعة وعلى كثرتها يمكن تصنيفها إلى قسمين أشخاص إعتبارية خاصة وأشخاص إعتبارية عامة.

أ-الأشخاص الإعتبارية الخاصة: ويدخل تحت هذا الوصف الشركات الخاصة والمقاولات والجمعيات والدواوين والمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري وتمثل كل هذه الجهات عن طريق نائبها القانوني.

ب-الأشخاص الإعتباريةالعامة:

-الدولة:أهلية الدولة كما عبرعنها الدكتور عياض بن عاشور مسألة دستورية وهي أهلية مستمرة رغم تبديل الأنظمة والحكومات والدساتير وبالتالي تملك أهلية التقاضي.

-الولاية:الشخصيةالإعتبارية للولاية ثابتة بموجب المادة49 من القانون المدني وثابتة أيضا بموجب المادة الأولى من القانون12-07المؤرخ في 21فبراير2012 المتضمن قانون الولاية،ومن مميزات الشخصية المعنوية أهلية التقاضي

-البلدية:الشخصيةالإعتبارية للبلدية ثابتة بموجب المادة49من القانون المدني وثابتة أيضا بموجب المادة الأولى من القانون11-10المؤرخ في22يونيو2011 المتعلق بقانون البلدية ومن أثار الشخصية الإعتبارية أهلية التقاضي.

-المؤسسة العمومية ذات الصبغة الإدارية:الشخصيةالإعتبارية للمؤسسة العمومية ذات الصبغة الإدارية ثابتة بموجب المادة49 من القانون المدني وبموجب النص الخاص الذي أستحدث المؤسسة ومن هنا تملك ممارسة حق التقاضي([25]).

وبالرجوع للمادة828 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد نجده قد حدد الأشخاص المؤهلين قانونا لتمثيل الهيئات العمومية، فذكر النص الوزير المعني بالنسبة لمنازعات الدولة والوالي بالنسبة لمنازعات الولاية ورئيس المجلس الشعبي البلدي بالنسبة لمنازعات البلدية والممثل القانوني للمؤسسة بالنسبة لمنازعات المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية([26]).

المبحث الثاني : إجراءات إفتتاح الخصومة الإدارية

وردت الإجراءات المتعلقة بالدعوى أمام القضاء الإداري في الباب المتعلق بالأحكام الخاصة بالمحاكم الإدارية،إلا أن المشرع مدد سريان تلك الإجراءات أمام مجلس الدولة بموجب المادتين 904 و906 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية

تعتبر عريضة إفتتاح الدعوى بمثابة العنصرالمحرك للخصومة ولذلك يجب إحترام قواعد موضوعة مسبقا يتوقف عليها قبول الدعوى فمن خلال العريضة يتضح موضوع الطلب وأطراف الخصومة وكذا الوثائق التي تأسست عليهاالطلبات،وبمأن الخصومة لا تنعقد إلا بتكليف المدعى عليه بالحضور فالتكليف حينئذ وسيلة إجرائية تحقق مبدأ الوجاهية ويعد خطوة أساسية في مسار الدعوى.

وعليه سنتناول إجراءات إفتتاح الخصومة الإدارية من خلال مطلبين بحيث نخصص المطلب الأول للعريضة الإفتتاحية للدعوى الإدارية وسنفرد المطلب الثاني للتكليف بالحضور.

المطلب الأول: العريضة الإفتتاحية([27])

يتم الحق في إستعمال الدعوى الإدارية عن طريق الطلب القضائي،وهو الطلب الذي ألزم نص المادة815من قانون الإجراءات المدنية والإدارية([28])،بأن يتم رفعه إلى المحكمة الإداريةبعريضة موقعة من طرف محام،ويتم الردعليها بعريضة جوابية موقعة من طرف محام المدعى عليه.

لذلك فالشكل الذي تأخده المطالبة القضائية،والتي تؤدي إلى إنشاء الخصومة القضائية كقاعدة عامة هي العريضة الإفتتاحية،فماهي هذه العريضة وماهي البيانات التي يفرض القانون توافرها فيها؟

ويقصد بالعريضة الإفتتاحية للدعوىالإدارية،تلك الورقة المحررة والموقعة من طرف محامالمدعي والتي تتضمن الطلب القضائي المؤدي إلى إنشاء الخصومة القضائية.

الفرع الأول:شروط قبول العريضة الإفتتاحية

يجب أن تتضمن عريضة إفتتاح الدعوى أمام الجهات القضائية الإدارية نفس البيانات المنصوص عليها في المادة15 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية([29]). وهو ماأكدته المادة 816 من نفس القانون، ويجوز للمدعي تصحيح العريضة التي لا تثير أي وجه بإيداع مذكرة إضافية خلال أجل رفع الدعوى المشار إليه في المادتين829 و830من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، تودع العريضة التصحيحية مع نسخة منها بملف القضية([30]).

ولقد قدم المشرع جوابا بأن تخلف أي وجه من الأوجه المذكورة في المادة15 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية ممكن تداركه مادام يمكن تصحيحه بعريضة تصحيحية أو إضافية خلال رفع الدعوى ويمكن الرجوع إلى ما وردفي المادتين829و830من هذا القانون لفهم أجل تقديم مذكرة إضافية([31]).

تودع مع العريضة الإفتتاحية نسخة منها بملف القضية ويمكن لرئيس التشكيلة التي تفصل في النزاع الإداري أو الدعوى الإدارية أن يأمر بتقديم نسخ إضافية كلما دعت إلى ذلك الضرورة الملحة التي تدفع إليها حقوق الدفاع، وهذا مانصت عليه المادة818من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.

إن من بين أهم الشروط التي يتعين أن تتوفر في الدعوى القضائية المرفوعة أمام القضاء الإداري بخصوص الدعاوى المتعلقة بإلغاء أوتفسيرأوتقدير مدى مشروعية القرار الإداري أن يرفق القرار موضوع الدعوى بالعريضة الإفتتاحيةللدعوى،وقد قضت المحكمة العليا بعدم إمكانية إبطال القرار الإداري الذي لم يرفق مع العريضة الإفتتاحية لأنها لم تطالع فحواه ليمكنها إبطاله أوإلغاؤه.

وإن كان شرط القرارالإداريالمرفوق مع العريضة الإفتتاحيةلايخص دعوى التعويض فإن بعض النصوص القانونية تشترط القيام بالتظلم في الدعاوى الإدارية ليكون القرار المرفق محل نظر وشك في فهم المادة القانونية،ويكفي تقديم القرار الأصلي وما يفيد التظلم إذا كان هناك سكوت عن الرد على التظلم من طرف الإدارة ليعتبر ذلك قرارا ضمنيا بالرفض ومع هذا فإنه قد يقف أمام المدعي ما يمنعه من تقديم القرار موضوع الطعن في هذا الأمر،فرغم أن القاضي كان في سابق الأمر يمنع من توجيه الأوامر للإدارة على أساس الفصل بين السلطات وما إلى ذلك من تبريرات،فإن من الإستثناءات على هذا الأمر ماتضمنته المادة819 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية من إمكانية توجيه القاضي للإدارة أمرا بأن تقوم بتمكين الخصم من القرار الإداري وهو ما يطلق عليه بعض الفقهاء بأوامرالإجراءات،وهذاإنطلاقا من سلطة القاضي التحقيقية في القضية والتي يملكها في مواجهة الإدارة والأفراد على حد سواء ولا يعد توجيه الأمر للإدارة من أجل تقديم وسائل إثبات الدعوى من قبيل المساس بإستقلالية الإدارة بل يعد ذلك من قبيل الوظيفة القضائية([32]).

مع الأخذ بعين الإعتباربما تم إستثناؤه من خلال نص المادة827من قانون الإجراءات المدنية والإدارية([33]). فإن المشرع جعل التمثيل بمحام أمر وجوبي،حيث إشترط توقيع عريضة إفتتاح الدعوى من طرف محام وهو الأمر الذي يؤكد أنم العريضة الإفتتاحية يتعين أن تكون مكتوبة وتمثيل المحامي مرجعه القانون المنظم لمهنة المحاماة،كمانص على الجزاء المترتب عن إغفال هذا الإجراء ويمكن الرجوع إلى المادة826من قانون الإجراءات المدنية والإدارية([34]).للوقوف على النص الصريح الذي يرتب عدم قابلية العريضة الإفتتاحية،ويكون إيداع العريضة أمام مجلس الدولة بواسطة محام معتمد لدى مجلس الدولة وذلك بأمانة ضبط مجلس الدولة وهو ماتضمنته المادة905من قانون الإجراءات المدنية والإدارية([35])

الفرع الثاني: قيد العريضة الإفتتاحية

يتم إيداع العريضة الإفتتاحية بأمانة ضبط المحكمة الإدارية مقابل رسم قضائي حدده المشرع في القوانين المعدة لذلك وهي على العموم قوانين المالية،ويمكن إعفاء أي جهة أو طرف في الدعوى الإدارية من الرسم القضائي ولكن بناءا على نص قانوني خاص وهذا ما تضمنته المادة821من قانون الإجراءات المدنية والإدارية حيث نصت على مايلي: »تودع العريضة بأمانة ضبط المحكمة الإدارية مقابل الرسم القضائي،ما لم ينص القانون عل خلاف ذلك«

وفي حالة حدد أجل الفصل في النزاع المطروح على المحكمة الإدارية بغض النظر عن طبيعته ما إذا كان نزاع عادي أو إستعجالي فإن هذا الأجل لا يسري أو يبتدئ حسابه إلا من تاريخ إيداع العريضة الإفتتاحية بأمانة الضبط بالمحكمة الإدارية، ويعتبر ختم أمانة الضبط على هذه العريضة دليل على ثبوت هذا التاريخ ومن يدعي خلاف ذلك يقع عليه إثبات العكس،وهذا ما تضمنته المادة822من قانون الإجراءات الإدارية حيث نصت على مايلي:»في الحالة التي يجب أن تفصل فيها المحكمة الإدارية في أجل محدد بنص خاص،لايسري هذا الأجل إلا إبتداءا من تاريخ إيداع العريضة بأمانة الضبط«

عند إيداع العريضة بأمانة ضبط المحكمة الإدارية يقوم أمين الضبط بتسجيلها بسجل خاص ممسوك بأمانة ضبط المحكمة خصص لهذاالغرض،تدون فيه المعلومات الضرورية من رقم تسلسلي وتاريخ إيداع وإسم ولقب المودع وغيرها من المعلومات التي تعتبر ضرورية،وترسل وزارة العدل للمحاكم نموذج عن كيفية مسك هذا السجل والبيانات التي تدون في هذا السجل،كما يسلم أمين الضبط لمودع العريضة وصلا يثبت هذا الإيداع مع التأشير على مختلف الوثائق والمذكرات والمستندات المقدمة من أطراف الخصومة بدليل عبارة المذكرات([36])وهذا ما تضمنته المادة823من ق.إم.وإ حيث نصت على مايلي:»تقيد العريضة عند إيداعها بسجل خاص يمسك بأمانة ضبط المحكمة الإدارية ،يسلم أمين الضبط للمدعي وصلا يثبت إيداع العريضة،كما يؤشر على إيداع مختلف المذكرات والمستندات«

المطلب الثاني: التكليف بالحضور

لم يضع المشرع تعريفا محددا للتكليف بالحضور،رغم إشارته من خلال المادتين18و19من قانون الإجراءات المدنية والإدارية إلى أن التكليف بالحضور هو عبارة عن محضر يحرر بواسطة المحضر القضائي، يتضمن جملة من البيانات الإلزامية التي لايصح إلا بتوافرها

أما الفقه فقد عرفه بأنه:)هوالعمل الذي يتم بمقتضاه إيصال واقعة معينة إلى علم المعلن إليه(،لذلك وبالنظر إلى قانون الإجراءات المدنية والإدارية يمكن تعريفه بأنه:)هو الإجراء الذي يتم بموجبه إخطار المدعى عليه في الدعوى،بمضمون أوراق الخصومة وإجراءاتها بصفة رسمية(

وتبدوالأهمية العملية والقانونية للتكليف بالحضورللجلسة،في كونه يعد إعمالا لمبدأ المواجهة بين الخصوم في الدعوى،وبالتالي فإن كان القانون يتطلب إجراءه،فذلك يعني بأنه يشكل الوسيلة الوحيدة لإخطار المدعى عليه بالدعوى المرفوعة ضده،بما يعني وأن العلم الفعلي بواقعة رفع الدعوى من قبل هذا الأخيرلايشكل بديلا للتكليف بالحضورللجلسة ولا يمكنه أن يرتب أية أثار قانونية بالنسبة لتحقيق مبدأ المواجهة وإنعقاد الخصومة.

لكنه وعلى العكس من ذلك،فإن تم ذلك العلم وفقا للشكل الذي حدده القانون،فإنه لا يجوزللمدعى عليه التمسك بعدم العلم بالدعوى المرفوعة في مواجهته،ومناط ذلك أن إنعدام العلم الفعلي ليس من شأنه نفي تحقق العلم القانوني طالما أن هذا الأخير يتحقق بالتكليف بالحضورللجلسة وهو وحده الذي يحظى بعين الإعتبار في نظر القانون([37])

الفرع الأول: محضر التكليف بالحضور

ميز المشرع بين التكليف كإجراء مستقل وفقا للمادة18من قانون الإجراءات المدنية والإدارية وبين محضر التسليم كعمل إجرائي لاحق وفقا للمادة19من قانون الإجراءات المدنية والإدارية فالتكليف يستلمه المدعى عليه،بينماالمحضرالمحررلإثبات قيام عملية التكليف يستلمه المدعي([38]).

تضمنت المادة18من قانون الإجراءات المدنية والإدارية البيانات التي يجب أن يتضمنها التكليف بالحضور حيت نصت على مايلي:»يجب أن يتضمن التكليف بالحضورالبيانات الأتية:

1-إسم ولقب المحضر القضائي وعنوانه المهني وختمه وتوقيعه وتاريخ التبليغ الرسمي وساعته،

2-إسم ولقب المدعي وموطنه،

3-إسم ولقب الشخص المكلف بالحضور وموطنه،

4-تسمية وطبيعة الشخص المعنوي ومقره الإجتماعي،وصفة ممثله القانوني أو الإتفاقي،

5-تاريخ أول جلسة وساعة إنعقادها.«

الفرع الثاني: محضر تسليم التكليف بالحضور

إن حلقة الوصل بين طرفي الخصومة هو المحضر القضائي،فلا تصح إجراءات التكليف إلاإذا تمت عن طريق هذا الضابط العمومي فهذا الأخير مخول بالإشهاد على واقعتين،إستلام التكليف من طرف الخصم وفقا للقانون،تم يحرر محضرا رسميا بالواقعة ذا حجية لا تقبل إلا الدفع بالتزوير([39]).،يجب أن يتضمن هذا المحضر البيانات الواردة على سبيل الحصر في المادة19من قانون الإجراءات المدنية والإدارية والتي تنص على مايلي:»مع مراعاة أحكام الموادمن406إلى416من هذا القانون،يسلم التكليف بالحضور للخصوم بواسطة المحضر القضائي،الذي يحرر محضرا يتضمن البيانات الأتية:

1-إسم ولقب المحضر القضائي:وعنوانه المهني وختمه وتوقيعه،وتاريخ التبليغ الرسمي وساعته،

2-إسم ولقب المدعى وموطنه،

3-إسم ولقب الشخص المبلغ له وموطنه،وإذا تعلق الأمر بشخص معنوي يشارإلى تسميته وطبيعته ومقره الإجتماعي،وإسم ولقب وصفة الشخص المبلغ له،

4-توقيع المبلغ له على المحضر،والإشارة إلى طبيعة الوثيقة المثبةلهويته،مع بيان رقمها،وتاريخ صدورها

5- تسليم التكليف بالحضور إلى المبلغ له،مرفقا بنسخة من العريضة الإفتتاحية،مؤشر عليها من أمين الضبط

6-الإشارة في المحضرإلى رفض إستلام التكليف بالحضور،أوإستحالة تسليمه،أورفض التوقيع عليه،

7-وضع بصمة المبلغ له في حالة إستحالة التوقيع على المحضر،

8- تنبيه المدعى عليه بأنه في حالة عدم إمتثاله للتكليف بالحضور،سيصدرحكماضده بناءا على ماقدمه المدعى من عناصر.«

وبمأن البيانات الواردة في المادتين18و19من قانون الإجراءات المدنية والإدارية تحقق عنصرا هاما وهو دفع الجهالة عن الخصم فإن كل مخالفة لماهومقررينتج عنها جواز رفض الدعوى شكلا لعدم صحة إجراءات التكليف([40]).

الخاتمة

تكتسي الخصومة الإدارية فيها طابع خاص بإعتبار موضوعها دائما تصرف إداري يفترض أن هدفه المصلحة العامة، وأن طرفيها شخصان يحتلان مراكز مختلفة، جهة إدارية بإمتيازات السلطة العامة في سبيل تحقيق أهدافها وشخص خاص يدافع عن مصالحه في مواجهتها،الأمر الذي جعل بحثنا يقتصر على جوانب إجرائية أساسية تمثلت في إفتتاح الخصومة الإدارية،و لرفع الدعوى الإدارية لابد من توافر شروط قبول الدعوى وهي الشروط العامة التي تدخل في إطار الأحكام المشتركة للجهات القضائية والمتمثلة في شرطي الصفة والمصلحة طبقا للمادة13من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، وشرط الأهلية كشرط لبطلان الإجراءات طبقا للمادة64 من ذات القانون،وهناك شروط تتعلق بالعريضة الإفتتاحية تعرضنا لها تحت عنوان إجراءات إفتتاح الخصومة الإدارية بحيث تعتبر هذه الأخيرة بمثابة الطلب الإفتتاحي الذي يباشر به رافع الدعوى الإدارية دعواه وتعرضنا إلى وسيلة إجرائية هامة في التبليغ وهي التكليف بالحضورالمنصوص عليه في قانون الإجراءات المدنية والإدارية بموجب المواد18و19.

قائمة المصادر والمراجع

أولا: المصادر

– قانون رقم08/09المؤرخ في25 فبراير2008، يتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية،ج ر عدد21 لسنة2008.

ثانيا المراجع:

أ/الكتب

1-محمد ماهر أبو العينيين،الموسوعة الشاملة في القضاء الإداري، الخصومة في الدعوى الإدارية،الكتاب الرابع،لجنة الشريعة الإسلامية،بدون طبعة،2007، الإسكندرية

2- عماربوضياف،المرجع في المنازعات الإدارية،القسم الأول الإطار النظري في المنازعات الإدارية، جسور للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى،2013، الجزائر.

3- عبدالرحمن بربارة، شرح قانون الإجراءات المدنية والإدارية،منشورات بغدادي، طبعة ثانية مزيدة،2009، الجزائر.

4- سائح سنقوقة،شرح قانون الإجراءات المدنية والإدارية،الجزءالأول،دار الهدى ،طبعة مزيدة ومنقحة،2011،عين مليلة،الجزائر.

5- نبيل صقر،الوسيط في شرح قانون الإجراءات المدنية والإدارية،دار الهدى، بدون طبعة،2008، عين مليلة، الجزائر.

6- محمدالصغيربعلي،الوسيط في المنازعات الإدارية،دار العلوم للنشر والتوزيع،بدون طبعة،2009،عنابة.

7- القاضي عثمان ياسين،إجراءات إقامة الدعوى الإدارية في دعوتي الإلغاء والتعويض، دراسة تحليلية مقارنة،منشوراتالحبليالحقوقية،الطبعة الأولى2011،بيروت،لبنان.

8- عادل بوضياف، الوجيز في شرح قانون الإجراءات المدنية والإدارية،الجزء الثاني، كليك للنشر،الطبعة الأولى،2012، الجزائر.

ب/ المقالات والتعاليق:

1- وردية العربي، الشروط المتعلقة بأطراف الدعوى الإدارية،مجلةالإتحاد،الإتحاد الوطني لمنظمات المحامين الجزائريين، دار المحامي سيدي بلعباس، السنة الرابعة، العدد3، أكتوبر2011.

2- حسين بلحيرش، أستاذ مساعد بكلية الحقوق بجامعة جيجل ومحام معتمد لدى المحكمة العليا ومجلس الدولة،محاضرات في قانون الإجراءات المدنية والإدارية، السنة الجامعية2009/2010.

[1]– محمدماهرأبوالعينين،الموسوعة الشاملة في القضاء الإداري،الخصومة في الدعوى الإدارية،الكتاب الرابع1428هـ 2007م،بدون طبعة ،بدون دار نشر،ص30،29

[2]– عمار بوضياف،المرجع في المنازعات الإدارية،القسم الأول الإطار النظري في المنازعات الإدارية،جسور للنشر والتوزيع،2013،الجزائر،الطبعة الأولى،ص266

[3]– عمار بوضياف،نفس المرجع ،ص،265

[4]– عمار بوضياف،نفس المرجع،ص،274

[5]– عبد الرحمن بربارة،شرح قانون الإجراءات المدنية والإدارية،منشورات بغدادي،2009،الجزائر،طبعةثانية مزيدة،ص33

[6]– عمار بوضياف، المرجع السابق،ص267

[7]– سائح سنقوقة،شرح قانون الإجراءات المدنية والإدارية،الجزءالأول،دار الهدى،2011،عين مليلة الجزائر،طبعة جديدة مزيدة ومنقحة،ص45

[8]– نبيل صقر،الوسيط في شرح قانون الإجراءات المدنية والإدارية،دار الهدى،2008،عين مليلة الجزائر، بدون طبعة،ص38

[9]– محمد الصغير بعلي،الوسيط في المنازعات الإدارية،دارالعلوم للنشر والتوزيع،2009،عنابة،بدون طبعة ،ص159

[10]– نبيل صقر،المرجع السابق،ص37

[11]– تطبيقات المحكمة العليا القرار رقم39694المؤرخ في08-05-1985:حيث أن الصفة والأهلية والمصلحة أركان أساسية وجوهرية في كل دعوى قضائية وتصبح غير مقبولة في حالة فقد أحدها،حيث أن المدعية أرملة كانت قد باشرت دعوى تعويض بإسمهابإعتبارها الولية الشرعية لأولادها العشرة،وفي هذه الحالة تعتبر ذات صفة في رفع الدعوى متى كانوا كلهم قاصرين،حيث تبث أن أربع بنات كن وقت رفع الدعوى راشدات مما يجعل الأرملة فاقدة الصفة في تمثيل بناتها،عمار بوضياف، لمرجع السابق،ص،268

[12]– عبد الرحمن بربارة، المرجع السابق،ص35

[13]– قرار مجلس الدولةرقم149303بتاريخ01-02-1999:حيث أن الأشخاص المعنوية وحدها يمكن مقاضاتها أمام الجهات القضائية كونها تتمتع بالشخصية المعنوية،أما الهيئات التي لا تتمتع بالشخصية الإعتبارية لا يمكن لها رفع الدعوى أمام الجهات القضائية ولا يمكن مقاضاتها،عمار بوضياف، المرجع السابق،ص،268

[14]– عبد الرحمن بربارة، المرجع السابق،ص36

[15]– وردية العربي،الشروط المتعلقة بأطراف الدعوى الإدارية ،مجلةالإتحاد،الإتحاد الوطني لمنظمات المحامين الجزائريين،دار المحامي سيدي بلعباس،السنة الرابعة،أكتوبر2011،العدد3،ص337ومابعدها.

[16]– القاضي عثمان ياسين علي،إجراءات إقامة الدعوى الإدارية في دعوتي الإلغاء والتعويض،دراسة تحليلية مقارنة،منشورات الحلبي الحقوقية،الطبعة الأولى2011،بيروت،لبنان،ص105

[17]– عمار بوضياف، المرجع السابق،ص،270

[18]– عبد الرحمن بربارة، المرجع السابق،ص38

[19]– وردية العربي،المرجع السابق،ص344،343.

[20]– عمار بوضياف، المرجع السابق،ص،271

[21]– عمار بوضياف، نفس المرجع،ص،273

[22]– قانون رقم08-09مؤرخ في 18صفرعام1429هـ الموافق25فبرايرسنة2008يتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية،ج رعدد21لسنة2008،المادة64

[23]– وردية العربي،المرجع السابق،ص350،349

[24]– عبد الرحمن بربارة، المرجع السابق،ص39

[25]– عمار بوضياف، المرجع السابق،ص،275

[26]– عمار بوضياف، نفس المرجع،ص،276

[27]– تنص المادة848 على مايلي:»عندما تكون العريضة مشوبة بعيب يرتب عدم القبول،وتكون قابلة للتصحيح بعد فوات الأجل المنصوص عليه في المادة829أعلاه،لا يجوز للمحكمة الإدارية أن ترفض هذه الطلبات وإثارة عدم القبول التلقائي إلا بعد دعوة المعنيين إلى تصحيحها.

يشار إلى أمر التصحيح،إلى أنه في حال عدم القيام بهذا الإجراء،يمكن رفض الطلبات بعد إنقضاء الأجل المحدد الذي لا يقل عن خمسة عشر15يوما،بإستثناء حالة الإستعجال «قانون رقم08-09مؤرخ في 18صفرعام1429هـ الموافق25فبرايرسنة2008،المرجع السابق،ص80،79

[28]– تنص على مايلي:»مع مراعاة أحكام المادة827أدناه ،ترفع الدعوى أمام المحكمة الإدارية بعريضة موقعة من محام«قانون رقم08-09مؤرخ في 18صفرعام1429هـ الموافق25فبرايرسنة2008،نفس المرجع،ص77

[29]– تنص على مايلي:»يجب أن تتضمن عريضة إفتتاحالدعوى،تحت طائلة عدم قبولها شكلا،

البيانات الأتية:

الجهة القضائية التي ترفع أمامها الدعوى،
إسم ولقب المدعي وموطنه،
أسم ولقب وموطن المدعى عليه،فإن لم يكن له موطن معلوم ،فأخر موطن له
الإشارة إلى تسمية وطبيعة الشخص المعنوي،ومقرهالإجتماعي وصفة ممثله القانوني أو الإتفاقي،
عرضا موجزا للوقائع والطلبات والوسائل التي تؤسس عليها الدعوى،
6- الإشارة،عندالإقتضاء،إلى المستندات والوثائق المؤيدة للدعوى، قانون رقم08-09مؤرخ في 18صفرعام1429هـ الموافق25فبرايرسنة2008،المرجع السابق،ص4

[30]– عبد الرحمن بربارة، المرجع السابق،ص426

[31]– عادل بوضياف،الوجيز في شرح قانون الإجراءات المدنية والإدارية،الجزءالثاني،كليك للنشر،2012،الجزائر،الطبعة الأولى،ص243

[32]– عادل بوضياف،المرجع السابق،ص244

[33]– تنص على مايلي:»تعفى الدولة والأشخاص المعنوية المذكورة في المادة800أعلاه،من التمثيل الوجوبي بمحام في الإدعاءأوالدفاع أو التدخل.

توقع العرائض ومذكرات الدفاع ومذكرات التدخل المقدمة بإسم الدولة أو بإسم الأشخاص المشار إليهم أعلاه،من طرف الممثل القانوني «،قانون رقم08-09مؤرخ في 18صفرعام1429هـ الموافق25فبرايرسنة2008،المرجع السابق،ص78

[34]– تنص على مايلي:»تمثيل الخصوم بمحام وجوبي أمام المحكمة الإدارية،تحت طائلة عدم قبول العريضة«،قانون رقم08-09مؤرخ في 18صفرعام1429هـ الموافق25فبرايرسنة2008،المرجع السابق،ص78

[35]– تنص على مايلي:»يجب أن تقدم العرائض والطعون ومذكرات الخصوم،تحت طائلة عدم القبول،من طرف محام معتمد لدى مجلس الدولة،بإستثناء الأشخاص المذكورة في المادة800أعلاه«،قانون رقم08-09 مؤرخ في 18صفرعام1429هـ الموافق25فبرايرسنة2008،المرجع السابق،ص83

[36]– عادل بوضياف،المرجع السابق،ص245

[37]– حسين بلحيرش،أستاذ مساعد بكلية الحقوق بجامعة جيجل ومحام معتمد لدى المحكمة العليا ومجلس الدولة،محاضرات في قانون الإجراءات المدنية والإدارية،السنة الجامعية2009/2010

[38]– عبد الرحمن بربارة، المرجع السابق،ص61

[39]– عبد الرحمن بربارة، نفس المرجع،ص62

[40]– عبد الرحمن بربارة، المرجع السابق،ص64

إعادة نشر بواسطة محاماة نت