نصت المادة (1086) من القانون المدني الاردني(1). على ما يآتي : (1- يكسب الوارث بطريق الميراث العقارات والمنقولات والحقوق الموجودة في التركة. 2- تعيين الورثة وتحديد انصبتهم في الارث وانتقال التركة يخضع لاحكام الشريعة الإسلامية. 3- حق الانتقال في الاراضي الاميرية وما يتعلق بها ينظمه قانون الانتقال). فالمشرع الاردني عالج مسائل الميراث في المنقولات والعقارات في قانون الأحوال الشخصية المرقم (61) لسنة 1976 ، بينما عالج انتقال الاراضي الاميرية بقانون انتقال الأموال غير المنقولة المرقم (240) في 14/2/1966 وكان هذا القانون المطبق يخالف أحكام الشريعة الإسلامية بمسائل عديدة:

1- أنه خالف الفقه الإسلامي السني والجعفري بطريقة التوريث ، وهو وان قسم الورثة إلى مراتب مما يوحي للوهلة الأولى بانه اخذ بالمذهب الجعفري إلا أنه في الواقع بعيد كل البعد عن هذا الفقه.

2- أنه ساوى في استحقاق التركة بين الذكر والانثى وفي ذلك مخالفة صريحة لاحكام للشريعة الإسلامية.

3- خالف الفقهين السني والجعفري بنظام الحجب وهذا يتضح مما يأتي :

أ – ان نظام الحجب في الفقه السني يستند إلى قاعدة ان كل وارث يدلى إلى المتوفى بوارث فانه يحجب عند وجود من ادلي به استثناء الإخوة لأم فانهم يرثون مع وجود الأم ، ولم يأخذ القانون بهذه القاعدة.

ب – ان القانون قسم الورثة إلى مراتب والمرتبة الاقرب تحجب المرتبة الابعد ، إلا ان ورثة المراتب في الفقه الجعفري مختلفة عن ورثة المراتب المحددين في القانون الاردني.

4– خالف القانون الاردني الفقه الإسلامي من حيث تعيين أصحاب الفروض وتحديد مقدار فروضهم، فعد الابوين والزوجين من أصحاب الفروض وحدد للابوين فرض السدس وللزوجين فرض الربع دون تفريق بين الزوج والزوجة ووجود الولد من عدمه ، ودون تفريق بين الأب والأم(2).

إلا ان المشرع الاردني تجنب هذا الخطأ التشريعي الجسيم لمخالفته الصريحة لاحكام الشريعة الإسلامية فالغى هذا القانون بقانون رقم (4) لسنة 1991 وهذا نصه : ((1- يسمى هذا القانون “قانون انتقال الأموال غير المنقولة لسنة 1991” ويعمل به بعد ثلاثين يوما من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية. 2- يتم انتقال الأموال غير المنقولة بما في ذلك حق التصرف في الأموال الاميرية لورثة من يتوفى بعد نفاذ أحكام هذا القانون وفق أحكام المواريث في الشريعة الإسلامية وقانون الأحوال الشخصية المعمول به. 3- يلغى قانون الأموال غير المنقولة العثماني كما يلغى أي نص في أي تشريع اخر يتعارض مع أحكام هذا القانون. 4- رئيس الوزراء والوزراء مكلفون بتنفيذ أحكام هذا القانون))(3) .وحسنا فعل المشرع الاردني بالغاءه قانون انتقال الأموال غير المنقولة ، فلا نجد مسوغا لأن تختلف قواعد الارث في الاراضي الاميرية عنها في الأموال الاخرى ، فذلك يرجع إلى أسباب تاريخية غير مقبولة حين كانت الاراضي تعد ملكا للسلطان أي للدولة، فزعموا ان للدولة ان تتصرف فيها كما تشاء على خلاف أحكام المواريث الشرعية ، لأن الذي يوّرث هو المتوفى والدولة لا تتوفى ، والذي ينتقل بالوفاة هو حق المتصرف فلا يكون ارثا بالمعنى العادي(4). ونجد أن هذا التبرير غير مقبول فكل شيء له قيمه مالية يوّرث، وحق التصرف في الاراضي الاميرية يباع ويرهن وتجري عليه كافة التصرفات المالية ومن ثم يعد مالا وهو جزء لا يتجزأ من تركة المتوفى. ان قانون الأحوال الشخصية الاردني رقم (61) لسنة 1976(5). نظم الميراث في ثلاث مواد (180 ، 181 ، 182)، ويمكن ايراد بعض الملاحظات على هذه المواد تؤثر مباشرة أو غيرها في ميراث المرأة ويمكن اجمالها كما يآتي:

اولاً : ترتيب الورثة

على الرغم أن المشرع الاردني لم ينظم موضوع الميراث مفصلاً، إلا انه خالف الفقه الاسلامي في ترتيبه للورثة، بجعل الرد على أحد الزوجين بعد أصحاب الفروض النسبية، وذوي ارحام(6).

ثانياً : ميراث الأخت الشقيقة

توجه المشرع الاردني إلى توريث الأخت الشقيقة في الثلث مشاركة مع الاخوة لأم إذا استغرقت التركة بالفروض، فيقتسمونه بالتساوي للذكر مثل حظ الأنثى(7). فخالف المذهب الحنفي وهو المرجع للقانون الاردني عند عدم النص وهذا ما نصت عليه المادة (180) من القانون، إذ جاء فيها : ((لاولاد الأم فرض السدس للواحد والثلث للاثنين فاكثر ذكورهم وإناثهم في القسمة سواء ويشاركهم الإخوة الاشقاء في الثلث إذا استغرقت الفروض التركة)).

ثالثاً : الرد على الزوجين

ان المشرع الاردني اقر الرد على الزوجين في حالة عدم أصحاب الفروض النسبية أو أحد من ذوي الأرحام ، فخالف بذلك المذهب الحنفي وجمهور الفقهاء واخذوا برأي عثمان بن عفان (8).

رابعاً : التمييز بين ميراث فروع الإبن والبنت

توجه المشرع الاردني إلى قصر حكم الوصية الواجبة على أولاد الإبن (إبن الإبن وبنت الإبن)، دون أولاد البنت، ومن ثم فان أولاد الإبن يرثون من تركة جدهم إذا كان ابيهم قد توفى قبله أو معه وصية واجبة فيرثون حصة ابيهم بشرط ان لا يزيد عن ثلث التركة بخلاف أولاد البنت فانهم غير مشمولين بهذا الحكم ومن ثم لا يرثون إلا بصفتهم ذوي ارحام طبقاً لاحكام المادة (182) من قانون الأحوال الشخصية الاردني. ويؤخذ على توجه المشرع الاردني في النصوص المتعلقة بالميراث نقاط عديدة يمكن اجمالها بما يأتي :

أولاً- أنه ادخل النصوص المتعلقة بالميراث في فصل القواعد العامة وكان ينبغي ان يقننها في فصل خاص شأنها شأن الفصول الاخرى في قانون الأحوال الشخصية ، إذ ان لها أحكام خاصة تختلف عن المواضيع الاخرى.

ثانياً– ان ترتيب النصوص كان مضطربا إذ بدأ المشرع الاردني في بيان ميراث الإخوة لأم وبيان موقفه في المسألة المشتركة، وكان ينبغي ان يبدأ بترتيب الورثة وهذا ما بينه في المادة التي تليها.

ثالثاً– ان المشرع الاردني عالج مسائل الميراث في ثلاث مواد (180 ، 181 ، 182)، مما يؤدي إلى صعوبة في حل المنازعات، إذ يستوجب ذلك الرجوع إلى الكتب الفقهية المطولة ويترتب على ذلك اطالة النزاع كما أنه يؤدي إلى تضارب في قرارات المحاكم، فتعيين الراجح من المذهب الحنفي للرجوع إليه عند عدم النص(9). لا يلغي هذه الانتقادات فالمذهب الحنفي فيه مجموعة كبيرة من العلماء ومن ثم يصعب على القاضي مع كثرة مشاغله التوصل إلى الرأي الراجح من هذا المذهب. وهذا واضح من قرارات المحاكم الاردنية إذ جاء في أحد قرارات محكمة الاستئناف الشرعية فيما يخص دعوى تخص ذوي الأرحام ما يآتي : ((هذه المسألة موضع خلاف بين العلماء : فمنهم من جنح إلى ترجيح قول أبي يوسف والاعتماد عليه كائمة بخارى بحجة أنه اسهل على المفتي وايسر في العمل، ومنهم من رجح قول محمد وهم الاكثرون من ذلك ما جاء في رسائل إبن عابدين)) “ج1 ص35” وبقول محمد يفتى في توريث جميع ذوي الأرحام ، وهو اشهر الروايتين ، كذا قال الشيخ سراج الدين في شرح فرائضه ، وقال الكافي : وقول محمد اشهر الروايتين عن أبي حنيفة في ذوي الأرحام جميعهم وعليه الفتوى ، ومنها أيضاً ما جاء في “ج1، ص342” من التنقيح، قال في الملتقى : وبقول محمد يفتى ، وفي التتار خانية قول محمد اشهر الروايتين عن أبي حنيفة في ذوي الأرحام جميعهم وهو الظاهر من المذهب كما ذكره في السراجية “ص276 – 281” واعتمده في عدة ارباب الفتوى “ص532”. وجاء في الهندية “ج5 ص460” وقول محمد اشهر الروايتين عن أبي حنيفة في ذوي الأرحام جميعهم وعليه الفتوى ، وقال الامام الاسبيجابي في المبسوط : قول أبي يوسف اصح لانه اسهل ، وقال صاحب المحيط : ومشايخ بخارى اخذوا بقول أبي يوسف في جنس هذه المسائل كذا في الكافي . وقد اختلف في المفتى به فمن قائل : يفتى بمذهب أبي يوسف لسهولته ، ومن قائل: يفتى بمذهب محمد ، وهو المأخوذ من اكثر الكتب . وقد جاء بان الورثة إذا كانوا كلهم اولاداً أصحاب فرائض كبنات أخوات متفرقات يقسم المال على الاصول أي الإخوة والأخوات مما اصاب كل فريق يقسم بين فروعه كما في الصنف الأول ، وهي مماثلة لحادثة الاستئناف ، ومنها ما جاء في رد المحتار “ج1 في رسم المفتي” وقد صرحوا بان الفتوى على قول محمد في جميع مسائل ذوي الأرحام ، ومنها ما ذكره في التنقيح واعتمده في الفرائد البهية في القواعد الفقهية “ص326” كل مسألة اختلف فيها فالعمل على ما قاله الاكثر ، وقد جاء في حكم المحكمة الجمالية الشرعية في مصر بتاريخ 22 ربيع الآخر 1352 وفق 13 اغسطس سنة 1933 ما نصه ((وقد اختلف الافتاء ، والمأخوذ من اكثر الكتب الفقهية ان الفتوى بمذهب محمد ، انظر مجلة المحاماة الشرعية المصرية سنة 1932. لذلك كان الحكم باعطاء إبن الأخت لأم سهماً واحداً وبنت الأخت لابوين ثلاثة اسهم في المسألة التي صحت من أربعة اسهم موافقاً للراجح من مذهب أبي حنيفة فتقرر تصديقه))(10). ويلاحظ على هذا القرار شأنه شأن غيره من القرارات الاستئنافية المتعلقة بالميراث النقاط الآتية:

أ– ان القرار طويل جداً بسبب عدم نص يحكمه في قانون الأحوال الشخصية الاردني مما يستلزم الرجوع إلى كتب الفقه الحنفي المطولة.

ب– ذكر في القرار عدد كبير جداً من امهات كتب الفقه الحنفي يصل إلى (13) كتاب وفيها اراء مختلفة بالاخذ برأي أبي يوسف أو محمد في توريث ذوي الأرحام.

جـ- ان القرار استشهد بقرار لمحكمة شرعية في مصر، على الرغم ان القضاء الاردني مستقل عن القضاء المصري.

وهذه الصعوبات في التطبيق دعت القضاة والمحامين والباحثين إلى الدعوة بضرورة سن قانون للارث في الاردن ، وفعلا شكلت لجنة لهذا الغرض واعدت مشروعاً لقانون الارث يعالج مسائل الارث بالتفصيل، إلا ان هذا المشرع لم يصدر قانونا إلى وقتنا هذا مع أنه قد وضع منذ سنوات(11).

____________________

[1]- نشر القانون المدني الاردني المؤقت رقم (43) لسنة 1976، المنشور في الجريدة الرسمية ذي العدد (2645) في 1/8/1976، واصبح قانوناً دائماً بعد اقراره من مجلس الامة بموجب الاعلان المنشور في الجريدة الرسمية ذي العدد (4106) في 16/3/1996.

2- انظر المحامي محمد أبو بكر ، موسوعة القوانين المتعلقة بالاراضي والمساحة ، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ، ط1 ، عمان ، 1999 ، ص300.

3- قانون رقم (4) لسنة 1991، المنشور في الجريدة الرسمية ذي العدد (3747) في 16/3/1991.

4- انظر د. عبد المنعم فرج الصدة ، المصدر السابق ، ص1055.

5- قانون الاحوال الشخصية الاردني رقم (61) لسنة 1976، المنشور في الجريدة الرسمية ذي العدد (2668) في 1/12/1976.

6- انظر المادة (181) من قانون الأحوال الشخصية الاردني.

7- انظر أبو بكر بن حسن الكشناوي ، اسهل المدارك شرح ارشاد المسالك ، جـ3، ط2 ، مطبعة عيسى الحلبي ، القاهرة ، ص295 –296.

8- انظر شمس الدين السرخسي ، المصدر السابق ، ص492 وما بعدها.

9- انظر نص المادة (183) من قانون الأحوال الشخصية الاردني .

0[1]- قرار محكمة الاستئناف الشرعية الاردنية المرقم (14207) في 3/10/1965 . وبالتجاه نفسه قرار المحكمة ذاتها المرقم (31404) في 31/3/1990 ، وقرارات اخرى بالتجاه نفسه نقلا عن القاضي أحمد محمد علي داؤد ، القرارات الاستئنافية في الأحوال الشخصية ، جـ1، ط1 ، مكتبة دار الثقافة ، عمان ، 1999 ، ص 65 – 109.

1[1]- انظر د. عارف خليل أبو عيد ، الوجيز في الميراث ، ط1 ، دار النفائس ، عمان ،1992 ، ص148.

 اعادة نشر بواسطة محاماة نت .