الطعن 7820 لسنة 84 ق جلسة 2 / 12 / 2014 مكتب فني 65 ق 118 ص 897

برئاسة السيد القاضي / جاب الله محمد أحمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد سامي إبراهيم ، عابد راشد ، هشام والي ووليد عادل نواب رئيس المحكمة .
———–
(1) حكم ” بيانات التسبيب ” ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
مثال .
(2) إثبات ” خبرة ” .حكم ” ما لا يعيبه في نطاق التدليل ” .
عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا ينال من سلامة الحكم .
مثال .
(3) إثبات ” شهود ” . حكم ” ما لا يعيبه في نطاق التدليل ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير أقوال الشهود ” .
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها .
عدم التزام المحكمة بسرد روايات كل الشهود إن تعددت . حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه .
اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم . غير مؤثر في سلامته . للمحكمة في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه .
مثال .
(4) إثبات ” بوجه عام ” ” شهود ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى ” ” سلطتها في تقدير الدليل ” ” سلطتها في تقدير أقوال الشهود ” . حكم ” ما لا يعيبه في نطاق التدليل ” .
لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه . ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي . أخذ المحكمة الموضوع بشهادتهم . مفاده ؟
تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . ما دامت المحكمة استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه .
للمحكمة الأخذ بأقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى . ولو تخالفت وعدل عنها .
تأخر الشاهد في الإدلاء بشهادته . لا يمنع المحكمة من الأخذ بها . ما دامت قد اطمأنت إليها .
ورود شهادة الشاهد على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها . غير لازم . شرط ذلك ؟
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
المنازعة حول تصوير المحكمة للواقعة وفي تصديقها لأقوال المجنى عليهما وشهود الإثبات التي اطمأنت إليها وحصلتها بغير تناقض . جدل موضوعي .
(5) استدلالات . إثبات ” قرائن ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير جدية التحريات ” . حكم ” ما لا يعيبه في نطاق التدليل ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة . ما دامت قد عرضت على بساط البحث .
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) إجراءات ” إجراءات المحاكمة ” . إثبات ” شهود ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” . قضاة ” صلاحيتهم ” .
النعي على المحكمة قعودها عن سماع شهود الإثبات الذين تنازل دفاع الطاعن صراحة عن سماعهم . غير مقبول . ولو أصدرت المحكمة قراراً سابقاً بإعلانهم ثم عدلت عنه .
قرار المحكمة في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة . تحضيري . لا تتولد عنه حقوق للخصوم . عدولها عنه . لا يعد إبداءً لرأيها في موضوع الدعوى قبل نظرها .
(7) إجراءات ” إجراءات المحاكمة ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها”.
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها . غير جائز .
مثال .
(8) إثبات ” شهود ” . إجراءات ” إجراءات المحاكمة ” . محكمة الجنايات ” الإجراءات أمامها ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
نعي الطاعن على المحكمة قعودها عن سماع شهود للواقعة لم يطلب منها سماعهم . غير مقبول .
للمحكمة الإعراض عن طلب الطاعن سماع شهود نفي . ما دام لم يتبع الطريق الذي رسمه القانون لإعلانهم أمام محكمة الجنايات .
(9) أسباب الإباحة وموانع العقاب ” الدفاع الشرعي ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي ” . دفوع ” الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” .
التمسك بحق الدفاع الشرعي . متى يستوجب رداً خاصاً ؟
عدم التزام المحكمة بالرد استقلالاً على الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي . ما دام المتهم لم يتمسك بها إلا من باب الفرض الجدلي .
عدم صدور أية أفعال من المجنى عليهما تستوجب الدفاع الشرعي عن النفس أو المال . مفاده ؟
(10) دفوع ” الدفع بشيوع التهمة ” ” الدفع بتلفيق التهمة ” ” الدفع بنفي التهمة ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره”.
الدفع بشيوع التهمة وكيدية الاتهام وتلفيقه وعدم الوجود على مسرح الحادث . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادة الرد عليه دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها حكم الإدانة .
(11) محضر الجلسة . إجراءات ” إجراءات المحاكمة ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” .
خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الطاعن كاملاً . لا يعيب الحكم . علة ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافـة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقـه أدلـة سائغـة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى أتبع ذلك ببيان مفصل للأدلة ومن بينها أقوال شهود الإثبات وتقرير الطب الشرعي ، وكان ما أورده الحكم من أقوال شهود الإثبات وتقرير الطب الشرعي يحقق مراد الشارع الذى استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة فإنه ينحسر عن الحكم دعوى القصور في هذا الخصوص .
2- لما كان الحكم قد أورد مضمون تقرير الطب الشرعي الخاص بالمجنى عليه …. ” شاهد الإثبات الأول ” وأبرز ما جاء به ” من أن إصابته جائزة الحدوث وفق تصويره من مثل الأداة الواردة بأقواله في تاريخ معاصر للواقعة وقد تخلف لديه من جراء إصابته عاهة مستديمة يستحيل برؤها تتمثل في فقد في عظام الجمجمة وضعف شديد في إبصار العين اليسرى وخزل أيمن بسيط ولعثمة بسيطة في الكلام مما يعتبر عاهة مستديمة تقدر نسبتها بنحو 40% ” أربعون في المائة ” . كما أورد مضمون تقرير الطب الشرعي الخاص بالمجنى عليه …. ” شاهد الإثبات الثاني ” من أن إصابته جائزة الحدوث في تاريخ معاصر للواقعة من مثل الأداة المستخدمة وأنه تخلف لديه من جراء إصابته بالكتف الأيسر إعاقة في حركة الكتف لحد 90 درجة على كسر غير ملتئم بقطاع الكوع الأيسر مما يعد عاهة مستديمة تقدر نسبتها بنحو 15% ” ، فإن ما ينعاه الطاعن من عدم إيراد مضمون تقرير الطب الشرعي كاملاً لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه .
3- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وكان من المقرر كذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ، ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها ، وإذ كان الطاعن لا يجادل في أن ما نقله الحكم من أقوال الشاهدين الأول والثاني ” المجنى عليهما ” له أصله الثابت في الأوراق ولم يخرج الحكم عن مدلول شهادتهما فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشهود الثالث والرابع والسادس والسابع والثامن إلى ما أورده من أقوال الشاهدين المذكورين ولا يؤثر فيه أن تكون أقوالهم اختلفت – على فرض صحة ذلك – بشأن بعض التفصيلات التي لم يحصلها الحكم إذ إن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوال الشهود الثالث والرابع والسادس والسابع والثامن إلى ما حصله من أقوال الأول والثاني فيما اتفقا فيه أنه التفت عن هذه التفصيلات مما تنحسر معه عن الحكم دعوى القصور في التسبيب .
4- لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالمــا هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى المحكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه كما أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو تخالفت وعدل عنها ، كما أن تأخر الشاهد في الإدلاء بشهادته لا يمنع المحكمة من الأخذ بها متى اطمأنت إليها ، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفى أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدى إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة في الدعوى وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حــدة دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى أقوال المجنى عليهما ” شاهدي الإثبات الأول والثاني” وبـاقي شهود الإثبات – التي حصلها بغير تناقض – وبصحة تصويرهم للواقعة ووثق بروايتهم المؤيدة بتقرير الطب الشرعي ، فإن كافة ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة وفى تصديقها لأقوال المجنى عليهما وشهود الإثبات وما يسوقه الطاعن بالنسبة لأقوالهم لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى وتقدير أدلتها تأدياً لمناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدانها بالدليل الصحيح ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5- لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
6- لما كان الثابت من مطالعة محضر جلسة المرافعة الأخيرة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال الشهود الواردة بالأوراق وترافع الدفاع عن الطاعن في موضوع الدعوى وانتهى إلى طلب البراءة فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماع شهود الإثبات الذين تنازل صراحة عن سماعهم ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل ولا يغير من ذلك أن تكون المحكمة هي التي قررت من تلقاء نفسها التأجيل لإعلان شهود الإثبات ثم عدلت عن قرارها ، ذلك لأن القرار الذى تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق . هذا فضلاً عن أن عدول المحكمة عن قرارها التحضيري لا يعد إبداء لرأيها في موضوع الدعوى قبل نظرها ، كما ذهب الطاعن في أسباب طعنه فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون في غير محله .
7- لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن أياً من المدافعين عن الطاعن لم يطلب من المحكمة مناقشة محرر التحريات وسماع شهادته أمام المحكمة ومن ثم فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها .
8- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة سماع شهود الواقعة فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها ، هذا فضلاً عن أنه بفرض طلب الطاعن سماع شهود الواقعة الذين أشار إليهم بأسباب طعنه وهم شهود نفى فإنه لا جناح على المحكمة إن هي أعرضت عن هذا الطلب ما دام الطاعن لم يتبع الطريق الذى رسمه قانون الإجراءات الجنائية لإعلان الشهود الذين يطلب سماع شهادتهم أمام محكمة الجنايات .
9- لما كان التمسك بحق الدفاع الشرعي الذى يستوجب من قبل القضاء الموضوعي رداً خاصاَ يقتضى أن يكون الجاني معترفاً بالجريمة الواقعة منه اعترافاً صريحاً لا لبس فيه ومتمسكاً في الوقت ذاته بأن غريزة الدفاع عن النفس أو المال هي التي دفعته إلى اقتراف ما صدر منه أما إذا كان المتهم لم يتمسك بحالة الدفاع إلا من باب الفرض الجدلي فإن المحكمة تكون في حل من أن لا ترد على هذا الدفع استقلالاً اكتفاء باستعراض الوقائع الدالة على ما ثبت لديها واستخلاص ما تراه منها لمعاملة المتهم بمقتضاه . وفضلاً عن ذلك ، فإن واقعة الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه تنبئ عن أنه لم يصدر من المجنى عليهما أي فعل مستوجب للدفاع الشرعي عن النفس أو المال ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن ذلك يكون ولا محل له .
10- لما كان الدفع بشيوع التهمة وكيدية الاتهام وتلفيقه وعدم الوجود على مسرح الحادث من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة بل يستفاد الرد عليه دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، ومن ثم يكون النعي في هذا المقام غير قويم .
11- لما كان ما يثيره الطاعن من خلو محضر جلسة المحاكمة من إثبات دفاعه ، فإنه لما كان الطاعن لا يدعى أن المحكمة قد منعت الدفاع عنه مباشرة حقه ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً ، إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في المحضر ، كما أن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم ، وإلا لم تجز المحاجة من بعد أمام محكمة النقض على أساس من تقصيره فيما كان يتعين عليه تسجيله ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر سبق الحكم عليه بأنهما شرعا في قتل …. عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن قام المتهم بضربه بأداة ” عصا ” على رأسه حال قيام المتهم الثالث بضربه بأداة ” بلطة ” على وجهه فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي قاصدين من ذلك قتله وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو مداركة المجنى عليه بالعلاج وقد تخلف لدى المجنى عليه من جراء إصابته عاهة مستديمة يستحيل برؤها تقدر نسبتها بنحو 90% على النحو المبين بتقرير الطب الشرعي .
المتهم وآخرون سبق الحكم عليهم :ــ
أحدثوا عمداً بالمجنى عليه / …. الإصابات المبينة بتقرير الطب الشرعي بأن قام المتهم الأول بضربه بأداة ” ماسورة حديدية ” على كتفه الأيسر وقام المتهم الثاني بضربه بأداة ” بلطة ” على رأسه حال قيام المتهمين الثالث والرابع بضربه بأداة ” عصي ” فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها تتمثل في إصابته بالكتف الأيسر بإعاقة في حركة الكتف لحد 90 درجة مع كسر غير ملتئم بعظمة الكوع الأيسر وتقدر نسبتها بنحو 15% .
أحرز بدون ترخيص سلاحا أبيض ” ماسورة حديدية ” مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
وأحالته إلى محكمة جنايات …. لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للثالث وغيابياً للأول والثاني والرابع في 11 مـن فبراير لسنـة 2009 عمـلاً بالمـــــــواد 39/أولاً ، 40/أولاً ، 240/1 من قانون العقوبات والمادتين 1/1 ، 25مكرر/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبندين رقمي 5 ، 7 من الجدول رقم (1) الملحق بمعاقبة كل من …. ، …. ، …. ، و…. بالسجن لمدة خمس سنوات عما أسند إليهم وألزمتهم المصاريف الجنائية وألزمت المتهم الثالث بأن يؤدى للمدعين بالحق المدني مبلغ خمسة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت وألزمته مصاريف الدعوى المدنية ومائة جنيه مقابل أتعاب محاماة .
وإذ أعيدت إجراءات محاكمة الطاعن …. أمام محكمة جنايات …. .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عمـلاً بالمواد 39/أولاً ، 40/أولاً ، 240/1 من قانون العقوبات والمادتين 1/1 ، 25مكرر/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبندين رقمي 5 ، 7 من الجدول رقم (1) الملحق مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة …. بالسجن لمدة خمس سنوات عما أسند إليه وألزمته بأن يؤدى للمدعى بالحق المدني مبلغ 5001 جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت وألزمته بمقابل أتعاب المحاماة ، باعتبار أن التهمة الأولى هي جريمة ضرب أفضى إلى عاهة مستديمة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض … إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إحداث عاهة مستديمة وإحراز أداة ” ماسورة حديد ” مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه عول في إدانته على أقوال شهود الإثبات وتقرير الطب الشرعي دون أن يورد مضمونهما ومؤداهما بصورة وافية ، وأحال في بيان مؤدى شهادة الشهود الثالث والرابع والسادس والسابع والثامن إلى ما أورده من أقوال الشاهدين الأول والثاني ” المجنى عليهما ” رغم اختلاف أقوالهم ، وعول في الإدانة على أقوال المجنى عليهما ” شاهدي الإثبات الأول والثاني ” وباقي شهود الإثبات معتنقاً تصويرهم للواقعة رغم أنها لا تجدي في إثبات ارتكابه الجريمة لمخالفتها للعقل والمنطق بدلالة عدم صدق هذه الأقوال وتناقضها وتضاربها في محضر جمع الاستدلالات عنها في تحقيقات النيابة وأنها جاءت مجاملة للمجنى عليهما فضلاً عن تأخرهم في الإدلاء بشهادتهم وأن منهم من عدل عن أقواله بمحضر جمع الاستدلالات كما أنهم لم يشاهدوا واقعة تعدى الطاعن على المجنى عليه الثاني ” جمال صابر الليثي ” ونجله محمد ، وعلى تحريات الشرطة رغم أنها لا تصلح بذاتها دليلاً للإدانة ، ولم تجبه المحكمة إلى طلبه سماع شهود الإثبات ومناقشة محرر التحريات رغم تأجيلها نظر الدعوى من قبل لسماعهم مما يدل على أنها كونت رأيها قبل نظر الدعوى ، ولم تعن بسماع أقوال شهود الواقعة ، كما أن المدافع عن الطاعن تمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي إلا أن الحكم لم يعرض لهذا الدفع والتفت عن الرد عليه ، وأغفل دفاعه القائم على شيوع الاتهام وكيدية الاتهام وتلفيقه وعدم تواجده على مسرح الجريمة وعدم ارتكابها ، وأخيراً فقد خلا محضر الجلسة من إثبات دفاع الطاعن كاملاً . كل ذلك يعيب الحكم ويستوجـب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافـة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقـه أدلـة سائغـة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى أتبع ذلك ببيان مفصل للأدلة ومن بينها أقوال شهود الإثبات وتقرير الطب الشرعي ، وكان ما أورده الحكم من أقوال شهود الإثبات وتقرير الطب الشرعي يحقق مراد الشارع الذى استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة فإنه ينحسر عن الحكم دعوى القصور في هذا الخصوص . فضلاً عن ذلك فقد أورد الحكم مضمون تقرير الطب الشرعي الخاص بالمجنى عليه خالد صابر الليثي إبراهيم ” شاهد الإثبات الأول ” وأبرز ما جاء به ” من أن إصابته جائزة الحدوث وفق تصويره من مثل الأداة الواردة بأقواله في تاريخ معاصر للواقعة وقد تخلف لديه من جراء إصابته عاهة مستديمة يستحيل برؤها تتمثل في فقد في عظام الجمجمة وضعف شديد في إبصار العين اليسرى وخزل أيمن بسيط ولعثمة بسيطة في الكلام مما يعتبر عاهة مستديمة تقدر نسبتها بنحو 40 % ” أربعون في المائة ” . كما أورد مضمون تقرير الطب الشرعي الخاص بالمجنى عليه جمال صابر الليثي ” شاهد الإثبات الثاني ” من أن إصابته جائزة الحدوث في تاريخ معاصر للواقعة من مثل الأداة المستخدمة وأنه تخلف لديه من جراء إصابته بالكتف الأيسر إعاقة في حركة الكتف لحد 90 درجة على كسر غير ملتئم بقطاع الكوع الأيسر مما يعد عاهة مستديمة تقدر نسبتها بنحو 15 % ” ، فإن ما ينعاه الطاعن من عدم إيراد مضمون تقرير الطب الشرعي كاملاً لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وكان من المقرر كذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ، ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها ، وإذ كان الطاعن لا يجادل في أن ما نقله الحكم من أقوال الشاهدين الأول والثاني ” المجنى عليهما ” له أصله الثابت في الأوراق ولم يخرج الحكم عن مدلول شهادتهما فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشهود الثالث والرابع والسادس والسابع والثامن إلى ما أورده من أقوال الشاهدين المذكورين ولا يؤثر فيه أن تكون أقوالهم اختلفت – على فرض صحة ذلك – بشأن بعض التفصيلات التي لم يحصلها الحكم إذ إن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوال الشهود الثالث والرابع والسادس والسابع والثامن إلى ما حصله من أقوال الأول والثاني فيما اتفقا فيه أنه التفت عن هذه التفصيلات مما تنحسر معه عن الحكم دعوى القصور في التسبيب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالمــا هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى المحكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه كما أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو تخالفت وعدل عنها ، كما أن تأخر الشاهد في الإدلاء بشهادته لا يمنع المحكمة من الأخذ بها متى اطمأنت إليها ، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفى أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدى إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة في الدعوى وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حــدة دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى أقوال المجنى عليهما “شاهدي الإثبات الأول والثاني” وباقي شهود الإثبات – التي حصلها بغير تناقض – وبصحة تصويرهم للواقعة ووثق بروايتهم المؤيدة بتقرير الطب الشرعي ، فإن كافة ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة وفى تصديقها لأقوال المجنى عليهما وشهود الإثبات وما يسوقه الطاعن بالنسبة لأقوالهم لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى وتقدير أدلتها تأدياً لمناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدانها بالدليل الصحيح ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المرافعة الأخيرة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال الشهود الواردة بالأوراق وترافع الدفاع عن الطاعن في موضوع الدعوى وانتهى إلى طلب البراءة فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماع شهود الإثبات الذين تنازل صراحة عن سماعهم ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل ولا يغير من ذلك أن تكون المحكمة هي التي قررت من تلقاء نفسها التأجيل لإعلان شهود الإثبات ثم عدلت عن قرارها ، ذلك لأن القرار الذى تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق . هذا فضلاً عن أن عدول المحكمة عن قرارها التحضيري لا يعد إبداء لرأيها في موضوع الدعوى قبل نظرها ، كما ذهب الطاعن في أسباب طعنه فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن أياً من المدافعين عن الطاعن لم يطلب من المحكمة مناقشة محرر التحريات وسماع شهادته أمام المحكمة ومن ثم فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها . لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة سماع شهود الواقعة فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها ، هذا فضلاً عن أنه بفرض طلب الطاعن سماع شهود الواقعة الذين أشار إليهم بأسباب طعنه وهم شهود نفى فإنه لا جناح على المحكمة إن هي أعرضت عن هذا الطلب ما دام الطاعن لم يتبع الطريق الذى رسمه قانون الإجراءات الجنائية لإعلان الشهود الذين يطلب سماع شهادتهم أمام محكمة الجنايات . لما كان ذلك ، وكان التمسك بحق الدفاع الشرعي الذى يستوجب من قبل القضاء الموضوعي رداً خاصاَ يقتضى أن يكون الجاني معترفاً بالجريمة الواقعة منه اعترافاً صريحاً لا لبس فيه ومتمسكاً في الوقت ذاته بأن غريزة الدفاع عن النفس أو المال هي التي دفعته إلى اقتراف ما صدر منه أما إذا كان المتهم لم يتمسك بحالة الدفاع إلا من باب الفرض الجدلي فإن المحكمة تكون في حل من أن لا ترد على هذا الدفع استقلالاً اكتفاء باستعراض الوقائع الدالة على ما ثبت لديها واستخلاص ما تراه منها لمعاملة المتهم بمقتضاه . وفضلاً عن ذلك ، فإن واقعة الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه تنبئ عن أنه لم يصدر من المجنى عليهما أي فعل مستوجب للدفاع الشرعي عن النفس أو المال ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن ذلك يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان الدفع بشيوع التهمة وكيدية الاتهام وتلفيقه وعدم الوجود على مسرح الحادث من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة بل يستفاد الرد عليه دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ومن ثم يكون النعي في هذا المقام غير قويم . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من خلو محضر جلسة المحاكمة من إثبات دفاعه ، فإنه لما كان الطاعن لا يدعى أن المحكمة قد منعت الدفاع عنه مباشرة حقه ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً ، إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في المحضر ، كما أن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم ، وإلا لم تجز المحاجة من بعد أمام محكمة النقض على أساس من تقصيره فيما كان يتعين عليه تسجيله ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .