الطعن 1503 لسنة 60 ق جلسة 14 / 7 / 1994 مكتب فني 45 ج 2 ق 229 ص 1208

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين المتناوي، شكري جمعه حسين، فتيحه قرة نواب رئيس المحكمة وماجد قطب.
————
– 1 إيجار “إيجار الأماكن” “انتهاء عقد الإيجار”.
عقود الإيجار الغير خاضعة للقوانين الاستثنائية . مؤقتة . عدم تحديد مدتها أو ربط إنهائها بأمر مستقبل غير محقق الوقوع أو استحالة معرفة تاريخ انتهائها . وجوب اعتبار العقد منعقدا للفترة المحددة لدفع الأجرة لكل من طرفيه الحق في إنهائه بالتنبيه على الأخر في الميعاد القانوني . المادتان 558 ، 563 مدنى .
مفاد النص في المادتين 558، 563 من القانون المدني يدل – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض وهيئتها العامة – على أن المشرع استلزم توقيت عقد الإيجار واعتبر المدة ركناً فيه وأنه إذا عقد دون اتفاق على ميقات ينتهي فيه الإيجار أو تعذر إثبات المدة المدعاة أو عقد لمدة غير معينة بحيث لا يمكن معرفة تاريخ انتهاء الإجارة على وجه التحديد كأن ربط انتهاؤها بأمر مستقبل غير محقق الوقوع تعين اعتبار العقد منعقدا للفترة المعينة لدفع الأجرة ويكون لكل من المتعاقدين الحق في إنهاء العقد بعد التنبيه على الآخر بالإخلاء في المواعيد المبينة بنص المادة 563 سالفة البيان.
– 2 إيجار “إيجار الأماكن” “انتهاء عقد الإيجار”.
انعقاد عقد الإيجار لمدة محددة تتجدد تلقائيا لمدد مماثلة طالما كان المستأجر قائما بتنفيذ التزاماته . تخويله وحده دون المؤجر حق إنهائه . أثره وجوب اعتبار العقد – بعد انتهاء المدة الاتفاقية – منعقدا للفترة المحددة لدفع الأجرة وانقضائه بالتنبيه بناء على طلب أحد المتعاقدين في المواعيد المبينة بنص المادة 563 مدنى .
لما كان النص في عقد الإيجار على انعقاده لمدة محددة تتجدد تلقائياً لمدد أخرى مماثله ما دام المستأجر يقوم بتنفيذ التزاماته وأحقية الأخير وحده دون المؤجر في إبداء الرغبة في إنهائه يؤدي إلى اعتبار العقد بعد انتهاء المدة المتفق عليها متجدداً تلقائياً لمدد أخرى مماثلة لا يعرف على وجه التحديد تاريخ انتهائها إذ أن نهايتها منوطه بمحض مشيئة المستأجر وحده أو خلفه العام ولا يعرف متى يبدي أيهما الرغبة في إنهاء العقد خاصة وأن الأصل في عقد الإيجار أنه لا ينتهي إعمالاً لنص المادة 601 من القانون المدني – بوفاة المستأجر وتنصرف آثاره إلى خلفه العام عملاً بنص المادة 145 من ذات القانون ما لم يتبين من العقد أو طبيعة التعامل أو نص القانون أن هذا الأثر لا ينصرف إليهم. ومن ثم فإن عقد الإيجار يعتبر في هذه الحالة منعقداً لمدة غير معينة ويتعين إعمال نص المادة 563 مدني واعتباره بعد انتهاء مدته الأولى المتفق عليها – متجدداً للفترة المحددة لدفع الأجرة وينتهي بانقضائها بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الآخر بالإخلاء في المواعيد المبينة بنص هذه المادة فإن لم يحصل التنبيه تجدد العقد للمدة المحددة لدفع الأجرة ثم لمدة مماثلة وهكذا إلى أن يحصل التنبيه ولا يسوغ استبعاد نص المادة 563 من القانون المدني.
– 3 إيجار “إيجار الأماكن” “انتهاء عقد الإيجار”.
ثبوت انعقاد عقد الإيجار محل النزاع لمدة ستة اشهر تتجدد طالما كان المستأجر قائماً بسداد الأجرة وحقه وحده في طلب إنهائه . وجوب اعتباره منعقدا للفترة المحددة لدفع الأجرة وحق المتعاقدين في طلب إنهائه بالتنبيه على الأخر قبل النصف الأخير من الشهر. م 563 مدنى . قيام الطاعنين بالتنبيه على المطعون ضدهم بإنهاء العقد في الميعاد . أثره . انفصام العلاقة الإيجارية .
لما كان الثابت أن عقد الإيجار محل النزاع المؤرخ 1/8/1972 قد انعقد لمدة ستة أشهر تتجدد ما دام المستأجر يقوم بسداد الأجرة وله وحده الحق في طلب إنهائه، فإنه مع وجود هذا الشرط يعتبر العقد بعد انتهاء مدته الأولى منعقداً للفترة المحددة لدفع الأجرة – أي مشاهرة حسبما جاء بالعقد – ويكون لأي من المتعاقدين “المؤجر والمستأجر” – على حد سواء – الحق في إنهاء العقد إذا نبه على الآخر في المواعيد المبينة في المادة 563 من القانون المدني وكان المطعون ضده الأول “المؤجر” قد نبه الطاعن بإنهاء العقد وفقاً لحقه المستمد من القانون لا العقد فإن العلاقة الإيجارية تكون قد انفصمت بهذا التنبيه وإذ انتهى الحكم الابتدائي المؤبد بالحكم المطعون فيه إلى النتيجة الصحيحة في القانون.
– 4 إيجار “إيجار الأماكن” “انتهاء عقد الإيجار”.
ثبوت أن عقد الإيجار سند الدعوى غير محدد المدة . اعتباره منعقدا لمدة شهر وهي الفترة المعينة لدفع الأجرة . مؤداه . للمؤجر إنهائه بالتنبيه على المستأجر قبل النصف الأخير من الشهر . تجدد العقد قبل استعمال المؤجر حقه في التنبيه لمدد متوالية . انتهاء هذه المدة في 1980/7/31 حصول التنبيه في 1980/7/30 اعتبار العقد انعقد لمدة شهر أغسطس ينتهى في 1980/8/31 ويكون التنبيه قد تم في الميعاد القانوني . أثر ذلك . انحلال العلاقة العقدية .
لما كان عقد الإيجار سند الدعوى وفقاً لشروطه التي تجيز للمستأجر “الطاعن” دون المؤجر “المطعون ضده الأول” الحق في إنهاء العلاقة الإيجارية هو عقد غير محدد المدة، ووفقاً لحكم المادة 563 من القانون المدني يعتبر منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة ويكون لكل من المتعاقدين الحق في إنهائه بعد التنبيه على الآخر بالإخلاء في المواعيد المبينة بالنص المشار إليه، ولما كان النص في عقد الإيجار سند الدعوى على أن الأجرة تدفع شهرياً ومن ثم يحق للمطعون ضده الأول – المؤجر التنبيه على المستأجر بالإنهاء استعمالاً لهذا الحق الذي يستمده من القانون إذا قام به قبل النصف الأخير من الشهر عملاً بالمادة 563 سالفة البيان، ولما كان العقد المؤرخ 1/8/1972 قد انعقد لمدة ستة أشهر تتجدد تلقائياً ما دام المستأجر “الطاعن” يقوم بتنفيذ التزامه بسداد الأجرة فإن هذا العقد قد تجدد – قبل استعمال المؤجر “المطعون ضده الأول” حقه في الإنهاء – لمدد متوالية تنتهي على التوالي كل ستة شهور في آخر يناير، آخر يوليو من كل سنة وآخر هذه المدد تنتهي في 31/8/1980 في الوقت الذي حصل فيه التنبيه في 30/7/1980، ووفقاً لحكم المادة 563 من القانون المدني والنظر القضائي المتقدم يعتبر العقد متجددا لمدة شهر أغسطس “وهي المدة المعينة لدفع الأجرة” وينتهي في 31/8/1980 ويكون التنبيه صحيحاً إذا تم قبل النصف الأخير من هذا الشهر وفقاً للقواعد القانونية الواردة في المساق المتقدم، وإذ تم هذا التنبيه في 30/7/1980 فإنه يكون قد تم في الميعاد المنصوص عليه في القانون ويترتب عليه – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – انحلال العلاقة العقدية وفقاً للنص المشار إليه واستعمالاً لحق المؤجر الذى يستمده من القانون، وإذا انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة في القانون فلا يعيبه ما تضمنه من أسباب قانونية خاطئة في هذا الشأن إذ أن لهذه المحكمة أن تصححها دون أن تنقض الحكم.
– 5 دعوى “شطب الدعوى، عقد “إنهاء العقد” “التنبيه”.
استنفاد اثر التنبيه . مناطه . إقامة دعوى بإنهاء العقد استنادا أليه والحكم في موضوعها بالإيجاب أو الرفض . الأحكام والقرارات التي تصدرها المحكمة في الدعوى قبل الفصل في موضوعها . لا اثر لها على التنبيه . استمراره منتجا لكافة أثاره حتى الفصل في الطلبات .
لا محل لتحدي الطاعن بأنه كان يتعين توجيه هذا التنبيه قبل مدة الستة شهور الأخيرة بشهر وفقا لشروط العقد أو قبلها بشهرين تطبيقا لحكم القانون ترتيبا على مدة العقد الاتفاقية إذ يعتبر العقد منعقدا للفترة المعينة لدفع الأجرة على ما سلف بيانه، ولا يسوغ القول بأن التنبيه الحاصل في 30/7/1980 يعتبر حابط الأثر لسبق استعماله في الدعوى 8229 لسنة 1981 شمال القاهرة، إذ المناط في هذا الخصوص هو سبق إقامة دعوى بإنهاء العقد استنادا لهذا التنبيه وأن يحكم في الدعوى إما بإجابة المدعي إلى طلباته أو برفضها وفي الحالتين يكون التنبيه قد استنفد أثرة بالحكم في موضوع الدعوى أما ما عدا ذلك من الأحكام والقرارات التي تصدرها المحكمة في الدعوى الاولى قبل الفصل في موضوعها فلا يتأثر بها التنبيه ويظل قائما منتجا لكافة آثاره حتى تفصل المحكمة في الطلبات استنادا لهذا التنبيه.
– 6 دعوى “شطب الدعوى، عقد “إنهاء العقد” “التنبيه”.
شطب الدعوى . لا يستنفد به التنبيه الحاصل فيها أغراضه . علة ذلك .
إذ كان البين أن الدعوى رقم 8229 لسنة 1981 شمال القاهرة قد قررت المحكمة شطبها بجلسة 1983/1/3 حسبما أورده الطاعن نفسه في صحيفة طعنه فلا يكون التنبيه الحاصل فيها قد استنفذ أغراضه إذ أن قرار الشطب ليس معناه إلغاء الدعوى وزوال الآثار القانونية المترتبة عليها أو بمثابة الحكم في موضوعها وإنما معناه مجرد استبعادها من جدول القضايا وعدم الفصل فيها مع بقائها وبقاء كافة الآثار المترتبة عليها بحيث إذا طلب أحد من الخصوم السير في الدعوى بعد شطبها فإنها تعود إلى النقطة التي وقفت عندها بحكم الشطب. ويكون ما تم من إجراءات قبل الحكم بالشطب قائما ومنتجا لأثره، ومن ثم كان يحق للمطعون ضده الأول قانونا تجديد السير في تلك الدعوى بعد شطبها، ولا تثريب عليه إن هو قد سلك الطريق بإقامة دعوى النزاع الماثلة بذات الطلبات ولا يعيب الحكم المطعون فيه إن هو قد عول فيها على هذا التنبيه، كما لا يعيبه ما أورده في أسبابه في هذا الشأن ما دام قد انتهى إلى صحة التنبيه بإنهاء العقد وهي نتيجة صحيحة على ما سلف بيانه ويضحى النعي برمته على غير أساس.
– 7 إيجار “إيجار الأماكن” “بيع الجدك”. محكمة الموضوع “مسائل الواقع”.
الجدك . ماهيته . جواز إبقاء الإيجار في حالة بيع المتجر أو المصنع بالجدك بشروط معينة م 594/ 2 مدنى استثناء من الأصل العام . اختلافه عن حاله ورود الإيجار على عين زودها المالك بأدوات وآلات ومفروشات خروج الأخيرة عن نطاق قوانين أيجار الأماكن . شرطه . تقدير جدية الفرض أو صورته من سلطة محكمة الموضوع .
المراد بالجدك – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – هو ما يشمل جميع عناصر المتجر أو المصنع الذى ينشئه المستأجر بالعين المؤجرة من ثابت ومنقول ومن مقومات مادية ومعنوية كالاسم التجاري والاتصال بالعملاء وقد أستبدل القانون المدني بلفظ الجدك لفظي “مصنع أو متجر” فيما أورده بنص الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني استثناء من الحظر المقرر على حق المستأجر في التنازل عن الإيجار وذلك حين ينشئ الأخير بالعين المؤجرة محلاً تجارياً متجرا أو مصنعاً ويضطر إلى بيعه فأجاز المشرع للمحكمة – تحت شروط معينة بالرغم من قيام ذلك الحظر أن تقضي بإبقاء الإيجار، وهي حالة تخالف تلك التي ترد فيها الإجارة على عين زودها مالكها بأدوات وآلات أو مفروشات لاستثمارها في مشروع تجاري أو صناعي معين، إذ يكفي لإخراج إجارتها من نطاق تطبيق أحكام قوانين إيجار الأماكن أن تكون هذه الأدوات أو الآلات أو المفروشات جدية وتكون الإجارة قد استهدفتها بحيث يعتبر المبنى في ذاته عنصراً ثانوياً بالنسبة لها أو بمعنى آخر أن يثبت أن الإجارة شملت بالإضافة إلى منفعة المكان في ذاته مفروشات أو منقولات ذات قيمة تبرر تغليب منفعة تلك المفروشات أو المنقولات على منفعة العين وإلا اعتبرت العين مؤجرة خالية، ولمحكمة الموضوع تقدير جدية الفراش أو صوريته في ضوء ظروف الدعوى وملابساتها.
– 8 إيجار “إيجار الأماكن” “بيع الجدك”. محكمة الموضوع “مسائل الواقع”.
لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والقرائن والموازنة بينهما فيها وتقدير أقوال الشهود والأخذ بما تطمئن أليه وطرح ما عداه .
المقرر – أن لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير الأدلة والقرائن فيها والموازنة بين المستندات المقدمة لها، وكذا بما لها من تقدير أقوال الشهود والأخذ بما تطمئن إليه منها وطرح ما عداه.
———–
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الأول الدعوى رقم 2061 لسنة 1983 شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلغاء وصف الجدك بالعقد المبرم بينهما بتاريخ 1/8/1972 واعتباره خاليا. وقال في بيان دعواه إنه بموجب العقد المشار إليه استأجر المحل المبين بالصحيفة والعقد بأجرة شهرية قدرها ثمانية جنيهات بغرض استعماله ورشة لإصلاح الثلاجات، وأثبت في العقد على خلاف الحقيقة أن المحل مؤجر بالجدك للتحايل على أحكام قوانين إيجار الأماكن المتعلقة بالامتداد القانوني للعقد، وإذ يجوز له إثبات هذا التحايل بكافة طرق الإثبات أقام الدعوى. كما أقام المطعون ضده الأول على الطاعن والمطعون ضده الثاني الدعوى رقم 15589 لسنة 1983 شمال القاهرة الابتدائية بطلب إخلاء محل النزاع مفروشا للأول بموجب العقد المشار إليه على سند من تأجيره من الباطن للمطعون ضده الثاني وانتهاء مدته، وإذ أنذره بعدم الرغبة في تجديد العقد على يد محضر في 30/7/1980 وبخطاب موصى عليه بعلم الوصول مؤرخ 24/4/1980 ولما لم يمتثل فقد أقام الدعوى. وبعد أن أحالت المحكمة الدعويين للتحقيق وسمعت شهود الطرفين، حكمت برفض دعوى الطاعن وفي دعوى المطعون ضده بإخلاء المحل. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 5245 لسنة 105 ق القاهرة وبتاريخ 7/2/1990 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
————–
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثالث – عدا وجهه الثالث – على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق والإخلال بحق الدفاع. وفي بيان ذلك يقول إنه إعمالا لقاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين المنصوص عليها في المادة 147 من القانون المدني يمتنع على طرفي العقد نقضه أو إنهاؤه أو تعديله بالإرادة المنفردة على غير مقتضى شروطه ما لم يرد بذلك اتفاق صريح كما يلزم القاضي بإعمال وتطبيق نصوص العقد وأنه بالنسبة لعقود الإيجار التي تخضع للقانون المدني يصح تعليق انتهاء الإيجار على إرادة المستأجر المنفردة والنص في العقد على أحقيته في شغل العين إذا واظب على دفع الأجرة في الميعاد المحدد دون أن يعد ذلك مخالفا لقاعدة آمرة متعلقة بالنظام العام ولما كان النص في البند الثاني من عقد الإيجار المؤرخ 1/8/1972 على أن مدته الستة أشهر تبدأ من 1/8/1972 وتتجدد من تلقاء نفسها لمدة ستة أشهر أخرى ما لم ينبه الطرف الثاني (المستأجر) بإنهاء العقد قبل المدة السارية بشهر على الأقل. فإن لازم ذلك ومقتضاه سقوط حق المؤجر في طلب إنهاء العقد ويضحى أمر إنهاء العقد مرهونا بإرادة المستأجر وحده بعد التنبيه على المؤجر قبل نهاية مدة العقد أو المدة المجددة المساوية لها بشهر على الأقل، ولا يحق للأخير إنذار الأول (كطرف مستأجر) بإنهاء العقد لسبق تنازله عنه بموجب البند الثاني من العقد سالف الإشارة إليه، ويتعين لذلك القضاء بعدم قبول دعوى إنهاء العقد وإذ خالف الحكم المطعون فيه – المؤيد لقضاء الحكم الابتدائي هذه النظرة وخول للمطعون ضده الأول (كطرف مؤجر) الحق في طلب إنهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/8/1972 لانتهاء مدته ولعدم رغبته في تجديده لمدة أخرى مساوية دون أن يعنى ببحث مضمون البند الثاني من العقد المذكور مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد – ذلك أن النص في المادة 558 من القانون المدني على أن الإيجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة. والنص في المادة 563 من هذا القانون على أن “إذا عقد الإيجار دون اتفاق على مدة أو عقد لمدة غير معينة أو تعذر إثبات المدة المدعاة أعتبر الإيجار منعقدا للفترة المعينة لدفع الأجرة وينتهي بانقضاء هذه الفترة بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الآخر بالإخلاء في المواعيد الآتي بيانها.”. يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة وهيئتها العامة – على أن المشرع استلزم توقيت عقد الإيجار واعتبر المدة ركنا فيه وإنه إذا عقد العقد دون اتفاق على ميقات ينتهي فيه الإيجار أو تعذر إثبات المدة المدعاة أو عقد لمدة غير معينة بحيث لا يمكن معرفة تاريخ انتهاء الإيجاره على وجه التحديد كأن ربط انتهاءها بأمر مستقبل غير محقق الوقوع تعين اعتبار العقد منعقدا للفترة المعينة لدفع الأجرة ويكون لكل من المتعاقدين الحق في إنهاء العقد بعد التنبيه على الآخر بالإخلاء في المواعيد المبينة بنص المادة 563 سالفة البيان. ولما كان النص في عقد الإيجار على انعقاده لمدة محددة تتجدد تلقائيا لمدد أخرى مماثلة مادام المستأجر يقوم بتنفيذ التزاماته وأحقية الأخير وحده دون المؤجر في إبداء الرغبة في إنهائه يؤدي إلى اعتبار العقد بعد انتهاء المدة المتفق عليها متجددا تلقائيا لمدد أخرى مماثلة لا يعرف على وجه التحديد تاريخ انتهائها إذ أن نهايتها منوطة بمحض مشيئة المستأجر وحده أو خلفه العام ولا يعرف متى يبدي أيهما الرغبة في إنهاء العقد خاصة وأن الأصل في عقد الإيجار أنه لا ينتهي إعمالا لنص المادة 601 من القانون المدني – بوفاة المستأجر وتنصرف آثاره إلى خلفه العام – عملا بنص المادة 145 من ذات القانون، ما لم يتبين من العقد أو طبيعة التعامل أو نص القانون أن هذا الأثر لا ينصرف إليهم. ومن ثم فإن عقد الإيجار يعتبر في هذه الحالة منعقدا لمدة غير معينة ويتعين إعمال نص المادة 563 مدني واعتباره – بعد انتهاء مدته الأولى المتفق عليها – متجددا للفترة المحددة لدفع الأجرة وينتهي بانقضائها بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الآخر بالإخلاء في المواعيد المبينة بنص هذه المادة فإن لم يحصل التنبيه تجدد العقد للمدة المحددة لدفع الأجرة ثم لمدة مماثلة وهكذا إلى أن يحصل التنبيه ولا يسوغ استبعاد نص المادة 563 من القانون المدني. لما كان ذلك وكان الثابت أن عقد الإيجار محل النزاع المؤرخ 1/8/1972 قد انعقد لمدة ستة أشهر تتجدد مادام المستأجر يقوم بسداد الأجرة وله وحده الحق في طلب إنهائه. فإنه مع وجود هذا الشرط يعتبر العقد بعد انتهاء مدته الأولى منعقدا للفترة المحددة لدفع الأجرة – أي مشاهرة حسبما جاء بالعقد – ويكون لأي من المتعاقدين (المؤجر والمستأجر) – على حد سواء – الحق في إنهاء العقد إذا نبه على الآخر في المواعيد المبينة في المادة 563 من القانون المدني وكان المطعون ضده الأول (المؤجر) قد نبه الطاعن بإنهاء العقد وفقا لحقه المستمد من القانون لا العقد فإن العلاقة الإيجارية تكون قد انفصمت بهذا التنبيه – على ما سيرد في الرد على باقي أسباب الطعن – وإذ انتهى الحكم الابتدائي – المؤيد بالحكم المطعون فيه إلى النتيجة الصحيحة في القانون وكان لا يعيبه قصوره في أسبابه القانونية التي عول فيها على شروط العقد إذ لمحكمة النقض أن تستكمل هذا القصور دون أن تنقض الحكم. ومن ثم فإن النعي على قضائه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت في الأوراق. ذلك أنه اعتبر التنبيه الذي تضمنه إنذار المطعون ضده الأول للطاعن صحيحا على سند من أنه قد تم قبل انتهاء مدة العقد بشهر برغم أن المدة المحددة كانت تنتهي في 31/7/1980 وأعلن الإنذار إليه في 30/7/1980 أي قبلها بيوم واحد وليس بشهر كامل وفقا لشروط العقد وقبل نهاية المدة بشهرين وفقا لحكم المادة 563 من القانون المدني، هذا إلى أنه تمسك بعدم قبول الدعوى لاستنفاد أثر هذا الإنذار لسبق تقديمه في الدعوى رقم 8229 لسنة 1981 شمال القاهرة مما يجعله حابط الأثر وتكون دعوى النزاع غير مقبولة لتخلف التنبيه ولا يعتد بالتنبيه الحاصل بموجب الخطاب المسجل والمؤرخ 24/4/1980 إذ ثبت أن المؤجر قد قبل الأجرة العقد متجددا لمدة شهر أغسطس (وهي المدة المعينة لدفع الأجرة) وينتهي في 31/8/1980 ويكون التنبيه صحيحا إذا تم قبل النصف الأخير من هذا الشهر وفقا للقواعد القانونية الواردة في المساق المتقدم، وإذ تم هذا التنبيه في 30/7/1980 فإنه يكون قد تم في الميعاد المنصوص عليه في القانون ويترتب عليه – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – انحلال العلاقة العقدية وفقا للنص المشار إليه استعمالا لحق المؤجر الذي يستمده من القانون، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة في القانون فلا يعيبه ما تضمنه من أسباب قانونية خاطئة في هذا الشأن إذ أن لهذه المحكمة أن تصححها دون أن تنقض الحكم ولا محل لتحدي الطاعن بأنه كان يتعين توجيه هذا التنبيه قبل مدة الستة شهور الأخيرة بشهر وفقا لشروط العقد أو قبلها بشهرين تطبيقا لحكم القانون ترتيبا على مدة العقد الاتفاقية إذ يعتبر العقد منعقد للفترة المعينة لدفع الأجرة على ما سلف بيانه، ولا يسوغ القول بأن التنبيه الحاصل في 30/7/1980 يعتبر حابط الأثر لسبق استعماله في الدعوى 8229 لسنة 1981 شمال القاهرة، إذ المناط في هذا الخصوص هو سبق إقامة دعوى بإنهاء العقد استنادا لهذا التنبيه وأن يحكم في الدعوى إما بإجابة المدعي إلى طلباته أو برفضها وفي الحالتين يكون التنبيه قد استنفذ أثره بالحكم في موضوع الدعوى أما ما عدا ذلك من الأحكام والقرارات التي تصدرها المحكمة في الدعوى الأولى قبل الفصل في موضوعها فلا يتأثر بها التنبيه ويظل قائما منتجا لكافة آثاره حتى تفصل المحكمة في الطلبات استنادا لهذا التنبيه – وإذ كان البين أن الدعوى رقم 8229 لسنة 1981 شمال القاهرة قد قررت المحكمة شطبها بجلسة 3/1/1983 حسبما أورده الطاعن نفسه في صحيفة طعنه فلا يكون التنبيه الحاصل فيها قد استنفذ أغراضه إذ أن قرار الشطب ليس معناه إلغاء الدعوى وزوال الآثار القانونية المترتبة عليها أو بمثابة الحكم في موضوعها وإنما معناه مجرد استبعادها من جدول القضايا وعدم الفصل فيها مع بقائها وبقاء كافة الآثار المترتبة عليها بحيث إذا طلب أحد من الخصوم السير في الدعوى بعد شطبها فإنها تعود من النقطة التي وقفت عندها بحكم الشطب ويكون ما تم من إجراءات قبل الحكم بالشطب قائما ومنتجا لأثره، ومن ثم كان يحق للمطعون ضده الأول قانونا تجديد السير في تلك الدعوى بعد شطبها. ولا تثريب عليه إن هو قد سلك الطريق بإقامة دعوى النزاع الماثلة بذات الطلبات ولا يعيب الحكم المطعون فيه إن هو قد عول فيها على هذا التنبيه، كما لا يعيبه ما أورده في أسبابه في هذا الشأن مادام قد انتهى إلى صحة التنبيه بإنهاء العقد وهي نتيجة صحيحة على ما سلف بيانه ويضحى النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع. وقال في بيان ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ لم يبحث مدى اتفاق عقد الإيجار بالجدك وأحكام القانون التي لا تجيز إلا البيع بالجدك واعتبر عقد إيجار المحل بطريق الجدك لمجرد تزويده من جانب المؤجر بمكتب ومنجله وتسري بشأنه أحكام القواعد العامة الواردة في القانون المدني. دون أن يرد على دفاع الطاعن ومستنداته من أنه هو الذي قام بإحياء نشاط إصلاح الثلاجات بالمحلات كما استصدر تراخيص مزاولة النشاط والسجل التجاري المعد لذلك وكان فرق الأجرة لا يمثل عنصرا هاما مقابلا لما أسماه إيجار بالجدك لتفاهة هذا الفرق الذي لا يتعدى مبلغ ستة جنيهات مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي مردود – ذلك أن المراد بالجدك – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو ما يشمل جميع عناصر المتجر أو المصنع الذي ينشئه المستأجر بالعين المؤجرة من ثابت ومنقول ومن مقومات مادية ومعنوية كالاسم التجاري والاتصال بالعملاء وقد استبدل القانون المدني بلفظ الجدك لفظي مصنع أو متجر (فيما أورده بنص الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني استثناء من الحظر المقرر على حق المستأجر في التنازل عن الإيجار وذلك حين ينشئ الأخير بالعين المؤجرة محلا تجاريا – متجرا أو مصنعا – ويضطر إلى بيعه فأجاز المشرع للمحكمة – تحت شروط معينة – بالرغم من قيام ذلك الحظر أن تقضي بإبقاء الإيجار، وهي حالة تخالف تلك التي ترد فيها الإجارة على عين زودها مالكها بأدوات وآلات أو مفروشات لاستثمارها في مشروع تجاري أو صناعي معين، إذ يكفي لإخراج إجارتها من نطاق تطبيق أحكام قوانين إيجار الأماكن أن تكون هذه الأدوات أو الآلات أو المفروشات جدية وتكون الإجارة قد استهدفتها بحيث يعتبر المبنى في ذاته عنصرا ثانويا بالنسبة لها، أو بمعنى آخر أن يثبت أن الإجارة شملت بالإضافة إلى منفعة المكان في ذاته مفروشات أو منقولات ذات قيمة تبرر تغليب منفعة تلك المفروشات أو المنقولات على منفعة العين وإلا اعتبرت العين مؤجرة خالية، ولمحكمة الموضوع تقدير جدية الفرش أو صوريته في ضوء ظروف الدعوى وملابساتها لما كان ذلك وكانت المحكمة المطعون في حكمها – بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير الأدلة والقرائن فيها والموازنة بين المستندات المقدمة لها، وكذا بما لها من تقدير أقوال الشهود والأخذ بما تطمئن إليه منها وطرح ما عداه – قد أيدت قضاء الحكم الابتدائي، وانتهت إلى أن المطعون ضده الأول قد أجر للطاعن محل النزاع مزودا بأدوات ومنقولات جدية هي عبارة عن بنك من خمسة أدراج ومنجلة لاستخدامه كورشة لإصلاح أجهزة التكييف والتبريد، وأن الغرض الأساسي من التأجير ليس المبنى ذاته وإنما ما اشتمل عليه من أدوات وآلات، بحيث تشمل الإجارة بالإضافة إلى منفعة المكان في ذاته تلك المفروشات والمنقولات التي تبرر تغليب منفعتها على منفعة العين، ورتبت على ذلك إخراجها من نطاق تطبيق أحكام قوانين إيجار الأماكن وخضوعها لأحكام القانون المدني، وكانت أسبابها في هذا الخصوص سائغة ولها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمل قضائها وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، وفيها الرد الضمني المسقط لكل حجج الطاعن وأوجه دفاعه ومستنداته في هذا الخصوص، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .