الطعن 25630 لسنة 54 ق جلسة 23 / 5 / 2010 مكتب فني 55 – 56 ق 56 ص 492

السادة الأستاذة المستشارون نواب رئيس مجلس الدولة:
1 – رمزي عبد الله محمد أبو الخير.
2 – أحمد عبد العزيز أبو العزم.
3 – محمد الشيخ على أبو زيد.
4 – فارس سعد فام.
5 – محمد حجازي حسن مرسي.
6 – متولي محمد متولي الشراني.
7 – عطية حمد عيسى عطية.
—————

(56)
جلسة 23 من مايو سنة 2010
الطعن رقم 25630 لسنة 54 القضائية عليا
(الدائرة السابعة)

( أ ) دعوى – لجان التوفيق في بعض المنازعات – لم يرتب المشرع أي جزءا على عدم انتظار الميعاد المقرر لإصدار التوصية – رفع الدعوى قبل انتهاء الميعاد المقرر لإصدار التوصية، أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول، لا يترتب عليه عدم قبولها (1).
المواد المطبقة ( أ ):
المادتان (1) و(11) من القانون رقم (7) لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها.
(ب) – دعوى – لجان التوفيق في بعض المنازعات – الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية تخضع لأحكام القانون رقم (7) لسنة 2000.
(المبدأ ذاته قررته دائرة المبادئ بجلسة 10/ 5/ 2008 في الطعن رقم 13762 لسنة 49 ق عليا).
المواد المطبقة (ب):
المادة (6) من القانون رقم (7) لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها.
(جـ) هيئة الشرطة – شئون الضباط – تأديب – إذا كان مناط الفصل في المخالفة للجهات الطبية المختصة فلا تعقيب عليها من جانب محكمة الموضوع؛ باعتبار ذلك من الأمور الفنية التي تخرج عن اختصاص المحكمة، وتنفرد بها جهات الاختصاص.

الإجراءات
في يوم الثلاثاء الموافق 20/ 5/ 2008 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن، قيد تحت رقم 25630 لسنة 54 ق عليا في الحكم الصادر عن المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها بجلسة 22/ 3/ 2008 في الطعن رقم 370 لسنة 41ق، الذي قضى بعدم قبول الطعن.
وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه – للأسباب الواردة به – الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء قراري مدير مصلحة أمن المواني بوزارة الداخلية المؤرخين في 29/ 3/ 2007 و16/ 7/ 2007 فيما تضمنه الأول من مجازاة الطاعن بخصم يومين من راتبه، وفيما تضمنه الثاني من مجازاة الطاعن بخصم عشرة أيام من رابته، وعدم احتساب الإجازة المرضية ومدتها ثمانية وعشرون يومًا، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
– وحيث إنه وإن لم يثبت من الأوراق إعلان تقرير الطعن للمطعون ضده على النحو المقرر قانونًا، إلا أن عضو هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن المطعون ضدهما بصفتيهما قد حضر جلسات الفحص والموضوع بالمحكمة الإدارية العليا مما يغني عن هذا الإعلان.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم – بعد إعلان المطعون ضدهما بصفتيهما بتقرير الطعن الماثل – بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بقبول الطعن رقم 370 لسنة 41 ق شكلاً، ورفضه موضوعًا.
وتدوول الطعن أمام الدائرة الخامسة فحص بالمحكمة الإدارية العليا على النحو المبين بالمحاضر، حيث قررت بجلسة 5/ 7/ 2009 إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة موضوع بالمحكمة المذكورة، التي قررت بجلسة 17/ 10/ 2009 إحالة الطعن إلى الدائرة السابعة موضوع للاختصاص، التي نظرته بجلساتها على النحو الثابت بالمحاضر حيث قررت بجلسة 28/ 2/ 2010 إصدار الحكم بجلسة 18/ 4/ 2010 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات, وبعد المداولة قانونًا.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة الماثلة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 20/ 8/ 2007 أقام الطاعن طعنه رقم 370 لسنة 41 ق أمام المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها، وطلب ي ختام عريضة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع:
1 – إلغاء قرار مدير مصلحة أمن المواني بوزارة الداخلية الصادر بتاريخ 29/ 3/ 2007 فيما تضمنه من مجازاته بخصم يومين من راتبه، وما يترتب على ذلك من آثار.
2 – إلغاء القرار الصادر عن مدير مصلحة أمن المواني بوزارة الداخلية بتاريخ 16/ 7/ 2007 قيما تضمنه من مجازاته بخصم عشرة أيام من راتبه، ما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر الطاعن شرحا لطعنه أنه يشغل وظيفة (مقدم شرطة) بمصلحة أمن المواني، وبتاريخ 29/ 3/ 2007 أصدر مدير المصلحة المذكورة قرارًا بمجازاته بخصم يومين من راتبه لما نسب إلهي من عدم المثول أمم لجنة توصيف الأعمال ورفض العرض على لجنة العجز الطبي رغم تمام إعلانه بمعرفة إدارة شئون الخدمة، وقرر الطاعن أنه فيما يتعلق بالاتهام الأول فقد توجه بالفعل للعرض على لجنة توصيف الأعمال بالتواريخ المثبتة بدفتر أحوال جهة عمله، ووردت النتيجة لجهة عمله بتاريخ 17/ 2/ 2007 قبل صدور قرار الجزاء، وبالنسبة للاتهام الثاني فهو لم يرفض العرض على لجنة العجز الطبي، وهو الذي طلب عرضه على هذه اللجنة, ورغم ذلك تم تحويله للتحقيق بزعم رفضه العرض على ذلك اللجنة.
وأضاف الطاعن أنه بتاريخ 16/ 7/ 2007 أصدر مدير المصلحة المشار إليها قرارًا بمجازته بخصم عشرة أيام من رابته من خصم الأيام التي لم يحتسها المجلس الطبي وعددها ثمانية وعشرون يومًا؛ وذلك لما نسب إليه من الخروج على مقتضى الواجب الوظيفي ومخالفة التعليمات لانقطاعه عن العمل بدعوي المرض ولم تحتسبها الجهات الطبية إجازة مرضية، ورفض لجنة التظلمات تظلمه من قرار المجلس الطبي المتخصص لهيئة الشرطة لاقتناع اللجنة بسلامة قرار المجلس الطبي.
ونعى الطاعن على هذا القرار قدم قيامه على سند صحيح من الواقع أو القانون؛ ذلك أنه مصاب بمرض مزمن وهو انزلاق غضروفي وقطني(إصابة عمل)، وله ملق بذلك بمركز إصابات العمل بقطاع الخدمات الطبية بوزارة الداخلية،وبتاريخ 15/ 12/ 2006 أبلغ جهة عمله بمرضه وطلب تحويله لإدارة إصابات العمل لاستكمال علاجه، وظل يتردد على مستشفى الشرطة للعلاج وتم منحه إجازة مرضية بمعرفة الطبيب الاستشاري بالمستشفى على النحو التالي: من 21/ 12/ 2006 حتى 3/ 1/ 2007، ومن 4/ 1/ 2007 حتى 18/ 1/ 2007، ومن 19/ 1/ 2007 حتى 2/ 2/ 2007، وبالعرض على إدارة الإصابات رفضت اعتماد تلك الإجازات الممنوحة له من مستشفى الشرطة، فقام بالتظلم إلى لجنة التظلمات، التي قررت احتساب إجازة لمدة أسبوع وعدم احتساب بقية المدة، رغم أن العرض لم بعد خمسة أشهر من مرضه الفعليٍ، ولم يكن باللجنة استشاري متخصص في حالة الطاعن، وهو استشاري جراحة المخ والأعصاب، مما يؤكد تعسف اللجنة في قرارها.
واستطرد الطاعن أنه أخطر بالقرار الأول بتاريخ 17/ 4/ 2007 وتظلم منه بتاريخ 5/ 5/ 2007 وتقدم إلى لجنة التوفيق بوزارة الداخلية بطلب قيد تحت رقم 12066 بتاريخ 18/ 8/ 2007، وأعلن بالقرار الثاني بتاريخ 16/ 7/ 2007 وتظلم منه بتاريخ 14/ 8/ 2007 وتقدم إلى لجنة التوفيق بطلب قيد تحت رقم 12064 بتاريخ 18/ 8/ 2007 وأقام دعواه بتاريخ 20/ 8/ 2007، وخلص إلى طلباته سالفة الذكر.
وبجلسة 22/ 3/ 2008 قضت المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها بعدم قبول الطعن، وشيدت المحكمة قضاءها – بعد أن استعرضت نصوص المواد 1 و2 و4 و11 من القانون رقم (7) لسنة 2000 الخاص بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العام طرفًا فيها – على أن المشرع قد أوجب علة ذوي الشأن اللجوء إلى لجان التوفيق في المنازعات المختصة بها وانتظار إصدار توصيتها وفوات الميعاد المقرر لقبولها، أو فوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أيهما أسبق، وذلك قبل لجوئهم إلى المحكمة المختصة للفصل في الطلبات التي يجب عرضها على اللجان، ورتب المشرع على عدم مراعاة هذه الإجراء عدم قبول الدعوى أو الطعن، واستثنى المشرع من ه ذا الشرط المنازعات المستعجلة الوقتية ومنازعات التنفيذ والأوامر على العرائض والأداء وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات لوقف تنفيذها.
والثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه الأول صدر بتاريخ 29/ 3/ 2007ن وأن القرار المطعون فيه الثاني صدر بتاريخ 16/ 7/ 2007، وتظلم الطاعن من القرار الأول بتاريخ 5/ 5/ 2007 ومن القرار الثاني بتاريخ 15/ 8/ 2007, وتقدم الطاعن بطلبين بتاريخ 19/ 8/ 2007 إلى لجنة التوفيق في المنازعات، قيدًا تحت رقمي 12064 و12066 لسنة 2007، وعملاً بحكم الفقرة الأخيرة من المادة الحادية عشرة من القانون المشار إليه كان يتعين على الطاعن عدم اللجوء إلى المحكمة مباشرة وإقامة طعنه الماثل فوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لقبولها أيهما أسبق، إلا أن الطاعن قد خالف ذلك وسارع بإقامة طعنه في 20/ 8/ 2007، أي في اليوم التالي مباشرة للجوئه على لجنة التوفيق بالرغم من صدور التوصية في الطلبين في الميعاد المقرر قانونًا لإصدارهما في 1/ 9/ 2007، مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وشابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب؛ ذلك أن الطاعن قد اتبع كافة الإجراءات الشكلية المطلوبة، فالقرار المطعون فيه الأول صدر بتاريخ 29/ 3/ 2007، وأعلن به بتاريخ 17/ 4/ 2007 وتظلم منه بتاريخ 5/ 5/ 2007 وتقدم إلى لجنة التوفيق بوزارة الداخلية بتاريخ 19/ 8/ 2007، والقرار المطعون فيه الثاني صدر بتاريخ 16/ 7/ 2007، وأعلن به في ذات التاريخ وتظلم منه بتاريخ 14/ 8/ 2007 وتقدم إلى لجنة التوفيق بوزارة الداخلية بتاريخ 19/ 8/ 2007، وأقام طعنه بتاريخ 20/ 8/ 2007 بالنسبة للقرارين المطعون فيهما، وصدر قرار لجنة التوفيق بتاريخ 1/ 9/ 2007 قبل بدء الجلسات بالمحكمة التأديبية.
ولما كان اللجوء إلى لجان التوفيق بالنسبة للطعون في قرارات الجزاء أمرًا جوازيًا، فضلاً عن أن اللجوء إلى هذه اللجان قبل إقامة الدعوى لا يستلزم انتظار الميعاد المقرر للبت في الطلب، مادام قد انقضى هذا الميعاد أثناء سير الدعوى دون الاستجابة لطلبه، فلا مجال للدفع بعدم قبول الدعوى.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم (7) لسنة 2000 إنشاء لجان التوفيق بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها تنص على أن: “ينشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة، وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة”.
وتنص المادة السادسة من ذات القانون على أن: “يقدم ذو الشأن طلب التوفيق إلى الأمانة الفنية للجنة المختصة… وتقرر اللجنة عدم قبول الطلب إذا كان متعلقًا بأي من القرارات الإدارية النهائية المشار إليها في الفقرة (ب) من المادة(12) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بالقانون رقم 47 لسنة 1972 إلا إذا قدم خلال المواعيد المقررة للطعن فيه بالإلغاء، وبعد تقديم التظلم منه وانتظار المواعيد المقررة للبت فيه ورفق أحكام الفقرة المذكورة.
والقرارات المشار إليها في الفقرة (ب) من المادة (12) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 هي القرارات الإدارية النهائية المنصوص عليها في البنود (ثالثًا) و(رابعًا) و(تاسعًا) من المادة (10)، وقد نص بالند (تاسعًا) من المادة (10) من قانون مجلس الدولة المشار إليه على: “الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية”.
ومفاد ذلك أن الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء ا لقرارات النهائية للسلطات التأديبية تخضع لأحكام القانون رقم (7) لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق، فيتعين على صاحب الشأن قبل اللجوء إلى المحاكم التأديبية أن يتقدم بطلب التوفيق إلى اللجنة المختصة خلال المواعيد المقررة للطعن فيه بالإلغاء، بعد تقديم التظلم من القرار، وانتظار المواعيد المقررة للبت فيه. (المحكمة الإدارية العليا – دائرة توحيد المبادئ – جلسة 10/ 5/ 2008 في الطعن رقم 13762 لسنة 49 ق عليا).
ومن حيث إن المادة الحادية عشرة من القانون رقم (7) لسنة 2000 المشار إليه تنص على أنه: “عدا المسائل التي يختص بها القضاء المستعجل، ومنازعات التنفيذ، والطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض، والطلبات الخاصة بأوامر الأداء، وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ، لا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية، أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول، وفقًا لحكم المادة السابقة”.
ومفاد هذا النص أن المشرع وإن كان قد أوجب عدم قبول الدعوى التي ترفع ابتداء على المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام القانون المذكور إلا إذا أقيمت بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول، إلا أن المشرع لم يرتب أي جزاء على عدم انتظار الميعاد المقرر لإصدار التوصية باعتبار ذلك إجراءًا غير جوهري، كما أنه لم يقصد لذاته وإنما أريد به إفساح المجال لإنهاء الخصومة دون الاضطرار إلى ولوج سبيل التقاضي وما يستلزمه في مراحله المختلفة من الأعباء المادية والمعنوية، وما يصاحبه في أحيان كثيرة من إساءة استغلال ما وفره القانون من أوجه الدفاع والدفوع، واتخاذها سبيلاً للكيد ووسيلة لإطالة أمد الخصومات، على نحو يرهق كاهل القضاء ويلحق الظلم بالمتقاضين مادامت حقوقهم – نتيجة لتلك الإساءة – لا تصل إليهم ألا بعد الأوان، ومن ثم فإن رفع الدعوى قبل انتهاء الميعاد المقرر لإصدار التوصية، أو الميعاد المقرر لعضها دون قبول، لا يترتب عليه عدم قبول الدعوى.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن قرار الجزاء المطعون فيه الأول صدر بتاريخ 29/ 3/ 2007، وأعلن الطاعن به بتاريخ 17/ 4/ 2007، وتظلم منه بتاريخ 5/ 5/ 2007، وتم رفض تظلمه بتاريخ 16/ 7/ 2007، فتقدم إلى لجنة التوفيق المختصة بتاريخ 19/ 8/ 2007، وقيد طلبه تحت رقم 12066 لسنة 2007، كما صدر قرار الجزاء المطعون فيه الثاني بتاريخ 16/ 7/ 2007، وتظلم منه الطاعن بتاريخ 15/ 8/ 2007، ولم يبين من الأوراق تاريخ رفض تظلمه أو الرد عليه، وقد لجأ الطاعن إلى لجنة التوفيق المختصة بتاريخ 19/ 8/ 2007 بالنسبة للقرار الأخير، وقيد طلبه لديها تحت رقم 12064 لسنة 2007، فأوصت بجلستها المنعقدة بتاريخ 1/ 9/ 2007 برفض الطلبين المشار إليهما، وكان الطاعن قد أقام دعواه بالطعن على قراري الجزاء المشار إليهما بتاريخ 20/ 8/ 2007 (محل الطعن الماثل)، وإذ تم الفصل في طلبي التوفيق المشار إليهما بالرفض أثناء سير الدعوى وقبل الحكم فيها، الذي لم يصدر إلا بتاريخ 22/ 3/ 2008، ومن ثم يكون حكم التأديبية رئاسة الجمهورية وملحقاتها المطعون فيه قد صدر مخالفًا للقانون حقيقا بالإلغاء فيما قضى به من عدم قبول الطعن، ويتعين الحكم بإلغائه والقضاء بقبول الطعن شكلاً.
– ومن حيث إن موضوع الطعن صالح للفصل فيه فإن المحكمة تتصدى لبحثه وإصدار حكمها في الموضوع.
– ومن حيث إنه بالنسبة للطلب الأول والخاص بإلغاء القرار الصادر عن مدير عام مصلحة أمن المواني بوزارة الداخلية بتاريخ 29/ 3/ 2007 المتضمن مجازاة الطاعن بخصم يومين من راتبه لما نسب إليه من الإخلال بمقتضى الواجب الوظيفي ومخالفة التعليمات وذلك:
1 – لعدم قيامه بالتوجه للمجلس المتخصص للعرض على لجنة توصيف الأعمال.
2 – لرفض العرض على لجنة العجز الطبي رغم تمام إعلانه بمعرفة إدارة شئون الخدمة بالمصلحة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 16/ 9/ 2006 قامت مصلحة أمن المواني بوزارة الداخلية بإرسال الكتاب رقم 2363 سري إلى الإدارة العامة للخدمات الطبية لتحديد جلسة لتوقيع الكشف الطبي على الطاعن(الضابط بالمصلحة) وذلك لتقييم مدى إمكانية تحريكه لأحد فروع المصلحة الجغرافية في ضوء عرض الضابط المذكور على اللجنة الفنية العليا للمخ والأعصاب بتاريخ 24/ 5/ 200 إبان عمله بمديرة أمن السويس، وبتاريخ 19/ 9/ 2006 ورد لمصلحة أمن المواني كتاب المجلس الطبي لهيئة الشرطة رقم 6223 بطلب إعلان الطاعن بالتوجه إلى مقر المجلس الطبي المتخصص لهيئة الشرطة للمناظرة والعرض على لجنة توصيف الأعمال، وذلك في الموعد الذي تحدده جهة العمل، وما عدا الإجازات والراحات الرسمية، وبتاريخ 11/ 10/ 2006 تم إخطار جهة عمل الطاعن للتنبيه عليه بالتوجه للمجلس الطبي المذكور للمناظرة والعرض على اللجنة المشار إليها مع إفادة مصلحة أمن المواني بما يفيد ذلك، وتم إخطار جهة عمل الطاعن بالإخطار المؤرخ في 12/ 12/ 2006 للإفادة عن أسباب عدم قيام الطاعن بالتوجه إلى المجلس المذكور لتوقيع الكشف الطبي عليه، وبتاريخ 16/ 12/ 2006 ورد المصلحة أمن المواني كتاب جهة عمل الطاعن (إدارة شرطة المنطقة المركزية) يفيد إعلان الطاعن وتوقيعه بتسلم الكتاب المؤرخ في 14/ 10/ 2006 بالتوجه للمجلس الطبي المتخصص لهيئة الشرطة لعرضه على لجنة توصيف الأعمال، كما تم إخطاره تليفونيًا بمضمون الكتاب المشار إليه بتاريخ 12/ 12/ 2006وذلك لوجوده في إجازة دورية حتى 16/ 12/ 2006، وفي التاريخ الأخير وردت إشارة إدارة شرطة المنطقة المركزية التابع لها الطاعن إلى مصلحة أمن المواني تفيد إبلاغ المذكور بأنه مريض وملازم الفراش بتاريخ 15/ 12/ 2006, وبتاريخ 17/ 1/ 2007 تم تسليم الطاعن خطابًا موجهًا إلى المجلس الطبي المتخصص لهيئة الشرطة لتوقيع الكشف الطبي عليه والإفادة بالنتيجة، ووقع المذكور في ذات التاريخ 17/ 1/ 2007 بتسلمه أصل الكتاب المشار إليه، وأفاد بأنه لم يبلغ بمرضه ولكنه طلب تحويله إلى مركز إصابات العمل وعرضه على لجنة العجز، وطلب مدير إدارة شئون الخدمة في مذكرته المؤرخة في 17/ 1/ 2007 إرسال الأوراق الإدارة التفتيش بمصلحة أمن المواني لاتخاذ اللازم نحو الإفادة عن عدم قيام الضابط المذكور بالتوجه إلى المجلس الطبي المتخصص للعرض على لجنة توصيف الأعمال، وسابقة رفضه العرض على لجنة العجز الطبي، وقد أشر وكيل المصلحة للأفراد والتدريب على المذكرة المشار إليها بإحالة الموضوع إلى مدير إدارة التفتيش لاستدعاء الطاعن لتحديد موقفه من عدم توجهه إلى المجلس الطبي لهيئة الشرطة وأسباب عدم توجهه إلى لجنة العجز, وتم إجراء تحقيق إداري مع الطاعن انتهى إلى ثبوت مسئوليته الإدارية عما نسب إليه ومجازاته بخصم يومين من راتبه.
ومن حيث إنه عن المخالفة الأولى المنسوبة للطاعن بقرار الجزاء الأول المؤرخ في 29/ 3/ 2007 وهي عدم قيامه بالوجه إلى المجلس الطبي المتخصص للعرض على لجنة توصيف الأعمال، فإن الثابت من الأوراق – وفقًا لما سلف بيانه – أنه بتاريخ 17/ 1/ 2007 تم تسليم الطاعن كتاب مصلحة أمن المواني الموجه لرئيس المجلس الطبي المتخصص لهيئة الشرطة لتوقيع الكشف الطبي عليه (الطاعن) والإفادة بالنتيجة، وقد توجه الطاعن بالفعل إلى المجلس الطبي المذكور، وتم توقيع الكشف الطبي عليه بجلسات 20/ 1 و31/ 1/ 2007 و17/ 2/ 2007 تحت رقم (9) توصيف أعمال، وتم تشخيص حالته (آلام بالعنق والذراع الأيسر وانزلاق غضروفي عنقي بين الفقرة السادسة والسابعة العنقية)، وأوصى المجلس الطبي في قراره للطاعن بعمل إدارية مكتبي دون تخفيض عدد ساعات العمل، وعدم الوقوف لفترات طويلة لمدة ستة أشهر اعتبارًا من 17/ 2/ 2007، وذلك بعد وورد قرار اللجنة الفنية العليا، وذلك وفقًا لما تضمنه كتاب المجلس الطبي التخصصي لهيئة الشرطة رقم 886 بتاريخ 17/ 2/ 2007 بنتيجة الكشف الطبي على الطاعن، وكان ذلك قبل صدور قرار الجزاء المطعون فيه المؤرخ في 29/ 3/ 2007، كما أن مثول الطاعن أمام لجنة توصيف الأعمال بالمجلس الطبي المشار إليه بالجلسات المشار إليها كان أثناء التحقيق الإداري بتاريخي 30/ 1/ 2007 و5/ 2/ 2007 ومع ذلك وردت هذه المخالفة بمذكرة إدارة التفتيش بمصلحة أمن المواني المؤرخة في 26/ 3/ 2007 التي صدر بناء عليها القرار المطعون فيه، ومن ثم تضحى هذه المخالفة غير ثابتة في حق الطاعن، ويكون استناد القرار الطعين عليها في غير محله، إذ تم نسبتها للطاعن رغم ثبوت قيامه بالتوجه إلى المجلس الطبي المذكورة قبل التحقيق معه وقبل صدور قرار الجزاء وبعد تسلمه للكتاب الخاص بتوقيع الكشف الطبي عليه بمدة وجيزة تحديدًا في اليوم الثالث لتسلمه هذا الكتاب.
ومن حيث إنه عن المخالفة الثانية المنسوبة للطاعن بذات القرار وهي رفضه العرض على لجنة العجز الطبي رغم تمام إعلانه بمعرفة إدارة شئون الخدمة بالمصلحة فقد جاءت أوراق التحقيق خلوًا مما يفيد إعلان الطاعن بالعرض على لجنة العجز، وبمواجهة الطاعن بهذا الاتهام في التحقيق الإداري قرر أنه لم يرفض العرض على لجنة العجز ولم يتم إعلانه بذلك، وتم إعلانه فقط بالعرض على لجنة توصيف الأعمال بالكتاب المؤرخ في 17/ 1/ 2007، فضلاً عن وجود كتابين صادرين عن إدارة إصابات العمل بالإدارة العامة للخدمات الطبية أولهما مؤرخ في 14/ 12/ 1999، والثاني مؤرخ في 14/ 7/ 2005 بشأن وصف حالة الطاعن وتضمنًا ما يلي: ” عرض لجنة العجز توصيف الأعمال بالمجلس الطبي”، ولم تصدر أية مكاتبات للطاعن لعرضه على لجنة العجز، ومن ثم يكون هذا الاتهام غير قائم على سند صحيح من الأوراق وتكون هذه المخالفة غير ثابتة في حقه.
ومن حيث إن الثابت مما تقدم أن المخالفين المنسوبتين للطاعن غير ثابتين في حقه وإذ استند إليهما قرار الجزاء المؤرخ في 29/ 3/ 2007 فإنه يكون فاقدًا لسنده الصحيح حريًا بإلغائه.
– ومن حيث إنه عن قرار الجزاء الثاني المؤرخ في 16/ 7/ 2007 (المطعون فيه) المتضمن مجازاة الطاعن بخصم عشرة أيام من رابته وخصم أيام الغياب ومدتها ثمانية وعشرون يومًا، لما نسب إليه من الخروج على مقتضى الواجب الوظيفي ومخالفة التعليمات، وذلك لانقطاعه عن العمل بدعوى المرض لمدة 28 يومًا (الفترة من 22/ 12/ 2006 حتى 18/ 1/ 2007), لم تحتسبها الجهات الطبية المختصة إجازة مرضية، ورفضت لجنة فحص التظلمات تظلمه من قرار المجلس الطبي المتخصص لهيئة الشرطة لاقتناع اللجنة بسلامة قرار المجلس الطبي وما ورد به من أسباب، فإن هذه المخالفة مناط الفصل فيها للجهات الطبية المختصة دون التعقيب عيها من جانب محكمة الموضوع؛ باعتبار ذلك من الأمور الفنية التي تخرج عن اختصاص المحكمة، وتنفرد بها جهات الاختصاص، وحال إفصاحها عن رأيها الفني في هذا الشأن فلا تعقيب عليه، وإذ انتهت الجهات الطبية المختصة إلى عدم احتساب الفترة من 22/ 12/ 2006 حتى 18/ 1/ 2007 إجازة مرضية، كما رفضت لجنة فحص التظلمات تظلم الطاعن من قرار المجلس الطبي المتخصص لهيئة الشرطة لاقتناع اللجنة بسلامة قرارات المجلس الطبي وما ورد بها من أسباب، فلا تعقيب للمحكمة على هذا القرار الفني، وتضحى المخالفة ثابتة في حق الطاعن، ويكون القرار المطعون فيه قائمًا على سببه الصحيح؛ إذ يعد ذلك خروجًا منه على مقتضى الواجب الوظيفي ومخالفة التعليمات بانقطاعه عن العمل بدعوى المرض حال كونه غير مريض، ويتعين مساءلته تأديبيًا عن ذلك، ويكون الطعن على هذا القرار في غير محله حريًا برفضه.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بقبول الطعن رقم 370 لسنة 41ق شكلاً، وإلغاء قرار الجزء المؤرخ في 29/ 3/ 2007 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم يومين من راتبه، ورفض ما عدا ذلك من طلبات.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .