الطعن 21 لسنة 38 ق جلسة 13 / 12 / 1972 مكتب فني 23 ج 3 ق 215 ص 1377

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: جوده أحمد غيث، وإبراهيم السعيد ذكري، والدكتور محمد زكي عبد البر، وإسماعيل فرحات عثمان.
—————
– 1 أحوال شخصية ” الطعن في الحكم “. نقض ” اجراءات الطعن . ايداع الاوراق والمستندات”.
وجوب إيداع الطاعن في مسائل الأحوال الشخصية صورة من الحكم المطعون فيه ومن الحكم الابتدائي الذي أحال إليه . يغني عن ذلك أمر رئيس المحكمة بضم ملف الدعوى في الميعاد القانوني . علة ذلك .
إنه وإن كان يتعين على من يطعن بطريق النقض في الأحكام المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية ـــ وفقاً للفقرة الثانية من المادة 881 من الكتاب الرابع من قانون المرافعات ـــ رقم 77 لسنة 1949 والمادة 432 منه قبل تعديلها بالقانون رقم 401 لسنة 1955 والذى ألغى بموجب المادة 2/3 من قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 – أن يودع قلم كتاب محكمة النقض خلال ميعاد الطعن صورة من الحكم المطعون فيه وصورة من الحكم الابتدائي إذا كان الحكم المطعون فيه قد أحال إليه في أسبابه ، إلا أنه لما كان يبين من الاطلاع على الأوراق أن الطاعن تقدم يوم التقرير بالطعن بطلب ضم ملف الدعوى وأصدر رئيس محكمة النقض أمراً في ذات اليوم ـــ وقبل فوات ميعاد الطعن – بضم هذا الملف استعمالاً للرخصة المخولة له بمقتضى المادة 882 من قانون المرافعات ، وكان ضم ملف الدعوى بناء على أمر رئيس المحكمة في الدعاوى المتعلقة بالأحوال الشخصية من شأنه – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يتيح للخصوم في الطعن تأييد وجهات نظرهم استناداً إلى ما حواه من مستندات أو أوراق ، دون أن يحاج الطاعن في هذه الحالة بأنه لم يقدم في المواعيد التي حددها القانون المستندات المؤيدة لطعنه ، لما كان ذلك فإن الدفع ببطلان الطعن يكون متعين الرفض .
– 2 إثبات ” طرق الإثبات”. أحوال شخصية ” إثبات”.
الإثبات في مسائل الأحوال الشخصية . إجراءات الإثبات الشكلية . خضوعها لقانون المرافعات . قواعد الإثبات الموضوعية المتعلقة بالدليل . خضوعها لأحكام الشريعة الإسلامية .
فرق المشرع في الإثبات ـــ وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض ـــ بين الدليل وإجراءات الدليل في مسائل الأحوال الشخصية ، فأخضع إجراءات الإثبات كبيان الوقائع وكيفية التحقق وسماع الشهود وغير ذلك من الإجراءات الشكلية لقانون المرافعات ، أما قواعد الإثبات المتعلقة بذات الدليل كبيان الشروط الموضوعية اللازمة لصحته وبيان قوته وأثره القانوني فقد أبقاها المشرع على حالتها خاضعة لأحكام الشريعة الاسلامية .
– 3 إثبات ” طرق الإثبات”. أحوال شخصية ” إثبات”.
الشهادة في المذهب الحنفي . شروط صحتها . تعلق الشهادة بحالة الشخص من يسار أو فقر . كفاية تعريف الشاهد بهذا الشخص دون غيره ممن لا تتصل به وقائع الشهادة .
من شروط صحة أداء الشهادة في المذهب الحنفي ، أن يكون الشاهد عالماً بالمشهود به ، ذاكراً له وقت الأداء ، فلو نسى المشهود به لم يجز له أن يشهد وإن يكون المشهود به معلوماً حتى يتيسر القضاء به ولا يكون كذلك إلا إذا وضح الشاهد للقاضي صاحب الحق ومن عليه الحق ، ونفس الحق المشهود به ، وعلى هذا إذا شهد الشهود على حاضر بعين حاضرة ، وجب عليهم لأجل صحة شهادتهم أن يشيروا لثلاثة أشياء ، المدعى والمدعى عليه والعين المدعاة ، لأن الغرض التعريف ، والإشارة أقوى سبل التعريف ، وعند ذلك لا يلزم الشاهد أن يؤكد اسم المدعى أو المدعى عليه ولا نسبهما لأنه لا يحتاج مع الإشارة إلى شيء آخر ، فإن شهدوا على غائب أو ميت وجب ذكر ما يؤدى إلى التعريف به ، ويبين من ذلك أنه يجب أن يكون الشاهد عالماً بالمدعى والمدعى عليه اللذين تتصل بهما وقائع الشهادة موضوع التحقيق ، أما إذا كانت الشهادة تتعلق بحالة شخص من يسار أو فقر فلا يطلب من الشاهد إلا التعريف بهذا الشخص الذى تتصل به وقائع الشهادة المطلوب إثباتها . ولما كان الثابت أن محكمة أول درجة أحالت الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن أنه من ذوى الاستحقاق في ثلث الوقف أو أنه المستحق الوحيد لذلك الثلث لانطباق شرط الواقفة عليه بأنه لا يكسب قدر كفايته ، ولا يوجد من تجب عليه نفقته شرعاً وذلك حتى تاريخ انتهاء الوقف على غير الخيرات ، وصرحت المحكمة للمطعون عليهما الأولين بنفي ذلك . وكان المطلوب من شاهدي النفي الشهادة على حالة الطاعن على النحو المبين بالحكم ، فلا محل للنعي على شهادتهما بالبطلان لأنهما قررا أنهما لا يعرفان المطعون عليهما ، إذ لا يتعلق هذا الأمر بوقائع الشهادة موضوع التحقيق .
– 4 إثبات ” طرق الإثبات . شهادة الشهود “.
الترجيح بين البينات من سلطة محكمة الموضوع.
لقاضى الدعوى سلطة الترجيح بين البيانات واستظهار واقع الحال ووجه الحق فيها، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية رجحت أقوال شاهدي النفي على أقوال شاهدي الإثبات فإن النعي يكون على غير أساس.
– 5 إثبات ” اجراءات الاثبات . الاحالة للتحقيق”. محكمة الموضوع ” سلطتها في مسائل الاثبات “.
لا تثريب على المحكمة إن هي ذكرت عبارة ( أفهمناه ) عند توجيه سؤال للشاهد . علة ذلك .
ورود عبارة ” أفهمناه ” بسؤال وجهته محكمة أول درجة إلى شاهدي النفي لا تنم عن تلقين أو توجيه للشاهد من المحكمة بالشهادة لصالح أحد الخصوم ولكن يقصد بها إحاطة الشاهد بموضوع الشهادة حتى لا يخرج بها عن الوقائع موضوع التحقيق .
– 6 إثبات ” اجراءات الاثبات . الاحالة للتحقيق”. بطلان ” بطلان الاجراءات”.
إرجاء المحكمة سماع شهود النفي لجلسة أخرى غير التي سمعت فيها شهود الإثبات . إذا حال دون سماعهم مانع . لا بطلان .
مؤدى نص المادة 194 من قانون المرافعات السابق أنه وإن كان الأصل سماع شهود النفي في نفس الجلسة التي سمع فيها شهود الإثبات إلا أن هذا ليس أمراً حتماً يترتب على مخالفته البطلان ، بل ترك المشرع تنظيمه للمحكمة التي تتولى إجراء التحقيق ، فلها أن ترجئ سماع شهود النفي إلى جلسة أخرى غير التي سمعت فيها شهود الإثبات إذا حال دون سماعهم في نفس الجلسة مانع .
– 7 أحوال شخصية ” دعوى الأحوال الشخصية . تدخل النيابة العامة في الدعوى”. دعوى “الخصوم في الدعوى . تدخل النيابة في الدعوى”. نيابة عامة.
النيابة العامة تعتبر طرفاً أصلياً في قضايا الأحوال الشخصية التي لا تختص بها المحاكم الجزئية . ق 628 لسنة 1955 . عدم سريان قواعد رد أعضاء النيابة عليها . جواز إبداء عضو النيابة رأيه أمام أول درجة ، ثم أمام محكمة الاستئناف .
أصبحت النيابة العامة بعد صدور القانون 628 لسنة 1955 طرفاً أصلياً في قضايا الأحوال الشخصية التي لا تختص بها المحاكم الجزئية ، فيكون لها ما للخصوم من حقوق وعليها ما عليهم من واجبات ، فلها أن تبدي الطلبات والدفوع وتباشر كافة الإجراءات التي يباشرها الخصوم ، ولا تسري عليها قواعد رد أعضاء النيابة ، وهو ما يجوز معه أن يكون عضو النيابة الذى يبدى رأيه أمام محكمة أول درجة هو نفسة الذى يبدى رأيه أمام محكمة الاستئناف .
———
الوقائع
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون عليهما الأولى والثانية أقامتا الدعوى رقم 62 سنة 1963 طنطا الابتدائية للأحوال الشخصية، وطلبتا الحكم ضد المطعون عليه الثالث وفي مواجهة مصلحة الشهر العقاري بثبوت ملكيتهما مناصفة بينهما لحصة قدرها 34ف و20ط و16/100 15س شيوعاً في مساحة قدرها 125ف و11ط و21س والتسليم، وقالتا بياناً للدعوى إنه بموجب حجة شرعية صدرت من محكمة الإسكندرية الشرعية بتاريخ 29/5/1927 وقفت المرحومة …. أطياناً زراعية مساحتها 154ف و12ط و8س على نفسها مدة حياتها ثم من بعدها تكون وقفاً على ….، ثم من بعده على زوجته …..، ثم من بعدها على أولاد …… المذكور، ثم على أولاد أولاده ذكوراً وإناثاً بالسوية بينهم، ثم على أولاد أولاد أولاده، ثم على ذريته ونسله إلى آخر ما جاء بكتاب الوقف، كما اشترطت الواقفة شروطاً من بينها أن يبدأ في كل سنة بعد حياتها بصرف ثلث صافي الغلة لمن يكون محتاجاً من أولاد خالها …..، ومن أولاد خالتها السيدات …… و….. و…. و…. بنات …..، وشرطت أن المحتاج منهم هو من لا يكسب قدر كفايته وليس له أصل ولا فرع ولا أخ ولا أخت ولا زوج من الموسرين تجب نفقته عليه شرعاً، وأن يقدم الأحوج فالأحوج ولو كان من طبقة سفلى مع وجود طبقة عليا، وبتاريخ 21/10/1945 توفيت الواقفة فآل الاستحقاق إلى المرحوم ….. الذي اختص بريع الوقف كله لعدم وجود مستحقين من أولاد خالها وخالتها المذكورين بكتاب الوقف، وظل الحال على ذلك إلى أن صدر القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات بتاريخ 14/9/1952 فآلت ملكية الأطيان الموقوفة بمقتضى القانون الأخير إلى ….، وبتاريخ 9/2/1954 توفى الأخير فآل ثلث تركته إلى ابنتيه المطعون عليهما الأولى والثانية بموجب وصية حررها بتاريخ 12/9/1952 واختص الورثة بباقي التركة حسب الفريضة الشرعية، وبتاريخ 24/9/1956 توفيت والدتهما ……. وانحصر ميراثها فيهما بحق الثلثين وفي أبناء عمهما ………. و………. و……… – الطاعن – بحق الثلث، وإذ لم تشهر قائمة حل الوقف إلا بالنسبة لثلثي الأطيان وقدرها 83ف و15ط و23س، وكان المطعون عليه الثالث ينازعهما في ملكيتهما للجزء الباقي من الأطيان فقد أقامتا الدعوى بطلباتهما سالفة البيان، وبجلسة 22/1/1963 طلب كل من الطاعن و….. و….. دخولهم خصوماً في الدعوى استناداً إلى أنهم يملكون الأطيان المتنازع عليها لانطباق شرط الواقفة عليهم، وبتاريخ 17/1/1965 حكمت المحكمة بقبول الطاعن خصماً في الدعوى ورفضت تدخل الآخرين. وكان الطاعن قد رفع الدعوى رقم 94 سنة 1963 طنطا الابتدائية للأحوال الشخصية ضد المطعون عليهم طالباً الحكم باستحقاقه لثلث الأطيان الموقوفة وتسليمه نصيبه فيها وقدره 41ف و19ط و23س، وبأن يؤدوا له ريع ذلك النصيب وقدره 1000ج في السنة، تأسيساً على أنه ابن …… خالة الواقفة وكان وقت وفاتها هو المحتاج الوحيد، من أولاد وذرية ونسل خالها وخالتها المذكورين بكتاب الوقف، وأنه لا يوجد من تجب عليه نفقته شرعاً فانطبق عليه وحده شرط الواقفة، واستمر كذلك حتى يوم 14/9/1952 تاريخ العمل بالمرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952. قررت المحكمة ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد، وبتاريخ 6/3/1966 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن مدعاه، وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين عادت وبتاريخ 16/1/1968 فحكمت في الدعوى رقم 62 سنة 1963 بطلبات المطعون عليهما الأولى والثانية، وفي الدعوى رقم 94 سنة 1963 برفضها. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 5 سنة 18ق أحوال شخصية طنطا، وبتاريخ 6/5/1968 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. ودفعت المطعون عليها الأولى ببطلان الطعن لأن الطاعن لم يودع خلال الميعاد القانوني صورة رسمية من الحكم المطعون فيه ومن الحكم الابتدائي. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وفي الموضوع برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .