من الأمور الهامة للأوراق التجارية الوفاء بقيمتها في ميعاد الاستحقاق، ويضع الحامل والساحب والمظهرين وكل موقع على الورقة أهمية خاصة للوفاء بقيمة الكمبيالة، نظراً لأنهم يرتبون التزاماتهم على هذا الوفاء، فإذا تأخر الوفاء من جانب المدين أو امتنع عن الوفاء، أدى ذلك إلى ارتباك خطير لكل الموقعين على الكمبيالة، مما يؤدي إلى اضطراب المعاملات التجارية وعدم استقرارها. لذلك وضع المشرع التجاري أحكاماً خاصة للوفاء بقيمة الكمبيالة تتضمن الخروج على القواعد العامة وتعتبر هذه الأحكام مستثناة من أحكام الوفاء الواردة في القانون المدني لذلك يجب الاستعانة بأحكام القانون المدني كلما خلت نصوص قانون التجارة من أحكام خاصة. وسوف نتكلم في هذا الموضع عن المسائل الآتية : تقديم الكمبيالة للوفاء، مكان الوفاء، زمن الوفاء، موضوع الوفاء، شروط صحة الوفاء، آثار الوفاء، إثبات الوفاء، المعارضة في الوفاء.

أولاً: تقديم الكمبيالة للوفاء :

إذا حل ميعاد الاستحقاق يجب على الحامل تقديم الكمبيالة للوفاء بقيمتها إلى المسحوب عليه ولا يسعى هذا الأخير غالباً إلى الحامل لكي يوفى بقيمة الدين، لأنه غالباً لا يعرف في أي يد تستقر الكمبيالة عند ميعاد الاستحقاق. ويتم الوفاء بين المسحوب عليه والحامل أو نائب كل منهما، ويجب على المسحوب عليه التأكد من أن الوفاء يتم للحامل الشرعي للكمبيالة، وإلا كان مسئولاً عن الوفاء مرة أخرى لصاحب الحق، وإذا كان من الصعب على المسحوب عليه التحقق من ذلك فإن دفعها في ميعاد الاستحقاق بدون معارضة من أحد يعتبر صحيحاً إلا إذا وقع من المسحوب عليه غش او خطأ جسيم، وفي ذلك تنص المادة ٤٢٨/٣ من قانون التجارة على أن ” وفاء الكمبيالة في ميعاد الاستحقاق دون معارضة صحيحة يبرئ ذمة الموفي ، إلا إذا وقع منه غش أو خطأ جسيم، وعليه أن يستوثق من انتظام تسلسل التظهيرات ولكنه غير ملزم بالتحقق من صحة توقيعات المظهرين”. ويجوز للمسحوب عليه في حالة وفائه بقيمة الكمبيالة استردادها من حاملها موقعاً عليها بما يفيد الوفاء، وقد أشارت إلى ذلك المادة ٤٢٧/١من قانون التجارة وإذا تم الوفاء من قبل المسحوب عليه قبل ميعاد الاستحقاق، فإنه يكون مسئولاً عن هذا الوفاء حتى ولو لم تحدث معارضة، وفي ذلك تنص المادة ٤٢٨/٢ من قانون التجارة على أنه “إذا أوفى المسحوب عليه قبل ميعاد الاستحقاق تحمل تبعة ذلك”. وأعطى المشرع أيضاً للمدين بالكمبيالة حق السعي للوفاء بقيمة الكمبيالة إذا لم يتقدم أحد لأخذ قيمتها في ميعاد الاستحقاق حيث تنص المادة ٤٣٠ من قانون التجارة في فقرتها الأولى على أنه “إذا لم تقدم الكمبيالة للوفاء في يوم الاستحقاق جاز لكل مدين بها إيداع مبلغها خزانة المحكمة التي تقع في دائرتاه مكان الوفاء”. ويكون الإيداع على نفقة الحامل وتحت مسئوليته وأضافت في الفقرة الثانية “يسلم قلم كتاب المحكمة المودع وثيقة يذكر فيها إيداع المبلغ ومقداره وتاريخ إصدار الكمبيالة وتاريخ الاستحقاق واسم من حررت في الأصل لمصلحته”، وأضافت الفقرة الثالثة من ذات المادة أنه “فإذا طالب الحامل المدين بالوفاء وجب على المدين تسليم وثيقة الإيداع إليه مقابل تسلم الكمبيالة منه مؤشراً عليها بوقوع الوفاء بموجب وثيقة الإيداع، وللحامل قبض المبلغ من قلم كتاب المحكمة بموجب هذه الوثيقة، فإذا لم .” يسلم المدين وثيقة الإيداع إلى الحامل وجب عليه وفاء قيمة الكمبيالة له (1)

ثانياً : مكان الوفاء :

يجب على الحامل أن يقدم الكمبيالة للمسحوب عليه في مكان الوفاء المعين بها. حيث أنه من البيانات الإلزامية التي ذكرتها المادة ٣٧٩ /ه تجاري، فإذا لم يذكر بيان مكان الوفاء فإن ذلك لا يؤدي إلى بطلان الكمبيالة وإنما اعتبر المكان المبين بجانب اسم المسحوب عليه مكاناً للوفاء وموطناً للمسحوب عليه في نفس الوقت (مادة ٣٨٠ تجاري وعلى الحامل أن يتقدم إلى هذا المكان للوفاء بقيمة الكمبيالة. ويجوز للساحب أو المسحوب عليه تعيين موطناً مختاراً للوفاء بقيمة الكمبيالة، حيث تنص المادة ٣٨٢ من قانون التجارة على أنه “يجوز أن تكون الكمبيالة مستحقة الوفاء في موطن شخص من الغير سواء في الجهة التي بها موطن المسحوب عليه أو في أية جهة أخرى” ، ويعتبر هذا من الشروط الاختيارية في الكمبيالة ويسمى شرط الوفاء في محل مختار يعتبر صاحب المحل المختار للوفاء نائباً عن المسحوب عليه أو الساحب. حيث لا يلتزم صرفياً بالوفاء. وإذا قام بالوفاء للحامل فله الرجوع على المسحوب عليه أو الساحب – حسب الأحوال – وفقاً لعلاقته بكل منهما وليس وفقاً لأحكام قانون الصرف(2) وبناء على شرط الوفاء في محل مختار يحق للساحب أن يسحب كمبيالة على المسحوب عليه ويعين مكان شخص آخر للوفاء بقيمة الكمبيالة، ويتم هذا غالباً باتفاق بين الساحب والمسحوب عليه، وقد يقوم المسحوب عليه بتعيين شخصاً غيره يقوم بالوفاء نيابة عنه في محل إقامة هذا الشخص، ويتم ذلك غالباً لتحقيق مصلحة المسحوب عليه نظراً لأنه قد يكون متغيباً بشكل دائم عن موطنه في ميعاد الاستحقاق، وقد يرغب في تفادي عمل الاحتجاج في مواجهته وما يجده عليه من مصاريف وإساءة لسمعته لأن تعيين هذا المحل يوجب عمل الاحتجاج، وإعلانه وإعلان صحيفة دعوى الرجوع فيه، ويثبت الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها المحل المذكور(3)

ثالثاً: زمن الوفاء :

على حامل الكمبيالة المستحقة الوفاء في تاريخ معين أو بعد مدة معينة من تاريخ إصدارها أو من تاريخ الاطلاع عليها أن يقدمها للوفاء في يوم استحقاقها أو في أحد يومي العمل التاليين لهذا اليوم (المادة ٤٢٦/2 تجاري ، والكمبيالة المستحقة الوفاء لدى الإطلاع تكون واجبة الوفاء بمجرد تقديمها، ويجب أن تقدم للوفاء خلال سنة من تاريخ إصدارها وللساحب تقصير هذا الميعاد أو إطالته وللمظهرين تقصيره المادة ٤٢٢/١ تجاري وللساحب أن يشترط عدم تقديم الكمبيالة المستحقة الوفاء لدى الإطلاع قبل انقضاء أجل معين، وفي هذه الحالة يحسب ميعاد التقدم ابتداء من حلول هذا الأجل المادة ٤٢٢/ 2تجاري مصري ويعتبر تقديم الكمبيالة إلى إحدى غرف المقاصة المعترف بها قانوناً كغرف المقاصة بين البنوك في حكم تقديمها للوفاء)المادة ٤٢٦/2تجاري مصري) ولا يجوز إجبار المسحوب عليه على الوفاء بقيمة الكمبيالة قبل ميعاد الاستحقاق، فإذا قام بالوفاء بقيمتها قبل ميعاد الاستحقاق تحمل تبعة ذلك وكان مسئولاً عن صحة هذا الدفع، فإذا رتب ذلك ضرراً للملتزمين بالكمبيالة كان مسئولاً عن التعويض، وفي ذلك تنص المادة ٤٢٨/2٢ تجاري مصري على أنه “إذا أوفى المسحوب عليه قبل ميعاد الاستحقاق تحمل تبعة ذلك”. والمشرع لم يرتب جزاء على عدم قيام الحامل بالمطالبة بقيمة الكمبيالة في ميعاد الاستحقاق سوى أنه أجاز لكل مدين إيداع مبلغها خزانة المحكمة التي يقع في دائرتها مكان الوفاء ويكون الإيداع على نفقة الحامل وتحت مسئوليته، بالإضافة لذلك يكون الحامل مسئولاً وفقاً للقواعد العامة عن تعويض الضرر اللاحق بالملتزمين بسبب عدم تقدمه للمطالبة بالوفاء في ميعاد الاستحقاق، ويتحقق هذا الضرر إذا كان المسحوب عليه قادراً على الوفاء في ميعاد الاستحقاق ثم أصبح عاجزاً عن الوفاء بعد ذلك، كما أن الحامل يسقط حقه في الرجوع على الملتزمين بالكمبيالة إذا لم يقم بعمل الاحتجاج في الميعاد القانوني، ويتحمل الحامل المصروفات التي أنفقت إذا عرض المسحوب عليه الوفاء على المحضر المكلف بعمل الاحتجاج. ولا يجبر حامل الكمبيالة على استلام قيمتها قبل ميعاد الاستحقاق وللحامل مصلحة في ذلك، هو رغبته في الحصول على ائتمان الغير بمقتضى الكمبيالة أو استعمالها في الوفاء أو لأنه رتب أموره على تلقي الوفاء في ميعاد الاستحقاق، وتنص المادة ٤٢٨/١ من قانون التجارة على انه “لا يجبر حامل الكمبيالة على قبض قيمتها قبل ميعاد الاستحقاق”.

رابعاً : موضوع الوفاء :

موضوع الوفاء هو المبلغ النقدي الموضح بالكمبيالة، لذلك يجب أن يرد الوفاء على نوع النقود الموضحة بالكمبيالة، ويلزم المسحوب عليه بدفع المبلغ المحدد بالكمبيالة دون أن يكون لارتفاع قيمة هذه النقود أو لانخفاضها وقت الوفاء أي أثر وذلك تطبيقاً للقواعد العامة(4) وإذا عين الساحب مبلغ الكمبيالة بعملة أجنبية يلزم أن تكون من العملات المعلن لها أسعار صرف محلياً، ويجب الوفاء في مصر بهذه العملة، إلا إذا نص في الكمبيالة على جواز الوفاء بقيمتها بالعملة الوطنية حسب سعر البيع أو الإقفال أو التحويلات لدى البنك المركزي المصري أو حسب سعر البنكنوت إذا لم يعلن البنك المركزي سعر تحويلات لعملة الكمبيالة، وذلك في يوم الاستحقاق، فإذا لم يتم الوفاء في هذا اليوم كان لحاملها الخيار بين المطالبة بمبلغ الكمبيالة مقوماً بالعملة الوطنية حسب الشعر المشار إليه يوم الاستحقاق أو يوم الوفاء )المادة ٤٢٩/١ تجاري ) وإذا عين مبلغ الكمبيالة بعملة تحمل تسمية مشتركة وتختلف قيمتها في بلد الإصدار عن قيمتها في بلد الوفاء افترض أن المقصود عملة بلد الوفاء (المادة ٤٢٩/٢ تجاري وإذا كان محل الوفاء هو مبلغ النقود فإنه يجوز للحامل أن يقبل الوفاء بشيء آخر يعادل قيمة المبلغ النقدي )المادة ٣٥٠ مدني مصري) والكمبيالة تعتبر أداة ائتمان وأداة وفاء أيضاً، لذلك فإن إصدارها لا يعتبر وفاء للمستفيد إلا إذا تم تحصيلها بالفعل. وفي ذلك تقول محكمة النقض في حكم لها(5) أنه “لما كان ذلك وكان الأصل في السند الإذني أنه وإن كان أداة وفاء إلا أن مجرد إصداره لا يعتبر وفاء من الساحب بقيمته إذ لا يتم ذلك إلا عند قيام المستفيد بتلقي هذه القيمة فعلاً من الساحب .. وإن هذا السند يعتبر من أوراق القبض”. وقد أجاز قانون التجارة الوفاء بجزء من مبلغ الكمبيالة وأجبر الحامل على أنه “لا يجوز لحامل الكمبيالة أن يمتنع قبول ذلك، وفي ذلك تقول المادة ٤٢٧/2 قبول الوفاء الجزئي”. وإذا كان الوفاء جزئياً جاز للمسحوب عليه أن يطلب إثباته على الكمبيالة وإعطاء مخالصة به )مادة ٤٢٧/٣ تجاري) ومما لا شك فيه أنه لا يجوز للحامل الامتناع عن استلام الجزء المعروض عليه من الحامل ولو كان القبول شاملاً مبلغ الكمبيالة بتمامه. وكل ما يدفع من أصل قيمة الكمبيالة تبرأ منه ذمة ساحبها وقابلها وعلى الحامل أن يعمل احتجاج عدم الوفاء على ما بقى منها، وفي ذلك تنص المادة ٤٢٧/ ٤ من قانون التجارة على أن ” تبرأ ذمة الساحب والمظهرين وغيرهم من الملتزمين في الكمبيالة بقدر ما يدفع من قيمتها، وعلى حاملها عمل الاحتجاج عن القدر غير المدفوع”. ورغم أن إجبار الحامل على الوفاء الجزئي يعتبر خروجاً على القواعد العامة التي تقرر أنه لا يجوز للمدين أن يجبر الدائن على أن يقبل وفاء جزئياً لحقه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك المادة ٣٤٢/1مدني مصري الا ان هذا الخروج يجد ما يبرره، ذلك أن الوفاء بقيم الكمبيالة لا يهم الحامل فحسب بل يهم الضامنين أيضاً والوفاء الجزئي يخفف العبء عن هؤلاء الضامنين.

خامساً: شروط صحة الوفاء :

لكي يكون الوفاء بقيمة الكمبيالة صحيحاً يجب أن يكون في ميعاد الاستحقاق، وأن يكون للحامل الشرعي، وأن يتم الوفاء دون غش أو خطأ جسيم، وأن يكون دون معارضة صحيحة.

١- يجب أن يقع الوفاء في ميعاد الاستحقاق :

لا يكون الوفاء صحيحاً إلا إذا تم في ميعاد الاستحقاق، لأن هذا الميعاد وضع لمصلحة كلا من الساحب والمسحوب عليه والحامل والمظهرين نظراً للدور الهام الذي تقوم به الكمبيالة كأداة ائتمان، وعلى ذلك من قام بدفع قيمة الكمبيالة قبل ميعاد الاستحقاق فإنه يكون مسئولاً عن صحة الدفع (مادة ٤٢٨/٢ تجاري فإذا دفع المسحوب عليه لناقصي الأهلية أو مفلس قبل ميعاد الاستحقاق كان للوصي عن ناقص الأهلية وسنديك التفليسة أن يطلب الوفاء بقيمة الكمبيالة مرة أخرى(6)

٢- الوفاء للحامل الشرعي للكمبيالة :

… أن القواعد العامة تفرض على المدين التحقق من شخصية من يوفي له بقيمة الدين وأهليته مادة ٣٣٢ مدني مصري، ولكن هذا لا يتوافر غالباً في الوفاء بالكمبيالة نظراً لتداولها من يد إلى أخرى، لذلك قرر قانون التجارة أن وفاء الكمبيالة في ميعاد الاستحقاق دون معارضة صحيحة يبرئ ذمة الموفي ويعتبر وفاء صحيحاً(مادة ٤٢٨/٣ تجاري) لأن المدين ليس لديه متسع من الوقت عند حلول ميعاد الاستحقاق للقيام بالتحريات اللازمة والتحقق من صفة من يطلب الوفاء ومن أهليته حتى لا يتم تحرير الاحتجاج في مواجهته، ولكن رغم ذلك عليه أن يستوثق من انتظام تسلسل التظهيرات ولكنه غير ملزم بالتحقق من صحة توقيعات المظهرين). مادة ٤٢٨/٣ تجاري)

٣- يجب أن يتم الوفاء بدون غش أو وخطأ جسيم :

إذا دفع المسحوب عليه إلى حامل يعلم أنه ليس مالكاً للكمبيالة – لأنه عثر عليها أو سرقها – وأضر ذلك بالمالك الحقيقي، فإن المسحوب عليه يكون بذلك قد ارتكب غشاً ويتعرض لدفع قيمة الكمبيالة مرة ثانية على سبيل التعويض. ويعتبر المسحوب عليه قد ارتكب خطأ جسيماً إذا دفع قيمة الكمبيالة دون التحقق من تسلسل التطهيرات وعليه أن يراعي التحقق من تطبيق الشروط الاختيارية في الكمبيالة(7) والأصل هو حسن نية الموفى وعلى من يتمسك أن الوفاء تم نتيجة غش أو خطأ جسيم إثبات ذلك بكافة طرق الإثبات. هذا وقد نص قانون التجارة في المادة ٤٢٨/٣ على أن “وفاء الكمبيالة في ميعاد الاستحقاق دون معارضة صحيحة يبرئ ذمة الموفى إلا إذا وقع منه غش أو خطأ جسيم، وعليه أن يستوثق من انتظام تسلسل التظهيرات ولكنه غير ملزم بالتحقق من صحة توقيعات المظهرين”.

٤- أن يتم الوفاء دون معارضة صحيحة :

يجب أن يكون الوفاء دون معارضة صحيحة، ولا يعتبر المعارضة صحيحة إلا في حالة ضياع الكمبيالة أو إفلاس حاملها أو الحجر عليه، وفي ذلك تنص المادة ٤٣١ من قانون التجارة على أن “لا يقبل الاعتراض على وفاء الكمبيالة إلا في حالة ضياعها أو إفلاس حاملها أو الحجر عليه”. فإذا جاءت المعارض بناء على إحدى هذه الحالات فإنه لا يجوز للمدين الوفاء بقيمة الكمبيالة وإلا كان مسئولاً عن ذلك .

سادساً: آثار الوفاء :

بمجرد قيام المسحوب عليه بالوفاء بقيمة الكمبيالة برئت ذمة جميع الموقعين عليها، وينقضي التزام الموقعين بضمان الوفاء وتنتهي حياة الكمبيالة، ورجوع المسحوب عليه بعد ذلك على الساحب لعدم تسلم مقابل الوفاء لا يستند إلى علاقة صرفية وإنما يستند إلى علاقة سابقة على إنشاء الكمبيالة، أي سابقة على تطبيق أحكام قانون الصرف، أما إذا كان الساحب قدم مقابل الوفاء فإن الالتزام الصرفي ينقضي وأيضاً الالتزام العادي. وإذا قام أحد المظهرين بالوفاء بقيمة الكمبيالة برئ جميع الملتزمين في الكمبيالة في مواجهة الحامل ولكن يحق للمظهر الرجوع على المظهرين السابقين عليه الضامنين له، وأيضاً الرجوع على الساحب وفقاً لأحكام قانون الصرف. وإذا قام الساحب بالوفاء برئ ذمة جميع الموقعين على الكمبيالة ولا يكون للساحب إلا الرجوع على المسحوب عليه إذا كان قد قدم إليه مقابل الوفاء. وإذا كان الوفاء قام به أحد الضامنين الاحتياطيين، كان له الرجوع على الملتزم المضمون وعلى الملتزمين السابقين عليه الذين يضمنون هذا الملتزم.

سابعاً: إثبات الوفاء :

إثبات الوفاء يتم بتسليم الكمبيالة إلى المسحوب عليه الموفى بعد التوقيع عليها بما يفيد الوفاء، وفي ذلك تنص المادة ٤٢٧/١ من قانون التجارة على أنه إذا أوفى المسحوب عليه الكمبيالة جاز له استردادها من حاملها موقعاً عليها بما يفيد الوفاء”. وإذا كان الوفاء جزئياً جاز للمسحوب عليه أن يطلب إثباته على الكمبيالة أو إعطائه مخالصة به المادة ٤٢٧/٣ تجاري ويعتبر استرداد المسحوب عليه الكمبيالة بدون التوقيع عليها بما يفيد الوفاء قرينة على حصول الوفاء ولكن يجوز للحامل إثبات عكسها بكافة طرق الإثبات ، لأن الحامل لا يلزم عند تقديمها للقبول بالتخلي عنها للمسحوب عليه (مادة ٤١٢/2 تجاري.

ثامناً: المعرضة في الوفاء :

أراد المشرع التجاري تمكين الكمبيالة من أداء وظائفها كأداة ائتمان وأداة وفاء، واطمئنان الحامل في الحصول على قيمة الكمبيالة عند حلول ميعاد الاستحقاق، لذلك حرم المعارضة في الوفاء بقيمة الكمبيالة إلا في حالات استثنائية. فقد نصت المادة ٤٣١ من قانون التجارة على أنه “لا يقبل الاعتراض على وفاء الكمبيالة إلا في حالة ضياعها أو إفلاس حاملها أو الحجر عليه”. ويعتبر هذا الحكم استثناء من القواعد العامة التي تجيز لكل دائن بدين محقق الوجود وحال الأداء أن يحجز تحت يد الغير على المبالغ المستحقة لمدينه ولو كانت مؤجلة أو معلقة على شرط )المادة ٣٢٥ مرافعات(، وتسمى هذه القاعدة بحجز ما للمدين لدى الغير، لذلك يمتنع على دائن الحامل أن يحجز تحت يد المسحوب عليه عن مبالغ مستحقة للحامل، لأن حجز ما للمدين لدى الغير يعتبر معارضة في الوفاء منعها المشرع التجاري إلا في حالة ضياع الكمبيالة وإفلاس الحامل أو الحجر عليه. وبناء على ذلك وباستثناء حالة ضياع الكمبيالة وإفلاس الحامل أو الحجر عليه لا يجوز المعارضة في الوفاء بقيمة الكمبيالة، سواء وقعت المعارضة بإعلان عادي بالامتناع عن الدفع للحامل، أو اتخذت صورة حجز ما للمدين لدى الغير، وبالتالي يحق للمسحوب عليه إهمال المعارضة والوفاء بقيمة الكمبيالة للحامل. وطبقاً لنص المادة ٤٣١ تجاري تجوز المعارضة في حالة ضياع الكمبيالة أو إفلاس حاملها أو الحجر عليه :

الحالة الأولى : إفلاس الحامل أو الحجر عليه :

أ – إفلاس الحامل :

يترتب على إفلاس الحامل غل يده عن إدارة أمواله والتصرف فيها، فيمتنع عليه استيفاء حقوقه، ويحل أمين التفليسة محل المدين المفلس في إدارة أموال المفلس وتحصيل حقوقه لدى الغير والتصرف في الأموال أيضاً. لذلك يحق لأمين التفليسة المعارضة في وفاء المسحوب عليه للحامل المفلس، وتقع المعارضة بإخطار أمين التفليسة للمسحوب عليه بالامتناع عن الوفاء للحامل، وإذا لم يعارض أمين التفليسة في الوفاء جاز للمسحوب عليه الوفاء للحامل المفلس بقيمة الكمبيالة، وفي ذلك تنص المادة ٥٩٠/١ من قانون التجارة أنه “لا يجوز للمفلس بعد صدور حكم شهر الإفلاس الوفاء بما عليه من ديون أو استيفاء ما له من حقوق”، وأضافت الفقرة الثانية أنه “ومع ذلك إذا كان المفلس حاملاً لورقة تجارية جاز الوفاء له بقيمتها عن حلول ميعاد الاستحقاق إلا إذا عارض أمين التفليسة في هذا الوفاء طبقاً للمادة ٤٣١ من هذا القانون”.

يتضح من ذلك أن الوفاء للحامل المفلس بقيمة الكمبيالة في حالة عدم اعتراض أمين التفليسة أمر جوازي للمسحوب عليه، بمعنى أن المسحوب عليه قد يمتنع عن الوفاء بقيمة الكمبيالة حتى ولو لم يصله اعتراض من أمين التفليسة إذا علم بصدور حكم بشهر إفلاس الحامل. هذا وقد ذهب البعض(8) إلى ضرورة امتناع المسحوب عليه عن الوفاء طالما علم بصدور حكم الإفلاس ضد الحامل ولو لم يصله اعتراض من أمين التفليسة ونحن نرى أن إجبار المسحوب عليه على الامتناع عن الوفاء بمجرد علمه بصدور حكم شهر الإفلاس حتى ولو لم يصله اعتراض من أمين التفليسة، مخالفة الحكم المادة ٥٩٠/٢ من القانون التجاري، التي تعطي للمسحوب عليه الحق في الوفاء أو الامتناع. فالمسألة جوازية للمسحوب عليه، لأنه قد تكون من مصلحته الوفاء للحامل المفلس طالما لم يصله اعتراض من أمين التفليسة، لكل يتخلص من عبء الوفاء بقيمة الكمبيالة.

ب- الحجر على الحامل:

يأخذ حكم إفلاس الحامل صدور قرار بالحجر عليه سواء في حالة نقص الأهلية أو إنعدامها. وقد جاء نص المشرع في المادة ٤٣١ تجاري استجابة لما استقر عليه العمل في القضاء والفقه، حيث كان يرحب كل منهما تطبيق أحكام إفلاس الحامل على من صدر قرار بالحجر عليه.

الحالة الثانية : ضياع الكمبيالة :

رغم أن المشرع في المادة ٤٣١ تجاري ذكر كلمة “ضياع” الكمبيالة إلا أنه من المتفق عليه أن ضياع الكمبيالة يعني فقدها أو سرقتها أو هلاكها أو تلفها أو أي حالة يفقد فيها الحامل صك الكمبيالة دون إرادته.

في هذه الحالة يتعين على حامل الكمبيالة الذي حدث له ذلك إخطار المسحوب عليه بالامتناع عن الوفاء لمن يتقدم له حاملاً الصك في ميعاد الاستحقاق، ويجب على المسحوب عليه بمجرد إخطاره بذلك الامتناع عن الوفاء بقيمة الكمبيالة لمن يتقدم له حاملاً الصك لحين الانتهاء من النزاع بين حامل الصك ومن يدعي ملكيته، ويتحمل المسئولية في حالة الوفاء رغم إخطار المعارضة. وإذا قام الحامل بإخطار المسحوب عليه بالمعارضة في الوفاء لمن يتقدم له في ميعاد الاستحقاق حاملاً الصك، كان عليه أن يثبت بعد ذلك أنه المالك الشرعي للصك للحصول على حقه. ونفرق في ذلك بين علاقة مالك الكمبيالة الحقيقي والحامل الجديد وعلاقة مالك الكمبيالة الحقيقي والمسحوب عليه.

١- علاقة مالك الكمبيالة بالحائز لها :

إذا تعرف مالك الكمبيالة الحقيقي على حائزها – الذي سرقها أو عثر عليها أو انتقلت إليه من هؤلاء – كان له حق استردادها، ولم ينظم المشرع التجاري كيفية الاسترداد لذلك نعود للقواعد العامة. في هذه الحالة نفرق بين الحائز حسن النية والحائز سيء النية فإذا كان الحائز سيء النية بأن عثر عليها أو سرقها أو انتقلت إليه وهو يعلم بضياعها أو سرقها، كان من حق مالك الكمبيالة الحقيقي استردادها )9)، أما إذا كان الحائز حسن النية فإن أغلب الفقه يفضل مصلحة الحائز حسن النية عن المالك الشرعي للكمبيالة حماية لاستقرار التعامل بالأوراق التجارية ولأن الكمبيالة تتداول بالتظهير حتى ولو لم تتضمن شرط الأمر في ظل أحكام القانون التجاري رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩.

٢- علاقة مالك الكمبيالة بالمسحوب عليه :

في هذه العلاقة نظم المشرع التجاري إجراءات حصول المالك على حقه وذلك على النحو التالي :

أ – إذا كانت الكمبيالة محررة من نسخة واحدة :

إذا كانت الكمبيالة محررة من نسخة واحدة وتم فقدها، فقد نصت المادة ٤٣٥ من قانون التجارة على أنه “يجوز لمالك الكمبيالة الضائعة الحصول على نسخة منها، ويكون ذلك بالرجوع إلى من ظهر إليه الكمبيالة، ويلتزم هذا المظهر بمعاونته والإذن له باستعمال اسمه في مطالبة المظهر السابق، ويرقى المالك في هذه المطالبة من مظهر إلى مظهر حتى يصل إلى الساحب”، وأضافت الفقرة الثانية بأن “ويلتزم كل مظهر بكتابة تظهيره على نسخة الكمبيالة المسلمة من الساحب بعد التأشير عليها بما يفيد أنها بدل فاقد”، ثم قررت الفقرة الثالثة من ذات المادة أنه “ولا يجوز طلب الوفاء بموجب هذه النسخة إلا بأمر من القاضي المختص وبشرط تقديم كفيل”، وأضافت الفقرة الرابعة أنه “وتكون جميع المصروفات على مالك الكمبيالة الضائعة”. ويلجأ عادة مالك الكمبيالة إلى هذه الطريقة في الحصول على نسخة أخرى إذا كان ميعاد الاستحقاق لم يحل بعد وكان هناك متسع من الوقت، حيث يستطيع أن ينشأ نسخة جديدة من الكمبيالة المفقودة أو الضائعة أو المسروقة أو التالفة أو الهالكة. أما إذا لم يستطع المالك الحقيقي الحصول على نسخة أخرى طبقاً للطريقة السابقة أو أن ميعاد الاستحقاق قد حل ولا يوجد متسع من الوقت، فإن المشرع أعطى لمالك الكمبيالة الحق في أن يستصدر أمراً من القاضي المختص بوفائها بشرط أن يثبت ملكيته وأن يقدم كفيلاً. نصت على ذلك المادة ٤٣٣ من قانون التجارة حيث قررت بأن “يجوز لمن ضاعت منه كمبيالة – مقبولة أو غير مقبولة – ولم يتمكن من تقديم إحدى النسخ الأخرى أن يستصدر أمراً من القاضي المختص بوفائها بشرط أن يثبت ملكيته لها وأن يقدم كفيلاً”. يتضح من ذلك أنه إذا حررت الكمبيالة من نسخة واحدة أو من عدة نسخ ولم يستطع المالك الحصول على نسخة جديدة أو لم يتمكن من تقديم أي من النسخ الأخرى، كان له التوجه للقاضي المختص ليحصل منه على أمر بالوفاء بقيمة الكمبيالة بعد إثبات ملكيته للكمبيالة بكافة طرق الإثبات، وبعد أن يقدم كفيلاً موسراً يضمن الوفاء إذا ثبت فيما بعد أن طالب الوفاء ليس هو الحامل الشرعي أو المالك الشرعي للكمبيالة. وبناء على هذا الأمر الصادر من القاضي المختص يحق للمسحوب عليه الوفاء بقيمة الكمبيالة ويكون وفائه صحيحاً مبرئاً لذمته، وفي ذلك تنص المادة ٤٣٦ من قانون التجارة على أن “الوفاء في ميعاد الاستحقاق بناء على أمر القاضي في الأحوال المشار إليها في المواد السابقة يبرئ ذمة المدين”.

ب- إذا كانت الكمبيالة محررة من عدة نسخ :

أحياناً تحرر كمبيالة من عدة نسخ تفادياً لمخاطر الضياع أو السرقة أو التلف في هذه الحالة يجب أن يوضع في متن كل نسخة رقمها وعدد النسخ الأخرى التي حررت من أجلها وإلا اعتبرت كل نسخة قائمة بذاتها )المادة ٤٥٩ تجاري(، كما أن الوفاء بمقتضى إحدى نسخها مبرئ للذمة ولو لم يكن مشروطاً فيها أن هذا الوفاء يبطل أثر النسخ الأخرى، إلا إذا كانت الكمبيالة مقبولة حيث يبقى المسحوب عليه ملتزماً بالوفاء بمقتضى كل نسخة وقع عليها بالقبول (مادة ٤٦٠/١ تجاري مصري) وإذا صدرت الكمبيالة من عدة نسخ وضاعت إحداها، فيجب هنا التمييز بين ما إذا كانت الكمبيالة الضائعة تحمل قبول المسحوب عليه أم أنها لا تحمل قبوله.

فإذا كانت النسخة الضائعة تحمل صيغة قبول المسحوب عليه فإنه يمتنع عليه الوفاء لأي نسخة أخرى، لأن المسحوب عليه يبقى ملتزماً بالوفاء بمقتضى كل نسخة، وبالتالي فإن دفع المسحوب وقع عليها بالقبول ولم يستردها مادة ٤٦٠/١ تجاري عليه قيمة الكمبيالة لنسخة لا تحمل قبوله لا يعد دفعه صحيحاً بالنسبة لحامل النسخة التي عليها صيغة قبوله، في هذه الحالة لا يكون أمام مالك الكمبيالة سوى الحصول على أمر من القاضي المختص وبشرط تقديم كفيلاً وفي ذلك تنص المادة ٤٣٢/٢ من قانون التجارة المصري أنه “إذا كانت الكمبيالة محررة من عدة نسخ وضاعت النسخة التي تحمل صيغة القبول فلا تجوز المطالبة بوفائها بموجب إحدى النسخ الأخرى إلا بأمر من القاضي المختص وبشرط تقديم كفيلاً”.

أما إذا كانت النسخة المفقود لا تحمل قبول المسحوب عليه وكان مع المالك نسخة أخرى جاز له أن يطالب المسحوب عليه بالوفاء بقيمتها وفي ذلك تنص المادة ٤٣٢/١ من قانون التجارة المصري على أنه “إذا ضاعت كمبيالة غير مقبولة وكانت محررة من عدة نسخ جاز لمستحق قيمتها أن يطالب بالوفاء بموجب إحدى النسخ الأخرى”. وإذا امتنع المسحوب عليه من وفاء قيمة الكمبيالة الضائعة بعد المطالبة بها وفقاً لأحكام الفقرة الثانية من المادة ٤٣٢ وأحكام المادة ٤٣٣ من هذا القانون، يجب على مالكها للمحافظة على حقوقه أن يثبت ذلك في احتجاج يحرره في اليوم التالي لميعاد الاستحقاق ويعلنه للساحب أو المظهرين بالطريقة وفي المواعيد المقرر في المادة ٤٤٠/١ تجاري من هذا القانون والتي سيرد ذكر أحكامها (المادة ٤٣٤ ويجب تحرير الاحتجاج في الميعاد المذكور في الفقرة السابقة ولو تعذر استصدار أمر القاضي في الوقت المناسب (المادة ٤٣٤/٢ تجاري) .

__________________

1- ما ذهب إليه قانون التجارة الجديد في المادة ٤٣٠ يعتبر إيداعاً قضائياً وفقاً لأحكام القواعد العامة في القانون

. المدني المادة ٣٣٥ ،٣٣٤.

2- راجع د/ سميحة القليوبي، الأوراق التجارية، الطبعة الثانية ١٩٩٢ م، دار النهضة العربية ، ص ٢١.

3-راجع د/ محسن شفيق، المطول الاوراق التجارية، ص ٢٥٦ ، وراجع المادة ٤٣٠/١ من قانون التجارة عكس ذلك د/سميحة القليوبي التي ترى أنه إذا امتنع صاحب المحل المختار عن الوفاء فإن الاحتجاج يحرر في مواجهة المسحوب عليه وليس في مواجهته

4- راجع المادة ١٣٤ مدني.

5-الطعن رقم ٤٨٣ لسنة ٥٥ ق جلسة ١٨ ديسمبر ١٩٩٧ م.

6-محسن شفيق، المرجع السابق، ص ٢٦٠ ، وأيضاً د/ ثروت عبد الرحيم، القانون التجاري البحري، طبعة ١٩٩٥ م- ١٩٩٦ م، ، ص ٣١٣ ، د/ محمود سمير الشرقاوي – الأوراق التجارية – طبعة ١٩٩٣ م، دار النهضة العربية. ، ص ٢٠3.

7-محسن شفيق، المرجع السابق، ص ٢٦٠ .

8- سميحة القليوبي، المرجع السابق، ص ٢19.

9- راجع د/ محمود سمير الشرقاوي، المرجع السابق ، ص ٢٠٦ ، وأيضاً د/ كمال محمد أبو سريع ، الأوراق التجارية في القانون التجاري، طبعة ١٩٨٣ م، دار النهضة العربية ص ٢٤٦ ، وأيضاً د/ كمال محمد أبو سريع ، الأوراق التجارية في القانون التجاري، طبعة ١٩٨٣ م، دار النهضة العربية ص ، ص 31.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .