الاعتراف في مرحلة التحقيق

المحامية / منال داود العكيدي

يعد الاعتراف دليلا من ادلة الاثبات في الدعوى الجزائية ويقصد بالاعتراف هو اخبار المتهم لسلطة التحقيق او المحكمة بقيامه بارتكاب جريمة او الاسهام فيها او في بعض الافعال المكونة لها . وقد ورد الاعتراف بهذا الاسم في بعض مواد قانون اصول المحاكمات الجزائية بينما جاء في مواد اخرى بإسم (الاقرار) وكان لذلك اثر في قرارات محكمة التمييز الاتحادية .

ومما تجد الاشارة اليه ان المشرع لم يقم بتنظيم قانون مستقل يضم ادلة الاثبات في الدعوى الجزائية عكس ماهو موجود في الدعاوى المدنية حيث يوجد قانون خاص بها يطلق عليه قانون الاثبات لذلك كان الاثبات في الدعوى الجزائية يعتمد على ماورد من احكام في قانون اصول المحاكمات الجزائية من ادلة اثبات منها الشهادة والاعتراف ،

التي تختلف عن الاخير في كونها تؤدى من قبل الشاهد بعد ان يقسم على ان يقول الحق والصدق اما الثاني واقصد الاعتراف فيدلي به المتهم من دون قسم ويقصد بالشهادة : هي اخبار عن قيام الغير بفعل معين يشكل جريمة او احد الافعال المكونة لها او المساهمة فيها اما الاعتراف فهو اخبار المتهم عن قيامهم بنفسه في ارتكاب جريمة او الاسهام فيها .

لقد كان الاعتراف في السابق هو سيد الادلة الا ان الواقع العملي اثبت ان هناك من المتهمين ما يعترف بارتكاب جريمة من دون ان يكون قد ارتكبها فعلا وذلك لأسباب مختلفة منها اعرضه للتعذيب او الاكراه الذي يتعرض له في دور التحقيق ايا كان نوعه او قد يكون رغبة من المتهم في تخليص شخص اخر من العقاب او للتهرب من عقاب جريمة اشد من الجريمة التي اعترف بها .

لذلك عدل الفقه والقضاء عن اعتبار الاعتراف سيد الادلة واصبح الاعتراف احد الادلة التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع .
ولابد من توافر بعض الشروط اللازمة لصحة الاعتراف منها :

ان يكون صادرا عن ارادة حرة

وبدون اكراه او ضغط او وعد او وعيد ،

وان يكون الاعتراف واضحا ومقبولا عقلا ولا يقبل التأويل والتفسير ،

وكذلك ان لا يتعارض الاعتراف مع حقائق ووقائع ثابتة في الدعوة ،

واخيرا لابد ان يدون الاعتراف من قبل قاضي التحقيق ،

وقد ذهبت محكمة التمييز الاتحادية في العديد من القرارات الصادرة عنها الى ان : الاعتراف المجرد ورجوع المتهم عنه امام محكمة التمييز لا يكفي للإدانة مالم يتعزز بأدلة وقرائن اخرى قفد جاء في قرار محكمة التمييز الاتحادية 161/هـ ع/2007 في 25/2/2008 (اما بالنسبة للجريمتين الاخريين التي تم ادانة المتهم عنها فأن اعتراف المتهم حولها جاء مجرد ولم يتعزز بأي دليل او قرينة لذا فان هذا الاعتراف المجرد لا يمكن الركون اليه في اصدار حكم بالإدانة) .
وبناءا عليه فان اعتراف المتهم في دور التحقيق اذا تعزز بأدلة او قرائن اخرى فانه يصبح كافياً للإدانة او التجريم فاذا تعزز اعتراف المتهم بجريمة سرقة مثلا بضبط المواد المسروقة بحوزته او قيامه بالدلالة على مكان اخفائها فان هذا الاعتراف يصبح كافيا للإدانة وان تراجع المتهم عنه امام محكمة الموضوع كما ان الاعتراف بجريمة قتل وتعزز هذا الاعتراف بقيام المتهم بالدلالة على مكان دفن الجثة او مكان اخفائها ملابس او اشياء تعود للمجني علية هذا الاعتراف يكفي للإدانة وان رجع المتهم عن هذا الاعتراف اما محكمة الموضوع .
وهناك حالات استثنائية تؤخذ فيها محكمة الموضوع بالاعتراف المجرد في مرحلة التحقيق وذلك اذا كان الاعتراف مفصلا او حصل امام قاضي التحقيق وبحضور عضو الادعاء العام والمحامي المنتدب ، او في حالة كون الاعتراف تعزز بكشف الدلالة ، وكذلك عندما يتم تدوين اقوال المتهم المعترف بصفة شاهد على متهمين اخرين