حكم محكمة القضاء الإداري – في خصوص وقف السادة البكرية – وأحكام وإجراءات ومواعيد إجراء التعديلات في السجل العيني

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار
الدائرة السابعة

بالجلسة المنعقدة علناً في يوم السبت الموافق 22/10/2011م
برئاسة السيد الأستاذ/ حسونة توفيق حسونة محجوب نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عبد الفتاح السيد أحمد عبد العال
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ حسني بشير عباس إمام
نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ فادي كمال شوقي مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ أحمد محمد عبد النبي أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى رقم 19567 لسنة 64 قضائية
المقامة من/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته.
ضــــد
أولاً- ورثة المرحوم/ ضياء الدين *****، وهم:
1- السيدة/ هناء ***** (أرملته).
2- السيد/ هشام *****.
3- السيدة/ نيفين *****.
ثانياً-
4- السيد/ وزير العدل بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقاري التوثيق والسجل العيني “ببنها”.
5- السيد/ رئيس مكتب الشهر العقاري والتوثيق والسجل العيني “ببنها – بمحافظة القليوبية” بصفته.
ثالثاً-
6- السيد/ عادل *****.
7- السيدة/ حياة *****.
رابعاً-
8- السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للمساحة بصفته.
9- السيد/ مدير مديرية المساحة بالقليوبية بصفته.
10- السيد/ رئيس مكتب المساحة بشبرا الخيمة بصفته.
11- السيد/ أمين مكتب السجل العيني بالقليوبية بصفته.
12- السيد/ رئيس مأمورية الشهر العقاري بشبرا الخيمة بصفته.
13- السيد/ وزير الأوقاف بصفته.
*******
الإجراءات
*******
أقام المدعي بصفته الدعوى الماثلة بموجب عريضة، أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 23/2/2010، وطلب في ختامها الحكم: بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار الإداري السلبي بالامتناع عن إعادة بيانات السجل العيني المعدلة للقطع أرقام 33 و 35 و 36 و 37 و 38 و 39 و 40 و 81 و 83 الواقعة بناحية بهتيم بشبرا الخيمة إلى ما كانت عليه قبل التعديل، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها إعادة بيانات تلك القطع إلى ما كانت عليه قبل التعديل، مع إلزام المدعى عليهم، عدا الثالث عشر بصفته، المصروفات.
وذكر المدعي بصفته، شرحاً لدعواه إنه بموجب العقد المسجل رقم 9011 بتاريخ 16/12/1963، واستناداً إلى الحكم الصادر من محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية في مادة التصرفات رقم 120 لسنة 1956 بجلسة 16/6/1962، والذي حدد نصيب الخيرات في وقف المرحوم السيد محمد البكري بمساحة 11س 18ط 110ف (مائة وعشرة أفدنه وثمانية عشر قيراط وأحد عشر سهم)، وهذه الأطيان تقع بناحية بهتيم، استلمت هيئة الأوقاف المصرية (والتي تدير أعيان الوقف الخيري نيابة عن وزير الأوقاف بصفته) تلك المساحة، ووضعت يدها عليها، ومنذ الاستلام، ووضع اليد هادئ وظاهر ومستقر، باعتبارها حصة خيرية منوط بالهيئة إدارتها واستثمارها وفقاً لأحكام القانون، وتم التصرف في بعض المساحات من هذه الحصة، ومن ضمنها مساحة استبدلت لجمعية الإسكان بالهيئة، وجمعية الإسكان بوزارة الأوقاف، ومساحة استبدلت لهيئة الأبنية التعليمية، كما تم نزع ملكية مساحة أخرى لطريق 15 مايو، و 531 ري، وهذه الاستبدالات تم شهرها بموجب عقود مسجلة، وبمناسبة تطبيق نظام السجل العيني بناحية بهتيم، تم قيد ملكية الوقف بدفتر المساحة والسجل العيني وبالصحائف العقارية باسم وقف السادة البكرية بموجب العقد المسجل برقم 9011 لسنة 1963، وذلك طبقاً للمستندات والواقع على الطبيعة، وما هو ثابت بدفاتر المساحة والشهر العقاري من قبل، وما جرى عليه من تصرفات مسجلة، وكان ذلك ثابتاً في مرحلة القيد الأول لسريان السجل العيني على ناحية بهتيم، وفي ظله تم شهر الاستبدال الخاص بهيئة الأبنية التعليمية أثناء القيد الأول، وفي 30/10/2006 حل تاريخ السريان الذي تكتسب فيه بيانات القيد في السجل العيني قوة الثبوت المطلق الذي قرره القانون، والتي لا يجوز تغييرها إلا بموجب حكم قضائي وفقاً للمادة 39 من قانون السجل العيني، كما تم بعد هذا التاريخ تسجيل استبدال آخر لصالح جمعية العاملين بوزارة الأوقاف أثناء القيد الثاني.
وقد أقام من يدعون استحقاقهم في وقف السادة البكرية الدعوى رقم 9555 لسنة 2004 مدني كلي وقف جنوب القاهرة، وطلبوا في ختام الصحيفة الحكم باستحقاقهم في وقف السادة البكرية، وهم المرحوم الشيخ/ أحمد البكري والمرحوم الشيخ/ محمد البكري والمرحوم الشيخ/ علي البكري، وحال تداول الدعوى بالجلسات تدخل فيها هجومياً بعض من يزعمون الاستحقاق في وقف السادة البكرية، وبجلسة 17/12/2006 طلب الحاضر عن السيدة/ حياة ***** التصريح بتطبيق العقد المسجل رقم 866 لسنة 1899 بمعرفة مكتب مساحة القليوبية وعمل كشف تحديد للتقسيط الديواني المؤرخ 5 جمادي الأولى 1271هـ باسم وقف محمد أفندي البكري، والتصريح باستخراج صورة رسمية من دفتر الترابيع (التقاريع) الموجود بدار الوثائق المصرية، وقد قررت المحكمة التأجيل لجلسة 11/2/2007 للإطلاع والمستندات وصرحت للمتدخلة بما طلبته.
كذلك كان من ضمن الخصوم المتدخلين هجومياً في تلك الدعوى السيد/ عادل *****، والذي حضر بوكيل عنه بجلسة 27/1/2008، وقرر بأن أصل العقد الرقيم 866 لسنة 1899 بحافظة سبق تقديمها بجلسات المرافعة السابقة، وبخصوص أصل التقرير المقدم والمعدل على السيد/ وزير الأوقاف، وقدم الأصل للإطلاع، وقدم حافظة مستندات، وطلب التصريح بتنفيذ العقد المسجل، وتصحيح ما ورد من أخطاء في دفتر المساحة ببنها والسجل العيني والضرائب العقارية، كما طلب توجيه دعوى فرعية وسداد الرسم، وقد قررت المحكمة التأجيل لجلسة 16/3/2008 لتوجيه الدعوى الفرعية، وصرحت بسداد الرسم وللإعلان والمستندات والمذكرات، وبجلسة 27/7/2008 حكمت المحكمة أولاً- في موضوع الدعوى الأصلية والتدخلات الهجومية والانضمامية، بعدم قبول الدعوى، لعدم تقديم حجة الوقف المشهرة، وألزمت المدعين فيها بالمصاريف وخمسة وسبعون جنيهاً أتعاب محاماة، ثانياً- بقبول الدعوى الفرعية شكلاً، وفي موضوعها: بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى، وأبقت الفصل في مصاريفها، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات.
وقد أورد الحكم في أسبابه إنه يقتصر في قضائه بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى الفرعية عند حد ذلك القضاء دون إحالة، ورغم صدور ذلك الحكم، إلا أن هيئة الأوقاف المصرية فوجئت بقيام مسئولي السجل العيني ومكاتب المساحة بإجراء تعديلات في البيانات الخاصة بالقطع أرقام 33 و 35 و 36 و 37 و 38 و 39 و 40 و 81 و 83 الواقعة بحوض الدفري ناحية بهتيم شبرا الخيمة، حيث تم شطب سند ملكية الأوقاف لتلك القطع وهو العقد المسجل رقم 9011 لسنة 1963 وأحل محله العقد رقم 866 لسنة 1899، كما قام بشطب بيان أوقاف السادة البكرية، وأحل محلها اسم/ محمد *****، وأستند السجل العيني والمساحة في إجراء هذا التعديل بزعم إنه تم تنفيذاً لتصريح محكمة جنوب القاهرة الابتدائية في الدعوى رقم 9555 لسنة 2004 وفقاً للثابت بالتأشيرة المدرجة في بيانات السجل والموقع عليها بتاريخ 6/9/2008.
ونعى المدعي بصفته على تصرف السجل العيني والمساحة سالف البيان مخالفته لأحكام القانون، وقد قامت الهيئة المدعية بمخاطبة المسئولين بالشهر العقاري والسجل العيني والمساحة، وطالبتهم بتصحيح ما وقعوا فيه من أخطاء، إلا إنهم لم يحركوا ساكناً، الأمر الذي يشكل قراراً سلبياً بالامتناع، يقتضي اللجوء إلى القضاء الإداري لوقف تنفيذه، ثم إلغائه. وخلص المدعي بصفته في ختام صحيفة دعواه إلى طلباته سالفة البيان.
ونظرت المحكمة الشق العاجل من الدعوى بجلساتها، على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وفيها قدم الحاضر عن المدعي بصفته 6 حوافظ مستندات، وقدم نائب الدولة حافظة مستندات، وقدم الحاضر عن المدعى عليه السادس 3 حوافظ مستندات، وبجلسة 23/10/2010 قررت المحكمة التأجيل لجلسة 18/12/2010، وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في شقيها، ومن ثم أودعت الهيئة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الدعوى، ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع: بإلغاء القرار المطعون عليه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، على النحو المبين بالأسباب، وإلزام المدعى عليهم من الأول حتى الثاني عشر المصروفات.
ونظرت المحكمة الدعوى بجلسات المرافعة، على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وفيها قدم الحاضر عن المدعى عليه السادس 6 حوافظ مستندات، ومذكرة بدفاعه، وقدم الحاضر عن الهيئة المدعية مذكرة دفاع، وبجلسة 1/10/2011 قررت المحكمة حجز الدعوى لإصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه.
*******
المحكمة
*******
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن حقيقة طلبات المدعي بصفته – حسب التكييف القانوني الصحيح – إنها تتمثل في الحكم: بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ، ثم إلغاء قرار مكتب السجل العيني ببنها المتضمن شطب أوقاف السادة البكرية على القطع أرقام 33 و 35 و 36 و 37 و 38 و 39 و 40 و 81 و 83 الواقعة بحوض الدفري بناحية بهتيم بشبرا الخيمة، ونقل التكليف باسم/ محمد توفيق البكري، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها: إعادة الحال إلى ما كانت عليه، وإعادة تسجيل القطع باسم/ الأوقاف الخيرية، مع إلزام المدعى عليهم من الأول حتى الثاني عشر المصروفات.
ومن حيث إن الفصل في موضوع الدعوى يغني بحسب الأصل عن نظر الشق العاجل منها.
ومن حيث إنه عن شكل الدعوى يرجأ بحثه لحين بحث الموضوع وفحص مشروعية القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى، فإن المادة الأولى من مواد إصدار قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 تنص على إنه: “يسري نظام الشهر على أساس إثبات المحررات في السجل العيني وفقاً للشروط والأوضاع المنصوص عليها في القانون المرافق”.
وتنص المادة الثانية من مواد إصدار القانون المشار إليه على إنه: ”
1- يصدر قرار من وزير العدل بتعيين الأقسام المساحية التي يسري عليها نظام الشهر على أساس إثبات المحررات في السجل العيني، ويحدد القرار التاريخ الذي يبدأ منه هذا السريان، على أن يكون هذا التاريخ لاحقاً لصدور القرار بمدة ستة أشهر على الأقل.
2- ويستمر العمل بقوانين الشهر المعمول بها في المناطق التي لم يطبق نظام السجل العيني فيها طبقاً لأحكام الفقرة السابقة”.
وتنص المادة الثالثة من مواد إصدار القانون المشار إليه على إنه: “في الفترة المشار إليها في المادة السابقة تستكمل المصلحة إعداد السجل العيني للقسم المساحي على الوجه المبين بالقانون المرافق”.
وتنص المادة 10 من قانون نظام السجل العيني الوارد في الفصل الأول من الباب الثاني تحت عنوان “القيد الأول” على إنه: “تحصر جميع الوحدات العقارية الكائنة بالقسم المساحي وتفرد لكل منها صحيفة وتثبت بها الحقوق”.
وتنص المادة 11 من ذات القانون على إنه: “لا تثبت الحقوق في صحائف السجل إلا إذا كانت قد نشأت أو تقررت بسبب من أسباب اكتساب الحقوق العينية، وإذا كان هذا السبب تصرفاً أو حكماً وجب أن يكون قد سبق شهره”.
وتنص المادة 12 من ذات القانون على إنه: “تستخلص بيانات الصحائف من دفتر المساحة وسجل الأطيان ومن التصرفات التي سبق شهرها ومن استمارة التسوية المشار إليها في المادة 19”.
وتنص المادة 14 من ذات القانون على إنه: “في حالة قيام التناقض بين المحررات المشهرة عن قطعة مساحية واحدة، تتولى المصلحة إثبات الحقوق في صحيفة الوحدة باسم من تعتبره صاحب الحق بعد فحص المحررات المتناقضة ودراستها، ويرفق بصحيفة الوحدة تقرير عن نتيجة هذه الدراسة”.
وتنص المادة 20 من ذات القانون على إنه: “بعد صدور القرار الوزاري المشار إليه في المادة الثانية من قانون الإصدار بنشره في الجريدة الرسمية وفقاً للإجراءات والمواعيد التي تحددها اللائحة التنفيذية بإعلان يتضمن تنبيه أصحاب الشأن من ملاك وأصحاب حقوق عينية إلى ميعاد سريان القانون في القسم المساحي ودعوتهم إلى الإطلاع على بيانات الوحدة العقارية الخاصة بهم كما يتضمن تنبيهاً إلى ميعاد الطعن المذكور في المادة 21. وعند حلول ميعاد السريان المشار إليه في المادة الثانية من قانون الإصدار ينشر عن البيانات الخاصة بالوحدات العقارية الكائنة بالقسم المساحي لإطلاع أصحاب الشأن عليه. ويرسل إخطار بالطريقة التي تبينها اللائحة إلى أصحاب الشأن الوارد أسماؤهم في كل صحيفة من صحائف الوحدات العقارية ببيان ما أثبت باسمهم في هذه الصحائف من حقوق وما يثبت على هذه الوحدات العقارية من تكاليف وحقوق عينية تبعية”.
وتنص المادة 21 من ذات القانون الواردة في الفصل الثاني من الباب الثاني تحت عنوان “في اللجنة التي تنظر في المنازعات” على إنه: “تشكل في كل قسم مساحي لجنة قضائية برئاسة رئيس محكمة ابتدائية وعضوية اثنين من موظفي المصلحة أحدهما قانوني والثاني هندسي. وتختص هذه اللجنة دون غيرها في النظر في جميع الدعاوى والطلبات التي ترفع خلال السنة الأولى بعد العمل بهذا القانون لإجراء تغيير في بيانات السجل العيني. ويصدر بتعيين أعضائها ولائحة إجرائها قرار من وزير العدل”.
وتنص المادة 37 من ذات القانون الواردة في الفصل الثاني من الباب الثالث تحت عنوان “في التغيير والتصحيح في بيانات السجل” على أن: “يكون للسجل العيني قوة إثبات لصحة البيانات الواردة فيه. ولا يجوز التملك بالتقادم على خلاف ما هو ثابت بالسجل”.
وتنص المادة 39 من ذات القانون على أنه: “لا يجوز إجراء تغيير في البيانات الواردة في السجل العيني إلا بمقتضى محررات موثقة صادرة ممن يملك التصرف في الحقوق الثابتة في السجل أو بمقتضى حكم أو قرار صادر من المحكمة التي يقع القسم المساحي في دائرتها أو من اللجنة القضائية المشار إليها في المادة 21. وللأمين أن يصحح الأخطاء المادية البحتة في السجل العيني من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أصحاب الشأن طالما لم يتم القيد. وفي حالة إتمام القيد وجب عليه عدم إجراء التصحيح إلا بعد إخطار ذوي الشأن بكتاب موصى عليه بعلم الوصول، ويحرر الأمين محضراً يوضح فيه أسباب الخطأ وكيفية كشفه”.
ومن حيث إن المستفاد مما تقدم أن المشرع قرر الأخذ بنظام السجل العيني وإحلاله تدريجياً محل نظام الشهر العقاري. وإنفاذاً لذلك فإن وزير العدل يصدر تباعاً قرارات بتعيين الأقسام المساحية التي يسري عليها نظام الشهر على أساس إثبات المحررات في السجل العيني ويحدد القرار التاريخ الذي يبدأ منه هذا السريان، على أن يكون هذا التاريخ لاحقاً لصدور القرار بمدة ستة أشهر على الأقل. والعمل بنظام السجل العيني يمر بمرحلتين:
المرحلة الأولى: وتعرف بالقيد الأول (قيد العقارات) وفيها يتم حصر العقارات بالحالة التي هي عليها من حيث حدودها وأوصافها وما تعلق بها من حقوق عينية ثابتة وإدراجها في السجل العيني لأول مرة، وذلك القيد تجريه مصلحة الشهر العقاري من تلقاء نفسها بمعاونة جهات المساحة على الأقسام التي يقرر وزير العدل سريان نظام السجل العيني عليها بحيث تكون البيانات التي يجري قيدها مطابقة للواقع على الطبيعة ولما هو ثابت بالشهر العقاري من حقوق على العقار. وتنتهي إجراءات القيد الأول بتحرير صحائف الوحدات العقارية وتدوين كافة الحقوق بها وذلك قبل بدء تاريخ السريان المحدد بقرار وزير العدل، وعلى ذلك فإن فترة القيد الأول تمتد طوال الفترة ما بين صدور قرار وزير العدل المشار إليه وبدء سريان نظام السجل العيني وطوال تلك الفترة يستمر العمل في القسم المساحي بقانون الشهر العقاري، ولما كان القيد الأول بهذا الشكل هو نقطة البداية والأساس الذي يجري عليه كل التعديلات والتصرفات مستقبلاً، فإن المشرع أجاز لكل ذي شأن أن يعترض على ما أثبت أو أغفل من حقوق خلال مرحلة القيد الأول وذلك أمام اللجنة القضائية المنصوص عليها في المادة 21 من القانون سالف البيان، وعلى ذلك فإن إي معترض يطلب تغيير البيانات التي أدرجت بالسجل خلال مرحلة القيد الأول عليه أن يلجأ لتلك اللجنة دون غيرها، والاعتراض أمام تلك اللجنة ليس مفتوحاً في أي وقت وإنما هو مقيد بفترة سنة من تاريخ بدء سريان نظام السجل العيني، وتلك يمكن – كأصل عام – استئناف أحكامها أمام محكمة الاستئناف الواقع في دائرتها العقار طبقاً للمادتين 23 و 24 من القانون.
أما المرحلة الثانية: فهي مرحلة القيود اللاحقة، وهي التي تستمر في المستقبل ويتم فيها قيد كافة الحقوق العينية والتصرفات والتعديلات الوصفية التي ترد على العقار وإثباتها في الصحيفة العقارية للعقار المعني. والقيد اللاحق يتم بإتباع إجراءات الشهر المنصوص عليها بقانون السجل العيني ولائحته التنفيذية. وقد أورد المشرع بالمادتين 37 و 39 قواعد عامة تحكم تغيير وتعديل البيانات المثبتة بالسجل العيني، فنصت المادة 37 على مبدأ ثبوت وحجية البيانات المدرجة بالسجل العيني وهو ما يعرف بمبدأ الثبوت المطلق لبيانات السجل العيني وهو مبدأ من المبادئ الأساسية التي يقتضيها استقرار الملكية العقارية وتعزيز الثقة في التعاملات العقارية، أما المادة 39 فقد أوردت حكماً يؤكد ويدعم القوة الثبوتية لبيانات السجل العيني حيث حظرت تلك المادة إجراء أي تغيير في البيانات الواردة في السجل العيني إلا بأحد طريقين منصوص عليهما حصراً وهما:
أولاً- بمقتضى محررات موثقة صادرة ممن يملك التصرف في الحقوق الثابتة في السجل.
ثانياً- بمقتضى حكم أو قرار صادر من المحكمة التي يقع القسم المساحي في دائرتها أو من اللجنة القضائية المشار إليها في المادة 21.
أما الأخطاء المادية البحتة فيملك أمين السجل تصحيحها بنفسه.
ومن حيث إن المقرر أن حجية الأمر المقضي به أو قوة الشيء المحكوم فيه للحكم القضائي الذي صار نهائياً لأي سبب هي من النظام العام، ومؤداها أن الحكم النهائي صار عنواناً للحقيقة وله حرمة يمتنع المساس بها أو التعرض لها بمعاودة الخوض في ذات الخصومة أو المنازعة التي فصل فيها على أي وجه. (المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2021 لسنة 45 قضائية – جلسة 26/3/2005. وفي الطعن رقم 3964 لسنة 42 قضائية – جلسة 22/10/2005).
ومن حيث إن من المستقر عليه في قضاء المحكمة الإدارية العليا إن العمل الإداري يفقد صفته الإدارية إذا كان مشوباً بمخالفة جسيمة كصدوره من جهة غير منوط بها قانوناً إصداره أو الافتئات على سلطة جهة أخرى، والقرار المعدوم هو مجرد واقعة مادية لا تكتسب حصانة مهما طال عليه الزمن. (المحكمة الإدارية العليا جلسة 29/11/1969 مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا – السنة 15 – صـ 38. مشار إليه في: “موسوعة القرار الإداري” – للمستشار/ حمدي ياسين عكاشة – الجزء الأول – طبعة 2001 – صـ 465).
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت من عيون الأوراق أن هيئة الأوقاف المصرية تضع يدها وتدير قطع الأراضي محل النزاع، والتي تمثل حصة الوقف الخيري بوقف السادة البكرية بحوض الدفري بناحية بهتيم بشبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، وذلك بموجب الحكم الصادر من محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية في مادة التصرفات رقم 120 لسنة 1956 بجلسة 16/6/1962 وموضوعها فرز وتجنيب وقسمة أعيان وقف المرحوم/ محمد البكري بناحية بهتيم وحدد ذلك الحكم نصيب الخيرات في الوقف بمساحة 11س 18ط 110ف (مائة وعشرة أفدنه وثمانية عشر قيراطاً وأحد عشر سهماً) وتم فرزها بالحدود والأوصاف المذكورة بالحكم، ولا خلاف بين الأطراف على إنها تنطبق على إنها تنطبق على القطع أرقام 33 و 35 و 36 و 37 و 38 و 39 و 40 و 81 و 83 بحوض الدفري، وكان الثابت من حافظة المستندات المقدمة من المدعي بصفته إن ذلك الحكم كان محل المشهر رقم 4182 في 27/5/1963 القاهرة، كما إن كلاً من أعيان الخيرات وأنصبة الورثة في الوقف والتي قررها الحكم المذكور تم إيرادها وشهرها جميعاً بالمشهر رقم 9011 بتاريخ 16/12/1963 بمأمورية الشهر العقاري بشبرا على النحو الثابت بصورة ذلك المشهر المرفق بحافظة المستندات المقدمة من المدعي بصفته، فمن ثم فإن هذه البيانات هي محل القيد الأول بدفاتر السجل العيني بناحية بهتيم ويجب تسجيل الأرض في الصحف العقارية لتلك الأراضي باعتبارها أوقافاً خيرية.
ومن حيث إن وزير العدل قد حدد تاريخ 31/10/2006 لبدء سريان العمل بقانون السجل العيني على شبرا الخيمة، فإن أي اعتراض على أي من تلك البيانات، كان يتعين تقديمه خلال سنة من هذا التاريخ في موعد أقصاه 31/10/2007، وإذ خلت الأوراق من ثمة دليل يثبت إن أحداً قد قدم اعتراضاً على ذلك القيد خلال تلك الفترة، فمن ثم تتمتع هذه البيانات بالحجية وبالقوة الثبوتية التي نصت عليها المادة 37 من قانون السجل العيني سالفة البيان، ولذا يمتنع تغيير تلك البيانات أو تعديلها طبقاً للمادة 39 المشار إليها، إلا بموجب محررات موثقة صادرة ممن يملك التصرف في الحقوق الثابتة في السجل أو حكم أو قرار صادر من المحكمة التي يقع القسم المساحي في دائرتها أو من اللجنة القضائية المنصوص عليها في المادة 21 من القانون المشار إليه.
وبناء على ما تقدم، ومن حيث إن مكتب السجل العيني ببنها قد أصدر القرار المطعون عليه في أغسطس 2008 بناءً على شكوى تقدم بها المدعى عليه السادس وتضمن القرار تعديل بيانات التكليف عن قطع الأراضي محل النزاع ونقلها من الأوقاف إلى اسم/ محمد ***** (مورث المدعى عليهما السادس والسابعة) وأورد محرر التعديل إن ذلك كان بناءً على تصريح المحكمة في الدعوى رقم 9555 لسنة 2004 وبناءً على كتاب الأمين العام للشهر العقاري بالقاهرة إلى أمين مكتب السجل العيني ببنها رقم 825 المؤرخ في 2/7/2008، ومن ثم يكون ذلك القرار قد خالف القانون من عدة أوجه على النحو التالي:
أولاً- خالف القرار المطعون فيه صريح نص المادة 39 سالفة البيان، حيث أهدر حجية بيانات القيد الأول للأراضي محل المنازعة، وأدخل عليها تعديلاً بتغيير اسم واضع اليد عليها، دون وجود محررات موثقة صادرة ممن يملك التصرف في الحقوق الثابتة في السجل، وهي هيئة الأوقاف المصرية في هذه الحالة، ودون وجود حكم أو قرار صادر من المحكمة التي يقع القسم المساحي في دائرتها باعتبار أن الدعوى رقم 9555 لسنة 2004 المقامة أمام محكمة جنوب القاهرة، وأعيان النزاع تقع بدائرة محافظة القليوبية، ومن ثم يكون تدخل الجهة الإدارية على هذا النحو يمثل غصباً لسلطة اللجنة القضائية المنصوص عليها في المادة 21 سالفة البيان ولسلطة القاضي المختص بالفصل في منازعات الحيازة والملكية ولا يمكن التسليم بما أوردته الجهة الإدارية من أن نطاق تطبيق المادة 39 سالفة البيان قاصر على بيانات القيد اللاحق دون القيد الأول فذلك تخصيص لعبارات النص بغير مخصص، بل إن علة النص أظهر وأوضح في خصوص القيد الأول عنها في خصوص القيود اللاحقة، باعتبار أن القيد الأول يمثل الأساس الذي تبنى عليه من بعد كافة الحقوق، ولا يصح أن يكون هذا الأساس مهدداً بالسحب في أي وقت بمجرد قرار إداري، لما في ذلك من اختلال لكافة المراكز القانونية التي ترتبت عليه، والصواب هو إنه بعد بدء سريان قانون السجل العيني على القسم المساحي وانتهاء أعمال القيد الأول، فإنه لا يجوز للإدارة تعديل البيانات المثبتة بالصحف العقارية بموجب قرار إداري على أي نحو.
ثانياً- أهدر القرار حقوق هيئة الأوقاف المصرية الثابتة بالحكم القضائي الصادر من محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية في مادة التصرفات رقم 120 لسنة 1956 الصادر بجلسة 16/6/1962 والذي اختص الخيرات بالأراضي موضوع المنازعة، كما أهدر حجية المشهرين رقم 4182 في 27/5/1963 و 9011 بتاريخ 16/12/1963 شبرا، المسجل بهما حق هيئة الأوقاف المصرية على أعيان النزاع، كما أن مخالفة ما أثبته الحكم المشار إليه لا تتأتى إلا من خلال الطعن عليه بطرق الطعن المقررة قانوناً وهو ما لم يثبت من وقائع الدعوى الماثلة، بل لم يثبت صدور أي حكم قضائي لصالح المدعى عليهما السادس والسابعة أو أي من ورثة السادة البكرية باستحقاق أي نصيب في أعيان الوقف المتنازع عليها، ولما كان تعديل بيانات الملكية لدى جهات التوثيق الرسمية هو أمر على درجة عالية من الخطورة فإنه لا يقبل تعديله بمجرد تأشيرة صادرة من أمين عام مصلحة الشهر العقاري والتوثيق على نحو ما أبانت عنه أوراق الدعوى.
ثالثاً- إن الثابت من الإطلاع على تصريحي محكمة جنوب القاهرة بجلستي 17/12/2006 و 27/1/2008 الذين استندت إليهما الإدارة في إجراء التعديل أنهما لم يتضمنا على أي وجه ولا يفهم منهما الأمر بإدخال أي تعديلات على بيانات السجل العيني، فالأول هو تصريح بتطبيق عقد على الطبيعة بمعرفة مكتب المساحة واستخراج وثائق، أي هو تصريح بإجراءات إثبات في الدعوى. والثاني تصريح بسداد رسوم دعوى فرعية، وعلى أي حال فالتصريحان لم يبينا أوصافاً أو مضموناً لأي تعديل في بيانات الملكية، وذلك فضلاً عن صدورهما عن محكمة غير مختصة أساساً بتعديل بيانات السجل العيني بناحية شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، كما وإن المحكمة حكمت في تلك الدعوى بجلسة 27/7/2008 (أولاً) في موضوع الدعوى الأصلية والتدخلات الهجومية والانضمامية بعدم قبول الدعوى لعدم تقديم حجة الوقف المشهرة وألزمت المدعين فيها بالمصاريف وخمسة وسبعون جنيهاً أتعاب محاماة، ثانياً- بقبول الدعوى الفرعية شكلاً، وفي موضوعها: بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى، وأبقت الفصل في مصاريفها، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. وقد أورد الحكم في أسبابه إنه يقتصر في قضائه بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى الفرعية عند حد ذلك القضاء دون إحالة.
رابعاً- إن البين من نص المادة 14 من قانون السجل العيني سالفة البيان وإيرادها في الفصل الأول من الباب الثاني المتعلق بأحكام القيد الأول يدل على إن سلطة الإدارة في إجراء مفاضلة بين المحررات المشهرة المتناقضة عن ذات القطعة المساحية وتغليب أحدها هو أمر قاصر على مرحلة القيد الأول للبيانات، فإذا ما تم هذا القيد وتم إثبات الحق لأحد الأطراف فإن ذلك يعد قراراً نهائياً تستنفد به جهة الإدارة ولايتها في هذا الشأن فلا يصح لها معاودة التدخل بتغيير قرارها بل عليها أن تبقي الأمر على ما هو عليه إلا أن يصدر حكم قضائي بات بتغيير تلك البيانات، وفي خصوص النزاع الماثل، فإنه لم يكن هناك ثمة محررات متناقضة وقت إعمال القيد الأول والذي انتهى ببدء سريان قانون السجل العيني في 31/10/2006 ولم يكن لدى جهة الإدارة سوى مستندات ملكية هيئة الأوقاف المصرية حيث إن العقد المسجل برقم 866 لسنة 1899 لم يحتج به من قِبل المدعى عليه السادس إلا في عام 2008.
وبالبناء على ما تقدم، وعن شكل الدعوى وموضوعها، وحيث إن العيوب المشار إليها آنفاً والتي شابت صدور القرار الطعين هي مخالفات جسيمة للقانون من بينها غصب السلطة وانعدام ركن السبب فهي تهوي بالقرار الطعين إلى حد الانعدام فينحدر إلى مرتبة الأعمال المادية التي لا ترتب أي أثر قانوني، ولا يكتسب القرار من ثم أي حصانة تعصمه من السحب والإلغاء، ومن ثم لا يتقيد الطعن عليه بميعاد.
وحيث استوفت الدعوى سائر أوضاعها القانونية المقررة سيما وإنها مستثناة من العرض على لجان فض المنازعات بحسبانها متعلقة بحق عيني عقاري، وكان القرار المطعون فيه منعدماً على النحو السالف بيانه، فإنه يتعين القضاء بقبول الدعوى شكلاً، وإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل إجراء التعديل المطعون عليه الذي أجراه مكتب السجل العيني ببنها، وإعادة تسجيل القطع محل النزاع أرقام 33 و 35 و 36 و 37 و 38 و 39 و 40 و 81 و 83 الواقعة بحوض الدفري بناحية بهتيم شبرا الخيمة باسم/ الأوقاف الخيرية طبقاً للمشهرين رقمي 4182 في 27/5/1963 شهر عقاري القاهرة ورقم 9011 بتاريخ 16/12/1963 شهر عقاري شبرا الخيمة.
وحيث إنه عن المصروفات، فإن المحكمة تلزم بها خاسر الدعوى عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
“فلهذه الأسباب”
*******
حكمت المحكمة: “بقبول الدعوى شكلاً؛ وفي الموضوع: بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، على النحو المبين بالأسباب، وألزمت المدعى عليهم من الأول حتى الثاني عشر المصروفات”.
سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
……………………. ……………………

(وقد أعطيت الصورة التنفيذية لذلك الحكم برقم 6474 لسنة 66 ق بتاريخ 4/12/2011م).

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .