الطعن 1086 لسنة 49 ق جلسة 17 / 12 / 1984 مكتب فني 35 ج 2 ق 407 ص 2149

برياسة السيد المستشار/ عبد الحميد المنفلوطي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: د. منصور وجيه، محمد فؤاد بدر، فهمي الخياط وعبد النبي غريب.
————
– 1 دعوى “الرسوم القضائية”. بطلان.
عدم دفع رسوم الدعوى . لا بطلان . علة ذلك . الجزاء استبعاد الدعوى من جدول الجلسة . م13/ف2 من القانون 90 لسنة 1964 المعدل بالقانون 66 لسنة 1964 .
عدم دفع الرسم المستحق على الدعوى ، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه البطلان لما هو مقرر من أن المخالفة المالية في القيام بعمل لا ينبني عليها بطلان هذا العمل ما لم ينص القانون على البطلان على هذه المخالفة و إذ تقضى المادة 13/2 من القانون رقم 90 لسنة 1944 المعدل بالقانون رقم 66 لسنة 1964 بشأن الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية بأن تستبعد المحكمة القضية من جدول الجلسة إذا تبين لها عدم أداء الرسم و دون أن يرد بالنص البطلان جزاء عدم أداء الرسم .
– 2 قوة الأمر المقضي.
القضاء النهائي ـ اكتسابه قوة الأمر المقضي فيما ثار بين الخصوم من نزاع فصلت فيه المحكمة بصفة صريحة أو ضمنية . ما لم تنظر فيه المحكمة لا يكون موضوعا لحكم يحوز قوة الأمر المقضي .
لما كان الأصل أن حجية الأمر المقضي لا تسرى إلا على منطوق الحكم و على ما يكون من أسبابه مرتبطاً بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً ، و كان المقرر أن القضاء النهائي لا يكتسب قوة الأمر المقضي إلا فيما ثار بين الخصوم أنفسهم من نزاع فصلت فيه المحكمة بصفة صريحة أو ضمنية حقيقة أما ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل فلا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي .
– 3 قوة الأمر المقضي.
قوة الأمر المقضي مانعة للخصوم أنفسهم من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها. مثال.
المقرر أن للقضاء النهائي قوة الأمر المقضي فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم ، و متى حاز الحكم هذه القوة فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى مناقشة المسألة التي فصل فيها و لو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها أو أثيرت و لم يبحثها الحكم الصادر فيها .
– 4 نقض “السبب الواقعي”.
إثارة دفاع قانوني يخالطه واقع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع . عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
من المقرر أنه لا يجوز التمسك أمام محكمة النقض بسبب واقعى أو قانوني يخالطه واقع لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع ، و كان الطاعن لم يرفق بطعنه ما يثبت سبق إثارته أمام محكمة الموضوع أو رغبته في البقاء في العين موضوع النزاع و توافرت الشروط المنصوص عليها في المادة 46 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فإن تمسكه بهذا الدفاع أمام هذه المحكمة لأول مرة يكون غير مقبول .
———-
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 225 لسنة 75 مدني كلي بورسعيد على الطاعن بطلب الحكم بإنهاء عقد الإيجار المؤرخ 26/4/1958 والمبين بالصحيفة مع تسليم دار السينما موضوع ذلك العقد وما بها من ملحقات صالحة للاستعمال طبقاً لشروط العقد وقالوا شرحاً لها أنه بموجب ذلك العقد استأجر الطاعن من مورثهم سينما …. بما فيها من ماكينات وكراسي ومستلزمات دار العرض وكذا الأرض والمباني الخاصة بتلك الدار وجميع ما بها من تركيبات كهربائية ولما كانت مدة العقد ست سنوات بدأت من 1/5/1958 وقد تضمن العقد في بنده السابع التزام الطاعن بتسليم السينما بما فيها من الآلات والماكينات كاملة وبإعادة جميع المنقولات التي تضمنتها قائمة الجرد المرفقة بالحالة التي كانت عليها وقت التسليم وذلك عند انتهاء الإجارة، ولرغبتهم في إنهاء عقد الإيجار قد نبهوا على الطاعن بالإخلاء في أجل غايته أكتوبر سنة 1975 غير أنه لم يستجب ومن ثم أقاموا الدعوى بالطلبات سالفة الذكر، وبتاريخ 19/5/1976 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة بعد أن دفع الطاعن بذلك. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 120 لسنة 17 ق الإسماعيلية (مأمورية بورسعيد)، وبتاريخ 19/3/1979 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإنهاء عقد الإيجار المؤرخ 26/4/1958 والمتضمن تأجير مورث المطعون ضدهم المرحوم …… إلى الطاعن دار سينما ….. المبينة بالعقد وبصحيفة افتتاح الدعوى وبتسليمها وما بها من موجودات وملحقات صالحة للاستعمال طبقاً لشروط العقد إلى المطعون ضدهم. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
————-
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول أنه دفع ببطلان الاستئناف لأن صحيفته أودعت قلم الكتاب دون أداء الرسم كاملا ودون تكملة الرسم الناقص وقدره 21.500 جنيه في خلال ميعاد الاستئناف كما هو ثابت من تقرير التفتيش المؤرخ 25/1/1977، إلا أن الحكم رفض هذا الدفع مخالفا بذلك نص المادتين 65، 230 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن عدم دفع الرسم المستحق على الدعوى – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، لا يترتب عليه البطلان لما هو مقرر من أن المخالفة المالية في القيام بعمل لا ينبني عليها بطلان هذا العمل ما لم ينص القانون على البطلان على هذه المخالفة، وإذ تقضى المادة 13/2 من القانون رقم 90 لسنة 1944 المعدل بالقانون رقم 66 لسنة 1964 بشأن الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية بأن تستبعد المحكمة القضية من جدول الجلسة إذا تبين لها عدم أداء الرسم ودون أن يرد بالنص البطلان جزاء عدم أداء الرسم، ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن تحصيل الرسوم المستحقة هو من شأن قلم الكتاب ولا يترتب البطلان على عدم سداد الرسم المستحق على الدعوى فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أنه دفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة لزوال صفة المطعون ضدهم بصدور الحكم رقم 127 لسنة 1974 مدني بورسعيد في الدعوى المقامة من ….. ضدهم وقضى بصفة مستعجلة بفرض الحراسة القضائية على أموال مورثهم المرحوم …. والمبينة تفصيلا بكشوف الجرد ولاستلام الصادرة من الحراسة العامة والمؤرخة 31/10/1968 ويعد من الأموال المفروض عليها الحراسة السينما موضوع التداعي وقد رد الحكم على هذا الدفع بقوله أن دار السينما لا يمكن أن تدخل في نطاف حجية ذلك الحكم لأنها لم تكن محل مناقشة أو تتضمنها طلبات وأن منطوق الحكم جاء في عبارة عامة عارضة، في حين أن طلب وضع أموال ….. تحت الحراسة كان مبينا في عريضة الدعوى المذكورة وكذلك بكشوفات الجرد المؤرخة 31/10/1968 وقد أشارت هذه الكشوف إلى السينما ولم ينازع فيها الخصوم ولم تستبعدها المحكمة، فيتعين اعتبار وقائع حكم الحراسة ومنطوقه كلا لا يتجزأ فيجوز حجية الأمر المقضي بالنسبة لأموال المورث الواردة بكشوف الحراسة العامة والمتضمنة السينما موضوع التداعي.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كان الأصل أن حجية الأمر المقضي لا تسري إلا على منطوق الحكم وعلى ما يكون من أسبابه مرتبطا بالمنطوق ارتباطا وثيقا، وكان من المقرر أن القضاء النهائي لا يكتسب قوة الأمر المقضي إلا فيما ثار بين الخصوم أنفسهم من نزاع وفصلت فيه المحكمة بصفة صريحة أو ضمنية حقيقية أما ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل فلا يمكن أن يكون موضوعا لحكم يحوز قوة الأمر المقضي، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الدعوى رقم 127 لسنة 974 مدني كلي بورسعيد أقيمت من …… ضد المطعون ضدهم بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوضع المنقولات والموجودات والقائمات الموجودة بورشة المرحوم ….. مورث المطعون ضدهم بالجزيرة رقم 5 ومخزن حوض شريف داخل المنطقة الجمركية ببورسعيد والمبينة تفصيلا بكشوف الجرد والاستلام الصادرة من الحراسة العامة على أموال ….. والمؤرخ 31/10/1968 تحت الحراسة القضائية وفي الموضوع بطلب تثبيت ملكيته لحصة قدرها النصف على الشيوع في تلك المنقولات “فإن نطاق تلك الدعوى قد تحدد بهذه الأموال التي رفعت الدعوى بطلب وضعها تحت الحراسة، ولم تكن من بينها دار السينما موضوع النزاع، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذلك واعتبر أن الحكم في الدعوى المذكورة بوضع أموال ….. الواردة بكشوف الجرد المؤرخة 31/1/1968 تحت الحراسة القضائية لا ينصرف إلا إلى المنقولات التي رفعت بشأنها الدعوى ولا ينصب على السينما فلا تعتبر قد وضعت تحت الحراسة بموجب الحكم المذكور ورتب على ذلك أن للمطعون ضدهم أصحاب السينما الحق المطلق في المطالبة مباشرة بحقوقهم المتعلقة بها وعلى هذا الأساس قضى برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة فإنه يكون متفقا وصحيح القانون ويكون النعي عليه على غير أساس.
وحيث أن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه على استنباط وجود العلاقة الايجاريه بكافة شروطها الواردة بعقد الإيجار من مجرد الاطلاع على القضية رقم 238 لسنة 1965 مدني كلي بورسعيد مع أنها خالية من بيان كافة شروط ذلك العقد فيكون استناده إلى ما ليس له أصل في الأوراق.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح إذ يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد حصل شروط العلاقة الإيجاريه من نسخة عقد الإيجار المؤرخ 26/4/1958 الذي أثبت إطلاع المحكمة عليه بحافظة الطاعن المودعة بالقضية المنضمة رقم 238 لسنة 1965 مدني كلي بورسعيد وأورد أنه “يتضمن أن المستأنف ضده (الطاعن) قد استأجر من …….. دار سينما ريالتو ببورسعيد بما فيها من ماكينات عرض وكراسي وجميع مستلزمات دار العرض وكذلك الأرض والمباني الخاصة بتلك الدار وجميع ما بها من مستلزمات الكهرباء وأن مدة العقد ست سنوات ابتداء من 1/5/1958 وأن الأجرة تدفع من المستأجر كل ثلاثة شهور”، وإذ لم ينازع الطاعن في مطابقة هذا الذي أورده الحكم لما تضمنه العقد، فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقول أن ما تصدت له المحكمة في الحكم الصادر في القضية المنضمة رقم 338 لسنة 1965 مدني كلي بورسعيد من عدم خضوع العين موضوع النزاع لقانون إيجار الأماكن لم يكن محل مناقشة بين طرفي الخصومة فلا تكون له حجية الأمر المقضي كما ذهب الحكم المطعون فيه، ولما كان عقد الإيجار محل النزاع لا ينصب على منشأة تجارية وإنما على مبنى تسري عليه الأحكام الاستثنائية لقانون إيجار الأماكن، إذ ليس في العقد ما يشير على أن طرفيه قد أدخلا في اعتبارهما أي عنصر معنوي أو ارتباط الإجارة بأي عمليات مالية وفنية خلاف المبنى، فإن الحكم المطعون فيه وقد ذهب إلى أن المكان محل النزاع يخضع لقواعد القانون المدني من حيث استمراره وانتهائه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق.
وحيث إنه لما كان من المقرر أن للقضاء النهائي قوة الأمر المقضي فيما يكون فصل فيه بين الخصوم، ومتى حاز الحكم هذه القوة فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى مناقشة المسألة التي فصل فيها ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها. وكان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه إلى ما استخلصه بأسباب سائغة من أن الحكم الصادر في القضية رقم 238 لسنة 965 مدني كلي بورسعيد بين الطرفين قد فصل بعدم خضوع السينما المؤجرة للامتداد القانوني ولتحديد الأجرة طبقا لقانون إيجار الأماكن تأسيسا على أن الغرض من التعاقد ليس المبنى في ذاته بل المنشأة “دار السينما” بما لها من اسم تجاري وسمعة تجارية وما اشتملت عليه من أدوات وماكينات والتي بدونها لا يكون للمكان المؤجر أية قيمة في نظر المستأجر، وكان الطاعن لم يقدم صورة رسمية من الحكم في الدعوى رقم 238 لسنة 1965 مدني كلي بورسعيد يؤيد بها ما يدعيه من أن تلك المسألة لم تكن محل مناقشة بين طرفي الخصومة في تلك الدعوى فإن نعيه في هذا الخصوص يكون عاريا عن دليله ومن ثم فهو غير مقبول.
وحيث أن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن العقد المؤرخ 26/4/1958 يتضمن تأجير المبنى محل النزاع بمشتملاته المبينة في هذا العقد فهو يعتبر عقد إيجار مكان مفروش، ولما كانت قد توافرت بالنسبة له الشروط المنصوص عليها في المادة 46 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المعمول به من تاريخ نشره في 9/9/1977 والذي يسري بأثر فوري لتعلق أحكامه بالنظام العام، فإن من حقه البقاء في العين محل النزاع مقابل أداء أجرتها القانونية.
وحيث أن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان من المقرر أنه لا يجوز التمسك أمام محكمة النقض بسبب واقعي أو قانوني يخالطه واقع، لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع، وكان الطاعن لم يرفق بطعنه ما يثبت سبق إثارته أمام محكمة الموضوع أمر رغبته في البقاء في العين موضوع النزاع وتوافر الشروط المنصوص عليها في المادة 46 من القانون رقم 49 لسنة 1977، فإن تمسكه بهذا الدفاع أمام هذه المحكمة لأول مرة يكون غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .